عرض مشاركة واحدة
قديم 12/08/2005   #1
Anonymous
عضو
-- زعيـــــــم --
 
الصورة الرمزية لـ Anonymous
Anonymous is offline
 
نورنا ب:
Oct 2003
مشاركات:
1,826

افتراضي من المواطنة الإقليمية .. إلى المواطنة العالمية


من المواطنة الإقليمية .. إلى المواطنة العالمية


الناس جميعاً , أفراداً , وشعوباً , وقبائل , يعودون لأصل واحد , من حيث تكوينهم المادي فهم من ( تراب ) , مثلما أنهم يعودون لأصل واحد , من حيث نسبهم البشري فهم ( لآدم ) , والناس أدياناً , وعقائد , وثقافات , يصدرون عن نداء وجداني واحد يلح عليهم بتساؤلات : من أنا ؟ ومن أين أتيت ؟ وإلى أين ذاهب ؟ وتشتت العقل البشري في تعامله مع هذه التساؤلات منذ القدم , وفتح باب الخيال والتخيل على مصراعيه , في البحث عن أجوبة لهذه التساؤلات , ونشأت مدارس , وفلسفات , وتيارات فكرية , نتيجة لاختلاف الرؤى , والتصورات , والفرضيات , والنظريات , والتأملات بشأنها , إلا أن هذا التنوع الهائل في البحث عن الحقيقة , أجمع بشكل أو بآخر على حقيقة واحدة , وهي أن هذا الكون لم يأت من عدم , وتبلور التنوع في الاختلاف , حول مصدرية وجوده , بشكل رئيس إلى أثنين : ( الخالق) أو ( الطبيعة ) , والنسبة الطاغية من البشر تؤمن بفكرة ( الخالق ) , فجميع الأديان السماوية أو الروحية , تؤمن بأن هناك قدرة عليا أوجدت هذا الكون , وكل أنواع الحياة فيه , وأنها القدرة التي تدبر شؤونه , وأن الأمر إليها في البدء والنهاية , هذا بشكل عام , أما الأديان السماوية الربانية , فهي الأكثر تحديداً لهذا الخالق , وصفاته ,وقدراته , ومنهجية العلاقة معه , مع اختلاف , وتباين بينها , بشأن ذلك , وهذا يعني بوضوح , أن البشرية بأغلبيتها الساحقة , تؤمن بأن مصدر نسبها الروحي واحد ( الخالق ) , وأن شأنها وشأن الكون إلى مدبر واحد ( المدبر) , طبعاً مع تنوع في التعبير عن ( الخالق ) , و ( المدبر ) , فالإسلام عبر عنه بمسمى ( الرب ) , فقال رسول الهدى صلى الله عليه وسلم ( يا أيها الناس إن ربكم واحد ) , ووجدت أن المسيحيين واليهود وباقي الأديان يؤمنون بهذا , مع اختلاف – كما قلت آنفاً – بالتعبير عن هذا ( الرب ) . وهذا يصل بنا إلى حقيقة واحدة أن الناس يعودون إلى أصل واحد في نسبهم الديني هو :

( الله ) كما يعبر المسلمون , أو (God ) كما يعبر المسيحيون , واليهود وغيرهم , أو Supreme Being)) كما يعبر البوذيون , وغالب الديانات الشرقية , وهذا يؤكد وحدة الإيمان الفطري لدى البشر جميعاً ,كما عبر عن ذلك القرآن الكريم بقول الله تعالى ( وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلا .. الآية ) , وخلاصة القول أن الناس جميعاً , يلتقون في فهمهم وتصوراتهم في ثلاثة مسائل رئيسة في حياتهم هي :

1. نسبهم المادي . 2. نسبهم البشري . 3. نسبهم الفطري . طبعاً ومن المؤكد الذي لا شك فيه , أن هناك صيغة واحدة , ومصدرية واحدة , هي الدقيقة والصحيحة في التعبير عن ماهية الخالق , والكون , والحياة, فالحقيقة واحدة , والحق الرباني واحد لا يتعدد , فكل أتباع دين , أو ملة , أو معتقد , أو تأمل روحي , يؤمنون ويعتقدون بأنهم على حق فيما يعتقدون , وأن الآخرين من الناس , لم تتوفر لهم بعد أسباب وضوح هذه الحقيقة ( حسب اعتقادهم وفهمهم ) , ولم تتبدد وتتلاش عن بصرهم وبصيرتهم , عوامل حجب هذه الحقيقة عنهم, فهم كافرون بها , ضالون عن سبيلها, وأن كل جهة تعتبر نفسها على الإيمان والاعتقاد الحق , وأن غيرها كافر , وضال ما دام يخالفها فيما تعتقد وتؤمن , وقد حسم القرآن هذا الأمر , وأنهى الجدل بشأنه بقول الله تعالى ( لكم دينكم ولي دين ) , وبقول الله تعالى ( إن الذين آمنو والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة إن الله على كل شئ شهيد ) , وبقوله تعالى ( ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعاً أ فأنت تكره الناس حتى يكون مؤمنين ). والإسلام مع حسمه لمسألة الجدل بشأن أحادية حقيقة الاعتقاد والإيمان , لا يعني بحال أنها مسألة هامشية , أو غير جوهرية في دين الإسلام ومنهجه , بل أكد من قبل , ويؤكد من بعد على أهمية هذه الحقيقة , ومركزية قيمتها الإيمانية عند الله جلّ شأنه , كما هو في قوله تعالى : ( إن الدين عند الله الإسلام ) , وفي قوله تعالى ( ومن يبتغي غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ) , وكما هو مؤكد في قول الله تعالى ( قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير) , ولقوله تعالى ( إن هذا لهو القصص الحق وما من إله إلا الله وإن الله لهو العزيز الحكيم ) , وهذه الآيات وغيرها من النصوص المتعلقة بحقيقة أن الإسلام هو الدين الحق عند الله بلا منازع , إنما تأكيد على أن الحقيقة الدينية عند الله واحدة , لا تتنوع ولا تتغير , وهذا بتقديري ما يعتقده أتباع كل دين , وأتباع كل ملة تجاه ما يؤمنون ويعتقدون , ولا أحسب أن عاقلاًً يصر على الإيمان والاعتقاد بأمر وهو يحس أو يعلم أنه يفتقر إلى مقومات الحقيقة , أو يتجافى عنها , وبعد ومع تأكيدنا على أحادية الحقيقة الدينية عند الله , علينا أن نؤكد اعترافنا بأن الحقيقة البشرية متنوعة ومتعددة , وهنا ينبغي أن نؤكد على الفرق الأساس بين الحقيقة الرانية , من حيث أنها واحدة وثابتة , والحقيقة البشرية باعتبارها متنوعة وغير ثابتة, وهذا الفرق يخرجنا من الجدلية الدائرة بين البشر حول الحقيقة الدينية , ولإزالة حالة اللبس عند البعض بين أصل الحقيقة الربانية , وبين فهم الناس لهذه الحقيقة , وإخضاعها في كثير من الحالات للأهواء البشرية ونزعاتها المتعددة , مما سبب التعدد والتنوع في الاعتقاد عند البشر بشأن الحقيقة الدينية , ولنؤكد أن المسألة مصدرها اختلاف الأتباع لا اختلاف الأنبياء , الاختلاف الذي انعكس بشكل أو بآخر على وحدة الموقف البشري من مسائل الحياة , مما كان مصدراً للصراع على المستويات الإقليمية والقومية , وكذلك على المستويات الإنسانية والعالمية , وتأثرت بهذا الصراع مسيرة حركة الإنسان في الأرض , باعتبار أن الدين مكون أساس في صياغة سلوكيات الأفراد , وتشكيل ثقافاتهم وأدبيات أدائهم الحضاري , وفي التعامل مع حالة الصراع هذه برزت ثلاثة مناهج : 1. منهج الإلحادية 2. منهج العلمانية 3. منهج الإسلام فأتباع المنهج الإلحادي كان توجههم في إنهاء هذا النوع من الصراع بأن قرروا إلغاء مصدرية هذا الصراع , فأعلنوا مذهبهم المادي الذي يقوم على قهر الفكرة الدينية والاعتقاد الديني , واعتبروا الدين معطل للحياة , وأطلقوا شعارهم المعروف ( الدين أفيون الشعوب ) , طمعاً منهم على توحيد الموقف البشري إقليمياً وعالمياً على الإلحاد والجدلية المادية وفلسفاتها المعروفة وما آلت إليه , فأدخلوا أنفسهم والعالم بمتاهة اعتقاد جديد , زاد في تغذية الصراع والصدام الإقليمي والعالمي , ولم يستطيعوا تحقيق حلمهم الموهوم , بل تبددوا كما تتبدد الأحلام بما اتخذوا من دون الله بديلا . أما أتباع المنهج العلماني فانتحوا منحاً آخر , حيث قرروا إبعاد الدين عن مناحي الحياة , لحجب مؤثرا ته السلبية على مسيرة الحياة , وحصر الدين في المعابد وجعلوه من الخصوصيات الفردية , التي لا شأن لها في حركة الإنسان في الحياة , فكانت – أي العلمانية – أكثر قبولاً عند الناس بعامة , وحققت درجات من الإيجابية في التخفيف من مؤثرات الاختلاف الديني بين شرائح المجتمع , إلا أنهم بشكل أو بآخر بقيت نزعاتهم الدينية وارتباطاتهم المذهبية ذات أثر فاعل في طبيعة أدائهم الميداني الحياتي , وأخذ الصدام بينهم وبين سلطان معابدهم – التي عزلت في البدايات - يتلاشى شيئاً فشيئاً , بل وأخذ التنسيق والتعاون يعود وينتظم بين الطرفين , حتى بلغ مرحلة الاعتراف المتبادل والتعاون العملي والميداني على كافة المستويات , فعلى سبيل المثال أفرد الفاتيكان في إصداره المشهور ( المجمع المسكوني الثاني ) فصلاً كبيراً للتحدث عن العلمانية وإيجابياتها , وأعلن بكل وضوح قائلاً ( العلمانيون جند من جنود الكنيسة ولكن بوسائل أخرى ) , وهذا يعني بكل وضوح بأن كلاً من الطرفين , أعاد النظر في موقفه التقليدي بشأن مسألة الطلاق السياسي بين الكنيسة ( أو المعبد ) والقرار السياسي , وعقدوا تزاوجاً بين الديني والسياسي , بعد أن أدرك كل من الطرفين حقيقة حاجة كل منهما للآخر. أما الإسلام فقد جاء الأمر معه محكماً منذ البداية , حيث أقام علاقة وثيقة ومتوازنة بين الدين والدنيا , وبين المسجد ومؤسسة الولاية , بل أن المسجد كان هو دار الولاية , الذي يجمع ويؤاخي بين مؤسستها الدينية ومؤسستها السياسية , أو إن شئت فقل بين مقومات حركة أدائها الروحي , ومقومات حركة أدائها العمراني , فالإسلام هو إقامة الحياة ( يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله والرسول إذا دعاكم لمل يحييكم .. الآية ) , والإسلام من جهة أخرى وكما هو معلوم ( عقيدة , وشريعة , ومنهج حياة ) , ومع التأكيد على وحدة وتكامل هذه الدوائر الثلاثة , ومع التأكيد على أن دائرة العقائد هي الدائرة المركزية التي تحكم وتضبط مقومات وقيم الأداء التشريعي والمنهجي لحياة الفرد والمجتمع المسلم , والعقيدة من جهة أخرى تبقى هي المعنية مباشرة بقاعدة الولاء والبراء , وعلى أساس من ذلك جاءت القاعدة الأصولية العقدية في قول الله تعالى ( لكم دينكم ولي دين ) , أي أن مسألة العقيدة في الإسلام أمر محسوم , فلا جدل بشأنها ولا مساومة ولا مداراة ,فالإسلام هو الدين الحق عند الله ( إن الدين عند الله الإسلام ) , فإنه بالمقابل لا بد أن ننوه على أن بعد دائرة الاعتقاد المركزية في الإسلام ( توحيد الله تعالى بصفتي الألوهية والربوبية , وما يتعلق بهما مباشرة من أصول وأحكام , تبدأ دائرتي الشريعة والمنهج تتسعان للتعامل مع مسائل المشترك الحياتي مع الآخر , وذات مرة سألني مفكر غربي وأنا أحاوره حول ( موضوع الإسلام والتعايش البشري الآمن ) قائلاً : ما هو موقع غير المسلم مع الإسلام في المجتمع المسلم ؟ فقلت له باختصار :

الإسلام بشكل رئيس يتكون من عقيدة وشريعة ورسالة حياة , فالعقيدة تمثل الخصوصية الدينية للمسلم التي يتميز بها عن غيره من أتباع الأديان ومثلما هي كذلك بالنسبة لأتباع كل دين , وقد حسم الإسلام مسألة الاختلاف العقائدي بين الناس فقرر قاعدته الربانية الخالدة ( لكم دينكم ولي دين ) مثلما قرر مبدأه العظيم ( لا إكراه في الدين ) , والشريعة تتناول نوعين من الأحكام والقواعد والقيم , قسم يتعلق بالأحوال الشخصية الدينية , وبشأن هذا النوع من الأحكام فقد حسم الإسلام كذلك الخلاف بشأنها , فأعطى لإتباع كل دين من مواطني المجتمع المسلم حق التحاكم إلى شرائع أديانهم إن رغبوا , أما القسم الثاني من الشريعة , فيتعلق بالمصالح العامة للمجتمع , والناس مع أحكام هذا القسم سواء , لا فرق بينهما في المصالح والحقوق والواجبات , فقلت له فهل على أساس من ذلك يبقى هناك مشكلة لغير المسلم في المجتمع المسلم ؟ فقال : إن كان الأمر كما وضحت فلا مشكلة , طبعاً هناك تفصيل يعزز هذا التصور ويجيب على ما يتعلق به من تساؤلات فرعية لا تتسع مساحة هذه المقالة للدخول في حيثياتها, وتأصيلاً لمنهجية المواطنة الإقليمية رسم الإسلام إطاراً عاماً لميثاق المواطنة الإقليمية , مثلما حدد له منطلقات وأحكام وضوابط منها :

1. المواطنين على اختلاف انتماءاتهم الدينية والعرقية أمة واحدة من دون الناس .

2. وأن الحرية الدينية مكفولة لكل مواطن .

3. المواطنون متضامنون ومتكافلون في الحرب والسلم .

4. وأنهم جميعاً مسؤولون عن رد العدوان وحفظ سيادة الأوطان .

5. وأن عليهم النصح والبر، فيما ليس فيه إثم .

6. وأن الجــــــار كالنفـــس ، غيـــر مضــار فـــي أمنه وكرامته . فهذه القواعد السالفة الذكر ، وغيرها مما يحفل بها القرآن الكريم والسنة المطهرة ، تكّون بتكاملها المنطلق الأساس لعقد المواطنة في نظام الإسلام وشرعته ، الذي يؤكد أن المواطنين على اختلاف انتماءاتهم الدينية والقومية والعرقية ، هم أمة واحدة تتساوى مصالحهم، وتتكامل حـــقوقهم وواجباتهم ، وأن أمنهم واحد ، ومصيرهم واحد ، من غير تمايز ولا تفاضل بينهم إلا بالعمل الصالح , وميثاق المواطنـة ( العقد الاجتماعي الوطني ) يكفل لكل مواطن ممارسة حقوقه وأداء واجباته . باعتبار أن كل مواطن من حيث الأصل والمبدأ يحرص على :

1 – حرية اعتقاده وممارسة عبادته .

2 – احترام خصوصياته وحقـه بالاحتكـــام إلى قيمـــه الدينية فيما يتعلق بشؤونه الشخصية .

3 – تأمين مصالحه الدنيوية دون الإضــرار بمصالــح غيره ، ومن دون انتقاص أو تمييز .

4 – تحقيق طموحاته وآماله الشخصية والوطنيـة فـــي سياق المصالح العامة للمواطنين .

5 – العيش بكفاية وأمن واستقرار .

6 – المشاركة في خدمة بلده ، والمحافظـــة على أمنـه واستقراره وسيادته .

وباعتقادي أن ذلك كله وغيره مضمون ومكفول في العقد الاجتماعي في الإسلام ( عقد المواطنة ). والإسلام من جهة أخرى - وكما هو معلوم - جاء بتميز مفردات خطابه الديني , ومنطلقات نهجه الحضاري , لينعطف بالبشرية من روابطها القومية .. إلى وشائجها الإنسانية , ومن أطر همومها الإقليمية .. إلى آفاق همومها العالمية , ومن خصوصية المصالح الوطنية ,, إلى عولمة المنافع الدولية .. ومن العناية بأمن الشعوب المحلية .. إلى شمولية العناية بأمن الأمم وأجيالها البشرية , ولتحقيق هذه الرسالة العظيمة النبيلة , اعتنى الإسلام بمقومات وقيم وآليات المواطنة العالمية , مثلما اعتنى بمقومات وقيم المواطنة الإقليمية , وأقام بينهما تكاملاً موضوعياً ومتوازناً , تحشد من خلاله فعاليات بني البشر , لتعمل معاً في حركة متسقة لتحقيق مراد الله تعالى في تحقيق غايات مهمة استخلاف الإنسان في الأرض , والتي يمكن اختصارها بخمس غايات عامة :

. 1 عمارة الأرض وتسخير الكون

2. إقامة العدل

3. كرامة الإنسان

4. سلامة البيئة

5. وصيانة السلم والتعايش الآمن بين المجتمعات.



وللنهوض بهذه الغايات النبلة الجليلة فإن رسالة الإسلام ومنهجها الرباني المحكم شرع سبعة منطلقات لتكون الأساس لحركة الأداء البشري في مسيرة الحياة.

: I التعارف : " يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله خبير عليم .

. " II التدافــع : " ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض " " ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع ومساجد يذكر فيها أسم الله كثيراً ".

III التكامـل: " إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتاً فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة فيه , فلأخذ الناس يطوفون ويقولون ما أجمله وما أحسن لولا موضع لبنة فيه , فأنا اللبنة وأنا خاتم الأنبياء " IV. التساخر: " .. أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضاً سخريا ورحمة ربك خير مما يجمعون ". V. التنافس: " .. لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاج ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم فيما آتاكم فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعاً فينبئكم فيما كنتم فيه تختلفون ". VI. التراحم: " ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ". VII. التعايش: " وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ". أجل هذه أعمدة سبعة يطرحها الإسلام منطلقاً للمشترك الحضاري البشري , وعلى أساس منها ولتفعيلها , طرح مبادئ عامة لتأسيس وتأصيل ثقافة ميثاق مواطنة العالمي : 1. أيها الناس إن أباكم واحد .. تأكيداً على وحدة الأسرة البشرية . 2. أيها الناس إن ربكم واحد .. تأكيداً على وحدة مصدرية الإيمان. 3. أيها الناس إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام .. تأكيداً على قدسية حياة الإنسان وممتلكاته . 4. أيها الناس إن الله قد قضى أن لا ربا.. تأكيداً على الأمن الاقتصادي. 5. أيها الناس إن عدة الشهور عند الله اثنا عشــر شهراً منها أربعة حرم.. تأكيداً على احترام الوقت , وقدسية كرامة الإنسان وأمنه , و إشاعة ثقافة السلام , وسلامة البيئة , والتعايش الآمن بين الناس. 6. أيها الناس اســـتوصوا بالنساء خيراً فلكم عليهن حــقاً ولهن عليكم حقاً .. تأكيدا على أهمية دور المرأة شريكة متكاملة الشراكة مع الرجل في تحمل مسؤوليات الحياة . 7. أيها الناس إن الله قد حرم الظلم على نفسه وجعله بينكم محرماً فلا تظالموا .. تأكيداً على أن العدل أساس كل فضيلة وأنه الحارس الأضمن لأمن العباد والبلاد . إن هذه الأعمدة السبعة ، التي تضمنها ميثاق المواطنة العالمية لخطبة الوداع ، وما يتفرع عنها من قيم ومبادئ ، وما يتسق معها مما تزخر به توجيهات القرآن الكريم ، ومما تفصّل فيه وترفده أقوال وأفعال السنة المطهرة ، وما استنه الخلفاء الراشدون المهديون من بعده ، لهي بجملتها تكّون الأسس الراسخة، والمعالم الجلية للميثاق العالمي الإسلامي أو( العقد الاجتماعي العالمي ) ، والإسلام وهو يقرر المواطنة الإقليمية , والمواطنة العالمية , يرتكز في ذلك على :

01. أن الأرض لله , والإنسان مستخلف فيها بأمره سبحانه. " وإذ قال ربك للملائكة إني جعل في الأرض خليفة .. الآية " .

02. وحد الأسرة البشرية. " كلكم لآدم وآدم من تراب

03. وحدة مصدرية الإيمان. " يا أيها الناس إن ربكم واحد "

04. عمارة الأرض مهمة بشرية مشتركة. " هو الذي أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها .. الآية " .

05. إقامة الحياة مقصد أساس في منهج الإسلام. " يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم ".

06. أن الكون وما فيه في عبادة دائمة لله تعالى. " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون " , وإن من شئ إلا يسبح بحمده ,, الآية " .

07. العبادة في الإسلام نوعان: · عبادة روحية . · وعبادة عمرانية " الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق " وختاماً نؤكد على أن رسالة الإسلام هي رسالة الحياة للناس دون تمييز( يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً .. الآية ) , وأن الآخرة هي ميدان التفاضل بينهم عند الله .. وأنه سبحانه سيفصل بين الناس فيما كانوا فيه يختلفون ( إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة إن الله على كل شئ شهيد ) , وسيبطل الباطل ويحق الحق , وسينال كل من الخلائق جزاءه حسب ما قدم .. إن خيراً فخير وإن شراً فشر, أما الحياة الدنيا فهي للجميع كل حسب جهده وعمله ومهارته , من غير بخس ولا نقص ( من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها سنوفي إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون .. الآية ) , بل ويؤكد الإســــلام على الناس جميعاً ويدعوهم على اختلاف مللهم وشـــرائعهم , ليتنافسوا في عمل الخير وليدخلوا معاً ميادين التسابق في كل ما يحقق النفع والفلاح للجميع في الحياة الدنيا ( وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم فيما آتاكم فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعاً فينبئكم فيما كنتم فيه تختلفون ) . ونحن المسلمين وعلى أساس مما تقدم , نؤمن بأن الناس جميعاً هم خلق الله وعباده , وأن أحبهم إلى الله , أحبهم إلى خلقه , وأتقاهم في تحقيق منافعهم, مثلما نؤمن بأن الله قد جعل الناس شعوباً وقبائل ليتعارفوا , على أساس من احترام تنوع أديانهم وأعراقهم وثقافاتهم , واحترام خصوصياتهم القومية وأعرفهم وثقافاتهم , وعدم انتهاك سيادة بلدانهم وممتلكاتهم واستقرارهم وأمنهم , وأن يجعلوا من هذا التنوع في الشرائع والثقافات والإمكانات والمهارات بينهم , منطلقاً للتعاون والتنافس , وحافزاً للتكامل بين حقوق الإنسان ووجباته , على مستويات المواطنة الإقليمية والمواطنة العالمية , في ظل تكامل وثيق ومتوازن بين نظام عالمي عادل , وعولمة جماعية راشدة , يتحقق بهما العدل , وكرامة الإنسان و وسلامة البيئة , والتعايش الآمن بين الناس جميعاً أفراداً ومجتمعات .
 
 
Page generated in 0.07118 seconds with 10 queries