عرض مشاركة واحدة
قديم 28/05/2009   #2
صبيّة و ست الصبايا The morning
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ The morning
The morning is offline
 
نورنا ب:
Sep 2006
المطرح:
Chicago
مشاركات:
7,423

افتراضي القصـّه # 1


و قـالت الشـجره

غمست فرش
اةألوانها للمرة الثالثة في كوب القهوة الخزفيّ ، وصاحت بنزق وبصوت متباك كأنها طفلةتحس بالذنب . ماذا أفعل الآن؟ هل أعد القهوة للمرة الرابعة؟؟ خلال أقل من ساعة؟؟وفكرت.. لم لا تخطىء بالاتجاه الآخر؟ إن كانت تخطىء بوضع الفرشاة في القهوة بدلا منالنفط فلماذا لا ( تخطىء ) وتضعها في الكوب الصحيح؟!!
حملت كوبها بيدها اليمنىوسارت باتجاه المطبخ الصغير الذي يفصله عن صومعتها ، عفوا ، مرسمها قاطع بخزائنخشبية صغيرة تستخدم سطحها لوضع الأطباق والفناجين والفاكهة ، وأحيانا ( لفرْش ) أدواتها وخاماتها اللونية ،وفي حالات خاصة تتربع فوقه وهي ترسم عندما تتعب من طولالوقوف.
ولكي تنفي عن الخزائن صفة المطبخ ها هي قد ثبتت عليها من جهة الصومعةلوحات قديمة من بقايا أيام الدراسة فأضافت بذلك لمسة عفوية جميلة للمكان .
تناولت علبة البن ، وأغمضت عينيها تشتمّ عبير البن الطازج الذي تقيم له طقسايوميا قصيرا بشغف يضاهي رسم لوحة .. تحمص بنفسها حبات البن الخضراء بعناية وتحرقهاقليلا ، ثم تنتقي مطحنة بن من العديد من المطاحن التي تحب اقتناءها ،بعضها خشبيوالآخر نحاسي… بمتعة شديدة تفرغ البن في علبته وتعد قهوتها من بن وماء فقط. لاإضافات .
ها هي الآن تهز العلبة بيدها اليسرى ولا بن ! لا بن تعني لا قهوة لماتبقّى من ليل !!
اقتربت من النافذة التي تطل على الحديقة وكادت أغصان من شجرةالصنوبر السامقةتلامس وجهها ، ورائحتها المنعشة تتخلل رئتيها ولكنها لم تبتسمكعادتها.نظرت أمامها ، ثم ألقت علبة البن إلى الحديقة ، ونظرت إلى الكوب الخزفي الذيتراقصت فوق سطح القهوة فيه دوائر طافية شكلها النفط الآتي من الفرشاة ، وهمت بإلقائهمن النافذة إلا أن يدها الأخرى استطاعت أن تتلقفه قبل أن يهبط على بلاط الأرضيةويتكسر ، فتناثرت قطرات القهوة الملوثة بالنفط على شعرهاو وجهها وثوبها ويديها وكلشيء .تنفست بعمق . الحمد لله أني لم أفعلها .. قالتها وهي تمسح عينيها بظاهر يدها .. لا بأس ، علبة البن معدنية وأحضرها في الصباح .أما أنت؟؟ لا لا وضمته كطفل إلىصدرها .. لقد صنعته بيدها منذ كان تربة جافة وحولته إلى طين شكلته وزخرفته و(خبزته) .زاغت عيناها عن المشهد كله وشردت بعيدا عن الزمان والمكان ، لقد انسحبتإلى لا زمان ولا مكان.. هي الآن غير موجودة . ربما هي كينونة أثيرية لا ملمس لها .. هي هناك فقط . لم يستطع جفناها حبس دفقة من الدمع انهمرت وامتزجت ببقايا القهوةورائحة النفط على خديها ، وشرقت بضحكة لا تفسير لها . قلبت الكوب الخزفي بيد وتحسستقاعدته الخارجية بإصبعي يدها الأخرى السبابة والوسطى وتلمست الحرفين المحفورينعميقا هناك. وما زالت نظراتها خارج النافذة بعيدا في منطقة غير موجودة .هناك . هذهال(هناك)تخلط كل الأمور ، ولكنها قبضت على الكوب بيديها وسارت به إلى حوض الأطباقفغسلته وجففته بعناية وهي تتحسس ملمسه الحي .. إنه طين ، والطين تراب ، وأنامنتراب .. وكلنا إليه..هناك رابط في التكوين الأولي وهذا يكفي.
هو عمر انفلت منعمرها !
هو عنصر مفقود في عناصر تكوينها !
هي أشبه ما تكون بحبة دواء تشفيومصنوعة حسب الوصفة الأصلية ولكن ينقصها مادة ما غير متوفرة محليا ، هي ليست إذنمسألة حياة أو موت .. ذات الشكل وذات الفائدة ولكن التركيب مختلف بما هو غيرملحوظ.
هي كذلك الآن . ترسم ما زالت، تلون الأرض والسماء ولكن ألوانها ليستبدرجة التشبع ذاتها ، ولن يميز أحد هذا سواها .. الحمد لله .
مزيد من دموع غسلتما تبقى من بقع القهوة إلا أنها تحس بلسع في وجهها من أثر النفط.حملت الكوب وصعدتفوق كرسي قريب ووسدته خزانة معلقة في أعلى مكان في صومعتها .. ثم نزلت وسارت باتجاهالماء ، غسلت وجهها واستدارت إلى النافذةوأغمضت عينيها وهي تستنشق عبيرالأغصان الحرجية وتخرج زفيرا متقطعا بحركة كأنها الصفير لتخرج ما تبقى مختزنا منذدهور .. بينما قطرات الماء تقطر من وجهها ، ثم فتحت عينيها تستقطب ما قبل بزوغالفجر من مسحات ضوء لا يبين ، وقالت للشجرة.. سأرسمك الآن . .

حـنان الأغـا

من يومها صار القمر أكبر :)

______

- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 

  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04141 seconds with 10 queries