أيها النّاس في الانْسان عَشَر خِصال يُظْهرها لِسانه: شاهِد يُخْبِر عَنْ الضّمير، حاكِم يَفْصِل بَيْن الْخِطاب، وَناطِق يُرَد بِه الْجَواب، وَشافِع تُدْرَك به الْحاجَة، وَواصِف يُعْرَف به الاشياء، وأمير يَأمُر بالحَسَن، وَواعِظ يَنَهى عَنْ الْقَبيح، وَمُعِز تُسَكَن به الاحْزان وَحاضِر تُجْلى به الضَغائِن ، ومُونِق تَلْتَذ به الاسماع.
أيها النّاس إنه لا خَيْر في الصّمْت عَنْ الْحُكم كما أنه لا خَيْر في القَوْل بالْجَهْل.
واعلموا أيها النّاس إنه مَنْ لَم يَمْلك لِسانه يَنْدَم، وَمَنْ لا يَعْلم يَجْهَل، وَمَن لا يَتَحَلم لا يَحْلُم وَمَن لا يَرْتَدع لا يَعْقِل، وَمَن لا يَعْقِل يَهُن، وَمَن يَهُن لا يُوَقَر، وَمَن لايُوَقَر يُتَوَبخ ، وَمَن يَكْتَسِب مالا مِنْ غَيْر حَقِه يَصْرِفه في غير أجْرِه، وَمَن لا يَدَع وَهُو مَحْمود يَدَع وَهُو مَذْموم وَمَنْ لَم يُعط قاعِدا منع قائِما ، وَمَن يَطْلب الْعِزّ بِغَيْر حَقّ يذل، وَمَن يَغْلب بالجور يُغْلَب، وَمَن عاند الْحَق لزِمَه الْوَهْن، وَمَن تَفَقه وُقِر، وَمَن تَكَبر حُقِر، وَمَن لا يُحْسِن لا يُحْمَد.
أيها النّاس إن الْمَنِيَة قبل الدّنية وَالتّجَلّد قَبْل التّبَلد ، وَالْحِساب قَبْل الْعِقاب وَالْقَبْر خَيْر مِنْ الْفَقْر، وَغَضّ الْبَصَر خَيْر مِنْ كَثير مِنْ النّظَر، وَالدّهْر يَوْم لَك وَيوْم عَليك فإذا كان لَك فَلا تَبطر وَإذا كان عَليك فاصْبر فَبِكليهما تمْتَحَن.- وفي نسخة وكلاهما سيَخْتبر.
أيها النّاس أعْجَب ما في الانْسان قَلْبه وَله مَواد مِنْ الْحِكْمَة وَأضْداد مِنْ خِلافها فَإن سَنح لَه الرّجاء أذَله الطّمَع، وَإن هاج بِه الطّمَع أهْلَكه الْحِرْص، وَإن مَلكه اليأْس قَتله الاسَف، وَإن عَرض له الْغَضَب اشْتَدّ به الْغَيْظ، وإن اسعد بالرضى نَسِي التّحَفظ ، وإن نالَه الْخَوْف شَغَله الْحَذَر، وَإن اتّسَع لَه الامن استَلَبته الْعِزّة وَفي نسخة أخَذَته الْعِزّة، وَإن جُدِدَت لَه نِعْمَة أخَذَته الْعِزّة، وَإن أفاد مالاً أطغاه الْغِنى، وَإن عَضّته فاقَة شَغَله الْبَلاء وَفي نسخة جَهده الْبُكاء وَإن أصابَته مُصيبَة فَضَحه الْجَزَع، وَإن أجْهَدَه الْجوع قَعَد به الضُّعْف، وَإن أفْرَط في الشّبْع كَظَته الْبِطْنَة ، فَكل تَقْصير به مُضِر وَكُل إفْراط لَه مُفْسِد.
أيها النّاس إنه مَنْ قَلّ ذَلّ ، وَمَن جاد ساد، وَمَن كَثُر مالَه رَأُس وَمَن كَثُر حِلْمُه نَبِل، وَمَن فَكر في ذات الله تَزَنْدَق ، وَمَن أكثر مِن شَيئ عُرِف بِه وَمَن كَثُر مُزاحه اسْتُخِف بِه، وَمَن كَثُر ضِحْكه ذَهَبت هَيْبَته، فَسَد حَسَب مَنْ لَيْس لَه أدَب، إن أفْضَل الْفِعال صِيانَة الْعِرْض بالمال، لَيْس مَنْ جالَس الْجاهِل بِذي مَعْقول، مَنْ جالس الْجاهِل فَليَسْتَعد لِقيل وَقال، لَنْ يَنْجو مِن الْمَوْت غَني بِماله وَلا فَقير لاقلاله.
لــــــــــــــــــــــكل انســـــــــــــــــــــان في هذا العالم وطنـــــان وطنه الأم و ســـــــــــــــــــوريا
|