بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيدنا وحبيبنا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين
أنت قلت :
وبالمثل الله خلق ملاكا لا شيطانا، ولكن الملاك هو من جعل من نفسه شيطانا
في عقيدة المسلمين الملاك لا يملك الاختيار في افعل أو لا تفعل إنما خلق خلقهم الله لعبادته وتسبيحه وتنفيذ أوامره بدون عصيان والصفة التي وصفت هذا الملاك بها تستدعي أن يكون مختارا وحر التصرف حتى اختار أن يكون شيطانا
وأما بالنسبة للشيطان فباعتقاد المسلمين هو من الجن ارتفع إلى رتبة الملائكة من كثرة عبادته لله وطاعته له حتى أصبح طاووس الملائكة ولكن بقيت فيه صفات الجن من حيث الإرادة وبذلك عندما اغتر بعبادته وعلمه ورتبته التي وصل إليها وظن أن ما وصل إليه بفضل عبادته وجهده وحده ونسي توفيق الله له وعونه والقوة التي أمده بها حتى استطاع الوصول إلى هذه المرتبة فامتحنه الله بالأمر بالسجود لآدم فامتنع وسجد الملائكة كلهم طاعة لأمر الله ولم يكن سجودهم لآدم عبادة له فهم لا يعصون الله ما أمرهم وبهذا تبين أن إبليس عليه لعنة الله كان مختارا للخير والشر
وقولك :
فلم يسمح الله بحدوث الشر؟
1- ليس كل ما نظنه شرا هو شر، بمعنى يمكن أن تكونى على موعد هام لعمل جديد تتمنينه طوال حياتك، وتخرجين لهذا الموعد فتجدين سيارتك معطلة ولا تستطيعين اللحاق بالموعد، فتتأففين وتتهمين الله بعدم وقوفه معك ومساندتك فى حلمك فى هذا العمل، وأنت لا تعلمين أنك لو قدتى السيارة فى هذا اليوم لكنت فقدتى حياتك فى حادثة ما (ملحوظة المثال مبسط ويوجد أمثلة أعقد من ذلك كثيرا)
هذا ما ظننتيه شرا، ولكنه فى حقيقة الأمر خيرا وليس شرا
2- الله يمكن أن يسمح بالشر للتجربه، بمعنى أن يختبر الإنسان الذى يمر بالتجربة ومدى تمسكه به، وهنا الإنسان هو من يقرر هل سيجتاز هذه التجربة أم لا بإرادته الحره، ونحن فى صلاتنا نقول (ولا تدخلنا فى تجربة)
أى أن الله لا يريد هذا الشر ولكن يسمح به للإختبار والتجربة
ثانيا بالنسبة للإراده
الله خلق الإنسان بإرادة كاملة تامه، ولو لم تكن للإنسان إرادة فكيف يحاسبه الله
فهناك البعض يظن أن الإنسان لا إرادة له، وإنه فقط يفعل ما هو مكتوب له، وهذا فى حد ذاته ظلم لا يصح أن نصف الله به، فالله خير وليس شر
فكيف يوجد إنسان فى هذه الدنيا مجبرا وليس مخيرا فى الدخول للجحيم أو الفردوس؟
هذا يخالف تماما عدل الله وبر الله
كلام سليم 100% باعتقادنا نحن المسلمون في كل محنة منحة والإنسان مخير وليس مسير
وهذا ما أكده المسلم في حواره مع الملحد
ومع ما يظهر لنا من حكمة من وراء الابتلاء فقد أخبرنا الله عزوجل أنه سيغفر لنا بسبب صبرنا على هذه المصيبة التي حلت بنا مع أنها في الأساس هي الخير كل الخير لنا وإن قصر إدراكنا لكل الحكمة فيها وهذا من رحمة الله بنا وأمرنا بأن نسأله العفو والعافية وألا يحملنا من البلاء مالا نطيق قال تعالى : ( ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين )
وقلت أيضا :
لو قلنا أن الله غير موجود فى كل مكان
تكون النتيجة الحتمية هى أن الله محدود
فكيف يتناسب هذا مع القول بأن الله غير محدود؟
لو قلنا أن الله غير موجود فى كل مكان
تكون النتيجة الحتمية أن هناك أماكن نستطيع أن نمارس بها الموبقات ولا سيطرة لله علينا بها ولا يعلم ما نفعل هناك، فهو غير موجود
فكيف يتناسب هذا مع علمه بكل شئ نفعله؟
أيضا كلامك سليم 100% ولا نختلف معك نحن المسلمون فيما ذكرت
غير أن قولك نستطيع أن نشمه ونتذوقه فقد جعلته محدودا وخالفت ما قلته سابقا فالله موجود في كل مكان محيط بكل شيء غير أن هذا الوجود وهذه الإحاطة أكبر من فهمنا وإدراكنا لذلك نقول كما قال تعالى : ( ليس كمثله شيء ) ( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار ) أو كما قال الإمام مالك رضي الله عنه حين سئل عن ذلك : (الكيف منه غير معقول والاستواء منه غير مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة)
أما ما ذكرت من الحلول الأقنومي وحلول الشركة فهو يتنافى عقلا ومنطقا مع الإله الذي لا يحتاج لشيء وكل شيء يحتاج له
كيف أقبل كلاما كهذا وأترك كلاما منطقيا يقول لي :
قال تعالى : ( قل هو الله أحد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفوا أحد )
وأن الله يرسل الرسل رحمة بالناس ولإقامة الحجة عليهم بالبيان وبذلك أراد الله أن يرسل لبني إسرائيل آخر آية منه جل وعلا وهي معجزة ولادة سيدنا عيسى عليه السلام من غير أب ومن أم عرفت بينهم بأنها أطهر امرأة عرفوها من بني إسرائيل وهي من سلالة الأنبياء عليهم السلام وكلمهم في المهد وأخبرهم أنه رسول الله إليهم ومصدقا لما بين أيديهم من التوراة – أي لم تنسخ التوراة بالإنجيل بل أتمها ولذلك تجدون أن المسيحية كلها رحمة لأنها مرتبطة مع التوراة التي تحكي الشدة مع اعتقادنا بالتحريف الذي حصل لهما – قال تعالى : ( وقفينا على آثارهم بعيسى بن مريم مصدقا لما بين يديه من التوراة وآتيناه الإنجيل فيه هدى ونور ومصدقا لما بين يديه من التوراة وهدى وموعظة للمتقين ) انظر كيف أحاط الله الإنجيل بالتوراة قبله وبعده لأن الرحمة لا يمكن أن يكون لها دور إلا مع وجود القوة فكيف أرحم من يظلمني إن لم أكن قادرة أصلا على دفع ظلمه عني وهذا الذي جاء به الإسلام خاتم الرسالات فجمع كل الشرائع في أحكامه فكان وسطا أي عند القدرة حثني على الصفح والإحسان كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما تمكن من كفار قريش فقال لهم : ( اذهبوا فأنتم الطلقاء )
وهذا النبي عيسى بن مريم صلوات الله عليه وسلامه مع كل الآيات التي جاء بها لبني إسرائيل من إحياء الموتى وشفاء المرضى وإخبارهم بالغيب إلا أنهم كفروا به وكادوا له ليقتلوه كما قتلوا كثيرا من الأنبياء قبله فنجاه الله من بين أيديهم بأن رفعه إليه بكيفية الله أعلم بها وسيعود للأرض في آخر الزمان ليحارب الكفر ويحكم بالإسلام فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويحارب اليهود والمسيح الدجال ويقتله وينتصر على اليهود فتمتلئ الأرض عدلا وسلاما كما ملئت جورا وظلما حتى يتوفاه الله
وهؤلاء الأنبياء جميعا أيدوا بروح القدس الذي هو خلق من خلق الله وجند من جند الله وهو الملك جبريل عليه السلام المكلف بتبليغ الوحي للأنبياء عليهم صلوات الله وسلامه
بالله عليك أي العقيدتين أقرب للعقل وللفهم وأيهما أكثر تنزيها لله وبعدا عن الاحتياج لما يحتاج له الخلق
وهذه عقيدة الإسلام وضعتها بين يديك فاسألِ الله أن يدلك على الطريق الصحيح لأننا فعلا نحن نختار ولكن الله ييسر لنا الطريق الذي نجري وراءه فمن أراد الهداية سهل له الطريق إليها ومن أراد الضلال سهل له أيضا طريق الضلال
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه
أسأل الله أن يهدينا وإياكم سبيل الرشاد
قال تعالى : ( إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون )
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين
نحن قوم أعزنا الله بالإسلام ومهما ابتغينا العزة بغير ما أعزنا الله به أذلنا الله
قال تعالى : (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله )
إلى كل حر يضع عقيدته من وراء عقله...
ويطلق عقله من أسر إرادته ....
يفكر .... ليختار الذي يريد ...
ولا يريد ليفرض على عقله كيف يفكر ....
أهدي كلماتي
|