عرض مشاركة واحدة
قديم 03/04/2009   #4
شب و شيخ الشباب مـــــداد
شبه عضو
-- اخ حرٍك --
 
الصورة الرمزية لـ مـــــداد
مـــــداد is offline
 
نورنا ب:
Sep 2007
المطرح:
القاووش التحتاني..
مشاركات:
59

إرسال خطاب MSN إلى مـــــداد
افتراضي


(3)

في فرع الشرطة العسكرية في المدينة الأخرى، قاموا بإنزالنا إلى (قبوٍ آخر)..، وتمَّ تسليمنا إلى (السِّجن) هناك، دخلنا غرفةَ التحقيق، وتم أخذ بياناتنا وأماناتنا، ثم قادني أحدهم إلى الخارج، وأمرني بالانتظار قليلاً، الشابين الآخرين تم تفتيشهما وتعريتهما وأُخذوا إلى زنزانة قريبة، أما أنا فقد تمَّ أخذي إلى شعبة التجنيد بصحبة عسكري، هناك أعطوني ورقة إيداع لمدة 24 ساعة حتى يتمّ السؤال عن أوراق تأجيل الخدمة في دمشق، ثم تم إعادتي إلى سجن (الشرطة العسكرية)، أدخلوني إلى هذا المكان المظلم، ومرة أخرى، مجموعة كلاب وأنذال قاموا بتفتيشي بطريقة غوغائية عُريتُ تماماً، ثمَّ أدخلتُ إلى زنزانة مكتوب عليها (مهجع المدنيين).
المكان قذر، وفيه زاوية يتم قضاء الحاجة فيها، تملأ المكان بالروائح القذرة، أما نزلاء هذا المهجع فهم إمّا مجرمون محكومون، وإما متهمون ينتظرون صدور قرار القضاء العسكري بأمرهم، معظمهم أصحاب سوابق لديهم مشاكل مع جهات عسكرية، (م , أ) تاجر مخدرات يملك الملايين، لديهِ تهمة إشهار سلاح في وجه مدني أعزل غير تهمته الأساسية تجارة المخدرات وتهريبها.. وآخر نسيت اسمه يحمل على عاتقه ثماني تهم كاملة، لم أستطع تذكر إلا أهونها وهو سلب بالعنف، وآخر متهم بحيازة سلاح وآخر القتل عن قصد بعد مشاجرة، وآخر مهرّب خطير، وآخر يملك تهَم قديمة لَم تنتهِ محاكمته منها بعد.. و و و والخ..
كل هؤلاء جمعني معهم زنزانة واحدة ومعَ مجموعة شباب صغار في السِّن وكلُّنا تحت نفس السقف، شباب لم يجدوا في قواميسهم للإجرام معنىً بعد.. كانَ ذلكَ اليوم قاسياً جداً، وحالة الاختناق التي أصابتني لَم تمنعني أبداً مِن تداول الحديث مع البعض، كنتُ غاضبا وحزيناً في نفس الوقت، لا أعرف لم وجدتني مضطراً للتخفيف عن أولئك الشبان الصِّغار، فهم لا يستحقونَ أبداً ما هم فيه، مساكين لا يفهمون كل ما يجري، ومستسلمين تماماً لما صاروا فيه كالقرابين، ولا يسألون إن كان خطأ أو صواب، الكل يبحثُ فقط عن خلاص لتنتهي كل هذه الأزمة وأن يزولَ هذا الكابوس المرعب.
لليوم الثاني على التوالي فقدتُ القدرة على الأكل، حتى بدأت أوجاع الرأس تتصاعَد، وجدتُ نفسي عندها مضطراً لتناول بعض الخبز حتى آخذ دواء تمَّ تقطيره لي بالحبَّة مِن قبل العساكر السجانين. حتى هذه اللحظة، كانت حالة الانهيار التي عشتها مشوبة ببعض أمل أن تأتي أوراقي من دمشق بالموافقة على التأجيل، وتصوّروا معي أنني إلى الآن موقوف وأتنقل من ذلّ إلى ذل.. دونَ تهمة بحقي، ويُنتظر مني أن أكونَ جاهزاً لخدمةِ العلم، وأنا واللهِ.. أحب هذه الأرض، ولأنني أحبها، سأتجاوز هذا الأمر، لا بدَّ من ذلك، فلَن أتوقفَ عندَ هذا أبداً، لا أستطيع التوقف، فعلى هذه الأرض ما هوَ أطهر لأضحي لأجله، وهؤلاء الكلاب سينتهون.. جميعهم إلى زوال.
لَم أستطع النوم. الروائح القذرة، صوت شخير يأتي من هنا وهناك، قلقٌ وترقب، وبردٌ شديد في كلّ شيء.. في كل شيء، حتى بدأت السماء تُمطر، بعثَ المطرُ في داخلي شيئاً مِن الشعور بالأمان… ونِمت.

زُرني هــنــــــــــــا
http://NJ180degree.com
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.03993 seconds with 10 queries