أيها النّاس لَوْ أن الْمَوْت يُشْتَرى لاشْتَراه مِنْ أهْل الدّنْيا الْكَريم الابْلَج وَاللّئيم الْمُلَهْوَج.
أيها النّاس إن لِلقلوب شَواهِد تُجْري الانْفس عَن مَدْرَجة أهْل التّفْريط وَفِطْنَة الْفَهْم لِلمَواعِظ مِما يَدْعو النّفْس إلى الْحَذَر مِنْ الْخَطَر، وَلِلقلوب خَواطِر للهَوى، وَالْعُقول تَزْجر وَتنْهى، وَفي التّجارِب عِلْم مُسْتَأنَف، وَالاعْتِبار يَقود إلى الرّشاد، وَكَفاك أدَبا لِنَفْسك (اجْتِناب) ما تَكْرَهه لِغَيْرك، وَعَليك لاخيك الْمُؤمن مِثُل الّذي لَك عَليه، لَقَد خاطَر مَنْ اسْتَغْنى بِرَأيه، وَالتّدَبُّر قَبْل الْعَمَل فَإنه يُؤمِنُك مِنْ النّدَم، وَمَنْ اسْتَقْبل وُجوه الآراء عَرَف مَواقِع الْخَطَأ وَمَنْ أمْسَك عَن الْفُضول عَدَلت رَأيه الْعُقول ، وَمَنْ حَصّن شَهْوَته فَقَد صان قَدره، وَمَنْ أمْسَك لِسانه أمِنَه قَوْمه وَنال حَاجَته، وَفي تَقَلّب الاحْوال عِلْم جَواهِر الرّجال، وَالايام تُوضِح لَك السّرائِر الْكامِنَة، وَلَيْس في الْبَرْق الْخاطِف مُسْتمتع لِمَنْ يَخوض في الظّلمة وَمَنْ عَرُف بِالْحِكْمَة لحظته الْعيون بالْوَقار وَالْهَيْبَة، وأشْرَف الْغِنى تَرْك الْمُنى، وَالصّبْر جُنَة مِنْ الْفاقَة، وَالْحِرْص عَلامَة الْفَقْر، وَالْبُخْل جِلْباب الْمَسْكَنة، وَالْمَوَدّة قَرابَة مُسْتَفادَة، وَوَصول مُعْدِم خَيْر مِنْ جاف مُكْثِر، وَالْمَوْعِظَة كَهْف لِمَن وَعاها، وَمَنْ أطْلَق طَرْفَه كَثُر أسَفُه ، وَقَدْ أوْجَب الدّهْر شُكْرَه عَلى مَنْ نال سُؤله، وَقَل ما ينْصفك اللّسان في نَشْر قَبيح أو إحسان وَمَنْ ضاق خُلْقُه مَلّه أهْلُه، وَمَنْ نال اسْتَطال، وَقل ما تصْدقك الامْنِيّة، وَالتّواضُع يَكْسوك الْمَهابَة، وَفي سَعَة الاخْلاق كُنوز الارْزاق، كَمْ مِنْ عاكِف عَلى ذَنْبه في آخِر أيام عُمْرِه وَمَنْ كَساه الْحَياء ثَوْبَه خَفي عَلى النّاس عَيْبَه، وتَحَرّى الْقَصْد مِنْ الْقَوْل فَإن مَنْ تَحَرّى الْقَصْد خَفّت عَليه الْمؤن وَفي خِلاف النّفْس رُشْدُك، مَنْ عَرَف الايام لَمْ يَغْفَل عَن الاسْتِعْداد، ألا وَإن مَعَ كُل جُرْعَة شَرَقا وَإن في كُل اكْلَة غَصَصا، لا تُنال نِعْمَة إلا بِزَوال اخْرى، وَلِكُل ذي رَمَق قوت، وَلِكُل حَبَة آكِل وَأنْت قوت الْمَوْت.
لــــــــــــــــــــــكل انســـــــــــــــــــــان في هذا العالم وطنـــــان وطنه الأم و ســـــــــــــــــــوريا
|