الموضوع: القلق.....لماذا؟
عرض مشاركة واحدة
قديم 10/09/2005   #1
شب و شيخ الشباب gabo
عضو
-- قبضاي --
 
الصورة الرمزية لـ gabo
gabo is offline
 
نورنا ب:
Aug 2005
المطرح:
سارح بين الغيوم
مشاركات:
876

إرسال خطاب MSN إلى gabo
افتراضي القلق.....لماذا؟


القلق....لماذا؟
[size=3]أنقل لكم - إخوتي - هذا المقال الذي أتحفنا به - كعادته - الأب الفاضل بسام آشجي من موقع " كنيسة القديسة تريزا " في حلب.... أرجو لكم به كل الفائدة......




القلق.. لماذا؟!
الأب بسام آشجي



منذ أعوام عدّة، وضمن الأحاديث اللاهوتية لجمعيّة التعليم المسيحي بحلب، قدَّمتُ حديثاً يشبه تساؤلات اليوم، وكان الحديث تحت عنوان: "القلق.. لماذا؟.." وتفاجئنا جميعنا في تلك الأمسية من العدد الكبير، الذي جاء ليستمع إلى "القلق.. لماذا.." لماذا؟!.. لأن الجميع كانوا متلهِّفون للحل! ظنَّ بعضهم أنه في نهاية الحديث سوف يمتلك وصفة فعَّالة للتخلص من القلق!.. وبعضهم تتبع الحديث بشغف المترقب، الذي ينتظر ما يريحه.. هناك من جاء، وفي نيَّته، أن يفسد كلَّ كلمة تقال، لأنه، بحسب اعتقاده، لا خلاص من القلق. المهم، وكما توقعت آنذاك، أن موضوعاً كهذا، يخص الكثير من البشر إن لم نقل جميعهم. لذلك أتشجع اليوم وأقدِّمه ثانية، ربما يجد الكثيرون فيه همسات إجابة لصدى تساؤلاتهم.

أستعرض أولاً إشكالية القلق عند الإنسان، خصوصاً في عالمنا المعاصر. ثم أتأمل طرح الكتاب المقدَّس لهذه المسألة، وحاجة الإنسان من خلالها إلى "الخلاص". وأخيراً أدعوكم لتلمُّس موقف يسوع من القلق في معاناة الآخرين، وأيضاً في معاناته الشخصية له. لن نتوَّصل إلى "وصفة" تزيله أو تخفِّف منه. ولن ننتهي تماماً من السؤال: "لماذا؟.." ربما تتغيَّر صيغة السؤال. ولكن حتماً، وبنعمة الله، سنكتشف في إيماننا "الإنجيل" بشرى سارّة جداً تُغبِّط حياتنا في عمق أشكال ومضامين وواقع قلقنا.

القلق علامة الحياة:

منذ أن يولد الإنسان يصرخ مُعبِّراً عن حالة القلق التي يختبرها للمرّة الأولى. كأنه كان في سلام وانسلخ عنه. ولكنه سرعان ما يعود إليه، ولو نسبياً، فيشعر مجدَّداً بالأمان حيث يُحاط بالعناية والحنان. وتتوالى صرخات القلق عنده في مختلف مراحل حياته، كأنها ضريبة نموِّه وبناء شخصيته. فحين يُفطم يقلق. وحين يمشي يقلق. وحين يخرج من رحم بيته إلى المجتمع، حيث المدرسة والوجوه الجديدة، يقلق، وإن كان ذلك سيبدو له فيما بعد محبباً لأن الإنسان السوي يفضل عموماً الاستقلالية. ولعلَّ مرحلة المراهقة تعبِّر جلياً عن هذا الواقع القلِق للحياة. فالمراهق هو الإنسان الذي يبدأ رويداً رويداً تحمُّل مسؤولية الحياة. فهو صادق في أغلب الأحيان حين يعبِّر عن مشاعره، الإيجابية منها والسلبية. وما أعنف صرخات القلق عند بعض المراهقين! كم يدفعون غالياً ثمن نضجوهم. وهكذا، يدخل الإنسان شيئاً فشيئاً في واقع الحياة الصلب، أو في حتميات الكون والتاريخ. فتظهر الحياة، لولا طقوسها وعاداتها ووسائل الحضارة فيها، قاسية عنيفة، تسبب له الشعور بالقلق والاضطراب. ورغم كل ما تحقق من تطور، على صعيدي العلوم التكنولوجية والإنسانية، لابد لأي إنسان واقعي أن يكتشف أنه أمام صراع حقيقي مع الحياة. فمرّةً يجد نفسه وحيداً لا يشعر به أحد. وأخرى يتعثر باضطرابات نفسية لا يعرف سببها، حيث المكبوت فيه، في لا وعيه الإنساني، يسيِّرُ تصرفاته، فيشعر بانعدام حرية أحب أن يتمجد بها. وكم هو قاسٍ ومؤلم عليه حين يصطدم بمحدوديته: إنه لا يستطيع أن يفعل ما يريد، ولا يحقق ما يرغب، ولا يكون ما يشاء. يطمح إلى المطلق، ويجد نفسه أسير جسد وعقل لا حول ولا قوة لهما، مقيدين بحدود الزمن والمكان. يرفض أن يكون إلا مميزاً، ولا يحب، بذات الوقت، أن يظهر شاذاً عن غيره. يرغب في إعلان أمجاد ماضيه ويقلق ألا تنكشف كبواته. ويقلق أيضاً لمستقبله، كالاختيارات الكبرى، العمل والزواج والثقة بالآخرين. أو الالتزام بخطوة جديدة تساهم في تغيير أو تعديل مسرى حياته. كما يقلق حين يسعى للوصول إلى هدف يحلم بتحقيقه أو إلى إنجاز يطمح بتنفيذه أو انتساب إلى جماعة يرى مكانه المناسب فيها. وقد يكون سبب القلق هو الآخرين حين يصدرون أحكامهم أو عدم تفهمهم . إن محدودية الآخر تقلقنا . وقلقه أيضاً يقلقنا.

قد يؤدي الشعور بالقلق عند البعض إلى حالة مرضية، لا نحب التوسع فيها، إذ هي من اختصاص الأطباء والمحللين النفسيين، ولكي نعطي القلق الطبيعي قيمة تميّز الإنسان السوي تدفعه إلى المشاركة مع الآخرين والطموح وتغذي عنده الإصغاء لهمسات الروح، إذ أننا، لا نزال كما في كل حين، "نئن في الباطن منتظرين التبني.. والروح أيضاً يأتي لنجدة ضعفنا.. ويشفع فينا بأنات لا توصف بما يوافق مشيئة الله (رو 8/ 22...).

قلق الإنسان المعاصر : قلقٌ وجودي..

يتحمل الإنسان المعاصر، رغم كل وسائل الحضارة وتطورها، قلقاً صعباً. فتتكاثر نداءات النجدة من الفشل والعزلة والمرض والاختيارات الهشة، وتتعالى أصوات الاستغاثة من اليأس، وفقدان المعنى، والشعور باللامعقول والفراغ. يقول الفيلسوف الوجودي الملحد جان بول سارتر: "إن الإنسان حماسة لا فائدة فيها.. فيولد بلا سبب، ويستطيل به العمر أو يقصر دون إرادته، ويموت بمحض الصدفة". ويشاهد ألبير كامو العبثية في حياة الإنسان. فهو كسيزيف، بطل الأسطورة، يحمل كل يوم صخرة الحياة، ويصعد بها إلى قمة الجبل، إذ يظن أن السعادة هناك، وما إن يصل إلى القمة حتى تتدحرج الصخرة إلى الأسفل، فيعود مجدداً للفعل ذاته، وتتدحرج الصخرة مجدداً، ويكرر هذا العمل إلى لانهاية دون جدوى، لن تستقر الصخرة على القمة أبداً! وبالتالي لن يصل الإنسان مهما فعل إلى ملء السعادة! وكما يقول فان كوخ: "لن ينتهي الشقاء".

ويعلن المجتمع المعاصر عن قلقه أمام تفشي المادية، وفقر القيم الإنسانية، والجوع للمحبة والسلام والعدالة، فيظهر الإنسان المعاصر متألماً من جشع الناس واستغلالهم وأنانيتهم. وسرعان ما يلملم جراحه ليكون هو الآخر كغيره يعامل الآخرين بالمثل، فيشئهم لخدمة مصالحه واستهلاكاته. وتتحيّد من مفرداته كلمات التعاون والمجانية والعطاء، يخافهم ويخافونه، يتجنبهم ويتجنبونه، فيظهر "الآخر، حسب تعبير سارتر، جحيماً".

وينصهر "القلق الجحيم" في بوتقة "البنى العليا" الحضارة المعاصرة، حيث التصارع من أجل التسلح وكل ما فيه من تفنن وتطور، فآلات الدمار تلغي المسكونة عدة مرات بلحظات. كذلك آفات التضخم المالي والانهيارات الاقتصادية، واستغلال الشعوب بعضها لبعض، وانحطاط الأخلاق العائلية، وتسويق السموم والمخدرات والدعارة، والحروب الإقليمية والدولية والأهلية، والاضطهادات والمشاكل العرقية والمذهبية، وتقوقع الإيديولوجيات، وانحراف الردات الأصولية، والتهجير وتغير التوزع الديمغرافي.

ويئن الإنسان قلقاً أمام الأمراض المتنوعة التي لا شفاء منها ويخاف الموت وقد تعددت مظاهره ويضطرب أمام الكوارث وهيجان الطبيعة. يقول هيدغر الفيلسوف الوجودي: "إن القلق الصادر عن الشعور بالموت والعدم هو قطعاً أشد قلقاً يعانيه الإنسان". قد لا يخيف الموت بحد ذاته، ولكن الشعور بالموت هو حقاً أصعب قلقٍ يعانيه الإنسان.

أمام مظاهر القلق هذه، يطرح السؤال : لماذا؟ ليجد عدة إجابات عنه عند الإنسان المعاصر، فيقال إن ذلك يسهم في نمو وتطور الإنسانية بحيث أن "القلق يحقق الانتقال من الإمكان إلى الواقع"، وهكذا تنتج البشرية إنجازاتها في التقدم والتطور، ولو كان الفرد فيها فحمة تحترق لمسير قطار نموها. أو ربما يقال أن القلق يساعد في تسويق منتجات الحضارة المعاصرة من تجهيزات حديثة ووسائل الراحة والرفاهية وابتكارات الاستهلاك.

في كل الأحوال، علينا أن ننتبه إلى القمح داخل الزؤان. نحن نفهم أن الإنسان إنما هو قلِق لأنه يبحث عن صورة كيانه. إذ "لا يستريح إلا حين يستقر في قلب الله"، كما يقول اغسطينوس المغبوط. هذه الاستراحة ليست فقط في "الأبدية"، إنما هي محطة لـ"الآن" أيضاً، كما لكل آن. كما يكشف ذلك الكتاب المقدَّس وخبرة يسوع المسيح.

القلق في خبرة الكتاب المقدَّس:

إن الكتاب المقدَّس هو خبرة الإنسان في علاقته مع الله، التي على ضوئها يحاول الكتَّاب الملهَمون أن يقدِّموا المعاني الإيمانية لمختلف مواقف الحياة، لتكون لنا بمثابة نماذج حقيقة تساهم في نضوجنا وتثبيت وتنمية إيماننا. وللقلق في الكتاب المقدّس معانٍ واختبارات حياتية عميقة، نقرأها وكأننا نقرأ واقعنا. فهو الكرب والضيق (لو22/44). الكآبة والطريق المسدود (هوشع13/8-22، حكمة11/25، لو21،25). هو تعبير عن الانسحاق والظلم (2كور4/8، 6/4و12). علامة الخوف والشدة (لو8/37). معاناة المرض (مت4/24، لو4/3.

لا يخشى الكتاب المقدَّس أن يطرح تذمر مواطنيه حول جميع مظاهر القلق المُتعبة، ليُحيطها بكمٍ من التساؤلات والاستفسارات عن السبب وعن كيفية معايشة واقعٍ كهذا ، وخصوصاً عن دور الله في هذه المعاناة. ولكن، هل من جواب؟..

1- القلق في العهد القديم:

رغم أن كتاب المزامير، وهو صلاة الكتاب المقدَّس، يعطي المكانة الأولى على صفحاته لتمجيد وحمد الله والثقة به وبعنايته التي تسهر على المؤمنين وتدافع عنهم (23،27،33،37،92،..)، لا يتأخر أيضاً في إعلان صرخات الاستغاثة ونداءات النجدة تعبيراً عن القلق الذي يُعانيه المصلّي. ونستنتج من ذلك أن هذه الصرخات والاستغاثات تقوّي الإيمان وتُثبت الثقة بالله وبمواعيده بأن يمنح سلاماً حقيقياً. وهي أيضاً تدعو لمراجعة الحياة وتقييم الأمانة لله (22، 107، 143، ..).

أما قلق الأنبياء في الكتاب المقدس فهو شهادات حيّة عن هذا الاختبار.

"لقد كان إيليا مثلنا، إنساناً خاضعاً للآلام" (يعقوب5/17)، أقلق آحاب والشعب بإعلانه غضب الله بسبب ابتعادهم عن عبادته (1ملوك16-1. ولكنه هو الآخر يقلق من وعيد إيزابل، فيهرب إلى البرية خائفاً من وجه الملكة التي حطَّم أصنامها. وفي البرية يفتقده الله بالسلام ويعتلن له "بالنسيم العليل" (1ملوك19/1-..). يظهر القلق هنا سبباً للعودة إلى الله بالتوبة واكتشاف ضعف الإنسان مهما امتلك من قوّة. وتبدو البرية هنا، حيث الصمت والفراغ، مكاناً مناسباً للإنسان لكي يصارع الحياة باحثاً عن السلام الحقيقي (أنظر: لو4/1-..).

لم يخشَ إرميا، ككاتب المزامير، أن يصرخ أمام وجه الله، ليعلن عن احتجاجه وقلقه تجاه تفشي الشر والخطيئة: "عادلٌ أنت يا رب، وإن حاججتك!.. لماذا ينجح طريق الأشرار؟.." (أرميا12/1). أيُّ سؤال يضع الغصة في حلوق الأبرار أمام صمت الله تجاه شرور الأشرار!؟.. ولكن هل يمكن لله أن يستعيد حرية إنسان لمجرّد إساءة استعمالها؟! (لو15/10-31).. وهو من يُطلع شمه على الصالحين والأشرار.

وما أصعب قلق ارميا حين يختبر الشك وقد كرس حياته كلها لخدمة الإيمان (أرميا 5/10-21). أن أعنف قلقٍ للمؤمن، دون شك، هو قلق الشك.

ها هو كتاب أيوب يجمع كل أشكال القلق البشري. فبعد حياة كريمة يعيشها أيوب البار، حيث كان له من كل مباهج الحياة، يفقد كل شيء. ويصاب بالمرض العضال، ويتخلى عنه ذووه وكل من حوله حتى زوجته. وتتهامس حوله تساؤلات التشكيك في برارته وإيمانه (32). فيصرخ متنهداً باسم جميع المتألمين دون سبب: لماذا؟!.. (10،19،21/7). فيأتيه الجواب: إن حكمة الله لا حدَّ لها، تفوق البحث. أي إنك لا تفهم معنى لآلمك، الله فقط يفهم. ولكي لا يبقى هذا السؤال معلقاً دون إجابة، يُختم الكتاب بأن يعيد الرب لأيوب مكانته، ويزيده ضعف ما كان عليه قبلاً (42/..). لو لا هذه الخاتمة لن نستطيع أن نفهم ألم أيوب وقلقه خارج المسيح "عبد يهوه" المتألم دون سبب. يتألم لأنه إنسان. ولأنه كذلك سيفتدي الإنسانية المتألمة بأن يرفعه الله وينهضه من أهوال الموت (أشعيا 53/1-00).

******غابت شمس الحق وصار الفجر غروب وصدر الشرق انشق وتسكرت الدروب منرفض نحنا نموت قولون رح نبقا أرضك والبيوت والشعب اللي عم يشقا هو إلنا ياجنوب يا حبيبي ياجنوب ******
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04918 seconds with 10 queries