عرض مشاركة واحدة
قديم 04/06/2008   #22
شب و شيخ الشباب Seth
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ Seth
Seth is offline
 
نورنا ب:
Jun 2006
مشاركات:
197

افتراضي


رد كأنه إحدى رسائل التلكس في أيامنا الحاضرة، وهو رد لا يغنى من جوع، ولا يسمن من شبع، فعلي قد طلب حساب بيت المال، فلم يظفر من ابن عباس إلا بنفي التهمة وبالسلام، وما عليه إلا أن يعاود الكرة، موضحاً ما يطلبه، مؤكداً عليه، محاولا استثارة النخوة الدينية لديه، ولنقرأ خطاب علي:

"أما بعد، فإنه لا يسعني تركك حتى تعلمني ما أخذت من الجزية، ومن أين أخذته، وفيما وضعت ما أنفقت منه، فاتق الله فيما ائتمنتك عليه واسترعيتك حفظه، فإن المتاع بما أنت رازئ منه قليل، وتبعة ذلك شديدة، والسلام".
لم يعد الأمر اتهاماً ينفيه ابن عباس، بل طلباً واضحاً ومحدداً، ومطلوب من ابن عباس أن يجيبه، وهو أن يكتب له (كشف حساب) يوضح في جانب منه موارده من الجزية، وفي الجانب الآخر أوجه الإنفاق.


والحقيقة أن ابن عباس قد أجاب، وهو في إجابته لم يذكر شيئاً عن موارده وإنفاقه، وإنما تقدم بالخصومة بينه وبين علي خطوة واسعة، ورد عليه اتهاماً باتهام، فعلي يتهمه باغتصاب المال، وهو يتهم علياً بسفك دماء الأمة من أجل الملك والإمارة، وهكذا جريمة بجريمة، بل أن جريمة علي (هكذا قال وهكذا أفتى) أعظم عند الله من جريمته التي لم ينفيها أو يعتذر عنها، ولنقرأ معاً رسالة عبد الله بن عباس إلى علي (أما بعد، فقد فهمت تعظميك على مرزئة ما بلغك أني رزأته أهل هذه البلاد، والله لأن ألقى الله بما في بطن هذه الأرض من عقيانها ولجينها وبطلاع ما على ظهرها، أحب إلى من أن ألقاه وقد سفكت دماء الأمة لأنال بذلك الملك والإمارة. فابعث إلى عملك من أحببت".
استقالة أسبابها غير مقنعة، ضرب علي عند قراءتها كفاً بكف، مردداً:


"وابن عباس لم يشاركنا في سفك هذه الدماء؟"ولو رمى ابن عباس باستقالته تلك واكتفى، لآخذناه على ما جاء فيها، ولبررناها بغضبه من اتهام ظالم وجسيم، أطلق منه نوازع الغضب وانفعالات الثورة، فكتب ما كتب تحت وطأة الغيظ وفي ظل انفعال من يتهم وهو برئ، لكنه فعل بعد كتابة هذا الخطاب ما لم يخطر لعلي على بال، وما لا يخطر للقارئ على بال، وما لا سبيل إلى نجاته من وزره أمام الله، وأمام علي، وأمامنا جميعاً..


لقد جمع ما تبقى من أموال في بيت المال، و قدره نحو ستة ملايين درهم، ودعا إليه من كان في البصرة من أخواله من بنى هلال، وطلب إليهم أن يجيروه حتى يبلغ مأمنه ففعلوا، وحاول أهل البصرة مقاومتهم وناوشوا بنى هلال قليلاً، ثم أقنعوا أنفسهم بترك المال عوضاً عن سفك الدماء، ومضى ابن عباس بالمال، آمناً، محروساً، قريراً، هانئاً، حتى بلغ البيت الحرام في مكة، فاستأمن به، وأوسع على نفسه، واشترى ثلاثة جوار مولدات حور بثلاثة آلاف دينار..

صدمة هائلة، لا لعلي فقط، بل لنا جميعاً، نحن الذين عشنا عمرنا نقرأ عن فقه العباد له، وزهد العباد له، وورع العباد له، (يقصدون عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن جعفر بن أبي طالب)، فإذا بنا نحارفهما، ونمسك ألسنتنا غصباً أمام أشهر العباد له، ونخشى أن نصف فعله بما يستحق فلا ننجو من الألسنة الحداد ومما هو أكثر، لكنا يجب أن لا نكون أرفق ببعض الصحابة من أنفسهم، ولا أقل من أن نصفهم بما وصف بعضهم به بعضاً، وحسبنا أن علياً أوجز رأيه في ابن عباس بأنه (يأكل حراماً ويشرب حراماً) وليس لنا إلا أن نقول مع علي:


صدقت إن صدق ما قلت وحدث ما فعل، بل أننا نتساءل ومعنا كل الحق، هل الاستيلاء على أموال المسلمين بالباطل حلال على مسلم لكونه عاصر الرسول أو الخلفاء أو الصحابة، حرام علينا لأننا جئنا في عصر بعد العصر، وعاصرنا زماناً غير الزمان؟، هي حرام عليهم بقدر ما هي حرام علينا، بل هي حرام عليهم أكثر، لأنهم يعرفون من الدين أكثر، ومتفقهون فيه أكثر، ولأنهم الأئمة والمنارة، فإذا فسد الأئمة فمن أين يأتي الصلاح؟، وإذا أظلمت المنارة فبمن نسترشد؟

لا اله الا الانسان
نشأ الدين عندما التقى أول نصاب بأول غبي
Religion can never reform mankind , because religion is Slavery
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.03098 seconds with 10 queries