عشق الغياب
أين أنا مني...حين أغيب عن الدنيا؟؟؟لماذا نعشق غيابنا إلى هذا الحد؟؟؟ حين نختبئ داخل أنفسنا ونتحول إلى عينين كبيرتين..نراقب ما يحصل حولنا بدقة..ولكننا لانتفاعل معه....ونتحول إلى أذنين مصغيتين...نسمع كل ما يدور حولنا...ولا نلقي له بالاً...ولا نتأثر به...ولا يخرجنا من حالة أشبه بالسبات...حين نجلس على كرسي في فناء البيت...يبللنا المطر ولا نشعر بالبرد..فنحن في نشاط بصري وسمعي...وسبات لباقي الحواس...نحن أشبه ما يكون بآلة تصوير ..تلتقط كل شئ ولا تتأثر به.
تقف الآن يمامة صغيرة على شريط الكهرباء أمامي....أراها تتلفت ذات اليمين والشمال...هل هي مثلي الآن تراقب ما يحدث حولها فقط؟؟؟إذا لم لا تأتي وترتاح على الشجرة بدلا من الوقوف؟؟؟ ألم تتعب؟؟ ألن تأوي إلى عشها؟؟أضحك منها ومني...فهي تقف على شريط الكهرباء ..تاركة راحة الإيواء إلى عشها ...وأنا أجلس في فناء البيت...على كرسي بلاستيكي..أهدل أطرافي بخدر... بدلاً من الجلوس على فراش وثير في الداخل..
أين انا الآن مني ؟؟هل هو عشق الغياب؟؟ حين نبتعد عن كل من نحب ومانحب...هل تأصل فن الهجرة فينا منذ الرحيل الأول عن شبه الجزيرة العربية..وبتنا نعشق الترحال لمجرد الترحال؟؟هل نبتعد لمجرد أن نبتعد...ونعود لمجرد أن نرى ما فعله غيابنا في الأحباب؟؟؟أم بتنا الآن ننسحب إلى ركن مظلم في داخلنا..ونقبع بهدوءنسجل في ذاكرتنا كل ما يجري ...حالة أشبه بفقدان الوعي ..ولكن بعينين مفتوحتين؟؟حين نشعر بانسلاخنا عن الواقع والحياة...هو شئ أشبه بالسبات العقلي...مع مساحة كبيرة من الشرود...وكمية ضخمة من الخدر اللذيذ...الذي يطال حتى العقل منا.
أين أنا الآن مني ؟؟؟هل أصبحت عاشقاً للغياب؟؟ أم متقناً لفن الانسحاب؟؟؟
قل للغياب نقصتني..
وحضرت لأكملك
|