[قرصان الأدرياتيك]

شدتني كثيرا عبارة الأزل والأبد فأردت أن أولد موجة صغيرة في بحرك اللجي يا قرصان..فيما يخص ملك ملكوت السموات
فمن لاحظ الأزلية والأبدية ، وأغمض عينيه عما بينهما : فقد أثبت التوحيد
ومن أغمض عينيه عن الأزلية والأبدية ، ولاحظ ما بينهما : فقد أتى بالعبادة
ومن أعرض عن البين والطرفين : فقد تمسك بعروة الحقيقة


أشكرُك على تعليقِك هذا ويسعدني أنّك تقرأ الحلاجَ الذي صلبوه بعد قطع يديه ورجليه...

إنَّ من يلاحظَ الأزل والأبدَ فقد غابَ في الإله ومن عرفَ الإله في ذاتِه عرفَه واحداً، لأنَّ التوحيد عقيدة الحلاج الأساسيّة... لكنَّ هذا فيه نظر إذ لا يُمكن إلا لصاحبِ الطّبيعة أن يدركَ عللها ونتائجها، وما اتّحادُ الإنسان في الله طبعاً وطبيعةً بل حباً وحضورا. ولهذا لا يصحّ أن يكونَ ناظرُ الأزل والأبدِ إلا الله وحده.


فأمّا الثّانية فهي واقع الإنسان الأدنى، وما غاية الحلاج من ذلك إلا الفصل بين العبادة والاتّحاد، وهذا من أصول التصوّف والعشق الإلهيّ...


وعروة الحقيقة يا صديقي ليست مطلقةٌ على الأرض وبين البشر، والاتّحادُ في الله بعد الزمان والمكان يجسّد قمّة الحقائق.


وأودَ أن أعلمك أنّ ملكوتنا نحن بدأ هنا منذ تجسّد إلهنا، وسيكتمل في كامل محبّته عندَ لقائنا به واجتماعنا معه، والوحدة في مفهومنا لا تكون إلا اقتداءً بالابن الوحيد...


أخيراً أريدُ الإشارة إلى أنَّ التصوّف هرطقةٌ في قلب الإسلام الأورثوذكسيّ إذ لا تقبل العقائد الإسلاميّة مفهوم الوحدة والاتّحاد كما جاءت عند المتصوّفة ومن بينهم الحلاج.


ألف سلام.