الموضوع
:
اكتب يومياتك هنا
عرض مشاركة واحدة
14/07/2008
#
118
عطر البرتقال
عضو
-- أخ لهلوب --
نورنا ب:
Jan 2008
المطرح:
تحت المطر
مشاركات:
217
اقتباس:
كاتب النص الأصلي :
قرصان الأدرياتيك
خرجتُ من المنزلِ بعدَ أن ودّعتكم على عجلٍ ووصلتُ موقفَ الميكروباصات تحت كوبري غمرة راجلاً، كنتُ أبحثُ عن سيّارة أجرة، لكنَّ الفتى الخارج من جسمِ الحافلة الصّغيرة وصراخُه "أوّل عَبّاس... أوّل مكرم" لفتا انتباهي، فسألتُه: أتعني شارع عبّاس العقّاد فقالَ: أيوا، فرغبتُ التعرّف على عالم "السرفيس" المصريّ، وولجتُ وجلستُ في المقعد الأخير... الأجرة كانت زهيدة جنيهاً وربعه.
بعد فترةٍ قصيرة قلتُ للجالس قربي: إذا سمحتَ أن تشيرَ إلي حالما نصل شارع العقّاد فأنا لا أعرفه! فسألني: من أين أنت؟ قلتُ: من سوريّة، فعقّب: أهلاً بيك...
وصلنا الشّارعَ المطلوب وحالما نزلتُ وجدتُ أمامي وزارة البترول: الشّركة المصريّة القابضة للغازات الطبيعيّة، جمعتُ بين القبضِ والغازات وابتسمتُ!!!
انطلقتُ في الشّارع وقد قرّرتُ الذّهابَ إلى المكتبة المنشودة مشياً على الأقدام، ولم أكن على علمٍ بطولِه وعرضِه! مشيتُ ومشيتُ وكم هو صعبٌ البقاءُ تحت رحمة القيظ وحرارة الجوّ الممزوجة بالرّطوبة وهذا كلّه يجعلك تكره أنَّ لك جسداً بشريّا... وبعدما ضقتُ ذرعاً بحالي أوقفتُ تاكسيّاً وقلتُ له "مكتبة سمير وعلي". في المقعد الخلفيّ جلستْ سيّدة، وكنّا صامتين على صوتِ قارئٍ يرنّم القرآنَ على مقامِ الحجاز ويقرأ في سورة الانفطار. وصل إلى الآية الثالثة عشرة وقال: "إنَّ الأبرارَ لفي نعيمٍ"، فسألتُ نفسي ومَن مِن البشر بارّ؟!!! والبارّ لغةً هو الصّادق المطيع. فإن لم يكن ثمّةَ بارٌّ فلماذا النّعيم؟
أوصلَ السيّدةَ أوّلاً وبعدما دلّته على العنوان المطلوب، سألها: الشارع ده اللي عاليمين، فقالت: أيوا إن شاءَ اللهُ. ابتسمتُ وقلتُ في نفسي: هذا الشّارعُ اليمينيّ هو عنوانُها شاءَ من شاءَ وأبى من أبى
.
حملني بعدها إلى مقصدي... كانت المكتبة ضخمة فيها كلّ ما تريد، بحثتُ عن الدّفاتر أوّلاً وقد اعتدتُ الكتابةَ في تلك المؤلّفة من مجموعة ملازم ومخيّطة بشكلٍ متقن وأوراقها ثخينة نوعاً ما. تجوّلتُ كثيراً حتى عثرتُ على نوعٍ قريبٍ ممّا أشتهي فأخذتُ ثلاثة منها. مباشرةً تركتُ هذا القسم باحثاً عن الأقلام وهناك أشبعتُ نهمي منها، فاشتريتُ قلماً من الرّصاص وأكثر من ثمانية أقلام حبريّة من أنواعٍ مختلفة وبلون موحّد هو الأسود. الفتاة التي ساعدتني انزعجت قليلاً من لهجتي السوريّة، إذ كنتُ ألاقي صعوبة في ترجمة مفرداتي إلى لهجتها وكنتُ أستقرّ على الفصحى لإفهامها مرادي.
انتهيتُ سريعاً وخرجتُ لأجد أمامَ المكتبة سيّارة شرطة في داخلها ثلاثة رجال، فقلتُ: يبدو أنَّ مخبرنا الحبيب لم يشأ إلا أن يسلّمَ عليَّ (أمزحُ فلا تحسبوها عليّ)... بعد خطوات قليلة نظرتُ إليهم شزراً
وقلتُ: طزٌّ ومع السّلامة!
أوقفتُ سيّارةً وقلتُ للسّائق: كوبري غمرة لو سمحت. أخرجتُ المسبحة لأسلّي قليلاً يديَّ فنظر إليَّ وفتحَ المسجّل وبرز قارئٌ آخر يرتّل القرآنَ... فنظرتُ إلى السّماء وحمدتُ ربَّ الأكوان لأنّه أتاح لي سماعَ ذكره الحكيم مرّتين في مشوارٍ واحد.
اعتدتُ حملَ المسبحة وهي تقليدٌ إسلاميّ وعبارة عن تسع وتسعين حبّة يُذكر في كلّ منها اسمٌ من أسماءِ الجلالة... وقد استعملها الأتراكُ العثمانيّون وبقيتْ في استعمالِ الشرقيّين مسيحيّين كانوا أم مسلمين، وتحوّلت مع الأزمان إلى تقليدٍ شعبيٍّ لا علاقة له بالدّين... عندما استعملتُها في الغربِ اعتقدوا أنّها تُستعمل لمقاومة لقلق أو الضّغط النفسيّ ولهذا سمّاها أصدقائي "Antistress". والمسبحةُ التي أحملُ تتألّف من 33 حبّة، ولهذا فأنا أسبّح الإله الواحد في أقنومه الثّاني وأترك الآبَ والرّوحَ...
كنتُ منزعجاً لأنّ هذا المشوار في مثل هذا الوقت فوّتَ عليّ الحلقة 106 من سنوات الضّياع، ولكنّ إعادتها في الواحدة ليلاً أزالت قليلاً من هذا الشّعور... يلعن أبوك يا تَيم عبّاس!!! ويلعنك شو غبي يا عمر أبو شعر!
نلتقي في يومٍ آخر...
رائع جدا.....أسلوبك جميل وعندك ما يسمى بالملكة اللغوية.
أستمتعت و أنا أقرأ مذكراتك....لكن هذه أكثر من رائعة.
ننتظر المزيد
تقبل فائق احترامي......أختك عطر البرتقال
وعيـــــــــــــــــــــــوني الشتـــــي ^*
عطر البرتقال
استعراض الملف الشخصي
رسالة خاصة إلى : عطر البرتقال
بحث عن مواضيع أكثر لـ عطر البرتقال
Page generated in
0.03246
seconds with
10
queries