و في احتضار زوجته سنية صالح قال الماغوط :
يا رب
أيها الإله المسن في عليائه
في ليلة القدر هذه ،
و أمام قباب الجوامع و الكنائس
اللامعة و المنتفخة كالحروق الجلدبة
أزرر سترتي
و اطوي غمامة بيضاء على ذراعي
لأصير خادمك المطيع
و وكيل نعمك ، و كوارثك للأبد....
أعري أشجارك في الخريف
و أملؤها بالزهر و الطيور في الربيع.
أساعد الينابيع الصغيرة في جريانها
و الحمائم المشردة في بناء أبراجها
و أضلل العقارب و الأفاعي
عن أرجل العمال و الفلاحين الحفاة
و اكسو ثياب الأطفال الفقراء
بالرقع الجديدة الملونة في الأعياد
و في الوقت نفسه
سأرشد زلازلك و براكينك و فيضاناتك
إلى أكثر الاكواخ و الأحياء فقرا و ازدحاما
حتى لا تضيع حجرة من حممك
أو قطرة من سيولك
هباء بلا جدوى
بل و سأوقظ ماركس و انجلز من قبريهما
و ارغمهما على الصراخ بأسنانهما المكشرة
أمام ضحايا المعتقلات
و جثث المناجم و الانهيارات الثلجية
و المقابر الجماعية
و امام عائلاتهم و اطفالهم
و الاعتراف ، و هما يضربان أخماسا بأسداس
هذه مشيئة الله.
و لكن ابقي لي على هذه المرأة الحطام
.....و نحن أطفالها القصر الفقراء
سنهدي لعبنا و أقراطنا و ثيابنا الجديدة
لملائكتك الصغار،
و نظل عراة إلى الأبد...
و لكن ابق عليها،
لبضعة شهور
لبضعة أيام فقط،
نتناوب السهر عليها و تجفيف العرق المتدفق على جبينها.
فهي ظلنا الوحيد في هذه الصحراء
نجمنا الوحيد في هذه الظلمات
جدارنا المتبقي في هذا الخراب
ثم إنها لم تأخذ من تراب الوطن
أكثر مما يأخذه القدم من الحذاء.

صديقي الله .
لا أحسدك على معرفتك مصير كل منا .
لأنك قد تبكي على مصير حزين بينما صاحبه سهران يضحك.
وتعرف الفرح قبل وقوعه فلا ترى مثلنا لذة المفاجأة.
....
|