وفي حفل أكثر من رائع انتقلت انشراح الى بيت الزوجية في العريش. . تحفها السعادة بحبيبها الذي أيقظ فيها مشاعر دفينة لم تكن تدركها. . وأرسل الى قلبها سهام الحب فأسلمت اليه نفسها.. وتدفقت موجات متلاحقة من الحب مع كل نبضة من نبضات قلبها الصغير.
كان إبراهيم شاهين يعمل كاتب حسابات بمكتب مديرية العمل بالعريش. . وهو أيضاً لم يحصل سوى على الإعدادية مثلها. . لذلك. . اتفق وانشراح على أن يواصل أولادهما تعليمهم حتى أعلى الشهادات العلمية. . وأصبح هذا الأمل هو هدفهما الذي يسعيان اليه ويعملان على تحقيقه مهما كانت الظروف.
ومرت بهما الشهور حلوة هنيئة تحفل بالبشاشة والانسجام. . فلم يكن إبراهيم يرى في الدنيا زهرة أجمل من وجه حبيبته. . ولا يسمع صوتاً أرق من صوتها. . ولا يظل عقله بمكانه كلما انفرد بها وهي ترقص له بملابسها الشفافة.. فهي تحب الرقص ويستهويها الجنس .. وهو يعشق هذا الجسد الذي يتلوى وينثني أمامه عارياً. . وتحول الجنس عندهما كالهواء، ماتا لو لم يتعاطيانه كل يوم. . إنه يطلبه منها صراحة. . وتطلبه هي تدللاً، وبنظراتها فوران من الرغبة كالجحيم. وكانا إذا ما أظلتهما سحابة حزن فسريعاً ما تنقشع. . حتى اشتهر حبهما بين الأهل والأقارب وبدا قوياً عتياً لا يقطعه الملل أو يضعفه الكلل.
وفي أواخر عام 1955 زرقا بمولودهما الأول "نبيل". . ثم جاء المولود الثاني محمد عام 1956، ثم عادل في 1958، فعظم حبه لها لأنها ملأت عليه الدنيا بهجة. . وملأت بيته بضجيج الأبناء الثلاثة. . وهكذا سارت بهما الحياة ترفل في أهازيج الفرح وأغاريد الوئام.
وفي عام 1963 – وكما اتفقا من قبل – أرسلا بأولادهما الى عمهم بالقاهرة ليواصلوا الدراسة هناك. . وليعيشوا حياة رغدة بعيداً
عن مظاهرة البداوة وظروف الحياة الأقل حظاً من العاصمة.. وفي أكتوبر 1966 ضبط إبراهيم يتلقى الرشوة وحبس ثلاثة أشهر.. خرج بعدها ليكتشف مدى قسوة الظروف التي تمر به. . والمعاناة الشديدة في السعي نحو تحقيق آماله في الارتقاء والثراء.
وذات يوم من أيام التاريخ المكفهرة – اجتاحت إسرائيل سيناء واحتلتها في يونيو 1967 . . وأغلقت فجأة أبواب السبل أمام السفر الى القاهرة. . فتأزمت انشراح نفسياً قلقاً على أولادها. . وكانت كلما نامت تراهم في المنام يستغيثون بها فتصرخ وتستيقظ. . ويحتضنها الزوج الملتاع في حنان ويهدئ من روعها. . وإن كان هو الآخر لا يقل عنها قلقاً واشتياقاً لهم.
يتبع . . . 