عرض مشاركة واحدة
قديم 05/04/2009   #24
صبيّة و ست الصبايا black_iris
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ black_iris
black_iris is offline
 
نورنا ب:
Aug 2007
مشاركات:
1,194

افتراضي


- فقلت : في اعتقادي أن الدولة تنشأ عن عجز الفرد عن الاكتفاء بذاته،
وحاجته إلى أشياء لاحصر لها . أترى أن هناك أصلا آخر للمدينة؟
- لا يمكن أن يوجد سوى ذلك الأصل .
- إذن فما دامت حاجاتنا عديدة ،و ما دام من الضروري وجود أشخاص
عديدين للوفاء بها ، فإن المرء يستعين بشخص من أجل غرض من
أغراضه، وبغيره من أجل تحقيق غرض آخر ، وهكذا. وعندما يتجمع
أولئك الشركاء الذين يساعد بعضهم بعضا في إقليم واحد نسمي مجموع
السكان مدينة . أليس كذلك؟
- تماما.
- فإذا أعطى أحدهم الآخر لقاء ما يأخذه منه ، فإنهم يقومون بهذه المبادلة
لأنهم مقتنعون بأن فيها نفعا لهم.
- هذاعين الصواب.
- فلنبدأ إذن بإرساء أسس المدينة في ذهننا . ولا شك أن الأساس الحقيقي
. هوالحاجة
- يقينا.
- على أن أول الحاجات وأعظمها هي المأكل ،لأنه شرط الحياة والوجود.
- بالتأكيد
- وثانيها المسكن ، وثالثها الملبس وما شابهه.
- هذ اصحيح
- والآن ، فلنر كيف يمكن أن تفي مدينتنا بتلك الحاجات المتعددة : ألا ينبغي
أن يكون أحد الناس زارعا ، والآخر نساجا ، ولعلنا نضيف إلى ذلك حذاء،
وصانعا آخر للوفاء بحاجاتنا المادية؟
- هذا عين الصواب.
- وإذن فأصغر مدينة لابد أن تتضمن أربعة رجال أو خمسة؟
- يبدو الأمر كذلك.
- وكيف يمضون في عملهم ؟ هل يجلب كل منهم نتائج عمله للمجموعة
بأسرها ، أعني هل ينتج الزارع مثلا من أجل أربعة ، و يعمل أربعة أمثال
العمل الذي يحتاج إليه ليزود نفسه وغيره بالمأكل ، أم أنه لا يعبأ
بالآخرين ولا ينتج من أجلهم ، وينتج الطعام لنفسه وحده في ربع الوقت،
على حين يشغل الأرباع الثلاثة الباقية في بناء بيت أو حياكة رداء أو
صناعة زوج من الأحذية ، بحيث يوفرعلى نفسه عناء العمل من أجل
الباقين ، ويكتفي بالاهتمام بما يحتاج إليه فحسب ؟
- اديمانتوس : ربما كانت الطريقة الأولى هي الأنسب.
فأجبت : قد يكون الأمر كذلك بالفعل . ولقد أوحت إلي إجاباتك بفكرة ، هي أننا لسنا جميعا
سواء ، وإنما تتباين طبائعنا وتوجد بيننا فروق كامنة تجعل كلا مِّنا صالحا لعمل معين ألا
ترى ذلك؟
- بلى.
- أو ترى أن المرء يؤدي عملا أفضل لو كانت له مهام عديدة ، أم إذا تفرغ لعمل واحد؟
- عندما يكون له عمل واحد.
- ولاشك أيضا أن العمل يفسد إن لم يؤد في الوقت المناسب؟
- بل اشك
- ذلك لأن العمل لن ينتظر حتى يفرغ له عامله ، و إنما على العامل أن يتابع ما يعمله ، و يجعل
منه هدفه الأول.
- هذا ضروري.
- وإذن فمن ذلك نستدل على أن انتاج كل شيء يكون أوفر وأسهل وأجود إذا ما أدى كل فرد
شيئا واحدا هو الشيء الذي يصلح له بطبيعته ، في الوقت المناسب ، وترك جانبا كل ما عداه
من الأمور.

أفلاطون ، الجمهورية

عجبت لمن شك في الله وهو يرى خلق الله
___
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.09494 seconds with 10 queries