أخوية

أخوية (http://www.akhawia.net/forum.php)
-   القصة و القصة القصيرة (http://www.akhawia.net/forumdisplay.php?f=17)
-   -   البائس! (http://www.akhawia.net/showthread.php?t=115303)

قرصان الأدرياتيك 27/12/2008 03:14

البائس!
 
عليّ أن أكتبَ...
عليّ أن أرسمَ الصّفحات، أن أطعنَ الأقلام وأتركها تنزف على رصيفِ الأوراقِ والزّمن.

هكذا فكّر البائسُ وهو يُحدّق بجمودٍ وكآبة إلى طاولةٍ امتلأتْ بالأوراقِ وأشياءَ أخرى ما عاد يرى منها شيئاً!

حملَ القلمَ وكتبَ:
"أحتاجُ منزلاً بعيداً، بعيداً جداً، يختفي بين أشجار النسيان، في قلبِ جزيرةٍ مهجورةٍ مجهولة... فيه مكتبتي وأشيائي العتيقة وما تبقّى لي من رفات الوجود... فيه مدفأة صغيرة تحرق حطبات جامدة صلبة... ".

توقّفَ قليلاً ونهضَ وغادرَ الطّاولة الخشبيّة، ثمَّ عادَ حاملاً كوباً من الشّاي وأمسكَ القلمَ وكتبَ من جديد:
"أُريدُ أن أكونَ مثلَ تلك الحطبة المتّقدة، حطبة تحيا قليلاً، ولا ترى من الوجود والحياة إلا القليل القليل... تأكلها النيرانُ وتترك عظامها رماداً لا يستحقّ إلا أن يُترك في مهبّ الرّيح".

نخزته الذّاكرة فهبّ متذكّراً المكان وقال في نفسِه: يا لغبائي! ما الذي دفعني إلى أن أكونَ هُنا اليوم... ؟
في مدينة الأدرياتيك والفلاحين الأثرياء يأكلون الـ"بيادينا" ويحسبونها لحماً وهم في فقرِ ذاتهم يعمهون.
برغم كلّ شيء... وبرغم الأثقال والأحمال والكآبة والأحزان ابتسمَ متذكّراً شوايا بلدته المغبرّة الحارّة.

غابت الابتسامة في أفقِ الواقع وتساءَل: متى سأعود؟
لا أعلم! ولا أعلم متى ستكون عودتي الأبديّة!
وإلى أين؟ تساءَل من جديد.
لا أعلم أيضاً!
ماذا تعلم إذاً أيّها الأبله؟ هكذا وبّخ نفسَه مشمئزاً.
أعلم شيئاً واحداً فقط هو أنني أنتظرُ عودةً ما.
سخرَ من نفسِه وقال: أمثل مسيحيّ ينتظرُ مشتاقاً عودة إلهه الموعودة فوق غمام السّحاب؟
أمثله يقوده الإيمان نحو انتظارٍ محمّل برجاءٍ واسع ومحبّة لا تنتهي؟
لا، فعودتي لا ترجو... ليست إلا انتظاراً يائساً لا يخبو أبداً، كمدفأة عجوزٍ تشتعل دوماً وتصرخ في وجه الشّتاء: لا تنتهِ!

ربيع الأحزان 30/12/2008 17:45

اقتباس:

كاتب النص الأصلي : قرصان الأدرياتيك (مشاركة 1188082)
حملَ القلمَ وكتبَ:
"أحتاجُ منزلاً بعيداً، بعيداً جداً، يختفي بين أشجار النسيان، في قلبِ جزيرةٍ مهجورةٍ مجهولة... فيه مكتبتي وأشيائي العتيقة وما تبقّى لي من رفات الوجود... فيه مدفأة صغيرة تحرق حطبات جامدة صلبة... ".



!

بائسة أنا أكثر منه فأنا لست بحاجة فقط الى هذا المنزل بل
ربما أبعد منه بكثيييييييييييييييرررر
أتمنى لو أختفي
لو أكون أنا تلك الحطبات الجامدة التى تحترق
فأنا أموت أموت


دام قلمك رائعا صديقي
شكرا لك

i m sam 01/01/2009 18:34

أقولها لك دائما كلماتك وقدرتك على الوصف في القصص رائعة
بالتوفيق :D

قرصان الأدرياتيك 02/01/2009 01:14

اقتباس:

كاتب النص الأصلي : ربيع الأحزان (مشاركة 1190003)
بائسة أنا أكثر منه فأنا لست بحاجة فقط الى هذا المنزل بل
ربما أبعد منه بكثيييييييييييييييرررر
أتمنى لو أختفي
لو أكون أنا تلك الحطبات الجامدة التى تحترق
فأنا أموت أموت
دام قلمك رائعا صديقي
شكرا لك

هذه الحاجة، يا صديقتي ربيع الفرح والأفراح، تظهرُ فينا عندما يعجزُ بَشَرُنا على مقاومة أتراح الحياةِ وآلامها، لكنّها لا تدومُ إلى الأبد، ولا تجرفنا معها في ديمومة البؤسِ والبائسين!
ها نحنُ في مطلعِ عامٍ جديد بكلّ ما فيه من بسمات ودمعات... أمّا الدمعة فهي منفذُ الآهات، أمّا البسمة فهي ما أرجوه لكِ، لتخلعي بها أثوابَ موتِك، وتلبسي بها من جديد أثوابَ بعثٍ أراه قادماً إليكِ.
دمتِ لي صديقة مُحبّة :D.

اسبيرانزا 02/01/2009 15:31

الانتظار سوادا صغيرا يتمدد كثيرا فى الشتاء
ليمت الانتظار الاب الشرعى للبؤس

قرصان الأدرياتيك 02/01/2009 19:40

اقتباس:

كاتب النص الأصلي : i m sam (مشاركة 1191461)
أقولها لك دائما كلماتك وقدرتك على الوصف في القصص رائعة
بالتوفيق :D

عزيزي سام... عليكَ سلامٌ نفتقدُ إليه وبعد،
حملَ إليَّ مرورُك شذى كلمات أطربتْ سمعي وأكبرتْ فيَّ ما أراه صغيراً بعد!
آملُ أن أصلَ يوماً إلى تلك الدّرجة التي أستحقُّ فيها مثل هذا الكلام حقاً وفعلاً!
شكراً لك :D.

Sun Shine Art 02/01/2009 20:52

اكتر من رائعه ....ماعم اقدر اوصف جماليتها الصراحه ...بكل الحزن واليائس الي فيها ...رائعه :D

قرصان الأدرياتيك 02/01/2009 23:06

اقتباس:

كاتب النص الأصلي : اسبيرانزا (مشاركة 1192178)
الانتظار سوادا صغيرا يتمدد كثيرا فى الشتاء
ليمت الانتظار الاب الشرعى للبؤس

إذا كانَ الانتظارُ يخلو من الرّجاء فالويلُ لصاحبِه!
على غرارِ البائسِ الرحّالة بين مدن الأدرياتيك بكلّ عبثٍ وضياع.
طلّتُك بهيّةٌ مثلَ بهاءَ سمرتكِ يا ابنة المصريّين.
:D.

قرصان الأدرياتيك 03/01/2009 21:40

اقتباس:

كاتب النص الأصلي : Sun Shine Art (مشاركة 1192369)
اكتر من رائعه ....ماعم اقدر اوصف جماليتها الصراحه ...بكل الحزن واليائس الي فيها ...رائعه :D

تشجيعُك وقراءتك يدفعاني إلى الأمام... باركك الربّ!
تصبحُ جميلة عندما تُقرأ وتُنتَقَد...
وها أنتِ مسحتها بشعاعٍ من أنوار شمسِك البهيّة.
:D.

boozy 03/01/2009 23:23

الكتابة ليست فعل ارادة
الكتابة...رحيل لباطن الانسان
الكتابة ... فعل من الاوعي
ترجمة لاحاسيس مبهمة
وقوارب نجاة لفيضانات الذات الداخلية

قرصان الأدرياتيك 04/01/2009 12:09

اقتباس:

كاتب النص الأصلي : boozy (مشاركة 1193232)
الكتابة ليست فعل ارادة
الكتابة...رحيل لباطن الانسان
الكتابة ... فعل من الاوعي
ترجمة لاحاسيس مبهمة
وقوارب نجاة لفيضانات الذات الداخلية

لكن إن لم يرد الإنسانُ ذلك فلن يكتب شيئاً على الإطلاق!
هناك ما يدفعك إلى أن تقومَ به، لكنّه يتوقّف عندَ عتبة الاختيار...
وهذا الأخير هو الذي يجسّده على الصّفحات والأوراق ويجعل منه كلمةً تُقرأ وتُسمَع.
تحيّة لكِ :D.

VivaSyria 04/01/2009 17:30

كالعادة لوجة رائعة من رسمتها من كلمات...

لكن لي تعليق بسيط على طول الرواية ألم يكن من الممكن جعلها أطول بسرد مزيد من الأحداث دون اللجوء إلى الحشو طبعاً؟؟

تحيتي ياصديقي :D

ذاكرة النرجس 08/01/2009 16:20

رصيفٌ وأقلامٌ تنزفُ على أوراق ٍ وزمنْ ،، ورجلُ بائسٌ أنهكه الانتظار على أمل ِ العودة

والعودةُ ينتظرها أملٌ والأملُ فيه ارادة ،، والإرادة ُ تتطلبُ قوة ،، والقوة جنينُ الروح

والروحُ حزينة ٌ إنها تصرخ ُ في حنجرة ِ،،، البائس

مجنون يحكي وعاقل يسمع 10/01/2009 00:07

اقتباس:

ليست إلا انتظاراً يائساً لا يخبو أبداً، كمدفأة عجوزٍ تشتعل دوماً وتصرخ في وجه الشّتاء: لا تنتهِ!


وأنا لست إلاّ يائسا منتظرا , يدفعه الشوق من رحيل إلى رحيل , متنقلاً بين السهم والوتر , ولكنه لاينطلق باتجاه الهدف, يجر صخرته باتجاه القمة , ولكنها لا تلبس أن تنحدر من جديد, سيزيف يحمل صخرته بين الأمل وبين الخيبة, بين ابتسامة طفل , وعواء ذئب,باحثاً عن شاطىء أمان لا أرى منه إلا فحيح ثعبان يستغيث من الضحية قبل الإنقضاض عليها
دائما بانتظارك يا صديقي العزيز

جاد81 10/01/2009 02:19

اقتباس:

كاتب النص الأصلي : boozy (مشاركة 1193232)
الكتابة ليست فعل ارادة
الكتابة...رحيل لباطن الانسان
الكتابة ... فعل من الاوعي
ترجمة لاحاسيس مبهمة
وقوارب نجاة لفيضانات الذات الداخلية



أجل كما قالت لك َ يا سيدي فتاة العراق الحبيب

فلا ترمي قلمك يوما ً ...ولا تستنزف محبرتك

دامت ريشتك يا مبدع

جاد

قرصان الأدرياتيك 22/01/2009 00:55

اقتباس:

كاتب النص الأصلي : VivaSyria (مشاركة 1193834)
كالعادة لوجة رائعة من رسمتها من كلمات...

لكن لي تعليق بسيط على طول الرواية ألم يكن من الممكن جعلها أطول بسرد مزيد من الأحداث دون اللجوء إلى الحشو طبعاً؟؟

تحيتي ياصديقي :D

عزيزي فيفا... أنت على حق في قصر هذا المشهد الذي يُصوّر البائس في إحدى حالاته، ثمَّ ينقل الصّور مباشرةً إلى حدث حياته الرئيسيّ، وهو انتظار العودة دون رجاء! نستطيع أن نعتبره من فنون القصّة القصيرة التي قد تكون مقطعاً واحداً كالسّابق. تحيّتي لك.

قرصان الأدرياتيك 22/01/2009 17:31

اقتباس:

كاتب النص الأصلي : ذاكرة النرجس (مشاركة 1196258)
رصيفٌ وأقلامٌ تنزفُ على أوراق ٍ وزمنْ ،، ورجلُ بائسٌ أنهكه الانتظار على أمل ِ العودة

والعودةُ ينتظرها أملٌ والأملُ فيه ارادة ،، والإرادة ُ تتطلبُ قوة ،، والقوة جنينُ الروح

والروحُ حزينة ٌ إنها تصرخ ُ في حنجرة ِ،،، البائس

لقد أيقظتِ يا ذاكرةَ النرجسِ أحلاماً كانت تتلاشى، وأنهضتِ من مرقده الأبديّ بائساً يتلوّع بين رحيلٍ ورحيل! كلماتُك برقٌ يهبطُ بلمحةِ بصرٍ على أرضٍ من ظلام، وحديثُك رعدٌ يصرخُ في جوانب السّكينةِ، سكينتي المائتة. فليحيا الأملُ المفقود، وليعشْ معه الرّجاء البارد... إليكِ مني أحلى التحيّات.

قرصان الأدرياتيك 24/01/2009 02:38

اقتباس:

كاتب النص الأصلي : مجنون يحكي وعاقل يسمع (مشاركة 1197244)
وأنا لست إلاّ يائسا منتظرا , يدفعه الشوق من رحيل إلى رحيل , متنقلاً بين السهم والوتر , ولكنه لاينطلق باتجاه الهدف, يجر صخرته باتجاه القمة , ولكنها لا تلبس أن تنحدر من جديد, سيزيف يحمل صخرته بين الأمل وبين الخيبة, بين ابتسامة طفل , وعواء ذئب,باحثاً عن شاطىء أمان لا أرى منه إلا فحيح ثعبان يستغيث من الضحية قبل الإنقضاض عليها
دائما بانتظارك يا صديقي العزيز

أظنّني اليومَ مجنوناً يصغي إلى عاقلٍ يعقلُ واقعه، ويريدُ منه أن يلهجَ راكضاً نحوَ قمّةٍ بعيدة... ألقِ صخرتكَ يا صديق، واتركها تنحدرُ فوق جبال الحريّة، واحمل نفسَك عارياً وحيداً وادفع بها نحوَ ذرىً أبين من أيّ بيان... فما أن تعتق ذاتك من تلك الأحمال، حتّى ترى جناحيك مشرّعين نحوَ فضاءٍ لا حدّ له ولا نهاية! هنيئاً لكلّ انتظار!!!


الساعة بإيدك هلق يا سيدي 11:41 (بحسب عمك غرينتش الكبير +3)

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
ما بخفيك.. في قسم لا بأس به من الحقوق محفوظة، بس كمان من شان الحق والباطل في جزء مالنا علاقة فيه ولا محفوظ ولا من يحزنون

Page generated in 0.05046 seconds with 11 queries