الموضوع: الالم
عرض مشاركة واحدة
قديم 17/08/2005   #1
شب و شيخ الشباب behnam
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ behnam
behnam is offline
 
نورنا ب:
Jul 2005
المطرح:
germany
مشاركات:
115

افتراضي الالم


كل واحد منا اكيد سأل ذاته او احد الاصدقاء او في مناقشة عامة لماذا علينا ان نتألم ؟ يقول بول كلوديل : لم يأت الله لكي يزيل الالم لكنه جاء لكي يملأ الألم بحضوره لقد وصل الى عمق اعماق الألم " . هل نحن حقا نحب الألم كما ادعى الكثيرين ؟ ويدعون من ان الكاثوليك يحبونه ويلتزمون به !! اذ حسب ادعائهم من اننا نصور آلام المسيح بوضوح وهو المصلوب المجروح والمعذب . اليست هذه خرابيط في خرابيط ؟؟ وهل الكنيسة الكاثوليكية هي ماسوشية ؟ كلا ، الكنيسة الكاثوليكية تعطي معنى للحياة الانسانية . المسيح نفسه اراد ان يتخلص من الألم وحاول بكل جهده التخلص لكن عندما اصبح امام الأمر الواقع سلم ذاته الى ابيه لكي تتم مشيئته .

نعم يسوع هو اله وانسان وخادم متألم جاء من اجل البشرية مع الامها حتى يعزيها ويساعدها على حمل آلامها (( تعالوا الي جميعا ايها المتعبون وحاملوا الاثقال وانا اريحكم )) . نعم الالم هو رفيق الانسان منذ البدء ، ينتظر منا ان نكون ايوب !! وايوب كان واحدا ولن يتكرر . لان الجفاف الذي ضرب اجسادنا ضرب ارواحنا بجفاف ايماني مما جعل ايوب مائت فينا . ونعيش مأساتنا بفقدان معان كثيرة منها معنى تدبير الله وبالتالي نفقد معنى انسانيتنا .

كتب قداسة البابا يوحنا بولس الثاني في عيد سيدة لورد 11 / 2 / 1984 رسالة بعنوان الألم الخلاصي ، وهو الذي كان تعرض لحادث اغتيال في 13/5/1982 ، وهذه الرسالة كان من ضمنها موضوع المعنى المسيحي للألم الانساني . من هذه الرسالة استشهد بقصة السامري الصالح معتبرا أن هذا المشهد من الإنجيل هو "إنجيل الألم". يدلنا على نوعية تصرفنا تجاه المتألمين. يمنع على المسيحي أن يمر جانب المتألم دون اكتراث، لا بل أنه مدعو للتوقف وللتنبه إليه. فالسامري الصالح يمثل كل شخص يتوقف عند الألم الذي يعاني منه الآخر. والتوقف هنا لا يعني الحشرية بل الجهوزية، يعني حضور، وضع الذات بالتصرف من القلب إلى درجة التأثر فالتحرك تجاه المتألم. السامري الصالح يمثل كل شخص يشعر مع المتألم. يسوع يطلب منا أن نربي فينا هذا الإحساس مع الآخر حتى نوثر في تصرفنا تجاهه، لأن هذا الشعور مع الغير في ألمه هو صورة تجسد الحب نحوه والتضامن معه . لكن السامري الصالح لم يكتف فقط بالحس والشعور مع المريض بل اندفع إلى خدمته وإعانته بافعال كثيرة. فالسامري الصالح هو كل إنسان يقوم باسعاف المتألم هكذا فإنه يعطي من قلبه ومن خيوره فلا يوفر السبل لذلك. إذا انه يعطي ذاته بكل بساطة. هنا نلمس موضوعا هاما في المفهوم الإنساني المسيحي أي المفهوم الانتروبولوجي المسيحي ألا وهو أن الإنسان يكتشف ذاته كليا عندما يعطي ذاته مجانا. فالسامري الصالح هو كل إنسان قادر أن يعطي ذاته مجانا بهذا الشكل.

لقد أوضح قداسة البابا هذه الشركة الحسية والمعنوية بالألم مستندا إلى مفهوم مسيحي للألم. طرح هذا الموضوع الصعب لأنه ليس سهلا التوغل فيه والناس كلها توجه السؤال إلى الرب، لأنه الوحيد القدير بالنسبة إليهم على الجواب وعندما لا يلقون الأجوبة المرضية لهم يتهمون الله ويرفضونه. أما المسيحي المؤمن، فإنه أمام الألم يقف متأما بالصليب ويسوع المصلوب فإنه يلمس أنه لم يعد لوحده يواجه الألم بل أن الرب المعلق على الصليب يشاركه ألمه بكل حب ويفهم المسيحي المؤمن أن الرب يسوع من على الصليب، يقدم حياته، لقد حول الألم الناتج عن الظلم وعن الإرهاب الممارس عليه إليه عطيه حب وتقدمة خلاص وكلّ هذا بفعل الحب الكبير الذي يحمله للآب ولنا نحن اخوته البشر .


ومن خلال هذه الحياة المليئة بالأوقات الصعبة والعصيبة لا ندرك معنى الصعوبات ، تلك الصلبان التي تعترض مسيرنا على الأرض كمؤمنين . نعم طرقنا مليئة بالاشواك وهذه الاشواك تقلب مفاهيمنا وتعكس اعتقاداتنا البشرية بأن الضيقات والالام نقمة . الالام تساعدنا ان ننظر الى الفوق وتساعدنا على تقوية الشخصية . نعم الله خلقنا للسعادة لا تكتمل الا بالألم ، ونعم ايضا الألم يمزق راحتنا ويجرح قلوبنا لكن في نفس الوقت يكشف العطش الداخلي للسعادة التي في داخلنا .

فلننظر اذن الى الالام على انها فرصة للمشاركة والنمو وتحقيق التزاماتنا تجاه الرب واستعداد كلي لمواجهة اي شيء . لأن في الحب يعطي للألم معنى ، والألم لا يكون جزء من التضحية الا بمقدار ما يحطمه الحب ويصلبه ان اردنا ان تكتمل المحبة في عالم موسوم بالموت والأنانية ..
الصور المرفقة
نوع الملف : jpg 00_1__411.jpg‏ (19.3 كيلو بايت, 4 قراءة)

من منكم بلا خطيئة فليرميها بأول حجر
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.03258 seconds with 11 queries