و هذا رد آخر بقلم الأخ أبو تراب
السلام على من اتبع الهدى،
بالنسبة للموضوع المطروح هنا، فقد أفاد أحدالأعضاء انه لا يؤمن بكتاب الله (القرأن) لأنه يبيح زواج البكر الصغيرة فأجيب الأستاذ من عدة جهات:
1) بمراجعة التفاسير و كتب الفقه لا نجد مقولة (زواج الأطفال) بل نجد زواج البكر الصغيرة، و اللفظ القرأنى دقيق فقال ((و اللائى لم يحضن)) لأنه و إن كان يجوز للأب (الولى) أن يزوج ابنته و هى صغيرة، فإنه لا يُمكن زوجها منها إلا بعد أن تصير صالحة للوطء كما فصل الكثير من الأئمة كالإمام القرطبى رحمه الله،و من المعروف علمياً أن الفتاة كثيراً ما تنضج بدنياً و غريزياً حتى قبل بلوغها المحيض، فلاعلاقة بين هذا و ذاك لأن المحيض يعنى قدرتها على الإنجاب ليس أكثر بعكس الفتى الذى لا يصلح للدخول بزوجته قبل بلوغ الحلم، فتنبه، لذا فإن رسول الله (ص) لم يدخل بام المؤمنين عائشة إلا بعد 3 سنوات كاملة من زواجه بهاعليه الصلاة و السلام و سنسهب بعد قليل فى الحديث عن زواج النبى من أم المؤمنين بعون الله الواحد،
2)و خير دليل على أن هذا زواج لا غرابة فيه يظهر بمراجعة سبب نزول الأية الكريمة،فقد روى ابن كثير عن أُبَيّ بْن كَعْب قَالَ قُلْت لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ نَاسًا مِنْ أَهْل الْمَدِينَة لَمَّا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَة الَّتِي فِي الْبَقَرَة فِي عِدَّة النِّسَاء قَالُوا لَقَدْ بَقِيَ مِنْ عِدَّة النِّسَاء وَلَمْ يُذْكَرْنَ فِي الْقُرْآن : الصِّغَار وَالْكِبَار اللَّائِي قَدْ اِنْقَطَعَ مِنْهُنَّ الْحَيْض وَذَوَات الْحَمْل قَالَ فَأُنْزِلَتْ الَّتِي فِي النِّسَاء الْقُصْرَى " وَاَللَّائِي يَئِسْنَ مِنْ الْمَحِيض مِنْ نِسَائِكُمْ إِنْ اِرْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَة أَشْهُر وَاَللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ)
فأنظر أيها اللبيب كيف أن أهل البلاد هم الذين يسألون بأنفسهم عن حكم هذه الحالات مما يؤكد كون ذلك الزواج طبيعياً شائعاً لا حرج فيه ، فالقرأن لم يستحدث شرعاً بل قنن عرفاً مستساغاً ، و لم نسمع عن استنكار رجل أو امرأة مسلماً أو غير مسلم، و نلاحظ كذلك أن زواج البكر الصغير لا يكون إلا عن طريق وليها الذى هو أحرص الناس على ابنته و مصلحتها و كما قلنا فلا يصح الدخول بها إلا بعد أن تصير صالحة للوطء،و زد على هذا أن سن البلوغ للفتاة فى المناطق الحارة يكون بين 8-12 فلو تزوجت فتاة فى هذه الحدود حتى لو لم تبلغ المحيض لما وقع حرجاً
-------------------------------
2) زواج رسول الله من أم المؤمنين عائشة:
و هذا أكثر ما يطعن به الطاعنون فى شخص النبى الكريم ،فلنا أن نسال بداية لماذا لم نسمع عن اعتراض أحد من المشركين او اليهود أو النصارى فى عهد رسول الله و هم الذين كانوا يشاقونه و يحاربونه ليل نهار؟
الجواب أن ذلك كان أمراً طبيعياً و ليس بمطعن، إلا أن بعض الناس ينظرون للمسائل دون مراعاة اختلاف الزمان و المكان و البيئة و الأحوال،ففى يومنا هذا نجد سن التاسعة و العاشرة (فى الأغلب) سناً صغيراً على الزواج،كما أن ما جرى عليه عرف الناس و القوانين الحديثة بما يناسب بيئة واضعيها يؤدى للاختلاف، فاذا ما روعيت كل هذه الملابسات زال الاضطراب بالكلية، وأنبه لعده مسائل فى هذا الصدد:
أ) إنّ زواج الرسول (ص) من السيدة عائشة رضي الله عنها كان أصلاً باقتراح من خولة بنت حكيم على الرسول (ص) لتوكيد الصلة مع أحبّ الناس إليه سيدنا أبي بكر الصدّيق ، لتربطهما أيضاً برباط المصاهرة الوثيق ، فالمسألة ليست كما يصورها أعداء الإسلام و ما كان رسول الله ليعلم بأمر عائشة رضى الله عنها إلا عن طريق خوله رضى الله عنها بينما كانت كل زوجاته الأخريات ثيبات
ب): أنّ السيدة عائشة رضي الله عنها كانت قبل ذلك مخطوبة لجبير بن المطعم بن عدي، فرسول الله ليس أول من خطبها وهذا دليل على أن زواجها من رسول الله (ص) ليس أمراً شاذاً أو بدعاً!!
ج)و بالنسبة للذين ينكرون فارق السن بين رسول الله (ص) فإن العمر ليس مانعاً من الزواج و مرة أخرى يغفل المعترض اختلاف الزمان و المكان و البيئة فلم يعترض أحد على مدى التاريخ على هذا زواج و لم يستغربه أحد إلا المعاصرون و قد يرجع ذلك لما يعانيه هؤلاء من ضعف بدني و جنسي و هم يظنون أن هذا الأمر منطبق على الجميع، فنذكرهم أن الرجال في عصر الرسول صلى الله عليه و سلم و قبله و بعده كانوا يُسّيرون و يقودون الجيوش و هم في عمر فوق السبعين سنة و كان الرسول صلوات الله و سلامه عليه يُسير و يقود الجيوش إلى معارك تبعد مئات الأميال عن مركزه في المدينة المنورة، و نذكرهنا أن تسيير الجيوش في ذلك العصر ليست كما هي عليه اليوم فهم كانوا يسيرون على الأقدام نصف النهار و يركبون الدواب النصف الآخر ثم في المعركة يحملون سيوفاً تصل في الوزن إلى ما فوق سبعة كيلو جرامات و يبارزون بها و يتصارعون معظم النهار و هذا ما يفوق طاقة شبابنا في هذا العصر. و هذه الحقائق تبطل دعوى كل مدعي بعدم تناسب الزواج بسبب العمر. و عندنا شواهد في العصر الحديث عن الاختلاف الكبير في الصحة و القدرة الجنسية بين أهل المدن و أهل القرى و الجبال، و هل يعلم من يعترض أن رسول الله (ص) مات و فى لحيته عشرون شعرة بيضاء فقط؟و كان الصحابة ينعجبون من قوته التى من الله عليه بها
د)وقعت حادثة الإفك بعد سنوات قليلة من دخول رسول الله (ص) بأم المؤمنين مما يعكس حالها و أنها كانت سيدة ناضجة و إلا لما أثار المبطلون حولها مثل هذه الشبهة الحقيرة، والعجب ان نقرأ الإعتراض من أناس يزعمون اشفاقهم على أم المؤمنين عائشة لا يتوانون عن الطعن فى شرفها للوصول إلى الطعن فى دين الله، و هذا أمر اعتاده المسلمون فكما أن اليهود طعنوا فى مريم الصديقة فالنصارى يطعنون فى عائشة الصديقة و هلم جرا،....
ه) نذكر المعترض بأن زواج رسول الله (ص) من السيدة عائشة كان أنجح زواج و كان عليه الصلاة و السلام يرأف بها و يحسن إليها حتى أننانقرأ فى مرة أنهاالقت صحن الطعام على الأرض بسبب غيرتها الشديدة عليه(ص) فقام رسول الله (ص) بلم الفتات و ينظف المكان بنفسه و نظر إلى الصحابة و ابتسم قائلاً(غارت أمكم)، و كان عليه الصلاة و السلام قرة عينها و نور قلبها، نقلت عنه أكثر من ألفى حديث، و عاشت بعده عابدة زاهدة يضرب المثل بتقواها و ورعها، و كانت تقول عنه عليه السلام: (كان ألين الناس ضحاكاً بساماً) و كانت تقول له(ومال مثلى ألا يغار على مثلك) وسيرة رسول الله مع أم المؤمنين لا يمكن أن نحيط بعظمتها فى هذا المرور المتواضع، و لكن الشاهد أن ام المؤمنين لو كانت بين ظهرانينا لكانت أول من تولى الدفاع عن رسول الله و كيف لا و هى التى هبت تذب عنه حين مر نفر من يهود فقالوا السام عليك يا محمد: فقالت: عليكم السام و اللعنة، فهدأها رسول الله قائلاً: "عليك يا عائشة بالرفق وإياك والعنف"
6) و بالنظر إلى امثلة العرب فى ذلك الزمان سنجد الكثير فنكتفى بأن السيدة حفص أم المؤمنين كانت قد تزوجت قبل رسول الله (ص) و هى فى الحادية عشر من عمرها،
و هذا كان الحال عند اليهود أيضاً (أهل الكتاب) فهذا حييى ابن أخطب كبير أحبار اليهود يزوج ابنته صفية -زوجة رسول الله (ص) فيما بعد- فقد زوجها من يهودى و هى فى العاشرة من عمرها
7) و المفاجأة أن هذه الشبهة المثارة حول زواج النبى عليه السلام من السيدة عائشة لم تثر غى التاريخ لأول مرة إلا منذ ستين عاماً فقط و اتحدى من ياتنى بكتاب أو كتيب واحد تطرق لهذه المسألة قبل ذلك
و نحن لن نتحدث عن أثر هذا الزواج المبارك فى العلم الغزير الذى وصل للأمة بواسطة السيدة عائشة التقية الفقيهة
----------------------------------------------------------------
يتبع
ما مهم
|