مرشد نفسي : الدعارة ناشئة عن اختلال في النظام الاجتماعي .. وفضح الداعرات يساعد في علاج هذه الظاهرة
وللوقوف على الجوانب النفسية التي تدفع الفتاة إلى المتاجرة في جسدها وامتهانها الدعارة التقينا الخبير والمرشد النفسي " أحمد عيسى " الذي قال لـ عكس السير: " الحياة بشكل عام قائمة على نظام متماسك ، سواء في الاسرة أو حتى على مستوى المجتمع بشكل كامل ، والدعارة هي نتيجة لخروج الفتاة أو الشاب عن هذه المنظومة ".
وتابع " معظم الداعرات نشأن في أسرة مفككة وهشة ، يغيب فيها سيطرة الرجل وقيادته ، الأمر الذي يشكل لدى الفتاة ردة فعل تجاه الرجل وتحاول الانتقام منه ، فتسعى إلى إذلاله ، والداعرة ترى في المال الذي تكسبه من الرجل إذلالاً له ، لذلك فهي ترى الرجل عبارة عن وحش وذئب ، فتقوم ببيعه جسمها مقابل امتلاك القوة التي تراها في المال ".
وأضاف " وإلى جانب عامل التفكك الأسري يأتي الفقر ، وتأتي الظروف الخاصة المقترنة في كل حالة على إحدى ، ولكن يبقى السبب الرئيسي هو ابتعاد الفتاة و الشاب عن الضوابط التي تشكلها العلاقات الطبيعية والتي تشكل بمجملها منظومة تضبط تصرفات الفتاة والشاب ".
واستطرد " ويرتاد بيوت الدعارة عادة واحد من ثلاثة أصناف من الرجال ، إما المراهقين الذين يبحثون عن تجربة جديدة ، أو الشبان الذين يعانون من ضعف في الثقة الجنسية ، فيحاولون إثبات ذاتهم بأن يؤكدوا لأنفسهم أنهم قادرون على ممارسة الجنس ، أو الزعران الصنف الأكثر ارتياداً لهذه البيوت ، والأزعر حاله كحال الداعرة ، فهو شاب خرج عن نظام وضوابط المجتمع ، وغالباً ينشأ في أسرة مفككة ".
وعن الطريقة التي يمكن من خلالها مكافحة ظاهرة " الدعارة " قال " عيسى " لـ عكس السير : " يحتاج الأمر إلى مشاركة بين مختلف القطاعات ، حيث تبدأ المكافحة بتشديد الرقابة على هذه البيوت وتشديد العقوبة ، ومن المعروف أن الشرطي مثلاً يذهب لكي يضبط شبكة للدعارة فينهي مهمته بمضاجعة إحدى الداعرات ".
وأضاف " كما انه من المعلوم أن بعض الداعرات تكون على علاقة طيبة مع شخصيات متنفذة , الأمر الذي يجعل مكافحة هذه الظاهرة صعب جداً ، لذلك لابد من تشديد الرقابة على بيوت الدعارة وعلى المسؤولين عن مكافحة هذه البيوت ".
وأكمل " لذلك وفي ظل الظروف الاجتماعية السائدة يجب على وسائل الإعلام أن تلعب دوراً كبيراً في فضح الداعرات ، عن طريق الأخبار ونشر الأسماء ، وحتى البرامج التلفزيونية ، التي تشكل بمجملها عقوبة اجتماعية تكون أقوى من العقوبة القانونية ، وتمنع في الوقت ذاته المسؤولين عن مكافحة هذه الظاهرة من التلاعب والتستر ".
ويرى " عيسى " أن الرجل الذي يقصد بيوت الدعارة بسبب عدم تلبية زوجته لاحتياجاته الجنسية " خارج عن النظام الاجتماعي لأنه لم يستطع أن يعالج الخلل وعدم الإشباع الجنسي بشكل مباشر مع زوجته وبالأساليب الصحيحة ، كالمصارحة ، والتفاهم ، وحتى الاحتكام والطب ، فاللجوء إلى الداعرة لإشباع الغريزة ليس حلاً " بحسب الخبير النفسي .
وختم المرشد النفسي " في ظل الأوضاع العالمية السائدة ، من ثقافة انفتاحية قد لا تتناسب مع جميع المجتمعات ، والمحافظة بشكل خاص ( مثل سوريا ) والفقر ، وغياب للثقافة الجنسية ، يجب علينا أن نكافح هذه الظاهرة ، وأن تلعب الحكومة دوراً راعياً لمكافحتها ، وإلا فمجتمعنا مهدد بانهيار منظومته بشكل كامل ".
الأب آشجي : الدعارة خطيئة كبرى ، وعلينا أن نتحرك لمكافحتها
ومن جهة أخرى قال الأب " عابد آشجي " لـ عكس السير : " إن الدعارة هي خطيئة كبرى ، وخروج عن النظام البشري السائد ، فالرجل الذي يتزوج يعلن لجميع الناس أنه يمارس الجنس مع زوجته ، وفي الوقت نفسه تعلن الزوجة أنها تمارس الجنس مع زوجها ، ولكن بشكل مشروع فممارسة الجنس ليست المشكلة ، المشكلة تكمن في انحراف سلوكيات الشخص وخروجه عن الطبيعة الإنسانية " .
وتابع " المرأة التي تمتهن الدعارة وتتاجر بعفتها تتحول إلى اللاإنسانة ، وتتسبب بتكوين نظام اجتماعي غرائزي لا إنساني ، ولكن مع ذلك فطريق العودة إلى الله مفتوح ، وتستطيع الداعرة العودة إلى الطبيعة الإنسانية التي شرعها الله ، وكل ما تحتاجه هو تحرك جماعي ، ورعاية على جميع المستويات ".
وأضاف " من خلال متابعتي لوسائل الإعلام ولتفاصيل المجتمع لاحظت انتشار هذه الظاهرة بشكل كبير ، ولكن مع ذلك فقد شهدت من خلال عملي ككاهن في الكنيسة توبة عدد كبير من الفتيات ، فباب التوبة مفتوح ، علينا أن نكون عقلانيين في التعامل مع هذه الحالات ، الداعرة وليدة ظروف معينة ، وأفكار وتأثير معين ، وبإزالة المسببات وبدعم بسيط ورجوع إلى الله نتمكن من القضاء على هذه الظاهرة ".
بيوت مرخصة للدعارة ... وجدل
انتشرت في عام 1900 ظاهرة وجود بيوت مخصصة لممارسة الجنس كان يطلق عليها اسم " منزول " وذاع صيتها في نهاية الاحتلال العثماني وزمن الاحتلال الفرنسي لسوريا ، قبل أن يتم إغلاقها عام 1970.
وتنتشر في العديد من دول العالم ظاهرة ترخيص دور مخصصة للممارسة الجنس تخضع للرقابة الصحية والطبية والحكومية ، ويطالب كثير من المفكرين بترخيص دور لممارسة الجنس الأمر الذي " يمنع ظاهرة الدعارة السرية وما يتلوها من تفشي للأمراض وانتشار للشذوذ " بحسب رأيهم .
و يرى أحد المفكرين ان وجود بيوت الدعارة المرخصة " قد تكون حلاً في حال عدم جدوى الحلول الأخرى ، ففي المجتمعات التي لا يمكن فيها ضبط السلوكيات الجنسية ، يمكن أن تحصن هذه البيوت المجتمع بحيث تصبح مكاناً واضح المعالم للخارجين عن المنظومة الاجتماعية ، وللداعرات ، الأمر الذي يضمن عدم تفشي الأمراض الاجتماعية المتعلقة بالجنس في الحارات والبيوت المحافظة ".
ومن جهة أخرى رفض المرشد النفسي " أحمد عيسى " فكرة بيوت الدعارة المرخصة ، واعتبرها " تصرف يزيد الطين بلة " وقال لـ عكس السير : " إن الدعارة بوضعها الحالي تزداد تفشياً على الرغم من كونها سرية ، ومعيبة فما بالك بوجود بيوت تسهل هذا الموضوع ، الحصول على الجنس بين المراهقين حالياً صعب ، ومخجل للمراهق ، ولكن في حال ترخيص عمل هذه البيوت يصبح سهلاً ويساعد على تفشي الظاهرة بدلاً من ضبطها ومكافحتها ".
بينما يرى آخرون إمكانية ترخيص بيوت للدعارة تعمل وذلك بإيجاد ضوابط معينة تمنع المراهقين وصغار السن من دخول هذه البيوت .
ويبقى موضوع ترخيص بيوت للدعارة أمر مثير للجدل بين مؤيد ومعارض على الرغم من عدم سن قانون أن أو حتى مشروع قانون يلمح لإمكانية حصول مثل هذا الأمر حتى على المنظور البعيد و" البعيد جداً " .
داعرات أجنبيات .. وتقصير حكومي
وإلى جانب السوريات ممتهنات الدعارة تقف مجموعات كبيرة من الأجنبيات ( من جنسيات أوروبية وآسيوية مختلفة ومعظمهن روسيات ) دخلن إلى سوريا بحجة العمل ( عمل آخر غير الدعارة كالرقص مثلاً ) ، حيث ينتشرن بكثيرة في النوادي الليلية ذات الأربع والخمس نجوم .
وقال المرشد النفسي " أحمد عيسى " والذي أعد دراسة حول الدعارة في سوريا أن الحكومة مقصرة من جهة مراقبة هذه الوافدات ، وقال " في معظم دول العالم المتقدمة تفحص الوافدة فحصاً طبياً دقيقاً قبل دخولها البلاد ، وتوضع تحت المراقبة ، وفي حال وجود أية شكوك حول امتهانها للدعارة تخضع لفحص طبي متكرر كل ستة أشهر ، وفي حال ظهور أية أعراض مرضية ترحل ، و هو أمر غائب وغير مطبق في سوريا ، الأمر الذي يفسح المجال بشكل كبير للوافدات للعمل في الدعارة سواء بإرادتهن أو حتى بشكل إجباري ".
الدكتور محمود عكام : نعاني من دعارة متفشية من جميع الأشكال والمجتمع مهدد بالانهيار إن لم نتحرك
ومن جهته قال المفكر الإسلامي الدكتور " محمود عكام " لـ عكس السير " إن للدعارة أشكال عديدة ، فكرية ، ثقافية ، اجتماعية ، وجسدية وغيرها ، ونحن نعاني من دعارة متفشية من جميع الأشكال ، فعقولنا تلوثت بالدعارة وأفكارنا ملوثة ، وعادتنا ملوثة ، ولذلك يجب علينا التحرك على جميع المستويات ".
وحمل المفكر الإسلامي الحكومة مسؤولية مكافحة هذه الظاهرة عن طريق وضع مخطط متكامل " يبدأ بالثقافة الجنسية للأطفال في المدارس ، ويمتد إلى الإعلام ، وتشديد الرقابة ، ورفع مستوى المعيشة وتأمين السكن للشبان كي تمكنوا من الزواج وصولاً إلى تطبيق قوانين صارمة بحق ممتهني الدعارة ".
وقال الدكتور " عكام " لـ عكس السير : " إن أمن المجتمع من أمن الحكومة ، وتفشي أي مرض اجتماعي سيهدد امن المجتمع , لذلك يتوجب على القائمين على الحكومة الاستنفار ومواجهة الانحطاط الاجتماعي الذي بات سائداً ، والذي يزداد يوماً بعد يوم بشكل جنوني ، خصوصاً مع وجود وسائل الاتصال من الفضائيات الإباحية والمواقع الجنسية وغيرها ، يجب علينا أن نستنفر حكومة وشعباً ومنظمات ورجال دين ، ونتعاضد لمواجهة هذه الظاهرة ".
يذكر أن الشريعة الإسلامية شددت العقوبة بالنسبة للزنا إلى السجن والجلد وحتى القتل في حال كان الزاني متزوجاً وقال الدكتور " عكام " : " العقوبة التي جاء بها الإسلام هي عقوبة رادعة قبل أن تكون عقوبة لمخالفة شرعية ، والهدف منها تحصين المجتمع ".
إعلامي : غض الطرف عن القضايا الحساسة في المجتمع لا ينفي وجودها
وتختلف شرائح المجتمع في قضية الإشارة الإعلامية إلى بعض القضايا الحساسة في المجتمع , حيث يرى البعض أن التعاطي مع هذه القضايا يساهم في " إشاعتها " بين الناس , الأمر الذي لم يتوافق مع رأي الصحافي عبد الله عبد الوهاب رئيس تحرير موقع عكس السير .
قال " عبد الوهاب " : " إن غض الطرف عن القضايا الحساسة في المجتمع لا ينفي وجودها , فسياسة النعامة لا تفيد في نفي وجود الظاهرة , والأمر يحتاج إلى جرأة في مواجهة الظاهرة الشاذة في نسيج المجتمع , كخطوة أولى للوصول إلى حالة مجتمعية سليمة " .
وأكد رئيس التحرير على أسلوب المعالجة الجدي في التعامل الإعلامي مع القضايا الحساسة , مشيراً إلى وجود خيط رفيع بين ما أطلق عليه " الفضائحية " و " الأكاديمية " في معالجة هذه القضايا .
ورفض " عبد الوهاب " بعض الاتهامات التي توجه إلى موقع عكس السير بكسره بعض " التابوهات " في مجتمع يوصف بـ " المحافظ " , مؤكداً على أن ما يطلق عليه " تابوهات " هو مجرد " أوهام " خلقناها بأنفسنا , خوفاً من مواجهة الحقيقة , وأن عكس السير مستمر في مواجهة كافة الظواهر الشاذة في المجتمع , لأن هذه المواجهة تشكل جزءا مهماً من مهمة الرسالة الإعلامية ( على حد تعبيره ) .
خبير قانوني : القانون السوري يعتبر الدعارة جنحة ويعاقب المرأة ويغفر للرجل
ومن جهته قال المحامي علاء السيد لـ عكس السير " كانت بيوت الدعارة في سوريا منتشرة وبشكل قانوني حتى عام 1958 ، حيث أصدر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر القانون رقم 10 للقطرين السوري والمصري المتحدين حينها ، قضى هذا القانون بإلغاء البغاء وإغلاق كل دور الدعارة التي كانت مرخصة في السابق" .
وتابع " ويعتبر القانون وهو نفسه الساري حتى اليوم الدعارة جنحة ، ومن غرائبه أن الرجل لا يعاقب بأي عقوبة في حال ضبط مع فتاة دفع مالا لممارسة الجنس معها ، بل تعاقب الفتاة فقط ، ولم يتم تعديله حتى الآن ، ويكفي ان يصرح الرجل أمام القضاء انه قد دفع مبلغ نقدي لممارسة الجنس حتى يعفى من أي عقوبة و يخلى سبيله فوراً ، وأعتقد بانعدام العدالة في هذه الفقرة من القانون التي تجيز للرجل ممارسة الدعارة بدون أي عقوبة بينما تعاقب المرأة بشدة " .
وأضاف المحامي " السيد " : " أما عقوبة من يسهل الدعارة (القواد ) فهي الحبس حتى ثلاث سنوات ، ويحكم بإغلاق المكان الذي تمارس فيه الدعارة ومصادرة الأمتعة والأثاث الموجود فيه ، وفي حال قام القواد بإكراه وإجبار الفتاة على الدعارة تكون العقوبة الحبس حتى خمس سنوات وفي حال استخدم القواد فتاة قاصراً عمرها دون السادسة عشر ،تشدد عقوبته وتصل حتى الحبس لسبع سنوات " .
واستطرد " في حال كان من يسهلون دعارتها أبوها أو شقيقها او زوجها ، سواء كانت قاصراً أو غير قاصر ، تشدد عقوبتهم كذلك ، وتصل حتى الحبس سبع سنوات . أما مالك أو مؤجر بيت الدعارة ، الذي سلمه لقواد يديره وهو عالم بنشاط البيت ، فيعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر وحتى ثلاثة سنوات " .
وأكمل " أما الفتاة التي تمارس الدعارة وتعتاد عليها ويتم ضبطها عدة مرات ، فتعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر وحتى ثلاث سنوات ، وتنتهج أغلب المحاكم حاليا تطبيق الحد الأدنى للعقوبة وهو ثلاثة أشهر ".
وختم بقوله " إن هذا القانون بحاجة إلى تعديل وإعادة دراسة كاملة وخاصة تجاه إعفاء الرجل من أي عقوبة في حال ثبوت دفعه لأموال لقاء ممارسة الجنس مما يوجب تشديد عقوبته بدلاً من إلغائها لأن الخطأ لا يقع على الفتاة والقواد فقط بل يشاركهم الخطأ بفعله ذلك الرجل الذي يخالف الأخلاق والشرائع السماوية و الأعراف الاجتماعية السائدة " .
يذكر أنه لا توجد إحصاءات رسمية أو حتى غير رسمية حول عدد بيوت الدعارة في سورية كونها " سريـّة " ، إلا أنه وبحسب الخبراء فقد ازدادت بيوت الدعارة بكثرة خلال السنوات القليلة الماضية ، وتسعى الحكومة إلى مكافحة هذه الظاهرة عن طريق تفكيك بعض الشبكات وضبط الداعرات وتحويلهن إلى القضاء ، إلا أنه وبحسب الداعرة " رولا " لا يؤثر على عمل الداعرات اللواتي يتمتعن بمعرفة تامة لثغرات القانون بطريقة تخفف العقوبة وتجعلهن يكملن عملهن بعد قضاء فترة العقوبة التي " تكون مخففة بسبب استفادتهن من بعض الثغرات القانونية " على حد قولها .
الفهيم بيريح
لك تاري الحمار لو شو ماسلموه بيصدق حالو وبدك تناديلو سيد حمار
|