![]() |
المنتدى الأسلامي
السلام عليكم:سوريا:
في البداية الشكر لأدارة المنتدى والمشرف الذي سمح لي بالأشترك بحوار الأديان وبوضع هذا المنتدى الأسلامي فيه:سوريا: , هنا سنناقش يا أخواني المواضيع حول العقيدة الأسلامية. من آيان لأحاديث لعقائد وما حلل وما حرم. وأهلاً وسهلاً بأخواننا المسيحيين :clap: بكامل أسئلتهم واستفساراتهم وأيضاً بأخواني الأسلام للأستفسار عن اشياء حول الدين الأسلامي ربما نستطيع أن نساعد بعضنا في عدة أشياء والسلام:hart: |
اهلا يا احلى وايت روز ..وغدا نلتقي حبيبتي :hart:
|
أهلين سوريتي حبيبتي
|
نورتي منتدى حوار الاديان يا وايت روز
|
اقتباس:
|
اقتباس:
|
اقتباس:
ترحيبكم فيني يا أخواني بيرفعلي من معنوياتي:سوريا: |
ما هي عقيدة اهل السنة والجماعة؟
تحياتي |
شايفين ما أحسنكون هون المكان المناسب للنقاش الديني ويلي بدو يفتح تمو بحرف بتقلعوا عينو
سلام |
اقتباس:
من عبادات وأفعال وطاعات أما الجماعة ولله مابعرف منك نستفيد يا أخ عبد:سوريا: |
::عشر ذي الحجة.. فضلها والعمل فيها:::hart:
الحمد لله الذي خلق الزمان وفضّل بعضه على بعض فخصّ بعض الشّهور والأيام والليالي بمزايا وفضائل يُعظم فيها الأجر ، ويَكثر الفضل رحمة منه بالعباد ليكون ذلك عْوناً لهم على الزيادة في العمل الصالح والرغبة في الطاعة ، وتجديد النشاط ليحظى المسلم بنصيب وافر من الثواب ، فيتأهب للموت قبل قدومه ويتزود ليوم المعاد . ومن فوائد مواسم الطاعة سدّ الخلل واستدراك النقص وتعويض ما فات ، وما من موسم من هذه المواسم الفاضلة إلا ولله تعالى فيه وظيفة من وظائف الطاعة يتقرب بها العباد إليه ، ولله تعالى فيها لطيفة من لطائف نفحاته يصيب بها من يشاء بفضله ورحمته ، فالسعيد من اغتنم مواسم الشهور والأيام والساعات وتقرب فيها إلى مولاه بما فيها من طاعات فعسى أن تصيبه نفحة من تلك النفحات ، فيسعد بها سعادة يأمن بعدها من النار وما فيها من اللفحات [ ابن رجب في اللطائف ص40] فعلى المسلم أن يعرف قدر عمره وقيمة حياته ، فيكثر من عبادة ربه ، ويواظب على فعل الخيرات إلى الممات . قال الله تعالى: ﴿ واعبد ربك حتى يأتيك اليقين ﴾ [الحجر: 99] قال المفسرون اليقين: الموت . ومن مواسم الطّاعة العظيمة العشر الأول من ذي الحجة التي فضّلها الله تعالى على سائر أيام العام فعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله منه في هذه الأيام العشر . قالوا ولا الجهاد في سبيل الله !! قال: ولا الجهاد في سبيل الله ، إلا رجل خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء ) [أخرجه البخاري 2/457 ]. وعنه أيضاً رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ما من عمل أزكى عند الله عز وجل ، ولا أعظم أجراً من خير يعمله في عشر الأضحى " قيل: ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال: " ولا الجهاد في سبيل الله عز وجل إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء ) [رواه الدارمي 1/357 وإسناده حسن كما في الإرواء 3/398] . فهذه النصوص وغيرها تدلّ على أنّ هذه العشر أفضل من سائر أيام السنة من غير استثناء شيء منها ، حتى العشر الأواخر من رمضان . ولكنّ ليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل لاشتمالها على ليلة القدر ، التي هي خير من ألف شهر ، وبهذا يجتمع شمل الأدلة . [أنظر تفسير ابن كثير 5/412 ] واعلم - يا أخي المسلم - أن فضيلة هذه العشر جاءت من أمور كثيرة منه: · أن الله تعالى أقسم بها: والإقسام بالشيء دليل على أهميته وعظم نفعه ، قال تعالى: ﴿ والفجر وليال عشر ﴾ قال ابن عباس وابن الزبير ومجاهد وغير واحد من السلف والخلف: إنها عشر ذي الحجة . قال ابن كثير: " وهو الصحيح " [تفسير ابن كثير8/413 ] · أن النبي صلى الله عليه وسلم شهد بأنها أفضل أيام الدنيا كما تقدّم في الحديث الصحيح . · أنه حث فيها على العمل الصالح: لشرف الزمان بالنسبة لأهل الأمصار ، وشرف المكان - أيضاً - وهذا خاص بحجاج بيت الله الحرام . · أنه أمر فيها بكثرة التسبيح والتحميد والتكبير كما جاء عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد ) . [أخرجه احمد 7/224 وصحّح إسناده أحمد شاكر ] . · أن فيها يوم عرفة وهو اليوم المشهود الذي أكمل الله فيه الدّين وصيامه يكفّر آثام سنتين ، وفي العشر أيضا يوم النحر الذي هو أعظم أيام السنّة على الإطلاق وهو يوم الحجّ الأكبر الذي يجتمع فيه من الطّاعات والعبادات ما لا يجتمع في غيره . · أن فيها الأضحية والحج . في وظائف عشر ذي الحجة: إن إدراك هذا العشر نعمة عظيمة من نعم الله تعالى على العبد ، يقدّرها حق قدرها الصالحون المشمّرون . وواجب المسلم استشعار هذه النعمة ، واغتنام هذه الفرصة ، وذلك بأن يخص هذا العشر بمزيد من العناية ، وأن يجاهد نفسه بالطاعة . وإن من فضل الله تعالى على عباده كثرة طرق الخيرات ، وتنوع سبل الطاعات ليدوم نشاط المسلم ويبقى ملازماً لعبادة مولاه . فمن الأعمال الفاضلة التي ينبغي للمسلم أن يحرص عليها في عشر ذي الحجة: · الصيام فيسن للمسلم أن يصوم تسع ذي الحجة . لأن النبي صلى الله عليه وسلم حث على العمل الصالح في أيام العشر ، والصيام من أفضل الأعمال . وقد اصطفاه الله تعالى لنفسه كما في الحديث القدسي: ( قال الله: كل عمل بني آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به ﴾ [أخرجه البخاري 1805 ] وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة . فعن هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر . أول اثنين من الشهر وخميسين ﴾ [أخرجه النسائي 4/205 وأبو داود وصححه الألباني في صحيح أبي داود 2/462] . · التكبير: فيسن التكبير والتحميد والتهليل والتسبيح أيام العشر . والجهر بذلك في المساجد والمنازل والطرقات وكل موضع يجوز فيه ذكر الله إظهاراً للعبادة ، وإعلاناً بتعظيم الله تعالى . ويجهر به الرجال وتخفيه المرأة قال الله تعالى: ﴿ ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام ﴾ [الحج: 28] . والجمهور على أن الأيام المعلومات هي أيام العشر لما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهم: ( الأيام المعلومات: أيام العشر ) ، وصفة التكبير: الله أكبر ، الله أكبر لا إله إلا الله ، والله أكبر ولله الحمد ، وهناك صفات أخرى . والتكبير في هذا الزمان صار من السنن المهجورة ولا سيما في أول العشر فلا تكاد تسمعه إلا من القليل ، فينبغي الجهر به إحياء للسنة وتذكيراً للغافلين ، وقد ثبت أن ابن عمر وأبا هريرة رضي الله عنهما كانا يخرجان إلى السوق أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما ، والمراد أن الناس يتذكرون التكبير فيكبر كل واحد بمفرده وليس المراد التكبير الجماعي بصوت واحد فإن هذا غير مشروع . إن إحياء ما اندثر من السنن أو كاد فيه ثواب عظيم دل عليه قوله صلى الله عليه وسلم : ( من أحيا سنة من سنتي قد أميتت بعدي فإن له من الأجر مثل من عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيئاً ) [أخرجه الترمذي 7/443 وهو حديث حسن لشواهده] . · أداء الحج والعمرة: إن من أفضل ما يعمل في هذه العشر حج بيت الله الحرم ، فمن وفقه الله تعالى لحج بيته وقام بأداء نسكه على الوجه المطلوب فله نصيب - إن شاء الله - من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ). · الإكثار من الأعمال الصالحة عموم: لأن العمل الصالح محبوب إلى الله تعالى وهذا يستلزم عِظَم ثوابه عند الله تعالى . فمن لم يمكنه الحجّ فعليه أن يعمر هذه الأوقات الفاضلة بطاعة الله تعالى من الصلاة وقراءة القرآن والذكر والدعاء والصدقة وبر الوالدين وصلة الأرحام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك من طرق الخير وسبل الطاعة · الأضحية: ومن الأعمال الصالحة في هذا العشر التقرب إلى الله تعالى بذبح الأضاحي واستسمانها واستحسانها وبذل المال في سبيل الله تعالى . · التوبة النصوح: ومما يتأكد في هذا العشر التوبة إلى الله تعالى والإقلاع عن المعاصي وجميع الذنوب . والتوبة هي الرجوع إلى الله تعالى وترك ما يكرهه الله ظاهراً وباطناً ندماً على ما مضى ، وتركا في الحال ، وعزماً على ألا يعود والاستقامة على الحقّ بفعل ما يحبّه الله تعالى . والواجب على المسلم إذا تلبس بمعصية أن يبادر إلى التوبة حالاً بدون تمهل لأنه: أول: لا يدري في أي لحظة يموت . ثاني: لأنّ السيئات تجر أخواتها . وللتوبة في الأزمنة الفاضلة شأن عظيم لأن الغالب إقبال النفوس على الطاعات ورغبتها في الخير فيحصل الاعتراف بالذنب والندم على ما مضى . وإلا فالتوبة واجبة في جميع الأزمان ، فإذا اجتمع للمسلم توبة نصوح مع أعمال فاضلة في أزمنة فاضلة فهذا عنوان الفلاح إن شاء الله . قال تعالى: ﴿ فأما من تاب وآمن وعمل صالحاً فعسى أن يكون من المفلحين ﴾ [القصص: 67] . فليحرص المسلم على مواسم الخير فإنها سريعة الانقضاء ، وليقدم لنفسه عملا صالحاً يجد ثوابه أحوج ما يكون إليه: إن الثواب قليل ، والرحيل قريب ، والطريق مُخْوِف ، والاغترار غالب ، والخطر عظيم ، والله تعالى بالمرصاد وإليه المرجع والمآب ﴿ فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ، ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره ﴾ . الغنيمة الغنيمة بانتهاز الفرصة في هذه الأيام العظيمة ، فما منها عِوَضٌ ولا تُقدَّر بقيمة ، المبادرةَ المبادرةَ بالعمل ، والعجل العجل قبل هجوم الأجل ، وقبل أن يندم المفرّط على ما فعل ، وقبل أن يسأل الرّجعة فلا يُجاب إلى ما سأل ، قبل أن يحول الموت بين المؤمِّل وبلوغ الأمل ، قبل أن يصير المرء محبوسا في حفرته بما قدَّم من عمل . يا من ظلمة قلبه كالليل إذا يسري ، أما آن لقلبك أن يستنير أو يستلين ، تعرّض لنفحات مولاك في هذا العشر فإن لله فيه نفحات يصيب بها من يشاء ، فمن أصابته سَعِد بها يوم الدّين . whiterose:سوريا: |
الاخت الفاضلة
انني اسمع عن قصة الخضر ولكن لا اعرف تفاصيلها ، فهل لك ان تساعديني في توضيح هذه القصة.؟ تحياتي |
اخت وايت روز
من هو المهدي المنتظر |
اقتباس:
لكن رح جاوبك عليها بمشاركة قادمة ..وازا في حدا من الاخوان شيعي ممكن يقلك :سوريا: |
اقتباس:
ومابعرف أذا سؤالك سؤال ولا اختبار:adal: شاب متلك متمكن بأمو الدين الأسلامي أكيد لازم يعرف سيدنا الخضر ولا شو؟؟؟:shock: |
اقتباس:
المهدي المنتظر مو معتقدات شيعية أبداً شخصية حقيقة االله أرسلو هداية للناس من رحمته العظيمة قبل القيامة العظيمة وشروق الشمس من مغربها ولا تقبل ولاتوية وتقول الروايات انه سيظهر في بلاد الشام وتحديداً عند المنارة الشرقية بالقرب من الجامع الأموي وبصراحة وقت بكون زعلانة :cry: أو دايق خلقي بروح بتبارك بها المكان:pos: وهي عن المهدي المنتظر!!:سوريا: |
يي اسفة والله نسيت انه منامن فيه ...:shock:
بس الشيعة بيامنو فيه بطريقة مختلفة تماما ... |
اقتباس:
وأهلا وسهلا فيك معنا سؤال ليس له أبعاد:jakoush: أنت مسلم ام مسيحي ولك الشكر!:سوريا: |
اقتباس:
انا مشان هيك عملت المنتدى:سوريا: |
السلام:سوريا:
أخواني أنا ماحبيت أحكي من عندي عن سيدنا المهدي لذلك جبتلكن أحاديث مع الرواي وعلى ذمتو والباقي عليكون:hart: روي في مسند أبي داوُد (والترمذي ) عن عبد اللّه بن مسعود عن النبي (ص) قال : لولم يبقى من الدنيا الا يوم ، لطول اللّه ذلك اليوم حتى يبعث (اللّه ) فيه رجلاً منّي (أو من أهل بيتي ) يواطئ اسمه اسمي .... ، يملأ الأرض قسطـاً وعدلاً كـما ملئت ظلماً وجوراً راجـع جامع الاصول - ج 11 ، ص 48 ، ح 7810 ، الكتاب التاسع ، الباب الاول. - ومثله في سنن أبي داود - ج 4 ، ص 104 ، ح 4282 وعلى رواية أنّه : لا تذهب الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهـل بـيتي يـواطـئ اسمه اسمي سنن الترمذي - ج 4 ، ص 438 ، باب 52 ، ح 2230 ، كتاب الفتن - سنن أبي داوُد ،ج 4 ، ص 104 ، ح 4282 وروي عن أبي هريرة انّه قال : لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم لطوّل اللّه عزوجل ذلك اليـوم حتى يلي رجل من اهل بيتي يواطئ اسمه اسمي سنن الترمذي ، ج 4 ، ص 438 ، باب 52 ، ح 2231، كتاب الفتن . وروى في سنن أبي داوُد عن عليّ (ع) عن النبي (ص) قال : " لو لم يبقى من الدهر الا يوم لبعث الله رجلاً من اهل بيتي يمهلأها عدلا كما ملئت جوراً سنن أبي داوُد - ج 4 ، ص 104 ، ح 4283 - وجامع الاصول ،ج 11 - ص 49 ،ح 7811 وروى في سنن أبي داوُد أيضاً عن امّ سلمة قالت : سمعت رسول اللّه يقول : (( المهدي من عترتي من ولد فاطمة)) سنن أبي داوُد ، ج 4 - ص104 - ح 4284 ع - وجامع الاصول،ج 11 - ص 49 ،ح 7812 وروى أبو داوُد والترمذي عن أبي سعيد الخدري انّه قال : قال رسول اللّه (ص) : (( المهدي منّي اجلى الجبهة ، أقنى الأنف ، يملأ الارض قسطاً وعدلاً كـما ملئت جوراً وظلماً ، يملك سبع سنببن )). وروى أبو داوُد والترمذي أيضاً عن أبي سعيد الخدري انه قال : خشينا أن يكون بعد نبيّنا حدث ، فسألنا نبي اللّه (ص) فقال : انّ في أمتي المهدي ، يخرج يعيش خمساً أو سبعاً أو تسعاً، زيدٌ الشاك، قال: قلنا: وما ذاك؟ قال: سنين، قال: فيجيئ إليه رجل فيقول: يا مهدي اعطني اعطني، قال: فيحثي له في ثوبه ما استطاع أن يحمله سنن أبي داوُد ، ج 4 - ص105 - ح 4285 ع - وجامع ألاصول،ج 11 - ص 49 ،ح 7813 وروي في سنن الترمذي عن أبي اسحاق أنه قال: قال عليّ (ع) - ونظر إلى ابنه الحسن - فقال: انّ ابني هذا سيد كما سمّاه رسول الله (ص) وسيخرج من صلبه رجل يسمّى باسم نبيّكم، يشبهه في الخُلق ويشبهه في الخَلْقِ (1) ... ويملأ الأرض عدلاً (2). (1)سنن الترمذي ، ج 4 ، ص 439 ، باب 53 ، ح 2232، كتاب الفتن . (2) في جامع الاصول: (لا يشبهه في الخلق) وكذلك في سنن أبي داود. |
المهدي في المصادر السنية.
روى علماء السنة في هذا المجال روايات كثيرة عن رواة يوثقونهم عن النبي الأكرم (ص) و تؤكد هذه الروايات على أن الأئمة هم اثنا عشر إماماً و إنهم كلهم من قريش ، و أن المهدي من أهل بيته (ص) و أبناء علي و فاطمة ، و قد صرح الكثير منها انه من نسل الإمام الحسين (ع) . و قد رووا في هذا المجال المئات من الأحاديث و التي جاءت في أكثر من 70 مصدراً معتبراً و نحن نشير إلى بعض منها فيما يلي :
- المسند تأليف أحمد بن حنبل المتوفي سنة 24 سنة 241 هجرية . - صحيح البخاري تأليف البخاري المتوفي سنة 256 هجرية . - صحيح مسلم تأليف مسلم بن حجاج النيشابوري المتوفي سنة 275 هجرية . - صحيح الترمذي تأليف محمد بن عيسى الترمذي المتوفي سنة 279 هجرية . هذه الكتب المذكورة و كل منها أصح المسانيد المعتبرة عن أهل السنة و هكذا : - مصابيح السنة تأليف البغوي المتوفي سنة 516 هجرية . - جامع الأصول تأليف ابن الأثير المتوفي سنة 606 هجرية . - الفتوحات المكية تأليف محي الدين بن عربي المتوفي سنة 654 هجرية . - تذكرة الخواص تأليف سبط ابن الجوزي المتوفي سنة 654 هجرية . - فوائد السميطي تأليف الحموي المتوفي سنة 716 هجرية . - الصواعق تأليف ابن حجر الهيثمي المتوفي سنة 973 هجرية . - ينابيع المودة تأليف الشيخ سليمان القندوزي المتوفي سنة 1293 هجرية . وقد ألف عدة من علماء السنة كتباً مستقلة حول الإمام المهدي (ع) و منها : 1- " البيان في أخبار صاحب الزمان " للعلامة الكنجي الشافعي . 2- " عقد الدرر في أخبار الإمام المنتظر " للشيخ جمال الدين يوسف الدمشقي . 3- " مهدي آل الرسول " لعلي بن سلطان محمد الهروي الحنفي . 4- " كتاب المهدي " تأليف أبى داود . 5- " علامات المهدي " جلال الدين السيوطي . 6- " مناقب المهدي " الحافظ أبى النعيم الأصفهاني . 7- " القول المختصر في علامات المهدي المنتظر " لإبن حجر . 8- " البرهان في علامات مهدي آخر الأزمان للملا علي المتقي . 9- " أربعون حديثاً في المهدي " لأبي العلاء الهمداني و غيرها (1) 1-كشف الظنون ج1 ،2 ، هدية العارفين ج1 ، 2 ، إيضاح المكنون |
رأي علماء الأجتماع
يرى علماء الإجتماع الكبار في العالم أن الحروب و سفك الدماء و قتل الأنفس و كل هذه المفاسد المتزايدة اليوم إنما هي ناتجة من عدم توفر التوازن بين متطلبات الجسم و الروح الإنسانين .
فالإنسان اليوم قد سحق الفضائل الأخلاقية و المنابع المعنوية ، و إن كان قد سخر البحر و الفضاء و الصحراء لصالحه و صعد إلى القمر . و من البديهي أنه لا يمكن إقرار العدالة و النظام الصحيح بالقوة و القدرة و لا يمكن أن تضمن سعادة البشرية بحصول التكنيك المتقدم و باقي العلوم المادية و ليس للإنسانية محيص من أن تقيم علاقاتها على أساس من الإيمان و الأخلاق و تنجي نفسها من دوامة الخطر بقيادة مصلح عالمي عظيم ، و تصل إلى إقرار الحكم القائم على أساس العدالة و الأمن و الصفاء و الأخوة . و على هذا نستنتج أن البشرية تسرع اليوم و تستعد لتقبل قيادة الإمام صاحب الزمان |
الاخت الفاضلة وايت روز
بالنسبة لعقيدة اهل السنة والجماعة فهناك عشرات ان لم يكن مئات المواقع على النت والتي تتحدث عنها ، ولكن الجهد المطلوب هو ايجاد موقع يحتوي على هذه العقيدة وبطريقة يستطيع الانسان البسيط ان يقرأها ويفهمها بالرغم من بساطتها وروعة محتواها ما دامت شريعة الله تعالى وسنة نبيه الكريم واتباعه الصالحين. اذا اردت ان تعرفي عن العقيدة الاسلامية اكثر مما لديك من معلومات فما عليك سوى زيارة المواقع التي تتحدث عنها وعلى سبيل المثال وليس الحصر الموقع التالي : - ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا - تحياتي |
اقتباس:
اذا كنت لا تملكين الجواب الكافي والمقنع فعدم الرد هو الحل الافضل . تحياتي |
اقتباس:
اقتباس:
أنا بحب حديث الرسول صلى الله عليه وسلم استفتي قلبك أنا مسلمة سنية بحب ديني والحمدلله أني مسلمة بعمل الفروض وبجاهد على السنن والنوافل و بعد عن الحرام بس في شغلات بحياتي بعملا وبعيشا ومابهمني شي طول ما انا ما عم ارتكب حرام ولا بهمني سني وعلوي وشيعي اللي بهمني قناعتي ولو كنت مقتنعة بالشيعة كنت تشيعت ولو كنت مقتنة بالعلوية كنت صرت ولو كنت مقتنعة بالمسيحيية كنت صرت لو انا مسلمة مابهمني مذاهب بس الحمدلله مقتنعة بالمذهب السني والدين الأسلامي بس الحمدلله متل ما قلت على نعمة الأسلام:jakoush: :hart: |
السلام عليكم
نحن المسلمين نعبد اله واحدا هو الله الواحد الصمد والذي له الاسماء الحسنى ، ولا نعبد غيره لا اثنين ولا ثلاثة ، فدعونا نحصيها ونبين معناها فقد تكون سببا في دخول الجنة : سيكون الطرح بتسلسل حتى لا يتم نسيان اسما واحدا او تكراره . الله كلمة "إلاه" تعني: معبود .. وهي اسم مشتق من الفعل (أله) بالفتح .. فكل ما اتخذه الناس معبوداً منذ القدم يصح أن يطلق عليه اسم (إلاه). فمن الناس من اتخذ الشمس إلهاً .. أي: معبوداً، ومنهم من اتخذ النار إلهاً، ومنهم من اتخذ القمر إلهاً، ومنهم من اتخذ البقر إلهاً. وكلمة (إلاه) قد تطلق ويراد بها معناها فقط .. أي: (معبود) كما في قوله تعالى: {فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره .. "59"} (سورة الأعراف) وقوله تعالى: {الذي له ملك السماوات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت .. "158"} (سورة الأعراف) وقوله تعالى: {.. لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون "31"} (سورة التوبة) فالحق سبحانه وتعالى يؤكد في هذه الآيات أنه لا معبود إلا هو تبارك وتعالى. وقد تطلق كلمة (إلاه) ويراد بها: الحق عز وجل، كما في قوله تعالى: {اجعل الآلهة إلهاً واحداً إن هذا لشيء عجاب "5"} (سورة ص) فكلمة (إلاه) في هذه الآية تعني: "معبوداً"، وفي نفس الوقت يراد بها: الحق عز وجل. فإذا انتقلنا إلي لفظ الجلالة (الله) .. هل هو لفظ مشتق من الفعل (أله) أم غير مشتق؟ قيل: إنه اسم مشتق من نفس الفعل (أله)، وأنه هو نفسه الاسم المشتق (إلاه) ودخلت عليه الألف واللام وحذفت الهمزة للتخفيف، وقيل: إنه غير مشتق، وإنما أطلقه الله عز وجل للدلالة على ذاته العلية. ولكننا نقول: إن لفظ الجلالة (الله) سواء أكان مشتقاً أم غير مشتق، فإنه علم على واجب الوجود .. أي: على الحق تبارك وتعالى بذاته وأسمائه وصفاته دون سواه من المعبودات الباطلة. إن العلم إذا أطلق وأريد به مسمى معيناً .. فإنه (أي: العلم) ينحل عن معناه الأصلي ويصبح علماً على مسماه .. كما إذا أطلقت على زنجية اسم (قمر) .. فالقمر بالنسبة لهذه الزنجية قد انحل عن معناه الأصلي، وصار علماً عليها. فلفظ الجلالة (الله) ورد في القرآن الكريم حوالي ألفين وسبعمائة مرة لم يرد خلالها هذا اللفظ إلا للدلالة على ذات الحق جل وعلا، ولم يستخدم للدلالة على أي معبود آخر من المعبودات الباطلة مثل: الشمس أو القمر أو النار أو البقر أو عيسى بن مريم. كما أن الله تبارك وتعالى لم يستخدم لفظ الجلالة كوصف من الأوصاف مثل سائر الأسماء، وإنما استخدمه ليدل عليه بذاته وأسمائه الأخرى وصفاته دلالة علمية. فإذا أراد أن يصف نفسه بوصف معين، أو ينسب إلي نفسه فعلاً معيناً، أتى بلفظ الجلالة (الله) كعلم عليه، ثم ألحقه بالوصف أو الفعل الذي يريد .. كما تقول أنت ـ (احمد وقور مهذب). يقول الحق جل وعلا: {.. والله محيط بالكافرين "19"} (سورة البقرة) ويقول جل وعلا: {.. والله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم "105"} (سورة البقرة) ويقول عز وجل: {.. فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم "137"} (سورة البقرة) فلفظ الجلالة صار علماً على الذات الإلهية العلية .. علماً على الحق ـ جل وعلا ـ ليدل عليه بذاته وأسمائه وصفاته دلالة علمية، ولا يستخدم للدلالة على غيره من المعبودات الباطلة، وهو الاسم الأعظم الذي حوى جميع كمالات صفاته، والذي ليس له فيه سمى أي: شريك في نفس الاسم. والحق جل وعلا حين أنزل القرآن، أنزله مقروناً باسم الله سبحانه وتعالى .. وهي أن تكون البداية باسم الله. إن أول الكلمات التي نطق بها الوحي لمحمد صلى الله عليه وسلم كانت: {اقرأ باسم ربك الذي خلق "1"} (سورة العلق) وهكذا كانت بداية نزول القرآن الكريم ليمارس مهمته في الكون هي باسم الله .. ونحن الآن نقرأ القرآن بادئين نفس البداية. ولكن هل نحن مطالبون أن نبدأ فقط تلاوة القرآن باسم الله؟ .. كلا .. إننا مطالبون أن نبدأ كل عمل باسم الله؛ لأننا لابد أن نحترم عطاء الله في كونه. إنك حين تبدأ كل شيء بسم الله الرحمن الرحيم .. فإنك تجعل الله في جانبك يعينك. ومن رحمته تبارك وتعالى أنه علمنا أن نبدأ كل شيء باسمه تعالى؛ لأن "الله" ـ كما قلنا ـ هو الاسم الجامع لكل صفات الكمال والفعل عادة يحتاج إلي صفات متعددة .. فأنت حين تبدأ عملا تحتاج إلي قدرة الله وإلي قوته وإلي عونه وإلي رحمته .. فلو أن الله سبحانه وتعالى لم يخبرنا بالاسم الجامع لكل الصفات لكان علينا أن نحدد الصفات التي نحتاج إليها، كأن نقول باسم الله القوي، وباسم الله الرزاق، وباسم الله المجيب، وباسم الله القادر، وباسم الله النافع .. إلي غير ذلك من الأسماء والصفات التي نريد أن نستعين بها .. ولكن الله تبارك وتعالى يجعلنا نقول: "بسم الله الرحمن الرحيم" .. الاسم الجامع لكل هذه الصفات. على أننا لابد أن نقف هنا عند الذين لا يبدأون أعمالهم باسم الله .. وإنما يريدون الجزاء المادي وحده. يتبع....... |
إنسان غير مؤمن لا يبدأ عمله بسم الله .. وإنسان مؤمن يبدأ كل عمل وفي باله الله .. كلاهما يأخذ من الدنيا لأن الله رب للجميع .. له عطاء ربوبية لكل خلقه الذين استدعاهم للحياة .. ولكن الدنيا ليست هي الحياة الحقيقية للإنسان .. بل الحياة الحقيقية هي الآخرة .. الذي في باله الدنيا وحدها يأخذ بقدر عطاء البربوبية .. بقدر عطاء الله في الدنيا .. والذي في باله الله يأخذ بقده عطاء الله في الدنيا والآخرة .. ولذلك يقول الحق تبارك وتعالى:
{الحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الأرض وله الحمد في الآخرة وهو الحكيم الخبير "1"} (سورة سبأ) لأن المؤمن يحمد الله على نعمه في الدنيا .. ثم يحمده عندما ينجيه من النار والعذاب ويدخله الجنة في الآخرة .. فلله الحمد في الدنيا والآخرة. ورسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم أقطع" ومعنى أقطع أي مقطوع الذنب أو الذيل .. أي عمل ناقص فيه شيء ضائع .. لأنك حين لا تبدأ العمل بسم الله قد يصادفك الغرور والطغيان بأنك أنت الذي سخرت ما في الكون ليخدمك وينفعل لك .. وحين لا تبدأ العمل ببسم الله .. فليس لك عليه جزاء في الآخرة فتكون قد أخذت عطاءه في الدنيا .. وبترت أو قطعت عطاءه في الآخرة .. فإذا كنت تريد عطاء الدنيا والآخرة. أقبل على كل عمل بسم الله .. قبل أن تأكل قل بسم الله لأنه هو الذي خلق لك هذا الطعام ورزقك به .. عندما تدخل الامتحان قل بسم الله فيعينك على النجاح .. عندما تدخل إلي بيتك قل بسم الله لأنه هو الذي يسر لك هذا البيت .. عندما تتزوج قل بسم الله لأنه هو الذي خلق هذه الزوجة وأباحها لك .. في كل عمل تفعله ابدأه بسم الله .. لأنها تمنعك من أي عمل يغضب الله سبحانه وتعالى .. فأنت لا تستطيع أن تبدأ عملا يغضب الله ببسم الله. وكما ينبغي على المسلم المؤمن أن يجعل لسانه رطباً ببسم الله .. ينبغي عليه أيضاً بحمد الله عز وجل؛ لأنه تبارك وتعالى محمود لذاته ومحمود لصفاته، ومحمود لنعمه، ومحمود لرحمته، ومحمود لمنهجه، ومحمود لقضائه، الله محمود قبل أن يخلق من يحمده. ومن رحمة الله سبحانه وتعالى أنه جعل الشكر له في كلمتين اثنتين هما الحمد لله. والعجيب أنك حين تشكر بشرا على جميل فعله تظل ساعات وساعات .. تعد كلمات الشكر والثناء، وتحذف وتضيف وتأخذ رأي الناس. حتى تصل إلي قصيدة أو خطاب ملئ بالثناء والشكر. ولكن الله سبحانه وتعالى جلت قدرته وعظمته نعمه لا تعد ولا تحصى، علمنا أن نشكره في كلمتين اثنتين هما: الحمد لله .. ولعلنا نفهم أن المبالغة في الشكر للبشر مكروهة لأنها تصيب الإنسان بالغرور والنفاق وتزيد العاصي في معاصيه .. فلنقلل من الشكر والثناء للبشر .. لأننا نشكر الله لعظيم نعمه علينا بكلمتين هما: الحمد لله، ومن رحمة الله سبحانه وتعالى أنه علمنا صيغة الحمد. فلو أنه تركها دون أن يحددها بكلمتين .. لكان من الصعب على البشر أن يجدوا الصيغة المناسبة ليحمدوا الله على هذا الكمال الإلهي .. فمهما أوتي الناس من بلاغة وقدرة على التعبير. فهم عاجزون على أن يصلوا إلي صيغة الحمد التي تليق بجلال المنعم .. فكيف نحمد الله والعقل عاجز أن يدرك قدرته أو يحصي نعمه أو يحيط برحمته؟ ورسول الله صلى الله عليه وسلم أعطانا صورة العجز البشري عن حمد كمال الألوهية لله، فقال: "لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك" وكلمتا الحمد لله، ساوى الله بهما بين البشر جميعا، فلو أنه ترك الحمد بلا تحديد، لتفاوتت درجات الحمد بين الناس بتفاوت قدراتهم على التعبير. فهذا أمي لا يقرأ ولا يكتب لا يستطيع أن يجد الكلمات التي يحمد بها الله. وهذا عالم له قدرة على التعبير يستطيع أن يأتي بصيغة الحمد بما أوتي من علم وبلاغة. وهكذا تتفاوت درجات البشر في الحمد .. طبقا لقدرتهم في منازل الدنيا. ولكن الحق تبارك وتعالى شاء عدله أن يسوي بين عباده جميعا في صيغة الحمد له .. فيعلمنا في أول كلماته في القرآن الكريم .. أن نقول "الحمد لله" ليعطي الفرصة المتساوية لكل عبيده بحيث يستوي المتعلم وغير المتعلم في عطاء الحمد ومن أوتي البلاغة ومن لا يحسن الكلام. ولذلك فإننا نحمد الله سبحانه وتعالى على أنه علمنا كيف نحمده وليظل العبد دائما حامدا. فالله سبحانه وتعالى قبل أن يخلقنا خلق لنا موجبات الحمد من النعم، فخلق لنا السماوات والأرض وأجد لنا الماء والهواء. ووضع في الأرض أقواتها إلي يوم القيامة .. وهذه نعمة يستحق الحمد عليها لأنه جل جلاله جعل النعمة تسبق الوجود الإنساني، فعندما خلق الإنسان كانت النعمة موجودة تستقبله. بل أن الله جل جلاله قبل أن يخلق آدم أبا البشر جميعا سبقته الجنة التي عاش فيها لا يتعب ولا يشقى. فقد خلق فوجد ما يأكله وما يشربه وما يقيم حياته وما يتمتع به موجودا وجاهزا ومعدا قبل الخلق .. وحينما نزل آدم وحواء إلي الأرض كانت النعمة قد سبقتهما. فوجدا ما يأكلانه وما يشربانه، وما يقيم حياتهما .. ولو أن النعمة لم تسبق الوجود الإنساني وخلقت بعده لهلك الإنسان وهو ينتظر مجيء النعمة. بل أن العطاء الإلهي للإنسان يعطيه النعمة بمجرد أن يخلق في رحم أمه فيجد رحما مستعدا لاستقباله وغذاء يكفيه طول مدة الحمل. فإذا خرج إلي الدنيا يضع الله في صدر أمه لبنا ينزل وقت أن يجوع ويمتنع وقت أن يشبع. وينتهي تماما عندما تتوقف فترة الرضاعة. ويجد أبا وأما يوفران له مقومات حياته حتى يستطيع أن يعول نفسه .. وكل هذا يحدث قبل أن يصل الإنسان إلي مرحة التكليف وقبل أن يستطيع أن ينطق: "الحمد لله". وهكذا نرى أن النعمة تسبق المنعم عليه دائما .. فالإنسان حيث يقول "الحمد لله" فلأن موجبات الحمد ـ وهي النعمة ـ موجودة في الكون قبل الوجود الإنساني. والله سبحانه وتعالى خلق لنا في هذا الكون أشياء تعطي الإنسان بغير قدرة منه ودون خضوع له، والإنسان عاجز عن أن يقدم لنفسه هذه النعم التي يقدمها الحق تبارك وتعالى له بلا جهد. فالشمس تعطي الدفء والحياة للأرض بلا مقابل وبلا فعل من البشر، والمطر ينزل من السماء دون أن يكون لك جهد فيه أو قدرة على إنزاله. والهواء موجود حولك في كل مكان تتنفس منه دون جهد منك ولا قدرة. والأرض تعطيك الثمر بمجرد أن تبذر فيها الحب وتسقيه .. فالزرع ينبت بقدرة الله. والليل والنهار يتعاقبان حتى تستطيع أن تنام لترتاح، وأن تسعى لحياتك .. لا أنت أتيت بضوء النهار، ولا أنت الذي صنعت ظلمة الليل، ولكنك تأخذ الراحة في الليل والعمل في النهار بقدرة الله دون أن تفعل شيئاً. كل هذه الأشياء لم يخلقها الإنسان، ولكنه وجدها في الكون تعطيه بلا مقابل ولا جهد منه! ألا تستحق هذه النعم أن نقول: الحمد لله على نعمة تسخير الكون لخدمة الإنسان؟ وآيات الله سبحانه وتعالى في كونه تستوجب الحمد .. فالحياة التي وهبها الله لنا، والآيات التي أودعها في كونه تدلنا على أن لهذا الكون خالقاً عظيماً .. فالكون بشمسه وقمره ونجومه وأرضه وكل ما فيه مما يفوق قدرة الإنسان، ولا يستطيع أحد أن يدعيه لنفسه، فلا أحد مهما بلغ علمه يستطيع أن يدعي أنه خلق الشمس، أو أوجد النجوم، أو وضع الأرض، أو وضع قوانين الكون، أو أعطى غلافها الجوي، أو خلق نفسه، أو خلق غيره يتبع......... |
هذه الآيات كلها أعطتنا الدليل على وجود قوة عظمى، وهي التي أوجدت وهي التي خلقت .. وهذه الآيات ليست ساكنة، لتجعلنا في سكونها ننساها، بل هي متحركة لتلفتنا إلي خالق هذا الكون العظيم.
فالشمس تشرق في الصباح فتذكرنا بإعجاز الخالق، وتغيب في المساء لتذكرنا بعظمة الخالق .. وتعاقب الليل والنهار يحدث أمامنا كل يوم علمنا نلتفت ونفيق .. والمطر ينزل من السماء ليذكرنا بألوهية من أنزله .. والزرع يخرج من الأرض يسقي بماء واحد، ومع ذلك فإن كل نوع له لون وله شكل وله مذاق وله رائحة، وله تكوين يختلف عن الآخر، ويأتي الحصاد فيختفي الثمر والزرع .. ويأتي موسم الزراعة فيعود من جديد. كل شيء في هذا الكون متحرك ليذكرنا إذا نسينا، ويعلمنا أن هناك خالقاً مبدعاً .. وأنه لا أحد يستطيع أن يدعي أنه خلق الكون أو خلق شيئا مما فيه .. فالقضية محسومة لله. (والحمد لله) لأنه وضع في نفوسنا الإيمان الفطري، ثم أيده بإيمان عقلي بآياته في كونه. كل شيء في هذا الكون يقتضي الحمد، ومع ذلك فإن الإنسان يمتدح الموجود وينسى الموجد .. فأنت حين ترى زهرة جميلة مثلاً، أو زهرة غاية في الإبداع .. أو أي خلق من خلق الله، يشيع في نفسك الجمال تمتدح هذا الخلق .. فتقول: ما أجمل هذه الزهرة، أو هذه الجوهرة، أو هذا المخلوق!! ولكن المخلوق الذي امتدحته، لم يعط صفة الجمال لنفسه .. فالزهرة لا دخل لها أن تكون جميلة أو غير جميلة، والجوهرة لا دخل لها في عظمة خلقها .. وكل شيء في هذا الكون لم يضع الجمال لنفسه، وإنما الذي وضع الجمال فيه هو الله سبحانه وتعالى، فلا نخلط ونمدح المخلوق وننسى الخالق .. بل قل: الحمد لله الذي أوجد في الكوم ما يذكرنا بعظمة الخالق ودقة الخلق. ومنهج الله سبحانه وتعالى يقتضي منا الحمد، فهو تبارك وتعالى أنزل منهجه ليرينا طريق الخير، ويبعدنا عن طريق الشر. فمنهج الله عز وجل الذي أنزله على رسله قد عرفنا أن الله تبارك وتعالى هو الذي خلق لنا هذا الكون وخلقنا .. فدقة الخلق وعظمته تدلنا على عظمة خالقه، ولكنها لا تستطيع أن تقول لنا من هو، ولا ماذا يريد منا، ولذلك أرسل الله رسله، ليقول لنا: إن الذي خلق هذا الكون وخلقنا هو الله تبارك وتعالى، وهذا يستوجب الحمد. ومنهج الله يبين لنا ماذا يريد الحق منا، وكيف نعبده .. وهذا يستوجب الحمد، ومنهج الله جل جلاله أعطانا الطريق وشرع لنا أسلوب حياتنا تشريعاً حقاً .. فالله تبارك وتعالى لا يفرق بين أحد منا .. ولا يفضل أحداً على أحد إلا بالتقوى، فكلنا خلق متساوون أمام عدله المطلق. إذن: فشريعة الحق، وقول الحق، وقضاء الحق هو من الله، أما تشريعات الناس فلها هوى، تميز بعضاً عن بعض .. وتأخذ حقوق بعض لتعطيها للآخرين، ولذلك نجد في كل منهج بشرى ظلماً بشرياً. ولكن الله سبحانه وتعالى يعطينا ولا يأخذ منا، عنده خزائن كل شيء مصداقا لقوله جل جلاله: {وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم "21"} (سورة الحجر) فالله سبحانه وتعالى دائم العطاء لخلقه، والخلق يأخذون دائماً من نعم الله، فالعبودية لله تعطيك ولا تأخذ منك شيئاً، وهذا يستوجب الحمد.. والله سبحانه وتعالى في عطائه يجب أن يطلب منه الإنسان، وأن يدعوه، وأن يستعين به، وهذا يستوجب الحمد؛ لأنه يقينا الذل في الدنيا. فأنت إن طلبت شيئاً من صاحب نفوذ، فلابد أن يحدد لك موعداً أو وقت الحديث ومدة المقابلة، وقد يضيق بك فيقف لينهي اللقاء .. ولكن الله سبحانه وتعالى بابه مفتوح دائماً .. فأنت بين يديه عندما تريد، وترفع يديك إلي السماء وتدعو وقتما تحب، وتسأل الله ما تشاء، فيعطيك ما تريده إن كان خيراً لك .. ويمنع عنك ما تريده إن كان شراً لك. والله سبحانه وتعالى يستوجب الحمد حينما يطلب منك أن تدعوه، وأن تسأله فيقول: {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين "60"} (سورة غافر) ويقول سبحانه وتعالى: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعاني فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون "186" } (سورة البقرة) والله سبحانه وتعالى يعف ما في نفسك، ولذلك فإنه يعطيك دون تسأل، واقرأ الحديث القدسي: يقول رب العزة: "من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين". والله سبحانه وتعالى عطاؤه لا ينفذ، وخزائنه لا تفرغ، فكلما سألته جل جلاله كان لديه المزيد، ومهما سألته فإنه لا شيء عزيز على الله سبحانه وتعالى، إذا أراد أن يحققه لك .. واقرأ قول الشاعر: حسب نفسي عزا بأني عبد هو فـي قدســه الأعـــز ولكــن يحتفي بي بلا مواعيد رب أنا ألقي متى وأين أحب إذن: عطاء الله سبحانه وتعالى يستوجب الحمد .. ومنعه العطاء يستوجب الحمد. ووجود الله سبحانه وتعالى الواجب الوجود يستوجب الحمد .. فالله سبحانه يستحق الحمد لذاته، ولولا عدل الله لبغى الناس في الأرض وظلموا، ولكن يد الله تبارك وتعالى حين تبطش بالظالم تجعله عبرة .. فيخاف الناس الظلم .. وكل من أفلت من عقاب الدنيا على معاصيه وظلمه واستبداده سيلقى الله في الآخرة ليوفيه حسابه .. وهذا يوجب الحمد .. أن يعرف المظلوم أنه سينال جزاءه فتهدأ نفسه ويطمئن قلبه أن هناك يوما سيرى فيه ظالمه وهو يعذب في النار .. فلا تصيبه الحسرة، ويخف إحساسه بمرارة الظلم حين يعرف أن الله قائم على كونه لن يفلت من عدله أحد. وعندما نقول: (الحمد لله) فنحن نعبر عن انفعالات متعددة .. وهي في مجموعها تحمل العبودية والثناء والشكر والعرفان .. وكثير من الانفعالات التي تملأ النفس عندما تقول: (الحمد لله) كلها تحمل الثناء العاجز عن الشكر لكمال الله وعطائه .. هذه الانفعالات تأتي وتستقر في القلب .. ثم تفيض من الجوارح على الكون كله. فالحمد ليس ألفاظاً تردد باللسان، ولكنها تمر أولاً على العقل الذي يعي معنى النعم .. ثم بعد ذلك تستقر في القلب فينفعل بها .. وتنتقل إلي الجوارح فأقوم وأصلي لله شاكراً ويهتز جسدي كله، وتفيض الدمعة من عيني، وينتقل هذا الانفعال كله إلي من حولي. ونحاول توضيح ذلك.. هب أنني في أزمة أو كرب أو موقف سيؤدي إلي فضيحة .. وجاءني من يفرج كربي فيعطيني مالاً أو يفتح لي طريقاً .. أول شيء أنني سأعقل هذا الجميل، فأقول: إنه يستحق الشكر .. ثم ينزل هذا المعنى إلي قلبي فيهتز القلب إلي صانع هذا الجميل .. ثم تنفعل جوارحي لأترجم هذه العاطفة إلي عمل جميل يرضيه، ثم أحدث الناس عن جميله وكرمه فيسارعون إلي الالتجاء إليه، فتتسع دائرة الحمد وتنزل النعم على الناس .. فيمرون بنفس ما حدث لي فتتسع دائرة الشكر والحمد.. والحمد لله تعطينا المزيد من النعم مصداقاً لقوله تبارك وتعالى: {وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد "7" } (سورة إبراهيم) وهكذا نعرف أن الشكر على النعمة يعطينا مزيداً من النعمة .. فنشكر عليها فتعطينا المزيد، وهكذا يظل الحمد دائماً والنعمة دائمة. إننا لو استعرضنا حياتنا كلها .. نجد أن كل حركة فيها تقتضي الحمد، عندما ننام ويأخذ الله سبحانه وتعالى أرواحنا، ثم يردها إلينا عندما نستيقظ، فإن هذا يوجب الحمد، فالله سبحانه وتعالى يقول: {الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلي أجل مسمى إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون "42" } (سورة الزمر) وهكذا فإن مجرد أن نستيقظ من النوم، ليرد الله علينا أرواحنا يستوجب الحمد، فإذا قمنا من الفراش فالله سبحانه وتعالى هو الذي أعطانا القدرة على الحركة والنهوض، ولولا عطاؤه ما استطعنا أن نقوم .. وهذا يستوجب الحمد.. فإذا تناولنا إفطارنا، فالله هو الذي هيأ لنا من فضله هذا الطعام، فإذا نزلنا إلي الطريق يسر الله لنا ما ينقلنا إلي مقر أعمالنا، وإذا تحدثنا مع الناس فالله سبحانه وتعالى هو الذي أعطى ألسنتنا القدرة على النطق بما وهبه الله لنا من قدرة على التعبير والبيان، وهذا يستوجب الحمد. وإذا عدنا إلي بيوتنا، فالله سخر لنا زوجاتنا ورزقنا بأولادنا، وهذا يستوجب الحمد. إذن: فكل حركة في حياة في الدنيا من الإنسان تستوجب الحمد، ولهذا لابد أن يكون الإنسان حامداً دائماً، بل إن الإنسان يجب أن يحمد الله على أي مكروه أصابه؛ لأن الشيء الذي يعتبره شراً يكون عين الخير، فالله تعالى يقول: {.. فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً "19"} (سورة النساء) إن من البشر من إذا تحدثت عنه قدر ما استطعت لن توفيه حقه وتعرف له قدره كأنبياء الله ورسله عليهم الصلاة والسلام، فماذا إذا كان الحديث عن الله جل وعلا؟ سوف يتحدث المتحدثون عن الحق تبارك وتعالى حتى تقوم الساعة، ومع ذلك فسوق يظلون في إطار قوله تعالى: {ما قدروا الله حق قدره إن الله لقوي عزيز "74" } (سورة الحج) وقوله تعالى: {وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون "67" } (سورة الزمر) تحياتي |
جزاك الله كل الخير يا أخ عبد على المواضيع الحلوة
|
اقتباس:
|
الرحمن - الرحيم
(الرحمن) اسم مشتق من الفعل (رحم)، والرحمة في اللغة هي الرقة والتعطف والشفقة، وتراحم القوم أي رحم بعضهم بعضا والرحم القرابة. الرحمن اسم من أسماء الله الحسنى، وهو مشتق من الرحمن وهو اسم مختص بالله تعالى لا يجوز أن يسمى به غيره، فقد قال عز وجل: (قل ادعو الله أو أدعو الرحمن) معادلا بذلك اسمه الرحمن بلفظ الجلالة الذي لا يشاركه فيه أحد، ورحمن على وزن فعلان وهي صيغة مبالغة تدل على الكثرة والزيادة في الصفة. و(الرحيم) .. اسم مشتق أيضا من الفعل رحم .. والرحمن الرحيم من صيغ المبالغة .. يقال راحم ورحمن ورحيم .. فإذا قيل راحم فهذا يعني أن فيه صفة الرحمة .. وإذا قيل رحمن تكون مبالغة في الصفة، وإذا قيل رحيم فهي أيضا مبالغة في الصفة، والله سبحانه وتعالى رحمن الدنيا ورحيم الآخرة. ولا يظن أحد أن صفات الله سبحانه وتعالى تتأرجح بين القوة والضعف، وإياك أن تفهم أن الله تأتيه الصفة مرة قليلة ومرة كثيرة، بل هي صفات الكمال المطلق .. ولكن الذي يتغير هو متعلقات هذه الصفات. اقر قول الحق تبارك وتعالى: {إن الله لا يظلم مثقال ذرةٍ} (سورة النساء ـ40) هذه الآية الكريمة .. نفت الظلم عن الله سبحانه وتعالى ثم تأتي الآية ونلاحظ هنا استخدام صيغة المبالغة (ظلام) .. أي شديد الظلم. ويظن البعض أن قول الحق سبحانه وتعالى: (ليس بظلام) لا تنفي الظلم ولكنها تنفي المبالغة في الظلم. نقول لهؤلاء: أنكم لم تفهموا المعنى الصحيح؛ لأن الله سبحانه وتعالى لا يظلم أحدا. فالآية الأولى نفت الظلم عن الحق تبارك وتعالى ولو مثقال ذرة بالنسبة للعبد. والآية الثانية لم تقل للعبد ولكنها قالت للعبيد .. والعبيد هم كل خلق الله .. فلو أصاب كل واحد منهم أقل من ذرة من الظلم مع هذه الأعداد الهائلة، فإن الظلم يكون كثيرا جدا، ولو أنه قليل في كميته؛ لأن عدد من سيصاب به هائل. ولذلك فإن الآية الأولى نفت الظلم عن الله سبحانه وتعالى، والآية الثانية نفت عنه الظلم أيضا .. ولكن صيغة المبالغة استخدمت لكثرة عدد الذين تنطبق عليهم الآية الكريمة. نأتي بعد ذلك إلي (رحمن ورحيم). رحمن في الدنيا لكثرة عدد الذين تشملهم رحمته فيها، فرحمة الله في الدنيا تشمل المؤمن والعاصي والكافر .. يعطيهم الله مقومات حياتهم ولا يؤاخذهم بذنوبهم، يرزق من آمن به ومن لم يؤمن به، ويعفو عن كثير. إذن عدد الذين تشملهم رحمة الله في الدنيا هم كل خلق الله بصر النظر عن إيمانهم أو عدم إيمانهم، ولكن في الآخرة الأمر مختلف، فالله رحيم بالمؤمنين فقط .. فالكفار والمشركون مطرودون من رحمة الله. إذن الذين تشملهم رحمة الله في الآخرة أقل عددا من الذين تشملهم رحمته في الدنيا .. فمن أين تأتي المبالغة؟ تأتي المبالغة في العطاء وفي الخلود في العطاء .. فنعم الله في الآخرة اكبر كثيرا منها في الدنيا .. المبالغة هنا بكثرة النعم وخلودها .. فكأن المبالغة في الدنيا بعمومية العطاء، والمبالغة في الآخرة بخصوصية العطاء وكثرة النعم والخلود فيها. والرحمة الإلهية تشمل ثناياها العديد من الصفات، فمن رحمة الله تبارك وتعالى أنه الغفار .. الوهاب .. الرزاق .. الشكور .. الكريم .. الواجد .. التواب .. العفو .. الهادي. ورحمة الحق جل وعلا تغمر المخلوقات جميعا منذ أن خلقها وإلي أن نقف بين يديه، فيدخلها جنته أو يذيقها عذابه. وإذا تأملنا الكون المحيط بنا تجلت لنا رحمة الله عز وجل في كل صغيرة وكبيرة .. فالحق تبارك وتعالى كان رحيما بنا حين خلقنا من العدم المطلق، ودون أن يكون لنا سابقة وجود، ودون أن نطلب منه ذلك، وكيف نطلب ولم نكن ساعتئذ شيئا مذكورا كما قال جل وعلا: {هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً "1"} (سورة الإنسان) وكان رحيما بنا حين أعد لنا هذا الكون الفسيح، موفرا لنا كل مقومات الحياة من قبل أن نظر في مرآة الوجود. فالشمس تحافظ على بعد ثابت من الأرض، وهذا البعد الثابت يضمن لنا قدرا ثابتا من الحرارة .. لا يزيد فتقتلنا الحرارة، ولا ينقص فتقتلنا البرودة، والهواء يحيط بنا ويحوي الأوكسجين اللازم لعملية التنفس وأكسدة المواد الغذائية كي تنطلق الطاقة التي تكفل للجسم القيام بوظائفه، والماء الذي يمثل معظم مساحة الكرة الأرضية بما له من وظائف غير محصورة في جسم الإنسان، هذا فضلا عن استخدامه في الطهارة التي تقي الإنسان شر الأمراض والآفات. ومن رحمته عز وجل أنه جعل في الهواء من الخاصية ما يمكنه من حمل الطيور الطبيعية والصناعية وهي الطائرات التي ابتكرها الإنسان في العصر الحديث! وجعل في الماء من الخاصية ما يمكنه من حمل السفن العملاقة التي تحمل الناس بأمتعتهم مئات بل آلافا من الأميال إلي أماكن لم يكونوا بالغيها إلا بشق الأنفس أو غير بالغيها أبدا. فالحق جل وعلا كان يعلم أزلا أن الأرض سوف تعمر بنسل آدم وسيصبح من الضروري أن تستجد وسائل مواصلات أكثر قوة وسرعة تسهل عليه التنقل عبر المسافات المتباعدة، فلولا الطائرات والسفن ما كان الإنسان ليصل إلي الأمريكتين أو إلي قارة أستراليا مثلا .. وما كان التعامل بين دول العالم ليصل إلي ما وصل إليه. يتبع..... |
إن مرحلة إعداد الكون لم تكن مصورة فقط على توفير مقومات الحياة البدائية التي عاشها الإنسان في بدء الخليقة .. بل إن الحق جل وعلا قد وضع في الكون عناصر ومواد، وهو يعلم أن استخدامها سيحين بعد آلاف أو ملايين من السنين حينما يزحف العمران على سطح الكرة الأرضية. خذ على سبيل المثال عنصر البترول الذي يمثل أهم مصادر الطاقة والذي تستخدمه الطائرات والسيارات والماكينات المختلفة في دورتها الحركية.
انظر إلي سائر العناصر التي استخدمها الإنسان في صناعة المبتكرات الحديثة .. هل وجدت هذه العناصر في باطن الأرض بمحض الصدفة .. إنه الجهل بعينه أن نتصور كما تصور الشيوعيون أنها موجودة بالصدفة المحضة .. لأن الحقيقة التي قررها القرآن الكريم ويقبلها العقل وتطمئن لها الفطرة السليمة .. هي أن الله تبارك وتعالى هو الذي خلق هذه العناصر، فقد قال جل وعلا: {الله خلق كل شيء وهو على كل شيء وكيل "62"} (سورة الزمر) وبعد أن خلقها ادخرها في باطن الأرض حتى يمكن الإنسان من الاستفادة بها في وقت الحاجة إليها .. وحتى يستطيع بنو آدم التواؤم مع الظروف الجديدة والمتمثلة في زيادة أعدادهم وانتشارهم عبر جميع بقاع الكرة الأرضية. وإذا تساءلنا: هل كان الإنسان ليستطيع أن ينتقل بين أماكن بينها آلاف الأميال لولا وسائل المواصلات الحديثة؟ وهل كان يستطيع الاتصال بأبناء جنسه المقيمين بالأقطار المختلفة لولا أجهزة الاتصال السلكية واللاسلكية؟ بالطبع ما كان الإنسان ليستطيع ذلك لولا وسائل المواصلات وأجهزة الاتصال .. وما كان أيضا ليستطيع أن يتوصل إلي هذه الاختراعات المبتكرة لولا وجود هذه العناصر التي تدخل في تكوينها .. والتي أعدها الله جل وعلا برحمته سلفا وادخرها في باطن الأرض حتى يحين وقت استخدامها. وبعد أن أعد لنا عز وجل هذا الكون، أعد لنا في بطون أمهاتنا رحما رحيما بنا يأتينا فيه الرزق .. بلا حول ولا قوة .. رزقا منه تبارك وتعالى بلا تعب ولا مقابل .. ويقول عز وجل في الحديث القدسي: (أنا الرحمن خلقت الرحم وشققت لها اسما من اسمي فمن وصلها وصلته، ومن قطعها قطعته). ومن رحمته جل وعلا أنه ينبت لنا من الأرض الجدباء طعاما نأكله وفي ذلك يقول تبارك وتعالى: {فانظر إلي أثار رحمت الله كيف يحيى الأرض بعد موتها} (سورة الروم ـ 50) ومن رحمته أنه جعل لنا الليل سكنا لنجد فيه الراحة والسكينة بعد عناء العمل، وجعل لنا النهار للسعي والعمل واكتساب القوت فقال عز وجل: {ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبغوا من فضله} (سورة القصص ـ 73) ومن رحمته أنه أرسل الرسل بالرسالات السماوية إلي الناس كافة ليخرجهم من الظلمات إلي النور، وأرسل رسوله محمدا عليه افضل الصلاة وأتم التسليم خاتم الأنبياء والمرسلين بالهدى ودين الحق ليكون رحمة للعالمين، فيقول تعالى: {وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون "155"} (سورة الأنعام) ويقول سبحانه: {أوعجبتم أن جاءكم من ربكم على رجلٍ منكم لينذركم ولتتقوا ولعلكم ترحمون "63"} (سورة الأعراف) ويقول عز وجل: {وإذا قرأ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون "204"} (سورة الأعراف) فالقرآن الكريم الذي أنزل على خاتم النبيين والمرسلين هو الرحمة العظمى التي جاد بها الله عز وجل على بني آدم، فمنهم من قبلها ومنهم من أعرض. القرآن الكريم هو الذي أخرج المؤمنين من ظلمات الجهل إلي نور الإيمان، ونقلهم من العقائد الواهية التي بنيت على الوهم والظن إلي عقيدة قويمة بنيت على اليقين الذي لا يقبل الشك. فمن آمن بالقرآن الكريم واتبع أوامره وانتهى عن نواهيه كان له نورا وشفاء ورحمة، وفي ذلك يقول تبارك وتعالى: {ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين} (سورة النحل ـ 89) ويقول سبحانه: {وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين} (سورة الإسراء ـ 82) ويقول تبارك وتعالى: {ولقد جئناهم بكتاب فضلناه على علمٍ هدىً ورحمةً لقومٍ يؤمنون "52"} (سورة الأعراف) ويقول الحق سبحانه: {تلك آيات الكتاب الحكيم "2" هدىً ورحمةً للمحسنين "3"} (سورة لقمان) ويقول جل جلاله: {فقد جاءكم بينة من ربكم وهدىً ورحمةً} (سورة الأنعام ـ 157) ومن رحمته جل وعلا أنه بين لنا موجبات رحمته، وعرفنا السبيل إلي استجلابها، فقال تعالى: {إن رحمت الله قريب من المحسنين} (سورة الأعراف ـ 56) فأوضح بذلك أن رحمته تبارك وتعالى تكون قريبا من عباده المؤمنين به، الطائعين له .. فهؤلاء يتغمدهم برحمته .. فينجيهم من كروب الدنيا ويبعثهم يوم القيامة .. يوم الفزع الأكبر .. آمنين. ألم ينج الله عز وجل هودا عليه السلام من قوم عاد بعد أن كفروا بما جاءهم من عقيدة التوحيد واتهموه بالسفاهة وكادوا يفتكون به وبمن اتبعه من المؤمنين؟ وفي ذلك يقول عز وجل: {فأنجيناه والذين معه برحمةٍ منا وقطعنا دابر الذين كذبوا بآياتنا وما كانوا مؤمنين "72"} (سورة الأعراف) وصالح عيه السلام حين أمر قومه ألا يقربوا الناقة وأن يذروها تأكل في أرض الله ولا يمسوها بسوء فعقروها فأصابتهم الصيحة ونجى الله صالحا ومن آمن معه، وفي ذلك يقول جل وعلا: {فلما جاء أمرنا نجينا صالحاً والذين آمنوا معه برحمةٍ منا ومن خزي يومئذ إن ربك هو القوي العزيز "66"} (سورة هود) كما قال عز وجل عن شعيب عليه السلام: {ولما جاء أمرنا نجينا شعيباً والذين آمنوا معه برحمةٍ منا وأخذت الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين "94"} (سورة هود) ولعلنا لا ننسى في هذا المدار أهل الكهف وكيف أن الله تبارك وتعالى قد جعلهم عبرة ودليلا على أن الإيمان القويم المصحوب بالصدق في القول والعمل يستجلب رحمة الله لتغمر المؤمن به الملتزم بطاعته ولتجعل له الصعب سهلا. إن قصة أهل الكهف .. هي قصة كل قوم يفرون من الطغاة الذين يحاولون حملهم قسراً على الكفر بالله .. فيفروا بدينهم .. لقد اختبأ الفتية في كهف. إن الله سبحانه وتعالى يصفهم في كتابه الكريم بقوله: {إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدىً} (سورة الكهف ـ من الآية 13) |
وبهذه الصفة علمنا أن أهل الكهف .. لم يكونوا من الشيوخ الضعفاء أو مجموعة من النساء .. إنما هم فتية .. أي فيهم شباب وفتوة، وأنهم آمنوا بربهم .. أي أنهم فتية مؤمنون بالله .. وأن الله سبحانه وتعالى ـ لما آمنوا به ـ زادهم إيمانا وهدى من عنده .. فالله جل جلاله يزيد المؤمن إيمانا .. ويعينه على الطريق مادام إيمانه صحيحا وقويا .. مصداقا لقول الحق سبحانه وتعالى:
{والذين اهتدوا زادهم هدىً وآتاهم تقواهم "17"} (سورة محمد) إن الحق سبحانه وتعالى يريد أن يلفتنا إلي أنه يعين المؤمن على طريق الإيمان فيزيده من فضله. هؤلاء الفتية خافوا على دينهم وخافوا على عقيدتهم من أن يجبرهم حكامهم على عبادة غير الله .. ففروا بدينهم إلي كهف في الجبل .. يختبئون فيه من الطغاة الكفرة .. والكهف مكان ضيق .. لا يستطيع الإنسان أن يمضي فيها إلا وقتا قصيرا .. واقرأ قول الحق جل وعلا: {وإذا اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فأووا إلي الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيئ لكم من أمركم مرفقاً "16"} (سورة الكهف) الحق سبحانه وتعالى يريد منا أن نعلم .. أن هذا الكهف الضيق الذي ـ بكفرنا البشري وتفكيرنا المادي ـ نظن أنه سيضيق عليهم مكانا بمساحته الصغيرة .. وزمانا بأنه لا أحداث فيه .. هذا الكهف إن ضاق عليهم مساحة، فلن يضيق عليهم أنعاما .. فرحمة الله سبحانه وتعالى ستجعل هذا المكان الضيق يبدو رحبا واسعا .. فلا يحسون بضيق المكان والزمن يتوقف فيه فلا يحسون بضيق الزمان .. بل تأتي رحمة الله لتحيط بهم. إن هذا يلفتنا إلي أن كل من يفر بدينه .. إلي مكان غير الذي يقيم فيها، ومهما كان هذا المكان ضيقا فإن الله برحمته يجعله واسعا رحبا. فإن كان هذا المكان فيه ضيق في الرزق .. فتح الله للمستمسك بدينه من أبواب الرزق ما يجعله أغنى الأغنياء. وإذا كان هذا المكان يضيق بالغرباء .. أي لا يرحب فيه بغريب .. وضع الله من رحمته في قلوب سكان هذا المكان ما يجعلهم أشد الناس ترحيبا به. وإن كان هذا المكان ضيقا بمن فيه أي مزدحما أوجد الله له مكانا متسعا يعيش فيه. لقد غمر الله أهل الكهف برحمته مكافأة لهم على الفرار بدينهم .. فلم يجعلهم يفكرون في أنهم مضطهدون حتى لا يعيشوا في قلق ورعب من أن يلحق بهم الطغاة الكفرة، أو يكتشفوا مخبأهم، كما أزال من حياتهم هم البحث عن الطعام والشراب؛ لأن عملية البحث كانت ستعرضهم لظروف قاسية كل يوم .. هي أن يخرج أحدهم من الكهف ليأتي لهم بطعام وشراب، وهو يتلفت حوله خوفا من أن يراه أحد أعوان الطغاة، فيرشدهم إلي الكهف .. أو أن يتتبعه أحد فيكشف سرهم .. لذلك ألقى عليهم (أمنه نعاسا) أي ألقى عليهم النوم في الكهف .. فلا يشعر بهم أحد، ولا يشعرون بالوقت .. ولا يحتاجون إلي طعام وشراب. وهكذا نجاهم الله برحمته من كل ضيق دنيوي .. فلا هم أحسوا بضيق المكان، ولا أحسوا بملل الزمان، ولا أحسوا بقلق توقع الخطر، ولا أحسوا بضيق حياتهم .. بل الله تبارك وتعالى برحمته المطلقة اذهب الضيق تماما .. وكانت هناك آيات بقدرة الله تولتهم بعنايته ورحمته. ونبي الله أيوب عليه السلام حين اشتد عليه البلاء فالتزم الصبر ولم يخرج عن حدود الإيمان القويم فغمره الله برحمته ورفع عنه البلاء وأعاده إلي حال أحسن من حاله قبل البلاء. وفي ذلك يقول تبارك وتعالى: {وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين "83" فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضرٍ وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين "84"} (سورة الأنبياء) ويقول جل وعلا عن إدريس وإسماعيل وذا الكفل عليهم وعلى نبينا افضل الصلاة وأتم التسليم: {وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين "85" وأدخلناهم في رحمتنا إنهم من الصالحين "86"} (سورة الأنبياء) ورحمة الله لا تقتصر على المؤمنين الطائعين فقط بل تمتد لتشمل ذريتهم من بعدهم تكريما لهم وسكينة لأنفسهم .. وقد رأينا ذلك في قصة العبد الصالح والجدار والتي قال عنها المولى عز وجل: {وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحاً فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمةً من ربك وما فعلته عن أمري ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبراً "82"} (سورة الكهف) إن الآيات القرآنية الكريمة التي جعلت الإيمان بالله تبارك وتعالى وطاعته سببا لاستجلاب رحمته عديدة .. فقد قال جل وعلا: {وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون "132"} (سورة آل عمران) وقال جل شأنه: {يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين "109"} (سورة المؤمنون) وقال سبحانه وتعالى: {فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون} (سورة الحجرات ـ 10) ولعل في سيرة المصطفى عليه افضل الصلاة وأتم التسليم خير دليل على العلاقة الوطيدة بين إيمان العبد ودخوله في رحمة الله. فنبينا عليه الصلاة والسلام لا يضاهي في كمال إيمانه وشدة طاعته والتزامه. ولذلك كان صلى الله عليه وسلم مشمولا برعاية الله ورحمته في كل لمحة ونفس منذ أن شرف الوجود بمولده وإلي أن لقى ربه عز وجل .. ألم تشمله الرحمة الإلهية في الغار إذ أوشك أن يعثر عليه كفار قريش؟ وفي ذلك يقول تبارك وتعالى: {إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنودٍ لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم "40"} (سورة التوبة) ألم تشمله الرحمة حين التف الكفار حول داره يريدون قتله والخلاص من رسالته .. فأعمى الله عيونهم عنه وخرج آمنا مطمئنا إلي حيث غايته، وفي ذلك يقول الحق جل وعلا: {وجعلنا من بين أيديهم سداً ومن خلفهم سداً فأغشيناهم فهم لا يبصرون "9"} (سورة يس) كم من المعارك الضارية خاضها المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو على رأس أصحابه، وكم من محاولة غادرة ماكرة حاكها الكفار والمشركون للخلاص منه ومن رسالته .. ولكن هيهات .. هيهات أن يتحقق ما ينشدون. فالحق سبحانه وتعالى رحمة بالبشرية جمعاء شمل نبيه بعنايته ورحمته وشمل الرسالة برعايته وحمايته، حتى يخرج الناس من الظلمات إلي النور وقد قال جل وعلا: {ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون} (سورة التوبة ـ9) وقال سبحانه: {والله متم نوره ولو كره الكافرون} (سورة الصف ـ8) ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم مشمولا برحمة الله فحسب .. بل كان هو نفسه رحمة تمشي على الأرض .. ومن يتتبع رسالته وما أحدثته في تاريخ العالم من تغيير سيدرك على الفور أنه رحمة من الله للناس كافة وهذه الرحمة قد غمرت من آمن به ومن لم يؤمن وأن اختلفت في القدر والكيف. وقد قال تعالى: {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين "107"} (سورة الأنبياء) ومن رحمة المولى تبارك وتعالى أنه كتب على نفسه الرحمة كما ذكر في قوله تعالى: {كتب على نفسه الرحمة ليجمعنكم إلي يوم القيامة لا ريب فيه} (سورة الأنعام ـ12) يتبع.... |
وكما قال سبحانه:
{فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة} (سورة الأنعام ـ 54) وهذه الكتابة لا تنفي أن الرحمة صفة أصلية له .. متعلقة بذاته .. ولكي نفهم ذلك ينبغي أن ندرك أن صفات الله عز وجل لا ترغمه على أن يتصرف وفقا لها .. بمعنى أنه عز وجل رحيم، والرحمة صفة أصليه له، متعلقة بذاته .. ولكننا نرى أحيانا أنه ـ سبحانه ـ يعامل بعض مخلوقاته بلا رحمة؛ لأنه إن شاء ذلك فعل .. فهو سبحانه وتعالى لا يحكم على نفسه معاملة خلقه بمنتهى الرحمة .. فكان الفرض منه وعليه، ورحمة الله قد وسعت كل شيء، فشملت المؤمن والكافر، المطيع والعاصي، الحيوان والنبات، بل وشملت الجماد أيضا .. وقد قال جل وعلا: {قال عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعك كل شيء} (سورة الأعراف ـ 156) وقال تعالى: {ربنا وسعت كل شيء رحمته وعلماً} (سورة غافر ـ 7) ولعلك تشعر بالرحمة الفياضة إذا تأملت قطة ترضع صغيرتها. أو أسدا يداعب شبله في معركة لا يلحق الصغير منها أذى .. إنها رحمة الله التي لم تترك صغيرة ولا كبيرة في الكون إلا غمرتها. وقد قلنا مرارا إن الله عز وجل رحمن الدنيا ورحيم الآخرة .. فرحمانيته في الدنيا شملت جميع خلقه .. المؤمن والكافر والطائع والعاصي .. بينما يختلف الأمر في الآخرة، إذ أن رحمته ستشمل المؤمن فقط .. فكما شملتهم في الدنيا باسمه (الرحمن) فإنه سوف يشملهم في الآخرة باسمه (الرحيم) فيغفر لهم خطاياهم ويرحمهم ويدخلهم جنته برحمته، وفي ذلك يقول جل وعلا: {أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم} (سورة التوبة ـ 71) ويقول سبحانه: {فأما الذين آمنوا بالله واعتصموا به فسيدخلهم في رحمة منه} (سورة النساء ـ 175) ويقول وقوله الحق: {سيدخلهم الله في رحمته إن الله غفور رحيم} (سورة التوبة ـ 99) وإذا تتبعنا اسمه عز وجل (الرحمن) في الآيات القرآنية التي ورد فيها وكذلك إذا تتبعنا اسمه (الرحيم) لتأكد لدينا أنه رحمن الدنيا ورحيم الآخرة. خذ على سبيل المثال قوله تعالى: {يا أبت لا تبعد الشيطان أن الشيطان كان للرحمن عصياً "44" يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان ولياً "45"} (سورة مريم) لقد ورد اسم (الرحمن) في الآيتين السابقتين ولم يرد اسم الرحيم .. وذلك لأن رحمانية الله في الدنيا شملت جميع خلقه. ولو لم تشملهم جميعا لما أمهل الله عز وجل الشيطان إلي يوم القيامة، ولما أمهل آزر رغم أنه متمسك بشركه وكفره .. وتأمل أيضا قوله تعالى: {لتتلوا عليهم الذي أوحينا إليك وهم يكفرون بالرحمن} (سورة الرعد ـ 30) فعلى الرغم من كفر الكافرين، وضلال الضالين .. تجد أن الحق جل وعلا يشملهم برحمانيته فيمهلهم ويمد لهم في الوقت لعلهم يذكرون أو يخشون. وبينما تدل الآيات التي ورد فيها اسم الرحمن على شمول الرحمانية لجميع المخلوقات في الدنيا، نجد أن اسم (الرحيم) لا يرد في الغالب إلا مع المؤمنين الطائعين أو التائبين النادمين ويتجلى ذلك في قوله تعالى: {فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم} (سورة البقرة ـ 160) وقوله سبحانه: {أولئك يرجون رحمت الله والله غفور رحيم} (سورة البقرة ـ 218) وقوله تعالى: {فإن انتهوا فإن الله غفور رحيم "192"} (سورة البقرة) ومن كمال رحمته جل وعلا أنه لا يأخذ الكافر والمشرك والعاصي بذنوبهم على الفور .. بل يمد لهم ويمهلهم لعلهم يرجعون. وفي ذلك يقول تبارك وتعالى: {ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة ولكن يؤخرهم إلي أجل مسمىً فإذا جاء أجلهم فإن الله كان بعباده بصيراً "45"} (سورة فاطر) يأخذ الجميع ثم يتغمد عباده برحمته .. فيقيهم عذاب ناره، ويسكنهم فسيح جناته. وإن كانت رحمة الله عز وجل عامة شاملة في الدنيا كما أوضحنا .. فهذا لا ينفي أن المؤمن يختص منها بنصيب متميز. فالرحمن بالكفار والعصاة تتجلى في إبقاء الله لهم وإمهالهم إلي أن يحين أجلهم .. ويتجلى أيضا في أن الله تبارك وتعالى لا يرحمهم من نعمه. أما رحمة الله بالمؤمن .. فهي الحياة الكريمة الهادئة المستقرة في الدنيا والآخرة .. إنها الحياة التي ينعم المؤمن فيها برضاه عن نفسه وعن خالقه وعن حياته .. وحتى ولو ابتلى أشد البلاء .. في صحته أو ماله أو أهله .. وماذا يبغي الإنسان منا أكثر من ذلك؟ وانطلاقا من هذه الحقيقة اختص تبارك وتعالى أمة التوحيد الصحيح الكامل .. أمة المصطفى عليه افضل الصلاة وأتم التسليم برحمات لا تحصى منها بل من أهمها القرآن الكريم .. الرحمة العظمى .. تلك الرحمة العامة التي قبلوها دون غيرهم من أمم الكفر والشرك .. فغمرتهم دون سواهم .. هذه الرحمة التي تتجلى في القلوب فلا يشعر بها إلا من قبلها .. ويعمي عنها من رفضها وردها فلا يلمس لها أثرا في نفسه ولا في غيره. ومن هذه الرحمات أيضا أن الحق تبارك وتعالى جعل لأمة محمد في قلب نبيهم رأفة ورحمة بهم .. ولقد كان لرحمته صلى الله عليه وسلم بصحابته والتابعين ما لها من الآثار والنعم .. تلك النعم التي لم تنقطع منا بعثته وإلي وقتنا هذا. فحسبه عليه افضل الصلاة وأتم التسليم أنه على المسلمين أن من لا يرحم لا يرحم .. وأن مثلهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى .. وقد قال جل وعلا: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم "128"} (سورة التوبة) ومن هذه الرحمات أيضا أنه عز وجل جعل في قلوبهم رأفة ورحمة فيما بينهم مما أشاع الود والترابط بينهم .. وفي ذلك يقول تبارك وتعالى: {وجعلنا في قلوب الذين أتبعوه رأفةً ورحمةً} (سورة الحديد ـ 27) ويقول سبحانه أيضا: {محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم} (سورة الفتح ـ 29) ومن هذه الرحمات أنه جل وعلا يسر عليهم الحساب حتى يجتازوا الاختبار ويؤدوا الأمانة التي حملوها باختيارهم .. فينتهوا إلي النعيم الأبدي الذي لا يعتريه شقاء ولا كرب ولا ملل .. فمن جاء منهم بالحسنة ضاعفها له إلي عشرة أمثالها .. وإلي سبعمائة ضعف .. ويضاعف فوق ذلك لمن يشاء .. ومن أتى بالسيئة فلا يجزي إلا بها، وفي ذلك يقول تبارك وتعالى: {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزي إلا مثلها وهم لا يظلمون "160"} (سورة الأنعام) كما قال سبحانه: {من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزعٍ يومئذٍ آمنون "89"} (سورة النمل) {ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسناً إن الله غفور شكور "23"} (سورة الشورى) وقال تبارك وتعالى: {مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبةٍ أنبتت سبع سنابل في كل سنبلةٍ مائة حبةٍ والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم "261"} (سورة البقرة) يتبع..... |
وقد جاء في حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم: إن الله كتب الحسنات والسيئات، ثم بين ذلك، فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله له حسنة كاملة، فإن هو هم بحسنة فعملها، كتبها الله له عشر حسنات، إلي سبعمائة ضعف، إلي أضعاف كثيرة، ومن هم بسيئة فلم يعملها، كتبها الله له حسنة كاملة، فإن هو هم بها فعملها، كتبها الله سيئة واحدة
وفضلا عن ذلك فإنه تبارك وتعالى قد فتح أمامهم باب التوبة والمغفرة على مصراعيه .. حتى إذا ما أذنبوا فندموا فاستغفروا فرجعوا إليه غفر لهم ذنوبهم وتغمدهم برحمته وفي ذلك يقول جل وعلا: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم "53"} (سورة الزمر) ويقول سبحانه وتعالى: {فإن انتهوا فإن الله غفور رحيم "192"} (سورة البقرة) ويقول جل وعلا: {إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم "89"} (سورة آل عمران) ويقول سبحانه: {أنه من عمل منكم سوءا بجهلةٍ ثم تاب من بعده وأصلح فأنه غفور رحيم} (سورة الأنعام ـ 54) ومن رحمته بهم أيضا أنه فتح أمامهم أبواب الخيرات .. لترجح كفة حسناتهم فينتهوا إلي حيث النعيم الأبدي .. إلي حيث صفاء النفوس المؤمنة صفاء لا يعكره كدر .. ونعيم لا يشوبه انقطاع أو يقطعه ملل. لقد نوع المولى عز وجل لهذه الأمة مصادر الحسنات .. ما بين صلاة وصيام وحج .. وفرض على نفسه أن يكافئ المحسن ولو على ذرة من الخير عملها في وقت من الأوقات، وفي ذلك يقول جل وعلا: {فمن يعمل مثقال ذرةٍ خيراً يره "7"} (سورة الزلزلة) فالابتسامة في وجه أخيك صدقة .. وإماطة الأذى عن الطريق صدقة .. الكلمة الطيبة صدقة .. اللقمة يضعها المرء في فم امرأته له بها صدقة. أي رحمة بعد ذلك وأي تخفيف؟. إنه سبحانه وتعالى يتلمس لنا أسباب النجاة والفوز بالجنة، ويهيئ لنا من أبواب الخير ما يحول بيننا وبين جهنم والعياذ بالله .. فما علينا إلا أن نسلك الطريق وأن نغتنم هذه التيسيرات فنتقي النار ولو بشق تمرة. إن كل شيء في الكون رحمة من الله سبحانه وتعالى بخلقه حتى لو تبدي للناظرين أنه عناء وشقاء .. الشياطين .. الحيوانات المفترسة .. الثعابين .. العقارب .. الفجائع التي تصيب الإنسان في الأهل والأحباب .. في الصحة والمال .. كل هذا من رحمة الله بخلقه. فمن حكمته تبارك وتعالى ورحمته أنه أوجد للإنسان أعداء متعددين يلاحقونه دوما .. حتى إذا ما ضاق بهم ذرعا .. وعجز عن مقاومتهم .. لجأ إلي خالقه .. ليكون له طوق النجاة .. ولو أنه عز وجل لم يفعل ذلك لما ذكر الإنسان ربه إلا قليلا. وهكذا يتجلى لنا أن الرحمة قد تكمن في جوف النقمة .. ولاشك أن كل ما يقرب الإنسان من خالقه هو الخير بعينه والرحمة بعينها وأن تجلي للسطحيين أنه نقمة ليس لوجودها مبرر. والمؤمن يجب أن يدعو الله دائما أن يتغمده برحمته في الدنيا والآخرة .. فالدعاء لاستجلاب الرحمة من خصال المؤمنين الصادقين المتقين الذين يخشون الله عز وجل ويخشون عذابه لأنهم على يقين أن الله حق وأن الجنة حق وأن النار حق .. ولنقرأ قوله تعالى: {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسين أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين "286"} (سورة البقرة) وقوله تعالى: {قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالحٍ فلا تسألن ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين "46" قال رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم وإلا تغفر لي وترحمني اكن من الخاسرين "47"} (سورة هود) وقوله تعالى: {أولئك يرجون رحمت الله والله غفور رحيم} (سورة البقرة ـ 218) وقوله تعالى: {ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمةً} (سورة آل عمران ـ 8) وقوله تعالى: {ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين} (سورة المؤمنون ـ 109) ولا يظن المؤمن أنه آمن بمحض مشيئته .. ولا يظن الطائع أنه أطاع بخالص قدرته وإرادته؛ لأن الانتقال من الكفر إلي الإيمان، ومن المعصية إلي الطاعة يكون برحمة الله وتوفيقه واتل قوله تعالى: {ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحدٍ أبداً} (سورة النور ـ 21) ورحمة الله عز وجل مطلقة كسائر صفاته، ولقد أشار الحق تبارك وتعالى إلي ذلك في العديد من الآيات القرآنية .. فقال جل وعلا: {قال عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شيء} (سورة الأعراف ـ 156) وقال سبحانه: {قال لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين "92"} (سورة يوسف) إنه عز وجل ارحم الراحمين وخير الراحمين، ورحمته وسعت كل شيء .. فهي الرحمة المطلقة التي غمرت كل المخلوقات وغمرت كل البشرية بما فيها من عناصر الكفر بالله والشرك به والمعصية له والجحود بأنعمه. ومن العجيب أن هذه العناصر الكافرة والمشركة والمعصية تحاول هباء أن تشكك في طلاقة الرحمة .. فيقولون: كيف تكون رحمة الله مطلقة رغم أنه سيدخل بعضا من خلقه جهنم ويذيقهم أشد العذاب؟. محاولين بذلك أن يتلمسوا لأنفسهم مخرجا إذ ما اكتشفوا بعد الموت أن الله عز وجل حق، وإذا ما اكتشفوا زيف عقائدهم التي أصروا عليها في الدنيا. وقد بينا في غير موضع سذاجة فكرهم وسطحية عقولهم، وجهلهم بمفهوم الكمال الإلهي .. ونكرر ما ذكرنا من قبل في هذه الجزئية الهامة حتى يعلم من لم يعلم، ويتثبت من علم. لقد قلنا ردا عليهم: أن هذا فهم قاصر .. إذ أن رحمة الله قد شملت جميع مخلوقاته منذ أن خلقهم من العدم المطلق وتكفل بتوفير مقومات الحياة لهم من هواء وماء وطعام إلي غير ذلك مما لا نستطيع حصره، وفي مقابل ذلك طلب منهم عبادته وطاعته بما هو ميسور لهم من العبادات، وهذه العبادة ليست إلا القيام ببعض الأعمال وامتناع عن بعض .. علما بأن الالتزام بالفعل والامتناع يكفل لهم حياة كريمة هادئة ويحقق لهم الأمن والأمان وسعادة الدنيا والآخرة، فإذا أطاعوا الله فيما أمر به ونهى عنه فستشملهم رحمته في الآخرة كما شملتهم في الدنيا. وأما من عصى ولم يعبد الله بما يتناسب مع نعمه عليه فقد أسقط عن نفسه موجبات الرحمة في الآخرة، واستحق أن يعامله الحق عز وجل بمقتضى عدله المطلق الذي يقتضي معاملة كل إنسان وفقا لعمله في الدنيا. ولو ساوى الله بين عباده في الحساب وأدخل الجميع فسيح جناته لأصبح ظالما لعباده الصالحين الطائعين .. فعدله عز وجل يقتضي أن يكون رحمن الدنيا فتشمل رحمته في الدنيا جميع خلقه، وأن يكون رحيم الآخرة فتشمل رحمته في الآخرة عباده الصالحين الطائعين، بل إن تعذيب النفوس الشريرة التي دأبت على المعصية قد يكون رحمة من الله سبحانه وتعالى لتطهير هذه النفوس من شرها وعنادها، فإذا أدخلها الجنة بعد ذلك دخلت طاهرة بما يتناسب مع قداسة الجنة وقداسة أهلها. إن الله تبارك وتعالى واحد أحد متعدد الصفات، ولكل صفة مجال للعمل، فصفة الرحمة لها موجبات، وصفة الانتقام لها موجبات، فإذا تحققت موجبات الرحمة حلت الرحمة حيث تحققت موجباتها .. وإذا تحققت موجبات الانتقام الإلهي .. حل الانتقام حيث تحققت موجباته .. ولا تعارض بين هذا وذاك. وأنه لمن الجهل المتعمد بالكمال الإلهي أن ينتقي الإنسان من الصفات الإلهية ما يوافق هواه فيتشبث بها، بينما يغفل ويتناسى سائر الصفات وكأنها ليست من صفات الله عز وجل. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله لما قضى الخلق كتب عنده فوق عرشه: "إن رحمتي سبقت غضبي" وفي رواية "تغلب غضبي" أي غلبت بكثرة آثارها .. بدليل أن قسط الخلق من الرحمن اكبر من قسطهم من العذاب، لنيلهم إياها بلا استحقاق، فقلم التكليف مرفوع عنهم إلي البلوغ، وعقوبة العصيان غير معجلة، وحتى مع العصيان فإن الله يرزقهم ويقبل توبتهم. إن الحق جلا وعلا رحمن رحيم في نفس الوقت الذي هو فيه شديد الانتقام وشديد العذاب، ولا تعارض البتة لمن يفهم المسألة على وجهها الصحيح. فسبحان الله وبحمده وسبحان الله العظيم .. الرحيم الذي ينزل إلي السماء الدنيا حين يمضي ثلث الليل الأول فيقول: أنا الملك. من ذا الذي يدعوني فاستجب له؟ من ذا الذي يسألني فأعطيه؟ من ذا الذي يستغفرني فاغفر له؟ فلا يزال كذلك حتى يضئ الفجر. فتبارك ربنا الملك الحق .. الرحمن الرحيم. تحياتي |
الملك ملك الشيء أي حازه وانفرد باستعماله والانتفاع به أو التصرف فيه. والاسم مالك .. وأملكه الشيء أو ملكه الشيء أي جعله ملكا له .. وتملك الشيء أي امتلكه. (والملك) بفتح الميم واللام هو واحد الملائكة، وهو جنس من خلق الله تعالى نوراني لطيف كجبريل وعزرائيل. أما (الملك) بفتح الميم وكسر اللام فهو اسم من أسماء الله الحسنى .. وهو يعني ذو الملك وصاحب التصرف فيما يملك بجميع الوجوه ما علمناه منها وما لم نعلم. حين يملك الإنسان شيئا يقال له مالك .. ولكن ملكه محدود بحدود ما ملكه من أشياء. وقد يستخدم الاسم (ملك) مع الإنسان .. ولكن يلاحظ أنه يأتي دائما مضافا .. كأن نقول ملك بلجيكا أي ولي السلطة ببلجيكا. هذا عن ملك الإنسان .. أما عن ملك الحق جل وعلا فإن الأمر يختلف، لأنه سبحانه وتعالى ليس مالكا فحسب .. بل هو الملك .. الذي يملك الأشياء ويملك من ملكها. إذا امتلك إنسان قطعة أرض فإنه يصير مالكا .. أما الحق جل وعلا فهو الملك لأنه الملك هذا الإنسان ويملك قطعة الأرض ما بحكم كونه الخالق لهما وللكون بأكمله. إن من يشتري شيئا يصير مالكا له .. فمن باب أولى أن ملكية الخالق لما خلق أجلى وأوضح. وملك الله تبارك وتعالى لكونه يتضمن مفهوم الملكية البسيطة والمستقى من ملكية الناس لبعض متاع الدنيا ويزيد عليه بوجوه أخرى .. فملكية الإنسان ملكية رمزية، أما ملكية الله جل وعلا فهي ملكية حقيقية. إن لحق تبارك وتعالى يملك مخلوقاته ولا يشاركه في هذه الملكية أحد وفي ذلك يقول سبحانه وتعالى: {ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض} (سورة البقرة ـ 107) ويقول عز وجل: {ولله ملك السماوات والأرض والله على كل شيء قدير} (سورة آل عمران ـ 189) ويقول تبارك وتعالى: {ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما وإليه المصير} (سورة المائدة ـ 18) ويقول سبحانه: {ولله ملك السماوات والأرض وما فيهن} (سورة المائدة ـ 120) ولقد كلف الله رسله عليهم افضل الصلاة والتسليم بإخبار الناس بهذه الملكية .. وبالفعل كان الرسل جميعا يدعون الناس إلي الإيمان بملكية الحق تبارك وتعالى لكونه، كما يدعونهم إلي الإيمان بعقيدة التوحيد الخالص، ولقد كلف الله نبينا عليه افضل الصلاة وأتم التسليم بأن يخبر الناس بأنه جل وعلا هو الملك الذي له ملك السماوات والأرض .. فقال جل وعلا: {قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك السماوات والأرض لا إله إلا هو يحيى ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون "158"} (سورة الأعراف) ومن آثار ملكه عز وجل لكونه أنه يملك استبدال هذا الكون أو بعض منه بخلق جديد .. وفي ذلك يقول جل وعلا: {يا أيها الناس أنتم الفقراء إلي الله والله هو الغني الحميد "15" إن يشأ يذهبكم ويأت بخلقٍ جديدٍ "16" وما ذلك على الله بعزيزٍ "17"} (سورة فاطر) كما يملك أيضا أن يضيف إلي كونه ما ليس فيه كما قال جل وعلا: {الحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلاً أولى أجنحةٍ مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء إن الله على كل شيء قدير "1"} (سورة فاطر) ومن هذه الآثار أيضا أنه تبارك وتعالى يحيي ويميت من يشاء حين يشاء ولا يشاركه في ذلك أحد .. وقد رأينا ذلك الذي حاج إبراهيم في ربه .. هذا الرجل الذي آتاه الله ملكا، فتخيل بجهله أنه يملك الأحياء والإماتة فظن أنه إذا حكم على إنسان بالموت ثم عفا عنه فقد أحياه .. وإذا نفذ فيه الحم فقد أماته. كان يملك سيدنا إبراهيم عليه السلام أن يقول له: إن عفوك عن هذا الإنسان بعد أن حكمت عليه بالموت ليس إحياء، لأن الإحياء يكون من العدم أو يكون من الموت، وأنت لم تفعل هذا ولا ذاك، وإن افترضنا جدلا أنك عفوت عنه بعد أن حكمت عليه بالموت، فإنك بذلك لا تكون قد أحييته .. وإنما أبقيت على حياته والتي كانت له قبل أن تحكم عليه أو تعفو عنه .. أما عن ادعائك بأنك نفذت الحكم فإنك تكون بذلك قد أمته، فإن ذلك فهم مغلوط؛ لأنك في حقيقة الأمر نفذت إرادة الله بموته، ولم تمته بإرادتك وقدرتك. ولكن سيدنا إبراهيم لم يلجأ إلي كل هذا الجدل، لأن حجج قهر الكافرين المجادلين بالباطل لا تحصى، لكنه اختار حجة يسيرة لم يملك هذا الرجل لها دفعا ولا ردا .. وفي ذلك يقول جل وعلا: {ألم تر إلي الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك إذا قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أحي وأميت قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين "258"} (سورة البقرة) ومنها أنه سبحانه وتعالى يعلم عن كونه كل شيء .. يعلم كل صغيرة وكبيرة وفي ذلك يقول جل وعلا: {وسع ربي كل شيء علماً أفلا تتذكرون} (سورة الأنعام ـ 80) ويقول سبحانه: {وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه} (سورة فاطر ـ 11) ويقول عز وجل: {ذلك لتعلموا أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض} (سورة المائدة ـ 97) ويقول الحق تبارك وتعالى: {قال ربي يعلم القول في السماء والأرض} (سورة الأنبياء ـ 4) ويقول عز من قائل: {قل أنزله الذي يعلم السر في السماوات والأرض} (سورة الفرقان ـ 6) يتبع.... |
ومن آثار ملكه أيضا أن كل ما يستجد في الكون، وهو الغيب بالنسبة لنا يستجد بإرادته وبعلمه .. وفي ذلك يقول سبحانه:
{قل اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة} (سورة الزمر ـ 46) ويقول سبحانه وتعالى: {ثم تردون إلي عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون} (سورة الجمعة ـ 8) ولم يقف علمه عند هذه الدرجة فحسب، بل أنه يعلم ما يجول بخواطر البشر، وما تنطوي عليه صدورهم، وفي ذلك يقول جل وعلا: {ويعلم ما تخفون وما تعلنون} (سورة النمل ـ 25) ويقول سبحانه: {وربك يعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون "69"} (سورة غافر ـ 16) ومن هذه الآثار أيضا أن مآل كل شيء إليه .. فكما كانت البداية منه فإن النهاية تكون لديه .. كما قال عز وجل: {له ملك السماوات والأرض وإلي الله ترجع الأمور "5"} (سورة الحديد) وأنه مالك يوم الدين .. كما قال سبحانه وتعالى: {الحمد لله رب العالمين "2" الرحمن الرحيم "3" مالك يوم الدين "4"} (سورة الفاتحة) وكما قال عز وجل: {لمن الملك اليوم لله الواحد القهار} (سورة غافر ـ 16) وأنه سبحانه وتعالى منفرد بالملك، بلا شريك ينازعه في ملكه وربوبيته وألوهيته في الدنيا والآخرة .. كما قال جل وعلا: {وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولداً ولم يكن له شريك في الملك} (سورة الإسراء ـ 111) وإذا كان الحق تبارك وتعالى هو الملك في الدنيا والآخرة، فهو ـ إذن ـ وحده وبلا شريك الذي يملك النفع والضر، وفي ذلك يقول عز وجل: {قل أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضراً ولا نفعاً} (سورة المائدة ـ 76) ويقول سبحانه: {قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار} (سورة يونس ـ 31) ويقول المولى تبارك وتعالى: {ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقاً} (سورة النحل ـ 73) ويقول الحق سبحانه: {قل فمن يملك لكم من الله شيئاً إن أراد بكم ضراً} (سورة الفتح ـ 11) ويقول ربنا تبارك وتعالى: {فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلاً} (سورة الإسراء ـ 56) ويقول وقوله الحق: {ولا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعاً ولا يملكون موتاً ولا حياة ولا نشوراً} (سورة الفرقان ـ 3) وإذا فهمنا ذلك فإنه ينبغي علينا أن ننصرف إليه وحده بالدعاء في كل صغيرة وكبيرة، لأن الدعاء لغيره دعاء لمن لا يملك شرا ولا نفعا .. بل إن جميع السبل التي يلجأ إليها الإنسان لتحقيق أغراضه ومصالحه كالرشوة والوساطة وغيرها كلها أسباب بيد الله. وينبغي أن نفهم جيدا أن الأسباب لا تحقق ما لا يريد الله تحقيقه، وإذا صادف أن تحققت مصلحة بأحد هذه السبل، فإنها تكون قد تحققت لأن إرادة الله قد شاءت لها أن تتحقق فالإرادة الإلهية تحرك الأسباب، بينما لا تملك الأسباب أن تؤثر في الإرادة أو تحقق ما يخالفها. والحق تبارك وتعالى يحثنا على أن نتوجه إليه سبحانه بالدعاء ودون أن نشرك معه غيره مع الثقة أن كل شيء منه .. فيقول جل شأنه: {قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير "26"} (سورة آل عمران) ولقد أدرك نبي الله سليمان عليه السلام هذه الحقيقة .. فدعا الله وحده أن يهبه ملكا لا ينبغي لأحد من بعده .. فاستجاب الحق تبارك وتعالى لدعوته وسخر له كل عناصر الكون .. وفي ذلك يقول سبحانه وتعالى: {قل رب اغفر لي وهب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب "35" فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب "36" والشياطين كل بناءٍ وغواصٍ "37" وآخرين مقرنين في الأصفاد "38" هذا عطاؤنا فأمنن أو أمسك بغير حسابٍ "39" وإن له عندنا لزلفى وحسن مآبٍ "40"} (سورة ص) إنه سبحانه وتعالى الملك .. الآمر الناهي في ملكه .. المعز المذل .. الذي يقلب شئون عباده ويصرفها كيف يشاء .. والإقرار له جل وعلا بالملك في الدنيا والآخرة والانفراد بهذا الملك فرض على المسلم. وقد التزم المصطفى صلى الله عليه وسلم بهذا الفرض .. فكأن عليه افضل الصلاة وأتم التسليم يقول دوما صباحا ومساء: "أمسينا وأمسى الملك لله. وفي الصباح يقول أصبحنا وأصبح الملك لله". وكان يقول: "الحمد لله ولا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم إني أسألك من خير هذه الليلة وخير ما فيها، وأعوذ بك من شرها ومن شر ما فيها، اللهم إني أعوذ بك من الكسل والهم وسوء الكبر وفتنة الدنيا وعذاب القبر". والملك من الناس هو الذي يستغنى عن كل شيء سوى الله، وتلك رتبة الأنبياء عليهم السلام، وقد قال أحد المريدين لشيخه: أوصني .. فقال له: كن ملكا في الدنيا وملكا في الآخرة. فقال: وكيف؟ قال الشيخ: اقطع طمعك وشهوتك عن الدنيا تكن ملكا في الدنيا والآخرة، فإن الملك في الحرية والاستغناء. تحياتي |
الاخ عبد الرحمن
بالنسبة الى موضوع كلمة (الله) فدعني اشارك بالرأي ان كلمة الله ليس معناه معبود فهي كلمة من اصل سومري ثم انحدرت الى اللغات السامية وكلمة الله هي بالاصل آ+له ومعناه الاله الاعظم باللغات السامية القديمة ووصلت الى العربية بشكلها الحالي |
اقتباس:
ومن أكذب الادعاءات أن يقال: إن لفظ الجلالة " الله " عبرى أو سريانى وإن القرآن أخذه عن هاتين اللغتين. إذ ليس لهذا اللفظ الجليل " الله " وجود فى غير العربية: فالعبرية مثلاً تطلق على " الله " عدة إطلاقات ، مثل ايل ، الوهيم ، وأدوناى ، ويهوا أو يهوفا. فأين هذه الألفاظ من كلمة " الله " فى اللغة العربية وفى اللغةاليونانية التى ترجمت منها الأناجيل إلى اللغة العربية حيث نجد الله فيها " الوى " وقد وردت فى بعض الأناجيل يذكرها عيسى عليه السلام مستغيثاً بربه هكذا " الوى الوى " وترجمتها إلهى إلهى. إن نفى عروبة القرآن بناء على هذه الشبهة الواهية أشبه ما يكون بمشهد خرافى فى أدب اللامعقول مع تحيات خرافات مسيحية |
مرحبا يا احلى اعضاء في قصة مؤثرة حبيت حطلكن ياها انشاء الله تعجبكن :سوريا:
أمريكي يموت أمام الكعبة وهو ساجد.. لم يكن يخطر بباله قبل أنْ يأتي إلى المملكة العربية السعودية أن يفكِّر في دين الإسلام، أو يشغل ذهنه بالمسلمين وبما هم عليه من هُدَى الإسلام، فهو موظف كبير في شركة كبيرة، مكانته في عمله مرموقة، وحياتُه حافلةٌ بالعمل الجاد الذي مكًّنه من الحصول على عددٍ من الشهادات والأوسمة من كبار المسؤولين في شركته وفي دولته «العظمى» أمريكا، يقول عن نفسه: «قبل أن آتي إلى الرياض مسؤولاً كبيراً في الشركة الأمريكية لم أكن أشغل بالي بالدين، ونصوصه وتعاليمه، حياتي كلُّها مادةٌ وعمل وظيفي ناجح، وإجازاتٌ أروِّح عن نفسي فيها بما أشاء من وسائل الترويح المباحة وغير المباحة، شأني في ذلك شأن ملايين البشر في هذا العالم الذين يعيشون حياتهم بهذه الصورة المملَّة من الحرية المزعومة. ومرَّت بي شهور في عملي الجديد في مدينة الرياض وأنا مستغرق في تفاصيل وظيفتي المهمة في مجال عملي، كان همِّي الأكبر أن أنجح في هذا العمل حتى أزداد رقيَّاً في الشركة التي أعمل فيها، ومكانةً مرموقة بين الناجحين في بلدي الكبير الذي يجوب العالم طولاً وعرضاً مسيطراً متدخلاً بقوته العسكرية في شؤون الناس. وذات يومٍ كنتُ جالساً في مكانٍ، في لحظة استرخاء، ولفت نظري لأول مرَّة منظر عددٍ غير قليل من المسلمين سعوديين وغير سعوديين يتجهون إلى مسجد كبير كان قريباً من ذلك المكان، وكنت قد سمعت الأذان أوَّل ما جلستُ، وشعرتُ حينما سمعتُه بشعور لم أعهده من قبل - هبَّت من خلاله نسائم لا أستطيع أن أصفها، وانقدح في ذهني سؤال: لماذا يصنع هؤلاء الناس ما أرى، ومن الذي يدفعهم بهذه الصورة إلى المسجد، وكأنهم يتسابقون إلى مكان يدفع لهم نقوداً وهدايا ثمينة تستحق هذا الاهتمام؟؟ كان السؤال عميق الأثر في نفسي، جعلني اهتمُّ بمتابعة ما يجري بصورة أعمق وسمعت حركة صوت مكبِّر الصوت، ثم الإقامة، وبدأت أفكَّر بصورة جدَّية، وحينما سمعت الإمام يقول «السلام عليكم»، وجهت نظري إلى بوَّابة المسجد الكبيرة فإذا بحشود المصلِّين يخرجون يتدافعون، ويصافح بعضهم بعضاً بصورة كان لها أثرها الكبير في نفسي، ووجدتني أردِّد بصوت مرتفع «يا له من نظام رائع»، وكانت تلك بداية دخولي إلى عالم الإسلام الجميل، وفهمت بعد ذلك كلَّ شيء، ووجدت جواباً شافياً عن سؤال سألته ذاتَ يومٍ وأنا غاضب حيث كنت في سوق كبير من أسواق الرياض وكنت أريد شراء شيء على عجلةٍ من أمري ففوجئت بالمحلات التجارية تغلق أبوابها، وحاولت أن أقنع صاحب المحل التجاري الذي كنت أريد شراء حاجتي منه أن ينتظر قليلاً فأبى وقال: بعد الصلاة إن شاء الله، لقد غضبت في حينها، ورأيت أن هذا العمل غير لائق، وبعد أن أسلمت أدركتُ مدى الدافع النفسي الدَّاخلي القوي الذي يمكن أن يجعل ذلك التاجر بهذه الصورة. أمريكي لم يعرف الاسلام من قبل أشرق قلبه بنور الإيمان، وعرف حلاوة الإسلام، وبدأ يتحدَّث إلى أصدقائه بالمشاعر الفيَّآضة التي تملأ جنبات نفسه، والسعادة التي لم يشعر بها أبداً من قبل، وبعد مرور شهرين على إسلامه أبدى رغبته في زيارة البيت الحرام للعمرة والصلاة أمام الكعبة مباشرة، وانطلق ومعه صديقان من رفقاء عمله من السعوديين، وهناك في رحاب البلد الأمين، وفي ساحات المسجد الحرام وأمام الكعبة المشرَّفة حلَّق بروحه في الافاق الروحية النقيَّة الطاهرة، وقد رأى منه مرافقاه عجائب من خشوعه ودعائه وبكائه، وقال لهما: كم في هذا العالم من المحرومين من هذا الجو الروحي العظيم. أتمَّ عمرته قبل صلاة العشاء، وكان حريصاً على الصلاة في الصف الأوَّل المباشر للكعبة، وحقَّق له مرافقاه ذلك، وبدأت الصلاة، وكان الأمريكي المسلم في حالةٍ من الخشوع العجيب، يقول أحد مرافقيه: وحينما قمنا من التشهُّد الأوَّل لم يقم، وظننته قد استغرق في حالته الروحية فنسي القيام، ومددت يدي إلى رأسه منبها له، ولكنه لم يستجب، وحينما ركعنا رأيته يميل ناحية اليمين، ولم يسلَّم الإمام من صلاته حتى تبيَّن لنا أن الرجل قد فارق الحياة، نعم، فارق الحياة، أصبح جسداً بلا روح، لقد صعدت تلك الروح التي رأينا تعلُّقها الصادق بالله في تلك الرحاب الطاهرة، صعدت إلى خالقها يقول المرافق: لقد شعرت بفضل الله العظيم على ذلك الرجل رحمه الله ، وشعرت بالمعنى العميق لحسن الخاتمة، وتمثَّل أمام عيني حديث الرسول صلى الله عليه وسلم، عن الرجل الذي يعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينها وبينه إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها، لقد عرفت هذا الرجل الأمريكي كافراً قبل أن يسلم، ورأيت كيف تغيَّرت ملامح وجهه بعد أن أسلم، ورأيت خشوعه لله في صلاته، ورأيته طائفاً ساعياً، ورأيته مصلَّياً ورأيته ميتاً في ساحة الحرم المكي الشريف، وودَّعته مشيعاً حيث تم دفنه في مكة المكرمة بعد استئذان أهله في أمريكا. يقول مرافقه: حينما علم زملاؤه الأمريكان وهم غير مسلمين بما حصل له قال أحدهم: إنني أغبطه على هذه الميتة، قلت له: لماذا؟ قال: لأنه مات في أهم بقعة، وأعظم مكان في ميزان الدين الإسلامي الذي آمن به واعتنقه . و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :سوريا: |
الساعة بإيدك هلق يا سيدي 02:25 (بحسب عمك غرينتش الكبير +3) |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
ما بخفيك.. في قسم لا بأس به من الحقوق محفوظة، بس كمان من شان الحق والباطل في جزء مالنا علاقة فيه ولا محفوظ ولا من يحزنون