عملية أسر العقيد ألحنان تننباوم: 15/10/2000
لم تكن قوات الاحتلال قد أفاقت بعد من تداعيات الضربة التي وجهتها المقاومة الإسلامية بأسر الجنود الثلاثة في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة حتى وجه المجاهدون ضربة نوعية أخرى تندرج في إطار الحرب الاستخبارية المفتوحة بين حزب الله والكيان الصهيوني. فقد أعلن الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله بتاريخ 15/10/2000 عن أسر ضابط صهيوني برتبة عقيد، خلال إلقائه كلمة في جلسة افتتاح الدورة الطارئة المشتركة للمؤتمرين القومي العربي والقومي الإسلامي في فندق الكارلتون في بيروت. وشكل هذا الإعلان مفاجأة للحاضرين الذين ضجت قاعة المؤتمر بتصفيقهم تبريكاً بالإنجاز النوعي الذي حققته المقاومة الإسلامية ضد الاحتلال. وأعلن السيد نصر الله أن "المقاومة الإسلامية نجحت في أسر ضابط إسرائيلي برتبة عقيد خلال عملية أمنية معقدة سنعطي تفاصيلها في وقت لاحق"، ولدى سؤاله عن تفاصيل هذه العملية قال: "لنترك الإسرائيليين في حال ارتباك".
وسرعان ما أعلنت حكومة العدو نفيها لحصول عملية الأسر الجديدة، ثم عادت فأعلنت أنها أرسلت فريقاً أمنياً إلى المنطقة المحتلة في جنوب لبنان للتأكد من المسألة، ثم أصدرت بياناً قالت فيه إن حزب الله "قد يكون خطف أحد قادة الميليشيات السابقين"، وبعد ساعات على الإعلان عن عملية الأسر صرح رئيس حكومة العدو إيهود باراك "لا يمكننا استبعاد احتمال أن يكون إسرائيلي من بين عشرات الآلاف الموزعين في العالم قد تعرض للخطف في مكان ما وأن يكون كولونيلاً في الاحتياط"، وأضاف أنه "على ما يبدو تم إغراؤه للوصول إلى مكان ما في أوروبا، ومن هناك تم اختطافه بطريقة تذكر بعمليات الاختطاف التي تقوم بها المافيا" مشيراً إلى أن الأحاديث عن "أن عملية الاختطاف جرت عن طريق الحدود أو أن الأمر يتعلق برجل أمن ليس لها أي أساس".
وحاولت وزارة الحرب الصهيونية التقليل من تأثير الضربة وقالت في بيان لها إن "الأمر يتعلق على ما يبدو بمدني إسرائيلي توارى في أوروبا قبل أسبوع بملء إرادته ولأسباب شخصية.. الأمر يتعلق بموظف في مهمة رسمية"، من جهته أكد وزير خارجية العدو بالوكالة شلومو بن عامي في اجتماع عام إن "إسرائيل ليس لديها تأكيد على احتجاز حزب الله إسرائيلياً جديداً.. ولكن زعيم حزب الله لا يكذب عموماً"، وبعد وقت قصير عادت وزارة حرب العدو لتعترف بحصول عملية الأسر وقالت في بيان لها إن "هذا الرجل هو من عناصر الاحتياط في الجيش، واختطف في عملية إرهابية في الخارج حيث اعتبر مفقوداً.. وقد سافر إلى الخارج بمبادرة منه ولأسباب شخصية" ووصفت الوزارة العملية بأنها "خطيرة وتتعارض مع القوانين الدولية كافة".
ووجه نائب وزير حرب العدو أفراييم سنيه الاتهام لسوريا وقال: "نعتبر أن سوريا هي المسؤولة عن الأعمال التي تحضر وتنظم في لبنان الذي يقع تحت سيطرتها"، وعقد رئيس هيئة أركان جيش الاحتلال شاؤول موفاز مؤتمراً صحافياً قال فيه إنه "لم يسجل أي حادث عسكري عند الحدود ولكن قد يكون وقع في مكان آخر.. لا يمكنني أن أنفي هذه الأنباء أو أن أؤكدها الآن إلى أن نتحرى جميع القنوات".
وأعلنت إذاعة العدو أن الضابط يدعى "ألحنان تننباوم (54 عاماً) وهو عقيد احتياط في سلاح الجو ويعمل مع شركة استشارات على علاقة بشركتي تاديران ورافاييل، وهما من كبريات شركات التجهيزات الالكترونية والتسلح الإسرائيلية، وقد اختطف في مدينة لوزان السويسرية قبل حوالي عشرة أيام"، وذكرت القناة الثانية في تلفزيون العدو أن تننباوم "اختطف قبل 12 يوماً في ما يبدو على يد عرب مجهولين كان أجرى معهم اتصالات تجارية بشأن خلاف مالي، وأشارت إلى أنهم سلموه إلى حزب الله بعد أن أسر الحزب ثلاثة جنود إسرائيليين قرب الحدود اللبنانية"، وقد أصدرت المحكمة الصهيونية في القدس المحتلة، بناءً على طلب جهاز الأمن الداخلي (شين بيت)، قراراً يمنع نشر معلومات حول ظروف خطف العقيد الصهيوني والنشاطات التي كان يقوم بها في الخارج وذلك بذريعة أن نشر مثل هذه المعلومات قد يعرض حياة أشخاص آخرين للخطر.
وساهمت عملية أسر الضابط الصهيوني في زيادة حال الإرباك في أوساط قيادات الاحتلال، لا سيما منها العسكرية والأمنية، حيث رأت المصادر في العملية تأكيداً إضافياً على قدرة المقاومين في توجيه الضربة المناسبة للاحتلال في أي مكان تراه مناسباً، فضلاً عن إثبات إمكانية حزب الله في اختراق الأمن الصهيوني، ولفتت المصادر إلى أن "إسرائيل" لم تقم بأي حملة شبيهة بالتي قامت بها بعد أسر جنودها الثلاثة مما يدل على عمق التأثير الذي خلّفته العملية بحيث دفعت قيادات الاحتلال إلى أخذ الأمر بجدية عالية بعيداً عن أساليب التهويل التي فشلت في الضغط على لبنان والمقاومة لإطلاق سراح الجنود الأسرى، كما أظهرت هذه العملية تشوشاً رسمياً صهيونياً في كيفية التعاطي مع الموضوع لا سيما مع تأخر الأجهزة الأمنية الصهيونية في تحديد أو إعلان هوية الضابط الأسير أو تحديد مكان حصول عملية الأسر.
وأوردت صحيفة "السفير" اللبنانية أن العقيد يعمل ضمن جهاز "الموساد" المعروف أنه أحد أقوى أجهزة الاستخبارات الخارجية في العالم، وكان مكلفاً بمهام محددة تتعلق بالمقاومة في لبنان وعلاقاتها الخارجية، وأنه وقع في فخ يشبه الفخ الذي استدرجت إليه قبل عدة سنوات وحدة الكومندوس البحري في جيش الاحتلال في بلدة أنصارية الجنوبية حيث أبيدت الوحدة بأكملها قبل تنفيذ مهمتها، واعترفت المصادر العسكرية الإسرائيلية بالعملية وهوية الضابط وقالت إن العملية تمت في دولة "غير متقدمة"، مما يشير إلى أنها لم تقع في دولة أوروبية كما قيل سابقاً من أنها حصلت في سويسرا، مع العلم أن وجهة العقيد تننباوم الأولى بعد خروجه من فلسطين المحتلة كانت سويسرا، ولم تستبعد مصادر إسرائيلية أن يكون حزب الله قام بعملية تمويه واسعة لتنفيذ العملية، وأشارت إلى "احتمال أن يكون سلم نفسه إلى جهات عربية بسبب مشكلات مالية أو أن جهات عربية سلمته لحزب الله".
سلاماً ... سلاماً يا وطن الخمر والعواهر والاسنان المسوسة ......
|