بعد وفاة الزعيم
منذ تولى أنور السادات الحكم في مصر خلفاً للزعيم جمال عبد الناصر في 20 ديسمبر 1970، اتجه في سياسته كلية الى استراتيجية المصالحة مع إسرائيل التي كانت في اعتقاده الشخصي هي أسهل الطرق وأقربها للوصول الى الزعامة العربية التي ينشدها عن طريق حل سلمي لمشكلة الشرق الأوسط بمشاركة أمريكا، وما يتبع ذلك من حقن للدماء ورخاء. ولميكن السادات يهتم كثيراً بمضمون السلام أو ضماناته ونتائجه بقدر ما كان يبحث عن زعامة شعبية تفوق زعامة جمال عبد الناصر.
سياسة السّادات
عمد السادات أولاً الى الإطاحة برموز السلطة الموالية لعبد الناصر في مايو 1971، وتفرغ بعدها كلية لفتح قنوات الاتصال السري مع الولايات المتحدة الأمريكية، والانفراد وحده بالسلطة بعد تغيير الهدف الاستراتيجي للدولة، وتهويل خسائرنا في الأرواح والمعدات في حالة الحرب، واستخدام وسائل الإعلام المختلفة لنبذ الحرب وإشهار أسلوبه الجديد في معالجة أزمة الشرق الأوسط والصراع العربي الإسرائيلي. وكان على السادات أن يقضي على أي صوت معارض لآرائه، واتجاهاته.
لذلك تكونت قوة معارضة داخلية أقلقت مضجعه، الى جانب معارضة الاتحاد السوفياتي لسياسيته، فقام بطرد الخبراء السوفييت من مصر، وتسربت الأنباء عن نية السادات في الموافقة على اقتراح لموشي دايان بأن تسحب إسرائيل قواتها شرق القناة لمسافة تتراوح بين 30 – 40 كيلومتراً في مقابل عودة الملاحة الى قناة السويس. وبرغم تنديد السادات للاقتراح الإسرائيلي إلا أنه فكر كثيراً في هذا الحل الذي سيعطيه بريقاً وزعامة لانسحاب اليهود دون إراقة نقطة دماء واحدة.
ولأن المعارضة الداخلية علا صوتها، وطالب النبض الجماهيري بالثأر للكرامة العربية، واسترداد الأرض عملاً بمقولة عبد الناصر "ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة"، كانت معارضة الطلاب في الجامعات المصرية تتخذ أشكالاً متعددة. نجمت عن تفريخ خلايا ناصرية قوية مؤمنة بمبادئ عبد الناصر وخطه السياسي، فظهرت المنشورات السرية بين الطلبة تفيض بالوطنية، وتندد بسياسة السادات ورؤيته للأزمة، وعم الشعور الوطني سائر الطلاب في انحاء الجمهورية، وتعددت بالتالي مطالبهم بالسير على نهج الزعيم السابق لاسترداد الحق المسلوب.
كانت إسرائيل هي الأخرى في حالة غليان لا ينقطع، والتقارير الوافدة اليها لا تكاد تبين الرؤية الحقيقية، أو النهج الاستراتيجي الذي تتخذه الحكومة المصرية إزاء مواجهة الرفض الشعبي لموقفها الغير واضح
من الأزمة.
ومن هنا . . نشط جواسيسها في القاهرة لجس النبض العام المؤثر في الشارع المصري.. وهم الطلاب، الذين حملوا على عاتقهم دائماً منحنيات السياسة والقرار المصري . وكان هؤلاء الجواسيس بالعشرات في تلك الحقبة يمثلون شبكات منفصلة تعمل جميعها لأجل دولة إسرائيل، ومن بينهم كان الجاسوس الشاذ عمر حمودة الذي أرسل خصيصاً الى القاهرة لإعداد تقارير عن الطلاب داخل الجامعات المصرية، بعد نجاحه في مهمته السابقة بجدارة في لبنان، واكتسابه خبرة مخابراتية ومهارية عالية، تؤهله للعمل في مصر دون أن يكشفه جهاز المخابرات المصري.
يتبع نهاية القصّه . . . 