اقتباس:
كاتب النص الأصلي : boozy
أول الواجبات التدمير. الخلق الشعري الصافي سيتعطل أمره في هذا الجو العاصف، لكن لا بد. حتى يستريح لمتمرد إلى الخلق، لا يمكنه أن يقطن بركانا، سوف يضيع وقتا كثيرا، لكن التخريب حيوي ومقدس.
لا بد للشاعر أن يضيع في الداخل ما لم يكن يعرف تبين عالمه وبلورته. اللغة.. أنه في حاجة دائمة إلى خلق دائم لها. لغة الشاعر تجهل الاستقرار لأن عالمه كتلة طليعية.أجل في كل شاعر مخترع لغة. وقصيدة النثر هي اللغة الأخيرة في سلم طموحه، لكنها ليست باتة. سوف يظل يخترعها. ما يسمونه الأزمنة الحديثة هو انفصال عن زمن العافية والانسجام. إنه تكملة السعي الذي بدأ منذ قرن لا من أجل تحرير الشعر وحده بل أولا لتحرير الشاعر. الشاعر الحر هو النبي، العراف، والإله. الشاعر الحر مطلق، ولغة الشاعر الحر يجب أن تظل تلحقه. لتستطيع أن تواكبه عليها بالموت والحياة كل لحظة، الشاعر لا ينام على لغة.
شاعر قصيدة النثر شاعر حر، وبمقدار ما يكون إنسانا حرا، أيضا تعظم حاجته إلى اختراع متواصل للغة تحيط به، ترافق جريه، تلتقط فكره الهائل التشوش والنظام معا. ليس للشعر لسان جاهز، ليس لقصيدة النثر قانون أبدي.
يجب أن أقول أيضا إن قصيدة النثر- وهذا إيمان شخصي قد يبدو اعتباطيا- عمل شاعر ملعون. الملعون في جسده ووجدانه الملعون يضيق بعالم نقي. إنه لا يضطجع على أرث الماضي. إنه غاز. وحاجته إلى الحرية تفوق حاجة أي كان إلى الحرية. إنه يستبيح كل المحرمات ليتحرر. لكن قصيدة "النثر" التي هي نتاج ملاعين، لا تنحصر بهم. أهميتها أنها تتسع لجميع الآخرين، بين مبارك ومعافى. الجميع يعبرون على ظهر ملعون.
|
مغرية جدا فكرة التخريب من أجل الخلق، و جُلُّنا يستسيغ التمرد على القوالب.. قصيدة النثر كانت انتفاضة ضد جمود هذه القوالب ودعوة للانعتاق من الشكل...
لكنني أعتقد أننا تجاوزنا هذه المرحلة "التدميرية" التي تواجه النقيض بالنقيض، والمشي على النهج، بالمشي خارج القطيع، و تقارع الالتزام بالثوابت بالتمرد على كل ما هو ثابت، و كل هذا من أجل أن نثبت ذاتنا..
ربما كانت مرحلة ضرورية في عمر قصيدة لم يكن قد اشتدَّ عودها بعد، ربما لإثبات ذاتها ، كما قلت، لكننا لم نعد بحاجة لأن نخرِّب من أجل أن نبني، لعلنا نستطيع البناء انطلاقا من هذا الإرث الهائل الذي يزدهر بالجميل، والمنفرد،
والعميق.. لسنا بالضرورة ملزمين بالاضطجاع عليه، بل نستطيع أن ننهل منه ما يكفي لكي ننطلق..
قصيدة النثر لا تلغي القصيدة التراثية النمطية، بل تتشذَّر منها، لكي تنطلق و إن بعيدا، فليس كل البعد.. لكي تكبر
وتبني و تخلق و تشكِّل و تتشكَّل كما تشاء..
لكن، للقوافي هيبتها، و عنفوانها المشتهى.. كامرأة في أوج رونقها ونضجها.. دانية القطوف.. كفاكهة الجنة..
إليك مني أعذب التحايا، أيتها الذواقة..
لقد كنت قبل اليوم أنكر صاحبي
إذا لم يكن ديني إلى دينه دان
و قد صار قلبي قابلا كل صورة
فمرعى لغزلان و دير لرهبان
و بيت لأوثان و كعبة طائف
و ألواح توراة و مصحف قرآن
أدين بدين الحب أنَّى توجهت
ركائبه، فالحب ديني و إيماني
ابن عربي
آخر تعديل personita يوم 29/01/2009 في 21:20.
|