الله واحد أحد لم يلد ولم يولد
قال الله تعالى: (وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ) [4]
وفيها إخبار من الله تعالى أنهم لم يقتلوه ولم يصلبوه، ولكن شبه لهم، يعني القي شبهه على رجل من أتباعه أو من أعدائه، فأخذوه وقتلوه وصلبوه ظانين أنه عيسى، ثم بين الله تعالى الحق في ذلك وأنه رفعه إليه، وقد ذكر ابن ابي حاتم في تفسيره 4/1111 أثراً يدل على أن تلميذاً فداه بنفسه.
وقد علق ابن كثير في تفسيره 1/574 على هذا الأثر بقوله: وهذا صحيح الإسناد صحيح إلى ابن عباس.
وروى ابن جرير رواية تؤيد ذلك 9/374.
قال تعالى في سورة النساء: (وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا)[5]، اختلف المفسرون في عودة الضمير في قوله (به) وقوله (موته) على من؟
قال بعض المفسرين، وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمننّ بعيسى وذلك حين ينزل الى الأرض قبل يوم القيامة، فحينئذ يؤمن به أهل الكتاب كلهم، لأنه يضع الجزية ولا يقبل إلا الإسلام، كذا قال الحسن رحمه الله تعالى.
ونقله كذلك ابن ابي حاتم في تفسيره والحديث مرسل ج4/1113، والضمير في قوله تعالى (موته) أي عيسى، أنظر تفسير الطبري 9/380 ، وصححه ابن حجر في الفتح 6/492 ، والمعنى: لا يبقى أحد من أهل الكتاب قبل موته إلا آمن به.
وبعض المفسرين أعاد الضمير في قوله (قبل موته) للكتابي، وبعضهم أعاد الضمير في قوله (ليؤمنن به) أي بمحمد ، ثم قال ابن جرير رحمه الله، "وأولى هذه الأقوال بالصحة القول الأول؛ وهو أنه لا يبقى أحد من أهل الكتاب بعد نزول عيسى إلا آمن به قبل موت عيسى عليه السلام.
قوله تعالى: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ) [6]، هذا الغلو الذي نهوا عنه هو وقول غير الحق هو قول بعضهم: إن عيسى ابن الله، وقول بعضهم هو الله.
وقول بعضهم: هو إله مع الله سبحانه وتعالى عن ذلك كله علواً كبيراً، كما بينه قوله تعالى: (وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ) [7]، وقوله تعالى (لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ) [8]، وقوله تعالى (لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ)[9].
ولذلك أشار المولى تبارك وتعالى في هذه الآية من آخر سورة النساء الى ابطال هذه المفتريات الثلاثة.
وقوله تعالى (وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه)، ليست لفظة (من) في هذه الآية للتبعيض، كما يزعمه النصارى افتراءً على الله، ولكن (من) هنا لابتداء الغاية، يعني: أن مبدأ ذلك الروح الذي ولد به عيسى حياً من الله تعالى، لأنه هو الذي أحياه به.
والمراد بقوله تعالى: (وروح منه)
قال القرطبي رحمه الله: معطوف على الضمير العائد إلى الله الذي هو فاعل القاها0
وقال بعضهم: أي رحمة منه، لأن عيسى رحمة من الله لمن اتبعه؛
وقال بعضهم: أي برهان منه، وكان عيسى برهاناً وحجة على قومه.
دع الأيام تفعل ماتشاء.....وطب نفساً إذا حكم القضاء
|