" كوجيتو " نيتشه
تريد أن تعرف من انت ، فكّر أن ثمة من كان حيا يرزق منذ أكثر من عشرة ألاف سنة و يومين ، وثمة من سيولد بعد مليون سنة و ساعة ..
لذة الصيد في الصيد فقط
لذة الصيد ليست في الاستحواذ على لخم وشحم الفريسة ، انما هي في الاستئثار بحرية الطريدة ن فبمصادرة طلاقتها ، تغتمر الصياد فرحة و غبطة بعد حسد على ما يتقيده وجودنا الإنساني في قفص الاعتبارات الاجتماعية
لذا ، فالحيوانات لا تحسدنا لأنها بحل من الروابط الاجتماعية و اعتباراتها الاجتماعية التي يسيطر فيها الانسان على نفسه قبل سيطرته على الاخرين ، و الطيور التي تحوم في فضائها الرحب ، لن تطارد من يقبع في قفص أوهامه المتبخترة . الحرية ليست مطلبا لتلك الكائنات الطليقة ، فوجودها معيار لها و ليس لنا .
فلا يؤاخذنا رجال السياسة إذا ما كانوا مهووسين بصيد الطيور و لآخرين ( البشر ) حتى .
الشاعر شاعر بقوة حدسه
لا يُقاس ابداع الشاعر بفصاحة تعبيره عما يشعر به الآخرون ، هؤلاء العاجزون عن استفراغ أحاسيسهم في قصيدة ، و عن استمناء مشاعرهم في ديوان ، بل يُقاس بإحساسه المفرط في استثمار ( الآتي ) أو احداث المستقبل ( بنبوئية ) يفتقدها رجال السياسة المنغمسة حت العظم في ( مجريات الآني ) … و ( على التو ) ..
لذا ، قد نفهم ما كان الشاعر ( طاغور ) بعينه الرائية قد تنبأ بحصوله عندما رأى أن اللاعنف الانفعالي المستند الى الرموز الدينية سيفرّق هو أيضا و سينثر بذور العنف مثلما جرى فعلا على مرأى عين ( المهاتما غاندي ) الذي عانى من تقسيم الهند الى مجموعتين قوميتين ( الهند الهندوسية ) و ( و باكستان الاسلامية ) بعدما تفلتت نزعته _ دعوته اللاعنفية من نطاقها كوسيلة لمقاومة الاحتلال البريطاني الى غاية ، استجلب منطقها عنفا دمويا كان غير محسوب عند غاندي ، و متوقّعا عند طاغور .
على هذا أيمكن الإحتكام الى ما يحدسه الشاعر في السياسة أكثر مما يحسبه السياسي في السياسة ؟
الإجابة تبقى معلقة ، رهن المفارقة بين نجاح السياسي في اقناع الجماهير بإقصاء و نبذ كل من يستبق وعيها العمومي ( القطيعي ) من جهة ، و فشل الشاعر في مجاراة الوعي العمومي حينما ينتبه لمحذورات سابقة لأوانها في السياسة من جهة ثانية .
إنما ليس كل الشعراء شعراء ، فكم عندنا من طاغور ؟
وجعي تراث الناي يشرب من دمي بوْح الغروب و صُفرة الأهدابِ
أمرُّ باسمكِ إذ أخلو الى نفسي