أخوية - أمة عمياء تري نجوم الظُهر!! ....

أحدث طريقة لاستطلاع الرأي العام في الأمة العربية هي سؤال: ماذا تريدون حتي لا نفعله..؟
ماذا تطلبون حتي نرفضه؟
ما الذي لا يعجبكم حتي نتمسك به؟
وما الذي يعجبكم حتي نلغيه؟

المسئولون العرب سباحون مهرة ضد تيار الشعوب.. وأطباء متخصصون في إجهاض الآمال وإسقاط أجنة الطموح والحفاظ علي الأجنة المشوهة الناتجة عن الحمل السفاح..

كل قياسات الرأي العام والاستطلاعات والاحصاءات والاستبيانات تذهب نتائجها إلي أهل الرأي والهوي وأهل حل الوسط وتعقيد الأمور من المسئولين العرب من أجل أن يتخذوا القرار المعاكس والكاسر لإرادة الناس والمحبط لآمالهم..

وهناك خبثاء عرفوا هذه النقيصة لدي المسئولين العرب وينصحون الناس بأن يقولوا في استطلاعات الرأي عكس ما يريدون حتي تنفذ لهم الحكومات ما يريدون.. نحن نريد الأبيض لكننا يجب أن نقول اننا نفضل الأسود لكي توفر لنا الحكومة الأبيض الذي نريد..

نحن نكره التوقيت الصيفي لذلك يجب أن نقول اننا نحبه ونموت فيه ولا نطيق الغاءه.. وعندئذ سوف تبادر الحكومة بإلغائه لأننا أعلنا تمسكنا به..

مهمة المسئولين العرب في كل المواقع هي تبكيت الشعوب والتنكيد عليها.. هم يرتاحون لقلة راحتنا.. وهم مبرمجون علي قناعة من أعجب القناعات في الدنيا.. وهي أن الرأي للشعب والقرار المضاد لإرادة الشعب في يد المسئول.. قل ما يعجبك وجعجع ما شاءت لك الجعجعة وأعرض ما تريد وما يعجبك وما تحب.. وهم ينفذون لك ما تكره وما لاتحب وما لايعجبك..

والحجة والذريعة المتمددة في أدمغة المسئولين العرب هي ان الناس عاطفيون انفعاليون ولا يعرفون مصلحتهم.. بل إن الناس يتصرفون ضد مصلحتهم أو ضد المصلحة العليا للوطن والأمة.. والمسئولون فقط هم العقلاء الذين يعرفون أكثر ويرون أفضل "ونظرهم ستة علي ستة".. والشعوب في رأيهم مجموعات من السفهاء والقصر غير الناضجين سياسيا ولا اقتصاديا ولا اجتماعيا ولا حضاريا..

ولأن نظر المسئولين العرب "ستة علي ستة شارب أو حاد" فإنهم وحدهم يرون المصلحة العليا للوطن.. والمصلحة العليا للوطن عالية جدا.. أعلي من النجوم ولا يمكن للشعوب رؤيتها بالعين المجردة.. والحل هو أن نراها بعيون المسئولين الحادة.. نحن غير قادرين بأعيننا "الشيش بيش" و"الطشاش" علي رؤية المصلحة العليا للوطن.. لكننا قادرن بفضل جهود المسئولين العرب علي رؤية النجوم في عز الظهر.. عيوننا تري بوضوح النجوم في عز الظهر لكنها لا تري المصلحة العليا للوطن والأمة..

ولا حتي المصلحة الشخصية لكل فرد فينا.. نحن لا نعرف مصلحتنا ولا مصلحة الوطن والأمة.. الحكومات وحدها احتكرت المعرفة واحتكرت القرار والمرار.. احتكرت عقولنا وقلوبنا وأمراضنا وأدويتنا.. كل شيء يقبل عليه الناس ويريدونه فيه أزمة وندرة.. وكل ما لايريده الناس متوفر ومرطرط.. احتقرونا واحتكرونا.. وهم فقط يعرفون ما ينفعنا وما يضرنا.. هم يتولون حمايتنا وسرقتنا معا.. ليس من حقك أن تحمي نفسك.. وليس من حقك أن تسرق نفسك أو تأكل بعضك أو ان تفقد عقلك وصوابك ورشدك..

لا تفعل ذلك حراً مختارا.. ينبغي أن تحصل علي تصريح رسمي بأن تأكل بعضك.. ينبغي أن تكون لديك رخصة بأن تري النجوم في عز الظهر.. الحكومة وحدها تجعلك تري هذه النجوم في عز الظهر رغم أنك أعمي "شفت المعجزة؟!"..

محمد أبو كريشة