الكشوف الجغرافية
الكشوف الجغرافية:
لماذا الكشوف الجغرافية؟
ما هي العوامل التي أدت إلى حركة الكشوف الجغرافية؟
في العصور الوسطى كانت اوروبا تضم عالمين تجاريين , هما عالم البحر المتوسط , وعالم بحر البلطيق والشمال .
وقد أدى النشاط التجاري الصناعي إلى إزدهار مدن شمال اوروبا وغربها , بيد أن سكان هذه المدن كانو تحت رحمة الاضطرابات السياسية والامنية , لذالك عمدت مدن عديدة خلال القرنين الثالث عشر والرابع عشر إلى تكوين إتحادات للمبادلة التجارية , بهدف الحفاظ على أمن التجارة واستمرار تدفق البضائع . ومنذ اواخر العصور الوسطى ظهر ميل في معظم الدول الاوروبية نحو توطيد السلطة الملكية وتقوية المركزية , واضعاف القوى الاقطاعية , وبدأت الحكومات تهتم بفتح الطرق وتوسيع المبادلات الاقتصادية لتوطيد السلطة المركزية .
وبدأت الدول تظهر أكثر فأكثر بوحدات اقتصادية وأخذ الاقتصاد الوطني على نطاق الدول يحل محل الاقتصاد المحلي الاكتفائي, وتحولت فكرة المنافسة من منافسة تجار إلى منافسة دول , ونشطت المبادلات ضمن الدول وأدى ذلك إلى عودة أوروبة إلى السير في النشاط الاقتصادي العالمي , وبغض النظر عن أسباب عديدة أخرى , فان الاكتشافات الجغرافية قد حدثت بدوافع اقتصادية سياسية .
ومع نشوء الدول القومية الحديثة وتمركز السلطة بيد الملك أصبح بالامكان القيام بالكشوفات . فالاكتشافات لم تكن ثمرة مغامرين أو شركات , وانما الدول هي التي قامت بها .
كانت الطرق الرئيسية للتجارة هي طريق قاري وهو طريق الحرير وتسلكه القوافل , يصل الصين وأسيا الصغرى
(( تركيا حالياً )) بالبحر الاسود وسورية. وطريق بحري وهو طريق التوابل التي تنتقل من الموانئ الصينية فسيلان فالبحر الاحمر ومنه إلى الاسكندرية.
واستطاعت البندقية بتحالفها مع المماليك (( اللذين سيطرو على بلاد الشام ومصر )) أن تحتكرمعظم السلع الواردة عن طريق البحر الاحمر للتجارة بها في أوروبة , مما مكنها من جني أرباح كبيرة , واستطاع حكام المماليك أن يجنو أرباحاً كبيرة من الضرائب التي يفرضونها على التوابل والعطور العربية والعقاقير الهندية وغيرها من البضائع التي تمر بأراضيهم, لذالك اصبح التخلص من دفع الضرائب الباهظة هدفاً إقتصادياً لابد من تحقيقه والاتصال المباشر مع بلاد الشرق , وكان لا بد لسكان اوروبة الغربية أن يتخلصو من الاحتكار العربي البندقي بالوصول مباشرة إلى البلاد المنتجة دون عبور المتوسط إضافة إلى ذلك كان الغرب في أواخر القرن الخامس عشر يعاني من أزمة اقتصادية وبحاجة كبيرة إلى الذهب ولذلك لم يكن بامكانه تبديد مخزونه من الذهب على شراء البضائع بهذه الاثمان الباهظة , إضافة إلى النهضة الصناعية الهائلة التي شهدتها أوروبة في القرون الثالث هشر والرابع عشر والخامس عشر , حيث زاد انتاج المصانع عن قدرة الاسواق المحلية على الاستيعاب , وبذلك نشأت الحاجة لتصريف المنتجات الفائضة بايجاد أسواق جديدة لبيع منتوجاتها .
ولعبت العوامل الفكرية دوراً مهماً في حركة الكشوف الجغرافية , لاسيما أن أوروبة بدأت تتحرر من غقلية القرون الوسطى بمعتقداتها الوهمية والخرافية , وهذا راجع إلى حركة النهضة واحتكاك أوروبة بالنتاج الفكري العربي في ميدان الفلك والجغرافية . كذلك ما قدمته البرتغال من انشاء مراكز للدراسة الجغرافية ورسم الخرائط , إضافة إلى حركة الترجمة الواسعة التي بدأها الأوروبيون منذ القرن الثالث عشر بنقل أمهات الكتب العربية إلى اللاتينية , وما ترجمه العرب من المؤلفات القديمة.
إن تقدم العلوم وبخاصة الرياضيات والفلك والملاحة البحرية ورسم المصورات الجغرافية ساعد الأوروبيين على الانطلاق بالمحيطات. وفي الوقت نفسه تطورت تقانات الاتجاه , وتقدمت صناعة السفن تقدماً ملموساً حيث أصبحت قادرة على شق عباب المحيطات , إضافة إلى استخدام الاوروبيين للبارود مما جعل القضاء على مقاومة السكان الاصليين للبلدان التي قصدها المغامرون ممكناً
سلاماً ... سلاماً يا وطن الخمر والعواهر والاسنان المسوسة ......
|