بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قائم مقام الرقة والحاكم العسكري لمنطقة الفرات في العهد الفيصلي العقيد رمضان باشا الشلاش فهل تعرفون هذا الرجل وهل تعرفون انه من الثوار الشجعان والذي قطع العالم العربي طولاً وعرضاً ثائراً ضد الاحتلال وهو من الثوار الذين غفل عنهم تاريخنا وربما بشكل متعمد فانت أيها القارئ هل تعرفه ..؟؟ اترككم مع سيرته الفذة باختصار ....
بداية /
ولد القائد رمضان بن شلاش بن عبدا لله السليمان في قرية الشميطية الواقعة على إحدى ضفاف الفرات ، غربي مدينة دير الزور ببضع كيلو مترات في عام 1882م من عائلة فراتية ترجع بنسبها إلى عشيرة البوسرايا فقد نشأ هذا القائد في هذه القرية وترعرع في كنف والده شيخ عشيرة البوسرايا آن ذاك ، وبدأ تعلمه في الكتاتيب وأخذ قيم البداوة الاصيلة من بيئته وهو عامل مهم من عوامل تفتح شخصيته القيادية وتمسكه بالاصالة العربية بعد بلوغه العاشرة من عمره ذهب إلى استنبول للدراسة في مدرسة العشائر العربية التي افتتحها السلطان عبدالحميد الثاني وتخرج منها سنة 1897م ليلتحق بعدها بالمدرسةالحربية ، وكان السلاطين العثمانيون ينتقون خيرة أبناء زعماء العشائر لتدريسهم في تلك المدرسة أيام حكم السلطان عبد الحميد الثاني إلى أن تخرج من المدرسة الحربية عام 1905م برتبة ملازم خيال . ثم عين مرافقا فخريا للسلطان في اسطنبول حيث كان يرى فيه النباهة والذكاء والحنكة العسكرية فعينه قائدا للسرية الخامسة في حلب. حيث مكث في حلب حتى عام 1911م فتقلب في عدة وظائف عسكرية ومناصب مرموقة . ورغم هذا فقد شارك في الدعوة ضد القومية التركية وسياسة التتريك ، ثم توجه إلى طرابلس الغرب ضابطا وقائدا لأحدى الوحدات في الجيش المرابض هناك و عندما اشتعلت الحرب العالمية الأولى عام 1914م كان القائد رمضان الشلاش في مدينة حلب السورية ، ثم عين بعدها قائدا لسلاح الفرسان في الحدود السورية الحجازية وذلك قبل تقسيم بلاد الشام إلى أربع دول وهيسورية ولبنان والأردن و فلسطين. عندما اشتعلت نيران الثورة العربية الكبرى بقيادة الملك حسين شريف مكة انخرط فيها ضابطا ومنحه الشريف حسين لقب (باشا) ودخل دمشق مع جيوش الثورة العربية . وعين بعدها حاكما عسكريا لمناطق الرقة و الخابوروالفرات وكان تمركزه في الرقة عام 1918م وفي عهد الإنكليز بدا انسحاب الجيش التركي من لواء دير الزور في أوائل كانون الأول عام 1919م وكان يطلق عليه اسم جيش الغروب ووصلت إثر ذلك قوة من دمشق يرأسها السيد مرعي الملاح كمحافظ للمدينة واللواء علي العسكري قائدا للقوة العسكرية ،كما وصلت قوات إنكليزية بقياد الميجر(كاروير) الذي استلم وظيفة الحاكم العسكري من قبل الإنكليز الذين يحتلون العراق واعتبروا دير الزور تابعة لهم . فازداد حقد الشعب على هذا الحاكم الجائر وضاقت عليهم الأرض بما رحبت جراء ما قام به ذلك الميجر. فكتبوا عريضة وقعها وجهاء المدينة الذين يمثلون الشعب ورؤساء العشائر بعثوا بها إلى حاكم الرقة العسكري العقيد رمضان الشلاش بمثابته مسئولا عسكريا وابن هذه المنطقة يطلبون منه التدخل بشؤون دير الزور وإقصاء الإنكليز عن دير الزور .
القائد رمضان الشلاش في دير الزور /
تقدم العقيد رمضان الشلاش بجيشه من الرقة نحو دير الزور على اثر وصول البرقية الاستنجاد له من قبل ابناء المنطقة وكانت تساعده قوات غير نظامية من أبناء عشيرة (البوسرايا) لتحرير المدينة وذلك في أوائل كانون الأول عام 1919م . وفي 10/12/1919م سمع الكابتن كاميرا معاون الحاكم السياسي البريطاني بما يجري في دير الزور فذهب مع معاونيه بسيارة ،فإذا برصاص قوات العشائر يداهمهم وينهال عليهم من أماكن عدة ،لكنه استطاع آن ينجو من الموت وفرّ هاربا. وبينما كانت قوات العشائر تتقدم مع قوات رمضان الشلاش في 10/12/1919م كانت مدينة ديرالزور في حالة غليان شعبي انطلقت في ثورة عارمة . فقصفت مدفعية الانجليز المراكز العسكرية بديرالزور والثكنات ،وكان الأهالي يحملون البنادق والعصي والحجارة في ثورتهم. ثم تقدمت قوات شلاش فاستولت على دائرة الحاكم السياسي البريطاني الذي اعتصم بثكنات المدينة فنسفوا خزاناتهم ،كما استولوا على جميع رشاشات المحتل الموجود في الثكنات الإنكليزية ، وفتحوا السجون وأخرجوا جميع المساجين ، واستولوا على جميع الأموال التابعة للانكليز التي جمعوها من الأهالي بالظلم والضرائب التعسفية . وأرسل العقيد شلاش وفداً منه إلى السيد الحاج فاضل العبود رئيس البلدية حيث اجتمع عنده وجهاء المدينة ورجالاتها وطلب منه استدعاء الكابتن (كاميرا) إلى داره . فلما حضر كاميرا واجتمع مع بعض قادة الثورة قسوا عليه بالكلام وهدّدوه بقتل جميع الضباط والموظفين الإنكليز المأسورين .فقد كانوا في حالة هيجان وثورة وخلال هذه المحادثات حلّقت طائرتان أصلتا المدينة بحممها ،فأنذروه بوقف القصف الجوي . وفي يوم 12/12/1919م استسلم الكابتن كاميرا وضباطه في دار الحكومة وأعلن كاميرا استسلامه لشلاش فأخذه مع ضباطه رهينة . وبتاريخ 25/12/1919م أطلق سراح الأسرى وفي 27/12/1919م انسحبت القوات البريطانية من مدينة دير الزور إلى الحدود العراقية واستلم العقيد رمضان الشلاش دير الزور زهاء شهرين كان يديرها إدارة عسكرية وكل الأمور ترجع إليه،غير أن تصرفاته أغضبت الإنكليز وغيرّت نظرتهم للمنطقة. كان الملك فيصل الاول في باريس إبان استفحال الثورة بدير الزور فأرسل برقية لأخيه ونائبه بدمشق الأمير زيد برقية شديدة اللهجة يستنكر فيها أعمال رمضان الشلاش وتحركاته , ويطلب منه اعتبار هؤلاء عصاة يستحقون الضرب بيد من حديد ,وتطلب هذه المنشورات من رمضان الشلاش أن يبعث الضباط الإنكليز وجميع الأسرى إلى البوكمال سالمين ,وإلا ستُتَخذ الإجراءات ضده . وبالإضافة إلى هذه المنشورات والتهديدات قامت هذه الطائرات اللتي انطلقت من مطار الحبانية في العراق بإلقاء القنابل فوق البيوت لتدمير المدينة وبثّ الرّعب لإرغام الأهالي على الاستسلام , فزادت نقمة الأهالي ,وأمام جميع هذه الظروف والتصرفات وقف العقيد شلاش وقفة شجاعة فرفض جميع الأوامر بثبات وحزم وتحدى الملك فأعلن مصرحا بوجوب انسحاب الإنكليز خمسين ميلاً جنوبي لواء عانة العراقية ,ثم استوفى الضرائب من الأهالي في الأراضي الخاضعة للحكم الإنكليزي وأرسل إنذارت وتهديدات خطية للحكام السياسيين المحيطين بمنطقته تهددهم وتنذرهم من دخولهم أو اعتدائهم على أراضي المنطقة ، كما أرسل رسائل حماسية إلى شيوخ العشائر المحيطين به الذين يخضعون لمنطقة حكم الإنكليز يستنهض هممهم ويقوي معنوياتهم . وبعد أن حرر البوكمال توجه ليحرر عانة ويخليصها من الإنكليز فسمع بأن الحكومة العربية بدمشق أرسلت خصمه السياسي(مولوه مخلص) كمتصرف لدير الزور.فلما أراد رمضان الشلاش العودة لدير الزور لم يتمكن بسبب سيطرة مخلص عليها .أثناء انشغاله مع الإنكليز في مطار الحبانية في العراق . ثم استدعاه الملك فيصل لدمشق بعد عودته من أوروبا(فرنسا) وفرض عليه إقامة جبرية في دمشق ، ثم ندم الملك فيصل ليعينه في هذه الحالة قائدا عاما لجيش التحرير في سورية وألتف الجيش حوله واستمر يناوش الفرنسيين في منطقة وادي الفرات بضعة أشهر ثم توجه إلى شرقي الأردن ،وفي ذلك الوقت كان لاخبار ثورة دير الزور بقيادة رمضان الشلاش أثراً كبيراً في الأوساط العالمية والمحلية ،فقد وقف وزير المستعمرات البريطانية (ونستون تشرشل)في اوائل العشرينات وقال في خطابه :إن لبريطانيا العظمى عدوين في الشرق، أحدهما هو لينين قائد الإتحاد السوفييتي في الشمال والآخر هو رمضان الشلاش في الجنوب (جريدة التايمز) اللندنية (مجلة العمران دير الزور وكفاح الشعب العربي السوري)لاحسان الهندي .
يتبع .....
)()( لاتقل ياربي إن لي هماً كبير بل قل ياهمي ان لي رباً كبير )()(