الصلاة وكشف تدبير الله في صلاتنا
بولس في مفهومه للصلاة هي انها فعل جهاد ومواظبة . الصلاة ان كانت فردية ام جماعية هي فعل تضرع شكر ـ طلب ـ توبة . وهناك صلوات نقراءها واخرى نسمعها فتبعث فينا تاءملا ، والتاءمل هو شكل من اشكال الصلاة .
الصلاة هي رفع العقل الى الله كما يقول يوحنا الدمشقي ، ويقول القديس باسيليوس الكبير : الصلاة هي ترداد الاقوال المقدسة بشكل ان تصدر من القلب . وهي السجود امام الله وهي تهليل وتمجيد ، هي الارادة في الحياة مع الله .
ليست الصلاة مجرد تلاوة العبارات ، بل هي حديث خاص مع الله ، فنعبر عما في حياتنا برغباتها ومصاعبها واحزانها وافراحها . الصلاة هي تعبير عن المحبة وتعبير عن الايمان . انها محبة متبادلة بين الانسان والله وهي ايضا تقبل عطية الله .
لكن نحن كبشر نفكر ونظن ان الله هو مجرد يلبي طلباتنا ، ناءتي اليه فقط عندما نحتاجه . ونظنه كشرطي يراقب تصرفاتنا ، لذلك تتصف في بعض الاحيان صلاتنا بالخوف . هذه الصورة السلبية عن الله تنفي فينا صورته الحقيقية ، يسوع يقول لنا (( اطلبوا تجدوا )) ، نعم ان الله يهتم لتصرفاتنا لكنه لا يراقبنا كشرطي . فاذن عندما نصلي ليس خوفا من انه يعاقب بل بالصلاة نتوب ونتنعم بالغفران .
نعم في بعض المرات يكون روتين وتكرار في صلواتنا ، ونشعر اننا نخاطب ذواتنا عندما نتحدث مع الله ، خصوصا ان كنا لا نعرف كيف نصمت ونصغي لكي يتكلم الله ، وممكن ان لا نشعر بحضور الله في صلاتنا .
يسوع يشدد على الصلاة ، لان الصلاة كانت محور حياته ومنطلقا منها . دعى الى ممارستها ، ويجب ان تكون نقية ومرتبطة بالعمل ومليئة من الايمان .
اما كيف نكتشف تدبير الله في صلاتنا ؟ يجب ان ننطلق من حياتنا على ضوء الانجيل ، لان صلاتنا هي صرخة الى الله المحب للحياة وواهبها ، لانه تجسد من اجلنا ليخط لنا الطريق ، طريق الحق والحرية والحياة . لنصلي وتكون صلاتنا فرحا وتهليلا بقيامته والتزام ببشارته التي تحمل الينا الحياة والقيامة ، لنتوقف في صلاتنا بكل حين ونشعر ان شيئا تغير فينا ، اذا تركنا كلمة الرب تصل الى اعماقنا فتثمر مزيدا من المحبة والايمان والرجاء .
لنقل في صلاتنا تكلم يارب والى من نذهب وعندك كلمة الحياة ، ونكتشف في صلاتنا مع المسيح ان الكل ينبثق وينحدر من الاب ، ونكتشف ايضا ونتذوق ان الكل يعطي بالابن الذي نلنا به الخلاص والنعمة مجانا .
في الصلاة ليكن كياننا في كل حين مصليا و شاكرا . جسدنا عقلنا قلوبنا وكل ما وهبنا من القوة . لان الصلاة هي نعمة تطلب لكي نزداد عمق ومعرفة بالمسيح ولكي تترسخ ذهنية الانجيل في اقوالنا واعمالنا . ونقول مع بولس (( لست انا الحي ، بل المسيح هو حي في )) . لنشعر في صلاتنا ايضا ان الله لا يزال يمنحنا الحياة والخلاص ، لانه يعمل في الكائنات كلها . لا كمن خلق واستراح بل كمن لايزال يهتم بنمو ما خلق .
حياتنا ستنتهي غير ان الصلاة لن تنتهي ، ان كلمة الله هي بين ايدينا ، فان سمعنا وعملنا بها عرفنا السعادة في حياتنا . فكلمة الله هي المسيح في تعاليمه وحياته . كلمة الله تفتح لنا باب الحرية لانها تطهر وتنقي فينا القلب والضمير حتى لا يبقى فينا الا ما يلائم الملكوت .
(( انتم انقياء من اجل الكلام الذي كلمتكم به ، اثبتوا في محبتي ، فمن يثبت في ياءتي بثمر كثير وتدوم ثماره ، وياءتي باءعمال كاءعمالي واعظم )) يوحنا 15 . لنشعر اننا كلنا في مدرسة المسيح على غرار امه وتلاميذه ، اذا صار لنا الله كل شيء فلا عجب ان نجده في كل شيء وتصير حياتنا كلها شكرا وتهليلا .
الصلاة هي المنطلق لانها توصلنا الى الهدف وانها تدخلنا في فهم الله وذواتنا والاخرين . لانها تدخلنا في مسيرة فهم لهذه الابعاد . والصلاة هي منطلق الحياة الروحية فيها نلتقي الله حيث يتحقق الهدف .
اسهروا وصلوا ... صلوا ولا تملوا .. تمنياتي للجميع .
من منكم بلا خطيئة فليرميها بأول حجر
|