![]() |
هل يستطيع المبدع أن يتفهم المرأة وينصفها ؟؟
![]() ![]() ألم يقل " توفيق عواد ": " الحرية التي أطلبها للمرأة هي حرية الحب ، حرية أن تقول هي للرجل أحبك دون أن تخشى شيئاً ، وأريد أن نرد جسد الأنثى إليها ، فهو حتى الآن ملك الأعراف والتاريخ ، والمؤسسات الدينية والدنوية ، لأن الرجل الشرقي يربط كل أخلاقياته بجسد المرأة لا بأخلاقياته هو ، فهو مباح له كل شيء ويبقى أطهر من ماء السماء حتى يعثر في درج أخته على رسالة حب فيشدها من ضفائرها كالدجاجة ، ويلقي قصيدة شعر أمام قاضي التحقيق " . وقد عبر عن اضطهاد المرأة أيضاً ، الأديب طه حسين في " دعاء الكروان" ، وإحسان عبد القدوس في " لا أنام " محمد عبد الحليم عبدالله في " الطريق المسدود " ، ومن الآداب العالمية التي تناولت موضوع اضهاد المرأة أيضاً جوتيه " الآم فارتر " ، تولستوي " آنا كارنينا " ، دوستوفيسكي " فدلون مهانون " ، والأمثلة كثيرة فالمبدع الانساني يحس بالذات المعذبة ويعبر عنها . ![]() ![]() ![]() ![]() إن عدد الشاعرات مرتبط بواقع المرأة في مجتمعنا الذي يقيد فيها حرية التعبير والبوح ، وهذا ينطبق على صنوف الابداع كافة . ![]() ![]() ويقول ابن سينا : " إن كل كلام غير مخيّل ليس شعراً ، وإن كان موزونا مقفّى وإن الشعر يراد به التخيّل لا إفادة الآراء " . ويقول عبد الرحمن شكري :" الشعر تعبير عن الذات ، والمعاني الشعرية خواطر المرء وتجاربه ، وإذا لم يكن تعبيراً عن الذات كان صناعة " . فالشعر فيض الطبع ، وهو تعميق للحياة يجعل اللفظة الواحدة تولد لحظات … والتعبير لا يتقيد بشكل ولا ينحصر في قالب لأن الحدود تقسم الكتابة وتضيق المساحة ، فالتراث ليس ما يصنعني بل ما أصنعه أنا ، والشعر يرفض كل أشكال القمع وهو تحويل للعالم والواقع والانسان . والشعر ليس نمطاً وظيفياً مسخراً لموضوع معين في قالب معين بل هو الكلام الانساني الوحيد الذي يبقى حراً . لماذا نمارس الحداثة في وسائل الحياة اليومية ونرفضها في تحسين وتطوير الفكر والعقل ، وهل الانسان العربي متحرراً داخل ذاته ؟ جوهر الثقافة في الابداع المفيد والمتغير . وبعض والكتابات النقدية حول قصيدة النثر تعدها خارج الكتابة الشعرية العربية وتنطلق من مفهوم تقليدي للشعر ، فإذا انتفى عمود العروض واستبدل بنسق إيقاعي مختلفهل انتفى كون الشعر شعراً ؟ هذا المفهوم يتمسك بموسيقى العروض ويلغي ما يحقق من شعرية الشعر فالشرط العروضي شرط ثانوي لأنه من حقل الموسيقى فقط ، يقول الناقد الروسي لوتمان " الشعر يخرق مبدأ مراعاة القواعد التي تمنع ضم عناصر معينة في نص أدبي " وهو ينشئ أنساقاً جديدة من الألفاظ وبهذا المعنى يثري اللغة وينحو إلى انشاء فضاءات مجازية خاصة به" . أما الجرجاني فيقول : " إن الشعر يجمع أعناق المتنافرات المتباينات في ربقة ويوجد الائتلاف في المختلفات " . أليس القراء يقرأون بقلوب بريئة ، بينما النقاد يطبقون نظرياتهم وفي رؤسهم أحكام مسبقة وجاهزة . أو يعزلون النص ويرسمون خطوطاً ودوائر ويسقطون المفردات باسم البنيوية والألسنية … الناقد يبدع من نص المبدع نصاً آخر حين يقرأ بأبجدية الصفاء ويتغلغل الى قلب التجربة والمشاعر واللغة وقد علمني الشعر أن الحب هو الخير المطلق وهو جسد الانسانية |
حوار مع الاديب عدنان كنفانى :D
|
حوار مع الأديب عدنان كنفاني ![]() أديب من بلاد عاشت تراتيل الحزن والقهر والظلم بكل صنوفه، ما كسرت الرزايا ريشات جناحيه، وما غادر يوماً شواطئ الأمل، فكان معجوناً في ذاكرة، والمشعل في يده. عاشقاً لتراب فلسطين، فكتب عن التائهين في غياهب الشتات، وعن الغرباء الذين يموتون بلا قبور، وعن الأحياء المغيبين في مطاوي الظلم. أعلن صارخاً أن.. "ثمة من يرحل.. ولا يرحل أبداً" وأن"على أدب المقاومة أن يرقى إلى قامة الدم"، فلامس بحروفه الملتهبة شغاف الأرواح، ونسج من خيوط سطوره رداءً لثورة أدبية خطّها بذاكرة ما زالت طازجة تحمل روائح البحر،الزيتون والتين. عدنان كنفاني.. أديب فلسطيني ملتزم، أبحر في أجناس الأدب فكتب القصة والرواية والبحث والدراسة والشعر وله إصدارات عديدة. مثّل مستقلاً فلسطين في عدة محافل أدبية وندوات ثقافية، وما زالت ذاكرته تعانق "أرض البرتقال الحزين.. وأم سعد.. س ـ الأستاذ عدنان كنفاني، لقد تمثّلت تجربتك الإبداعية من خلال مجموعاتك القصصية.. ثم الروائية.. أرجو أن تحدّثنا عن هذه التجربة.؟ واسمح لي أن أسألك بداية على أن هناك مقولة تقول بأن "الرموز لا تموت" فكيف ترجمت هذه الرموز في أدبياتك. ؟ورجال في الشمس.." ج ـ من هنا أتصوّر وهذا ما كان شاغلي دائماً في أن الكتابة الإبداعية على وجه الخصوص هي التزام ومعرفة وموهبة ضعيها متسلسلة كما يحلو لك لكنها مجتمعة تخلق أفق المبدع.. وهذا يقود إلى أن الكاتب قد يمضي عمراً وهو يكتب ويمزّق ويلقي في سلة المهملات إلى أن يصل إلى درجة من الرضا عن نفسه.. والرضا يأتي من خلال الاطّلاع على إبداعات الآخرين.. ومقارنة السويّة الشخصية مع سويّة المشهد الثقافي، ومن أول المبدئيات - وهذا حسب ما أرى - أن يتعامل المبدع مع قضاياه التي هي قضايا مجتمعه سواء منها الوطنية أو الحياتية.. وأن يكون في كل الحالات وجهاً ممثلاً لضمير الناس.. هذا بالعام، أما عني أنا فأنا أكتب منذ أكثر من أربعين سنة لكنني لم أنشر وأنتشر إلا متأخراً وهذا يعود إلى أسباب عديدة لا أعتقد أنها تهم القارئ كثيراً، وقد بدأت بكتابة القصة القصيرة وأصدرت ثلاث مجموعات قبل أن أنشر روايتي الأولى (بدّو).. باختصار وتواضع أنا راض عن تجربتي حتى الآن وأعمل بجهد على تطوير أدواتي وزيادة معرفتي.. أما عن الرموز، فأعتقد أنهم بتضحياتهم يمثّلون لنا في كل وقت منارة التوجّه، وقيم التمثّل، ومشاعل الإلهام، ولا أعتقد أن أي أمّة على وجه الأرض يمكن أن تنفصل عن رموزها البانين أمجادها. س ـ يقولون إن القصّة أو الرواية أو المسرحية أو قصيدة الشعر لا تموت إذا استجابت لحاجات ضرورية جوهرية لدى الإنسان، وهذه الحاجات مزيج من ذاكرة وواقع واستحضار لأشياء متأصلة في روح الكائن البشريّ..الشيء البارز في قصصك وفي مجمل نتاجك الأدبي هو حرارة التفاصيل التي تتكئ بالعام إلى ذاكرة وطنية متجليّة في مآثر الذين قاتلوا في سبيل وطنهم من أجل الحرية، ومن أجل حمايته من أشكال العدوان.. ماذا تقول في ذلك؟ ج ـ علينا أولاً أن نفصل فصلاً تامّاً وحقيقياً "في المرحلة الحاليّة على الأقل" بين الرسالة المرتجاة من الأدب بالعام وأعني أدب العالم المترف الذي لا يعاني من مشاكل حقيقية في حياته اليومية وبين الأدب الذي يخص حياتنا وواقعنا كأمّة مستلبة، مستباحة تتعرض للإبادة في كل لحظة، جزء من شعبها مشرّد يعاني ما يعاني من فقر وقهر وغربة، وجزء تحت الاحتلال، وجزء ما يزال لاجئاً رغم أنه يقيم على جزء من أرضه الجغرافية والتاريخية.. هذه الخصوصية تفرض على نتاجات مثقفينا وعلى جوهر نتاجاتنا الأدبية الإبداعية بأجناسها المختلفة أن تحمل طابعاً خاصّاً أيضاً.. وأنا بطبيعة الحال خيط في هذا النسيج لا أرى غير الوطن على واجهة الأولويات.. وعندما أقول الوطن أعني المكان في كل تجلّياته والناس في كل حركاتهم والذاكرة وما تحمله من نبض ساخن.. س ـ تردد دائما بأن السياسة تدخل في خبزنا اليومي، وقلت: حتى لو كتب الكاتب الفلسطيني عن الحب مثلاً يجب أن يصب هذا الحب في قلب الوطن.. إلى أي مدى تجد نفسك ملتزماً ككاتب بهذا القول؟ ج ـ نعم وأقولها.. نحن يا سيدتي شعب مظلوم ومقهور نعيش أقسى ما يمكن أن يتصوّره كائن، ويجب أن يفعل هذا شيئاً في دواخلنا، وعواطفنا وممارساتنا.. ويجب أن تكون لنا خصوصيتنا، ما من بيت إلا وقدم الشهداء تباعاً، ما من أسرة إلا ومشرّدة في أصقاع الدنيا.. كيف إذن نخرج من معاناتنا إلى ترف ليس لنا.؟ نعم قلت وأقول حتى لو نكتب عن الحب عن أي شيء يجب أن تكون اللمسة فلسطينية.. ونحن أيضاً كسائر البشر نحب ونكره ونفرح ونحزن ونستطيع تصوير ذلك كله أعني إبداعياً ولكن بلمسة تصب في مسألة الالتزام، والالتزام بحد ذاته قيمة تحسب على الوطن.. أليس كذلك.؟ والكاتب في كل الأحوال موقف. . س ـ من هي الشخصية التي تعتبرها مصدر لإلهامك في الكتابة؟ ج ـ أعتقد ربما من إحساسي الخاص بأن الشعور بالظلم هو أقسى ما يمكن أن يسبب للإنسان الألم والقهر، ولا أعتقد بأن هناك شخصية بعينها تحرضني على الكتابة ولكن ما يحرضني حقاً هي حالة الشخصية، وغالباً ما أسعى ليكون ملهمي ذلك الإنسان المسحوق المظلوم، وأحياناً دمعة على تغاضين وجه رجل، وبكاء طفل، وزغرودة وداع أم لولدها الشهيد. س ـ ما هو المقياس في تقييم عمل فكري بأنه مميز أو أنه لا يصلح للنشر؟ ج ـ متى لامس العمل الإبداعي أحاسيس الناس فقد حقق التميّز، وأعتقد أن الرضا الشخصي المؤسس على معرفة ملتزمة وصادقة هي معيار هام وضروري، أما مسألة النشر فهذه تخضع لظروف أكثر من أن تحصى وأنت أدرى ماذا أعني بذلك. |
س ـ هل هناك تقسيمان ما في نسيج الأدب العربي بين أقلام ذكورية وأخرى نسوية.؟ولماذا.؟ ج ـ الأدب والإبداع نتاج لغة ومفردات ومشاعر، ومن ملك ناصية اللغة فقد تجاوز كثير عقبات وهذا ينطبق على الجنسين دون تفريق، هناك أدب واحد ولغة واحدة تكتبها المرأة ويكتبها الرجل، ولكنني أعتقد بأن المرأة هي خير من يكتب عن المرأة والرجل خير من يكتب عن الرجل ولكن كلا الجنسين يعيشان في بوتقة مجتمع واحد ويتشاركان في الهموم والأماني ولا يمكن الفصل من حيث الإبداع بين ما يكتبه الجنسان وليس هناك أدب ذكوري وأدب نسائي. س- تفضلت بأن من يملك ناصية اللغة، العامل الذي يحدد مدى تفاعل الكاتب مع الحدث. ثم فصلت"بأن خير من يكتب عن المرأة أو الرجل هو الجنس بعينه. فهل تعتبر مثلا هناك قضايا تخص المرأة وأخرى تخص الرجل؟ وأن التعبير عن ما يختلج النفس البشرية يجب أن تخضع لتلك المعطيات؟ ج ـ إن ما أعنيه هو ما يختص بالمشاعر الحميمة، ولا أعني الأحاسيس العامة، هناك أمور تتعلق بالمرأة خاصة وشفيفة ووجدانية قد لا يتقن فهمها الرجل كما تفهمها المرأة، وكذلك الأمر بالنسبة للرجل وهذا ما عنيته بالضبط. وأعيد بأن الأدب هو أدب ولكن التعبير عن الخصوصية فقط هي التي تميّز بين الجنسين. أما عن امتلاك ناصية اللغة فلا شك بأنها المعوّل الأساسي عليه في المقدرة على التعبير من خلال كافة الأجناس الأدبية. س- أين يجد عدنان كنفاني نفسه أقدر بالتعبير عما يجول بخاطره، بالسرد النثري أكثر، أم بالقصائد؟ ج ـ أنا لم أدعِ يوماً بأنني شاعر، أكتب الشعر عندما توقعني الجملة والمفردة في دائرة الرتم والموسيقى فأطرب لها وأكتب ليس أكثر، لكنني أعتبر الشعر أرقى مراتب الإبداع، وهو الذي سيبقى ديوان العرب، وهو الأقدر على التعبير عن اللحظة والتجاوب الأسرع مع الحدث، ونحن كمجتمع عربي تعودنا على سماع الشعر والإصغاء ثم إطلاق الاستحسان من خلال الوقع الموسيقي وروعة الكلمة وجمالية الصور، وهذا ما نفتقده الآن كثيراً وسط الكمّ الكبير من الشعراء المدّعين وهم بالحقيقة أشباه شعراء والشعر منهم بريء، وهم المسببين لغياب أو تغييب الشعراء الحقيقيون، وهذا موضوع آخر لا أرغب الدخول في تفاصيله. أما عن النثر الحكائي فهو ما يهمني ويشدني أكثر بالتأكيد. س ـ في ظل عزوف الكثيرين عن القراءة، فما أسباب الابتعاد عنها.؟ وما مهمتنا أمام الجيل الصاعد لحثه للعودة إلى الكتاب.؟ ج ـ الحضارة والحداثة تفرض التغيير، وثورة الاتصالات والإنجازات المتسارعة بتطوير وسائل الاتصال والإعلام والمعرفة أصبحت أوسع وأشمل من الكتاب وأسهل وصولاً وتحقيقاً، وسياسات التجهيل والتسطّح أصبحت سمة العصر، وهذه كلها مشكلات تشكل أعباءً ثقالاً على الكتاب، ولا يحضرني الآن كيف يمكن أن ننقذ موت الكتاب لكنني أقول بأن الغث يذهب جفاء والسمين يبقى ما بقي الدهر. س ـ النكبة الفلسطينية استجلبت أدب المقاومة، والنكبات المتتالية جعلت الأدباء الفلسطينيين يصبون حبر أقلامهم فوق جراح الشتات. فهل وصل هذا الأدب لمستوى الحدث.؟ وهل نفذ إلى أعماق الشعب العربي ليحقق وعياً بجوهر القضية .؟ ج ـ وهل تعتقدين أن أي فعل مهما ارتقى وسما يمكن أن يصل إلى قيمة الدم.؟ لقد حقق أدب المقاومة حضوره الباهر على الساحة، وحقق تواصلاً فاعلاً بين الأجيال، واستطاع أن يستولد من ذلك الأدب مفردات جديدة وثقافات جديدة، كثقافة الصمود والرفض والتصدي والاستشهاد والأسر...، واستطاع أن يحقق حضوراً في ضمير العالم وليس فقط في ضمير الشعب العربي في أقطاره المترامية. س- المرحلة الانتقالية في مسيرة تاريخ القضية الفلسطينية، هل سينعكس على أقلام الأدباء في الوطن العربي عامة والفلسطينيين خاصة؟ ج ـ أعتقد أنك تعنين ما يستجد الآن على مسار القضية.؟ أنا شخصياً عندي إيمان مطلق بأن شعبنا الفلسطيني قد تجاوز منذ زمن التبعية والخنوع والرضوخ لغير مبادئه الثابتة، وقدم من أجل ذلك التضحيات بلا حدود، وهذا يعني باختصار بأن القضية ستبقى على المرجل ما لم تتحقق الأمور الثابتة والمطالب العادلة للشعب التي تتلخص بتحرير فلسطين الجغرافية كاملة وعودة أهلها إليها، ولا أقول هذا شعاراً بل عندي إيمان كامل بأن مسيرة التاريخ والأمثولة التي نتابع مشاهدها في كل يوم، وارتقاء الأجيال تباعاً إلى مستوى الفهم الأكثر وابتداع وسائل المقاومة ستحقق أمانينا ومهما طال الزمن.. نحن الآن في موقع المراقب والمنتظر، سمعنا وعوداً، ونفهم ضرورة الحراك السياسي، والغد قريب. س- في مقالك "اتحاد الكتاب، مسؤولية وليست وجاهة" ذكرت أنه لا يجب علينا أن ننظر في تركيبة الاتحاد والأعضاء ومركزه، إنما على أساس جدارة الانتقاء. وأن الفصل بين السياسي والمثقف مسؤولية المثقف، فكيف يكون الفصل العدل، للنهوض بفكر عربي حر يتجدد بمعطيات المرحلة، ومناهضة المتقاعسين أو المطبعين مثلا؟ ج ـ المثقف هو الممثل الرسمي لضمير الناس، أعني المثقف النظيف، والحفاظ على الثوابت الوطنية والقومية مسؤولية عامّة، لكنني في الوقت نفسه أفهم تماماً معاناة المثقفين في ظل سطوة السياسي والظروف العالمية ولكن هذا لا يستدعي أن ننفض كل ما نؤمن به، وأن لا نسخّر أقلامنا خدمة لما يتعارض مع مفاهيمنا ومبادئنا، وعلى المثقف أن يبقى هو الحامل للمشعل. واتحاد الكتاب تقع على كاهله المسؤولية الكبيرة في تحقيق هذه المعادلة لو استطاع النجاة من سطوة المؤسساتية التابعة للسلطات. س- هناك دعوة لفتح الحوار مع الغرب وحتى "الإسرائيليين" فهل برأيك حوار الحضارات هو مشروع عولمي، أو فتح قنوات اتصال مع الغير؟ ج ـ نحن في كل يوم نسمع بجديد، كله مسعى لإقامة أواصر التطبيع مع العدو الصهيوني، ونسمع عن دعوات غريبة وعجيبة والأعجب أن نسمع من يطبل لها وكأنها ستأتينا بقطوف النصر، وكأننا لم نعتبر من مئات التجارب والوعود الكاذبة، حوار الحضارات قائم منذ الأزل ويتسارع اليوم بسبب ثورة الاتصالات الهائلة، وهو أمر طبيعي وفطري "وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا" ولكن من يصدق بأن ذلك سيثمر لنا سلاماً وتحقيقاً لشروطنا من أجل السلام وهي شروط حق.؟ أعتقد بأن ذلك غريب حقاً. س- رغم أن ترجمة النصوص الأدبية تعتبر فقيرة نسبيا من اللغة العربية وإليها، فهل تجد بالترجمة وسيلة إيجابية للتعريف عن قضايانا؟ ج ـ نعم وهذا أمر حيوي وضروري وهام جداً. س- ما هو السؤال الذي كنت تتوقع أن أسألك؟ هل عن النورس الذي رحل عنا وبقيت سطوره تزرع ثورة من لحم ودم في ضمائرنا، أم عن ما آل إليه حال شعب النورس؟ ج ـ صدقيني كنت أتوقع أن تسأليني لماذا يطلقون علي اسم "النورس" وهو اسم صفة كانت تطلق على الشهيد غسان كنفاني رحمه الله، وكنت سأقول لك لأن النوارس لا تغادر شواطئها. س- كصديق لمست نرجستيك العالية وشفافيتك تجاهها، فهل هذه السمة نتيجة تربية الرجل الشرقي عموماً، أم نتيجة محاكتك على مدى السنين، جعلتك واثقا مما تقدم؟ ج ـ أنت تسميها نرجسية ربما.؟ ولكنني أعتبرها بعض ثقة بالنفس، وصدقيني إذا قلت لك بأنني أعتبر نفسي من قبيلة المتواضعين. س- وكأستاذ احترم وأقدر عطاءاته الأدبية، هل تجد أن ثمة خلل كامن في العطاء الأدبي للجيل الصاعد، أو لنقل الكتاب المبتدئين؟ ج ـ نعم هناك خلل، وهذا الخلل لا يلامس الكتاب فقط ولكنه دخل في نسيج حياتنا، المشكلة بأن المبتدئين يغترون سريعاً ولا يطلعون على كتابات الآخر ولا يقبلون النقد، وهذا طبعاً لا ينفي وجود كثرة من الكتاب المبدعين شباناً وشابات أتمنى لهم جميعاً النجاح وإيجاد الفرص الأفضل. س- ما هي رسالتك لشعبك في فلسطين الروح اليوم؟ ج ـ أنا أصغر من أن أرسل لهم رسالة، أنا أتعلم منهم ومن تضحياتهم ومعاناتهم وصمودهم وصبرهم في كل يوم دروساً تجعلني أشعر كم أنا صغير. |
عودة مباركة ايمان
:lol::lol::lol: |
حوار مع الاديب التونسى ابراهيم درغوثى :D
|
الدرغوثى يعرف نفسه
ابراهيم درغوثي قاص وروائي تونسي من مواليد 1955 بالمحاسن /توزر / تونس أيشتغل بالتدريس . أشغل حاليا منصب نائب رئيس اتحاد الكتاب التونسيين . أما متى اقتحمت ميدان الكتابة الأدبية ؟ سؤال تصعب الإجابة عليه، لأنني كنت أكتب خواطر و قصصا و أشعارا و أنا طفل في التعليم الابتدائي . خربشات على جدار الزمن . إلى أن عشقت أول مرة فصرت شاعرا في الخامسة عشرة من عمري. شاعر يغزل الكلام الجميل ليهديه لطفلة كالوردة ما كانت تعرف أنه يحبها و يموت وجدا في هواها. ثم دخلت عالم السياسة من بابه الواسع و انخرطت في عشق الثورة العالمية التي ظننتها ستغير وجه التاريخ حين يصبح الحكم في يد العمال والفلاحين فحبرت لهم من دم القلب قصائد تتغنى بالغد الأجمل و الجنة التي سنحولها من الغيب إلى الحاضر . و لم يسع الشعر عوالمي الإبداعية فتحولت بداية من أواخر ثمانينات القرن الماضي أولا إلى كتابة القصة القصيرة ثم دخلت دنيا الرواية دون نسيان للشعر والقصة القصيرة لأنني أعتبر الإبداع كلا لا يتجزأ والنص وحدة عابرة للأجناس يتضافر فيه الفن الجميل بمختلف مكوناته . أما عن الترجمة فذلك شأن آخر فما هي إلا آخر هواياتي التي سرقتني من بقية الكتابات الأخرى إذ صرت ومنذ سنتين أوليها من اهتماماتي أكثر من غيرها لا لشيء إلا لأنني عرفت أنها الباب الكبير الذي سنوصل منه للعام أجمع ثقافتنا العربية و حضارتنا التي عاشت من الأزمان أكثر من أغلب الحضارات التي تعاصرنا . |
حوار مع نائب رئيس اتحاد الكتاب التونسي الأديب ابراهيم درغوثي ![]() حاوره / شجاع الصفدي /: أستاذ ابراهيم امتزاج الحضارات على مدار العصور كان له الفضل في خلق عوالم جديدة وآفاق فكرية للبناء والتقدم والتطور في كل الحقب التاريخية حسب معطيات كل حقبة ولقد شهد العالم الإسلامي والعالم العربي ثورات فكرية عديدة عبر تاريخه الطويل ,بعضها كان يصب في الجانب الإيجابي وبعضها كان يسبب التآكل للجسد الحضاري العربي والإسلامي . وقد شهدنا في العصر الحديث تغيرات في الجسد الثقافي قد يمكن القول أن بعضها شوّه الكيان المشرق الذي حمله تاريخنا العربي فمن وجهة نظرك هل يمكن النهوض بحضارة عربية إسلامية جديدة تعيد أمجادا قد يراها الكثيرون قد ولّت وأدارت لنا ظهرها كأمة عربية ؟ وإن كان النهوض بالحضارة والفكر الإسلامي والعربي ممكنا فما هي السبل التي تراها مجدية في هذا الأمر وكيف نعيد تشكيل الصورة الفكرية والحضارية للعالم العربي في شتى المحافل ؟ من أين أبدأ ؟ هل أعود إلى البدايات أم أنطلق من الحاضر ؟ و بما أن البدايات تغري فإنني سأعود إليها لأنها تمثل حسب ظني واعتقادي منارة يزدهي بها كل عربي و يفخر من خلالها بالانتماء إلى شعب قدم الإضافة للحضارة الإنسانية . لقد امتزجت الحضارة العربية الإسلامية في بداياتها بثقافات العالم القديم الفارسية و الإغريقية و السريانية و اللاتينية و غيرها من ثقافات الشرق و الغرب . ولا ينكر إلا جاحدا فضل العرب والمسلمين في إيصال ذاك المخزون إلى الزمن الحاضر ، إن بالترجمة والاستنساخ أو بالإضافة والتجويد . فلولا مدارس الترجمة التي استحدثها العرب في بغداد وقرطبة و القيروان و القاهرة و دمشق و غيرها من حواضر العالم القديم لضاع كثير من الفكر الإنساني خاصة الفلسفة اليونانية و شيء من الآداب الفارسية واللاتينية . هذا الامتزاج بآداب سابقة و فكر مغاير لما عايشه العرب في جاهليتهم أو في عصر التنوير العربي ( بدايات العصر العباسي ) كان له شأن في تغيير الذهنية العربية . إذ أخرجها من الساكن إلى المتحرك ، من الفكر الدوغمائي إلى الفكر الذي يسائل الله و الإنسان عن ماهية الحياة وما بعد الحياة . فالفلسفة اليونانية و آداب الشرق القديم مثلا كان لها دور كبير في تحرير الذهنية العربية من الغيبيات و جعلها إن قليلا أو كثيرا تجانب المسلمات الدينية و تنقدها و لا تكتفي بالتلقي السلبي لما جاء من وراء السماء . مما حدا بكثير من الفقهاء إلى تكفير المشتغلين بها ورميهم بالكفر والزندقة والمروق على الناموس . و الأمثلة كثيرة على ذلك لعل أشهرها ابن الراوندي والرازي و أبو نواس و الجاحظ و ابن المقفع و غيرهم كثير ... أما الوافد على الفكر العربي في العصر الحديث فغربي و شرقي : من باب الغرب الذي دق على أسوارنا مع حملة بونابارت على مصر ثم ما تلاه من استعمار مباشر عم كل بلاد العرب تقريبا ما عدا جزء من الجزيرة العربية . هذا الاستعمار العسكري والاقتصادي كان له جانبا فكريا جعلنا ننبهر به و هو ما يهمنا في هذه المداخلة. ففكر رجال التنوير في فرنسا مثلا كان له امتدادا في بلاد المغرب العربي خاصة والمشرق عموما . و التيارات الفلسفية والأدبية الجديدة في الحداثة وما بعدها و جدت في بلاد العرب محاضن لها . حتى الفكر الماركسي الذي يتعارض مع الدين الإسلامي وجد من يعتنقه و يبشر به في كل بلاد العرب . و في المقابل كانت أفكار أبي الأعلى المودودي المبشر بفكر آخر تجد من يحتضنها و يفرش لها السبل لتمر إلى الذهنية العربية المسلمة بسهولة ويسر خاصة و هي تضرب على وتر الدين و العودة به إلى منابعه الأولى فازدهر فكر " الإخوان المسلمين " حتى أصبح من ثوابت الفكر لدى الكثير من المثقفين العرب. هذا الفكر الذي تفرع إلى مذاهب فيها من غالى في التطرف فما يعادي الآخر فقط / الغرب المسيحي مثلا بل وجد حتى في بلاد الإسلام من يكفر و يعلن عليه الجهاد . أمتنا العربية وعالمنا الإسلامي يعيشان في مفترق طرق في هذا الزمن الصعب الذي فقد فيه الإنسان إنسانيته و تغولت فيه بعض الدول / الولايات المتحدة الأمريكية خاصة، على كل بلاد العالم وخاصة على وطننا العربي للاستئثار ببتروله. و لا خلاص لنا إلا في العودة إلى العقل المستنير . يقول المعري في إحدى لزومياته : " ... لا إله سوى العقل مشيرا في صبحه و المساء ". هذا العقل الذي يستلهم من الماضي ما هو صالح لزماننا و يطرح في عالم النسيان ما لم يعد كذلك . /: ألا تلاحظ أن الترويج الإعلامي للأدب في الدول العربية منقوص , حيث أن بعض الدول التي تذخر بالأدباء والمفكرين نجدها تهمل أدباءها ولا تعينهم على المضي قدما في إنجازات أدبية وثقافية تعود بالنفع على المجتمع , بل ويعتبر المسؤولون في بعض هذه الدول أن الأدب والشعر وخلافه من الأمور الهامشية التي لا تسمن ولا تغني من جوع , بل ويعمل الأمن على تقليص أعمال الأدباء ومحاصرتها بفرض رقابة مشددة على نتاجهم الأدبي وكتاباتهم التي تحمل أهدافا سياسية ... فهل يمكن رغم هذه الظروف المعقدة في العالم العربي النهوض بفكر وأدب جديد نستطيع مقارنته بالأدب العربي حين كان المستشرقون ومترجمو العالم يتهافتون لترجمة الكتب العربية والآداب العربية في عصر سابق ؟ في زمن سابق ، منذ بدايات العشرينات من القرن الماضي شهد الأدب العربي في كل فنونه ازدهارا لا مثيل له رغم وجود الاستعمار المباشر الذي كانت ترزح تحت نيره أغلب الشعوب العربية مشرقا ومغربا . فأغلب الشعراء و الروائيين المفكرين الذين تتلمذنا على أياديهم كانوا نتاج ذلك الزمن الجميل . و كان الكتاب رغم كل الصعوبات المادية والمعنوية التي كان يتعرض لها يصل بلاد العرب المختلفة . يصل في أعداد قليلة . ولكنه مع ذلك يصل و يتلقفه المهتمون بالشأن الأدبي لينتقل من يد إلى يد لأن في ذلك الزمن كان هناك احترام للكاتب والكتاب . احترام معنوي فقدناه هذه السنين لأن الأضواء تحولت من الكتاب إلى الراقصات و المغنيات في الكباريهات من جهة والى لاعبي كرة الكرم و مذيعي ومذيعات البرامج التلفزيونية من جهة أخرى . يعني بصريح العبارة أن مفاهيم القيمة تحولت من مسارها الصحيح إلى مسار مغلوط . وليس الأمر مجرد صدفة و إنما هو مخطط له ومدروس من قبل جهات مختلفة داخلية وخارجية . ففي الداخل مثلا يسعد الأنظمة الحاكمة في الدول العربية أن يهتم الجمهور بمقابلات في كرة أو بمهرجان غنائي راقص أكثر من الاهتمام بكتاب قد يجر على هذه الأنظمة ويلات. فهم الآن في حاجة إلى ترقيص الأبدان بطونا و أرجل لا إلى عقول نفكر و تنقد و تعبر عن السخط والرضا. فيصير ميسرا على لجان الرقابة أن تحظر عملا إبداعيا في المسرح والسينما و أن تصادر كتبا في المعرض التي يتجرأ أصحابها على عرض المختلف و الخارج على القانون المسطر من وزارات الثقافة . و كم هي الكتب التي صودرت دون وجه حق سوى أن أصحابها عبروا عن إرادة مقهورة لدى شعوبهم بطرق فنية بعيدة عن الغوغائية و العياط إننا لن نصل بأدبنا العربي إلى العالمية طالما ترجنا رجال لجان الرقابة تتحكم في مصير الكاتب والكتاب لأن أعضاء هذه اللجان حالهم كحال رجال محاكم التفتيش في أوروبا القديمة يبحثون عن أصغر الأسباب ليجهزوا على عمل إبداعي كبير تجرأ على الممنوعات العربية في الدين والسياسة والجنس . أما خارجيا فالفكر المهيمن اليوم على الساحة العالمية هو فكر رجعي متخلف يقوده مفكرون هم في الأصل صنيعة وكالة المخابرات المركزية الأمريكية همهم الوحيد تأكيد نهاية التاريخ و الحديث عن صراع الحضارات و يعزون بذلك الصراع بين الغرب المسيحي و الشرق الإسلامي مما زاد في إلهاب الشعور الديني لدى المواطن البسيط الذي تحول كل شيء لديه الى صراع بين الأيمان والكفر متناسيا أن حقيقة الصراع هو صراع اقتصادي بين الأغنياء و الفقراء ، داخليا وخارجيا . /: كثير من الدول العربية تكبح جماح أي انتشار لأدب من دولة عربية أخرى , فمثلا نجد أن الأدب التونسي قد يقلّص في بلد ما , وأدب دولة عربية أخرى نجد التعاطي معه ضعيفا ولا يخلق امتزاجا إيجابيا فما هي الدوافع وراء ذلك برأيك ؟ انتشار الكتاب بين الدول العربية و فيما بينها شبه معدوم فالتونسي يكاد لا يعرف من كتاب أقرب بلدين إليه : ليبيا والجزائر إلا النزر اليسير فما بالك ببقية الدول و آدابها في الأطراف خاصة . فنحن لا نكاد نعرف شيئا عن أدب اليمن ودول الخليج . و ما هو متداول في المكتبات و المدارس هو الأدب المكرس الذي اشتهر أصحابه بعامل السن أو الشهرة . أما البقية فما من يعلم عنها شيئا تقريبا . و هنا أنا أحدث عمن يجري وراء المعرفة والحصول على الكتاب لا عن عامة الشعب . لأن الشعب الكريم في أي بلد من بلدان العرب هو مغيب حتى عن أدباء بلده . فهو يعرف الفنانين و لاعبي كرة القدم و المهرجين الصغار و لا يعرف أديبا أبلى فكره وعقله في الكتابة على مدى عشرات السنين . كل هذا راجع كما أسلفت القول إلى تهميش الأدب والأدباء لأنهم بالنسبة للحكام رأس الفتنة النائمة تحت الرماد . فمن يحمل النار إلى خزان قمحه يا ترى ؟؟؟ |
/: حسنا , في ضوء هذه المجريات على الساحة الأدبية العربية , ما هو رأيك في الإعلام العربي وتعاطيه مع الأدباء ؟ وهل ترى عدلا في سلوكيات الصحف العربية التي تخصص زوايا أدبية على صفحاتها ؟ صار الإعلام بصورة عامة و الإعلام العربي بصورة أخص تجارة تدر على أصحابها الربح الوفير
حتى أن كثيرا من أصحاب وسائل الإعلام المكتوبة و المرئية صاروا من بين أباطرة المال في العالم و لا أستثني منهم العرب . لذلك صار الإعلامي يجري وراء من يزيده أكثر في مدخراته من الدولارات و الأوروات . لا يهم أن يكون لاعبا مشهورا في كرة القدم أو راقصة مغناجا أو مغنية كاباريه . و لكنه ماذا سيجني من ربح من وراء أصحاب القلم من الكتاب والمبدعين؟ لا شيء تقريبا سوى وجع القلب . لذلك يحرض أصحاب هذه الوسائل الاعلامية في الارتباط و ان فعلوا ذلك في بعض الزوايا الخاصة في جرائدهم ومجلاتهم الى استكتاب من توفرت له الشهرة من الكتاب ليزيد في اقبال القراء على جرائدهم و مجلاتهم و ليزيد في دخلهم المالي لينال هو الآخر من فتاتهم . /: أترى أن المقاييس التي يعتمد عليها النشر هي ذوق محرر الصفحة الثقافية وعلاقاته أم أن القيمة الأدبية الفعلية هي المقياس العادل والوحيد ؟ للنشر في الجرائد و المجلات المعتمدة في البلدان التي تحترم القراء أصولا أدبية و أكاديمية خاصة اذا كان الموضوع المطروق ذا قيمة عرفانية لذلك يحرص المحررون على استكتاب أصحاب الاختصاص أما في بلاد العرب فالأمر مختلف . فيمكنك مثلا أن تكون ذا مال أو جاه أو سطوة أو صديقا لفنانة أو مطرب شعبي أو رياضي مشهور حتى تدلي بدلوك في مثل هذه المواضيع و لو كنت كاتبا من الدرجة الرابعة خاصة وان الكتابة غير مدفوعة الأجر في جل الجرائد والمجلات العربية و إنما هي باب للشهرة لمن يظن أنه حين تظهر صورته في ركن من أركان جريدة ما و لو في الصفحات أنه حاز على قلوب الجماهير . أما عن قيمة ما ينشر فحدث و لا حرج حتى أن أغلب من يحترم نفسه من القراء لا يلتفت إلى الجرائد العربية , إلا القليل القليل منها ليولي شطر وجهه جرائد الغرب رغم ما فيها من وبال على هذه الأمة المنكوبة /: الانترنت والنشر الالكتروني وفرا جهدا كبيرا على الكثير من الكتاب بمختلف تصنيفاتهم, واختلف النقاد حول كتاب الانترنت بل وصل الأمر ببعض النقاد باتهام كتاب الانترنت بأنهم يعبثون أو يخرّبون الأدب.. فهل بنظرك هم على صواب وأن الانترنت حمل أثرا سلبيا على الأدب العربي أم أن لهذه والتكنولوجيا فضلا حقيقيا في دعم وتركيز التواصل الأدبي والفكري والارتقاء بالأدب العربي وليس الانحدار ؟ كثيرا ما كان الكتاب العرب يشتكون من عدم التواصل مع انتاجاتهم . وهذا الأمر صحيح بنسبة عالية لأنه من الصعب على كاتب مغربي مثلا التواصل مع كتاب المغرب العربي فما بالك بكتاب الأطراف كاليمن و عمان مثلا. و لكن الشبكة العنكبوتية و فرت عنا عناء الاتكال على ما تجود به عنا بعض معارض الكتب من إبداعات لهؤلاء الكتاب فأصبحنا بضغطة بسيطة على زر الحاسوب نحل على رغباتنا و من كل أقطار العرب . كما صار بمقدور إرسال نصوصنا حيثما نساء و في طرفة عين . هذه الايجابيات في التواصل لا تحجي سلبيات الأنترنات التي حولت الكل إلى كتاب في القصة و في الشعر خاصة . ف " ما كل من حرك المنشار نجار " و لكن " كل من دخل الانترنت تحول بمفعول هباءاته إلى كاتب يبحث له عن مكان في هذا الجهاز الرهيب . أنا ضد التساهل مع هؤلاء . وكثيرا ما دخلت في مناوشات مع من يتوسل بالانترنت لانتزاع اعتراف بأدبية لا يستحقها . لأن الكتابة واحدة سواء كان الأمر على الورق أو على جهاز ال إن للشبكة العنكبوتية فضل كبير على الأدب العربي خلصته على الأقل من الرقابة المسلطة عليه . و لكن تبقى رقابة أخرى من المفروض أن تتحكم فيمن يتجرأ على هذا الوسيط ألا وهي الرقابة الذاتية التي يجب أن تتحكم في من يريد إبلاغ صوته إلى الآخر فلا ينشر إلا الجيد من النصوص التي تعبر عما بلغه من نضج في الأدب و الحياة . فليس الجرم جرم الأنترنات اذا جعلنا الرديء من الأدب يسيطر على الساحة الثقافية العربية و إنما الجرم فيمن يستعملونها . /: المنتديات على الشبكة العنكبوتية كثيرة جدا , حتى أنها تثقل كاهل الشبكة من كثرتها .. منها الغث ومنها السمين , ما هي مقومات المنتدى السليمة برؤيتك الخاصة وما العوامل التي يجب أن تتوافر في منتدى ما لضمان اعتباره قيّما وحضاريا وليس انحداريا ؟ المنتديات الأدبية على الشبكة العنكبوتية صارت الآن شرا لا بد منه . لماذا قلت " شرا " و لم أقل " خيرا " لا بد منه ؟ لأنها و ببساطة كبيرة عمت الأمكنة والأزمنة و انتشرت كما لا يمكن للانتشار أن يكون كانسة في طربقها كل يمكن له أن يعرقل امتداداتها . فكل من توفرت له الفرصة الأدبية و المادية خاصة خاض التجربة . و على كل فليس كل ما فيها رديء يل العكس تماما فهناك من المنتديات ما يشرف الأدب والفكر العربيين و هي خاصة تلك التي لا تتيح امكانية النشر على صفحاتها لكل من هب ودب .و إنما تطلب الأعمال الأدبية لتقرأ أولا ثم لينشر منها ما يستحق النشر . ذلك أن الكاتب نرجسي بطبعه يظن أنه حين يحبر نصا أنه أتى بما لم يسبقه إليه الأوائل و لو كان في نظر الآخرين لا يستحق أن تضيع من أجله دقيقة واحدة من وقتك. أما الإيجابي في هذه المنتديات فهو أنها تفسح امكانية للتلاقي بين الأدباء من المحيط إلى الخليج و تمكن متصفحها من القراءة لمن كان يحلم بالوصول إليه مجرد الحلم كما تمكن النصوص الجميلة من الانتشار بسهولة ويسر دافعة الباب في وجه الرقابة التي طالما منعت الكتاب من الانتشار . من الواجب إذن على من ينشئ منتدى على هذه الشبكة أن يوفر له عوامل النجاح كأن يجمع حوله لجنة للقراءة والتقييم و أن لا يترك الباب على مصراعيه لكل من هب ودب |
/: الأستاذ ابراهيم , على صعيد الترابط الوثيق ما بين الدراما السينيمائية والتلفزيونية والأدب نلاحظ في الآونة الأخيرة مثلا تنافسا حادا ما بين الدراما المصرية والدراما السورية مما خلق أجواءاً رائعة وأعمالا مميزة تركت أثرا في ذهن المشاهد , فهل يمكن خلق تنافس إيجابي مماثل في الأدب ما بين دولة عربية وأخرى يسوده النقاء الفكري والتنافس النزيه في طور الارتقاء بالأدب العربي عامة , أم أن الأجواء السياسية والتناحرات والتجاذبات ستكون هي العامل المسيطر حتى على هذا المجال وتخرب المضي والنجاح فيه ؟
ما هو ممكن في الدراما قد يكون صعب التحقق في المكتوب . لأن الدراما تمس الجميع فهي موجهة إلى الجمهور العريض من بشر هذه الأمة . يشاهدها الكل لأنها سهلة العبور إلى وجدان المتلقي مثقفا كان أو أميا . و لا أدل على ذلك من أن المسلسلات السورية الآن كما كان حال سابقاتها المصرية إلى عهد قريب يتسابق إلى مشاهدتها الجميع بدون استثناء . أما عن الكتاب فحدث ولا حرج لأننا أولا أمة لا تقرأ فنحن من أضعف خلق الله في ميدان القراءة و سجلات اليونسكو تضعنا بعد الأفارقة في ميدان انتشار الكتاب ثم زد على ذلك الحواجز المادية والمعنوية بين شعوب هذه الأمة التي يضعها الحكام وتشريعاتهم في وجه الكتاب . فها هذه الأجواء السائدة الآن قادرة على تسهيل مرور الكتاب بين الأقطار العربية ؟ أنا شخصيا لا أظن ذلك . لأن إمكانيات انتشار الكتاب الورقي بين أبناء هذه الأمة كان أسهل عندما كان الكتاب يخط على الجلد و ما شابهه في الزمن القديم . فما يكتب في بغداد يصل إلى قرطبة و ما يكتب في القيروان يقرأ في دمشق وما ينشر في القاهرة يصل إلى صنعاء . و التعويل الآن على هذه الشبكة العنكبوتية في إيصال الأصوات الأدبية الجميلة إلى ديار العرب . إذا عرفنا كيف نتدبرها . /: الحكام , الحكام , الحكام , مسبب وسبب لكل ما نعانيه ! , يا ترى حقا هم كذلك أم أنهم الشماعة التي تعلق عليها الشعوب فشلها في التحدي والارتقاء برأيك أستاذ ابراهيم ؟ أخي الكريم " كيف تكونوا يولى عليكم ". و نحن في المجتمعات العربية من المحيط إلى الخليج, لا أستثني أحدا نعاني من مشكلة هي كيف نحول هذه الأرض العربية المسكونة بدكتاتورية حكامها إلى شبيه ببعض الدول الإفريقية أو دول أمريكا اللاتينية مثلا التي افتكت شعوبها حرياتها من حكامها . فالكل يعرف الآن مثلا أن في دولة " السينغال " الإفريقية ديموقراطية وليدة . و أن دولا كثيرة في أمريكا اللاتينية التي عانت من أبشع أنواع الديكتاتورية تنعم الآن بالديموقراطية. و لكن في بلداننا العربية يزداد الأمر سوءً يوما بعد يوم . فبعدما عشنا عصر الرؤساء على مدى الحياة حتى نهاية الألفية الماضية . دشنا الألفية الجديدة بما أصبح يسمى عصر " الجمالك " حيث يورث الحكم الى أبناء الرؤساء . ولا من يرفع صوته بقول لا . بل أكثر من ذلك تشرع مجالس النواب نواب الشعب " لهذه الممارسات الجديدة!! وقد عشنا التجربة في سورية و هي قابلة للتحقق في مصر و ليبيا مثلا . هنا سيطرح سؤال و أين هي جماهير الأمة التي تقول : لا ؟ و يأتي الرد من قلب مفجوع : هذه الجماهير مخصية لا تقدر على رفع الرأس لتقول "لا " أكبر من جبل . لأن من يقولها لن ينام في فراشه مرة أخرى . لأن رجال الأمن المستنفرين على مدى الساعة صاروا أكثر من الهم على القلب. و لأن المؤسسات الديموقراطية التي جعلت لتدافع عن الحريات العامة في بلاد العرب و لدت مية . /: إذن بنظرك صمت الشعوب على تداعيات ما يفعله بهم الحكام يجعلهم بمثابة ضحايا أم مجرمين ؟ ما رأيك لو قلنا أن الشعوب هي التي تصنع الطاغية ؟ الشعوب ضحايا من جهة لأن القهر المسلط عليها منذ بدايات التاريخ العربي يجعل منها شعوبا هشة غير قادرة على المواجهة العربية العربية لأن كثيرا منها واجهت أعتى قوى الاستعمار الفرنسي والإنجليزي و الأمريكي الآن مثلا . و قدمت هذه الشعوب آلاف الشهداء و مازالت تقدم إلى الآن في العراق و فلسطين يوميا الشهداء الكثر و لكن أغرب ما نعيشه هو سكوتها عن حكامها . و هو لعمري السؤال الصعب الذي ما قدرت على إيجاد الجواب عليه . و هم مجرمون بصورة من الصور لأن الحرية لا تهدى وإنما تطلب بالطرف الديموقراطية أولا فإن لم نحصل عليها طلبناها بالنار والحديد. و هنا يسكت الصوت العربي عن الكلام المباح فيسهل على الحكام الاستمرار في حكمهم إلى ما لا نهاية و بحولهم من أصحاب " حق " دنيوي الى أصحاب " حق " الاهي . و الساكت على الحق مجرم في حق نفسه أولا ثم قي حق الأجيال القادمة أخيرا /: ولكن الحكام يا سيدي وجدوا من يضعهم في مصاف الآلهة فكانوا كذلك، وجدوا من يركّبهم على ظهره , أيرفضون ذلك ؟ أمة تسكت على ظلمها وتصنع الجبروت والسيف لطاغية يحكمها هي أمة تستحق أن تظلم , أليس كذلك من وجهة نظرك ؟ ليس الأمر على هذه الشاكلة . ففي كل مكان من العالم يستطيب الجلوس على كرسي الحكم . و لكننا في دنيا العرب حين نجلس على الكرسي و لو كان كرسيا لأصغر مؤسسة فإننا لا نقوم منه إلا بشكل من أشكال الموت . و ليس الأمر في أن الشعوب تركب حكامها على ظهورها و إنما في أن هؤلاء الحكام يركبون الشعوب رغما عنها . فهم يصلون السلطة و هم يعدون بأنهم سيملأون الأرض عدلا بعدما ملأت جورا . و لكنهم يملأون الأرض جورا مرة أخرى حتى يأتي من يعد بوعودهم مرة أخرى . و هكذا دواليك, الحبل على الجرار . و الشعوب المسكينة تتناسى بيتا زعم أن عنترة العبسي قاله منذ أكثر من ألف وخمسمائة سنة : و إذا بليت بظالم كن ظالما * و إذا لقيت أخا الجهالة فاجهل . هل تستحق الشعوب العربية هذه التعاسة ؟ أبدا . فأمة جابهت تتار العهود الغابرة و مازالت الى الآن تجابه تتار العصر الجديد / الأمريكان لا تستحق أن تركب من أهلها كما تركب الحمير . /: حسنا , دعنا نعود لأفلاك الأدب وسؤال يؤرق الكثيرين حول الخلاف بين رواد مدرسة النثر ومدرسة الشعر، فهل كلاهما على حق , أم أن كل طرف يعطي نفسه أحقية ما ويصادرها من الآخر ؟ ولماذا يعيب شعراء النظم على النثّار إبداعاتهم إن كان النثر عالميا فرض نفسه و قد أبدع كتاب النثر في كتاباتهم والأمثلة كثيرة , بودلير , طاغور , إدغار آلان بو , وغيرهم الكثير الكثير , فلماذا لا يدخل العرب المجال العالمي في النثر أيضا وأين مشكلة المحتجين على هذا اللون من الأدب برأيك ؟ .. الأمة العربية هي بالأساس أمة شعر لأننا قوم سماعة أكثر منا قراء . فمنذ ما سمي " بالعصر الجاهلي " و العرب يسمعون الشعر و يطربون له . أما السرد فهو مكمل لا أكثر و لا أقل . لذلك اشتهر من الشعراء الكثير بينما ظل ذكر من كتب في السرد القليل القليل باستثناء الست شهرزاد رحمها الله . أما في العصر الحالي فالأمر مختلف بعض الشيء لأن الشعراء و الساردين يتقاسمون الإهمال إلا من رحم ربك. ففي زمن علت فيه الصورة فوق الصوت علا فيه سهم الفنان و الرياضي فوق سهم المبدع شاعرا كان أو ساردا و قل الاهتمام بالاثنين. و مع ذلك ظل الاختلاف كبيرا بين من يكتبون حول تثمين هذه الكتابة خاصة بعدما صرح ناقد مصري مشهور بأن هذا الزمن هو " زمن الرواية " و لكن الحقيقة في بلاد العرب تظل غائبة لأن العرب كما قلت قوم لا يقرأون . إذ بينما تطبع من كتابات أصحاب نوبل مثلا في كل بلاد العالم بمئات الآلاف بل حتى بالملايين من النسخ تظل روايات محفوظ تطبع في بضع آلاف فقط لا غير . و بينما تترجم كتابات المبدعين خارج بلاد العرب إلى لغات العالم المشهورة لا يترجم العرب من إبداعاتهم إلا أقل من القليل . لكل ذلك لن يكتب للإبداع العربي الانتشار عالميا خاصة وان إهمال وزارات الثقافة لموضوع الترجمة لا يختلف فيه اثنان . و الترجمة هي البوابة التي يمر منها الإبداع إلى العالمية . /: هل تتفق معي في الشعور بأن هنالك من يسعى لطمس إبداع الغير وينصب نفسه وصيا على الأدب والكتّاب دون أن يكون أهلا لذلك ؟ هل صادفتك أمثلة كهذه أستاذ ابراهيم ؟ وماذا تقول لهؤلاء ؟ وما هي رسالتك للمبدعين العرب في كافة المجالات الأدبية ؟ مشكلة الإبداع العربي تتمثل في أن القائمين على الشأن الثقافي في بلادهم لا يقدرونه حق قدره . فقد انحدرت قيمة الكتاب مقارنة بغيرهم و لذلك هيمنت البيروقراطية على الميدان. و البيروقراطية الثقافية في بلاد العرب هي من تحوز على الأوسمة و الجوائز إذا أعطيت عكس بلاد العالم الراقي الذي يعتبر الموظف في ميدان الثقافة موظفا كغيره . يقوم بواجبه الإداري لا أكثر و لا أقل . هذا من جانب . أما من الجانب الآخر فالتحاسد و التباغض بين الكتاب معروف لدى الخاصة والعامة منذ أقدم العصور العربية . و في كثير من المرات كانت الدسائس وراء إعدام كثير من المواهب لأننا لا نؤمن بأن القمة تسع الجميع . فيما يخصني تعرضت لبعض هذه العراقيل التي قرأت نصا بعين واحدة خاصة و أنا أكتب في مواضيع حارقة سياسية ودينية وجنسية مما عرض بعض نصوصي القصصية والروائية إلى الحجز و المنع من التداول . يبقى علي أن أقول لمبدعي العربية أن أمتنا تمر بزمن صعب و بما أن الكتاب هم من يؤثر إن آجلا أو عاجلا في مصير أممهم فإن عليهم أن لا يخونوا أمتهم و أن يكونوا الطليعة التي ترفع صوتها عاليا لتذكر بأن الأمة العربية ستعيش : رغم الداء و الأعداء . |
حوار مع تشيكوف العرب فى القصة القصيرة
محمود البدوى:D |
![]() * ولد محمود البدوى فى قرية الإكراد مركز أبنوب بمحافظة أسيوط فى الرابع من شهر ديسمبر سنة 1908 . * كان والده عمدة القرية ، ووالدته ابنة عبد المنعم التونى عمدة قرية اتليدم مركز ملوى بمحافظة المنيا "وكانت القرية تقع فى آخر حدود مديرية أسيوط". * توفيت والدته وهو فى السابعة من العمر ، وكانت هى فى الثلاثين من عمرها * قضى طفولته كلها فى الريف حتى حصل على شهادة الابتدائية من مدرسة أسيوط . * التحق بالمدرسة السعيدية الثانوية بالجيزة وكان حريصا على قضاء كل إجازاته مع الفلاحين . * التحق بكلية الآداب بالجامعة المصرية إبان عمادة الدكتور طه حسين لها ، وترك الدراسة وهو فى السنة الثالثة قسم اللغة الإنجليزية وآثر أن يثقف نفسه تثقيفا ذاتيا ، فقرأ الأدب القديم والحديث ، والآداب الأجنبية بلغتها الأصلية. * دخل الحياة الأدبية لأول مرة من خلال نقل الآداب الأجنبية إلى اللغة العربية ،ونشرها فى مجلة الرسالة التى كان يصدرها الأستاذ أحمد حسن الزيات منذ السنة الأولى لصدورها عام 1933 . * سافر إلى أوربا الشرقية قبل الحرب العالمية الثانية عام 1934 وعاد من هذه الرحلة متفتح المشاعر للكتابة وكتب رواية قصيرة باسم "الرحيل" . *ساهم اسهاما حقيقيا فى التعبير عن آمال الشعب فى تغيير واقعه منذ صدور قصته الرحيل عام 1935 . * تناول حياة الريف والفلاحين وصور طباع أهل الصعيد وأخلاقهم فى محاولة منه للنفوذ إلى أعماق الفلاح المصرى وتبرير تخلفه وما يعانيه من قسوة الاقطاع . وبلغت قصصه التى كتبها عن الريف والفلاحين فى الصعيد تسعة وثمانون قصة . * أدى دوره الوطنى بكتابة بعض القصص القصيرة فى المناسبات الوطنية والكفاح ضد الاستعمار الإنجليزى وحروب 1948 و 1956 و1967 و 1973 . * كتب ما يزيد على 389 قصة نشرت جميعها بالصحف والمجلات المصرية بالإضافة إلى المجلات المتخصصة كالرسالة والقصة والثقافة والأديب والهلال والمجلة والعصور والرواية ، ولا يدخل فى هذا الحصر القصص التى نشرها بالصحف والدوريات العربية حيث لم يمكن حصرها " أنظر الببليوجرافيا الملحقة بكتاب سيرة محمود البدوى .. بقلم على عبد اللطيف وليلى محمود البدوى .. مكتبة مصر 2002 " و " محمود البدوى والقصة القصيرة بقلم على عبد اللطيف .. مكتبة مصر 2001" * صور بعض قصصه خلال رحلاته فى أوربا واليونان وتركيا ورومانيا والمجر والهند والصين وهونج كونج واليابان وسوريا وبانكوك وروسيا والجزائر والدنمرك ، وهى البلاد التى حركت مشاعره وأثر أهلها فى عقله ووجدانه . * له كتاب واحد فى أدب الرحلات عن رحلته إلى الصين واليابان وهونج كونج "مدينة الأحلام" (الدار القومية للطباعة والنشر 1963). * كان كثير الأسفار فقد طاف بأوربا وآسيا وبعض البلاد العربية والافريقية فى رحلات ثقافية وغير ثقافية وانعكس أثر هذه الأسفار عليه ككاتب يؤمن بالإنسان ويهتم به فى كل بقاع الأرض وصوره فى كتاباته . * أطلق عليه بعض النقاد والدارسين لقب "تشيكوف العرب" ولقب "راهب القصة القصيرة" ولقب "فارس القصة القصيرة"وآخر من لقبه بلقب تشيكوف القصة المصرية هو الأديب العالمى نجيب محفوظ فى الحوار الذى أجرى معه بصحيفة القدس العربى بعددها الصادر فى 3|1|2004 *الكاتب العربى الوحيد الذى تقابل مع العالم النفسى الشهير " سيجموند فرويد " فى النمسا أثناء زيارته لها فى سنة 1934 والتصق به فترة غير قصيرة " من كتاب محمود البدوى والقصة القصيرة .. للكاتب على عبد اللطيف .. الناشر مكتبة مصر 2001 " ومن كتاب " سيرة محمود البدوى للكاتبين على عبد اللطيف وليلى محمود البدوى .. الناشر مكتبة مصر 2002 " |
حوار مع محمود البدوى
![]() حرفة الأدب معاناة أولاً * على الجيل الجديد أن يأخذ نفسه بالجدية والصبر * قرأت ـ دون مبالغة ـ جميع كتب التراث التى صدرت * النقد .. منذ عشرين عاما لا يؤدى دوره المطلوب * عنـــوان الدوريـــة : صحيفة الوطن أجرى الحوار الناقد : إبراهيم سعفان تاريخ النشــــــر : 3/8/1981 الكاتب الحقيقى هو الذى يكتب كلمته لتصل إلى القارىء ، غير آبه بما يعترض طريقه من شوائب ، لأن التقدير والخلود الحقيقيين للكلمة الجيدة وتقدير القراء ليس لأنصاف الموهوبين الذين تطنطن لهم أجهزة الاعلام والصحافة ، وفى النهاية نخرج بطنطنة بلا طحن .. والأستاذ محمود البدوى من الذين يدركون هذه الأمور جيدا ، ولذلك قبع فى محرابه يكتب ، عازفا عن الأضواء ، محجما عن الأدلاء بأى حديث أدبى .. ولكن .. رغم معرفتى بطبع البدوى هذا .. عقدت عزمى على اجراء حوار معه .. فأخذت أحوم حول الفكرة بدءا فى لقاءاتى معه المتكررة .. ويتأخر التنفيذ .. وأخيرا قررت أن أفصح عن رغبتى فى اجراء حديث معه ليفتح قلبه وعقله لقرائه الذين يحبونه .. وكانت دهشتى وكانت فرحتى .. عندما خصنى بهذا الحديث .. ومحمود البدوى أثرى المكتبة العربية باثنين وعشرين عملا قصصيا هى : الرحيل 1935 ـ رجل ـ فندق الدانوب ـ الذئاب الجائعة ـ العربة الأخيرة ـ حدث ذات ليلة ـ العذراء والليل ـ عذراء ووحش ـ الزلة الأولى ـ الأعرج فى الميناء ـ غرفة على السطح ـ صقر الليل ـ السفينة الذهبية ـ مدينة الأحلام ( كتاب فى أدب الرحلات ) ـ الباب الآخر ـ صورة فى الجدار ـ الظرف المغلق صدر عام 1980 .. والبدوى استطاع بقدرته الفنية أن يكون نغمة متميزة عن أبناء جيله .. فقد انتقل بالقصة القصيرة من فجاجة الرومانسية والواقعية الهاتفة إلى الواقعية المعبرة بصدق عن الواقع المعاش .. ولم يكتف بتصوير الحدث فقط ولكنه يضمنه رأيه ونظرته النقدية فنحى منحى الواقعية النقدية .. كما أنه أنقذ الواقعية من مهاوى الأسلوب الأدبى السلس .. والتصوير الدقيق .. واهتم البدوى أيضا بتصوير العلاقة بين الرجل والمرأة ونوعية العلاقة العاطفية بينهما .. س ـ اتسم عصرنا بالسرعة ، فما أثر ذلك على القصة القصيرة والشعر ، وأثره على الإنسان .. ![]() ج ـ بالنسبة للعصر فهو يتسم بالسرعة ، والطبيعة الآن تقتضى السفر من بلد إلى بلد حتى أننى سمعت عالما مصريا يقول أن جميع قراءاته فى الطائرات ، لأنه ليس عنده وقت اطلاقا لقراءة أى شىء فى البيت أو المكتب . فبداهة يقتضى أن يكون الكتاب صغير الحجم ، لأن حجم الكتاب الكبير كما كان موجودا من قبل لايطابق مقتضى الحال .. فكلما عرضت فكرة بأسلوب مختصر كان ذلك أوقع عند القارىء من أن يقرأ هذه الفكرة فى كتاب 500 أو 600 صفحة .. وبالمثل الشعر .. فيمكن للإنسان أن يطالع القصيدة كما يطالع القصة القصيرة فى زمن أقصاه نصف ساعة .. أما الرواية فتقتضى أياما بلياليها ، ولكن لا يمنع اطلاقا هذا من وجود الرواية .. وهناك فرق بين الرواية والقصة القصيرة ، فالرواية تعرض الموضوعات باسهاب وشرح ، أما القصة القصيرة فتعتمد على التركيز المطلق والتكثيف وتتتطلب من القارىء الذكاء ، أما الرواية فلا تتطلب ذلك ، فالإنسان يستطيع أن يقرأها حسب مدارك فكره لأنها مشروحة ومبسطة .. س ـ نشوب العلاقة بين الشبان والرواد جفاء ، ونلقى بعض الادعاءات من الشبان ضد الرواد ، فما رأيك فى ذلك .. ![]() ج ـ المعاناة فى النشر مرت على كل أديب .. فعندما كنا فى سن الشباب ، مرت علينا فترة معاناة فى النشر أكثر مما يعانيه جيل الشبان اليوم .. ولكن كنا نتغلب على هذه الصعوبات بطبع الكتاب على نفقتنا الخاصة بسهولة لأن التكاليف كانت رخيصة وفى مقدور كل انسان أن يقدم على طبع الكتاب على نفقته الخاصة ، أما الآن أصبح مستحيلا وصعبا على الجيل الموجود حاليا أن يطبع الكتاب على نفقته الخاصة .. وأود أن ألفت النظر إلى أن الجيل القديم أيام أحمد أمين والزيات لم يكونوا يعتمدون اعتمادا مطلقا على الدولة ، فالزيات أخرج الرسالة وحده ولجنة التأليف والترجمة والنشر أخرجت كتبا عديدة تعتبر قمة الكتب الأدبية ، كما أصدرت مجلة الثقافة دون اعتماد على قرش واحد من الدولة .. وتعتبر هذه المجلات من العصر الزاهر للأدب فى مصر ، فقد كانت توزع الألاف المؤلفة لدرجة أن مجلة الرسالة كان لها 7000 مشترك فى العراق .. هذا الجيل لم يكن يتصور أن الطريق سهل ومعبد ، ولكن عشقهم للأدب الذى يجرى فى دمائهم كان يدفعهم إلى التفانى فى العمل والاخلاص له ، فأحمد أمين والزيات مثلا كان يجلس كل منهما يوميا من الساعة التاسعة صباحا إلى الساعة الواحدة بعد منتصف الليل .. كان هذا نتيجة حبهم الشديد للأدب وتفانيهم فى خدمته .. هذه صورة من الجيل القديم .. أما الجيل الحديث يتصور أن الدولة يجب أن تعبد له الطريق وتجعله مشهورا فى مدى ثلاثة شهور حتى يسير فى الشارع فيشار إليه البنان .. وهذا أمر عجيب .. حرفة الأدب لمن يحترفها معاناة أولا ومشاركة للناس فى همومها ومعاناتها مشاركة خالصة بصدق .. فعلى الجيل الجديد أن يقرأ ويقرأ .. للأساتذة السابقين ليكتسبوا الخبرة منهم بدلا من أن يقرأ بعضهم لبعض .. ولى كلمة صغيرة للجيل الجديد أن عليهم أن يأخذوا انفسهم بالجدية والصبر ، فالأدب يتطلب الكفاح الشديد حتى يثبت الإنسان نفسه وسط العدد الهائل من كتاب القصة فيظهر ويأخذ مكانه .. س ـ كان للصالونات الأدبية دورها فى الحياة الأدبية فى مصر .. هل الجمعيات الأدبية والنوادى الموجودة الآن تحل محل الصالونات وتقوم بالدور الذى كانت تقوم به .. ![]() ج ـ الصالونات الأدبية كان لها دور كبير ومؤثر .. فصالون مي مثلاً كان ينبض بالحرارة لأن صاحبة الصالون كانت جميلة ، وكان كل أديب من الأدباء يتردد على هذا الصالون يتصور أن مي تخصه بعواطفها ، فكان يتبارى كل أديب فى عرض أحسن ما عنده .. فكان لهذا تأثير كبير فى تنشيط الحركة الأدبية فى ذلك الوقت .. أما الجمعيات الأدبية الآن مع كثرتها لا تؤدى هذا الغرض وليس لها التأثير الذى كان فى مطلع القرن العشرين .. فالصالون الأدبى خرج منه مصطفى صادق الرافعى والعقاد والمازنى وطه حسين .. أما الجمعيات الأدبية الموجودة الآن ، فليس لها قوة الصالونات التى دفعت هؤلاء الكبار إلى التجديد فى أعمالهم .. ورغم هذا أشير إلى دور نادى القصة فى ابراز بعض المواهب الجيدة ، ولكنها مع الأسف لم تواصل السير فى الطريق .. |
س ـ ما رأيك فى موقف النقاد من الانتاج الأدبى ، وبماذا تعلل عدم متابعتهم لهذا الانتاج ..
![]() ج ـ أحب أن أقرر أولا أنه من المفروض أن يكون لكل صحيفة أديب متخصص للنقد ، ولكن للأسف هذا غير موجود فى جميع الصحف التى تصدر فى مصر .. وترتب على ذلك وجود الصداقات والعواطف الشخصية فتكونت الشللية ، ووجد مجموعة من النقاد أصحاب الايديولوجيات يجتمعون فى أماكن لهم ويقررون هذا الكتاب نكتب عنه وهذا الكتاب لا نكتب عنه ، فيقاطعونه مثل مقاطعة دول الرفض تماما .. وأحيانا يصدر كتاب فيقدمه صاحبه لناقد صديق ، أو له صلة شخصية به ، ويطلب منه بالحاح أن يكتب عنه .. وأحيانا يكون المؤلف نفسه هو الكاتب والناقد للكتاب .. مثل هذا بالطبع لا يسمى نقدا .. وترتب على ذلك أن دخلت الكتب فى تيه ودوامة ، وأصبح القارىء لا يعرف الغث من الجيد .. فالنقد بهذه الصورة منذ عشرين عاما لايؤدى دوره المطلوب منه .. فالمازنى مثلا كان ينقد فى البلاغ ، والعقاد كان ينقد فى الأخبار وكوكب الشرق ، وكذلك زكى مبارك ، فهؤلاء الفطاحل لم يميزوا بين كاتب وكاتب سواء كان كبيرا فى السن أو صغيرا أو مشهورا أو غير مشهور .. فكنا نرى المعارك الحامية بينهم ، فقد حصلت معركة حامية الوطيس فى النقد بين العقاد ومصطفى صادق الرافعى ، معركة ليس لها مثيل لدرجة أن مصطفى صادق الرافعى كان يشوى العقاد على " السفود " .. س ـ بمن تأثرت من الشخصيات ، وما هى الكتب التى كان لها أثر فى تكوين شخصيتك الأدبية .. ![]() وحدثنا عن رحلتك الأدبية .. ج ـ قرأت دون مبالغة جميع كتب التراث التى طبعت فى مصر ، وأنا طالب قرأت الأغانى وصبح الأعشى وعيون الأخبار والأمالى .. وعندما صدرت مجلة الرسالة سنة 1933 كنت أستطيع إلى حد ما الترجمة من اللغة الإنجليزية ، فترجمت قصصا لتشيكوف ومكسيم جوركى وموبسان وبعثتها للزيات فنشرها جميعها فى السنة الأولى للمجلة .. وبعد رحلة إلى أوربا كتبت كتابا صغيرا يسمى " الرحيل " وطبعته على نفقتى الخاصة ، وبدأت بعد هذا الكتاب أؤلف القصص ، وكان معى مجموعة صغيرة تسمى " رجل " وذهبت بها للأستاذ الزيات وكان يعرفنى مترجما .. لأنشر عن هذا الكتاب اعلانا صغيرا فى مجلة الرسالة ، فسألنى عن مضمونه فأخبرته به .. وقلب فى الكتاب فوجد قصة باسم " الأعمى " فطلب منى تلخيصها بايجاز ، فعرضت عليه لب الفكرة ، فسر بها جدا ، وقال تسمح لى بنشرها فى المجلة .. ونشرها فعلا على عددين ، وقد تلقيت وتلقى الزيات أيضا كثيرا من المكالمات والرسائل من القراء حول هذه القصة وسلمنى هو هذه الرسائل ، وحدثنى عن المكالمات ، وهذا يدل على خلق الرجل وتشجيعه لشاب فى أول مراحل حياته الأدبية .. بدأت بعد هذه القصة انقطع عن الترجمة للزيات وأكتب قصصا مؤلفة .. وتأثرت فى قراءاتى بأسلوب المازنى واعتبره أستاذى ، ومن ناحية التكنيك والبناء القصصى والتركيز وطرق الموضوعات الانسانية البحتة التى تهز مشاعر القارىء من تشيكوف ، ثم الواقعية بصدق دون افتعال للحوادث .. والاعتماد المطلق على ذكاء القارىء .. فأنا أعرض الشخصية بخيرها وشرها كما هى فى الحياة دون وعظ فأنا لست واعظا .. وأنى أعتقد يقينا أن كل إنسان يكتب بصدق وايمان واخلاص لفنه لابد أن يعيش مهما تكن الظروف والمعوقات ، أما السياسة فإنى العنها وألعن الف مرة مشتقات هذه الكلمة ، ولقد قضيت حياتى بعيدا عنها .. وقد لعنها من قبلى الإمام محمد عبده .. وأنا لا أكتب قصة وأجعل بطلها وفديا أو دستوريا أو حزبا وطنيا أو غير ذلك .. إنما أكتب القصة بطلها مصرى خالص لمصر وقد كتبت كثيرا من القصص الوطنية أيام الاحتلال البريطانى كما لعنت اليهود فى غاراتهم على المدن المصرية وقتلهم الأطفال والنساء وتخريبهم للبيوت فى السويس وبور سعيد والاسماعيلية .. س ـ كتبت عن المرأة أماً وزوجة وعشيقة ، وكانت نظرتك لها إنسانية ليس فيها تجنى ، فما سبب ذلك .. ![]() هذه النظرة إلى المرأة طبيعية بحكم تكوينى باعتبارى أننى ريفى صعيدى هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى إن الإنسانية متغلغلة فى دمى وهذا لا يجعلنى انظر إلى المرأة غير هذه النظرة .. وأعتقد أن المرأة فى المجتمع الشرقى مظلومة ، وهى لم تتحرر ولم تأخذ مكانتها إلا على مدى سنوات قريبة ، وقد كانت فى العصور الأولى ، لاتعتبر أكثر من أداة متعة ، أما الإسلام فقد حرر المرأة وأوجد لها مكانتها فى التاريخ ، ولقد كان منها من يقاتل فى عصر النبى ، ويضمد الجرحى ويخطب ويناقض عمر بن الخطاب فى تشريعاته ، ولكن بعد الخلافات الشديدة التى حدثت بين العباسيين والأمويين والانتكاسات التى حصلت بعد مقتل الحسين ، تدهورت حالتها فى هذا الجو الكئيب من الفتن والدسائس حتى أصبحت جارية تباع وتشترى .. وبالنسبة لمصر طبعا بدأت الانتفاضة بالنسبة للمرأة بعد عصر قاسم أمين ، فقد دافع عن المرأة دفاعا حارا وبين مكانتها فى صدر الإسلام وفى عهد الخلفاء الراشدين وتأثيرها على من بعثوا الثقافة إلى أوج عزها فى عصر هارون الرشيد والمأمون .. وطبعا لاقى قاسم أمين الاعنات من بعض المتخلفين وذوى العقول الجامدة ، ولكنه انتصر ، وظهر انتصـاره عندما بدأت السيدة هدى شعراوى وعائشة التيمورية .. وبعد ذلك حدث تطور سريع ودخلت الفتاة المصرية الجامعة لأول مرة .. هذه نظرة تاريخية على دور المرأة والظروف التى مرت بها .. وجد الأدب فى هذه الظروف فقد كانت المرأة تصور وخيال ، حيث لم يكن هناك اختلاط كلى بالمرأة إلا بعد أن خرجت إلى العمل فى الأربعينيات وأصبحت موظفة فى كل مرافق الدولة .. فأصبحت بذلك تجربة الأديب بالنسبة للمرأة حية وصادقة .. وأشير أيضا إلى أن الاحتلال البريطانى ووجود الأجانب فى مصر أدى إلى وجود البنسيونات والغرف المفروشة ولم تكن موجودة من قبل .. وقد ظهر أثر البنسيونات فى قصصى لأنى عشت سنين طويلة فى هذه الغرف باعتبارى طالبا وحيدا فى القاهرة .. س ـ ما هى أحب المجموعات القصصية إليك .. ولماذا . ![]() ج ـ العربة الأخيرة ، والذئاب الجائعة ، وزوجة الصياد ، والسفينة الذهبية .. لأنها كتبت فى جو كنت فيه مستريح النفس نسبيا ، وكثير من هذه الشخصيات فى هذه القصص لامست حياتها وظروفها المعيشية بنفسى عن تجربة خاصة ، ومع أن كل ما كتب أعتقد فيه الصدق ، ولكن فى هذه الكتب كان الصدق واضحا .. ========================= |
حوار مع الروائية المغربية ... مليكة مستظرف :D
|
![]() المغرب ـ منى وفيق : فراشة تهرب من مساحات الإحتراق المهولة الّتي تطوّقها .. معطوبة أحلام أخرى .. و أنثى القهر بامتياز!!كذا كان تصوّري عن مليكة مستظرف قبل أن ألتقيها .. و التقيتها .. حدّثتها و كدت أجزم أنّها ليست تلكم الكاتبة المغربيّة الّتي قرأت عن معاناتها الكثير. تسرّ لك مليكة بهمس حالم عن أحلامها في السّّينما و المسرح و الكتابة . تتحدّث بفم ممتلئ .. ثرثارة هي و مولعة بالتّفاصيل .. لكأنّها تريد أن تختزل حديث العمر في يوم . تجيبك بعفويّة و خفّة دم مميّزة . تثيرك بهدوئها الّذي ما يفتأ يتحوّل لبركان من الحمم لو حاولت نقل نميمتهم المستفزّة لها .. و أخيرا لا تملك إلاّ أن تتّفق مع الشّاعر المرحوم الطّوبي و تقول أنت الآخر : " مليكة .. أنت قوّة الفراشة .. و قوّة الفراشة في هشاشتها لذلك فهي تطير !! فى نظرك لم يرفض البعض تأنيث الإبداع ؟ يجب أن نعترف أنّ الأصول الأولى للحكي هي للأنثى . حكايات الجدّات شهرزاد ولكن لظروف تاريخيّة هيمن الرّجل على هذا الفنّ واستحوذ عليه . وكلّ ما يحدث الآن هو أنّ المرأة بدأت تحاول إعادة الأمور إلى نصابها واسترجاع شيء هو في الأساس ملكها .ومع ذلك في اعتقادي يجب أن ننظر للأدب كأد ب دون أن نقسّمه على أساس بيولوجي ( ذكر- أنثى) .لماذا في الأدب بالذّات نصرّ على تقسيم الأدب (نسائي –رجالي) لماذا لا يحدث هذا في الهندسة مثلا .فنقول هندسة رجاليّة وأخرى نسائيّة؟! - هل الإبداع هو المدخل الحقّ للحياة؟ الإبداع هو الخلق !! هو الحياة نفسها!! - إلى أيّ مدى عرّت مليكة مستظرف روحها الجريحة على بياض الورقة؟ رواية جراح الرّوح والجسد تحمل ملامح السّيرة الذّاتية . يظهر ذلك من خلال استعمال ضمير المتكلّم .وما أريد توضيحه هو أنّ ضمير المتكلّم هو ضمير لا شخصيّ باعتبار أنّ الكاتبة لم تعش هذه الأحداث .قد تحمل السّاردة نفس ملامحي لكنّها ليست بالضّرورة أنا .لابدّ للكاتب أن يتواجد بطريقة أو بأخرى داخل نصوصه .ليس سهلا أن تقف عاريا وينظر الجميع لعريّك .لكن يوما مّا سأتعرّى حتّى من ورقى التّوت .انتهاكات و جرائم كنت ضحيّتها ولازلت!! سأحاول نزع بعض الأقنعة وسيرى الجميع كم تبدو وجوهنا كريهة بدون أقنعة .لكن الآن أكتفي بابتلاع لساني والصّمت حتّى لا أهدر طاقتي من كثرة الحكي لأنّي لحظة تفجيرها أريدها بركانا وزلزالا .. أريدها صفعة في وجه كلّ مدّعي العفّة من سياسيّين و قوّادين.. الّذين يحيلون أحلامنا إحباطات وأسى. - متى تمنيّت لو أنّك تستطيعين إيقاف الزمن؟ تمنّيت لو يرجع الزّمن إلى الوراء حتّى أرفض أن تقتطع أختي من جسدها لكي أعيش ..تمنّيت لو يرجع الزّمن إلى الوراء وأضع رأسي على ركبتي والدتي رحمها الله وتهدهدني كطفل صغير..! - مالنّقد الّذي وجّه إليك وجعلك تفكّرين طويلا؟ أفظع نقد وجّه لي هو أنّني أكتب نصوصا إيروتيكية .أحد أصدقائي دكتور مثقّف أخبرني أنّه لا يحتمل أن يرى ابنته تقرأ ما أكتب لأنّ روايتي بالخصوص تحتوي على القاذورات .هذا المثقّف كان يكرّر في كثير من الملتقيات أنّ روايتي يجب أن يقرأها كلّ شابّ وشابّة . تأكّدت ساعتها أنّنا مجتمع يعاني شيزوفرينيا لكن توصّلت لأمر واحد: إذا أردت الاستمرار عليّ أن أضع القطن في أذنيّ. - دوما كانت المبدعات و لا زلن متّهمات بكونهن البطلات الحقيقيّات لما يكتبن .. و أنت نفسك كانت قصائدك تتعرّض للتّمزيق حيث اتّهمت أنّك تكتبين لرجل معيّن و ما فتئت تتعرّضين لكثير من الإستفسارات و التساؤلات . . لم المرأة المبدعة بالذات تحاكم على إبداعها عكس الرجل؟! -بكلّ بساطة لأنّنا نعيش في مجتمع ذكوري .قد يتقبّل من الرّجل أن يقول أيّ شيء وكلّ شيء .لكن حينما تعبّر المرأة عمّا يجيش في صدرها فهي قليلة الأدب .تعوّدنا من الرّجل أن يقول كلّ شيء نيابة عن المرأة .يريدونها فقط أن تكون جميلة وتصمت! - جاء في بيان رفض الكاتب أحمد بوزفور لجائزة كتّاب المغرب أنّه يخجل إذا أخذ تلك الجائزة منك أنت حيث يقول : " أخجل أن آخذ تلك الجائزة من أختي مليكة مستظرف التي تموت تحت أنظار الجميع و هم ساكتون ينتظرون أن تموت نهائيا ليرثوها ". بصدق يا مليكة ، ألا ترين كالبعض أنّه كان من الأجدر بالأستاذ بوزفور أن يأخذ الجائزة و يقدّمها لك عوض رفضها؟ أستاذي بوزفور شيخ القصّة . أمام هذا الرّجل أفقد حتّى قدرتي على الكلام.رجل يفرض على خصومه كما أصدقائه أن يحترموه . الأستاذ وضع أصبعه على الجرح وانتظر من المسؤولين أن يقوموا بحلّ المشكل بشكل جذري . ومدّي بمبلغ الجائزة لن يحلّ المشكل .والأستاذ يعلم ذلك.ومدّي بمبلغ الجائزة كان من اقتراح حسن نجمي الّذي كتب ذلك في إحدى الجرائد . و أريد أن أقول لنجمي ما الّذي يمنعك من مساعدتي وتحريك ملفّي (بلا ريال بلا جوج) لم تجد غير هذا الكلام الفارغ ؟!! لقد أفقرت يارجل! - ماذا أضافت لك الجرأة في الطّرح و الصّدق و الشّجاعة في تحريك الرّاكد الّذي يتحدّث بألسنتنا و يقول ما عجزنا عن قوله؟؟ و هل من ثمن دفعته لتلكم الجرأة في الإقتحام؟؟ في زمن الوهم ظننت أنّ الكتابة من الممكن أن تغير شيئا .لكن (عندما دخلت المعمعة) عرفت كم كنت واهمة . ما يزعجني حقّا هو أن يعتبر الآخرون أنّ ما كتبته سيرة ذاتية .لماذا لا يعترفون أنّ للمرأة خيالا واسعا أيضا؟؟!!!ا - نتمنّى أحيانا كثيرة لو أنّنا نملك أن نحمل أحلامنا و حزننا في حقيبة و نرحل .. ألم تسكنك هذه الأمنية يوما؟ تمنّيت كثيرا لو كان بإمكاني أن أحمل أحلامي وأرحل إلى أبعد نقطة في الخريطة . بعد أن أقبر أحزاني في مكان مّا من جمجمتي .تمنّيت لو كنت كنبات الفطر بلا جذور تشدّني إلى الأرض! - حين تكون الورقة قاسية معك و تتحدّاك و تدير لك ظهرها هي الأخرى أسوة بالزّمن .. ماذا تفعلين؟ عندما تعاندني الورقة وتتحدّاني أشهر في وجهها أصبعي الوسطى. أمسك يد عصام وأقوم بكلّ الأشياء المجنونة الّتي تخطر لنا في حينها .كأن ألعب معه(ماتش كرة) بعكّازتين. - هل تدردشين مع أحلامك لمنعها من النّوم في وقت أنت في أمسّ الحاجة لاستيقاظ الحلم داخلك؟؟ و حزنك .. كيف تمنعينه من الصّمت حين تكونين بأمسّ الحاجة لبكائه؟ لديّ رومانسيّة مزمنة .. هكذا أحلم وأنا مفتوحة العينين .لأنّي عندما أنام تهاجمني الكوابيس .عندما أحزن أدفن أحزاني في غرفتي بين أوراقي.ومع ذلك أحاول أن لايهزمني الحزن حتّى لا يشيخ الطّفل بداخلي. - مليكة ، أطال الله عمرك ، أنت الآن تعانين مرضا مميتا و يقال أنّ الموت شيء مهمّ و موضوع شيّق و أنّ التحدّث عن الموت هو المدخل الوحيد للوصول إلى قيمة الحياة .. صحيح هذا؟ " أنت تحملين موتك معك ". هكذا قال لي الزفزاف يوما .الموت لم يعد يخيفني . لقد حكم عليّ الأطبّاء بالموت مرّتين .أبدا حصّة غسيل الكلى ولا أعرف إن كنت سأعود للبيت على قدميّ أو على ظهري . ما يخيفني حقّا هو الموت الرّمزي كالإقصاء و التّهميش و الحصار . هذا هو الموت الحقيقيّ !! هل أنت متصالحة مع ذاتك و جسدك الآن بعد محاولات ترميمك لخرابك الرّوحي في كلّ من " جراح الرّوح و الجسد " و " ترانت سيس"؟ أنا إنسانة لا تتصالح مع الوقت والزّمن . مسكونة بالحرف والحلم .. أرفض الإنحناء .اخترت أن يكون لي اسم دون وساطة الوسطاء أو تعميد القساوسة. |
ما مدى إيمان مليكة مستظرف بحدود أخلاقيّة معيّنة يجب أن يلتزم بها المبدع و هل تؤمنين أصلا بالأدب الروائي الملتزم؟ الكاتب من حقّه أن يكتب في كلّ المواضيع الّتي يرى أنّها تستحقّ الكتابة .لكن دون ابتذال . لكنّ بعض الأشخاص الّذين نصّبوا أنفسهم أوصياء على الأدب لا يحسنون سوى وضع العلامات الحمراء أمام الأديب حتّى يعرقلوا سير ه.هؤلاء متخلّفون حضاريّا وثقافيّا .ولديهم أفكار بال عليها الزّمن.يحاولون سجن الأدب داخل زنازن اخترعوها . الأدب لا يسجن لأنّه بذلك يموت!! - صدرت مؤخّرا مجموعتك القصصيّة " ترانت سيس " و هي أوّل مجموعة قصصية لك .. يقال أنّ الروائيّ قاصّ فقد نفَسه .. هل فقدت نفَسك الرّوائي؟ لاأتحكّم في شكل و مساحة النّص .قد يكون رواية كما قد يكون قصّة قصير ة. لهذا أقول أنّ النّص هو الّذي يختار شكله النّهائي - القارئ لروايتك "جراح الرّوح و الجسد " و مجموعتك القصصيّة " ترانت سيس" يلاحظ أنّ هناك تنافرا علائقيّا مع الأب . ما تعليقك و نحن ندرك أن ليس ثمّة ملعقة لا تصدم حافّة الطّنجرة؟؟؟ كلّ ما في الأمر أنّني وأبي من جيلين مختلفين حدّ التّنافر . لا توجد بيننا لغة مشتر كة .لذلك لا أناقشه حتّى لاأصطدم معه أكتفي بتحريك رأسي بالموافقة تجنّبا لصداع الرّأس. - حين تكتب مليكة قصّة أو رواية و تضع نقطة أو ربّما علامة تعجّب في آخر سطر . هل تضحك أم تبكي أم تراها تغلق الدّفتر و تنام؟!؟ تتملّكني حالة غريبة .أحسّ أنّه فجأة نبت لي جناحان .أحسّ أنّ شخوص نصوصي أشخاص حقيقيّون يمكنني لمسهم ومواساتهم .لا أستطيع التخلّص من سطوتهم وقد يتسلّلون إلى أحلامي ويسكنون داخلها. - تحتاجين لكلية حجمها لا يتعدّى 6 سنتمترات و هذه الكلية أرخص من ثمن سيّارة من السيّارات الّتي ابتاعها الوزراء المغاربة على حدّ قولك . ألا يكتنفك حقد على الآخر جرّاء هذا؟ الحقد كالحبّ ، كالكراهيّة .. أحاسيس طبيعيّة تتجاذبنا .فقط يجب أن لا تتجاوز الحدّ حتّى لا تفسد علينا حياتنا .لكنّ بعض الّذين مارسوا عليّ سلطتهم وظلمهم أطلق عليهم الرّصاص بقلمي وأدفنهم بين صفحات كتاب. - سابقا كنت تقتطعين ثمن دواء فقر الدّم و دواء الكالسيوم لتسدّدي ما بذمّتك للمطبعة إثر إصدارك روايتك "جراح الرّوح و الجسد"ممّا أثّر على رجليك لاحقا .. ه هل ندمت يا مليكة عن تلك التضحية ؟ و في المقابل ماذا قدّم لك الإبداع و الكتابة؟؟ نعم ددمت .لو كنت أعلم أنّ الأمر سينتهي بي على عكّازتين لما أقدمت على هذا الجنون . أستجدي العلاج في بلدي ؟! شيء مخجل أن يصبح العلاج ترفا غير مسموح به للجميع. - تعانين من الفشل الكليوي منذ 1986 و تقومين بتصفية الدّم ثلاث مرّات أسبوعيا ، إضافة إلى أنّك تتناولين كميّة كبيرة من الأدوية .. أيضا أصبحت عظامك هشّة و سريعة الكسر كما أنّك لا قدّر اللّه مهدّدة بالشّلل . و كلّ هذا لم يجعلك يائسة و لا مستسلمة بل ها أنت تبدعين مجموعتك القصصيّة " ترانت سيس "و تدقّين كلّ الأبواب لمساعدتك معنويا و صحيّا . . ترى ما سرّ هذه الرّغبة القويّة في الحياة؟ماذا منحتك هي لتتشبّتي بها هكذا؟؟ أضيفي كذلك أنّني لاأتبوّل منذ سنوات وممنوعة من شرب السّوائل بكثرة أو أكل الفواكه الطريّة أوالجافّة .أنقل الدّم مرّة كلّ أسبوعين أحقن بإبر قد تتسبّب لي في العمى أو الصّمم . هل أكمل أم أصمت.فكّرت ذات هزيمة أن أنتحر ابتلعت كميّة من الأدوية لفظني الموت وعدت للحياة بجسد أكثر إنهاكا وتعبا . كما ترين الحياة مصرّة عليّ . - قامت مجموعة البحث في القصّة القصيرة بطبع مجموعتك القصصيّة " ترانت سيس " و كانت تلك بادرة طيبة جدّا .. أكنت تمنّين النّفس بأكثر من هذا؟ عندما يأتي الخير من أهل الخير فلا داعي للتعجّب . لكن كنت سأصعق لو أتت البادرة من اتّحاد كتّاب المغرب مثلا لأنّني أعلم أن ّالصّدقة لاتخرج من الحبس!! - في أواخر دجنبر من العام 2002 كانت هناك استجابة ملكيّة لملتمسك . لكن فوجئت و نحن معك بعدم تنفيذ هذه المنحة الملكيّة حتّى أنّ ملفّك الصحّي و جواز سفرك اختفيا ؟؟! في أيّ الإتّجاهات تحرّكت لتتفقّدي مصير الإستجابة الملكيّة و ما كانت النّتائج؟ استرجعت جواز سفري بعد أن ظلّ نائما في درج أحد المسؤولين .عشت ولازلت مسلسلا هيتشكوكيّا لا يصدّق . عرفت المعنى الحقيقي للكذب والغشّ والمراوغة . تعلّمت أنّ الإنسان غير المسنود رخيص . أصبحت كرة تتقاذفها الأرجل المتعفّنة. طرقت كلّ الأبواب المتاحة وغير المتاحة. الأستاذ عباس الجراري و الأستاذ عبد الهادي بوطالب كانا في قمّة الإنسانيّة .الأمير تشارلز أرسل لي رسالة يعتذر .. أطبّاء بلا حدود .. جرائد وطنيّة .. رسائل لجلالة الملك .. جمعيّات حقوقيّة خارج وداخل الوطن .. احتجاجات .. اعتصامات ..استرحامات .. جنون جنون جنون!! في بعض الأحيان أمسك رأسي وأنظر للمرآة وأقول لرأسي لا تخذلني.. إيّاك أن تنفجر أو تتخلّى عنّي سينتهي كلّ هذا .قد أجنّ .. من يدري أين سينتهي بي هذا المسلسل؟! - و الآن .. أحبّ أن نثرثر على هامش المجموعة القصصية ترانت سيس : تكرهين اللّون الرّمادي؟ هو لون محتال غير واضح . أغلب النّاس رماديّون!! حين تغضبين ماذا تأكلين ؟ المشكلة أنّني أعاني فقدان شهيّة مزمن سواء فرحت أو غضبت. تقولين أنّ الحبّ يجعلنا نتصرّف كالأطفال بلا منطق و تتساءلين عن سبب عدم اختراع مصل ضدّ الإصابة بالحب .. مليكة ، هل سبق و بحثت عن هذا المصل؟ كلّنا في وقت من الأوقات بحثنا عن هذا المصل . لكنّني بعد النّكسات الوجدانيّة الّتي عشتها اكتسبت مناعة طبيعيّة ضدّ الإصابة بهذا الفيروس! ماذا عن يوم السّبت كيف تجدينه؟ يوم السّبت يوم رائع لا مستشفى و لا أطبّاء ولا هم يحزنون . السّبت مقدّس بالنّسبة لي .. هو ملك عصام يأخذني حيثما يريد .. أعيش طفولتي معه . نادرا ما أخرق هذا الطقس. . اشتهاء المرأة رجلها .. أين تصنّفينه .. في خانة الحرام أم الهذيان؟ المرأة عليها أن تشتهي الرّجل في صمت .. أن تكبت رغباتها ومشاعرها. كيف تجدين فعل البصق؟ هو سلاح الفاشلين الّذين لا يحسنون إقناع الآخرين فيكتفون بالبصق عليهم. تتسائلين في إحدى قصصك عن شعور المرء حين يقترب من الموت .ألا تملكين أنت الإجابة عن هذا السّؤال؟ كماقلت لك عشت الموت حتّى لم يعد يخيفني . أعتبره مرحلة انتقاليّة من عالم إلى آخر قد يكون أفضل. يكفي أنّ هناك في الضّفة الأخرى من الحياة لا يوجد مستشفى أو أشخاصا كريهين يسلبون حقّك في العلاج. في قصّتك " الوهم " تؤكّدين على أنّ البنات في هذا البلد لا يعرفن الفرق بين الألف و الزّرواطة و يكفي أن تكشف الواحدة عن فخديها و ساقيها و تصبغ وجهها لتفتح لها كلّ الأبواب الموصدة . ألم تتمنّي لو أنّك تستطيعين فعل ذات الشّيء لتتمكّني من الحصول على كلية؟ المشكلة أنّني لا امتلك سيقانا و أفخادا حتّى أعرّيها |
حوار مع الروائي المغربي محمد شكري
![]() الخبز الحافي اصبح عمل الكاتب الوحيد او العمل الذي كتبه الروائي، ولكنه لم يمت او ينته على غرار اصحاب اليتيمة في الشعر العربي ، فشكري، قبل ان يكتب الخبز الحافي ، نشر اعمالا اخري ومحاولات وتجريب في مجال السرد، والكتابة النسقية والتي جاءت على درجة اهم وافضل من الخبز الحافي، ولهذا فشكري بدأ عملية التجريب في الكتابة والادب كوسيلة للخروج من واقع الموت المفروض عليه، في البيت والمجتمع الكبير الذي كان يعيش في فضائه وهو طنجة. ومع ذلك لم يكن الكاتب بقادر على التخلص من شبح وظلال الخبز الذي يظل تأسيسيا في ذلك النمط من الكتابة ولكنه لم يكن تأسيسيا في تجربة الكاتب، اذ حاول شكري في الكتابات اللاحقة، تهميش او تدجين هذا العمل بكتابات اكثر نضجا، او تضمينه لحمة التجربة الذاتية بشكل عام. مثل الخبز الحافي في غضبه وصراحته، ومرارته وشقاوته اطارا من تجربة محمد شكري، تلك التي اراد فيها ان يكون فيها الشاهد، ربما الشاهد الاخير علي حياة مدينته وجيله من المحرومين، ومن هنا تنبع اهميته. وبالرغم من ذلك فيجب ان توضع الرواية/ العمل في سياقها الاجتماعي والزمني، والحكم عليها عبر هذا المنظور، باعتبارها واحدا من تمثيلات الكتابة وتمثلاتها وليس صورة عن الكتابة في فضائها المكتمل الذي هو الكاتب نفسه. فقد شارك محمد شكري في الكتابة الابداعية قبل وبعد الخبز الحافي، وكان مسكونا بهاجس الكشف والاكتشاف، والتنويع والتجريب بما هو ممارسة وانفتاح علي التجارب الادبية، وعاش هوس البحث عن كتابة نثر ساحر ومضيء. ومن هنا، فمن حق الكاتب ان يغضب حينما تختزل حياته الادبية في عمل واحد، ومن حقه ان يعمل ضد هذا التلخيص والاختصار، ومع ذلك فـ الخبز الحافي جعل اسم الكاتب مسموعا، ومرئيا في المدي المكتوب والمشاهد، ولكنه قاد الي بناء تصورات خاطئة او ضبابية عن محمد شكري، باعتباره قارئا تعلم الكتابة وجاء اليها متأخرا. محمد شكري هو بالضرورة ذاكرة عن جيله وزمنه، وذاكرة عن الحياة التي عاشها والتي يدافع عنها في هذا الحوار الطويل والصريح الذي تحدث فيه لكل من يحيي بن الوليد، والزبير بن بوشتي. يحيي بن الوليد: كثيرا ما نحاور الكتاب والشعراء والمبدعين، خصوصا ممن لهم صيت واسع، لكن نادرا ما نتوقف عند الحوار ذاته. وربما خالف بعض المفكرين هذا التقليد وهم يسطرون المواضيع التي يخوضون فيها وعيا منهم بخطورة الحوار والنتائج المرجوة منه. ولذلك نريد أن نفتتح هذا الحوار الطويل بمحور حول الحوار ذاته، لنسألك بداية: كيف تري الحوار مع كاتب مثل محمد شكري؟ محمد شكري: أنا تعلمت بطريقة عشوائية، وهذا معناه أنني لم أتعلم بطريقة أكاديمية، ومستواي التعليمي لا يتعدي أربع سنوات وبضعة أشهر. وطبعا التعلم العصامي لا يعتمد علي توجيه من الذين تعلمت علي يديهم. هذا التعلم والتعليم، في الخمسينات والستينات، كان عشوائيا ومحنة للجميع في مرحلة التعبئة الاستقلالية. ومن خلال هذا التعلم غير الموجه قرأت الكثير من الكتب غير المفيدة، لأنني لم أكن موجها من طرف معلمي أو من طرف قراء جادين يعرفون ما يقرأون. ومع مرور التجربة القرائية بدأت أميز بين الجيد والغث في اختيار ما أقرأ، سواء بذكائي الخاص أو بمساعدة بعض أذكياء القراءة، كتابا كانوا أو غير كتاب. ليس ضروريا أن يكون كل قارئ جاد كاتبا، بل هناك قراء جادون أفضل من بعض الكتاب الذين لا يعرفون ما يختارونه في قراءاتهم. يحيي بن الوليد: من فضلك، محمد شكري، نعود الي السؤال السابق لتحدثنا عن كيف تنظر الي الحوار مع كاتب مثلك؟ محمد شكري: في الحوار معي ستكون الاجوبة بنفس الطريقة التي تعلمت بها. رغم هذا فهناك نظام في تصور الاشياء إذا أعيد ترتيبها من خلال الكتابة. ليس هناك تسلسل كرونولوجي. هناك سابق كان ينبغي أن يكون لاحقا، ولاحق كان ينبغي أن يكون سابقا. الانسان لا يفكر بطريقة آلية. يحيي بن الوليد: يقال ان الكاتب هو نصوصه التي كتبها ليتركها لمختلف المجموعات القرائية وللباحثين والنقاد والمؤولين، هو ما لا يسمح للكاتب بأن يتحدث عن نصوصه، هل أنت من الذين لهم نفس التصور؟ محمد شكري: لا أعتقد أن الكاتب منفصل تماما عن نصوصه، فهو مبثوث في نصوصه، ليس هناك تجرد مطلقا في حياة الكاتب مع نصوصه، ليس هناك حياد مطلقا. وأنا أعتقد أن المبدع مبثوث كناقد في إبداعاته طبعا هذا لا يعني ما يسمي بـ الرقابة الذاتية بمفهومها السطحي. يحيي بن الوليد: صحيح أن بعض المبدعين أمثال توفيق الحكيم ونجيب محفوظ وغيرهما نجد في حواراتهما آراء نابعة بخصوص الادب، ولكن هناك من يري أن المبدع ناقد فاشل. محمد شكري: هناك كتاب فاشلون ليسوا مبدعين حقيقيين ولا هم نقاد حقيقيون. من حقنا أن نقول: لابد من خلق نقاد مبدعين في نقدهم يبتدعون الاشياء المُبدَعة. الابداع درجات، وعندما تكون هناك خلخلة أو عدم توازن فلابد أن يكون موازيا له نقد إبداعي. هناك نقاد مبدعون. رولان بارت مبدع في النقد. وهناك من يجمع بين منتهي الابداع ومنتهي النقد مثل ت. س. إليوت، عزرا باوند وكامو. يحيي بن الوليد: وسارتر. محمد شكري: نعم. كذلك سارتر، ميشيل بوتور وروب آلان غرييه. هناك من تجمعت فيه هذه الموسوعة. الزبير بن بوشتي: هل تقبل بأن يحاورك من غير العارفين والمطلعين علي أدبك؟ محمد شكري: أقبل، لكن بشرط أن يكون الشخص الذي يريد أن يحاورني مطلعا جيدا علي آداب أخري. الزبير بن بوشتي: كيف تري علاقة الكاتب باللغة؟ محمد شكري: إن الكاتب ينبغي لـه أن يتعامل مع اللغة وكأنه يخلقها لأول مرة وليس أن يتعامل معها فقط كإيصال. عليه أن يبدع فيها. وهذا يبقينا معجبين بأبي تمام وأبي نواس وإن لم يذهب في بعض شعره أبعد من الترميم والانتقاء. إن اللغة أيضا هي تخييل مثلما هو الابداع. وفي المقابل نجد بودلير، مالارميه، بول فاليري، لوتريامون، هويتمان، ماياكوفسي وياسنين. هؤلاء أيضا نحتوا لغتهم. يحيي بن الوليد: وفي النثر أليس هناك نحت لغوي؟ محمد شكري: أعتقد أن أول شاعر في شفافية النثر العربي الحديث يبدأ مع جبران خليل جبران، وميخائيل نعيمة والي حد ما أمين الريحاني. ثم جاء بعدهم جبرا إبراهيم جبرا ويوسف إدريس. يحيي بن الوليد: وأحمد بوزفور. محمد شكري: إنه رائد القصة القصيرة الشاعرية ومحمد زفزاف يتقارب معه في بعض قصصه. الزبير بن بوشتي: لقد أجريت العديد من الحوارات مع قنوات عربية أجنبية، فما هي طبيعة الاسئلة التي عادة ما تطرح من طرف المحاور العربي والأخري التي يطرحها محاورك الاجنبي؟ محمد شكري: يصعب أن أنحاز الي أي منهما من حيث إلقاء الاسئلة. هناك أسئلة جادة وأخري باهتة من الطرفين. الامر يتعلق بعمق الاطلاع وذكاء الاسئلة التي قد تثير أجوبة في مستواها. وإذا كان هناك فارق فإن الاجانب ترتكز أسئلتهم علي مدينة طنجة وتحولاتها بعد الاستقلال. ربما بسبب ما تركه أجدادهم وآباؤهم هنا من حنين. يحيي بن الوليد: سنكرس لمدينة طنجة محورا خاصا، ولذلك نطلب منك أن تواصل حديثك عن طبيعة أسئلة الاجانب. محمد شكري: أحيانا يزعجني أن يُتَعَامَل معي فقط كظاهرة أدبية تعلمت في سن متأخرة دون التركيز علي القيمة الادبية في كتاباتي المختلفة. أنا ضد هذه الماركينتيغية أو السكوبات (السبق الصحفي). إن الانبهار بالسبق الصحافي لا يتهافت عليه إلا الفقراء في ذهنيتهم. إنهم لا يبحثون عن الامتاع الذهني فيما يقرأون. لا علاقة لي بهؤلاء وإن كانوا يقرأون كتبي. الزبير بن بوشتي: ولكنك أنت أكبر المساهمين في تكريس هذا التصور عن نفسك. محمد شكري: لماذا لا تقول العكس بحيث هناك من يخدم شهرته من خلال شهرتي بدءا من الناشرين، والصحافة المكتوبة، والفضائيات والاذاعات. لا أكرس نفسي وحدي لشهرتي. الزبير بن بوشتي: بل كرست عن نفسك صورة الصعلوك التي ترفضها الآن... فأنت في العديد من اللقاءات لا تتحدث إلا عن حاناتك وعن دخولك الدار سكرانا وغيرها من الصور التي تروجها عن نفسك في حوارات ولقاءات، فكيف تقول بوقوف الآخرين وراء ترويجها؟ محمد شكري: الصعلكة هي نوع من الحياة، وهي بمفهومها القديم كانت أحيانا تسلية، وأحيانا التزاما نبيلا اجتماعيا لنصرة الفقراء، لكنها استغلت وأصبح الصعلوك لا يعني إلا الاخلاق السيئة؛ فأنا عندما أسكر أفعل ذلك بسمو السكر وتجليه. أحافظ علي أن لا تصدر عني أفعال وأقوال تزعج أو تؤذي الآخرين. أحيانا أكون أخلاقيا أكثر من الاخلاقيين أنفسهم. لا وجود لي إلا بمقدار ما أعطيه للآخر من الاحترام الذي يستحقه لكسب احترامه لي. هناك مسامرة الندّ للندّ، وهناك ناس محدودون في سلوكهم، والمطلوب في مجالستهم ومسامرتهم هو نوع من اللياقة في الكلام معهم. قبل ايام كنت أمارس نوعا من هذه الصعلكة مع نفسي دون أن يشاركني فيها أحد. إنها نوع من التدمير الذاتي أمارسه مع نفسي لتسكين قلقي المجهول. هذه الحالة تغزوني بين فترة وأخري. عندي كل ما أحتاجه، لكن ينقصني شيء ما مبهم. ثم جاء يونس الخرَّاز (رسام مغربي من أصيلة) وشاركني جزءا من هذه الصعلكة فسمّي حالتي تسكين (القهر الداخلي). أعجبت بتعبيره. يحيي بن الوليد: قبل قليل اشرت الي الاسئلة الجادة التي طرحت عليك، نريد أن نعرف هذه النوعية من الاسئلة. محمد شكري: كتب عني أكثر مما كتبت. الظاهرة هم الذين خلقوها. كيف أكبحهم؟ لست ملكا لنفسي كلية. جزء مني ملك للآخرين. أتذكر ذلك اليوم في كلية الآداب في مراكش أثناء لقاء نظمه لي عبد الصمد بلكبير مع الطلبة؛ فاجأني أحد المعجبين الذي لم يكن يملك أحدا من كتبي طالبا مني أن أوقع له اسمي علي ورقة. قلت له أنا لست مغنيا أو لاعب كرة قدم لكي أوقع لك علي ورقة. قال بأن الكاتب أهم. يحيي بن الوليد: وماذا عن أسئلة الاجانب؟ محمد شكري: في معظمها لها علاقة بالمدينة التي أعيش فيها علي الدوام كما قلت من قبل. ونحن نعرف أن طنجة هي من المدن العالمية المُؤَسْطَرَة مثل المدن المينائية: الاسكندرية، أثينا، قاديش. مدن الغزو والقراصنة. إنها أسئلة لا صلة لها بمسيرة الادب العالمي ككل. أسئلة فيها فلكلور وعجائبية. أسئلة عن طنجة الكوسموبوليتية. هل ما كتبته في الخبز الحافي ، السوق الداخلي ، القصص الاخري عشته بالفعل. أسئلة من هذا النوع تلقي عليّ من طرف الاجانب والعرب. يحيي بن الوليد: ألا تري أن هذا النوع من الاسئلة فيه استفزاز بالنسبة لك؟ محمد شكري: لماذا لا نقول بأنه استقصاء وفضول المعرفة... ! هل ما كتبته في الماضي مازال مستمرا؟ هل مازال البؤس مستمرا ومعيشا كما من قبل؟ هل مازلت الدعارة مستمرة وتمارس كما تحدثت عنها في بعض قصصك؟ والشذوذ الجنسي أحاله هي كما كان في الماضي في طنجة؟ مثل هذه الاسئلة غالبا ما يطرحها الاجانب. والجواب عنها يكون حسب طبيعة موضوع السائل في مجموع أسئلته في عمقها وسطحيتها. لا جواب ذكي بدون سؤال ذكي. يحيي بن الوليد: وحتي نبقي دائما في الاطار ذاته، فما هي الاسئلة التي تكره أن تطرح عليك؟ محمد شكري: هل حقا مسموح بالكتابة عن الخلاعة والشذوذ؟ هل تعتبر نفسك صاحب الكتاب الواحد؟ هل تكتب عن الدعارة لأنها كتابة رائجة؟ مثل هذه الاسئلة وغيرها أعتبرها سطحية. الزبير بن بوشتي: هل تعتبر نفسك عدو المرأة؟ محمد شكري: إن كتاباتي عنها لا تكشف عن ذلك بل أدافع عنها. ليس كل من يكتب عن المرأة الداعرة هو عدوها. الجنس الداعر أوظفه توظيفا اجتماعيا للكشف عن أسبابه الاستغلالية في أبشع صوره. هناك كثير من المباءات الاجتماعية يساهم الجنس العاهر في الكشف عنها. لكن اصحاب العقـــلية المتشددة في انتقاد الجنس المحرم قد تجدهم مهتمين بقراءاته في الخفاء بتلذذ. لا أبالغ إذا قلت إن الذين ينتقدون الجنس المحرم هم أكثر الناس شراء للكتب الجنسية. الزبير بن بوشتي: والآن ما هي الاسئلة التي لم تطرح عليك وكنت ترغب في أن تطرح عليك؟ محمد شكري: الاسئلة التي لم تطرح علي هي الاسئلة التي لم يفكر فيها الغير ولم أفكر أنا في الاجابة عنها. يحيي بن الوليد: ألا تعتقد أن الحوارات تخدمك؟ محمد شكري: بل تخدمهم هم. فكل صحافي يأتي إليك ليحاورك يريد أن يمتصك مثل إسفنجة في الماء. وأكثر الحوارات تجارية وأقلها جادة. ثم قد يقول لك المحاور في مقاله عنك ما لم تقله ليزكي مقاله بالاثارة التي قد تسيء إليك. يحيي بن الوليد: أنت قلت في اللقاء الذي نظمه فرع اتحاد كتاب المغرب بطنجة حول تجربتك بأنك لا تجري الحوارات مع وسائل الاعلام إلا بمقابل مادي. ألا تري أن هذا يدخل بدوره في إطار الماركيتينغ؟ محمد شكري: يا عزيزي يحيي، ربما إلحاحي وتشبثي بأن كل حوار ـ سواء كان أجنبيا أو عربيا ـ يجب أن أتقاضي عنه مقابلا ماديا هو إعادة اعتبار لما أخذ أو سرق مني؛ فأنا قد استغللت استغلالا كبيرا من طرف مؤسسات النشر الاجنبية والعربية: الاسبانية، الفرنسية، الايطالية، البرازيلية وغيرها. أمام العربية فسهيل إدريس نشر مجموعتي القصصية مجنون الورد (1979) ولم أستلم منه سوي تسبيق عن طريق محمد برادة، فحتي الآن لم يجر معي أية حسابات عن عدد الطبعات والمبيعات. ونفس المجموعة نشرتها مؤسسة الهيئة العامة لقصور الثقافة في القاهرة (1997ـ الطبعة الثانية) دون استشارتي. كيف يعقل أن مؤسسة رسمية تنتمي الي بلد عريق في الحضارة تقوم بمثل هذا العمل غير الاخلاقي والقرصني (نسبة الي القرصنة). يحيي بن الوليد: لحسن الحظ أنها لم تحدث زوبعة كما حصل لـ وليمة لاعشاب البحر لحيدر حيدر. محمد شكري: (يصمت شكري للحظة ثم يواصل) إن اية مقابلة صحافية معي ينبغي أن تؤدي عنها مستحقات حتي أسترد ما سرق مني. الزبير بن بوشتي: ووسائل الاعلام المغربية، ما حكايتك معها؟ محمد شكري: أصبحت أطلب المبلغ الذي أستحقه سواء من القناة الاولي أو الثانية. أريد أن أستفيد من شهرتي أجنبية كانت أو عربية أو مغربية. نعم، أطالبها بدفع المستحقات إن كانت تمولها أجهزة تجارية. أما إذا كان الصحافي مبتدئا وينتمي لجريدة أو مجلة لها انتشار محدود فقد أدعوه الي مائدة الطعام. يحيي بن الوليد: وكيف تنظر للحوار في علاقته بما يسمي التسويق الذاتي ؟ ألا تلاحظ أنك تروج لنصوصك في حواراتك؟ محمد شكري: إبراز الذات غريزة بشرية خوفا من الفناء. الزبير بن بوشتي: هل معني هذا أنك تطمح للخلود؟ محمد شكري: ألم يثبت الفراعنة أنفسهم في الاهرام وبعدهم شعب الإنكا. نزعة الخلود لا أراها شاذة. إنها حافز كبير للتطور وتبئير للانتاج الفكري. الزبير بن بوشتي: ما رايك في الجمال؟ محمد شكري: الجمال محفز للاعجاب والتعارف. الزبير بن بوشتي: ورأيك في ظاهرة السراويل النسائية؟ محمد شكري: ليست كل مؤخرة نسوية يلائمها السروال اللصيق جدا بها. إن بعض المؤخرات مضحكة ومنفرة. فهي تبدو مثل سنام جمل. وإذا خلعت المرأة سروالها المشدود جدا عليها فإن رائحة العفونة ستنبعث منها؛ لأن التهوية منعدمة في السروال المشدود جدا. يحيي بن الوليد: وما الذي تسعي إليه من خلال حوار القدس العربي معك؟ محمد شكري: توضيح لما لم يلق علي سابقا من أسئلة. أسئلة ظلت مبهمة وأسعي من خلال هذا الحوار استجلاءها وإبراز أشياء جديدة لم تطرح علي من قبل. |
حوار مع يوجين يونسكو :D
|
![]() هذا هو حوار من أهم الحوارات التي دارت مع يوجين يونيسكو أو EUGENE IONESCO رائد مدرسة اللامعقول في المسرح أو التي عرفت بعد ذلك بالمسرح العبثي... والحوار قد أجراه معه الصحفي الفرنسي كلود أبستادو أولا حواء - كلود ابستادو: تمثّل دراسة الناقد للعمل الأدبي وجهة نظر موضوعية دائماً. هل تستطيع يا أوجين يونسكو، أن تقدذم وجهة نظر شخصية حول بعض المسائل، وأن تشير إلى مقاصد المؤلف؟... من مسرحية إلى أخرى، وتحت وجوه متعددة، قدّمتْ وجسّدتْ المرأة والرجل، حواء وآدم، كيف تراهما؟ - أوجين يونسكو: عندما أتحدث عن الزوجين، أخصّ المرأة بالمديح. أعنقد أن المرأة هي التي تمتلك الصفاء والحب. لديّ انطباع أن هذا واضح جداً منذ منتصف الفصل الأول في مسرحية العطش والجوع. المرأة عاقلة. محبّة، تضمّ في أعماقها صفاء وفرحاً روحياً لا نجدهما لدى الرجل. وهي التي تجسّد روح الزوجين وهي المسؤولة عن الرجل، لكنها لا تنجح دائماً. في المشهد الأخير من الفصل الأول نجد عندها رؤية فردوسية، بينما الرجل لا يدرك شيئاً من ذلك الحب. يهجر البيت ويضيع. لم يلتقِ بأي شيء أساسي، ولم يجد شيئاً، وينتهي به المطاف إلى ذلك الدير-السجن الذي يمثل صورة عن الجحيم. على العموم مسرحية العطش والجوع تعالج إلى حدّ ما موضوع فاوست ومرغريت... المرأة مسؤولة عن كل شيء وإذا ماظهرت يائسة من وقت لآخر فذلك لأن الرجل يصب عليها همومه كلها. في اميديه يهرب الزوج، يفرّ لكنها تبقى وفيّة مخلصة. وفي الكراسي. الرجل فاشل لكنها تتبعه حتى في فشله، ترافقه، تتبعه حتى في الموت. يهرب الرجل أحياناً أو يحاول الهرب لكن المرأة لا تفعل ذلك... ك.أ. لكن في مسرحية الكركدن، ديزي هي التي تهرب. ا.ي. صحيح، لكن ديزي، في الكركدن، ليست زوجة، إنها امرأة مغناج. ك.ا. في "الملك يموت" للمرأة وجهان لا ينسجمان. مرغريت وماري. ا.ي. مثّلتْ دور مرغريت بشيء من الخبث تلك الممثلة العظيمة التي قدمت معظم مسرحياتي، تسيلا شيلتون. ربما كان يناسب تسيلا شيلتون دور الضحية، أما بالنسبة لدور مثل دور الملكة مرغريت فقد وجدت مخرجاً إذ خلقت منه شيئاً آخر؛ خلقت منه امرأة مستبدة تسعى إلى الخصام إلى حدّ ما. لكن مرغريت تمثل القدر، تمثل القانون، والقانون رصين، قُدّمتْ عروض أخرى في انجلترا والمانيا صورة مختلفة عن المرأة، المرأة التي لا تلين لكنها صافية مشرقة. المرأة هي الواجب لكنها الحب أيضاً. الملكة ماري هي الوجه الآخر للملكة مرغريت. هناك وجهان للمرأة، هناك ازدواجية. أرادت ماري أن تهب الملك سعادة أرضية ربما كان من المستحيل أن ينالها بينما كانت مرغريت مجبرة على أن تقوده حتى إتمام ذاته في الموت. في مسرحية لعبة القتل نرى رجلاً وامرأة عجوزين يمكن اعتبارهما تلخيصاً لمسرحية الكراسي. المرأة هي التي تمتلئ بالثقة، المرأة هي السعيدة، رغم الكارثة، رغم الطاعون، رغم الموت. هي سعيدة لأنّها أحبت طوال الوقت. لقد أدرك الرجل متأخراً أن الحب والخلاص كانا قربه. في الماشي في الهواء، تدافع المرأة عن الرجل، تساعده، تخاف عليه. هي التي كان عليها أن تعمل لتؤمن طمأنينة زوجها المجنون. في مشهد الكوابيس من الجزء الثاني من المسرحية أردتُ أن أبيّن الوحدة المطلقة التي تعيش فيها المرأة لأن الرجل يستطيع الاعتماد على المرأة، يمكن أن تحبه المرأة، أمّا المرأة فلا سند لها، وهي التي تمسك كل الخيوط بيديها. .... وآدم. ك.أ. والرجل؟ الموزّع دائماً بين صعوبة الحياة والاندهاش، أية تجربة في هذا العالم يمثلها الرجل؟ قيل أحياناً إنك قدّمت نفسك على المسرح تحت اسم بيرانجيه أو جان... أ.ي. ربما كانت شخصياتي صورة عني إلى حدّ ما. لكن لا يمكن أن تكون أنا. صعب أن أقول: إنها غالباً الشيء الذي لا أريد أن أكونه، مالا يريد الكاتب أن يكونه. إنها الصورة التي رآها في الحلم. يمكن أن يكون المقصود شخصاً آخر، شخصاً تتحدث عنه، عرفناه، إذن نخاف منه... الرجل مثل الطفل ومن هنا يمكن أن نجد قيمته. إنه ذو قيمة روحية لأنه رغم كل شيء، طفل بحاجة إلى أم، إلى الأم- الزوجة التي تواسيه، ولأنّه يملك رؤية مدهشة للعالم. بطريقة ما، الرجال الذين خلفتهم لا يشيخون إذ أنهم يتابعون حياتهم في الاندهاش، والذهول والاستغراب. هذا الاندهاش أمام الكون هو الموقف الفلسفي الأساسي، كما اعتقد، ومن ثمّ يجب إقامة فلسفة طبعاً؛ لكن نقطة انطلاق كل معرفة هي هذه القدرة على الاندهاش. نرى هذه القدرة أحياناً لدى المرأة لكنها تكون أضعف بكثير دون شك، لأن للمرأة هموماً كثيرة إذ يجب عليها أن تساعد وتسند طفلها الرجل العجوز. الفرد والمجتمع: ك.ا. أنت تعرض الفرد في حالة تمرّد "غريزي" بمواجهة المجتمع. ا.ي. الجمهور وحش مخيف. هذا ما حاولت أن أقوله في الكركدن، يرفض بيرانجيه أن يكون مثل الآخرين، يرفض ارتداء الزي الدارج، يرفض الإيمان بالايديولوجية المسيطرة، يرفض الانخراط مع الجمهور، يرفض الولوج إلى عالم "التنكير المجهول". يخاف أن يخسر روحه أوشخصيته. كان اينشتاين يكره التجمعات البشرية التي تضم عشرات الأشخاص. كان يحتقر من يحبون الشعارات، من يصرخون "صيحة القتال"، من يسيرون أرتالاً على الإيقاعات الموسيقية كما كان يفعل الهتلريون سابقاً وكما يفعل الصينيون حالياً؟ يغنون ويحملون شعارات أخرى، آلهة أخرى من الرجال. في "الماشي في الهواء" قيل إنني كنتُ أتحدث عن خوفي الخاص، لكن لهذه المسرحية طابع سياسي... اعتمدتْ حكاية الطفل المقتول على "حادثة حقيقية" كما أنّ البعض قال: المقصود حكاية شاب في السابعة عشرة حاول الهرب من برلين الشرقية، فأُردي قتيلاً على "السور" عندما حاول اجتيازه... أما الشيء الذي رآه بيرانجيه أثناء هربه فهو الصورة البشعة المخيفة للعالم، العالم المستبد... إنّها حقاً مسرحية سياسية. عُرضت في برلين وفهمها البرلينيون على هذا الأساس مما خلق بعض الضيق والإزعاج. |
ك.أ. وماذا يمثل "ماوراء العالم"؟
أ.ي. صعب جداً أن أشرح ذلك. المهمّ، في تلك الفترة كنت قد قرأتُ مؤلفات بعض علماء الفيزياء. ك.أ. "قاتل بلا أجر" هي أيضاً مسرحية سياسية، إذا ما تذكرنا مشهد الأم بيبا. أ.ي نعم. الأمر واضح. مسرح"ملتزم". ك.أ. أخيراً. هل يمكن الحديث عن مسرح ملتزم فيما يتعلّق بمسرحياتك، على عكس رأي بعض النقاد؟ ا.ي. كنت أتهم عام 1954، بأنني لا أكتب مسرحاً ملتزماً. في مجلة الاكسبريس مقالة طويلة بتوقيع برنار دور يقول فيها: حسناً، لقد أحسن اداموف، ويونسكو فيما صنعاه حتى الآن - أي نقد المجتمع البرجوازي ونقد لغة البرجوازية الصغيرة (هذا ليس صحيحاً إذ أن المقصود هو "البرجوازية الصغيرة في كل المجتمعات، اشتراكية أو رأسمالية أوسواها)، أمّا الآن فعليهما أن يقدّما شيئاً آخر، شيئاً إيجابياً.. كانوا يطالبوننا بالانضمام إلى مدرسة بريخت، وكان دور يريد أن يكون زعيم ايديولوجية تيار جديد؛ لكن لم تكن لديه القدرة على ذلك. اعتباراً من قاتل بلا أجر والكركدن بدأتُ كتابة "مسرح ذي رسالة" لكنها لم تكن الرسالة المنتظرة. ك.أ. لقد كتبت أن ليس على المسرح أن يمجدّ أية ايديولوجية، وأن الأجدى من ذلك أن يقرأ المرء مقالة فلسفية أو جريدته اليومية. أ.ي. أرى أنّه إذا كان على المسرح أن يبقى بعد وفاة مؤلفه لن يكون ذلك بسبب الرسالة التي ينقلها. أستشهد غالباً ببيراندللو: جميع نظرياته النفسية التي كانت تثير اهتمام عصره تمّ تجاوزها، ومع ذلك فإن بيراندللو مازال حيّاً. كذلك الذين أقاموا المعابد، كانوا يتخيلون أنهم يفعلون ذلك لجمع المؤمنين وتقديم الأضاحي للآلهة؛ لقد خلق المهندسون المعماريون أثراً معمارياً بكل بساطة. في مؤلفات الكاتب المسرحي، إمّا أن يتلف كل شيء ويتلاشى أو تتحوّل تلك المؤلفات إلى مسرح خالص. ك.أ. ماذا تقصد بـ "مسرح خالص"؟ أ.ي. هناك الكثير مما يقال في هذا الموضوع. في المسرح، ليست الأفكار هي التي تبقى إذ أن الايديولوجيات كلها تسقط في النهاية ويتمّ تجاوزها. ما يبقى هي العواطف والشخصيات، وربما بعض الأفكار، لكنها أفكار حيّة، من لحم ودم. لا يعنينا الآن الأفكار الفلسفية التي أتى بها شكسبير، إن ما يعنينا هو انفعالات هاملت أو ماكبث أوالملك لير... فلسفة شكسبير موجودة عند باسكال، عند الملك سليمان، عند النبي أيوب... (هذا ما يُطلق عليه نقاد هذه الأيام "الترهات" الأمر يتعلق بكاتب جديد). الإخراج: ك.أ. مصير مسرح ما مرتبط أيضاً بتنوّع العروض التي يقدمها الممثلون والمخرجون. ا.ي. نعم. أعتقد أن عملاً مسرحياً يمكن أن يُعرض بطرق متنوعة جداً: هناك عدد غير محدود من العروض المقبولة وعدد غير محدود من العروض غير المقبولة. ك.أ. يتطوّر الإخراج مع الزمن. المسرحية التي كتبت عام 1950، لا يجوز أن تُعرض عام 1970 بالشكل الذي أُخرجت فيه سابقاً. أي. لا شيء يشيخ سريعاً مثل أسلوب الممثل أو طريقة الإخراج. المسألة هامة. تتغير الحساسية الإنسانية كل عشر سنوات أوخمس عشرة سنة. وعلى الإخراج أن يلبي أسلوب كل عصر. ك.ا . من وجهة النظر هذه، هل يمكن اعتبار "لعبة القتل" بداية طريقةجديدة في مسرحك. ا.ي. نعم. لديّ هذا الانطباع. بدأتُ أولاً بالمسرحيات ذات الفصل الواحد ثم انتقلت إلى مسرحيات أطول مثل قاتل بلا أجر، والكركدن.. مسرحية الملك يموت، لحن طويل محزن. أمّا في لعبة القتل، فيمكن تخيّل عدة مشاهد تُعرض في وقت واحد على المنّصّة. شاهدنا هذا العام في باريس مسرحية "اورلاندو العنيف" قدّمها المسرح الحرّ في روما من إخراج لوكار ونكوتي. كان هناك مقاطع جميلة هنا. ومشهد رائع هناك وكان المشاهدون ينتقلون من مشهد إلىآخر. هذا يدعو للاهتمام لكنني لستً من المعجبين بهذه الطريقة. منذ حوالي خمس عشرة سنة فكّر جان -ماري سيّرو وآغام أن يوزّعا منصات صغيرة حول الصالة تُقدّم عليها مشاهد مختلفة، وكانت الكراسي الدوّارة تسمح للمشاهدين بمتابعة هذا العرض أو ذاك حسب رغباتهم. لكن هذه اللعبة، لعبة لا تستطيع الذهاب بعيداً.. وليس لها أية نتائج خطيرة. ك.ا. لكن هذه اللعبة تخلق ولا شك علاقات جديدة بين الجمهور والممثلين... ا.ي. هذا يعني أنه لم يعدهناك قيمة لأي شيء. هناك نوع من التمرّد بين صفوف المخرجين ضد المؤلفين، وقد عبّر بعضهم مثل بيتر بروك عن ذلك بطريقة هذيانية تقريباً إذ قال إن على المؤلف أن يصمت وكل شيء مرتبط بالمخرج، أي به! هذا كلّه لأنّه مخرج وليس مؤلفاً. لو كان ممثلاً، لقال إن الممثل هو الشخص الوحيد الذي يحق له الكلام. لقد أُعجبت جداً، بما فعله غزوتوفسكي؛ لكن خَلَفَه كان هزيلاً، أبله أحياناً، غروتوفسكي، إنه التقشف والزهد ولا أرى بين الممثلين والمخرجين الباريسيين من يفعل مافعله. يتهافت الناس على كل جديد، خصوصاً الكثيرون من رجال المسرح حتى لا يُقال إنهم "متخلفون". لقد ولّى زمن كان الممثل فيه يتمرد على المؤلف. هذه مغالاة. يجب إعادة التوازن. الإخراج مهم لأن فكراً يكمن خلفه. في بعض مسارح باريس الصغيرة حاولت بعض الفرق تقديم عروضها دون مخرج ودون نصّ؛ لكن تلك المحاولات لم تعطِ أية نتيجة فرجع المخرجون الشباب، أي أولئك الذين يلغوا سن الأربعين أوالخامسة والأربعين، إلىالكلاسيكيات. أدركُ مع ذلك أن المؤلف شخصية لا تحتمل أبداً. ك.ا. هل تعتقد أن مشاركة الصالة مع المنصة نافعة؟ ا.ي. أعتقد أن من الممكن تقديم كل شيء علىالمنصة ففي إحدى مسرحيات لونورمان عرض ج. باتي واجهة منزل مع نوافذ، كان هناك مشاهد مختلفة لكنها تندمج مع بعضها وتؤلف مجموعة منسجمة تُقدّم على المنصة ضمن تنظيم محدّد. يجب المحافظة على الوحدة ضمن تـنّوع المشاهد. أشكال التعبير: ك.ا. لقد كتبت ياسيد يونسكو حوالي ثلاثين مسرحية، وقصصاً، ومقالات نقدية، كما نظمت من قبل عدة قصائد، وسجّلت "يوميات"... هل ترى في المسرح وسيلة تعبير متميزة؟ ا.ي. يجمع المسرح احتمالات وسائل التعبير المتنوعة الأكثر فقراً... ك.ا. بأية طريقة؟ ا.ي. اوه. أنت تعلم! أنا لا أعرف أبداً ماهو المسرح. لقد حاولتُ تعريفهُ لكن ذلك كان مستحيلاً تماماً. قلت في نفسي أولاً، كما يفعل جميع الناس؛ المسرح صراع، لكن الصراع موجود في الرواية أيضاً. المسرح قصة فيها أشخاص لديهم قضايا فيما بينهم، وهموم، لكن يمكن أن نجد ذلك في السينما أو في الروايات. يقال إن المسرح حوار، لكن بعض المسرحيات مبنية على المونولوج... التعريف الوحيد الممكن إذن هوأن تقول: المسرح هو شيء ما يُعرض علينا... يمكن أن يجري التمثيل على منصة أو في الشارع أو في باحة. لكن لماذا لا يتمّ التمثيل في صالات المسارح؟ ذلك مناسب أكثر. بعد خمس عشرة سنة ستمنع الثورة الرافضة المقبلة التمثيل على أرصفة نهر السين وستفرض إنشاء المسارح من جديد. رويت في كتاب "اكتشافات" كيف التقيت مع المسرح. كنت في المدرسة الابتدائية وكان السيد لوازو، وهو المعلم، قد طلب منا أن نكتب موضوع إنشاء فكتبتُ ما أريد قولهُ بشكل حوار. كنتُ أكتب آنذاك إذن مشاهد صغيرة. ثم تخلّيت عن المسرح، بعد ذلك، وفضلّت الأدب. كان المسرح يبدو لي مصطنعاً نظراً لنتائجه الهائلة، وقد فهمت متأخراً إنه يجب التركيز على تأثيراته الكبيرة لأنّ... لأن الأمر هكذا.... لماذا أصبحتُ كاتباً مسرحياً ولم أصبح قاضياً هذا ما لا أعرفه... حقاً لا أعرف.. أسأل نفسي كثيراً هذا السؤال ولاأدري بماذا أجيب. لكن المسرح يشمل اليوميات والقصص والمقالات. إنه اعتراف، وحكاية، ونقد أيضاً. ك.ا. هل ستتابع كتابة القصة؟ ا.ي. أحب جداً كتابة القصة، لقد شعرتُ بخيبة مريرة من الطريقة التي قوبل بها كتابي "صورة الكولونيل". لقد أُعيد طبع مسرحياتي باستمرار بينما طبعة أقاصيصي مركونة دائماً عند أصحاب المكتبات. يعتقد الناس أنني كاتب مسرحي وليس شيئاً آخر.. عندما قُدّمتْ مجموعتي القصصية إلى النقاد الأدبيين أرسلوها بدورهم إلى النقاد المسرحيين. ك.ا. كتبت عام 1961، سيناريو فيلم "الغضب" كما أنّك أنجزت منذُ فترة فيلم "الطين"، وهو اقتباس لإحدى قصصك. ماهي الإمكانيات التي قدمتها السينما إليك للتعبير عن أفكارك؟ ا.ي. لم أشاهد ذلك الفيلم... لقد كتبتُ السيناريو ومثّلتُ الدور الرئيسي فيه (الحقيقة لم يكن فيه سوى دور واحد). لم تكن عملية المونتاج قد انتهت. سوف أرى إذا كان المخرج قد استطاع أن يضمّن هذا الفيلم ما أردتُ التعبير عنه. مررتُ بتجربة غير سارّة في التلفزيون. لقد عُرضت مسرحية الكراسي في كل مكان تقريباً وكنتُ مسروراً من طريقة إخراجها؛ وقد تمّ تصوير أحد العروض. لاقت التمثيلية نجاحاً كبيراً لدى الجمهور أما أنا فكنتُ أشعر أن كارثة أصابتني. تحوّلت الكراسي إلى مسرحية بسيكولوجية. الشخصيات واضحة، تنضح عرقاً، تتألم، تقوم بـ "إيماءات معبّرة" لقد أصبح العمل أدبياً ، وفهم الجمهور "نفسية" الشخصيات فهماً مبالغاً فيه. الأمر الذي يدعو للاهتمام في المسرح هو أننا لا نرى الشخصيات عن قرب، نحن لا نرى سوى حركات الدُمى، وشخصيتين كاريكاتوريتين ودوامة من الكراسي التي لا يجلس عليها، وهذا يحملنا بعيداً، إننا نتجاوز علم النفس، ونغتني بالوفرة، ونغتني بالحقيقة. مشاريع: ك.ا. هل لديك حالياً أيةمشاريع؟ ا.ي. نعم، بالطبع، هناك مسرحية.. أعتقد أن من السابق لأوانه أن أتحدث عنها. ك.ا. ألم يتحدد موضوعها بعد؟ ا.ي. بل، بلى، تأثرتُ كثيراً بجان كوت، الاختصاصي بمسرحيات شكسبير وأريدُ أن أكتب شيئاً عن غريزة السيطرة ......libido dominandi ك.ا. ماكبث إذن؟ ا.ي. طبعاً ستكون عن ماكبث، كيف يحدث أن جندياً فاضلاً مخلصاً يتحوّل إلى وحش؟... نتيجة طموحه السياسي.. أريد أن أبيّن أن السلطة خطر وشؤم، وأولئك الذين يريدون السلطة السياسية، سواء حصلوا عليها أم لم يحصلوا- مصابون بالذهان الهذياني Paranoiaques. يجب أن نسير بإرشادات العقول الإلكترونية... ك.ا. هذه نظرة تدعو للقلق! ا.ي. لا أعتقد ذلك. على كل حال، هذا أمر علينا أن نجرّبه! العقول الألكترونية توزّع الثروات. ربما كان في الإمكان إيجاد مجتمع بلا سياسيين. سيكون في الإمكان إيجاد مجتمع، بل مجتمعات، دون قادة الأحزاب... سيجد الناس المعنى الحقيقي "للسياسة" أي علم -جديد وقديم في وقت واحد- العلاقات الإنسانية، لكن السلطة توقظ "غريزة السيطرة". |
حوار مع الشهيد الشيخ احمد ياسين ( رمز النضال والمقاومة ) :D
|
![]() هذا الحوار هو النص المكتوب لحلقه شاهد على العصر ( قناة الجزيرة) بين الشيخ ياسين والمذيع احمد منصور أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة مع ضيف جديد في برنامج (شاهد على العصر) شاهدنا على العصر في هذه الحلقة والحلقات القادمة الشيخ أحمد ياسين (مؤسس وزعيم حركة المقاومة الإسلامية- حماس) مرحباً فضيلة الشيخ أحمد ياسين: أهلاً. . أحمد منصور: ولد الشيخ أحمد ياسين في إحدى قرى قطاع غزة عام 1938م، وفي بدايات شبابه تعرض لحادث أصابه بالشلل التام، إلا أنه أكمل دراسته، وعمل مدرساً للغة العربية بعد حصوله على الثانوية العامة، سعى لإكمال دراسته في جامعة عين شمس في مصر، إلا أنه لم يتمكن من إكمالها بسبب ظروف عديدة ألمت به، عمل رئيساً للمجمع الإسلامي في غزة، وعرف الشيخ أحمد ياسين كواحد من أبرز الخطباء الذين عرفتهم غزة خلال العقود الماضية، أعتقل 1982م بتهمة حيازة أسلحة وتشكيل تنظيم عسكري، وأصدرت عليه المحكمة الإسرائيلية حكماً بالسجن ثلاثة عشر عاماً، إلا أنه أفرج عنه في عام 1985م في إطار عملية تبادل للأسرى بين سلطات الاحتلال الإسرائيلية والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة، بعدما أمضى في السجن أحد عشر شهراً. أسس الشيخ أحمد ياسين مع مجموعة من النشطاء الإسلاميين حركة المقاومة الإسلامية حماس مع اندلاع الانتفاضة الفلسطينية عام 1987م داهمت قوات الاحتلال الإسرائيلية بيته في أغسطس عام 1988م، وقامت بتفتيشه، ثم ألقت القبض عليه ليله الثامن عشر من مايو عام 1989م، وبعدها حكم عليه -أصدرته محكمة عسكرية إسرائيلية في شهر أكتوبر عام 1991م- حكماً عليه بالسجن المؤبد مدى الحياة مع إضافة خمسة عشر عاماً بتهم عديدة أبرزها اختطاف جنود إسرائيليين وقتلهم، وتأسيس حركة المقاومة الإسلامية حماس بجهازيها السياسي والعسكري، سعت حركة حماس إلى الإفراج عن الشيخ ياسين عبر مجموعة من محاولات الاختطاف لجنود إسرائيليين، إلا أنه أفرج عنه يوم الأربعاء الأول من أكتوبر عام 1997م بموجب اتفاق تم التوصل إليه بين الأردن وإسرائيل في عملية تبادل لعميلين للموساد حاولا اغتيال خالد مشعل (رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في الأردن) مقابل الإفراج عن الشيخ أحمد ياسين، الذي أطلق سراحه منذ ذلك الوقت، وبدأ يمارس نشاطه السياسي مرة أخرى. شيخ أحمد، أود أن أبدأ معك من هناك من قرية الجورة التي ولدت ونشأت وترعرعت فيها، كيف كانت ولادتك ونشأتك؟ وكيف كانت البيئة التي ترعرعت ووعيت فيها؟ أحمد ياسين: الحمد لله كانت بداية حياتي.. الميلاد في عام 1936م، في العام الذي كان يسمى في فلسطين عام الإضراب الذي استمر ستة أشهر، تحدثت والدت ي -رحمها الله- أنها رأت في منامها حين حملت بي هاتفاً يقول لها: أنت حملتي فإذا وضعيته فأسمي المولود أحمد، واحتفظت لنفسها بهذا الهاجس والرؤيا في النوم حتى إذا ما تم الميلاد اسمتني أحمد، فثارت عليها ضرائرها وسلافاتها، لماذا تسميني بهذا الاس ؟ أحمد منصور[مقاطعاً]: لماذا؟ أحمد ياسين: وخاصة أن في العائلة كان رجل من أقاربنا اسمه أحمد كان شديد البطش،كان مكروهاً، فرفضن أن يكون اسمي أحمد بهذا الاسم، إلا أن الوالدة يرحمها الله أصرت على أن تسميتي كما كان الهاتف قد هتف بها في أول حملها، وكان الميلاد من فضل الله في صيف سنة 1936م، أنا لا أذكر جيداً يوم الميلاد، ولكنه تقريباً كان في شهر 6، في الشهر السادس من عام 1936م. أحمد منصور: في شهر يونيو. أحمد ياسين: نعم، وطبعاً والحمد لله بدأت أنمو في أسرة طيبة هادئة، تعرف تعلم أن أهل الجورة أهل فلاحة وزراعة وبحرية. . أحمد منصور[مقاطعاً]: القرية أيضاً. أحمد ياسين: يعملون في البحر. أحمد منصور: ما هي البلد التي ولدت ونشأت وترعرعت فيها؟ أحمد ياسين: أنا ولدت في قرية جورة عسقلان، يعني هي على أرض عسقلان المدينة القديمة التاريخية، والتي طبعاً كان لها تاريخ كبير في التاريخ الفلسطيني، طبعاً أنا بدأت حياتي صغيراً، والحمد لله كانت الوالدة إنسانة مؤمنة وطيبة، الوالد أنا لا أعرفه جيدا لأنه مات قبل أن يكون لدي الوعي الكافي في معرفته. أحمد منصور: كان عمرك كم؟ أحمد ياسين: ربما مات الوالد وأنا عمري أربع إلى خمس سنوات، أنا لا أتصوره الآن، وكانت التربية منوطة بالوالدة –رحمها الله- والحمد لله يعني بدأنا حياة طيبة ونحن صغار، طبعاً كان ذلك في الحرب العالمية الثانية، فعايشت الجيش البريطاني وهو يأتي إلى فلسطين، ويستجم على ساحل البحر، كنا نذهب إلى البحر معهم، وكنت من الأطفال المقربين جداً، لقائد المعسكر في ذلك الوقت، لا أدري لماذا، لا أدري من دون أبناء القرية |
أحمد منصور: كيف كان شكل هذا التقارب؟
أحمد ياسين: لا أدري.. أنا أذهب إلى معسكر الجيش فيستقبلني الكوبرول هناك استقبال غير الأطفال كلهم، وأدخل المخيم وأعبث فيه كما أشاء، فإذا نزلوا إلى البحر للسباحة أخذوني معهم، وأذكر مرة أنني نزلت قبلهم بثوان إلى الماء فغرقت وأخذت أشرب الماء، فقفز القائد ونزل عندي وانتشلني من الماء، فأنظر إلى الماء إذا به إلى ركبتيه! أحمد منصور: يعني الإنجليز أنقذوا حياتك؟ ! أحمد ياسين: آه بس كان يعني المية إلى الركبة عنده هو، وأنا غرقان بأشرب ماء. أحمد منصور: هل تتذكر كم كان عمرك في ذلك الوقت؟ أحمد ياسين: يعني هذا الكلام في خمس.. ست سنوات، طبعاً في هذا الوقت طبعاً بالذات كانوا بيسموني في.. يعني أهل الجورة بأعرف إنه كانوا بينادوني عبد الله بلبل اللاميم هذه العبارة كانوا بيطلقوها البريطانيين عليّ في ذلك الوقت، لأن بيتنا كان على الطريق الأسفلت المؤدي إلى البحر، بيننا وبين البحر معدل بس 200ن 300 متر، ولذلك كان الأمر قريب عليّ إني أنزل إلى البحر ونشاهد. أحمد منصور: يعني هذا الاسم أطلقه عليك البريطانيون ؟ أحمد ياسين: كثير من أهل بلدنا يعرفوا هذا التاريخ، الناس الكبار يعرفوا هذا التاريخ، طبعاً كنت أدخل المعسكر، أدخل المطعم، أحضر الطعام لأبناء القرية وأناولهم من فوق السلك، أجيب علب بلوبيف، مش عارف علب إيش وأعطيهم، يعني ما فيش منهم حد يستجري يدخل المخيم إلا أنا، وهذا من فضل الله –سبحانه وتعالى- طبعاً أنا بذلك تعلمت شوية إنجليزي أيامها، وصرت أتكلم لغة كويسة، فلما ذهبت إلى المدرسة كان دخول المدرسة ذلك الوقت من العام السابع، لم يكونوا يقبلوا أقل من سبع سنين، فلما ذهبت إلى مصر كل الأطفال صاروا يقولوا للأستاذ هذا بيحكي إنجليزي يا أستاذ، فصار يسألني وأنا أجاوبه في كل الحاجات اللي بأعرفها يعني، والحمد لله دخلنا المدرسة وتعلمنا. أحمد منصور: شيخ، قبل مرحلة المدرسة، هل كنت حينما كنت تذهب إلى المعسكر الخاص بالبريطانيين، ما هي مشاعرك، هل كنت تشعر أن هؤلاء محتلين ويأخذون جزءاً من بلدك ؟ أحمد ياسين: لم أكن أعرف محتلين ولا غير محتلين، أنا طفل صغير أجد متعة في الذهاب إلى البحر، في اللعب هناك.. بس فقط أنا لم أكن أعرف ذلك الأمر احتلال وما كانش عندي هذا الوعي، كان عندي هذا الفكر. أحمد منصور: إلى المدرسة. أحمد ياسين: طبعاً دخلت المدرسة، وبدأت رحلتي التعليمية في المدرسة، ومضيت طبعاً في هذه الفترة حتى أنهيت الصف الرابع الابتدائي في مدرسة الجورة الابتدائية اللي كان فيها حتى الصف السادس، وانتقلت إلى الصف الخامس وطبعاً استلمنا الكتب، وبدينا أول شهر، وبدأت النكبة والرحيل من الجورة إلى منطقة غزة. أحمد منصور: اللي هي حرب 48 النكبة الأولى . أحمد ياسين: آه 48. أحمد منصور: النكبة الأولى.. كنت وقتها في الصف الخامس الابتدائ ي؟ أحمد ياسين: كنت لسه مترفع إلى الصف الخامس، أصل الجورة تعرضت لهجمات من الطائرات من الإسرائيليين، فكان فيها دمار مش قليل في البيوت والمساكن، وما بأعرفش كان مقصود ضرب الجورة بالذات أو كان المقصود ضرب المجدل، لأنه كانت المدفعية للجيش المصري.. تهاجم الطائرات وهي متجهة إلى المجدل فإذا ما تضايقت ألقت بحملها على الجورة، ما بأعرفش هو يعني مخططة وغيره، لكن الجورة أصيبت، فأخذ الناس يرحلوا من البلد إلى الكروم والحقول حول البلد بعيداً عن هجمات الطائرات، وطبعاً إحنا كنا من الناس اللي طلعنا من البيت إلى عسقلان، ما هي عسقلان يعني (…) مرتفع شوية، وطبعاً فيه ذكريات كثيرة في ذلك الوقت، لأنه أيام في تلك الفترة كان الجيش الإسرائيلي قد قطع الطريق على الجيش المصري عند ديرسنيت، هناك عند ديرسنيت قطع الطريق على الجيش المصري، فالجيش المصري أخذ ينقل (...) عن طريق البحر عن طريق الجورة لأنه السفن بتاعتنا كانت (...) الجنود اللي واخدين إجازات والضباط إلى مصر إلى البواخر من الجورة. أحمد منصور: يعني صارت قريتكم هي مركز للتمويل وللتنقل؟ أحمد ياسين: مركز أيوه.. عن طريق تمويل الجيش المصري اللي محاصر من ديرسنيت إلى من بيت حانون يعني إلى الدود. يعني أذكر من التحف اللي رأيتها إنه كان باخرة مصرية بتنزل وقود وإمدادات وبتاخد ضباط وجنود إلى مصر معها ، فجاءت ثلث بواخر إسرائيلية وحاصرتها في البحر من كل الاتجاهات، طبعاً القائد لما شاف الحصار حواليه أوقف الإنزال، وبدأ يرمي براميل البترول إلى البحر، وبعدين بدأ هجومه على البواخر الثلاثة. |
أحمد منصور: هو فقط.
أحمد ياسين: هو لحاله طبعاً، وأخذ يضرب ضربات قاصمة في الثلاثة حتى فرت من أمامه، وفتح خط الانسحاب وخرج من بين.. كان منظر جميل جداً . أحمد منصور: أنت رأيت هذا بنفسك. أحمد ياسين: بعيني، كما رأيت يمكن معركة ثانية، كنت بأجلس يومها على قمة جبل عسقلان، كان معايا عنزة صغيرة بأرعى فيها وقاعد بأتفرج كده، وإذا بباخرة مصرية أمامي، أنا على التل وهي قدامي يعني زي البركة جاءت طائرة إسرائيلية تهاجم الباخرة المصرية، تختفي ورا الجبل ثم تهجم عليه، إلا إنه الحقيقة كان القائد ممتازاً جداً، إنه كان يعمل حركات لطيفة بحيث إن القنابل اللي تلقى تنزل في البحر، ما تجيش على الباخرة، حتى الطائرة... أحمد منصور: رغم الحركة البطيئة للباخرة! أحمد ياسين: آه.. يعني يلف لف دائري مش يمشي أمام خلفي كان يلف دائري بحيث القنبلة تسقط في البحر اللي تلقى عليه، فكان عليه فكان بعد يمكن ما الطائرة استنفدت بنزينها أو كادت، فتركته ومشت ومشي فكان حاجة لطيفة، وأنت بتتفرج معركة بحرية جوية إشي طيب خالص، والحمد لله يعني كانت فترة لسه إحنا ما كناش على وعي كافي بالقضية. أحمد منصور: لكن كنت تميز حينما شاهدت هذه المعارك، كيف كانت مشاعرك وما هي أحاسيسك وأنت تشاهد هذه المعارك؟ أحمد ياسين: طبعاً إنت عارف كلايتنا في تعبئة وحب لإخواننا في الجيش المصري اللي كان بيقاتل في ذلك الوقت، وبيدفع ثمن غالي وشهداء كثيرين في كل معاركه، لكن المشكلة إنه الخيانة ماكانتش عند حدود، لإنه كيف يعني ناس بيستولوا على كوبري خلاص نسلم لهم يعني وبنسحب، والغريب إنه الجيش المصري بدأ يسحب من الدود عمل خط سلك على البحر.. على الأرض وأخذ يسحب عن طريق بيت.. اسمها هريبيا عن طريق هريبيا.. قريباً إلى غزة، يعني انسحب الجيش المصري من الدود إلى غزة، ليس عن الخط الأساسي بل أنشأ خط جديد على ساحل البحر من الأسلاك، وأخد يسحب دباباته وسياراته وجيشه من هذه المنطقة، مع أنه كان في إمكانه بكل بساطة يفتح الخط شو يعني كام واحد وأنا جنب منكم بأفتحه عندي دباباتي وعندي طياراتي، عندي قواتي، خاصة الجيش المصري كان بيملك طيارات، كان بيدك المستعمرات وبيستولي عليها فمش صعب إنه يفتح خط أمامه، لكن شاء الله. وخرجنا من الجورة طبعاً تحت التهديد بالإسرائيليين والخوف من الإسرائيليين، لأنه إحنا لما دخلت الجيوش العربية طبعاً كان مخططها لها تسحب الأسلحة من الناس.. البلاد عشان ما يكونش هناك قوة أخرى، وهذا أفقدنا القوة الذاتية والاعتماد على أنفسنا لأنه لما يسحب الجيش طبعاً من المنطقة مافيش إمكانات دفاع وإمكانات سلاح نهاجم الخصم . أحمد منصور: نعم. أحمد ياسين: قبله كنا بنعتمد على أنفسنا، وعندنا بنادق وعندنا أسلحة ونواجه اليهود ونهاجمهم في المستعمرات، فلما جاءت الجيوش العربية طبعاً وانتزعت السلاح منا، فصرنا إحنا معرضين لأي ضربات عندما تنسحب هذه الجيوش، وكانت مشكلتنا إنه طبعاً.. الشعب الفلسطيني يُهاجم في القرى في الجنوب، وتصير مذابح في النساء والشيوخ والأطفال، فمذبحة تخوف القرية اللي جنبها والبلد اللي جنبها فينسحبوا الناس من أمام الهجوم الإسرائيلي، حتى تم لإسرائيل إنها تستولي على المنطقة يعني بشكل ما كانش متوقع، ولا كان ممكن يصير لو كنا نملك إحنا الشعب الفلسطيني سلاحنا، ومش مستعدين نسلم ولا نتحرك من أرضنا ووطنا، لكن الحمد لله هذا اللي قدره ربنا، إنه لم نكن نملك إمكانات قوة سلاحية، ولو الأمة العربية اعتمدت.. يعني بدعم الشعب الفلسطيني وتسليح الشعب الفلسطيني كان غير وجه المعركة تماماً، لأنه هو أدري ببلده، وأدري.. فإحنا قبل الجيوش العربية كنا نتقدم على اليهود، وننتصر في معارك، ويُهزموننا في معارك، نأخذ منهم ويأخذون منا، لكن عندما جاءت الجيوش العربية خلاص فقدنا السلاح، فقدنا القوة، وصرنا معتمدين على هذه الجيوش، فإذا انسحبت كنا مهددين بالخطر ولابد أن ننسحب معها. أحمد منصور: شيخ، اسمح لي ما هو تقييمك كشاهد على الأحداث في ذلك الوقت وعلى ما حدث في حرب العام 1948م، وقد عايشت بعض أجزاء هذه الحرب رغم أنك كنت طفلاً في الثانية عشرة من عمرك، ما هو تقييمك لهذه الحرب ولما حدث بعد هذه الفترة الطويلة على وقوعها وقد شاهدت جزءاً منها؟ أحمد ياسين: والله أنا بأقول إنه أنا حزين لأن الأمة العربية وضعت معادلة غير طبيعية في ذلك الوقت. إسرائيل كانت تعلن عن نفسها أنهما دولة صغيرة ضعيفة مسكينة ثم يهاجمها جيوش سبع دول عربية، فتحدث ضجة في العالم الغربي، سبع جيوش تهجم على ناس ضعاف صغار فتعطيهم قوة وإمدادات ومساعدات، ثم كانت الدول الكبرى تستخدم دائماً حق النقض الفيتو لأي قرار يخدم مصلحة الفلسطينيين أو الأمة العربية، أما إذا كانت إسرائيل متضايقة من المعركة فإن الفيتو على طول يبدأ ويشتغل وتكون قرارات مجلس الأمن فورية بوقف القتال، إذا كانت المصلحة لإسرائيل تتقدم فمجلس الأمن لا يجتمع ولا يتخذ قرارات وقف، إحنا عندما كنا لو كنا نحن الشعب الذين نقاتل لا نخضع لمجلس الأمن ولا قراراته، لكن الدول لابد أن تخضع لهذه القرارات فكانت توقف القتال، إذا كانت المصلحة للعرب مافيش قرارات وإذا كانت المصلحة لليهود تجد القرار فوري خلال ساعات يكون قرار بوقف القتال. الواقع إنه إخواننا في الجيش المصري بذلوا الكثير ودفعوا الكثير، ولولا الخيانة اللي كانت تأتي من القصر والأسلحة الفاسدة اللي تعرضوا إلها ولا كان إلهم دور كبير ودور جيد في المعركة، أنا أذكر هنا كمان شيء طيب إنه كان في جانب الجيش المصري مقاتلين متبرعين من الإخوان المسلمين في فلسطين، حتى أذكر أنه الجيش المصري فقد تبة (81) شرقي غزة من هجوم إسرائيلي غدر إسرائيلي، ولم يستطع استعادتها بكل..، إلا إن المجاهدين المقاتلين تقدموا وفتحوها وأعادوها ثانية، تبة تستطيع أن تسيطر على الخط كله، كمان الجيش المصري دخل الأسفلت العام وترك مستعمرات على الخط على الأسفلت كان المفروض إنه هو ما يتركهاش لأنه بتتسكر عليه الطريق في (الماضي).. يعني مثلاً كفاردروب اللي هي عند دير البلح كانت موجودة واللي استولى عليها الشيخ -محمد فرغلي -الله يرحمه– بالمقاتلين اللي معاه بعد صلاة الجمعة واستولى عليها في وضح النهار يعني المجاهدين المصريين – الله يجزيهم الخير – المتبرعين مع الفلسطينيين انضموا إلهم كانوا يؤدوا دور جيد، حتى لقد قرأت في كتاب "الإخوان المسلمين وحرب فلسطين" لمؤلفه كمال الشريف، كان بيقول: إن قائد الإخوان اتجه إلى اللواء فؤاد صادق في ذلك الوقت، قال له: ليش بتسحب؟ قال له: لأنه الطريق مقطوع علينا، قال له: طب أنا مستعد أفتح الطريق، أعطيني الليلة وأنا أفتح لك الطريق، وقف الانسحاب، قاله له: ماشي. فجمع قواته والمقاتلين معاه واتجه إلى بيت حانون ودير سنيت، وفتح الطريق، فوجد الانسحاب مستمر، قال له: مش اتفقنا توقف الانسحاب، قال له: هذه أوامر، قال له: ما دام أوامر وأنا أعمل إيش بعديك عاد!! فكانت الأوامر تعني بالانسحاب، لأن بريطانيا تريد المعركة هكذا، وتصور تكون المعركة قائدها (جلوب)، قائد الجيوش العربية (جلوب) ما هو الملك عبد الله كان هو القائد وجلوب وهو قائد الجيش الأردني معناه القيادة تسلمها جلوب أو بريطانيا فماكانتش المعادلة صحيحة في معركتنا مع إسرائيل واليهود، وخسرنا المعركة وهذا من الأمور المؤلمة واللي نحمد الله عليه اللي لا يحمد على مكروه سواه، هذا واقعنا، أنا عايشت الجيش المصري في غزة وأنا طفل، والفقر كان شديد والجوع شديد، كنا نذهب إلى الجيش نأخذ قطع خبز تزيد عن الجنود أو طبيخ يزيد عن الجنود يعني لدرجة الناس محتاجين هذا.. محتاجين جداً، فكانوا فعلاً يعني طيبين ومعاملة طيبة، وما يفيض عن الجيش كانوا يوزعوه على الناس وياخدوه، عشنا هذه المرحلة بمرارتها وشفناها وبعدين فكرت بعد ذلك أن أعود إلى المدرسة، سكنت غزة في البداية.. |
حوار مع بهاء طاهر ... بعد حصوله على جائزة بوكر فى الادب :D
|
![]() بهاء طاهر يتحدث الى “النهار” بعد نيله جائزة البوكر العربية عن “واحة الغروب أبريل 14, 2008 [يا أبناءنا وأحباءنا لا تسخروا اليوم مما جال بالأمس في بالنا [/ ']على رغم الطريقة التشويقية التي جرت بها مراسم إعلان اسم الفائز بالجائزة العالمية للرواية، أو “بوكر العربية”، وحتى لحظة إعلان اسم بهاء طاهر بصفته الفائز عن روايته “واحة الغروب”، فإن الأمر لم يكن مفاجئا بالنسبة الى كثيرين، ليس لحسابات مفترضة، وإنما لأن الرواية الفائزة استحقت الجائزة عن جدارة، [/font] ]شأن غالبية الأعمال الخمسة الأخرى التي وصلت الى القائمة النهائية للجائزة. وربما أن حيثيات اللجنة هي أبلغ تعبير عن المقومات التي رأى بمقتضاها أعضاؤها منح الجائزة الى “واحة الغروب” إذ جاء فيها: “عالج بهاء طاهر في “واحة الغروب” قضية الحقيقة الانسانية التي ستظل ناقصة على الدوام، مستعملا أدوات فنية خصيبة، منتهيا الى قول روائي، يدافع عن الحوار والاعتراف المتبادل، ويرفض التعصب والافكار المغلقة. وهذا التصور الانساني الرحيب، هو الذي أملى عليه المزج بين الحاضر القريب والماضي البعيد، ودفعه الى حوار متسامح بين الشرق والغرب ينكر الكراهية والاحكام الجاهزة. صاغ بهاء طاهر عالما انسانيا فسيحا، محولا المكان الضيق الى أمكنة واسعة، ومستولدا من الزمن المحدد أزمنة متوالدة غير مجدودة، ترتد الى الماضي وتقرأ الحاضر وتتوجه الى مستقبل بشري محتمل، يقول بالسلام وينهى عن الحرب. وصل الروائي الى اسئلته الانسانية وهو يتأمل واقعا عربيا يحتفل بالماضي أكثر مما يحتفي بالمستقبل ويقرر الاجابات قبل أن يصوغ الاسئلة. بنى بهاء طاهر عمله معتمدا عناصر فنية متكاملة، ومبرهنا على اقتصاد لغوي مدهش ومتكئا أيضا على وعي ثقافي رهيف. من ثم جاءت “واحة الغروب” رواية متميزة في شكلها ودلالتها تعزز الكتابة الروائية العربية المتنامية باستمرار عبر التجريب واقتحام الموضوعات الشائكة”. هنا حوار مع بهاء طاهر في مناسبة حفلة التكريم التي أقامتها له “دار الشروق” في القاهرة أمس. ولأن الجائزة هي المبرر لإجراء هذا الحوار، فقد فضلت أن أبدأ بها، وأن أركز على الرواية، كونها جوهر الموضوع، ومحاولة لسد ثغرة في فجوة النقد التي تشوب الوسط الأدبي العربي الراهن[/font][FONT='Tahoma','sans-serif']:[/font] [ما هو شعورك بعد الحصول على الجائزة؟ ماذا تعني الجوائز عموما بالنسبة إليك؟] [- كان شعوري بعد الحصول على الجائزة ولا يزال هو الامتنان، لا لمن منحوا الجائزة فحسب، بل أيضا لزملائي من الكتاب الذين غمروني بفيض من مشاعر ودية تركت في نفسي أعمق الأثر، وفي الأخص كذلك لجمهور القراء الذين أعرف بعضهم ولا أعرف معظمهم ممن بادروا إلى تهنئتي بالبرق والهاتف وفي الطريق العام. وتلك في رأيي هي الجائزة الكبرى لأي كاتب وهذا رد على سؤالك عما تعنيه الجوائز عموما بالنسبة اليّ.[/font] [في “واحة الغروب” تجربة رفيعة للرواية التاريخية. ما الذي حرّك الفكرة لديك؟ هل للهم السياسي دور في البحث عن متشابهات في التاريخ للراهن العربي والمصري على نحو خاص؟[/font] [مثلما ذكرت في الكلمة التي ذيّلت بها الرواية فقد كانت نقطة البداية لكتابتها هي الدهشة التي أصابتني عندما قرأت في كتاب الدكتور أحمد فخري عن واحة سيوة حادثة نسف مأمور الواحة - محمود عزمي- لمعبد أم عبيدة هناك. حاولت فهم دوافع المأمور للإقدام على فعلته فلم تسعفني كتب التاريخ بشيء وكان عليَّ أن أعيد اختراع الشخصية وأن أعيد تركيب أو تكوين المكان أي الواحة في نهاية القرن التاسع عشر كيما أواصل البحث ومحاولة الفهم. هل يكفي هذا لوصف الرواية بأنها تاريخية؟ لا أدري ولا تشغلني مشكلة التصنيف. لعملية الكتابة بقدر علمي منطقها الخاص ومسارها المستقل وقد تنفتح تلقائياعلى تشابه بين التاريخ والواقع مثلما لاحظت أنت بحق في هذه الرواية وهو أمر يسعد كاتبا مثلي لا يخطط لرواياته مسبقا ولكنه مشغول باستمرار بقضايا الواقع الذي يعيشه…[/font] [في أثناء القراءة، وعلى رغم النبرة الخاصة جدا لكل شخصية، وصولا الى الإسكندر، إلا أنني أحيانا كنت ألاحظ أن الشخصية تتخذ رمزا تتحرك وفقا له، مثل كاترين التي تبدو رمزا للآخر الغربي، أو المعالج الشعبي الذي يبدو مجسدا للثقافة الشعبية التي تمتلك من القوة ما لا يمتلكه الغرب (حيث اقترحت كاترين بتر ساق إبراهيم بينما نجا بالطب الشعبي)، وغيرها. هل هذه الرمزية كانت مقصودة بهذا الشكل بالفعل؟[/font] [ لم أتعمد أي رمزية، في هذه الرواية ولا في غيرها، ورأيي أن جعل الشخصيات الروائية رموزا لأشياء أو لمعان تتجاوز حدود معالمها الشخصية هي سمة للكتابة الرديئة. أما الأمثلة التي اقتبستها من الرواية فهي، فى رأيي، تعبير عن سلوك أفراد في سياق مواقف روائية معينة وليست رموزا لسلوك او لمواقف حضارات أو مجتمعات. ولا ينفي هذا، بالطبع، حق كل ناقد أو قارئ في فهم الرواية [/font] [طريقته الخاصة في إقامة علاقات بين الشخصيات والحوادث والواقع الذي يعيشه.[/font] [بينما تتعدد أصوات الرواة في هذه الرواية، هناك ملاحظة تتعلق باختفاء أحد أهم أصواتها وهو الصوت الخاص بمليكة، أو “الغولة” كما شاع عنها ووفقا لمعتقدات البدو القديمة عن الأرملة. لماذا أخفيت صوتها. هل هو تضامن المنطق السردي مع المضمون الذي يؤكد قمع صوت مليكة على كل المستويات؟[/font] [ربما، لكني لم أفكر في الأمر على هذا النحو. مليكة هي الشخصية المحورية التي تناولتها أصوات الشخصيات الأخرى جميعا: خصوصاً محمود، وزوجته كاترين، وخالها الشيخ يحيى. وفي ما قاله كل منهم عنها رسمت لها صورة شبه واضحة. ومن تراكم ما قالوه يتضح أن ظهورها لدى كاترين لم يكن تعبيرا عن شبق، أو رغبة في علاقة محرمة كما توهمت كاترين، وإنما بالعكس، لم تكن ترغب بسوى البحث عن طوق نجاة خارج حدود العزلة القاتلة التي فرضها عليها المجتمع. أما أوهام كاترين فهي إنتاج ثقافة العصر الفيكتوري الذي تنتمي إليه، وفقا لزمن الرواية، ففي ذلك الوقت كان المجتمع البريطاني يرى في المثلية الجنسية عارا كبيرا، وكانت قضية بالغة الحساسية، وقد بوغتت عندما لمستها مليكة، إذ انتبهت إلى ما أثاره ذلك من أحاسيس تعتبر بالنسبة إليها محرمة. وقد فضلت أن يكون اكتشاف حقيقة مليكة عبر تداعيات أفكار الآخرين عنها، وليس من طريق خطاب أو صوت خاص بها هي على نحو مباشر.[/font] [في أعمالك السابقة عادةً ما كنت تركز على موضوع واحد فقط، لكن هنا إحساس بأنك ترغب في أن تتناول أكثر من موضوع: الشرق والغرب، الاستعمار مقارنةً بالحكومات المحلية، العروبة، الدين في المخيلة الشعبية، ومقارنة الماضي بالحاضر. هل يعود ذلك الى أسباب تتعلق بإيمانك برسالة الأدب؟[/font] [كما سبق أن قلت فأنا لا أكتب بناء على خطة مسبقة أو سيناريو جاهز بل أعتبر الكتابة ذاتها عملية بحث؛ يكتشف الكاتب من خلالها موضوعه، بل وربما نفسه. وقد لا تكون هذه أفضل طريقة للكتابة، فهي بالتأكيد لا تجعل منك كاتبا غزير الإنتاج، ولكنها الطريقة الوحيدة التي أعرفها كما أن لعملية الكتابة - البحث هذه ميزة على الأقل، ألمحت إليها من قبل؛ وهي أنها تستنبط من الكاتب على الرغم منه تقريبا أعمق مشاغله وهمومه، وهي بالتأكيد تلك الموضوعات التي أشرت اليها في سؤالك.[/font] [لغة الرواية جميلة جدا، ونبرة الشخصيات مقنعة، كيف تعاملت مع اللغة، كيف قررت لغة الإسكندر، ونبرات الرواة الآخرين، هل احتاج ذلك إلى جهد خاص؟ هل تستمع الى جرس الكلمات مسموعة بسبب خبرتك الإذاعية؟[/font] [شكرا لرأيك في اللغة. وأنا كثيرا ما أقول إن صراع الكاتب الأساسي هو صراع مع اللغة لتكون قادرة على التعبير عما يريده الكاتب بالضبط من دون زيادة او نقص؛ أي من دون ركاكة تصدّك، ومن دون بلاغة مجنحة تصرفك للانشغال باللغة في ذاتها. أحلم منذ بدايتي مع الكتابة بلغة مقتصدة وشفافة، إن جاز التعبير، تستمد جمالها من انسيابها الموسيقي، لا من زركشة الألفاظ والصياغات. أحلم وآمل أن أكون قد حققت جزءا من الحلم بعد كل هذا العمر من صراع العشق مع اللغة. تسألني إن كان هذا الصراع يحتاج الى جهد خاص. نعم يا صديقي الى جهد شاق جدا سبق عملي مع الإذاعة، واستمر بعدما تركتها وحتى هذه اللحظة. واسمح لي قبل ان اترك هذا السؤال عن اللغة أن اشير ولو إشارة موجزة الى أن حلم ابتداع لغة جديدة كان في صلب مشروعنا ككتاب شبان منذ الستينات؛ كجزء من مشروع أعم وأبعد طموحا لإحداث ثورة في الثقافة العربية تنأى بها عن النهنهة العاطفية والضعف نحو الموضوعية والصلابة والقوة . فيا أبناءنا وأحباءنا؛ يا من ترون الآن حالنا، لا تسخروا اليوم مما جال في الأمس في بالنا .[/font] [عُرفت أعمالك الأولى مثل “قالت ضحى” و”بالأمس حلمت بك”، بالنزوع الى الأسطورية، والميتافيزيقية ربما. وهذا ما انحسر تدريجيا بعد “خالتي صفية” وصولا الى هذا العمل. كيف تفسر ذلك فنيا؟[/font] [أختلف معك في الحكم الذي يتضمنه هذا السؤال. فعلى رغم أني لا أصنف كتاباتي، كما قلت من قبل، ففي وسع أي متابع لها أن يلاحظ انها تدور في فلك اهتمامات محددة ومتواترة. فقد تجد ما سميته أنت بالنزوع الى الأسطورية والميتافيزيقية، وما أعتبره أنا الاستجابة الروائية لأسئلة الوجود التي لا مفر منها. قد تجد ذلك منذ عمل مبكر جدا مثل قصة “اللكمة” في مجموعة “الخطوبة” وحتى رواية أخيرة مثل “نقطة النور”، بل حتى في التساؤلات القلقة التي تعذب محمود عبد الظاهر في رواية “واحة الغروب“.[/font] [كيف ترى الكتابة الجديدة في علاقتها بنصوص الأجيال السابقة عليها، وخصوصاً جيل الستينات الذي تنتمي إليه؟ وهل هناك قطيعة بين الجيل الجديد وجيلكم؟[/font] [كتبت فصلا كاملا “في مديح الرواية” خصصته للحديث عن ظاهرة تواصل الأجيال في الأدب المصري والعربي الحديث، ومن العنوان وحده ترى اني مقتنع بأن عناصر التواصل اوضح بكثير من عناصر القطيعة. ومع ذلك فالأمر اختيار؛ بمعنى انك تجد في كل جيل، ولم نكن نحن استثناء، من يقول نحن جيل بلا أساتذة ويبدو أن ذلك التمرد من طبيعة الأشياء بل هو إيجابي أيضا، ولو أن الأمر ينتهي في معظم الأحوال بتآلف ما يستحق البقاء من الإبداع الجديد مع نظيره من الإبداع القديم. تلك هي مسيرة التجديد الحتمية والتي لا تنقطع في الأدب الحي.[/font] [كيف ترصد المناخ النقدي المعاصر؟ ولماذا في رأيك لم يظهر جيل جديد من النقاد العرب يواكبون كتابات جيلهم بالنقد والمراجعة، كما كان شأن الأجيال السابقة؟[/font] [هذا سؤال موجع. فأزمة النقد تنعكس سلبا على الوضع الثقافي بأكمله. المفروض أن النقد جسر بين المبدع والجمهور لكن هذا الجسر مسدود تقريبا منذ عقد او يزيد. وهناك أسباب ليس من بينها ندرة النقاد بل تأتي في مقدمها ندرة المنابر المؤثرة لنشر الكتابات النقدية ولا سيما في الصحف التي كانت تخصص من قبل ملاحق للثقافة وللنقد يكتب فيها أعلام الأدب والثفافة، ثم اقتصر الأمر الآن على مجرد أعمدة وأركان تنزوي وتتيه وسط صفحات الرياضة والترفيه. فكيف تتوقع في هذه الظروف ظهور جيل جديد من النقاد ينفذ وسط هذه الأسوار المصمتة ليفرض صوته أو حتى ليعلن عن وجوده؟ أما النقاد الراسخون فقد آثر معظمهم لسبب لا أدريه التحول إلى الدراسات النظرية والتاريخية. كان الله في عوننا وعونهم![/font] ] [FONT='Tahoma','sans-serif']- ولد في الجيزة قرب القاهرة في بدايات عام 1935، لأبوين من أصول الأقصر في صعيد مصر. درس في الجيزة وأتمّ دراسته الجامعية في جامعة القاهرة وتخرج فيها عام 1956 (ليسانس تاريخ)، ثم أكمل دراساته العليا في مجال التاريخ الحديث (1965)، وفي مجال وسائل الإعلام (1973).[/font] [تعلّم بهاء طاهر على نفسه الإنكليزية حتى أتقنها، فغدا مترجماً معروفاً منذ زمن مبكّر من حياته، ثم سهّلت له هذه المعرفة أن يطوف في العالم ويستقر في جنيف موظفاً في مكتب الأمم المتحدّة مدة أربعة عشر عاماً.[/font] [انخرط في العمل الإذاعي منذ عام 1957، وساهم في تأسيس ما يعرف بالبرنامج الثاني في الإذاعة المصرية (البرنامج الثقافي) وعمل معداً ومذيعاً ومخرجاً وتولى منذ عام 1968 موقع نائب مدير البرنامج الثاني، وساهم أثناء عمله في تقديم الأعمال الروائية والقصصية في شكل الدراما الإذاعية، وأتقن فنون كتابة السيناريو، وعلّم ضمن التجربة نفسها مادة الدراما في قسم السيناريو بمعهد السينما.[/font] [FONT='Tahoma','sans-serif']- لبهاء طاهر أربع مجموعات قصصية، وخمس روايات، وبعض الكتب في النقد والدراسات. أما أعماله القصصية فهي بحسب طبعاتها الأولى:[/font] [الخطوبة وقصص أخرى، 1972: وفيها ثماني قصص قصيرة: الخطوبة، الأب، الصوت والصمت، الكلمة، نهاية الحفل، بجوار أسماك ملونة، المظاهرة، المطر فجأة، كومبارس من زماننا.[/font] [بالأمس حلمت بك، 1984: وفيها خمس قصص: بالأمس حلمت بك، سندس، النافذة، فنجان قهوة، نصيحة من شاب عاقل.[/font] [FONTأنا الملك جئت، 1985: وفيها أربع قصص: أنا الملك جئت، محاكمة الكاهن كاي نن، محاورة الجبل، في حديقة غير عادية.[/font] [ذهبت إلى شلال، 1998: وفيها سبع قصص: أسطورة حب، فرحة، الملاك الذي جاء، من حكايات عرمان الكبير، شتاء الخوف، ولكن، أطلال البحر.[/font] [FONT='Tahoma','sans-serif']في الرواية[/font][FONT='Tahoma','sans-serif']:[/font] [شرق النخيل، 1985.[/font] [FONT='Tahoma','sans-serif']2- قالت ضحى، 1985.[/font] [FONT='Tahoma','sans-serif']3- خالتي صفية والدير، 1991.[/font] [FONT='Tahoma','sans-serif']4- الحب في المنفى، 1995.[/font] [FONT='Tahoma','sans-serif']5- نقطة النور، 2001.[/font] [FONT='Tahoma','sans-serif']ومن ترجماته الأدبية، ترجمته لعمل يوجين أونيل المعنون “فاصل غريب” الذي ظهر عام 1970 وترجمته رواية “ساحر الصحراء” لباولو كويلو (1996). ومن دراساته: “في مديح الرواية”، “أبناء رفاعة: الثقافة والحرية”، “10 مسرحيات مصرية: عرض ونقد”، البرامج الثقافية في الإذاعة[/font][FONT='Tahoma','sans-serif'].[/font] [FONT='Tahoma','sans-serif']ترجمت بعض قصصه إلى لغات عالمية، بالإضافة إلى روايتي “خالتي صفية والدير”، و”الحب في المنفى”، إذ تمت ترجمتهما إلى لغات أجنبية عدة[/font][FONT='Tahoma','sans-serif']. [/font] |
حوار مع احلام مستغانمى:D
|
![]() حوار مع الروائية أحلام مستغانمي الفرانكوفونيون يقولون اللغة العربية تحمل جينات الإرهاب .. حاورتها : عقيلة رابحي لأنها أحلام مستغانمي كان الحديث شيقا عن ثنائية الإبداع و الوطن و رغم أن كل ما هو خارج عن الإبداع ثرثرة إلا أن حديثها كان عبارة عن مقاطع من ذاكرة الجسد, هذه الرواية التي ألهبت شعورنا و أحيت فينا جوعنا الجزائري للحب و عشقنا الكبير لهذا البلد فعشنا سنين معلقين بين الوهم و الانتظار. في هذا الحوار الذي أجريناه معها لدى زيارتها الأخيرة للجزائر تتحدث لنا أحلام مستغانمي عن جديدها الإبداعي و رأيها في راهن الرواية الجزائرية مستحضرة بعض المواقف التي واجهتها خلال مسارها الأدبي و من ذلك الحملة الإعلامية الشرسة التي تعرضت لها من طرف بعض الكتاب و النقاد العرب,ولم تخف صاحبة فوضى الحواس غضبها واستياءها من الوضعية التي آل إليها المثقف الجزائري و أكدت بأنها ستعمل فضيحة في القنوات العربية في حالة ما إذا لم تساعد وزارة الثقافة الكاتب شريبط أحمد شريبط الذي يعاني في صمت *ماذا بعد رواية عابر سرير , هل تخلصت من شبح الغربة ؟ ** أعتقد أنني شفيت من شبح الغربة أولا ثم أنني أصبحت أتردد أكثر على الجزائر , فزمن كتابتي لتلك النصوص كان زمن تاريخي صعب و في فترة التسعينات أقمت في فرنسا و هو الأمر الذي زاد في غربتي و أنا الآن متواجدة بلبنان و قد خففت الأجواء العربية في هذا البلد من غربتي و أعتقد أن كمية الروايات التي أصدرتها كانت بمثابة الجرعة الضرورية للشفاء و بما أن الكتابة تتوالد فإنه بإمكاني أن أكتب رواية أخرى ولكن ليس في هذا الموضوع. آخر رواية كتبتها تحمل عنوان الأسود يليق بك تتناول محنة الثراء و الأذى الذي يلحقه المال بصاحبه. *رواية ذاكرة الجسد التي حققت نجاحا خرافيا ستتحول إلى عمل سينمائي, إلى أين وصلت **التحضيرات الخاصة بهذا العمل؟ ** هناك من يريد نص ذاكرة الجسد فلما و الآخر يريده مسلسلا و قناة أبو ضبي هي المؤسسة التي أتعامل معها , و هي تتعامل معي بشهامة وقد أشار لي القائمون عليها باختيار المخرج و الأبطال و مازال العمل مطاردا لأن هناك جهات تريد أن تنتجه , كما أن العقد الذي أبرمته مع دار ميشال يتضمن إلى جانب أعمالي الأدبية أعمالي السينمائية. * أخبرني أحد الأصدقاء من الذين لهم علاقة بدور النشر بأنه هو الذي اقترح عليك عنوان ذاكرة الجسد ؟ ** هذا ليس صحيحا لأن العنوان كان من اقتراح جارتي الفرنسية التي تقطن بمدينة كان حيث قلت لها في يوم من الأيام بأنني أريد أن أتعلم السباحة , كنت أعشق البحر قلت لها سأتعلم السباحة في العام القادم فأجابتني قائلة باللغة الفرنسية: "الجسد له ذاكرة " و هي الرواية التي أهملت ورفضوا نشرها في الجزائر انتظرت و قدمتها فيما بعد لسهيل إدريس *حدثينا عن النشاطات التي قمت بها خلال الجولة التي قادتك إلى الجامعات الأمريكية و كيف وجدت قرائك؟ ** هذه الجولة أخذت من وقتي الكثير و اكتشفت خلالها أن كتبي تحضى برواج كبير لدى الجالية العربية و قد أخذت معي كمية كبيرة من الكتب إلى أمريكا لتوقيعها فوجدت بأن الكتب نادرة هناك وتباع بأثمان باهضة وعندما ألقيت محاضرة في جامعة بوستن فوجئت بجالية جزائرية كبيرة في هذه المدينة وكم كنت سعيدة عندما أخبروني أن أكبر سلطة علمية في بوسطن هي شخصية جزائرية، كما ألقيت محاضرة في جامعة تيال و هي الجامعة التي تنافس هارفارد و التقيت بالجالية الفلسطينية، كما ألقيت في شهر أفريل محاضرة في جامعة بركلي برفقة المؤرخ محمد حربي حول موضوع الحرب الجزائرية و الإرهاب *كيف تقيمين المستوى الذي وصلت إليه الرواية في الجزائر؟ ** مستوى رائع, أنا معجبة بكتابات واسيني الأعرج خاصة أعماله الأخيرة وبالروائي ياسمينة خضرا ,أعتقد أن الساحة الأدبية تسع جميع المبدعين وما يؤلمني هو أن لا يغفر لأي كاتب حقق نجاحا رغم أن هذا النجاح يكون على مستوى جزائري * و كيف هي العلاقة بينك وبين الأديبة فضيلة الفاروق ؟ ** لا أريد أن أدخل في هذا الجدل مع فضيلة الفاروق , لا يمكنني أن أدافع عن نفسي. وأذكر أن القائمين على إحدى القنوات اللبنانية عرضت عليا مبلغا كبيرا مقابل دفاعي عن الشاعر نزار قباني حينها رفضت هذا العرض و قلت بأن أعمال نزار قباني هي التي تدافع عنه. * كانت علامات السعادة والرضا بادية على ملامح وجهك خلال حفل توزيع جائزة مالك حداد فهل ترين بأنك حققت التزامك تجاه هذا الأديب الكبير الذي شكل هاجسا مركزيا لأعمالك الإبداعية, وكيف تردين على الذين يتهمونك بسرقة أعماله؟ ** نحن نكرم من خلال مالك حداد الآخرين , فكم كان مهمشا هذا المبدع , قلت بأنني سأهبه غزالة وحققت هذا الالتزام بعد 10سنوات , لقد شنت علي حملة شرسة انطلاقا من فضيلة و آخرين فأنا أحببت مالك حداد وكلانا انطلق من الشعر لينتهي إلى الرواية، وبالنسبة لي فإنني أبارك كل من يشرف صورة الجزائر , و الجزائر لم تبدو جميلة مع فضيلة وهي امرأة تحب الجزائر لكنها انبهرت بالأضواء *بالرغم من حبك الكبير لهذا الوطن إلا أنك ظلمت فيه أكثر من مرة من خلال الإقصاء و التهميش الذي تعرضت له في بداية مسارك الإبداعي ما حدث لوالدك و أحداث أخرى ربما لم نسمع بها...ماهو تعليقك؟ ** والدي كان من الرجال الذين كانو مسؤولين عن توزيع الأملاك الشاغرة بعد خروج الاستعمار من بلادنا , كان كبيرا وشريفا و لم يملك شيئا و إنما ترفع عن أشياء سرقوها و أمي تعرضت إلى التفتيش لأنها والدة جمركي و أهانوني مرة عندما منعوني من دخول الفندق لأنهم سمعوني أتكلم باللهجة الجزائرية و سمحوا لأصدقائي الذين يتكلمون باللهجة اللبنانية بالدخول فقلت لهم : في لبنان كرمت لأنني جزائرية *وكيف تعاملت مع الهجمات الشرسة عليك؟ حوربت في فرنسا من طرف الكتاب الفرانكفونيين لأنني استحوذت على الساحة الأدبية خاصة بعد أن ترجمت رواية ذاكرة الجسد , وكانوا يتهمون اللغة العربية بأنها لغة تحمل جينات إجرامية. اعتبر أن الصمت جزء من الإبداع واعتبر كل ماهو خارج عن الكتابة ثرثرة و أنا ملك لهذا الوطن و أعتقد أن الشباب سيدافع عني إذا أحس بقربه مني فالجزائري يدافع عنك إذا أحس بأنك صورته , فإذا هوجمت آسيا جبار لن يدافع عنها الجزائريون لأن أدبها بعيد عن الصورة الواقعية للجزائر الحالية. *لاشك وأنك سمعت بمحنة الكاتب شريبط الذي يصارع المرض وحيدا دون أن يلتفت إليه أحد , فما هو رد فعلك الجزائري على تجاهل معاناة ومأساة الكاتب الجزائري؟ **ماذا تنتظر وزارة الثقافة فشريبط مريض ولديه كرامة ولا يملك من يساعده على العلاج فهل ينتظرون حتى يبيع إحدى أعضاءه , أنا أعبر عن تضامني الكبير مع هذا المبدع وإذا لم يساعدوه سأعمل لهم فضيحة في القنوات العربية فأين هي ميزانية الجزائر وميزانية وزارة. * عن جريدة الوسط |
حوار مع الشاعرة اباء اسماعيل :D
|
![]() إباء اسماعيل في حوار مع ديوان العرب:أ ولوياتنا إنعاش الحركة الأدبية والثقافية العربية في المهجر١٠أيار (مايو) ٢٠٠٧ أجرى الحوار عادل سالم أخت إباء ما هو شعورك بعد فوزك برئاسة رابطة القلم العربية الأمريكية في متشيغان؟؟ أن أتجرّد من جلد طفولتي الشاعرة قليلاً ، وأرتدي ربطة عنق حاسمةوحازمة ، أن أقود السفينة بجرأة القبطان وقدرة تحكمه على تسييس الماءلصالح الركاب. أن مسؤوليتي دفع السفينة إلى مدى أبعد مما هو كائن .. لمْتسكنني طيور الفرح في تلك اللحظات ، كانت شعلة إرادتي وإيقاع هواجسيتدفعني لأن أضع بصمتي الجديدة، وحلمي الحميم أن لاتُمحى على مرّ الأنامل والرؤى واللحظات اللامتناهية. كيف يمكن أن نصف الكتاب العرب في المهجر؟ مجتمع أدبي ثقافي إبداعي متكامل وغني يحمل ذات مواصفات المجتمعاتالأدبية والابداعية والثقافية في العالم العربي . ولكنه مصغَّر ومتعددالجنسيات وأكثر جرأةً وانفتاحاً على الثقافات الغربية التي يقيم فيها ،ولكن ليس بالضرورة أكثر إبداعاً أو تميّزاً! تماماً كما في العالم العربي،التيارات الأدبية والشعرية تأخذ منحاها ، والصراعات الحداثية والتقليديةيمكن أيضاً رصدها بدقة. هل هم جزء من أمتهم التي هاجروا منها أم أصبحوا جزءا من وطن جديد يحلمون به؟؟ الإثنان معاً . سأنطلق من تجربتي كشاعرة مغتربة في الولايات المتحدة الآنلأكثر من عشرين عاماً. وهذا ينطبق تقريباً على الجميع، بما فيهم الجيلالثاني من الأدباء الأمريكان من جذور عربية الذي يمكنك أن تقرأ شراراتقلمهم وهي تنبض بوطنين: الأول ذلك الذي سمع عنه من والديه ، وذلك الذي نشأفيه . إن أي انسان سواءً كان أديباً أو لم يكن، يحمل في وجوده الانسانيطاقتين: الإولى ماضيه وتاريخه البعيد وانتماءاته القديمه بحجم وطن ،والثانيه عالمه الحديث جداً الذي يستوعِب حاضره ومستقبله ، وكل ما تحملهروحه من أعباء وآمال. تنصهر تلك التجربة الانسانية في ذات المبدعين لتشكلحالة متميزة في أدبهم وفكرهم وإبداعهم ، ابتداءً من تعاطيهم مع لغتين ،إلى وطنين ، إلى شعبين ، إلى تناقضات مثيرة للجدل قد تودي بالبعض للعيش فيحالة شيزوفرينيا انسانية وابداعية في آن ، ولكنها حالة صحية وطبيعية علىماأرى ، لأنها تشكل حالة انسجام في النهاية مع ذاته كمبدع. ما هو دوركم في الوسط الذي تعيشون فيه (الولايات المتحدة) هل استطعتم الوصول للقارئ الأمريكي؟ لدينا أولويات ، وأولوياتنا إنعاش الحركة الأدبية والثقافية العربيةفي المهجر الأمريكي باللغتين العربية والانكليزية من خلال إقامة الأمسياتالأدبية و الندوات الثقافية الشهرية ونشر كتاب نصف سنوي ( صفحات مهجرية) يعكس تجربة الأدباء العرب الأمريكان في اللغتين العربية والانكليزية ،وكذلك لانستثني عطاءات الأدباء العرب في الداخل. ولكننا في ذات الوقت ،نأخذ بعين الاعتبار المتلقي باللغة الانكليزية سواءً كان أمريكياً أوناطقاً باللغة الانكليزية ، سواءً في إقامة الأمسيات الأدبية والندوات أوالمنشورات، جميعها تستوعب المتلقي العربي في الداخل والخارج ، والمتلقيالأمريكي ، لأن الكثير من المشاركين في الأمسيات تكون قرءاتهم باللغةالانكليزية. ماذا تضم جمعيتكم؟ كتابا عربا أم أمريكيين أم خليطا من كليهما؟ كرابطة عربية أمريكية ، فإن جميع أعضائها هم من العرب الأمريكان. يشترطالنظام الداخلي- البند الأول من المادة السابعة في الفصل السابع يقول ضمنشروط الانتماء إلى الرابطة ، أن تتوفر في المتقدم للعضوية شروط الاقامة فيأمريكا الشمالية وهذه أيضاً تشمل كندا، أي أن تكون إقامتهم شرعية فيالولايات المتحدة . طبعاً هناك لائحة أعضاء شرف لاتنطبق عليهم هذهالمواصفات ، تتضمن أعضاءً يشترط فيهم التميز الابداعي في أية لغة ومن أيةدولة في العالم. ما الذي استطاع كتاب المهجر أن يضيفوه إلى الحركة الثقافية العربية؟ هذا السؤال الموسوعي يصلح لأن يكون عنوان كتاب!! ولكن كمحاولة منيللإختصار أقول: كل كاتب أو مبدع مهجري بالتأكيد أضاف ليس فقط للحركةالثقافية العربية بل الأمريكية أيضاً . الحالات متفرِّدة ولا يمكن في هذاالسياق تعميمها على الجميع. من المفروض دراسة نتاج كل كاتب على حدى كي نصلإلى النتيجة المرجوة.. أرى بأنّ الحركة الثقافية العربية في الولاياتالمتحدة ليست أكثر تطوراً مما هي عليه في العالم العربي .وما أضافته إلىالحركة الثقافية العربية هو إنتاج إبداع مُغاير من تقصيه مناحٍ كثيرةكالترجمة من وإلى العربية والتطور المقصود به هنا الإبداع و الحداثة والجودة . هي في بعض الأحيان ربما أكثر جرأة من حيث المضمون. هل تكتبون أو تصورون في إبداعاتكم مشاكل العربي المهاجر أم لا زلتم مربوطين بالماضي وبحارات الشام وعمان والقاهرة وبغداد؟ لا أسمح لنفسي أن أتحدث بلسان كتاب المهجر جميعاً. لكل كاتب خصوصيتهوتجربته وعطاءه الابداعي المختلف . هناك مَن الشعراء والكتاب ممن التزمواهذا الخط بشكلٍ عفوي دون أن يقفوا عنده ، وعلى النقيض ، هناك من الكتابوالشعراء ممن انغمست كتاباتهم في الأجواء الأمريكية وتفاعلوا معها بشكلٍكامل ودائماً هناك حكايات الأب والأم والجدة حول الوطن الأم الذي لميعيشوه بل كان تاريخاً وقصصاً من حكايات الأهل والأجداد . معظمهم وصلالخطين معاً ، فالمبدع هو في النهاية انسان، والانسان هو ابن ماضيه وحاضرهومستقبله عاش ويعيش ويتفاعَل ويصنع ويحلم ويبدع ، وعملية الانصهار في هذهالتجربة الابداعية أكبر من أن تتشكل من مساحة لونية بيضاء ونقيضها المساحةالسوداء!! |
هل مؤسستكم مسجلة رسميا ضمن المؤسسات الثقافية الأمريكية
رابطة القلم العربية الأمريكية هي مؤسسة مسجلة رسمياً لدى الدوائر الرسمية في الحكومة الأمريكية في ولاية ميتشغن. هل لديكم علاقات مع اتحادات كتاب عربية؟العلاقات والتواصل حتى هذه اللحظة ليس على مستوى رسمي بل على مستوى ابداعي . لنعد لك سيدة إباء، تكتبين الشعر منذ سنوات، فهل تشعرين برضى عن قراء الشعر أم تشعرين أن من يقرأون الشعر في انخفاض دائم؟ بعد دخولنا إلى عالم النت، كشاعرة أقول: إنّ الأرقام التي تخطف بصريعلى الشاشة الألكترونية وعدد قرّاء الشعر هم في ازدياد مذهِل . أؤمن أنالقارئ العربي من خلال تواصلي الدائم معه هو قارئ مثقف ويميّزجيداً مايقرأمن شعر . هو في كثير من الأحيان ، ناقد جيد أيضاً . وفي أحايين أخرى، إمامادح أو هجّاء!!! أحياناً أشعر بأن القارئ العربي ينجرف بمشاعره أكثر منعقلانيته وهو يعبر عن موقفه من عمل أدبي ما وبشكل خاص مايتعلق بالشعر. لربما هذا ينطبق أكثر على القراء الذين هم في سن الشباب المبكر . ما رأيك بما أفرزته الشبكة العنكبوتية من ثورة في المعلومات، هل أثر ذلك على الشعر إيجابا أم سلبا؟ شبكة الانترنت كما ذكرت في السؤال، أفرزت ثورة في المعلومات ، بل وأكثر منذلك. أدى هذا إلى انتشار كل شيء على الشبكة وتواصل كل واحد بالجميع،الشعراء بالشعراء ، الشعر بالشعر والشعر بالنثر ، شعراء المهجر بشعراءالعالم العربي ، الشعراء الشباب بالشعراء الأكبر سناً وخبرة ، شعراءالمغرب العربي والخليج العربي بشعراء بلاد الشام وشعراء المهجر .. يا لهذاالمزيج!! النتيجة هي حالة انصهار وتفاعل بين الأدباء والشعراء.. تفاعلخبرات ، حوار ثقافي أحياناً حاد بسبب اختلاف العوالم الشعرية التي تحملهاصياغة كل شاعر انطلق من بلد ما ، ويحمل ثقافة ما … وأحياناً حالة اكتشافمضيئة تُغني تجارب الشعراء ليبدعوا أكثر فأكثر .. الشعر انتشر كالماءوالهواء والنار .. وعملية البحث باتت خصبة ومدهشة .. مع كل هذا ، تبقى بعضالمشاكل العالقة ، شعرياً، موضوع حديثنا ، وهناك مشاكل أخرى كثيرة أخرىلامجال لذكرها هنا . الفرص متاحة لكل من يريد أن ينشر ما يريد في مواقعكثيرة ويسمي هذا شعراً ، أما عن اللغة ، فحدِّث ولاحرج !!!! الأقلامالشعرية الجديدة التي نقرأ ونتابع لها ونتحمل مسؤولية بعضها نحن بما نقومبه من تشجيع وإمساك يدهم و الأخذ بهم إلى مسارات حقيقية وصحية وصحيحة فيمجال الشعر، كثير منها ، وبشكل خاص تلك التي لاتريد أن تسمع الآراءالنقدية لتغير وتتطور وتصقل موهبتها ، تستعجل كلمات الثناء والمديح،فبدلاً من أن تتعلم وتطور نفسها ، تبتعد عمن يوجه إليها النقد البناء ،وتتجه إلى مواقع تكيل إليها المدائح لتصنع شيئاً شعرياً من أوهام شعرية – وما أكثر تلك المواقع التي تأخذ الطابع التجاري الذي يخنق أنفاس الشعر بمايحمل من هواء نظيف – لكن ، بشكل عام ، مجتمع الشعراء ، شرقاً وغرباًشمالاً وجنوباً ، رغم تناقضاته ، بما يحمل من كلاسيكية وتقليدية وتفعيليةونثرية الخ ، أشعر بأنه بدأ يتواصل إلى أفق يتقارب ولو ببطء ليستوعب كلواحدٍ الأخر حتى ولو لم يتبنَّ وجهات نظره . وكيف استطاعت رابطتكم استغلال الشبكة في التواصل مع أعضائها؟ إذا وجد الماء بطُل التيمم !!! هذه الحكمة تنطبق على واقع الرابطة فيالوقت الحالي . الكل يتواصل مع الكل هاتفياً وعبر اللقاءات الشهرية سواءًفي اجتماعات الرابطة الرسمية أو في الندوة الثقافية الشهرية. أما أعضاءالرابطة ممن يقيمون في ولايات خارج ولاية ميتشغن – مقر الرابطة - نتواصلمعهم ألكترونياً و هاتفياً . عندما تقيمون ندوات ثقافية عربية في الولاياتالمتحدة، هل يشارك الجيل المولود في أمريكا تلك الأمسيات أم أن روادكم منالجيل الذي هاجر إلى أمريكا في سن الرشد؟ بالفعل لقد شارك معنا في الأمسيات والندوات الثقافية بعض من المواهبالشابة المولودين في الولايات المتحدة. يجدر بالذكر أن رايطة القلمالعربية الأمريكية تُعنى بالأدب والثقافة لأدباء المهجر باللغتين العربيةوالانكليزية أيضاً . ليس هذا وحسب، بل إن المشاركات لاتقتصر على الأدبفقط، يشارك في أمسياتنا أيضاً فنانون تشكيليون أيضاً وأحياناً مبدعون منالوطن الأم . يشكل الطفل جزءاً مهماً من اهتمامنا ، وعني أنا كشاعرة ،كتابة شعر الأطفال هي واحدة من اهتماماتي الكثيرة بالطفل، وكرئيسة تحريرمجلة صفحات مهجرية ، يجد القارئ دائماً زوايا خاصة بالأطفال والشبابالصغار بأقلامهم ، وزاوية أخرى للأدب الموجه للأطفال . سواءً يكتبونباللغة العربية أو الانكليزية إنني أولي عناية خاصة بالأطفال ولي اهتمامورغبة في اكتشاف مواهبهم . إن لدي هاجس في اكتشاف المواهب الجديدة ومازالتالخطة هذه في عملية بحثي الدائمة عن المواهب الشابة من الجيل الجديد قائمةوأضعها من أولويات اهتمامي وبشكل الخاص في افساح المجال لهم بالمشاركة فيالفعاليات الثقافية للرابطة. .. هل نستطيع القول أن الكتاب العرب المهاجرين قد تأثروا أو أثروا في الكتاب الأمريكيين؟ ضمن خبرتي وتواجدي في الولايات المتحدة تحديداً و لواحدٍ وعشرين سنه أقول: الكتاب العرب الأمريكان الذين ولدوا في الولايات المتحدة ويكتبون باللغةالانكليزية هم أكثر تأثراً وتأثيراً في الثقافة الأمريكية. لأنهم دخلوا فينسيج المجتمع الأمريكي من الداخل . خذ مثلاً الراحل د. ادوارد سعيد ،الصحفي ريموند حنانية الشاعرة نعومي شهاب ناي والشاعر د. خالد مطاوعوغيرهم… الفئة الأخرى هي التي استقرت في الولايات المتحدة في سن الرشد ،تكتب باللغة العربية ولكنها على تواصل مع الثقافتين العربية والأمريكيةوتنشط في مجال الترجمة ، تحقق معادلة ما من حيث التأثر والتأثير. الفئةالثالثة وقد أصبحت قليلة نسبياً ولكنها موجودة فعلاً. هي تلك الفئةالبعيدة كل البعد عن التأثير والتأثر بالكتاب الأمريكان ويالثقافةالأمريكية وتكتب باللغة العربية بروح عربية كما لو أنها نسيج أو خليةهاربة من بلد عربي ما ومازالت تحتفظ بخواصها العربية الأصيلة غير المؤثرةوغير المتأثرة بالثقافة الأمريكية.. في الواقع، تحضرني أسماء كثيرة جداًومعرفة شخصية بالفئات الثلاثة . وهذه جديرة فعلاً لأن يُكتب عنها في موضوعمنفصل. ماذا لديكم من مشاريع مستقبلية؟؟ طموحاتنا كثيرة ولكن علينا بالمقابل أن نكون واقعيين كي تكون خطاناقائمة على أرضية ثابتة لها مصداقيتها . نفكِّر جدياً بإقامة مهرجان سنويللمبدعين العرب الأمريكان يشمل معرضاً للكتاب ، معرضاً للفن التشكيلي، ومحاضرات وأمسيات أدبية، شعرية وندوات ثقافية . وهذا يرفد و يكمل ما نقومبه الآن من إقامة أمسيات وندوات شهرية نستضيف فيها أدباء وشعراء ومحاضرينوفنانين ونلقى تجاوباً من التغطية الصحفية ومن الحضور الذي رغم تواضعه – يقتصر للأسف على النخبة- رغم أن الأمسيات مفتوحة والدعوة عامة ومجانية ،لكن من الواضح أن الجالية العربية الأمريكية تفضِّل أن تحضر أمسية لنانسيعجرم أو وعمرو دياب مثلاً على أن تحضر أمسية أدبية لرابطة القلم العربيةالأمريكية! هل يقرأ أطفالك ما تكتبينه وكيف يتعاملون مع انشغال أمهم في الأمسيات الثقافية؟ إن الأدب المخصص للكبار يقرأه الكبار . ولا أرى من المناسب الآن أنأطلعهم عليه. ولكن النصوص والقصائد التي أكتبها للأطفال، تلك التي أطلعالأولاد عليها في الوقت الحالي. عندما يكبرون، ستكون جميع أحرفي بينأيديهم ولهم. هم في كثير من الأحيان يحضرون الأمسيات والمحاضرات الأدبية والثقافية وليسالمهم جداً أن يستوعبوا كل ما يُقال، بل الأهم أن يعيشوا تلك الأجواءالثقافية ويستوعبوا أهميتها. وأهمية ما نقوم به . |
حوار مع المترجم البريطاني أنتوني جوزيف كالدربانك :D
|
القراء الإنجليز اصيبوا بخيبة أمل في الروايات المترجمة من العربية ![]() انتوني جوزيف كالدربانك طامي السميري: السيد أنتوني جوزيف كالدربانك البريطاني الجنسية والذي يعمل مساعدا لمدير مكتب المجلس الثقافي البريطاني، قام بترجمة عدد من القصص القصيرة في أوائل التسعينات منها أربع قصص فلسطينية في مجموعة لنور وعبد الوهاب المسيري عنوانها أرض الزعتر والحجر ولا يزال يترجم القصص القصيرة والنبذ الأدبية الأخرى لمجلة بانيبال البريطانية، وكذلك قام بترجمة العديد من الروايات العربية الخباء، الباذنجة الزرقاء لميرال الطحاوي، ذات لصنع الله ابراهيم، رادوبيس لنجيب محفوط.والقارورة ليوسف المحيمد. وفي هذا الحوار نتعرف على ملامح تجربته في ترجمة الاعمال الروائية العربية الى اللغة الانجليزية. في البداية نحب أن نتعرف على مسيرتك في الاطلاع على الأدب العربي وخصوصا في مجال الرواية. بدأت قراءة الأدب العربي وأنا طالب في جامعة مانشستر حيث درست اللغة العربية هناك في قسم الدراسات الشرق أوسطية ولكن في هذه المرحلة المبكرة من اللغة كانت قراءة الأدب تجربة صعبة. مستوى اللغة لم يكن كفاية لاستيعاب الرواية بشكل مباشر وكانت عملية القراءة بطيئة وغير تلقائية. إلا أننا في هذه الفترة اطلعنا على بعض الأعمال العظيمة في التراث العربي مثل المتنبي والجاحظ وامرىء القيس مما استفدت منه كثيرا فيما بعد. انتقلت بعد الدراسة إلى القاهرة لكي أتعمق في اللغة وأعيش في بيئتها ووجدت بعد فترة قصيرة أن قدرتي على اللغة .ليس فقط الفصحى بل العامية أيضا قد تحسنت بحيث أنه كان بإمكاني أن أقرأ بسهولة اكبر بكثير وأستوعب النصوص التي بين يدي وأقدرها بفعالية ومن هنا بدأت أقرأ محفوظ وادريس وانيس منصور وكتاب مصريين آخرين ولكن كانت معرفتي بكتاب عرب من جنسيات أخرى ما زالت محدودة للغاية. تجربتك الأولى في ترجمة الرواية العربية كانت مع روايات ميرال الطحاوي. كيف كانت هذه التجربة وبماذا تميزت روايات ميرال؟ أول رواية ترجمتها كانت الخباء لميرال الطحاوي. هي رواية قصيرة ذات طابع أسطوري سحري يخلط بين الأحداث الواقعية والحكايات الفلكلورية البدوية. احتاجت الترجمة إلى الكثير من التصرف مني كي انتج نصا يقبله القارئ الإنجليزي خصوصا مع أبيات الشعر والحكم البدوية وعلى سبيل المثال في بعض الأحيان الترجمة تعطي معلومات زيادة تشرح سياق البيت بدلا من ترجمة حرفية. فأنا اجتمعت مع الكاتبة لمناقشة بعض النقاط في النص لكي أتوصل إلى فهم عميق للنص والاختيارات التي قامت بها ميرال. أسلوب ميرال صعب ومعقد مليء بالإشارات إلى الأدب الكلاسيكي ليس كل قارئ مصري يفهمه بشكل كامل وأعتقد أن الترجمة الإنجليزية يكون أسهل فهما بالنسبة إلى القارئ من الأصل العربي. تعلمت من هذه التجربة ضرورة الاتصال بالكاتب من أجل الحصول على فهم مضبوط ليس فقط للنص بل أيضا للدوافع والأهداف التي وراءه . كمترجم إلى أي حد تتدخل في تفاصيل العمل المترجم وهل يتم ذلك بالاتفاق مع الروائي صاحب العمل؟ أتدخل بالتأكيد ولكن حسب أسلوب النص الأصلي فعلى سبيل المثال التدخلات أكثر مع رواية لميرال منها مع عمل لنجيب محفوظ ويتم هذا أحيانا بالاتفاق مع الكاتب وأحيانا لا فأنا لم أقابل محفوظ ولم يكن هناك حاجة إلى ذلك و أيضا يعتمد على معرفة الكاتب للغة الإنجليزية فعندما ترجمت ذات لصنع الله إبراهيم قام صنع الله بقراءة النص المترجم كاملا لأنه كان يريد أن يطمئن بان الترجمة تعطي نفس الفكرة التي كان يقصدها بالأصل العربي وفي بعض الأحيان دارت بيننا نقاشات حيوية حول الاختيارات المختلفة للكلمة المضبوطة. ما هي عوائق ترجمة الروايات العربية إلى الإنجليزية؟ إن كنت تقصد بالعوائق الحواجز فلا توجد عوائق بالنسبة إلى الترجمة نفسها فكل جملة في العربية قابلة للترجمة إلى الإنجليزية بطريقة أو بأخرى فأرى أن المشكلة تكمن أكثر في مدى تقبل القارئ الإنجليزي للرواية المترجمة فتقاليد الأدب العربي تختلف عن التقاليد الإنجليزية من حيث تطوير الأشخاص وسلسلة الأحداث وتركيبها و سمعت من قراء إنجليز قرءوا روايات مترجمة من العربية عن "خيبة أملهم" من ضعف الشخصيات وأيضا مما يسمونه إفراطاً في العاطفية وقد يعود ذلك إلى خبرة القارئ الإنجليزي مع الرواية منذ قرون وصغر سن الرواية العربية ولكن لا تنس عدم إقبال القارئ الإنجليزي على الأدب المترجم بصفة عامة وليس على اللغة العربية فقط. حدثنا عن تجربتك في ترجمة فخاخ الرائحة ليوسف المحيميد تعرفت على فخاخ الرائحة لأول مرة عندما أرسلت لي الزميلة مارجرت اوبانك محررة مجلة بانيبال في بريطانيا فصلين من الرواية طالبة مني ترجمتها للمجلة فقرأت الفصلين فأعجبتني قوة اللغة وبساطتها وصدقها مع حيوية الشخصيات وجراءة الرواية كان شيئا منعشا وجديدا بالنسبة إلي وكانت أول تجربة مع الرواية السعودية فقررت أن أترجمها على الفور واتصلت بيوسف وطلبت منه نسخة من الرواية فلما قرأتها زدت حماسا للعمل وقمت بترجمتها. أحيانا تتم ترجمة بعض الأعمال إلى الإنجليزية ليس بسبب الجودة الفنية في الرواية ولكن لأنها تلامس بعض الأمور المتعلقة ببيئة المكان. هل يشكل هذا الأمر هاجسا لك في الترجمة؟ بلا شك هناك بعض الأفكار النمطية stereotypes الرائجة حول الآخر في كل المجتمعات ونجد إن أحيانا الناشر يميل إلى نشر القصص أو الروايات التي تخدم هذه الأفكار وعلى سبيل المثال قد يكون الإقبال على أعمال نسائية توحي بأن المرأة العربية مضطهدة دون التركيز على أوجه أخرى من حياتها. أو مثال آخر رواية بنات الرياض فالعنوان مغر والموضوع ممتع ومثير حتى إذا كان الجودة الأدبية ناقصة كما يقول البعض ولكن مع ذلك فيمكنك أن تتأكد أن ترجمتها ستلاقي اهتماما واسعا. ولكن هذا الأمر لا يسبب مشكلة بالنسبة إلي كمترجم لأني قبلت بعض الأعمال التي عرضت علي للترجمة ورفضت البعض الآخر. أعتقد أن كلما كثر عدد الأعمال المترجمة إلى اللغة الإنجليزية فإن الصورة العامة التي تقدمها هذه الأعمال إلى القارئ الأجنبي عن العالم العربي وثقافته ستتسع والاهتمام بالأشياء المعينة الضيقة ستختفي. إلى أي حد انفتاح القارئ الإنجليزي لقراءة الروايات العربية المترجمة؟ هي مشكلة لأن انفتاح القارئ الإنجليزي لقراءة الروايات المترجمة من أي لغة محدود للغاية ونسبة الأعمال المترجمة التي تنشر سنويا ضئيلة جدا بينما تكون النسبة في دول أخرى مثل فرنسا أو ألمانيا أعلى بكثير. فقد يرجع ذلك إلى أسباب كثيرة منها ثروة الأدب الإنجليزي ) أو بالأدق الأدب الذي يكتب بالإنجليزي فيشمل هذا الأدب الأمريكي والأفريقي والهندوباكستاني والأسترالي الخ) مقارنة بالآداب الأوروبية الأخرى. فأنا أعرف شخصيا قراء إنجليز قالوا إنهم لا يقرأون الأشياء المترجمة. هناك روايات عربية تتكئ على مسألة اللغة الشعرية. هذه الروايات هل هي صالحة للترجمة؟ نعم قد تكون مشكلة كبيرة. هناك شعرية في كل لغة ولكنها تعتمد على الأصوات والإيقاعات وبنية الكلمة نفسها أكثر مما تعتمد على الأفكار والدلالات أي الأشياء الخاصة جدا باللغة والملامح العميقة فيها فهو كذلك مثل الفرق بين السوداني والكوري فهذا إنسان وذاك إنسان ولكن شكليهما مختلفان تماما. ترجمة الشعرية مثل أكل الكبسة بالعصايا الصينية أو عزف سوناتا لبيتهوفن على آلات موسيقية يابانية. ترجمة النصوص الأدبية غير ترجمة النشرة الجوية تحتاج إلى تصرف وكم كبير من الخيال والتخيلات فكثيرا عندما أترجم نصا أجد نفسي أمام الكلمة العربية ولكن الكلمة الإنجليزية التي تقابلها من حيث المعنى لا تنفع إطلاقا في السياق الشعري لأنها قصيرة أو طويلة أو لا تبدأ بحرف معين الخ واختياري في الآخر يقع على كلمة بعيدة من الأصل من حيث المعنى ولكن قريبة من حيث القيمة الصوتية. |
- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا - |
- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا - ![]() - ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا - 13 فبراير 2008 هدير البقاليفنانة تشكيلية وكاتبة من مملكة البحرين
كما صارت الرواية ملتقى المعارف والفنون وخزان الأفكار، فتنامى وعي الروائي بالمقارنة مع وعي الشاعر وخاصة في روايات الأطروحة كما عند عبد الكريم غلاب في روايتيه ” دفنا الماضي ، والمعلم علي”، ومبارك ربيع في روايته:” الريح الشتوية”، ومحمد عزيز الحبابي في روايته” جيل الظمإ”، والطاهر وطار في رواياته التي يمجد فيها الثورة الاشتراكية الجزائرية كما في ” الزلزال” ، و” اللاز”، و” عرس بغل”،و” العشق والموت في الزمن الحراشي”. وكل من يتصفح الرواية التراثية أيضا فإنه سيجد نفسه أمام خطاب جمالي زاخر بالحمولات الثقافية والمعرفية والتاريخية كما عند جمال الغيطاني في” الزيني بركات” و” التجليات ” ، ورضوى عاشور في ” ثلاثية الأندلس” ، وأحمد توفيق في روايته” جارات أبي موسى”، وبنسالم حميش في روايتيه:” مجنون الحكم”، و”العلامة” … ومن هنا، لم تكتف الرواية بتشخيص الذات كما في الكثير من الروايات الرومانسية كروايات أحمد حسين هيكل و المنفلوطي وإحسان عبد القدوس ويوسف السباعي وعبد الحليم عبد الله …. أو تصوير الواقع ونقده كما في روايات نجيب محفوظ وعبد الرحمن الشرقاوي وتوفيق الحكيم وعبد الكريم غلاب ومبارك ربيع….، بل تعدت ذلك إلى مساءلة آليات الكتابة الروائية كما عند محمد برادة في رواية ” لعبة النسيان” ، وعبد الله العروي في روايته”أوراق”. ومن ثم، يمكن القول بأن الرواية مسلك من مسالك التثقيف ونشر المعرفة والعلم وتشكيل الوعي لدى القارئ المفترض.
ولكن هذا التجريب الروائي تحول عند البعض إلى تمارين وتطبيقات سردية وتطبيق ما تبثه السرديات النقدية بشكل مفتعل ومصطنع دون عفوية إبداعية وخلفية نظرية عربية تؤطر هذا التجريب، لأن القارئ العربي ما زال لم يشبع نهمه من الروايات الكلاسيكية والرومانسية. وظهرت كرد فعل على هذا التجريب الرواية التراثية التي تنهل آلياتها السردية من التراث كما هو الحال عند بنسالم حميش وجمال الغيطاني ورضوى عاشور وأحمد توفيق ومحمود المسعدي في روايته” حدث أبو هريرة قال…”، كما ظهرت مجموعة من الروايات الإسلامية مع الروائي المصري نجيب الكيلاني كرد فعل على الرواية الغربية ذات التصورات الإيديولوجية الشكاكة. أضف إلى ذلك ، أنه لابد اليوم من ناقد جديد موسوعي الثقافة، قادر على تفكيك الرواية وتركيبها، ومتمكن من آليات الفهم والتفسير قصد الإحاطة بجميع قضايا النص وخباياه الشعورية واللاشعورية، له دراية كبيرة بمفاتيح القراءة والتقويم والتوجيه. أي تستوجب الرواية الحديثة اليوم قارئا ثقافيا له باع كبير في مجموعة من المعارف والعلوم والفنون لكي يعطي للرواية نكهتها الخاصة ولذتها الإبداعية الحقيقية من خلال تبني مناهج نقدية حداثية معاصرة .
كما عالجت الرواية العربية مواضيع إنسانية واقعية عبر أجواء أسطورية وميثولوجية وميتافيزيقية كما في رواية:” بدر زمانه” لمبارك ربيع ، و” طوق السراب ” ليحي بزغود، ورواية:” أوديسا الصعود والهبوط والحب” لمحمد الصاوي، وانتقلت الرواية أيضا من العوالم الخرافية إلى العوالم الفانطاستيكية الغرائبية للتأشير على انتقال الإنسان من العقل والوعي إلى اللاعقل واللاوعي قصد التنديد بمواصفات الواقع الدنيئة ومواضعاته المهترئة واحتقار السلطة التي تنشر الإجرام والظلم ، ونقد الإنسان الذي علبته حضارة الأرقام وحنطته الماديات، وهذا واضح في رواية “سماسرة السراب ” لبنسالم حميش، ورواية ” أحلام بقرة ” لمحمد الهرادي، ورواية” الجرذان” ليحي بزغود، ورواية “نوار اللوز” للجزائري واسيني الأعرج … ولم يوظف هذا الخطاب الفني والجمالي والمرجعي الأسطوري والفانطاستيكي إلا لهدفين أساسين: الهدف الأول يراد به إمتاع القارئ المفترض ودغدغته ذهنيا ووجدانيا وفنيا، والهدف الثاني هو أن الروائي يستمتع بعمله الذي حقق فيه لذة النص عن طريق تحريك القطب الفني والقطب الجمالي لإثارة المتلقي المحتمل الذي سيدخل في علاقة تفاعلية مع النص انسجاما مع توقعاته، أو تخييبا لأفق انتظاره، أوتأسيسا لذوق جديد .
لذا، فقد رأينا مجموعة من اللغات تستعمل طوال مسيرة الرواية العربية وهي : اللغة الرومانسية، واللغة الواقعية، واللغة الطبيعية، ولغة التجريد والشاعرية الرمزية، واللغة التراثية. كما يلتجئ الروائي إلى المزج أيضا بين العربية الفصحى والعامية المحلية، أو الانفتاح على اللغات الأجنبية الأخرى للتعبير عن ظاهرة المثاقفة أو التعبير عن خاصية الاحتكاك الحضاري والانفتاح على الآخر. ومن الروايات التي تشتغل على اللغة التراثية نذكر:” الزيني بركات” لجمال الغيطاني، ورواية:” مجنون الحكم “، ورواية:”العلامة” لبنسالم حميش، ورواية ” جارات أبي موسى”لأحمد توفيق . وتتقابل هذه اللغة مع اللغة الشاعرية الرمزية أو ما يسمى عند إيڤ تادييه Yve Tadiéبالمحكي الشاعري كما نجد ذلك في روايات أحمد المديني ولاسيما روايته ” زمن بين الولادة والحلم”، ورواية ” سوانح الصمت والسراب” للروائي المغربي جلول قاسمي. وعليه، فهناك من الروائيين من يستعمل لغة عادية واقعية في أبعادها التعبيرية والتأثيرية ، وهناك من يستعمل لغة شاعرية لخلخلة الجنس الروائي ونسفه داخليا وتحويله إلى خطاب شاعري رمزي مغلف بالتجريد ، وهناك من ستعمل لغة متعددة الأصوات كالتهجين والباروديا والتناص والحوارية وتشغيل صورة اللغة والطاقة البلاغية وتنويع الأساليب كما في العديد من الروايات التراثية عند جمال الغيطاني وبنسالم حميش ومحمد برادة وإميل حبيبي ورضوى عاشور ومحمود المسعدي. ومن ثم، فكثير من الروائيين العرب مهووسون بلغة الكتابة لتخييب أفق انتظار القارئ كما هو حال رواية إميل حبيبي” الوقائع الغريبة في اختفاء سعيد أبي النحس المتشائل” التي تقوم على المستنسخات النصية والإكثار من الإحالات التناصية والمزاوجة بين لغة معاصرة ولغة تراثية، وكل هذا من أجل خلق قارئ افتراضي واع بالعمل الأدبي . وينتج عن هذا الطرح، أن لكل رواية قارئها، ويتنوع هذا القارئ حسب طبيعة الرواية ، فننتقل من قارئ عاد يحب قراءة الروايات الكلاسيكية إلى قارئ مثقف واع يستطيع قراءة الروايات التجريبية والنصوص الحداثية. لذا، تبقى اللغة مؤشرا حقيقيا على طبيعة جودة الرواية ومصداقيتها الفنية. كما أن هناك من الروائيين من يستحضر القارئ في الكتابة أثناء انكتابها، وهناك من يتكئ على اللغة وآليات الكتابة والإبداع لكسب الحداثة والسبق الفني |
ولقد أصبحت السياسة محورا فكريا في الرواية المعاصرة ، مهما تنوعت مواضيعها، وتعددت أبعادها الاجتماعية والواقعية، وجنحت إلى الحداثة الشكلية والتنويع الفني. فإن الرواية تعبر عن الأطروحة السياسية إما بطريقة مباشرة وإما بطريقة غير مباشرة. لذلك نقول: إن السياسة حاضرة في كل الخطابات والفنون والأجناس الأدبية. وتتمظهر بجلاء ووضوح في فن الرواية التي تعكس نثرية الواقع وصراع الذات مع الموضوع والصراع الطبقي والسياسي والتفاوت الاجتماعي وتناحر العقائد والإيديولوجيات والتركيز على الرهان السياسي من خلال نقد الواقع السائد واستشراف الممكن السياسي. وتستند الرواية السياسية أيضا إلى بلاغة الإقناع والدعاية والتحريض والالتزام وتبليغ الأطروحة المقصودة بشتى الوسائل لأن الغاية تبررها وتعضدها . كما تنبني على بلاغة التكرار لتحريك الشعور السياسي والإيهام الثقافي. وتلتجئ هذه الرواية إلى السرد التفصيلي والحوار التسجيلي والمنحى الواقعي لتسجيل المعطى وتهويله وتصويره سلبا أو إيجابا. وتشحن الرواية ذات الأطروحة السياسية بتعاليم تنزع إلى توضيح حقيقة عقائدية وسياسية، وتصبح هذه التعاليم العقائدية السياسية بؤرة تعكس مفهوم الأطروحة في الرواية . ويضطر الروائي في هذا النوع من الروايات إلى اختلاق شخصيات متصارعة وتهيئ برامج سردية ذات مواقف متطاحنة خدمة منه للأفكار والولاءات السياسية آو الإيديولوجية للقارئ. وتتأرجح الرواية السياسية بين الجانب الروائي والجانب الأطروحي . وإذا كانت الرواية السياسية سواء الكلاسيكية منها أم المعاصرة تنصب على الحاضر و تعالج الراهن بطريقة سياسية مباشرة أو رمزية لتصوير غياب الديمقراطية و انعدام حقوق الإنسان و نقل عذاب الإنسان في السجون والمعتقلات السياسية و مارستانات التعذيب و “التجنين” و “التحميق”، و ما يتعرض له السجين من نفي و إقصاء و تصفية و تنكيل وقهر من قبل السلطات الحاكمة أو السلطات المستعمرة، فان أغلب هذه الروايات سقطت في أدب الدعاية و أحادية الإيديولوجية و رفع شعارات التحريض و الثورة و محاكاة الواقع بطريق سطحية مما أوقعها في الابتذال و التجاوز الفني لها، ناهيك عن سقوطها في التقريرية وأدب الوثائق والبرامج السياسية مما جعلها بعيدة عن الخلود الفني و المتعة الجمالية وإثارة المتلقي إقناعا و إمتاعا و تأثيرا. أما رواية التخييل السياسي، كما عند بنسالم حميش في رواية “بروطابوراس ياناس”، ورواية: ” محن الفتى زين شامة”، ورواية” العلامة”، و جمال الغيطاني في رواية” الزيني بركات”، فقد حققت نجاحا كبيرا في التأثير على القراء و تمتيعهم، إذ اعتمد كتابها على استلهام التراث التاريخي و الفلسفي و الصوفي والسياسي للتعبير عن الحاضر بطريقة فنية جميلة قائمة على التهجين، والباروديا (المحاكاة الساخرة)، و الأسلبة، و المفارقة، والتناص، و المعارضة، و محاكاة المصادر و استعمال المستنسخات. فنقل أصحاب هذه الرواية القرار إلى استغوار اللاشعور السياسي و اكتشاف مكبوتات التسييس و تجلياته في “الطابوات”، كما رحلوا به إلى أجواء التراث الوسيط بالخصوص و الزمن الماضي لمعايشة الأجواء السياسية وتناقضات المجتمع و صراع الإنسان مع السلطة القاهرة ليقارنوا ذلك بعصرهم المكهرب الذي يعيشون فيه، كما تخيلوا حاضرهم سياسيا و ذلك من خلال الموروث الرسمي أو الشعبي. ومن هنا، فقد عايش الروائيون العرب المحدثون الواقع السياسي وصفا ونقدا من خلال تجسيده على الورق بطريقة مباشرة وغير مباشرة ، مستعملين في ذلك الترميز وتوظيف الأقنعة التراثية وآليات التعبير الحداثية والكلاسيكية على حد سوا ء.
هذا، وإن مقاربات الأدب المقارن عديدة ومتنوعة، فهناك من يركز على المضمون، وهناك من يركز على الشكل، وهناك من يختار الداخل النصي، وهناك من يفضل الخارج التناصي والمرجعي. وعليه، فللأدب المقارن عدة وظائف هامة منها : الوظيفة الثقافية التي تتمثل في معرفة إنتاجات الشعوب الأخرى، ومعرفة ما لديهم من أفكار وتصورات ومشاريع ونظريات، والتعرف على مشاكل المجتمعات المضادة أو المجاورة أو المتقابلة لمدارستها وتحليلها وتوجيهها الوجهة السليمة ، وتحديد قضاياها الإنسانية والمجتمعية والتعرف على أدبائها مع ترجمة إبداعاتنا وتقديمها إلى هذه الشعوب لخلق مثاقفة حقيقية بناءة قصد بناء علاقات إنسانية متكافئة مبنية على التواصل الحميمي والتعايش والتعارف والتعاطف والتكامل الإدراكي بدلا من التنافر والصراع الجدلي والعدوان. وهناك الوظيفة الثانية للأدب المقارن وهي الوظيفة الإنسانية التي تهدف إلى بناء علاقات إنسانية قائمة على التسامح والتضامن والتعايش المشترك بعيدا عن الإرهاب والتطرف والتهميش والإقصا ء. فمن خلال توظيف الأدب المقارن توظيفا جيدأ ، يمكن إثراء الأدب العالمي وبلورته في خطابي ثقافي إنساني منصهر داخل بوتقة التعاطف والتعاون والتآزر إنسانيا. وهنا لابد من تحريك الترجمة والتعريب ومدارسة اللغات الأجنبية وتشجيع الدراسات المقارنة في مؤسساتنا ومعاهدنا التعليمية من خلال التمكن من أدوات الأدب المقارن الذي يستند إلى المقابلة وقراءة الأفكار والتيارات وعقد مقارنات وموازنات مضمونية وشكلية لمعرفة المصادر والأصول أو اللجوء إلى النقد الثقافي لتفكيك أركيولوجيا خطاب الآخر تفكيكا وبناء لمعرفة الثوابت والمتغيرات في الفكر الإنساني، وتحديد وظائفه وانتقاد التصورات الإيديولوجية وممارسة سلاح الاستغراب في وجه سلاح الاستشرقا ق.
ومن الروائيين الذين شكلنوا رواياتهم نذكر : محمد برادة في” لعبة النسيان”، وأحمد المديني في روايته” زمن بين الولادة والحلم”، وحميد لحمداني في :” رحلة خارج الطريق السيار “، وعبد الله العروي في:” أوراق”، وعمر والقاضي في روايته ” الطائر في العنق”…
فعندما نريد التعبير مثلا عن الغربة، فلماذا لانختار شخصية أبي حيان التوحيدي للتعبير من خلالها عن اغتراب الذات المثقفة المعاصرة وتبيان شجونها وهلوساتها وصراعاتها النفسية الداخلية والموضوعية؟! وحينما نريد التعبير عن أدب المنفى فثمة شخصيات عدة تعرضت للسحن والتعذيب القسري ، فمن خلالها نستطيع أن نبني خطابا روائيا إنسانيا ممتعا ومثيرا كما فعل بنسالم حميش في ” مجنون الحكم ” ، وجمال الغيطاني في:” الزيني بركات” .
لذا، أرى أن الرواية التراثية أو الرواية الأصيلة هي الطريقة الفضلى في التعبير والكتابة والإبداع والتميز بدلا من الانسياق وراء الوصفات الجاهزة للنقد السردي الغربي المعاصر الذي يسقط روائيينا في التقليد والاجترار والتمرينية القاتلة. |
حوارٌ مع الكاتب والمفكر الفلسطيني ..إدوارد سعيد :D
|
![]() قبل فترة قصيرة من رحيله وبعد صراع مع مرض اللوكيميا اللمفاوية المزمنة دام عقداً ونيفاً من الزمن، وافق المفكر الفلسطيني إدوارد سعيد أن يجري حواراً استثنائياً مع الباحثين اللبنانيين- الفرنسيين كريم إميل بيطار وروبير فاضل، مخلاً بالوعد الذي كان قطعه على نفسه بعدم إجراء أي حوار تبعاً لظروفه الصحية. والحوار الذي لم ينشر في أي صحيفة أو مجلة نشره الباحثان في كتابهما المشترك الصادر حديثاً في باريس بعنوان «نظرات الى فرنسا» (دار سوي). في هذا الكتاب يشارك ثلاثون مفكراً وباحثاً من العالم متحدثين من وجهة نظرهم عن فرنسا، سياسياً واقتصادياً وثقافياً، ومحللين «الأزمة الوجودية» التي تعيشها فرنسا راهناً. ومن الذيـــن شاركـــوا في الكتاب عبر حوارات أو دراسات: محمــد أركون، بطرس بطرس غالي، جورج قرم، كارلوس فوينتس، فاتسلاف هافل، ستانلي هوفمان، تيودور زيلدن وسواهم. يكتسب هذا الحوار الأخير مع إدوارد سعيد طابعاً خاصاً نظراً الى أنه يأتي بمثابة «وصية الى فرنسا»، ويحمل بعداً رمزياً مهماً، فالمفكر الراحل وجّه كلماته الأخيرة الى فرنسا ومفكريها، هو الذي خبر الثقافة والأدب الفرنسيين بعمق، على رغم إقامته في الولايات المتحدة وكان من المثقفين النادرين، الملتزمين نهجاً فكرياً عالمياً. وتكمن فرادة هذا الحوار في كونه يكشف وجهاً شبه مجهول من صاحب «الاستشراق». هنا مقتطفات من الحوار غير المنشور: يتحدث إدوارد سعيد عن علاقته الشخصية بفرنسا وبدايات تعرفه الى ثقافة هذا البلد، وكان والده شارك خلال الحرب العالمية الأولى، في الحملة العسكرية الأميركية التي أتت لمساندة فرنسا قائلاً: «بالنسبة الى شخص مثلي، ترعرع في فترة الانتداب البريطاني في فلسطين ومصر، طالما شكلت فرنسا الخيار البديل. وكان لي كثير من الأصدقاء الناطقين باللغة الفرنسية، لا سيما في فيكتوريا كوليج في القاهرة وفي نوادي القاهرة حيث كنت أتمرن على لعب التنس. وبالتالي من الطبيعي أن تصبح اللغة الفرنسية اللغة البديلة والثقافة الفرنسية الثقافة البديلة بالنسبة إلي. إلا أنّ معرفتي بفرنسا كانت سطحية فلم يسبق لي أن زرت ذلك البلد. وكانت تقتصر على ما جلبه أبي من ذكريات: فرنسا، حب الحياة وبلد الجنس والنبيذ وكل هذه الكليشيهات. والغريب انني انتظرت مجيئي الى الولايات المتحدة في مطلع الخمسينات من القرن الفائت لمتابعة دراستي الثانوية، وأبدأ بالغوص في الأدب الفرنسي. وأذكر أن اتصالي الأول بالأدب الفرنسي حصل في سن المراهقة، عبر نص «الجدار» لسارتر. وقد تأثرت كثيراً بآفاق هذا الكتاب الفلسفية والفكرية، وأدهشتني التعددية التي ينطوي عليها، لا سيما بالمقارنة مع الأدب الأميركي. ففي الفترة عينها، كنا نقرأ جون شتينباك إلا أن أسلوب سارتر ونظرته الى العالم مختلفان تماماً. وقد سحرني هذا الاختلاف. وما أن بلغت السابعة عشرة من عمري ودخلت جامعة برنستون، حتى التحقت بعدد من الدروس التي تتمحور حول الأدب الفرنسي، وكان يقدمها أستاذان رائعان. وكانت تدور حول الرمزية والرواية الفرنسية الحديثة، إضافة الى ما بعد الرمزية والسوريالية. وكانت المحاضرات خالية من أية نقاشات أو حوارات، كانت مجرد دروس نظرية غنية بالاقتباسات وعدد من المراجع التي كان يوصى الطلاب بقراءتها في نهاية كل حصة. لقد جُذبت كثيراً الى مفهوم التاريخ الثقافي في ذلك الوقت وتأثرت به. وسمحت لي قراءاتي باكتشاف فرنسا، هذا البلد الذي لم أذهب لزيارته زيارة مطولة إلا في العقد الثالث من عمري». |
الساعة بإيدك هلق يا سيدي 01:35 (بحسب عمك غرينتش الكبير +3) |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
ما بخفيك.. في قسم لا بأس به من الحقوق محفوظة، بس كمان من شان الحق والباطل في جزء مالنا علاقة فيه ولا محفوظ ولا من يحزنون