اقتباس:
سوريتي الغافية في أعماقي ، أميرة نائمة كما القصص حكمت عليها لعنة ما فنامت وتجاهلتها ، حتى اليوم الذي كان فيه " هو " وبضعة أصدقاء آخرين ، ليوقظوها في ّ ..
منذ اللحظة الأولى التي التقيته فيها كان من الصعب أن تمر قرب كلماته ولا تلحظه ،
سخريته تصفعك لتقول لك الكثير ، شموخه يبعث فيك نوعا من التحدي ورغبة بملاحقة ما يكتب .. حتى وإن أزعجتك حدته
كانت سوريا معظم ما يشغل تفكيره ، وكانت بالنسبة لي ظلا ً لست أتبين من ملامحه شيئا ً . استعضت عنه بانتمائي لكنيستي ، لأقليتي ، ونسيت أنني قبل كل شيء ابنة ٌ لهذا الوطن
يحبها بصدق ، ويتحدث عنها بشغف لم أعهده قبلا . وبرجولة واثقة يتلو علي ّ أسماء ً علي ّ أن أقرأها .. يقودني إلى الماغوط لأول مرة . معه أقابل أنطوان سعادة كذلك للمرة الأولى ..
يرى عيوبها كلها ويعرفها جميعا ً لكنه يقبلها بعيون المحب ، ويرفض كل من يحاول قص خصلة من شعرها أو ينزع من تاريخها صفحة ..
يتأملها ويبشر بها ..
رغما ً عنك حتى ولو لم تحبه لكنك في أعماقك تشعر بالفخر أنه قد مر في حياتك من هو مثله .
متميز ٌ لا يشبه أحد وعلى التأكيد أنه لا يشبهني ، فنحن ننتمي لعوالم مختلفة ونتبنى قيما ً مختلفة ،
لم نتفق يوما ً ..وأتمنى لو استطيع أن أدعوه اليوم " صديقي " ..
لأنني سأحمل له دوما ً فضل نزع الغبار عن أيقونة الوطن التي في ّ ..
أصابتني عدوى شغفه فبحثت عنها حتى وجدتها
صرخته الغاضبة الساخرة . جعلتني أرى ضعفها فأحبها أكثر ، وأشعر بعظمة مسؤوليتنا تجاهها فأكبر بها
نعم هذا الرجل المعتقل ، قد عرفني على الوطن
اليوم ! بعد سنتين على اعتقاله لتهمة لسنا ندريها بعد ، ولربما اعتقل بتهمة المحبة
يعتقل لشموخه ويبقى عجزنا طليقا ً
ليصبح الحديث عنه مشوبا ً بدمعة خائفة وكلمة هزيلة تخاف من يتابعها
هذا الرجل الذي نثق في أعماقنا ، أنه لن يكفر بوطنه
أنه حر ٌ أكثر منا
ونتمسك بحقنا أن نأمل أن يعود بالقوة التي اعتدناها ، ونتذكر أنه يحتاج أكثر من قيد زنزانة ليُكسر .
سيعود صوتا ً صارخا ً في البرية ، مؤمنا بها رغم كل شي ، ولأجل كل شيء
ليزهر فوق جراح حريته .. ياسمين دمشق
|
الله يحميك يا رب

|