الالتزام
عندما نقرأ الأنجيل المقدس نشعر وكأننا ندخل ملكوت الله ويتحقق الخلاص لنا بالرغم من انتظار مجيئه الثاني . لأن دور الايمان بموت وقيامة اجسادنا مع المسيح وفي الأفخارستيا كأندماج شامل فيه ، والمواهب ونعمها في وجودنا جعلت من حياتنا المسيحية شهادة ايمانية متواصلة وسلوك متعمق في المحبة وخدمة الاخر .
لكن عند مقارنتنا لحياتنا المسيحية اليوم وما كان عليه في وقت ابائنا الاولين اي في بداية الكنيسة سنلاحظ انه كان في السابق مناخا غير الذي قاله المسيح ، لان في القرن الثاني من بدايتها نرى ان اللهجة والمواضيع تغيرت لان افكار وفلسفة العهد القديم اختلطت مع فلسفة العهد الجديد ومن ثم عادت الى الساحة . لان كان هناك تعليم خلقي مبني على نموذج يهودي لكنه مغلف بأطار مسيحي . كان هناك الحاح شديد وكره من الناحية الجسدية والجنسية وهذا ما نقرأه في كتاب الديداكي* (( ابتعد عن الشهوات الجسدية ، لا تزن ، لا تفسد الصبيان ، تجنب كل علاقة مع النساء ، لا يدخل في قلبك فكر الزنى ... )) .
اذا تعمقنا في هذا الاتجاه انه اثر في الاخلاقية المسيحية ، السبب في هذا هو ان المسيحين كانوا يعيشون جنبا الى جنب مع الوثنين . فهؤلاء الوثنين علمتهم ثقافتهم منذ القدم ان غاية لوجود الانسان على الارض هي المتعة الجسدية وان جسم الانسان هو وسيلة للمتعة . من هذا انطلق اباء الكنيسة للدفاع عن العفة والزهد وحرموا كل المرح والرقص كأن بهما لمسة من القذارة كما يدعي في ايامنا هذه بعض الشيع الذين محسوبين على المسيحية . لكن بالرغم من وجود عناصر يهودية يبقى الاهم الأيمان المسيحي الذي هو الوعي العميق بحضور المسيح هذا الحضور الذي نعتبره شريعة جديدة ونموذجا كاملا للوجود الأنساني ونعيش هذا النموذج من خلال حياتنا المتجردة من الماديات .
الالتزام يتطلب منا الى مقاومة كل اشكال الانحطاط والعمل من اجل احترام كرامة الانسان التي هو صورة الله ومقاومة كل اشكال الاستغلال والعمل من اجل حريته والعمل من اجل العدالة والسلام والمصالحة .
لهذا وجب علينا الألتزام والشركة المسيحية . ان شعب الله هو مغروس في كل بقاع الارض لان الجميع هم مواطني ملكوته الذي ليس ماديا وانما روحيا سماويا لان الجميع متحدون في الشركة بالروح . فاذن جميع الناس مدعوون الى الالتزام المسيحي التي تبشر بالسلام وبها يرتبط الكل مؤمنين ام لا لان الكل مدعوون الى الخلاص .
ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــ
* الديداكي = هو تعليم الاثني عشر ، يعتبر اقدم وثيقة لنظام الكنيسة في نهاية القرن الاول . كتب حوالي سنة 100 بصيغته النهائية . فيه خليط من الادب اليهودي والتطويبات المسيحية ، ويشير الى ممارسات اليترجية . ولفهم هذا الكتاب مراجعة كتاب الاب لويس ساكو ( راعي ابرشية كركوك حاليا ) المعنون : الكنيسة الاولى مسيرة ايمان وبداية اللاهوت ..
من منكم بلا خطيئة فليرميها بأول حجر
|