أخوية

أخوية (http://www.akhawia.net/forum.php)
-   اللاهوت المسيحي المعاصر (http://www.akhawia.net/forumdisplay.php?f=30)
-   -   الصلاة النموذجية (http://www.akhawia.net/showthread.php?t=5293)

بشارة 22/04/2005 15:40

الصلاة النموذجية
 
الصلاة النموذجية

فهمنا مما سبق أن الرب فى عظة الجبل حذَّر مستمعيه من الأسلوب الخطأ فى الصلاة؛ حذر من صلاة المرائين، وحذر من تكرار الكلام باطلاً كالوثنيين. لكنه لم يكتف بالتحذير من الخطأ بل أتبع ذلك بأن قدم الأسلوب الصحيح للصلاة. وبعد ذلك، وباعتباره - له المجد - المعلم الأعظم، قدم نموذجاً للصلاة، وهو بحق نموذج رائع. فصلاة المسيح التى سنتأملها الآن هى بدون أدنى ريب صلاة نموذجية وذلك لعدة اعتبارات:-

أولاً : نظراً لإيجازها وتركيزها؛ فهى - بحسب ترجمتنا العربية - تحتوى فقط على 45 كلمة ولا يمكن اختصار كلمة واحدة منها.

ثانياً: نظراً لبساطتها وتحديدها؛ فهى تعبر ببساطة، وبغير تعقيد عن حاجة القلب وحالته.

ثالثاً: نظراً لشمولها واتساعها؛ فهى تشمل كل العناصر والموضوعات الرئيسية فى الصلاة؛ من رغيف الخبز اليومى وحتى ملكوت الآب فى السماوات الجديدة والأرض الجديدة.

رابعاً: نظراً لتسلسلها وترتيبها للموضوعات ترتيباً رائعاً وبديعاً، كما سنرى.

دعنا الآن نلقى الضوء على بعض نواحى عظمة هذه الصلاة الرائعة العظيمة.

تتكون هذه الصلاة من عشرة أجزاء. الجزء الأول هو استهلال الصلاة، يليه سبعة طلبات، وتاسعاً يأتى ختام الصلاة ثم الجزء العاشر وهو كلمة «آمين».

أولاً: استهلال الصلاة »أبانا الذى فى السماوات«


ما أعظم ذلك الإعلان الذى نطق به المسيح هنا لأول مرة. ففى العهد القديم كان المؤمنون يخاطبون الله باعتباره المولى (تك18: 27، 30،31،32)، وباعتباره «رب الجنود» (1صم1: 11)، وباعتباره «الرب إله السماء» (نح1: 5)... أما التعبير «أبانا» فلم يستخدمه أحد من القديسين، حتى جاء المسيح وأعلن اسم الآب لنا كقوله «أنا أظهرت اسمك للناس الذين أعطيتنى... وعرفتهم اسمك وسأعرفهم» (يو17: 6، 26)

فى موعظة الجبل وحدها أشار المسيح إلى اسم الآب 17 مرة (رقم النعمة فى الكتاب المقدس ). وما أجـمل أن نوجه الصلاة إلىالله باعتباره «الآب»، إذ قد دخلنا معه فى هذه العلاقة العجيبة السامية. فلفظة «أبانا» تفيد المحبة والصلاح، ثم إن عبارة «الذى فى السماوات» تفيد القوة والإمكانية؛ الرفعة والسلطان. فهو أب لا نظير لمحبته ولصلاحه، وإله لا حدود لقوته وإمكانياته.

نعم إلى الله باعتباره أبانا نحن نرفع صلواتنا. لا نرفعها إلى ملاك ولا إلى قديس. فهل والحال هكذا هناك ثمة حاجة إلى تكرار ما نطلبه؟ أيمنع الآب خيراً عن أولاده؟! ثم إننا إذ نخاطب الله أبانا، فإننا نعرف أنه يسكن السماء «إن إلهنا فى السماء. كلما شاء صنع» (مز115: 3) ولهذا فإننا نرفع عيوننا نحو السماء حيث الله ساكن؛ من حيث تأتى البركة، ومن حيث يأتى العون.

ونحن إذ نقترب إلى إلهنا هكذا فإننا نقترب إليه واثقين من محبته الأبوية، مقدرين لعظمته السماوية باعتباره فوق كل الخليقة، وكل الكون.

يلى هذا الاستهلال سبعة طلبات(هى رقم الكمال) مقسمة إلى قسمين: الطلبات الثلاثة الأولى تخص الله، والطلبات الأربعة التالية خاصة باحتياجاتنا نحن. وهذا فى ذاته جميل؛ لأن الرقم 3 فى الكتاب المقدس هو رقم الله، أما الرقم 4 فهو رقم العالم والبرية وأعواز البشرية!

وهو درس لنا أن ننشغل بأمور الله أولاً، ثم بعد ذلك بأمورنا نحن. تماماً كما كانت الوصايا العشر؛ ما يخص الله أسبق مما يخص الإنسان. فنحن لا نبدأ الصلاة بعرض طلباتنا أولاً، بل بتقديم العبادة لله.

والطلبات الخاصة بالله هى:

«ليتقدس اسمك. ليأت ملكوتك. لتكن مشيئتك كما فى السماء كذلك على الأرض»

1- »ليتقدس اسمك«


والاسم كناية عن الشخص. فنحن نبدأ صلواتنا، أول ما نبدأ، بتقديم التمجيد والتعظيم لاسم إلهنا الكريم. هذه هى الغاية العظمى وكل ما عداها تابع لهـا فى الأهمية. فنحن لا نطلب ما نطلب لكى ننفق فى لذاتنا (يع4: 3)، بل ليتقدس اسم الآب وليتمجد ويكرم. والمسيح هو قدوتنا فى هذا (يو12: 28).

2- »ليأت ملكوتك«

فبعد أن نعلن السبح لاسمه، نطلب بخصوص ملكوته. وهو عين ما قاله المسيح لتلاميذه بعد ذلك «اطلبوا أولاً ملكوت الله وبره، وهذه كلها تزاد لكم» (مت6: 33).

والملكوت المشار إليه هنا هو ملكوت الآب. ونحن نعلم أن هذا الملكوت سوف يأتى عندما يظهر المسيح بالمجد والقوة للعالم، وسيظهر المؤمنون معه، ويضيئون معه كالشمس فى ملكوت أبيهم (مت13: 43)، فيملكون معه على الأرض ألف عام، تمهيداً للملك الأبدى.

3- »لتكن مشيئتك كما فى السماء كذلك على الأرض«
فما لم يأت ملكوت الآب ستظل الأرض مسلَّمة ليد الشرير، وستظل إرادة الشيطان وإرادة الإنسان تفسدان الأرض. لكن لا بد أن يأتى المسيح ليملك. وما أسعده عصراً عندما يملك المسـيح فتنفذ مشيئة الله على الأرض تماماً كما هى الآن منفذة فى السماء. فنحن نعرف أن جند السماء يتصفون بالطاعة الكاملة لله «ملائكته المقتدرين قـوة، الفاعلين أمره عند سماع صوت كلامه» (مز103: 20). أما علـى الأرض فيقول النبى وصفاً لأيامنا الشريرة هذه «يُرحم المنافق ولا يتعلم العدل. فى أرض الاستقامة يصنع شراً ولا يرى جلال الرب» (إش26: 10). لكن سيأتى وقت الفرج قريباً عندما يملك المسيح. ونفس النبى يقول «حينما تكون أحكامك فى الأرض يتعلم سكان المسكونة العدل» (إش26: 9).

لاحظ ترتيب الطلبات: فالمؤمن عندما يقول «ليأتِ ملكوتك» فهو يفعل ذلك لأنه سبق وطلب أن يتقدس اسم الله. وما الذى يمنع أن اسم الله العظـيم يتقدس سوى أن الخطية قد ملكت، وأن الشيطان لا زال يعربد فى الأرض؟! لهذا تبع طلبته الأولى «ليتقدس اسمك» بالقول «ليأتِ ملكوتك»، عندما يأتى هذا الملكوت، عندئذ ستكون مشيئة الله متممة على الأرض تماماً كما هى متممة الآن فى السماء.

بعد هذه الطلبات الثلاثة التعبدية، تأتى الطلبات الأربعة التالية وهى طلبات توسلية فيقول

«خبزنا كفافنا أعطنا اليوم، واغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن أيضا للمذنبين إلينا، ولا تدخلنا فى تجربة، لكن نجنا من الشرير»

لقد كانت الطلبات السابقة مشغولة بالله أبينا، فاستخدم لذلك ضمير المخاطب ثلاث مرات : فيقول «اسمك»، «ملكوتك»، «مشيئتك». أما الطلبات الأربعة التالية فهى تخصنا نحن، فيستخدم ضمير المتكلم خمس مرات فيقول: خبزنا، أعطنا، اغفر لنا، لا تدخلنا، نجنا.

ثم لاحظ أن المُصلِّى يتكلم بصيغة الجمع مشركاً إخوته معه فى الصلاة ذاكراً إياهم أمام عرش النعمة. فلا توجد فى الصلاة أنانية.

الطلبة الأولى: »خبزنا كفافنا أعطنا اليوم«


فالمؤمن يعتمد على الله حتى فى أعوازه الضرورية. وهذه الطلبة تمثل طلبنا لكافة الأعواز الخاصة بالجسد، أو إن شئت كافة الأعواز الزمنية. لكن لاحظ أنه لا يطلب شيئا للترفيه والتنعم، بل يطلب الحاجة الضرورية فقط «خبزنا كفافنا». كما أنه لا يطلب لكى يكنز، بل لاحتياج اليوم فحسب.

الطلبة الثانية: »واغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن أيضا للمذنبين إلينا«


ولأن الكلام فى هذه الصلاة موجه للآب، فالغفران المقصود هنا هو غفران الآب لأولاده ليتمتعوا برضاه الأبوى، وليس المقصود الغفران الأبدى الذى يحصل عليه المؤمن الحقيقى فور إيمانه القلبى بالمسيح كقول الرسول بطرس «لـه يشهد جميع الأنبياء أن كل من يؤمن به، ينال باسمه غفران الخطايا» (أع10: 43).

والرب بعد أن ذكر هذه الصلاة النموذجية عاد من جديد لهذه النقطة بالذات نظراً لأهميتها إذ قال «فإنه إن غفرتم للناس زلاتهم يغفر لكم أيضاً أبوكم السماوى. وإن لم تغفروا للناس زلاتهم لا يغفر لكم أبوكم أيضاً زلاتكم» (ع14،15). ثم عاد الرب ليؤكد على هذا المبدأ أيضاً فى مثل العبد الشرير الذى ذكره فـى متى 18: 21-35 حيث ختم المثل بالقول «فهكذا أبى السماوى يفعل بكم إن لم تتركوا من قلوبكم كل واحد لأخيه زلاته» فالمسيح لم يـأت فقط ليصالح الإنسان مع الله، بل ليصالحه مع أخيه الإنسان.

والطلبة الثالثة: »لا تدخلنا فى تجربة«


فكأن المؤمن بعد أن طلب الغفران بالنسبة للماضى وأخطائه، فإنه طلب النجاة بالنسبة للمستقبل وأخطاره، شعوراً منه بالضعف فى ذاته.

والكتاب المقدس يحدثنا عن نوعين من التجارب، تجارب يأتى بها الله لامتحان إيماننا، وعنها يقول الرسول يعقوب «احسبوه كل فرح يا إخوتى حينما تقعون فى تجارب متنوعة» (يع 1: 2) ثم تجارب أخرى شـريرة، وعن هذه يقول الرسول يعقوب أيضا «لا يقل أحد إذا جُرِّب إنى أُجرَب من قبل الله، لأن الله غير مجرَّب بالشرور وهو لا يُجرِّب أحداً» (يع1: 13) فإذا فهمنا هـذا يبقى السؤال: كيف يطلب المؤمن من الله أن لا يُدخله فى تجربة؟ عن أى من هذين النوعين يطلب المؤمن؟ فواضح أن النوع الأول لا يمكن أن يكون المقصود لأنه نوع يستلزم من المؤمن الشكر عليه إذا جاء، والنوع الآخر لا يمكن أن الله يأتى به للمؤمن أصلاً.

المعنى البسيط الذى يحل هذا الإشكال هو أن المؤمن يطلب من الله أن يحفظه من إرادته التى تضعه فى مكان التجربة «لكن كل واحد يُجرَّب إذا انجذب وانخدع من شهوته» (يع1: 14). فيطلب المؤمن الحفظ من فخاخ وشراك العالم الكثيرة التى بدون حفظ الآب للمؤمن لا يمكنه بمفرده أن ينجو منها.

والطلبة الرابعة: »لكن نجنا من الشرير«


والشرير هو الشيطان. فالمؤمن لا يشعر بضعفه فقط أمام التجربة فيطلب الإنقاذ منها، بل يعلم قسوة وشراسة العدو، وأفكاره من نحو المؤمنين، فيطلب من الله أيضاً الإنقاذ منه باعتـباره مصدر الشرور. نعم إن الله قادر أن يحفظنا من الشر والتجربة، فإذا وقعنا فيهما فإنه قادر أن يخرجنا وأن ينقذنا.

وكما بدأت الصلاة بتمجيد الله، فإنها تختم أيضا بها، فيقول« لأن لك الملك والقوة والمجد إلى الأبد» وعبارة «لك الملك» تعنى أنك مطلق السلطان فى خليقتك، بل وفينا نحن أيضا. وتعنى أن الله يُعطى كملك، ويخلص كملك لا نظير له. وعبارة «لك القوة» تعنى أنه لا شئ يقف أمام مشيئتك، كقول أيوب «قد علمت أنك تستطيع كل شئ ولا يعسر عليك أمر» (أى42: 2) ثم إن عبارة «لك المجد» تجدها على لسان القديس دائما الذى يحس أنه لا يستطيع مهما قال أن يعطى لله المجد الذى هو جدير به.

ثم تختم الصلاة بالقول «آمين» وهى كلمة من أصل عبرى تستخدم فى نهاية الصلاة بمعنى استجب أو ليكن كذلك. وفى العبادة فى الكنيسة يتوقع الرسول أن كل الحاضرين فى الاجتماع ينطقون بها فى آخر الصلاة أو الشكر، حتى العامى وغير المؤمن أيضاً (1كو14: 16)، فكم بالأحرى ينبغى أن ينطق بها جميع الإخوة والأخوات. «ويقول جميع الشعب آمين» (تث27: 15-26).

حقا إنها صلاة نموذجية عظيمة أعطاها المسيح لنا لننسج صلواتنا على منوالها.

عن كتاب الصلاة النموذجية لخادم الكلمة الاخ يوسف رياض

بشارة من الجليل

christina 22/04/2005 15:50

موضوعك كتير حلو ,,, شكراً

بشارة 22/04/2005 16:06

الاخت كرستينا

شكرأ لالك.
وبتمنى هالموضوع يفيد كثيرين وخاصة انو افادني كثير.

بشارة


الساعة بإيدك هلق يا سيدي 21:18 (بحسب عمك غرينتش الكبير +3)

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
ما بخفيك.. في قسم لا بأس به من الحقوق محفوظة، بس كمان من شان الحق والباطل في جزء مالنا علاقة فيه ولا محفوظ ولا من يحزنون

Page generated in 0.04951 seconds with 9 queries