عرض مشاركة واحدة
قديم 07/05/2009   #2
صبيّة و ست الصبايا sona78
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ sona78
sona78 is offline
 
نورنا ب:
Jun 2008
مشاركات:
1,993

افتراضي تتمة :حقائق لا بد من فهمها


لكن بشكل عام تبقى التهديدات العسكرية هي الأوضح في إثارة الاهتمام لدى الدولة في علاقتها بالدولة أو الدول الأخرى مصدر التهديد. وتوجد ثلاث حالات أو تطورات محددة يمكن تصنيفها على أنها تهديدات عسكرية هي: النزاعات الإقليمية وخاصة إثارة وتجديد هذه النزاعات، تأسيس صناعة عسكرية أو الحصول على أسلحة عسكرية متطورة، الحصول على أسلحة ومعدات عسكرية متطورة مع إحداث تطويرات ملحوظة في قواتها المسلحة.


ونستطيع أن نقدم الكثير من أصناف المواقف التي تتعلق بأنواع التهديد الأخرى، السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، وهى كلها أنواع من التهديدات أردنا أن نؤكد من خلالها على مجموعة من الحقائق أهمها:
1- إن إدراك التهديد عملية معقدة وتراكمية ولا تنشأ من فراغ.
2- إنها لا تتوقف على عوامل تخص الدولة مصدر التهديد بقدر ما تتعلق أيضاً بعوامل تخص الدولة المعرضة للتهديد.
3- أن التهديدات لا تكتسب أهميتها إلا بإدراكها، فقد يكون التهديد موجوداً، لكنه لا يدرك من جانب النخب الحاكمة لأسباب كثيرة سبقت الإشارة إليها، الأمر الذي يعنى أن إدراك التهديد من جانب هذه النخب هو الذي يعطى أو لا يعطى للتهديد أهميته، بما يعنى أن الإدراك يمكن أن يكون مفتعلاً من جانب النخب الحاكمة لأسباب تخص هذه النخب ذاتها، فقد تسعى بعض النخب إلى افتعال التهديد أو التضخيم منه لدوافع وأسباب تتعلق بها هي ولأغراض تريدها سواء كانت داخلية أوإقليمية ودولية، حيث تسعى إلى توظيف التهديد لخدمة هذه الأغراض.
4- إن إدراك التهديد عملية متغيرة ومتطورة، أي أنها غير ثابتة، فقد يتصاعد إدراك التهديد وقد يتراجع بسبب حدوث تغير في كل أو بعض من العوامل التي أشرنا إليها، وقد يفرض تهديد جديد وطارئ نفسه ويدفع إلى تراجع تهديد سابق، بل قد يفرض على الدولتين المتصارعتين أو المتنافستين بسبب ذلك التهديد السابق الاتجاه نحو التعاون لمواجهة التهديد الجديد إذا كان يفوق في مخاطره التهديد السابق، وإذا كان يهدد مصالح مشتركة ولها الأولوية بالنسبة لهاتين الدولتين المعنيتين. الخلافات التي كانت مثارة مثلاً بين بعض دول مجلس التعاون الخليجي سواء حول الحدود أو غيرها من الأسباب، وكذلك الخلافات بين بعض هذه الدول وإيران، تراجعت فجأة أولويتها عند قيام العراق بغزو الكويت. فالخطر العراقي الجديد دفع كل دول مجلس التعاون الخليجي أن تتعامل معه على أنه خطر مباشر لها وليس فقط للكويت، ولذلك سعت كل من هذه الدول وإيران إلى البحث عن فرص للتعاون لمواجهة الخطر الجديد والتوقف، ولو مرحلياً، عن المضي في الخلافات القائمة.

وعلى الرغم من كل هذه العوامل الداخلية والإقليمية التي تتحكم في عملية إدراك التهديد بالنسبة لدولة من الدول في علاقاتها مع دولة أو دول أخرى، فإن العامل الخارجي، أو ما يسمى بدور القوى الخارجية يلعب دوراً أساسياً ومؤثراً جداً في إدراك دولة ما للتهديد من دولة أخرى في الإقليم الذي تنتمي إليه أو من خارجه. فكما هو معروف فإن شؤون النظم الإقليمية وتفاعلاتها ليست حكراً على الدول ذات العضوية المباشرة بها، فهناك دول من خارج الإقليم لها نفوذ وتأثير قد يفوق نفوذ وتأثير أي دولة من أعضاء النظام.

ويزداد ميل القوى الأجنبية للتدخل في شؤون الأقاليم وفى أنماط التفاعلات التي تحدث داخلها كلما كانت هناك العديد من القوى الكبرى أو العظمى الساعية للهيمنة على النظام العالمي، وكلما زادت حدة المنافسة بين هذه القوى على المصالح القومية الإستراتيجية والاقتصادية الممتدة داخل الأقاليم في العالم.
كما أن ميل القوى الأجنبية للتدخل في شؤون الأقاليم يزداد أيضاً كلما زادت كثافة التنافس الإقليمي بين الدول، حيث تتجه أي من هذه الدول أو بعضها إلى طلب التدخل من قوة أجنبية صديقة أو حليفة لموازنة طغيان قوة إقليمية، أو الحد من توجهات الهيمنة والسيطرة عند هذه القوة الإقليمية.
وبالنسبة للعامل الثاني الخاص بإيران، فإن سياسة الجمهورية الإسلامية الخارجية التي تتأسس على ركيزتي المصلحة الوطنية والأيديولوجية الإسلامية داخل إطار من الإرث التاريخي الإمبراطوري ضمن أفق من التطلع للقيام بدور الدولة الإقليمية المهيمنة، تجعل من الصعب التعامل مع إيران كمصدر للتهديد بالمطلق أو النظر إليها كحليف بالمطلق، نظراً لأن التزام إيران بسياسة الموالاة للمستضعفين والعداء للمستكبرين (مبدأ البراء والولاء) يدفعها إلى التورط في سياسات ومواقف عدائية أحياناً ويجعلها أيضاً حريصة على مد جسور المودة والتعاون في الوقت نفسه، الأمر الذي يحدث قدراً لا بأس به من الإرباك في الإدراك السياسي العربي لإيران: هل هي قوة إسلامية مضافة أم هي قوة طائفية تعبر عن التطلع للتمدد والهيمنة؟، هل هي قوة معادية للغرب والصهيونية، أم أنها يمكن أن تكون حليفاً محتملاً لهذه الأطراف ضمن صفقة تاريخية يدفع ثمنها العرب؟.

إلى جانب هذا كله هناك أسباب أخرى كثيرة بعضها تاريخي لم تزل آثاره ممتدة وتكشف عن نفسها في كل فرصة سانحة تسمح بذلك كما هو الحال بالنسبة للخلاف حول اسم الخليج هل هو خليج عربي أم خليج فارسي، لكن البعض الآخر وهو الأهم نابع من خصوصيات عربية، وأخرى إيرانية، ناهيك عن تأثير ذلك التغلغل الدولي العميق وخاصة الأمريكي في شؤون إقليم الشرق الأوسط والجزء الخليجي منه على وجه الخصوص، وتأثير التداخل المتزايد بين الخليج وتطوراته ونظام الصراع العربي – الإسرائيلي وتحدياته خصوصاً منذ حرب الخليج الثانية (حرب عاصفة الصحراء عام 1991)، حيث تم إقحام دول مجلس التعاون الخليجي في مؤتمر مدريد للسلام ، وتحديدا منذ الغزو الأمريكي للعراق واحتلاله عام 2003، إذ أضحى الوجود الإسرائيلي أمراً واقعاً، ولم يعد الإسرائيليون مستعدين للقبول بالفصل بين أمن الخليج وأمن المشرق العربي حيث يرون أنفسهم طرفاً فاعلاً ومؤثراً فيه.

لكل هذه الأسباب بات مستبعداً الحديث عن إدراك عربي واحد لإيران وما تمثله بالنسبة للعرب والنظام العربي، بل أضحى ضرورياً الحديث عن إدراكات عربية متعددة لإيران، إدراكات ليست فقط متعددة بل ومتباينة وأحياناً متناقضة تمتد بين ما هو أقصى عداوة وتمتد إلى ما هو أقصى صداقة وفقاً للنموذج الذي صاغه بارى بوزان Barry Buzan الذي تحدث فيه عن محور "العداوة – الصداقة" Emites – Aamuty Axis فيما يشبه تدرج ألوان الطيف على النحو الذي تحدث عنه كل من كانتورى وشبيجل ووصفاه بـ "طيف العلاقات" The Spectrum of Relations.

هذه الإدراكات العربية المتعددة والمتباينة لإيران لا تقتصر فقط على مستوى إدراك الدول العربية بل تمتد إلى إدراك النخب العربية وإدراك الرأي العام أيضا. ففي الوقت الذي ترى فيه حكومات عربية أن إيران مصدر للتهديد، ترى فيه نخب عربية أن إيران على العكس هي دولة صديقة بل وشقيقة للعرب، وقد تتنوع مواقف الرأي العام بين هذين الإدراكين. الأكثر من ذلك أن التعدد في الإدراكات يأخذ أحياناً تنوعاً في الإدراك الواحد، بمعنى أن دولة عربية قد ترى أن سياسة إيرانية ما تعتبر تهديداً في حين لا ترى في سياسة إيرانية أخرى تهديداً. فعلى سبيل المثال قد ترى دولة عربية أن استمرار احتلال إيران للجزر الإماراتية الثلاث يمثل تهديدا في حين لا ترى أن المسعى الإيراني لامتلاك برنامج نووي يعتبر تهديداً. كذلك ينقسم الإدراك العربي للدور الإيراني في العراق وفى لبنان، لكن من يرفض الدور الإيراني في العراق قد يؤيد الدور الإيراني في لبنان، وهناك من يرفض إيران بالمطلق، ولعل في دراسة مستقلة للإدراك العراقي واللبناني والفلسطيني لإيران يمكن أن نقدم نموذجاً مهماً لمستوى التعقيد الذي يتعلق بهذا الإدراك خصوصاً إذا أخذت مثل هذه الدراسة بتحليل مقارن لهذا الإدراك على مستوى النخب الحاكمة، ومستوى النخب المثقفة، ومستوى الرأي العام. فمثل هذه الدراسة ستقدم لنا خليطاً متنوعاً من الإدراكات التي قد تبدو شديدة الغرابة بسبب التباين الشديد في الرؤى ليس فقط بين المستويات التحليلية الثلاث بل وأيضاً داخل كل مستوى من هذه المستويات.

قلي لي احبك
كي تزيد قناعتي اني امرأة
قلي احبك
كي اصير بلحظة .. شفافة كاللؤلؤة

آخر تعديل sona78 يوم 07/05/2009 في 15:15. السبب: شوية تنسيق
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.05396 seconds with 10 queries