عرض مشاركة واحدة
قديم 16/11/2005   #96
صبيّة و ست الصبايا hanone
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ hanone
hanone is offline
 
نورنا ب:
Feb 2005
المطرح:
ابحث عن عينيه
مشاركات:
2,454

افتراضي


رسائل ميٌ زيادة وجبران خليل جبران . المفكرة ..


من الناس من يعيش للمال , ومنهم من يعيش للمجد , أو لخدمة الوطن أو للعلم ، ولخدمة نفسه والسعي وراء مسرته . ومنهم من يعيش لقلبه نائحاً على حب مضى منتظراً حباً مقبلاً . ومنهم من يعيش يومه ليومه وساعته لساعته ومنهم من يعيش لأسرته أو لبعض أفرادها ولو على حساب الأفراد الآخرين . غايات لا عداد لها تتنوع باختلاف الناس وباختلاف استعداداتهم ومداركهم . فلأي شيء كان يعيش جبران خليل جبران ؟

إن الذين تتبعوا كتاباته قد كانوا يظنون أنه يعيش لفنه الثلاثي : من أدب باللغة العربية , وأدب باللغة الانجليزية وتصوير يدوي ورسم . ولكنه في الواقع لم يكن يعيش لشيء من هذا . ها هو ذا يصف نفسه – وبأية بلاغة نادرة فريدة ! – في رسائل لم يفكر يوماً في أنها ستنشر عند وفاته ولا أنا تخيلت مرة أني سأنشر شيئاً منها وبخاصة في مثل هذا الظرف :

" .. صحتي اليوم أردأ نوعاً مما كانت عليه في بدء الصيف . فالشهور الطويلة التي صرفتها بين البحر والغاب قد وسعت المجال بين روحي وجسدي . أما هذا الطائر الغريب ( يعني قلبه وقد كان مصاباً فيه ) الذي كان يختلج أكثر من مئة مرة في الدقيقة فقد أبطأ قليلاً بل كاد يعود إلى نظامه الاعتيادي . غير أنه لم يتماهل إلا بعد أن هد أركاني وقطع أوصالي . إن الراحة تنفعني من جهة وتضر بي من جهة أخرى . أما الأطباء والأدوية فمن علتي بمقام الزيت من السراج . لا , لست بحاجة إلى الأطباء والأدوية , ولست بحاجة إلى الراحة والسكون . أنا بحاجة موجعة إلى من يأخذ مني ويخفف عني , أنا بحاجة إلى فصادة معنوية , إلى يد تتناول مما ازدحم في نفسي , إلى ريح شديدة تسقط أثماري وأوراقي . أنا , يا مي , بركان صغير سدت فوهته فلو تمكنت اليوم من كتابة شيء كبير وجميل لشفيت تماما . لو كان بإمكاني أن أصرخ صوتاً عالياً لعادت إلي عافيتي , وقد تقولين " لماذا لا تكتب فتشفى لماذا لا تكتب فتتعافى ؟"

وأنا أجيبك " لا أدري . لا أدري . لا أستطيع الصراخ وهذه هي علتي . هي علة في النفس ظهرت أعراضها في الجسد .
" وتسألين الآن " إذن ما أنت فاعل ؟ وماذا عسى تكون النتيجة؟ وإلى متى تبقى هذه الحالة ؟"
" أقول إنني سأشفى . أقول إني سأنشد أغنيتي فأستريح . أقول إنني سأصرخ من أعماق سكينتي صوتاً عالياً . بالله عليك لا تقولي لي " لقد أنشدت كثيراً وما أنشدته كان حسنا " لا تذكري أعمالي ومآثري الماضية لأن ذكرها يؤلمني , لأن تفاهتها تحول دمي إلى نار محرقة , لأن نشوتها تولد عطشي , لأن سخافتها تقيمني وتقعدني ألف مرة ومرة في كل يوم وفي كل ليلة . لماذا كتبت تلك المقالات وتلك الحكايات ؟ لماذا لم أصبر ؟ لماذا لم أضن بالقطرات فأدخرها وأجمعها ساقية ؟ وقد ولدت وعشت لأضع كتاباً – كتابا واحدا صغيرا – لا أكثر ولا أقل . قد ولدت وعشت وتألمت وأحببت لأقول كلمة واحدة حية مجنحة , لكني لم أصبر , لم أبق صامتا حتى تلفظ الحياة تلك الكلمة بشفتي . لم أفعل ذلك بل كنت ثرثارا فياللأسف وياللخجل ! وبقيت ثرثاراً حتى أنهكت الثرثرة قواي . وعندما صرت قادرا على لفظ أول حرف من كلمتي وجدتني ملقى على ظهري وفي فمي حجر صلد .

" لا بأس .. إن كلمتي لم تزل في قلبي وهي كلمة حية مجنحة ولا بد من قولها . لا بد من قولها لتزيل بوقعها كل ما أوجدته ثرثرتي من الذنوب . لا بد من إخراج الشعلة "

ذا ما يقوله ذاك الذي لم يكتب يوماً إلا الكلمة المجنحة الحية المحيية . هذا ما يقوله ذاك الذي لم تكن كل كلمة كتبها إلا شعلة منفصلة عن شعلة روحه أي عبقري لا يخجل بكتاباته السالفة , نظرا لسرعة التطور المكتسح كيانه ؟ إن العبقرية الحقة كثيرا ما تقاس بهذا الخجل الذي ينتاب صاحبها , ولو هو حاز بكتاباته إعجاب العالم .

كتب رسالته تلك بعد إصدار كتابه " النبي" الذي تناولته بالترجمة إلى لغاتها عشرة شعوب مختلفة وكانت مجلات العالم وصحفه تتناقل كلمات جبران , ابن الشر ورسومه التي لا تضاهى . رسوم وكلمات لا يأتي بها إلا ذو المواهب الفذة , الذي جرده تهذيبه لفنه من كل زهو وكل دعوى , فسار شوطا بعيدا في جادة الوحدة الرهيبة التي لا يقوى على سلكها إلا الخلاق المبدع من بني الإنسان .

إن جبرانا لم يكن ليسير وحده , بل كان شبح الموت يماشيه أنى ذهب . كان يعرف نفسه مقبلا على الرحيل بينما هو يصدر كتبه بالانجليزية " المجنون" و" السابق" و "النبي" و " رمل وزبد" و" يسوع ابن الإنسان" تحفة تلو الأخرى , فضلا عن كتبه العربية التي نعرفها جميعا وفضلا عن مجموعات رسومه التي كانت مفخرة العبقرية الشرقية بين أقوام تعرف معنى العبقرية ولا يفوتها من خصائصها شيء .

وكان آخر كتبه الانجليزية كتاب " آلهة الأرض" الذي نعكف اليوم على مطالعته – وبأي حزن ! – وقد تلقيناه يوم إذاعة نعيه في مصر , وفيه اثنتا عشرة صورة من رسم يده . تلك كانت شيمة جبران في مؤلفاته الانجليزية وفي بعض رسائله الخاصة أيضاً إذ كان يلخص الجملة والمعنى رسما على هامش القرطاس في الغالب , أو هو يشرحه في صورة عجيبة تشغل الصفحة بحذافيرها . ليعود مرة بعد مرة إلى رسم شعاره التصويري الذي يمثل يدا تقدم كل حياتها وقوداً , وتظل اللهب خارجة من تلك اليد الكريمة وصاحبها يفكر في الحياة كما يفكر في الموت . فيقول في خطاب آخر كتبه بعد شهور طويلة .

" أتعلمين , يا مي , أني ما فكرت في الانصراف ( الذي يسميه الناس موتاً ) إلا وجدت في التفكير لذة غريبة وشعرت بشوق هائل إلى الرحيل . ولكني أعود فأذكر أن في قلبي كلمة لا بد من قولها فأحار بين عجزي واضطراري وتغلق أمامي الأبواب .

"لا " لم أقل كلمتي بعد , ولم يظهر من هذه الشعلة غير الدخان , وهذا ما يجعل الوقوف عن العمل مرا كالعلقم . أقول لك , يا مي , ولا أقول لسواك إني إذا انصرفت قبل تهجئة كلمتي ولفظها فإني سأعود ثانية لتحقيق أمنيتي . سأعود لأقول الكلمة التي تتمايل الآن كالضباب في سكينة روحي .

" أتستغربين هذا الكلام ؟ إن أغرب الأشياء أقربها إلى الحقائق الثابتة . وفي الإرادة البشرية قوة واشتياق يحولان السديم فينا إلى شموس ..."

إننا ننحني أمام ضريح جديد بعيد نام فيه ذاك القائل :" إن حنيني إلى الشرق يكاد يذيبني . فمتى , متى أعود إلى بلادي ؟". ننحني أمام القبر الذي ينام فيه رجل هو بروحه للإنسانية كلها ولكنه بجسده غريب بين الغرباء . أننحني لنقول كلمة الوداع ؟ لقد جزنا هذا التطور من الغفلة فصرنا نعلم أن الناس إلى الدار الأخرى متتابعون

فهنيئا لك برحيلك , يا أخي , لقد أعطيت كثيرا , وإن أغاظتك هذه الكلمة , لقد أعطيت كثيرا وقال فيك الشرق للغرب " هاأنا ذا !" كما قال فيك الشرق الناهض لنفسه " هاأنا ذا ! ها أنا ذا !" حسنا فعلت بأن رحلت !

فإذا كان لديك كلمة أخرى فخير لك أن تصهرها وثقفها وتطهرها وتستوفيها في عالم ربما كان يفضل عالمنا هذا في أمور شتى ...

حسنا فعلت بأن رحلت , يا أخي ! ففي ذمة الله وفي رحمته التي تسعنا جميعا أحياء كنا أو أمواتا !
يعتبر جبران خليل جبران من الأدباء الذين أثرَوْا فن المراسله عند العرب بما تركه من رسائل لفتت نظر الباحثين وأثارت فضولهم , فولجوا عبرها إلى عالم جبران المليء بالرموز والأسرار .. لقد فتح جبران فتحاً جديداً ورائعاً في دنيا الأدب العربي , عندما تحول عن التأليف بالعربيه ألى التأليف بالأنجليزيه.. حتى لمع أسمه في كثير من الدول الأجنبيه ..

وفي هذا الموضوع أود أن أسلّط الضوء على الحب الذي نشأ بين جبران ومي زياده , , حب فريد لامثيل له في تاريخ الأدب , أو في سير العشاق ,مثال للحب النادر المتجرد عن كل ماهو مادي وسطحي .

لقد دامت تلك العاطفه بينهما زهاء عشرين عاماً , دون أن يلتقيا الاّ في عالم الفكر والروح , والخيال الضبابي إذ كان جبران في مغارب الأرض مقيماً وكانت مي في مشارقها , كا ن في امريكا وكانت في القاهره. لم يكن حب جبران وليد نظره فابتسامه فسلام فكلام بل كان حباً نشأ ونما عبر مراسله أدبيه طريفه ومساجلات فكريه وروحيه ألفت بين قلبين وحيدين , وروحين مغتربين .ومع ذلك كانا أقرب قريبين وأشغف حبيبين ..
كان طبيعياً جداً أن يتعارف بطلا هذا الحب عن طريق الفكر والنشر في اوائل هذا القرن , بعد ان أصاب كل منهما شهره كبيره .. كانت مي معجبه بمقالات جبران وافكاره فبدأت بمراسلته عقب أطلاعها على قصته ( الأجنحه المتكسره ) التي نشرها في المهجر عام 1912م, كتبت له تعرب عن أعجابها بفكره واسلوبه , وتناقش اراءه في الزواج وقيوده , والحب وأطواره حسب رؤيته في هذه القصه التي قرأتها له ...

وتعرض عليه رأيها في وجهة نظره في حرية المرأه التي طالب بها والتي
اتفقت معه في أمر وعارضته في جانب آخر , حيث قالت " لايصح لكل أمرأه لم تجد في الزواج السعاده التي حلمت بها أن تبحث عن صديق غير زوجها فلا بد أن تتقيد المرأه بواجبات الشراكه الزوجيه تقيداً تام حتى لو هي سلاسل ثقيله , فلو توصل الفكر الى كسر قيود الأصطلاحات والتقاليد فلن يتوصل الى كسر القيود الطبيعه لأن أحكام الطبيعيه فوق كل شيء, وهذه تعتبر خيانه ولوفي مظهرها طاهر وتخون الهيأه الأجتماعيه التي هي عضو عامل فيها "

ومن هنا كانت البدايه ومن ثم تواصل بالرسائل التي كان كل منهما يبحث عن روح الآخر في يقظته وأحلامه , كان كل منهما يسعى لرؤية ذاته في روح صاحبه حتى لكأن تلك الروح هي المرآة التي ينعكس على صفحتها نور الأخر ... وكلما قرأنا هذه الرسائل النابضه بالحياة الناضحه بالصدق , كلما أزددنا يقيناً بأن الحب الذي شد جبران الى مي , وشغف مي بجبران , حب عظيم , بل عشق يكاد يكون صوفياً لأنه تخطى حدود الزمان والمكان والحواس الى عالم تتحد فيه قوة الوجود ..

ويتضح لنا لدى التأمل في بعض الرسائل برغم ضياع بعضها أن الصله بين جبران ومي توثقت شيئاً فشيئاً لأن لهجته في مخاطبتها تدرّجت من التحفظ الى التودد , ومن الأعجاب الى صداقه حميمه , ومن ثمَ الى حب عام 1919م ما أن بلغ ذروته حتى عكرت صفوه سلسله من الخلافات بينهما التي عبّر عنها جبران مرةً " هي معاكسات التي تحوّل عسل القلب ألي مراره " وقال" ان الغريب حقاً في هذه الصله تأرجحها بين الحب الجامح والفتور , بين التفاهم التام الذي كان يضفي عليهما شفافيه روحيه تغمرهما بالسعاده ,وبين سوء التفاهم الذي كان يؤلمهما ويؤدي الى القطيعه احياناً ,,]ولكن شدة ولع كل منهما بالآخر كانت تدفعهما للتصالح مجدداً..

وبرغم كل هذا الحب كان كل منهما يخشى التصريح بعواطفه فيلجأ جبران للتلميح , ويرمز إليها ويضع عبارات وصور مبتكره وجميله ..

فلم ينادِ مي قط بقوله حبيبتي" ولم يخاطبها باللغه المألوفه للعشاق , غير أنه عبّر عن حبه بما هو أبلغ عندما قال:

أنت تحيين فيّ , وانا أحيا فيكِ " ووصف علاقته بها " بأنها أصلب وأبقى بما لايقاس من الروابط الدمويه والأخلاقيه "وبعد أن باح لها , رجاها ان تطعم النار رسالته اذا لم تجد لبوحه الصدى المرجو في نفسها ..
كانت مي في حياة جبران الصديقه, والحبيبه الملهمه , وصلة الوصل بينه وبين وطنه , وأكثر ماحبه فيها عقلها النيّرالذى تجلى في مقالاتها وكتبها , وأحب فيها حبها له .., واعجابها بشخصيته وانتاجه الأدبي والفني الذي كانت تتناوله بالتقريظ والنقد في مقالاتها في مصر ...


منقول

بالغرام هل كون ابتدى ..وياسلام مش بائي حدا ..
.وقلبي ئال عحالو اهتدى.......... بالغرام
مافي نجوم مابدها قمر ...مافي ليل مابدو سهر
مافي عيون مافيها نظر.. بالغرااااااااام

رئيسة الحزب الكفوري
أم وائل
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04889 seconds with 10 queries