في غرفة نوم أبيك (..) تفهم أنك تساوي أرخص من أي شيء تملكه. و إلا كيف لمنفضة ثمنها 10 فرنكات أن تعيش بعدك؟ كيف لساعة ثمنها 500 فرنك أن تواصل عقاربها الدوران غير آبهة بتوقف قلبك؟ كيف لسرير؟ كيف لكرسي؟ كيف لحذاء؟ كيف لجورب ما زال عليه عرق قدميك ألا يكترث لموتك؟
و كيف أن الأشياء التي كلفتك الأكثر هي أول من يخونك، و أن تلك التي كدت تفقد بسببها حياتك، ما تكاد تفارق الحياة، حتى تذهب لغيرك؟
(..)
طبعا، "لا أكثر خبثا من البراءة" و أنا تعلمت ألا أنخدع ببراءة حضورها الألفوي الصامت. ألا أصدق حزنها الشامت الذي يقول لك، إن أصحابها لم يعودوا هنا، و إنها، على يتمها ستعيش بعدهم، و قد تذهب إلى أعدائهم، كما يذهب حذاء جندي ميت إلى عدوه البائس في ساحة قتال يكسوها الثلج.
تريد أن تختبر الأشياء بموتك؟ أغلق الباب خلفك و امض!
أول سارق ماكر هو ذلك الغبار الذي سيضع يده بقفازه الترابي على أشيائك، بدون أن يحركها من مكانها، دون أن يلفت اهتمام أحد، ستصبح له بحكم الغياب. الغبار الذي يتقدم مكتسحا كل مكان تغيبت عنه، ليس سوى تمريت لما سيقع بعد موتك. بعدها ستمضي تلك الأشياء، لأولئك الذين سيسطون عليها، لا بحياء الغبار، إنما بوقاحة اللصوص، كما في قصة زوربا، عندما كانت تلك العجوز أثناء احتضارها، ترى بعينيها الناس الذين جاؤوا بذريعة مواساتها، يتسابقون إلى سرقة أشيائها..
في الموت، الدور الأكثر تعاسة، ليس من نصيب الذي رحل و ما عاد معنيا بشيء، إنما من نصيب الذي سيرى قدر الأشياء بعده..
أحلام مستغانمي
عابر سرير¨
موضوعك شيق يا صمت
