أخوية

أخوية (http://www.akhawia.net/forum.php)
-   القصة و القصة القصيرة (http://www.akhawia.net/forumdisplay.php?f=17)
-   -   عن الموت وعنى ...سطور من أوراق موت البنفسج (http://www.akhawia.net/showthread.php?t=114465)

ماجد أبو شرار 12/12/2008 05:09

عن الموت وعنى ...سطور من أوراق موت البنفسج
 
عن الموت وعنى



أنا لا اكتب إلا وحزن قوى يدفعني



ابراهيم جادالله












































لماذا عن الموت،ولماذا عنى..ولماذا كل هذه الطيور السوداء المفزعة فى انحناءات الحروف،وفى حركة علامات الاستفهام..وهى تتلوى وتتماوج داخل الرأس والروح..؟!

***

عنه .
لأنى الخارج منه،وهو الحاضر دوما.هو كيمياء روحي،وتراب الصيرورة ،ومسودة الحلم.
هو تلاشى الخوف،تدهوره تحت حوافره.هذا الحصان الجامح المشاكس،وهو الأخ الأكبروهو يراقب عمري برفق، يرعاني بعين ساهرة،يحصى ساعاتي وينظم حياتي .
وعنى.
لأنه خوفى من انقطاع اللذة وزوال الحلم الذى يكبر ويشيخ وينحني ظهره بطرقات تراجيدية قدرية، حفار القبور يسند ذقنه فوق فأسه وجاروفه مقتعدا(المقطف)بحذاء فوهات قبور فاغرة الأفواه تنتظر القادمين،يشتعل خوفى منه فيتوهج شعورى بالحياة..
لا أخفى أنى أتوحد بحزن إيزيس وأعضاء أوزوريس الجنسية..حين مات انعدم خوفها وبدت حياة جديدة فيها لتبعث فى جسدها حياة من الموت.
لأنى الخارج منه،الهارب منه..ولدتنى أمى كرابع محاولة سبقتها محاولات ثلاث..كانت تسمى حملها حالة تكوينه داخلها،وقبل أن يحين موعد خروجه تسقطه ميتا، قالوا لها إن الثالثة لثابتة..لكنها كسابقتيها،وكنت الرابعة .خرجت منه،هربت منه ..لتقر عين الأم حزنا وفرحا،وليدخل موت أبى لحظة ولادتى..
وها أنا الفار منه...أحمله معى فى لفائف طفولتى ، فى أثوابى التى ضاقت وتهرأت،فى دفاترى، فى حزن بقرتنا الحلوب على رضيعها الذى بيع درءا للحاجة،فى وداع من جارتنا تقيمه لإبنها الذاهب للجيش،فى قفة الخبز والأرز والبصل وثوب أمى الأسود الحامل بقايا طحين وهى تودعنى عند محطة القطار بطرف قريتنا لأول مرة أغادر للمدرسة بالمدينة البعيدة، بفزعة أم على طفلها الذى يعبر الشارع غير عابئ باندفاعات السيارات،بوداع صديقين حميمين جمعتهما غايات كثيرة وفرقت بينهما سبل كثيرة..
ولماذا عند الموت نتذكر أشياء صغيرة لم نكن نتذكرها ونلتفت إليها ،أحمله معى ملحوما بكل الأشياء الصغيرة والكبيرة التى اصطبغت به، تسربت رماديته إلى خلايا كل الأشياء حتى أحلام اليقظة...تلك التى تقيم توازنا داخل المرء..يستدعى بها طموحاته المسلوبة وانكساراته المستمرة فى الواقع،تأخذ فى داخلى وتعطى إيقاعا جديدا،.يتمثل ويتواصل ويندمج فى بلازما وجودى..عيناى مفتحتان،وفضاءات الرأس الثقيلة المرمية على الوسادة واسعة وسحيقة،تتماوج الأحلام وتتملح بالدموع التى تملأ مقلتى..الصور المنقولة عبر أثير حكاوى الأم والجدة لأبى الصحيح الجسم والعافية والمسجى برداء أبيض جيرى وباهت..لم أر أمى مبتسمة مرة واحدة..سواد الثوب والشعر وغطاء الرأس وحبات العيون.انكسارات النظرات ويتمها الذى تموء به كلماتها الجنائزية أبدا.
فى يقظتي الحالمة.امرأتى التي تموت لوجع تحت السرة بعد كل مضاجعة.أو لهيمه قداس الموت فى لحظات المضاجعة.بذرة طفلي وضعت ودموعي تبلل وجه امرأتى..عشت قصة حب من طرف واحد عشرات المرات.لم أستحوذ على قلوبهن إلا بالدموع وبريق الحزن ومفردات الغياب والموت.أعرف أنهن جميعا يتوحدن بإيزيس مثلى فيها.ففي ميثولوجيتها.تكون الواحدة منهن قد تعلق قلبها لحد الوله بى،وتلك أعباء هائلة لم أكن لأوقن إنجازها.فأبكيها وأبكى.أبكى كى أتطهر...لكل واحدة قلت،وقصصت وقدمت حزنى ملفوفا طازجا شهيا لهن،كنت على عتابتهن جميعا أقول:(أخاف من موت يداهمنى،ولا أحرث لك أرضا أو أنبت لك زرعا) ، لم ألتق بواحدة لم تبك أبدا.بكين جميعا.ليس من أجلى.بل من أجل أحلامهن فى الظل،والواحة والستر(ظل رجل ولا ظل حيط).
لم تستحوذ على قلبى المكرس للموت سوى واحدةرسمتها فعلا وواقعا،ورسمت موتها يقينا.عانت عذاب الجسد والروح.عذاب السير فى مسافة بين الحلم والواقع..عذاب السير فى منعطفات خطرة..عذاب القهر وسلب الإرادة.عذاب السؤال عن مصير بشر ينشدون التوازن،وكانت رقيقة القلب...يخدش حياءها أن ترى صورتها فى المرآة وهى تتجمل للقاء الحبيب.عانت عذاب المواجهة مع واقع قدرى يدفع للقنوط واحتراق خلايا الإخضرار..فماتت فى سجن عربى معلوم الإسم والرسم.والهوية..فى غرفة توافد عليها كثيرون.
هو الموت اذن.الخارج منى.الخارج منه.الهارب منه الهارب منى لايهم..مايهم أنه حاضر أبدا..هو عادة ولا مبالاة.ولكن هل سيكون انعدام خوف هو؟
إبنى يقود أصحابه فى رحلة نيلية.إبنتى تعقف شعرها وهى تمشطه،وترفض مساعدة أمها..نومها الحنون على فخدى الجدة وقد كبرا،واحتمال الجدة المسنة ثقل رأسيهما حين يثقلهما النوم،وأسود هو الثوب وغطاء الرأس وحبات العيون، أما الشعرفلا..تيل حشن أبيض.لكنه يضئ الوجه الأسيان بوهج وإشعاع رطب.
زوجتى تجادل الزمن وتنثر على عتباته أن الغد مأمول..بدون علم منى تعرض حالتها على علماء وأطباء فى التناسل..بعد جراحة فى الرحم أفسدت هوايتها فى الإنجاب..فهى سليلة عائلة مخصبة ياماشاء الله..ذرية بعضها من بعض خالتها أنجبت بعد خمسة عشرة سنة من زواجها بمن تحب الغد مأمول،ومازالت تجادل الزمن زوجتى ، وطفلانا صارا شابا وفتاة.
حين كنت أراقب إبنى وهو يخربش بقلمه فى دفاتره خطوطا طويلة وعريضة ودوائر مغلقة تلتحم مع نهايات الخطوط..كنت أشعر بأسى يضئ دروبا ومسارب فى الزمن القادم..التمعت فى رأسى فرحة مباغتة حين بكت طفلتى لمرأى الدم وهو ينزف من جبهة أخيها الذى سقط من فوق سريرة حين كانا يتضاحكان..
فما هو مرادف الموت داخلى؟
هذا الحاضر ابدا؟
بالتأكيد ليس إلا انقطاع اللذة والاستمتاع بأشيائنا الصغيرة التى لم أكن أدركها لولاه..
طريف هو إذن
فأشياءنا الصغيرة البعيدة..صارت كبيرة قريبة..طفلاى كبرا..كبرا..إبنتى تكور صدرها، والتحم خجل من نوع آخر على ملامحها..منذ زمن وهى تستحى أن تخلع قمصانها وسراويلها أمام أمها
زوجتى الآن..فى هذه اللحظة..تقتحم الباب مهللة..بعد أن جادلت الزمن لسنوات..فرحة..مسرورة تعلن مقدم الغد ، قائلة بصوت به بحة محببة للروح:
ألم اقل لك إنه مأمول الغد؟.فثالث فى الأحشاء يتكون.
كنت أنا الغرق فى عرق بارد،والرأس ساقطة فى تجويف منتصف الوسادة الساخنة،.كانت تضع قبلتها التى لم أعهدها والتى لم أفطن إليها قبل
الغد مأمول.
وكانت غيمة رمادية تملأ عينى حين كنت ألمحها،وألمح من خلالها ضحكات وابتسامات خضراء...

***

اسبيرانزا 13/12/2008 23:58

نص ثرى جدا جدا
ماجد ابو شرار
شراراتك اسعرت نيرانا موقدة...
سيدى انت صادق جدا فى التعبير وبارع فى التجلى الاسلوبى
كما انم تحاول بلورة افكارك فلسفيا
من زمان ما سعدت كما اسعدتنى اليوم
سأتابعك :D

ماجد أبو شرار 14/12/2008 00:16

اسبيرانزا
شكرا لك
ولرغبتك متابعتى
ستلقى دائما الجديد
مما يطور بريد اخوي’ اكثر
انا ماجد ابو شرار
وانا الكاتب أيضا

achelious 14/12/2008 02:07

.. ان الإنسان بلا حزن ذكرى إنسان:D

satoman 14/12/2008 02:14

وكانت غيمة رمادية تملأ عينى حين كنت ألمحها،وألمح من خلالها ضحكات وابتسامات خضراء


رائع اخ ماجد بحييك:D

مارح احكي حكي فاضي بظن بتكفي التحيه ومابدك مين يشجعك

اسبيرانزا 10/01/2009 01:36

عن الموت وعنى _ ابراهيم جاد الله _ مصر

فى رأيى ها القصة اروع تطور لها الكاتب ياللى كان ادبه من سنين قليلة محض خربشات

هى ظهيرة اليقظة الحقيقية :ok:

ماجد أبو شرار 10/01/2009 01:52

أى خربشات تقصدى؟
 
عزيزتى
أى خربشات تقصدى من كتاباتى؟
وهذا النص القصصى مكتوب منذ اكثر من ثلاثين عاما
يعنى سابق لظهيرة اليقظة بأعوام كثيرة
برجاء التأمل نقديا بشكل جدى مع مسيرة الكاتب
فالبحث فى جوجول لا يعطى صورة طبيعية عن أنساق ومسارات الكاتب - أى كاتب
اللهم غير دراسات نقدية متأنية تتابع التطور الأسلوبى والتقنى لدى أى كاتب
وعلى كل حال
أبهجتنى عباراتك
وشاكر لك
ابراهيم جادالله
وهذا موقعى

- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -


اسبيرانزا 10/01/2009 17:49

شو هالحكى؟
كل ما بكتب عن كاتب يطلعلى ؟
ابراهيم جاد الو اسلوبو اللى يمكن ما واخد وضعو كتير
ظهيرة اليقظة تبعو كنت قاريتها وحسيتها عادية ولما قريت عن الموت وعجبنى تصورت انو بمرحلة لاحقة لظهيرة اليقظة
ع اساس النضج اللى فيها
والعتب ع غياب التأريخ النصى ياللى هو معاب نقديا
المهم
دعك من كل هذا وامطر علينا مطرا من السماء يأتينا بعذاب ووعى كثير
ادبك بيعذّب :D


الساعة بإيدك هلق يا سيدي 10:46 (بحسب عمك غرينتش الكبير +3)

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
ما بخفيك.. في قسم لا بأس به من الحقوق محفوظة، بس كمان من شان الحق والباطل في جزء مالنا علاقة فيه ولا محفوظ ولا من يحزنون

Page generated in 0.03412 seconds with 11 queries