عرض مشاركة واحدة
قديم 05/10/2005   #178
شب و شيخ الشباب Tarek007
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ Tarek007
Tarek007 is offline
 
نورنا ب:
Mar 2005
المطرح:
Damascus
مشاركات:
3,584

Cool


توقف طنين الذباب بنوعية الصمغي و الصوفي من حولي , لأن تغير الطقس قد تكفل بتراجع أعدادها, و ربما هجعت بإنتظار الموسم التالي, و رحٌلت مشكلة الدمامل التي تصيب الوجه و الساعدين الى وزارة الصحة‘و قد عقد مجلس الوزراء جلسات حامية بشأنها و جرت نقاشات مستفيضة حرصا على صحة المواطن وقد قررت الحكومة إستيراد مراهم خاصة توزع على المواطنين المصابين مجانا كما قررت إستيراد لقاحات يأخذها كل مرشح بالإصابة بعد أن سرت شائعات بإنتشار مرض جلدي يصيب بدمامل و تقرحات دب الرعب و الهلع بين صفوف مواطنينا و خاصة السيدات و قد أنتشر أن هذه المرض الجلدي يصيب الوجه بشكل خاص.

لم يكن أبو مكنى بعيدا عن كل هذا و قد تحدث به معي في إجتماعنا الأسبوعي , أقترحت أن يقوم بإستصدار اذونات إستيراد للقاحات تمنح الحصانة من الإصابة بدمامل الوجه و الساعدين لأنها تباع في السوق السوداء بسعر مرتفع و خاصة أن الشائعة أنتفخت لتتحول الى إفتراءات تفيد بأن لقاحات الحكومة غير كافية و غير فعالة,لا أعرف كيف وصل ابو مكنى الى وزير الصحة و هو رجل عجوز لا يكف عن الإرتعاش و لا يكاد يتكلم في إجتماعات الوزارة و يكتفي من حضورة بنقل بصره من وزير الى آخر بفم مفتوح و اسارير مكتئبه و كأنه يحمل كل أمراض العالم . لم تمض سوى ايام قليلة حتى كانت اللقاحات التي أستوردها أبو مكنى "بمعرفته" في ثلاجات وزارة الصحة أصدرت قرارا بأن تشتري وزارتنا كمية كبيرة منها لتعطيها مجانا لموظفي الوزارة و لم أنسى كرجل يهمه موظفيه الحاليين و السابقين علوان فقد حرصت على أن أرسل لاسرته من تلك الأدوية و المراهم لأنني رجل أسمو فوق الأخطاء فهو موظف أخطأ بحق الوطن و نال جزاءة بالطرد من العمل و نال جزاءا من أحكم الحاكمين بإصابته بالدمامل الجلدية و لكن الحكمة مطلوبة فلا ذنب لاسرته و زوجته.كان هذا ملخص مادار في الأجتماع الاسبوعي في الوزارة و حرص السنجري أن يسجل في نهايته شكرا لي لسعة صدري و حرصي على الجميع.

كنت أتابع مع وزير الصحة مؤشرات أنتشار و انحسار المرض و كان أبو مكنى يتابع معي حجم المبيعات و كمية الأرباح و تحركات الوزراء و أعضاء مجلس الشعب,أعطتني الشخصية القاسية و الجادة التي رسمتها لنفسي هالة حمتني من حملات الغمز و اللمز التي يشنها الوزراء بعضهم على بعض و كذلك ابتعدت عن اسلوب الغمز و اللمز الذي يناسب صراعات "الحماية و الكنة"و كنت أناأى بنفسي عن مثل هذه الملاسنات التي تحصل فأغادر القاعة أو اشاغل نفسي بعمل غير مهم و اتقصد ان يرى الجميع انصرافي عن مثل هذه السلوكيات فعزز هذا الأمر مكانتي الجادة و شخصيتي المتفردة و تحاشى كل أعضاء مجلس الوزراء توجيه اي كلمة بحقي حتى وزير الخارجية الذي لم يوفر حتى رئيس الوزراء بكلامه المبطن الملغوم كان يتحاشى حتى النظر في وجهي و خصوصا بعد أن نشرت خبر ضربي المبرح لموظف فاسد .من هذا السلوك لم يستطع أحد من الوزراء أو أعضاء مجلس الشعب تخمين أن لقاحات وزارة الصحة و مراهمها مرت من تحت أصابعي قبل أن يجد طريقها الى جلود مواطنينا.

كان أبو مكنى يتناول هذا الجانب من شخصي بشكل كاريكاتوري و هو عمليا لم يلمس من حزمي و حدتي شيئا لأنني في الحقيقه كنت أتلاشى بمجرد الدخول الى باب مكتبه و أجد نفسي كالمربوط بحبال طويلة من الخوف و الترقب و هو لم يغير عادته في إزدرائي و تركي أنتظر حتى ينتهي من عمل يشاغل به نفسه ثم يتجه بعينيه نحوي مباشرة و يبدأ الكلام أو الأسئلة و كان مكتبه المكان الوحيد الذي ألتقيه به لم انتبه الى هذه النقطه الى الآن لم يوجه أبو مكنى الدعوة لي الى بيته أو الى مطعم أو مقهى ما, و انا كذلك رغم حفلات الإستقبال الكثيرة التي كانت الوزراة تقيمها لم يحضر مرة واحد كنت أوجه الدعوة أليه رسميا فيتناول بطاقة الدعوة من يدي و يلقيها جانبا و يتابع ما استدعاني من أجله لم أكن اسألة عن سبب عدم حضورة و لم افكر أن أسألة و حتى لم يخطر لي أن اوقف أرسال الدعوات أليه.

بدأت أشعر بكبر حجمي و ثقل حضوري الإجتماع الوزاري و مكانتي في مجلس الشعب و حتى الصحف كانت تكتب عني بكثير من الإحترام و التبجيل و تكتب أخبار وزارتي في صدر صفحاتها رغم أنها ليست وزارة بأهمية وزارة الخارجية أو الإقتصاد أو المالية. طبعت كل ما في الوزارة بطابعي الصارم الشديد و اصبحت الوزارة و مديرياتها في المحافظات كالثكنة العسكرية أنتظاما و أنضباطا و لكني كنت أعرف أن هذا الإنضباط مرده الخوف و ليس حب النظام.شعوري بالهيمنه على كل ما يحيط بي جعلني اشعر بالإزدراء ايضا لموقعي و بدأت اشعر أنني يمكن أن أقود شيئا أكبر من الوزارة و ربما هذا الشعور قادني الى أشعال شرارة أحتكاك بيني و بين رئيس الوزراء لم يكن خصاما و لكنه كان تنافسا خفيا كان يشعر به و كنت أغذية بهدوء و سلاسة في البداية لم يكن مقصودا و لكنه تحول الى عمد بعد أن كبر شعوري بنفسي و ضآآلة كل ما يحيط بي.

أقترح رئيس الوزراء رفع اقتراح الى الرئيس بإصدار مرسوم رئاسي يقضي بزيادة مرتبات العاملين في الدولة بنسبة عشرون بالمائة بمناسبة الذكرى السنوية لإنتخاب سيادته, لم يجد رئيس الوزراء معارضا طبعا ,و لكنني أقترحت أن تكون الزيادة ثلاثون بالمائة تململ رئيس الوزراء في مقعده ثم قال: من اين سنوفر الزيادة و الميزانية محددة و نحن بالكاد سنؤمن العشرون بالمائة في ميزانية هذا العام وقد بقي منه أكثر من أربعة اشهر توجهت الى وزير المالية و مازال كلامي موجها الى رئيس الوزراء يمكن أن نفرض زيادة خفيفة على اسعار الوقود بما يؤمن العائد المطلوب و زيادة...وافق وزير المالية فورا على أقتراحي و تبعه موافقات كثيرة. وجد رئيس الوزراء نفسه محصورا فواقف هو الآخر على أقتراحي و قد احمرت عيناه غيظا: اذا ظهرت أنني أكثر منه أحتراما للرئيس و حبا بناسبة وطنية هامة كإعتلاء سيادته صهوة الرئاسة و اكثر حرصا على المواطن لكي تكون الزيادة اكثر و قد سربت هذا الخبر للصحافة و بعض اعضاء مجلس الشعب و لتنطلق الأقوال بعدها عني و عن حبي لمصلحة الناس.

لكن في الحقيقة الوضع في البلد كان بحاجة الى أكثر بكثير من مجرد زيادة في الأجور فسياسة الدولة الخارجية كانت في منتهى السوء في ظل وزير خارجية بهذا الغباء يملك من التناحة و يباسة الرأس أكثر مما تملكة الصخور البازلتيه,كان يصر على حماية كل معارضي الدول في العالم كانت لدينا معارضة مسلحة لبعض الدول الأفريقية و كذلك كانت سياسة الدولة تقضي بإحتضان معارضة لدول تقدم لنا المساعدة المالية و كان إعلامنا يسبها ليلا و نهارا .و الحجة في ذلك أن مثل هذه المجموعات المسلحة أوراق ضغط نهدد بها كل من يقول لنا" ما أحلا الكحل بعينك".و سياسة الدولة الداخلية تسير وقف مبدأ "هات ايدك و ألحقني" فكل وزير و لديه أبو مكنى أو أكثر و همه ينقسم الى ثلاثة اقسام, أن يرضى أبو مكنى خاصته و يرضي نفسه و أن يعمل لخدمة الحكومة و هذا طبعا يقع ضمن المستحيلات الأربع ,لذلك ترى الوزير ممزق بين هذه الخيارات فيرتفع مستوى الكوليسترول في دمه و نسبة الشحم في كرشة و تقل درجة ذكائه.

لم يكن هذا كل شيء فالدولة تعتقد بالحاجة الى وجود جيش قوي جدا و كبير جدا للدفاع و لحماية الثورة من أعداء الخارج و تهتم أكثر في بناء اجهزة أمن كثيرة و متنوعة و حتى متضاربة لتبني عدة أطواق قوية لتمنع أعداء الداخل من الوصول الى قلب الثورة أو قائدها و مبدع افكارها .كان كل هذا يستهلك من مداخيل الدولة الشيء الكثير و لكنه كان ضروريا جدا لتبقى بلادنا عزيزة أبيه شامخة ترفض الخنوع و الركوع في وجه المخططات الدنيئة التي ترسم لها,و ما يتبقى من أموال الدولة تصرف على مشاريع التنمية التي نبنيها.لم تكن مشاريع التنمية كثيرة لأن ما يتبقى من أموال الدولة بعد صرف فاتورة الصمود قليل جدا لذلك صرحنا موضوع البحث عن بدائل تمويل قادرة على تلبية طموحاتنا و تطلعاتنا و بنفس الوقت لا تمس مبادئنا و ثوابتنا.

أقترحت في إجتماع رئاسة الوزراء القيام بحملة دبلوماسية ضخمة لدى أوربا لتحسين صورتنا و القيام ببعض التحركات الداخلية لتحسين الأوضاع كنت أعرف أن الأتحاد الأوربي يقدم مساعدات سخية جدا و خاصة لمشاريع الزراعة و الري و يمكن أن تحصل الوزارة على شيء منها و ذا ا حصلت الوزارة يعني أنا و يعني كذلك ابو مكنى و قد اصبحت أنا و الوزارة و ابو مكنى كلا واحد وجسدا متلاصقا. أعترض فورا رئيس الوزراء بحجة أن هذا الموقف سينال من صمودنا و قد تبتزنا الدول الأوربية للتنازل عن قضايانا المصيرية ,كنت اتوقع مثل هذا الإعتراض لأنه جاء مني و لكنني لم ألتت أليه و أعرف رصيدي في مجلس الوزراء نظرت الى وزير الخارجية مستنجدا فهم قصدي فورا و ساندني بطريقة لم اتوقعها حين قال :لقد كان هذا أحد توجيهات السيد الرئيس لي في آخر أجتماع.عند هذه النقطة اغلق رئيس الوزراء بوزه تماما لأنه لا يجرؤ طبعا على مناقشة توجيهات الرئيس.و قررنا بدء الحملة فورا على أن يضع وزير الخارجية الخطة للتحرك و تضع الوزارات المختصه قائمة بأولويات القطاعات التي تحتاج الى مساعدة..

يتبع....

عـــــــــــــــــــــــــــــبـــــــــــــــايــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة






زورو موقع الدومري :
http://aldomari.blogspot.com
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.06732 seconds with 10 queries