[IMG]file:///C:/Documents%20and%20Settings/user/Desktop/flower/3234702-lg.jpg[/IMG]

الغربــة

سألني وألح عليّ بالسؤال الذي حاصرني به لسنوات طويلة
كلما التقينا أو تحادثنا : ترى ما هي الغربة؟ غربة الزمان؟
أم غربة المكان؟ غربة الأهل؟ أم غربة الوطن؟ غربة الروح؟ أم غربة الفكر؟
أم تراها غربة المبادىء والقيم ؟ أم هي ذلك كله جميعا؟
لماذا يغتالنا الشعور بالغربة ونحن بين أهلنا وأحبائنا ، على أرضنا وفي أوطاننا؟

((غربتي غربة المشاعر والروح …………… وإن عشت بين أهلي وصحبتي ))

لماذا يجتاح ذلك التصحر الرهيب أعماقنا ويغتال أجمل ما في دواخلنا ؟
ما سر ذلك الجفاف القاسي الذي يغمر أرواحنا والقلق الصامت الذي يدفعنا للبحث عن شيء
لا ندري ما هو؟ لماذا تهفو النفس إلى شيء لا تجده ؟ ويرنو البصر نحو أفق لا نهاية له؟

الكثير الكثير من الأسئلة والتساؤلات التي تحملنا نظرات تمتزج فيها الحيرة بالقلق ..
ويعشعش فيها حزن دفين , وألم قديم متجدد يغتال الكلمات .

(( أجرجر وحدتي في كل حشد………………وأحمل غربتي في كل جمع ))

الغربة...هي بعض ذلك او كله وزيادة عليه، هي جزء من تكويننا الروحي والنفسي
تقطن في دواخلنا ، تغيب وتظهر ، وتنمو وتضمر بقدر وعينا وحجم إدراكنا
ومدى قدرتنا على التلاؤم مع الواقع حولنا ، أو إنفصالنا عنه
وتزيد بقدر محاولتنا أن نسمو بذواتنا ، ونعلو بقيمنا ومبادئنا ونمارس إنسانيتنا حقا ،
معنى ومبنى ، في عالم أخلد إلى الأرض وانغمس في مادياته ومصالحه وأهدافه
وتطلعاته اللاهثة أبدا خلف السراب.


الغربة ... أن نتحدث بلغة لا يفهمها أحب الخلق إلينا ، ونتكلم بصوت لا يسمعه أقرب الناس منا.

الغربة ...أن نعيش يومنا دون حلم ننتظره ، أو أمل نترقبه ، بعدما تبخرت أحلامنا تحت وطأة
الواقع كقطرات ندى لامستها أشعة شمس الصباح ...
وتلاشت آمالنا كسراب لملمته شمس المغيب ورحل معها.

الغربة...أن نبحث عن جرعة محبة صادقة لم تكدر صفوها مطامع مادية
أو مصالح شخصية فلا نجد سوى الجفاف وقحط المشاعر فنطوي على الظمأ.

الغربة...أن نبحث عن حضن دافىء يضمنا بحنان ونشعر عنده بالأمان في لحظات
ضعفنا وانكسارنا فلا نلقى إلا لسعة الصقيع ، وجمود القسوة.

الغربة...أن تبحر مراكب صدقنا في خضم بحر لجيّ متلاطم من الكذب والزيف.

الغربة...أن نكون مختلفين في وسط قوالب بشرية متكررة لا تقبل إلا صورتها
أن نعيش العمق في زمن السطحية والتفاهة.

الغربة...أن نفتش عن ذواتنا في كل ما حولنا فلا نرى إلا الفراغ الممتد ,
أن نبحث عنا فينا فلا نجدنا في دواخلنا ، أن يقيدنا الزمان ونحن خارجه
ويشدنا المكان ونحن بعيدون عنه.


الغربة...هي ذلك كله ، أو بعضه ، أو أكثر منه بكثير مما يعتمل في دواخلنا
ولا نقوى على البوح به ، أو نجرؤ على الحديث عنه ...
تمتد لتغمر عمرنا كله وتنخر أعماقنا بصمت
أو تنحسر لتستوطن جزءا خفيا من أرواحنا ومشاعرنا، فكل منا يحمل بذور غربته في داخله
ويعيشها بأسلوبه الخاص ، وفق وعيه وإدراكه ومصداقيته مع نفسه ومع من حوله.

لكن ذلك كله يتلاشى حين تلامس جباهنا الأرض في لحظة سجود مخلصة لله رب العالمين.

ذلك كله يذوب مع كلمة /" يا رب/" تخرج صادقه من القلب تعانقها نظرات محلقة إلى السماء ..
فمع الله وحده نجد الأنس ونشعر بالأمن ونعيش الإطمئنان ، لأننا نعثر على حقيقتنا المفتقدة.


وقفة...
كل يريدك لنفسه إلا الله يريدك لنفسك.


آخر الكلام....
طويل الشوق يبقى في إغتراب
فقير في الحياة من الصحاب
ومن يأمنك يا دنيا الدواهي
تدوسين المصاحب في التراب


****
***
عبيدة العبيدي

- عـــــــ الصمت ـــــــــاشق -

Yعبيدة العبيديY

sindibad334

</B>