من كتاب التائه ...
من كتاب التائه .. لجبران خليل جبران
المجنون
كان ذلك في حديقة المارستان: لقيتُ شابّاً شاحب الوجه، رائع الطلعة، يثير العجب. و جلست بجانبه على المقعد و قلت: "لم انت هنا؟"
نظر إلي بهشة و قال: "ذاك سؤال غير لائق، و لكني أجيب عنه مع ذلك: أراد أبي أن يجعل مني نسخة جديدة عنه، و كذلك أراد عمي. و شاءت والدتي أن اكون صورة عن أبيها الشهير، و أختي شاءت ان تجعل لي من زوجها البحّار المثل الأكمل الذي ينبغي لي أن أقتدي به. و أخي حسب أن عليّ أن أكون مثله، بطلاً رياضياً مرموقا.
و كذلك هو شأن اساتذتي، من الدكتور في الفلسفة, إلى استاذ الموسيقى، ألى المناطقة، قرروا جميعهم، و كل واحد منهم أرادني على أن أكون إنعكاسا لوجهه في مرآة.
و لذلك جئت الى هذا المكان. و إني لأجده أردّ بالسلامة علي و العافية. فأنا أستطيع به أن أكون إياي، لا غيري على الأقل."
ثم دار فجأة نحوي، و قال: "ولكن قل لي: هل ساقتك الى هذا المكان أيضا نصائح الآخرين و رغبتهم في تثقيفك؟"
أجبته: "لا! أنا زائر"
قال أنت إذن واحد من اولئك الذين يعيشون في المارستان القائم وراء الجانب الآخر من الجدار.
أدعى الناس الى الشفقة ذلك الي يحول أحلامه الى الفضىة و الذهب.. جبران خليل جبران
اذا كان العالم اشتراكيا بالفطرة و رأسماليا بالفطرة و ربما قوميا بالفطرة ... فهل يا ترى كان رجعيا بالفطرة ؟
لن نبق اسرى الماضي ...
|