أين العدالة في هذا الكون ؟
كثر الحديث عن سبب وجودنا في هذا الكون و الغاية منه بالإضافة إلى العدالة التي يتمتع بها الإنسان أثناء وجوده حيا" على هذه الأرض و هل هذه العدالة هي عادلة فعلا" أو أيضا" هي تميّز بين شخص و آخر.
أما بداية البحث فهو أن الإنسان الأول كان يعيش في الغابات و في مناطق ليست بالضرورة مليئة بالخيرات الطبيعية من أكل و شرب, ( و هي أبسط متطلبات العيش ) , فالبعض يولد في منطقة مليئة بالخيرات و يعيش فيها مع قبيلته و أولاده ( بغضّ النظر عن الفترة التي نتحدّث عنها سواء كانت القبيلة قد تشكلت أو لم تتشكل بعد ) المهم أن البعض يكون حظه جيد و يجد ما يأكل و يشرب أما البعض الأخر حيث يولد في مناطق نائية عن الخيرات يحتاج اليها لكي يعيش تلك العيشة التي فُرضت عليه قسرا" و ليس إختيارا" عبر ولادته على هذه الكرة الأرضية, و هنا تبدأ الحروب و الغزوات و يذهب الصالح بعزى الطالح.
فكما كانت الحال عند الإنسان البدائي فهي ذاتها في وقتنا هذا فالعدالة التي حُرم منها هذا الإنسان عبر عيشة كريمة أيضا" محروم منها كل إنسان على الأرض حتى الآن لو كان مليارديرا" أو كان رئيسا" لدولة.
فنرى إنسانا" فقيرا" مثلا" و مريضا" في نفس الوقت ( و هو شيء طبيعي ) و لديه عائلة ليعيلها عبر عمله ليل و نهار لكي يسدّ و لو 10% من إحتياجات معيشته و لا يقدر.
أو أن نرى إنسانا" غنيا" لكنه تعيس الحظ مثلا" فيما يتعلق بحالته الصحية مهما بلغ من ثراء أو أن تكون حالته النفسية ليست على ما يرام, إلى آخره من مشاكل تنغّص عليه عيشته.
أو أن نرى إنسانا" فرحا" كثيرا" في حياته العاطفية مثلا" و لكنه غير قادر على إسعاد زوجته و أولاده بسبب حالته المادية الصعبة إلى آخره من اللأمور.
إذا" فإنّ كل شخص لديه شيء يحبه, يوجد مقابله شخص آخر يتمنى أن يكون عنده هذا الشيء نفسه من أبسط الأشياء إلى أضخمها و العكس صحيح.
أما أهم عدالة منقوصة في هذا الكون العبثي العشوائي فهي تلك الموجودة في أفريقيا و العديد من الدول الفقيرة, إنّ سكان هذه الدول بالإضافة إلى الأمراض و الأوبئة التي تفتك بهم كل يوم و كل ساعة بسبب نقص المياه و حرارة الشمس القوية , هم عاجزون حتى على الحصول على التعليم الجيد و على أبسط أنواع العيش الكريم, إضافة إلى إنتشار مرض الإيدز و نسبته الأعلى في العالم حتى.
فقولوا لي أين العدالة التي يصفون بها خالق هذا الكون ؟ فليتدخّل و لو مرة واحدة لكي يعطينا جوابا" شافيا" على عدالته التي يصفونه بها ليل نهار.
و طبعا" لن ننسى الكوارث الطبيعية التي يُتحفنا بها الله ( على أساس أنه موجود ) كل شهر بل و كل يوم مخلفة وراءها الدمار و الخراب و هو لا يفرق ببطشه بين الفقير و الغني و الملحد و حتى المؤمن, هنا لا يفرّق و لكن في العدالة يفرّق ( و لله في خلقه شؤون كما يقولون ).
في النهاية أنا لا أطلب أن يكون الجميع متساوين فهذا يُحدث خللا" في الحياة الإجتماعية و لكن أطلب من هذا الإله إن وُجد أن ينتبه أكثر على هذا الشعب إن كان فعلا" هو قد خلقه من جراء نية معينة و ليس أن يكون قد خُلق عشوائيا" دون تفكير و دون وعي كما هو مثبت حتى الآن من جراء الأحداث الملموسة منذ فجر البشرية حتى هذه اللحظة, فلا صلاة أو صوم المؤمن بهذا الإله قد غيّرت شيئا" أو أعطت عدالة منقوصة بل هي ليست سوى نوع من الإطمأنان الذاتي لوجود إله أو عبارة عن إيحاء نفسي بوجوده.
|