2 انا نائمة وقلبي مستيقظ.صوت حبيبي قارعا.افتحي لي يا اختي يا حبيبتي يا حمامتي يا كاملتي لان راسي امتلأ من الطل وقصصي من ندى الليل3 قد خلعت ثوبي فكيف البسه.قد غسلت رجليّ فكيف اوسخهما
يا لها من صورة دقيقة للمعاملات المتبادلة بين الله والأنسان ، فقد عاش الأنسان زمانا طويلا وهو مسترخى ومهملا خلاصه بالرغم من كل الأمكانيات التى قدمها له الله ليكون متيقظا ، لقد أراد الله أن يجعله أبنا للنور والنهار ، لكن الأنسان أصر أن يحول زمان غربته كله ليلا يقضيه نائما حتى وإن كان قلبه متيقظا .
لقد أعطى الله للبشرية الناموس الطبيعى ييقظ قلوبهم حتى أنهم بلا عذر ، وأعطاهم الناموس المكتوب ، لكنهم إذ أخطأوا فى الناموس فبالناموس سقطوا تحت الدينونة .وأرسل الله أنبياءه ، لكن ماذا فعلت البشرية بهم ؟ يقول الرب نفسه : " يا أورشليم يا أورشليم يا قاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين إليها ، كم مرة أردت أن أجمع أولادك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها ولم تريدوا ! ؟ ( مت 23 : 37 )
وأخيرا " صوت حبيبى قارعا " .... نزل " كلمة الله " نفسه إلى الأنسان يقرع باب قلبه ... يقف أمام النفس يرجوها أن تفتح له ، نزل شمس البر ودخل زماننا الذى جعلناه ليلا ، لكى يضىء علينا نحن الجالسين فى الظلمة وظلال الموت ، فنقوم من غفلتنا ! . لعل الحديث هنا خاص بالنفس التى دعت المسيا عريسها لها ، لكنها عادت فاسترخت فى حبه ...
صوت الحبيب هنا يعاتب فى رقة ، فلا يجرح مشاعر القلب ، بل يشجع عروسه فيدعوها أخته وخليلته وحمامته وكاملته ...
أما تكراره السؤال " افتحى ، افتحى لى .... " فربما يوضح الدعوة المتكررة للبشرية فى العهدين ، القديم والجديد ، فإن الله لم يتغير ، ولا دعوته قد تغيرت ، إذ يطلب أن ينفتح له القلب ويقبله .
وفى تكراره الدعوة أيضا اعلان عن كمال حرية النفس ، فهو الخالق والسيد والملك لكنه لا يقتحم النفس اقتحاما ، إنما يتوسل إليها أن تفتح له ..... أخيرا يتوسل إليها بكونه " حامل الآلام والأحزان " من أجلها ، إذ يقول لها :
" لأن رأسى امتلأ من الطل ، وقصصى من ندى الليل " ( نش 5 : 2 )
إن كنت قد جعلتى زمانك ليلا بلا نهار ، فصارت حياتك نوما ، فإنى بالحب أقتحم الزمن وأدخل إلى هذا الليل لا لأنام بل لأحمل أهوال الليل عنك ، بالفعل دخل السيد البستان ليلا ، ونام تلاميذه ولم يقدروا أن يسهروا معه ساعة واحدة ( متى 26 : 40 ) ، أما هو فكان يدخل إلى العمق يتسلم كأس الألم حتى يشربه عن البشرية كلها ... فى البستان كان " يحزن
ويكتئب " ( متى 26 : 37 ) . كان يصرخ : نفسى حزينة جدا حتى الموت " ، وكانت قطرات العرق تتصبب كالدم !!
إنه يناجيها ويطلب أن تفتح له من أجل ما أحتمله بسببها فى تللك الليلة العاصفة الممطرة ، أما هى فقدمت اعتذارات بشرية غير لائقة ، وتحدثت بغير اكتراث ، فلم تدعوه ربها أو سيدها ، ولا حتى نادته بأسمه ، ولا ذكرت أحد ألقابه ، بل قالت :
" قد خلعت ثوبى فكيف ألبسه ؟ ! قد غسلت رجلى فكيف أوسخها ؟ ! نش 5 : 3
يا لها من حجج واهية ، تقدمها النفس فى فتورها الروحى ... اعتذار لعدم فتح القلب لذاك الذى تعلم عنه تماما أنه يحبها ، أنها صورة للأنسان وقد ضن على نفسه أن يتحمل يسيرا من التعب لأجل تحقيق اللقاء مع السيد المسيح بالرغم من الكثير الذى دفعه السيد !!
إن كانت قد خلعت ثوبها ، فالسيد المسيح نفسه هو الثوب الأبدى الذى يسترنا ، كقول الرسول بولس " قد لبستم المسيح " غل 3 : 27 . .... السيد المسيح يعطيها روحه لكى تلبسه ، كسر حياة فيها ،
إن كانت قد غسلت رجليها ، فلتعلم أن القارع على الباب هو سيدها الذى يتمنطق ويغسل أقدام عروسه ، هى غسلتهما بمياة برها الذاتى لكى يستريح ضميرها إلى حين ، لكن إذ تمتد يدى الرب لغسل قدميها يصير لها راحة فى ملكوته الأبدى ، لهذا قال الرب لبطرس الرسول : " إن كنت لا أغسلك فليس لك معى نصيب " ( يو 13 : 8 )
إذن فلنقم من سرير " الأنا " أو " الذات البشرية " ونتقدم لعريسنا الذى يسترنا بدمه ويلبسنا روحه القدوس ، كما يغسل حياتنا حياتنا الداخلية فنحيا مقدسين له .
==========================

أدركت أننى سقطت عندما ازادت المسافة بين ركبتى و الأرض