أخوية

أخوية (http://www.akhawia.net/forum.php)
-   قرأت لك (http://www.akhawia.net/forumdisplay.php?f=19)
-   -   حوارات (http://www.akhawia.net/showthread.php?t=87828)

اسبيرانزا 30/12/2007 17:40

لمى عيزوقي: حبذا لو تعطينا الدكتورة نوال فكرة مختصرة عن المواضيع التي تناولتها في حياتها وعن أهم النشاطات الإنسانية التي قامت بها في مصر و في خارجها؟

نوال السعداوي: صعب في خلال دقائق أن ألخص ما كتبت، فأصدر لي أربعون كتابا أعيد نشرها. عليك أن تقرئيها لمعرفة الإجابة على السؤال. لكن بشكل مختصر، الفكرة الأساسية في مؤلفاتي هي الربط بين تحرير المرأة والإنسان من ناحية وتحرير الوطن من ناحية أخرى في نواحي ثقافية و اجتماعية و سياسية. كما أحاول أن أدرس الأديان لمعرفة ما يحدث في مصر وأربط بين مجالات المعرفة التي تم فصلها من خلال دراستنا الأكاديمية في الجامعات.

ناهد تاج هاشم - الكويت: ... أريد أن أسألك عن رأيك فيما يحدث حاليا. كثيرا ما يخلط بعض من أبناء الجيل الحالي بين مفهوم حرية المرأة كإنسان بالدرجة الأولى والقيام بأعمال ليست مناسبة للمرأة (من منطلق السعي للمساواة بين الرجل والمرأة)؟

نوال السعداوي: من قال أن المرأة يجب أن تكون مثل الرجل. ما أقوله إن المرأة إنسانة لها جميع الحقوق. صحيح أن الرجل مستعبد والمرأة مستعبدة، لكن استعباد المرأة ضعف استعباد الرجل. ما يحدث هو أن جسد المرأة يعرض للاستهلاك في السوق الحرة، حيث يعرض عليها إما تغطية أو تعرية جسدها. وهكذا صارت المرأة أداة في هذه السوق من قبل التيارات الدينية المسيطرة.

حسام أبو الفتوح: ما وجهة نظرك في التعديلات الدستورية الحالية؟ وهل سوف تحدث تغييرا في تاريخ مصر؟

نوال السعداوي: لن تحدث سوى تغييرات طفيفة في الدستور، مثلما حدث قبل الانتخابات الرئاسية. بل على العكس، التغييرات السابقة في الدستور كانت ضد المرشحين الرئاسيين وخاصة المستقلين منهم. عليك أن تتأكد أن تلك التعديلات ليس لها علاقة بحل المشكلة في مصر.

صالح عزيز - لندن: د.نوال أنا من المعجبين بآرائك ومؤلفاتك، ولكن الا تعتقدين بأنك تجاملين أحيانا، من خلال تصريحاتك، الإسلاميين وبذلك تحتفظين - بجسور - ولو ضعيفة مع هؤلاء وهو ما يجعلك عرضة للتهديد أحيانا و امرأة صالحة في نظرهم أحيانا أخرى. أليس من الأجدر بك أن تصري على مواجهتك للرجعية والتخلف المرتبطين، شئنا أم أبينا، بالدين؟

نوال السعداوي: عزيزي صالح، أنا لا أجامل الإسلاميين على الإطلاق. على العكس، أنا أرفض قيام الدولة الدينية وأطالب بفصل الدين عن الدولة وإلغاء المادة الثانية من الدستور المصري التي تعتبر الإسلام مصدر التشريعات.

اسبيرانزا 30/12/2007 17:41

سميح - برايتون - بريطانيا: تواجهك دعاوى قضائية و تهديدات منذ سنوات، ما سر قرارك في مغادرة مصر في هذا التوقيت بالذات حيث مجال الحريات أفضل نسبيا من الماضي؟

نوال السعداوي: عزيزي سميح، في 28 يناير/ كانون الثاني، قامت النيابة المصرية بالتحقيق معي وابنتي الكاتبة منى حلمي في إطار قضية "إزدراء الأديان" الموجهة ضدنا. وتتعلق القضية بمقال واحد كتبت عبرت فيه ابنتي عن رغبتها أن تحمل اسم أبيها وأمها. من ناحية أخرى، منعت خمسة من أعمالي من النشر أيضا. لذلك شعرت بالتهديد من نظام يقدمني للمحاكمة، وشجعتني كل هذه الأسباب على ترك البلاد التي لم أكن أفكر في مغادرتها من قبل. يأتي ذهابي للخارج أيضا بسبب احتياجي إلى الهدوء لكتابة رواية جديدة وكذلك دعوتي لحضور عدة مناسبات في الخارج كمؤتمر في روتردام و آخر في بروكسيل ودعوة أخرى لاستلام جائزة الأدب الأفريقي من جامعة ويست فرجينيا. إضافة إلى دعوى أخرى بالتطليق (الحسبة)، وهي قضية جديدة غير مرتبطة بقضية أخرى رفعت للتفريق بيني وبين زوجي بالقوة في عام 2001. لكني لا أعرف لماذا رفعت قضية أخرى ضدي هذا العام.

اسبيرانزا 30/12/2007 17:44

حوار مع الشاعر المصرى الشاب احمد بخيت :D

اسبيرانزا 30/12/2007 17:47



أدخل رهانا نقديا على اسم شاعر شاب سيتألق بوهج مثير للدهشة في دنيا الإبداع، ليصبح شاعر مصر الأول. إنه أحمد بخيت.. الذي تخطى الثلاثين بقليل، وبهر كل من تعامل مع شعره، بقوته، وعرامته، وصدقه.. بنبضه الكلاسيكي الحي وقدرته على إعادة الشباب للقصيدة العربية… إنه وريث المتنبي، والأمل الموعود للشعر الحديث/ د. صلاح فضل.

.
* أحمد بخيت هذا الفتى الأسمر الذي وصل إلى القاهرة مثقلا بالهواجس والخوف والأحلام، هل كان يعلم أن ما ينتظره هناك – داخل الوسط الأدبي – سيجعله يتخلى عن الكثير من القيم؟

- في مطلع السبعينات قدمنا إلى القاهرة من صعيد مصر، حمل أبي الصعيد الشجاع في ساعديه القويين وحملته أمي مع صرة ملابسي وبعد أسابيع قليلة حمل أبي حقيبته إلى ليبيا للعمل ليوفر لنا الخبز والكتاب ووجدت الصعيدية الوحيدة الأمية نفسها في صحراء الغربة وحدها وفي حجرها عصافير زغب – هم أنا وإخوتي – فأنشبت أقدامها في الأرض لتتحول إلى شجرة تظللنا وحملت الحقيبة وحدي إلى الأول الابتدائي

ومن اليوم الأول أدركت بفزع أني وحدي لا أب يحرس ولا أخ أكبر ينافخ، وليس إلا الكتاب وعليك أن تعرف لتكون وأن تكون صخرة نفسك حيث لا مجال لرفاهية الفشل عليك أن تكون متفوقا حتى الموت إن شئت أن تعيش بكرامتك بين أطفال – حقا – ولكنهم متوحشون أيضا أذا لم تكن جديرا بالحب والاحترام

وهكذا تفوقت دراسيا وكان هذا هو الدرس الذي كان علي أن أتذكره مرة أخرى بعد عشرين عاما حين دخلت الحياة الأدبية، يفضل أن يسميه فاروق شوشة اقتحاما. كان علي كما على كل مبدع حقيقي أن يسير ولا يلتفت، يكتب ولا ينتظر، يعمل ولا يأمل إلا في الله وفيما يكتب وأنا أبتسم حين يلتقيني مثقفون مصريون كبار باحترام وبشاشة مذهلة وكانوا هم أنفسهم من لم يمنحوني دقائق من الاهتمام أو كلمة تشجيع في أول الطريق، لكنني أكن لهم كل مودة فقد علموني بتجاهلهم أن أعرف نفسي وبعدم دعمهم أن أدعم قلبي وبصمتهم أن أجعل كلماتي تصل إلى مسامعهم. ولكن – وللحق – كان هناك حب كبير من الناس ومن بعض المبدعين في كل لحظة من حياتي، دعمني بقوة هائلة للاستمرار

اسبيرانزا 30/12/2007 17:51

* عندما ينتبه أحد النقاد أو الكتاب، ممن يقودون دفة المشهد الأدبي، أن هذا الصوت أو ذاك مختلف تبدأ المتاعب، ألا تعتقد أن على المبدع في هذه الحالة ألا يكتفي بالنص فقط وإنما يتماهى مع دوامة النفاق ليستمر؟

- رغم أني أعتقد أن حسن الظن في وجود عبقريات كثيرة أمر مفرط في التفائل أو السذاجة مما يعني ضرورة أن تثبت كل موهبة جديدة جدارتها بصبر وقوة ليتم الاعتراف بها لأن الحياة الثقافية كثيرا ما شهدت ولادات باهرة لمواليد أثبت الزمن ضعفهم وهشاشتهم وعدم قدرتهم على الاستمرار في التطور إلا أني أظن – وهذا من سوء الظن الذي أتمنى أن يكون من حسن الظن – أن المجتمع الثقافي العربي عامة وليس المصري خاصة شديد الجبن ويفضل التجاهل والانكار والصمت على التبشير بصوت جديد أو الدعم له فإن نجح يمكن تدارك الأمر بكيل مديح متأخر وإغداق كرم فات أوان ضرورته وإن لم ينجح فقد كفى الصمت – غير المؤمنين – شر المنافسة.

* ألا تعتقد أن المشهد الأدبي “القاهري” على مرّ التاريخ لم يتخلص من عقدة نبذ الآخر خاصة إذا ما تعلق الأمر بمبدع قادم من الجنوب؟

- ذلك يحدث لأن المبدعين الآن يتنافسون على الظهور الإعلامي أو المديح النقدي دون أن ينتبهوا إلى أنه للأسف لم يعد النقد الأدبي في الوطن العربي قادر على إبراز نجوم في الكتابة النقدية، تغيير ووضعية أديب من خانة أديب موهوب إلى خانة أديب موهوب مقروء وإنما الأمر لا يفضي لأكثر من تداول الاسم في الأوساط الثقافية وفي النهاية كل مثقف لا يعتد بآراء غيره ويعتبر نفسه الناقد الأعظم وهو حين يقرأ المبدع يحدد موقفه وفقا لقناعاته إن سلبا أو إيجابا. ولأنني لم أحلم بأن أظهر في الصحف والإعلام فقط بل حلمت بأن أصبح مقروءا فإن النقد العربي بوضعيته الحالية، غياب النقد التطبيقي وتفشي ظاهرة الانتفاع النقدي وهامشية النشاط الثقافي في الحياة المعاصرة جعل حلم النقد اليوم الذي يمهد الطريق للمبدع حلما بعيدا بُعد البوم والغراب عن حلم الغناء.

اسبيرانزا 30/12/2007 18:28

* نلاحظ من خلال ما استمعنا إليه من قصائد أنك تشتغل على خطين فنيين، ففي الوقت الذي تطفح فيه الأسطر بشعرية عالية تحافظ أيضا ببراعة على خط سردي خفي يؤلف بين ما هو داخلي فيك وما هو خارجي فينا، لتخلق حالة من التواطؤ والتوتر عجز الكثير من مدّعي الحداثة على انجازه في نصوصهم؟



- أشكر لك رأيك وأتمنى أن أكون جيدا بما يكفي وأحترم إبداعات الآخرين ونجاحاتهم.

* هل حدث أن شعر أحمد بخيت – وهو يقرأ أمام الجمهور – برغبة في البكاء؟

- كنت حاضرا هنا أنت في سرت عندما ألقيت عن أبي قصيدة قمر جنوبي تذكرت أني كنت أفتقده في القاهرة وأنا طفل وألومه دون قصد على غيابه وأنا هنا الآن أفتقد أولادي تذكرت أنه كان يكدح في العمل مجروح الأبوة يحن إلينا ويحبنا في الغياب أكثر كادت دموعي تسيل وأمسكتها بقوة كي لا يعتقد أحد أني أحاول التأثير على الجمهور وقد شحن هذا صوتي بشجن عميق أظنه وصل للجمهور حتى أن البعض قال لي أنه بكى بالفعل وخفف عني كثيرا قول الكاتب الكبير زكريا تامر أنه نفسه كاد يبكي. ما من كتابة حقيقية لا تصل إلى القلب وفي كل مكان ألقيت فيه شعرت بحب الناس الصادق وارتجفت من الفرح والإحساس بالمسؤولية تجاه الكلمة والناس. أكتب شعري عاري القلب وكثيرا ما أقرأه على الناس عاريا حتى القلب فأشعر بهم ويشعرون بي وتلك هبه الله التي أحمده عليها والذي تعدل عندي وتفوق أعظم الجوائز الأخرى

اسبيرانزا 30/12/2007 18:29

* كل كاتب كما بين هنري ميلر إنما يعني مركب الإحساس باليتم واللقاطة، إن حدث ذلك فأي مركب تفصح عنه؟

- كل نص جميل يتيم في العالم، حتى يجد كاتبه، لقيطا في الأرض حتى يجد قارئه. الكتابة كفالة الأيتام والقراءة ملجأ اللقطاء وبهذا المعنى تكتمل عائلة الإبداع.
* إلى أي مدى يظل كل كاتب عربي حفيد شهرزاد اللسانية؟

- شهرزاد الرائعة والموجعة علمتنا أنه لا بد من صوت وأن الإنسان صوت بين صمتين يأتي من الصمت ليعرف ويحكي ويذهب إلى الصمت ليحكي عنه الآخرون، فلا مفر له من مواصلة الافتتان والإبداع وإلا وجد سيف مسرور في عنقه. تبقى ضريبة البوح المتواصل الساحر تستنفذ أعظم طاقات الإنسان ليذهب إلى الغياب تاركا حضوره في ذكرى صوته وحكاياه. اللسان قاتل واللسان منقذ تلك فتنة شهرزاد وفجيعتها ومحنة أحفادها وإرثهم الجميل.
* ( الزمن أعظم ناقد في الدنيا، لأنه يفضح الذهب الزائف ويعلي قيمة اللؤلؤ الحرّ ) بأي معنى يكون ذلك صحيحا؟

- أنظر إلى فعل الزمن في العطر المعتق والخمر المعتقة وإلى فعله في العظام النخرة. تعرف ما أعني وإليك الذين كتبوا ليسمن لحمهم وشحمهم وتزداد أوسمتهم وملابسهم الأنيقة تعفنوا في قبورهم، والذين أحرقوا أرواحهم عطرا واعتصروا أيامهم خمرا ازداد ما تركوه نفاسة وعظمة وتاريخ الأدب الإنساني شاهد على من ذهبوا لامعين وانتهوا منطفئين ومن عاشوا أقل لمعانا وماتوا فازدادت آثارهم إشعاعا وتألقا.

اسبيرانزا 30/12/2007 18:31

* ( ثمة تجارب شعرية لي قد حرثت أرضا لم تحرثها التجربة النزارية ) ألا تخاف من جمهور نزاري مزروع على امتداد الوطن العربي مما يفسد مشروعك الشعري ويعرقله؟

- من يخاف لا يكتب، ومن يكتب ينبغي ألا يخاف إلا من أن ينافق أو يكذب. جمهور نزار عريض وكبير لكن أنا واثق أن جمهور نزار سيحبني أولا لأن شعري يثبت حبي لنزار واحترامي له ويثبت خصوصيتي الإبداعية وقوتي الخاصة التي تؤهلني للبحث كما أهلت خصوصية نزار وقوته الخاصة شعره لحب الجماهير. لا يبقى الشاعر الكبير شاعرا كبيرا ولا يقلل من عظمته لكن الأقزام فقط هم من يتصورون أن اسما عظيما في الماضي يلغي المستقبل واسما جميلا في الحاضر ينفي الميراث الجميل.

* هل حدث أن تنازلت عن بعض القناعات ثم ندمت بعد ذلك، خاصة إذا ما أضفنا للسؤال هذا السطر الذي ذكرته في حوار سابق: “لقد كتبت الأغنية لأشتري الحليب لطفلي”؟

- لا أزعم أني أقوى من الجبال لكني لم أقدم تنازلات أخجل منها قبلت العمل في الجامعة ولم أكن أحبه لخمس سنوات وكتبت الأغنية لفترة قصيرة في مناخ فني لم أستسغه لكنني صححت موقفي بأسرع من البرق وعدت إلى ميداني. الشعر اختياري الذي لم أحد عنه لأنني أشعر في قرارة نفسي أنه اختياري من بين الكثيرين من أبناء جيلي لأكون واحدا من فرسانه البارزين.

* ألا تخيفك فكرة النهايات، فكرة نهاية الكثير من العظماء في العالم: بوشكين، ليرمنتوف، ألان بو، هنري ميشو، السياب، طرفة ابن العبد، ميشيما، أمل دنقل، الشابي، رامبو.. في اعتقادك لماذا يموت هؤلاء قبل الأربعين معظمهم تحت وطأة المرض والخوف والتشرد والحرمان، ألا ينتابك هاجس النهايات أحيانا خاصة وأنك تشبه هؤلاء – على الأقل في اعتقادنا -؟

- دائما حتى أنني قررت أنه ما دام لا يمكن هزيمة الموت فعلي أن أتعلم صداقته. أخيرا أكتب سيرة الكائن وأكتب فيه نص الموت الذي ظللت أراوغه وأكتب على استحياء وعن بعد أواجهه الآن عن قرب في نص أتمنى أن أنجزه كما أحلم ليكون كتابة للحياة من أرض الموت. لا بأس بالموت إذا اقتربت من العرفان، فالموت:
يليق بذاته لا زهو فيه
لكي يكفكفه
كمالي حين أعرفه
ونَقصي أن أعرّفه
بسيط، كبّد الدنيا
مشقّة أن تفلسفه.

اسبيرانزا 30/12/2007 18:32

* هل يستطيع المثقف العربي النجاة من السؤال السياسي؟

- أجل بوسع المثقف العربي النجاة من السياسة في اللحظة التي يفتح فيها الباب للضوء العظيم مستقبلا غده في سلام تاركا ورد الحسرة للهالكين وذباب الوهم للواهمين معلنا براءته الكاملة أو خيانته الكاملة. لا نجاة للمثقف الغربي من فضيحة السياسة إلا بالموت وعلى المثقف العربي – مع كامل احترامي لكل أطروحات النقاد الجمالي الخالص والاستعلاء الفكري الرصين واللعب الحرّ – أن يظل ما دام ممتطيا حرفه إما شاهدا في محكمة الإنسانية ضد كل إساءات السياسة وتواطؤات وشهيدا على نبالة القليلين الذين صدقوا الإنسان فيهم وصدّقوه ويعرف المثقف الحر أنه في اللحظة التي يكشف فيها عن محاكمة العالم وسياسته سيبدأ العالم في محاكمة آثاره كل قبح في العالم سيكتب في إرث المثقف شهادة ضده وإلا سيعتبره صديقا هالكا وكل جمال في العالم سيمنحه دمعة مودة على جمال آفل. صدقني لا نجاة لنا إلا بمحاكمة السياسة ثقافيا وإنسانيا في كل لحظة وإلا سيسمح للأنياب الأنيقة أن تلتهم إنسانيتنا في وداعة قاتلة.

verocchio 31/12/2007 03:21

حوار مع محمد شكري

verocchio 31/12/2007 03:21

طنجة: عبد الله الدامون
محمد شكري من الكتاب القلائل في العالم العربي الذين لا يحتاجون الى تعريف او تقديم الى القارئ، فمنذ أن أصدر روايته «الخبز الحافي» في مطلع الثمانينات، طالت شهرته جميع الافاق حتى اصبح شكري نفسه يتضايق من الصيت الذي أعطي لروايته لأنها سرقت عنه كل الاضواء وجعلته يعيش تحت رحمتها. واذا كان شكري قد عرف ككاتب وكاتب قصة فإن القليل من الحوارات التي أجريت معه وبمختلف لغات العالم لم تستطع أن تسبر غور الكاتب لترسم صورة مقربة عنه، كما يحاول أن يفعل في هذا الحوار المفتوح عبد الله الدامون من طنجة (شمال المغرب) الذي اختار لمحاوره اسئلة أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها بعيدة عن المألوف قريبة منه بما أنها تتمحور حول العادي واليومي في حياة كل واحد منا.
* نحن نجلس الآن في مكان ليس غرفة عادية ولا هو شرفة، ماهي قصة هذا المكان بالضبط؟
ـ هذا الجزء من المنزل الذي نجلس تحت سقفه أنا الذي صنعته. فهو لم يكن موجودا من قبل. إن قصته طريفة. ففي يوم من الايام اتصلت بالطاهر بنجلون وسألته لماذا لم يعد ناشر كتبي «ماسبيرو» يرسل لي المال كالعادة، فقال لي الطاهر بنجلون ان كتابي بيع في البداية وان الأهم هو ما اخذته في البداية لذلك يجب ان اقبل ما يرسل إلي الآن من تعويضات رمزية. لكن في أحد الايام تحدثت حول الموضوع مع الصديق عبد القادر شبيه الذي كان يزورني بين الفينة والأخرى، وبما انني لا اعرف الكتابة بالفرنسية رغم أني اقرأها وأتحدثها، بلغة الشارع طبعا، لذلك طلبت منه ان يكتب لي رسالة إلى «ماسبيرو» لكي اعرف ما يحدث. بعد ذلك عرفت أن الناشر الفرنسي «ماسبيرو» باع اسهمه في شركة النشر وترك فقط اسهما رمزية.
بعد ذلك تلقيت جوابا يفيد بأن هناك بعض المال. طلبوا مني عنواني من جديد ثم ارسلوا لي حوالي أربعين ألف درهم (نحو أربعة الاف دولار أميركي). بهذا المال الذي تلقيته انشأت هذا البيت الجديد في السطح. حدث ذلك قبل عشر سنوات، وهو مازال في حالة جيدة كما ترى. في بعض المرات، وحين تكون رياح الشرق قوية، اقول مع نفسي بأن كل هذا سيذهب مع الريح ولن اجد له اثرا في الصباح، لكنه ظل صامدا في وجه عاديات الزمن.

verocchio 31/12/2007 03:22

أنت تكتري هذا المنزل أم هو ملك لك؟
ـ أكتري هذا البيت بمائتين وخمسين درهما (نحو 25 دولارا). كان ذلك هو سعر الإيجار عام 1971 وهي السنة التي استقريت فيها هنا، كان سعر ايجار البيوت في طنجة وقتها رخيصا، رغم أن هذا السعر كان وقتها مرتفعا مقارنة مع راتبي الشهري كمعلم.
* ما الذي أغراك في هذه الشقة بالضبط؟
ـ شيئان، إنها قريبة من المدرسة التي كنت ادرس فيها، ثم باحة الشرفة. فعندما أغسل ملابسي لا اجد نفسي مضطرا لنشرها فوق سطح العمارة. كما انني استغلها من اجل تزيينها بانواع من النباتات إضافة إلى بعض الحيوانات. فقد عاش معي كلب هنا اكثر من سبعة عشر عاما، و«نمسان». الآن تعيش معي سلحفاة واحدة بينما ماتت السلحفاة الأخرى.
* ما هو سر ولعك بالحيوانات؟
ـ السبب الاول هو اني غير متزوج
* هل هو تعويض عن....؟
ـ لا.. ليس الامر مسألة تعويض. إنها اشياء نابضة بالحياة سواء كان طيرا ام سلحفاة. لم أعد الآن استطيع تربية الكلاب. فالكلب الذي كان معي شاخ بطريقة سيئة وصرنا نغسله بأنبوب الماء. الامر مختلف مع الطيور او السلاحف. فالسلحفاة لا تعرفها متى تشيخ حتى تراها ميتة دون أن تظهر عليها علامات الشيخوخة. إنها لا تعاني مثل الكلب الذي يتحرك بصعوبة في شيخوخته ويضعف بصره ويسقط عنه الزغب فيصير منظره محزنا. الطيور كذلك تظل تقفز وتزقزق في القفص حتى تسقط ميتة دون سابق إشعار.
* هذا يعني أن الطيور والسلاحف تموت ميتة كريمة؟
ـ بالفعل. إنها تموت ميتة كريمة ومستورة ونبيلة. ثم اني افتقد السلحفاة رغم أنها تعيش معي في منزل واحد ولا أراها سوى مرة كل ثلاثة اشهر أو اربعة. كانت صغيرة مثل علبة عود ثقاب والآن صارت كبيرة مثل صحن طيني.
* والطائر الملون الذي في القفص ما اسمه؟
ـ اسمه موزار.
* لماذا اسم موزار... هل لأنه يبدع في الغناء؟
ـ أسميته موزار لأنه كان لي طائر مات اسمه موزار، فأتيت بهذا وأطلقت عليه نفس الاسم.
* صعدت عندك حتى الطابق الرابع راجلا لأنه لا يوجد مصعد في العمارة. هل تحملت كل هذا الصعود والهبوط دون كلل منذ سنة 1971؟
ـ صاحب العمارة محق، فما نؤديه كمقابل لسعر الإيجار لا يمكن ان يوفر حتى صيانة المصعد. أقول لك شيئا، لقد كنت في نزاع مع ورثة مالك العمارة وحكمت المحكمة لصالحي ضد مطالبهم برفع سعر الايجار. ومع ذلك فقد تم رفع سعر الايجار خمسين درهما ليصبح ثلاثمائة درهم في الشهر (نحو 30 دولارا).
* من هم زوارك في بيتك؟
ـ قبل حوالي عشرين عاما، وخصوصا خلال الصيف، كان هذا البيت مقصدا للكتاب المفلسين الذين لا يملكون ما يؤدون به غرفة في فندق. كانوا ينامون حيثما اتفق. كانوا يتكورون في أي زاوية وينامون. كان البيت عبارة عن مخيم، بينما البعض يأكل ترى البعض الآخر ينتظر أو يطهو طعاما آخر.
مع مرور الوقت، لم أعد استقبل عددا كبيرا من الزوار، سواء من داخل طنجة او من خارجها. ففي ذلك مضيعة للوقت. لان بعض الضيوف يتصرفون مثل التتار، يلتهمون ويشربون كل شيء رغم انهم حين يأتون لا يحملون معهم اي شيء. والاسوأ من كل هذا أن بعض ملابسي واشيائي بدأت تختفي.
* من هم هؤلاء، هل هم مغاربة ام اجانب؟
ـ إنهم خليط من البشر. فيهم الكتاب وفيهم غير الكتاب، فليس من المعقول أن يكون كل اصدقائي من الكتاب. صارت بعض الكتب ايضا تختفي. في احدى المرات فتحت عيني فوجدت احدهم يملأ علبة بلاستيكية بالكتب. سألته عما يفعل فقال لي بأنه سيردها لي بعد قراءتها رغم أنه لم يستأذني. أخذت منه الكتب وطلبت منه أن ينزل الأدراج بسرعة قبل ان يحدث شيء.
زواري الآن قليلون مثل الزبير بن بوشتى (كاتب مسرحي) والاخوان اسليكي (ناشران)، وفي بعض الأحيان ونادرا جدا يأتي الصحافي عبد اللطيف بن يحيى أو المحامي بهاء الدين الطود، وأحيانا يأتي بعض الاجانب سواء من العرب أو الأوروبيين
* من هم الزوار الأجانب الذين ما يزالون يقصدون بيتك؟
ـ يأتي حسونة المصباحي مثلا كل صيف، وصديق آخر من جبل طارق، كما أن هناك صحافيين يأتون وأستقبلهم باستمرار.
لقد تعودت أن اعيش تحت هذا السقف وحدي، لذلك فإني لم أعد أتحمل الإزعاج الذي يسببه لي البعض، بحيث يجب ان تنام وقت ينام وتستيقظ وقت يستيقظ. أنا اريد أن أنام متى اريد واستيقظ متى أريد. حين يكون الصديق مفلسا أكتري له غرفة في فندق ليوم أو يومين. الايام تغيرت والمشاغل كذلك، وبيتي صار ضيقا ومملوءا بالكتب. في السابق كان الاختلاط بالناس مهما، أما اليوم فالعكس. لا أختلط بالناس إلا نادرا في بعض الحفلات أو المناسبات، ربما يعود ذلك إلى عامل السن.
وهذه الكتب التي تملأ كل مكان في البيت ماذا تفعل بها مع مرور الوقت؟
ـ أهبها لبعض الاصدقاء. أقدم لهم بعض الكتب لأنهم لا يتوفرون على إمكانيات لشرائها، لذلك أهديها لهم.

verocchio 31/12/2007 03:22

هل يمكن أن اكون أنا ايضا محظوظا وأخرج من بيتك بكتاب أو كتابين؟
ـ (بعد تفكير وابتسام) الله أعلم.
* أين كتبت رواية «الخبز الحافي».. هل في هذا البيت؟
ـ كتبتها بشكل مشتت. كتبتها في أماكن متعددة، في المطعم والمقهى والجبل والبحر. كنت أحمل أوراقا وقلما وأينما عنت لي فكرة أجلس وأكتب. الفصل الأول من الرواية كتبته في مقهى «روكسي». ففي الوقت الذي وقعت فيه عقدا مع الناشر لم أكن كتبت ولا كلمة واحدة من الرواية ومع ذلك قلت له بأني أنهيت الرواية. اقترضت خمسين درهما (5 دولارات) من «بول بولز» ثم جلست أكتب الفصل الأول.
الآن لا أستطيع الكتابة في المقهى. ففي السابق لم أكن معروفا، أما الآن فلم أعد اجلس في المقهى إلا نادرا. أحيانا يراك شخص جالسا في المقهى فيأتي نحوك محييا «أهلا السي شكري.. كيف حالك.. هل من جديد؟» ثم يطلب قهوة بخمسة دراهم ويجلس يناقش معك فكرة أو كلمة كتبتها لمدة ساعة ونصف. بعض الناس مزعجون وللشهرة مساوئها ايضا بينما محاسنها قليلة بالنسبة لي. إن ما تسببه من الإزعاج اكثر بكثير من إيجابياتها.
* رأيتك مرة تحتج صارخا في الشارع بعد أن أزعجك احد المتسولين الذي ألح في السؤال، ربما يعتقد أنك غني، حتى فقدت اعصابك.. هل هذه إحدى مساوئ الشهرة؟
ـ بالفعل. يأتيك شخص ويطلب منك مالا. أنا ايضا لم يكن لدي شيء لكني لم أكن اطلب من احد عشرة دراهم أو مائة. إنها واحدة مما أسميها بمساوئ «العلاقات القديمة».
لقد بذلت مجهودا فلماذا لا يبذل الآخرون نفس المجهود من أجل تدبير حالهم، وسواء كان عندي مال كاف أو لم يكن فهذه مسألة تخصني وحدي، فحتى لو رضع معي شخص من ثدي واحد فإني لا أعتبر نفسي مسؤولا عنه ولا عن أخوته، فكل واحد يتدبر أمره بطريقته، ما ذنبي إذا ظل البعض فقيرا بينما عرفت كيف أستر حالي. ثم إن الغنى ليس عيبا، هل يريدونني أن أتآخى مع البؤس وآكل دائما فضلات السوق، مرة كنت في الشارع فاقترب مني لص وفتح لي حقيبتي فانتبهت إليه وسألته عما يريد فاعتذر. كان قربي شرطيان وكان بإمكاني ان أدلهما على اللص، لكني لم أفعل. اعتذر اللص مرة أخرى وانصرف. يجب ان يكون لدى الناس مرونة العيش، أما التشنج فلن يفيد شيئا.
* ماذا تعني لك الامكنة، خصوصا بيتك؟
ـ كل واحد ينظر إلى بيته بطريقته الخاصة. أنا لي حميمية خاصة مع الأماكن، سواء مع بيتي هذا أو مع أماكن أخرى أجلس فيها. ليس ضروريا أن تكون هذه الأماكن ذات جمال خاص، المهم بالنسبة لي هو ان يكون المكان مريحا. يمكن ان اقول ان لي علاقة صداقة مع الأمكنة، فالصداقة لا تكون مع البشر فقط، بل يمكن ان تكون مع الحيوانات أيضا.. أو حتى مع الجدران.

verocchio 31/12/2007 03:23

ولك ايضا حميمية مع مدينة طنجة بشكل عام، فاسمك صار مرتبطا باسم المدينة؟
ـ أنا شبه مؤرخ جوال في المدينة. الناس الذين عرفتهم شبانا رجالا ونساء صاروا شيوخا. الأماكن ايضا لها تاريخها ونسجت علاقات معها. أحيانا، ولكي لا أمل من الامكنة التي أحبها فإني أغيب عنها وقتا طويلا. مثلا، لم أزر «السوق الداخل» منذ عدة شهور، وكلما أعود إليه أجده في شكل جديد رغم انه صار سيئا ولم يعد كما كان. هناك ايضا بعض الاماكن الشاطئية التي أرتادها باستمرار.
* أين تنام في هذا البيت، هل في مكان واحد أم تغير الامكنة؟
ـ ذلك يختلف حسب الفصول. ففي فصل الشتاء أنام هنا (غرفة قريبة من الشرفة)، أما في فصل الصيف فأنام في الغرفة الأخرى، أما السبب فلأن الغرفة الأخرى تتوفر على فراش كبير بحيث يمكنني أن أتنقل من الجهة التي تصبح دافئة إلى الجهة الأخرى الاكثر برودة، إنه فراش يتيح لي حرية التنقل مثل سمكة.
هذه الغرفة التي نجلس فيها أكثر حميمية في فصل الشتاء، ففيها جهاز تلفزيون وأستقبل فيها بعض الاصدقاء.
* تؤثث منزلك بديكور وأثاث متنوع وتحف، هل هذه الساعة الحائطية العتيقة تعمل جيدا أم أنها فقط تتكئ على الجدار؟
ـ الحقيقة أنه لا يهمني أن تعمل أم لا. إن عمرها يزيد عن مائة وعشرين عاما، وسواء تحركت عقاربها ام لا فالمهم هو أنها ديكور جيد. هناك اشياء اهم على الجدار. أنظر إلى صورة محمد بن عبد الكريم الخطابي، جدي وجدك، حتى لو لم تكن ريفيا، قربها صورة لي عندما كان عمري ثمانية عشر عاما، وقربهما صورة لنا مع وزير الثقافة محمد الاشعري في مدينة اصيلة، وصور أخرى كثيرة.
* وكل هذه الكتب التي تسكن معك، ألا تحس بأنها ستطردك من البيت قريبا؟
ـ إنها كتب كثيرة بالفعل، لكنها كتب من نوع خاص، بينها حوالي مائة مؤلف من مؤلفات «بول بولز» (كاتب اميركي استقر في طنجة ومات قبل ثلاث سنوات)، وهي كلها موقعة ومترجمة إلى لغات كثيرة من بينها اللغتان الفنلندية واليابانية.
* إذا لم تكن تعرف اللغة الفنلندية أو اليابانية فما جدوى احتفاظك بهذه الكتب؟
ـ إن أهميتها تكمن في كونها موقعة من طرف الكاتب نفسه، وهناك نسخ اشتريتها بمائة درهم مثلا تساوي الآن أربعة آلاف أو خمسة آلاف درهم. لدي كتاب يساوي عشرة آلاف درهم (حوالي ألف دولار) لأنه موقع منذ سنوات طويلة، كانت هناك نسخة من روايتي «الخبز الحافي» تحمل الرقم التسلسلي 900 وصل سعرها الآن إلى عشرة آلاف درهم، فما بالك إذا كان رقمها التسلسلي اثنين او ثلاثة لربما وصل سعرها إلى اكثر بكثير. هناك أناس يحبون جمع هذا النوع من الكتب كشكل من اشكال التحف، لكن للاسف لا يوجد هذا النوع من الهواية في العالم العربي، فنحن مازلنا في الطابق السفلي وما زلنا ننتظر الصعود إلى الطابق العلوي.

verocchio 31/12/2007 03:24

هناك كتب في كل مكان في البيت، كتب مرمية على الأرض. ألا تحاول احيانا جمعها وإعادة ترتيبها؟
ـ لا.. ابدا. إنها تملأ علي المكان. فحينما استيقظ كل صباح أوزع نظراتي عليها وعلى كل شيء. ربما لأنها تعوضني عن الاسرة كنوع من الحميمية التي أربطها مع الاشياء. فحتى السيدة التي تأتي للعناية بالمنزل لا تقترب من هذه الكتب لأني اشترطت عليها ذلك. احيانا اعيد ترتيبها وأفضل تمزيق الاشياء التي لا تستحق الاحتفاظ بها.
* هل تعتني بشؤون البيت بنفسك؟
ـ هناك سيدة تأتي يوميا للعناية بشؤون البيت، تقضي في ذلك حوالي ساعتين أو ثلاث.
* وهذه العطور المتراصة في البيت تدل على ان لك ميلا خاصا نحو الاناقة؟
ـ من الممكن ان أكون فوضويا في الشارع لكن في بيتي الأمر يختلف. العطور مسألة ضرورية.
* كيف حال المطبخ في بيتك، وهل تطبخ بنفسك؟
ـ قمت بتعليم الطبخ للسيدة التي تأتي للعناية بالمنزل ثم صارت هي التي تتكفل بذلك، أما أنا فلم أعد أطبخ إلا نادرا، وخصوصا حين يأتي بعض الاصدقاء حيث أتطوع واطبخ لهم.
* تطبخ لهم كما لو كنت توقع لهم كتابا؟
(يضحك) الطبخ يأخذ وقتا اطول، والآن لم أعد أملك نفس النشاط، لذلك فإني صرت أستغل الوقت الذي أمضيه في الطبخ أمام جهاز الكمبيوتر.

* هل تتقن التعامل مع هذا الجهاز؟

ـ إني أفهم التعامل معه، أما الإتقان فهذه مسألة أخرى. إني أقوم بما هو ضروري لأن الكمبيوتر بحر كبير.
* ما هي الاطباق التي تجيد اعدادها؟
ـ هناك أطباق كثيرة، لكني أطبخ السمك بشكل جيد، وكذلك الدجاج واللحم بالملوخية، وهذه الاكلة أفضلها في فصل الصيف بالخصوص. الشيء الذي لا أتقنه هو «السلطات»، والحقيقة أن الوقت الذي تأخذه في الإعداد يتعبني، لذلك فإني أشتريها جاهزة في الكثير من الأحيان، أو أشتري مكوناتها في المعلبات ثم أعدها بشكل سريع لكني قمت بعمل جيد حين علمت الطبخ للسيدة التي تعتني بالمنزل فصرت أعتمد عليها كثيرا، خصوصا وأن النساء لا يزعجهن قضاء الكثير من الوقت في المطبخ، وهن في كل الأحوال يتقن الطبخ أكثر من الرجال. أحب أيضا «البقولة» والسبانخ، لكنني لا أتقن اعدادها رغم أنها رخيصة الثمن ويمكن لوجبة «بقولة» سعرها درهمان أن تغدي شخصين.

verocchio 31/12/2007 03:24

* والكسكس.. أين موقعه داخل مطبخك؟
ـ لدي مشكل مع الكسكس. كان عمري سبع سنوات حين مات خالي، وبمناسبة الجنازة أعدوا الكسكس في المنزل كما هي العادة، ومنذ ذلك الحين اختلط في ذهني الكسكس برائحة الموت. لكن هذا لا يعني أني لا آكله تماما. أتناوله مرة كل سنة أو سنتين. ثم اني لا أفهم لماذا يتكلم الجميع عن الكسكس. أنا لي ذوقي الخاص.
* كم ساعة تقضي في منزلك يوميا، خصوصا وأنك تقول دائما بأنك مؤمن بتقاليد الجلوس على مقعد لعدة ساعات من أجل الكتابة؟
ـ ذلك مرتبط بمراحل العمر، ثم اني لا اكتب بشكل يومي، بل أكتب بطريقة مزاجية بحيث يمكن ألا أكتب لمدة سنة أو سنتين، بل اجمع التفاصيل في ذهني وحين اجلس للكتابة أنهي الكتاب في شهر، كما فعلت مع رواية «زمن الاخطاء» التي كتبتها في شهر رمضان بحيث لا أفتح الباب لأحد ولا أخرج سوى لقضاء الأغراض وأخذ البريد ثم أجلس للكتابة أربع عشرة ساعة في اليوم وأرتاح باقي اليوم. أحيانا ايضا أكون مرتبطا في نفس الوقت بإعداد برامج إذاعية، لكنها لا تأخذ مني وقتا طويلا أنا اليوم أقضي معظم وقتي في المنزل أكثر مما كنت أفعل سابقا. في الماضي كنت أبقى خارج المنزل حتى ساعات الصباح الأولى، أما اليوم فقد ذهب الاصدقاء الذين كنت أقضي معهم وقتي، البعض شاخ والبعض مات.
* وكيف تقضي وقتك الآن في المنزل؟
ـ أحيانا أتفرج على بعض القنوات التلفزيونية التي تعجبني مثل البرامج الوثائقية في القناة الإسبانية الثانية أو القناتين المغربيتين حين يكون هناك برنامج مهم، إضافة إلى القناة الفرنسية الخامسة أو قناة «ايه. آر. تي» أو قناة «الجزيرة». إني أحدد من قبل ما يمكن أن أراه في التلفزيون، فلا يمكن أن أمضي وقتا طويلا أمامه.
* في منزلك الكثير من الاسطوانات الموسيقية؟
ـ أخصص وقتا مهما من أجل الاستماع إلى الموسيقى خصوصا الكلاسيكية وموسيقى الشعوب. لم تعد أذناي تتحملان الاستماع إلى ما يسمى بالطرب أو الأغاني بالمفهوم الكلاسيكي للكلمة، باستثناء بعض الأغاني القديمة لأم كلثوم أو اسمهان أو أغاني نادرة مثل سليمة مراد وعالية الأطرش، والدة فريد الاطرش، أو «نادرة» و«حسيبة رشدي». للاسف فإن الأجيال الجديدة لا تعرف هؤلاء. كما تعجبني أغاني الشيخ العنقة الجزائري وصبيحة التونسية. عندي أغنية لمحمد عبد الوهاب حين كان عمره سبعة اعوام وهي «ألفيتها ساهرة». لدي ذكريات كثيرة مع هذه الأغاني القديمة هناك أيضا موسيقى الشعوب مثل الإغريقية والهندية وباقي أنواع الموسيقى الشعوبية، وليس الشعبية، في العالم كله.
* والموسيقى المغربية ماذا يعجبك فيها؟
ـ تعجبني رقصة «أحواش» والموسيقى الاندلسية، إضافة إلى بعض القطع للمرحوم المعطي بنقاسم، ثم نعيمة سميح، عبد الهادي بلخياط خصوصا في اغانيه القديمة لسنوات الستينات. هناك ايضا لطيفة أمال وخاصة عندما تغني الملحون.
* هل تمارس نوعا من أنواع الرياضة؟
ـ كنت في السابق اقف على يدي على حافة الشرفة كنوع من أنواع التحدي، أما الآن فعمري سبعة وستون عاما. الآن أمارس رياضة المشي بين الفينة والأخرى. للعمر أحكامه ايضا ولا يمكن ان أكون كما كنت في الخامسة والعشرين من عمري.
جريدة الشرق الاوسط
_ فبراير 8 2003

اسبيرانزا 31/12/2007 20:20

حوار مع الروائى الجزائرى واسينى الاعرج :D

اسبيرانزا 31/12/2007 20:21



< وضعت كتباً سردية كثيرة (قصة - رواية - نصوص) وهناك كتاب روائي طويل ،وكتاب قصصي أو سردي يميل الى القصر - كيف تنظرالى الكتابة السردية ؟


- أنا أنظر الى الكتابة السردية بوصفها وسيلة تعبيرية عالية ،أنا اشتغلت في خياراتي الشخصية ،بدأت قاصاً ،كتبت العديد من القصص القصيرة ، ونشرت ثلاث مجموعات قصصية هي أحزان الكتابة عن المنفى - أحميدة المسيردي الطيب - أسماك البحر المتوحش )تناولت فيها - من خلال السرد المكثف - الأوضاع التي كانت تعيشها الجزائر من فترة الاستعمار الى الوقت الحاضر ،وتناولت بعض القضايا العربية التي كانت تشغلني ككاتب ،لكن بدءاً من الثمانينات توقفت عن كتابة القصة القصيرة ،وبدأت أكتب الرواية واعتبرت إن كتابة القصة بالنسبة لي كانت مرحلة طارئة في الحقيقة ،لأن هناك - حتى في قصصي القصيرة - بعداً سردياً ،ونفساً طويلاً ،لايمكن للقصة القصيرة أن تستوعبه ،فوجدت في الرواية وسيلتي وضالتي في الكتابة ،وبالموازاة كنت اشتغل بالنقد مادامت قد أنجزت رسالتي الماجستير والدكتوراه في الأدب الجزائري والأدب العربي حول نظرية البطل ،ونقلت هذا الفعل الأكاديمي الى الجامعة ،عندما عدت الى الجزائر في عام 1958 م ،عائداً من دمشق ،وباريس طبعاً ، وبدأت أتعامل مع النقد ،وهذا يتأتى من كون أن المادة االنقدية بالنسبة لي هي مادة جمالية بالدرجة الأولى لكن مع بداية التسعينات أوقفت كل العمل القصصي القصير ،وأوقفت كل الاشتغال النقدي على الرواية وبدأت أكتب الرواية ،تفرغت للعمل الروائي لأنني أؤمن بالتخصص ،ولم أكن أريد تخصيص وقتي الإضافي الى للكتابة النقدية ،ولكن قلت سأضيفه كقيمة إضافية للكتابة الروائية مما سمح لي بإنجاز الكثير من المشاريع التي كانت تشغلني ككاتب وروائي ،وهي طبعاً مشاريع وجدت لها قراء في الجزائر ،وفي الوطن العربي ،وحتى عالمياً ،لأن الكثير من هذه النصوص ترجم الى العديد من اللغات العالمية .‏

اسبيرانزا 31/12/2007 20:21

عالجت في رواياتك - على سبيل الواقعية النقدية - القضايا القومية في أبعادها التاريخية ومنظوراتها السياسية ..مارأيك في الخطاب الروائي ومدى تمثيله للخصائص الثقافية والسياسية ؟‏

- أنت تعرف أن الوطن العربي عاش ظروفاً صعبة ،عاش ظروف انفصاله - مثلا - في بداية القرن العشرين عن تركيا ،وهذا خلق نوع من الانكسارات الداخلية ،خصوصاً بعد اعدامات 1915 - 1916 - للمناضلين والمثقفين العرب الذين كانوا ينادون باستقلال الأرض العربية عن الدولة العثمانية ،وهؤلاء كانوا يحلمون بالدولة العربية الكبرى ،لكن اتفاقية (سايكس بيكو) قسمت كل المشروع ،ومزقت بلاد الشام شر تمزق ،ولم يكتب للمشروع النجاح وخلف الاحساس بالخيبة ،وسينعكس هذا فيما بعد على النص الأدبي ،ثم جاءت الثورات والانتفاضات التي قامت فترات لاحقة في مواجهة الاستعمار الفرنسي ،والانكليزي ،وإسرائيل ،وغيرها حتى فترة السبعينات ،ثم دخلنا في مرحلة خيبة كبيرة بدءاً من الثمانينات ،عندما انهارت كل المشاريع العربية القومية ،ولم تصل للأسف الى أهدافها التي رفعتها في البدايات ،وتقريباً تخلصت الخطابات السياسية من هذه المشاريع بما في ذلك قضية فلسطين ، والكاتب العربي الذي ينشأ ضمن هذه الظروف كان هاجسه المركزي هو أن يعبر عن هذه الظروف ،وكان التعبير السياسي هو الوسيلة المثلى لهذا التعبير ،لكن الذي حدث فيما بعد الى نهاية القرن ،ان الكاتب العربي بدأ يفكر في شكل سردي من نوع آخر يسمح له بالعمل على المجتمع الذي يكتب عنه ،لكن بوسائل جمالية جديدة ،فأدخل عنصر الطرفة ،وأدخل سؤال اللغة ، وأدخل سؤال الجماليات وأصبحت الرواية ليست خطاباً سياسياً ولكن خطاباً عليه أن يشتغل أولاً بالوسائل الأدبية التي تؤسس له ،والتي تفرض استمراريته ،وتضمن كذلك التعريفات التي تعطى له كأدب .‏

اسبيرانزا 31/12/2007 20:22

تناولت في عدد من رواياتك قضايا الإرهاب ..ماتقديرك للتأزم الوطني والقومي الناجم عن ذلك ؟‏

- الإرهاب هو التعبير الأجلى لانهيار الحداثة في الوطن العربي ،لأنه لونجح الفعل الحداثي في الوطن العربي ،لما وجدت هذه العودة الى الوراء ،فمادام هناك اجتياح للظاهرة الأصولية ،فهناك خيبات كبيرة ،فيما يتعلق في التحقيق الديمقراطي لم ينجز في الوطن العربي والذي كان يمكن أن يدفع بهذه التيارات للانهيار ،ورهان التعليم والتكوين لم ينجح - التكوين بالمعنى الدقيق وليس التعليم ،لأن هناك فرق بين التعليم والتكوين - نحن فتحنا مدارس عديدة وفتحنا جامعات ،ولكن ماهو المشروع السياسي والثقافي والحضاري الذي كانت تدافع عنه البلدان العربية ،للأسف هذه المشاريع وصلت الى أفق مسدود ،لأنها لم تتطور من داخلها ،فكانت تتطور تحت فعل الأزمات وتحت فعل الدفع ،ولم تأت كخيارات حقيقية ،وحتى الديمقراطية تقريبا في السنوات الأخيرة فرضت عليها فرضاً وبالتالي نرى الحركة الأصولية وانهيار لمشروع التحديث العربي ،وهو الصورة العالية التي يتجلى من خلالها هذا الانهيار البشع والكلي ،طبعاً الرواية العربية دخلت غمار هذه التجربة ،وعبرت عنها ،وكتبت عنها ،وأنا كنت من الذين كتبوا عن هذا الانهيار وهذه الخسارة والثمن يدفع ثمن هذه الكتابة بالمنفى والحذر ..الخ الى اخره ،ولكن الكاتب كذلك عليه أن يدخل غمار هذه تجربة شعبه ،ولايبقى على الهامش ،ولو انه في قتله ،لأنك تخسر تاريخ ،وعندما تخسر هذا التاريخ عليك أن تقبل بثمن ،لأنه لايوجد مثلك سياسي ،وثقافي ،وحضاري يوجد فقط بالنوايا الحسنة ،وكتابة الرواية عن الارهاب مثل سيدة المقام ، أو حارسة الظلال ،أو مرايا الطريق ) أوغيرها من الروايات التي كتبتها حول هذه الحقبة ،في الحقيقة هي التعبير الأدبي الذي حدث في الجزائر ويمكن أن يحدث في بلدان عربية أخرى .‏

اسبيرانزا 31/12/2007 20:23

كتبت في بعض الروايات عن إشكالية المنفى والاغتراب الخارجي والداخلي على نحو غير مباشر اعتماداً على التأويل ..مامدى التواصل برأيك بين وعي الذات وحوار الحضارات ؟‏

- أنا أؤمن بشيء مهم بأننا لسنا في الجزيرة لوحدنا ،نحن موجودون داخل عالم ،ومايسمى بالعولمة،أو غيرها هي في الحقيقة تحمل وجهين : هناك التعبير السياسي والاقتصادي الذي يستفيد منه الغرب بالدرجة الأؤلى طبعاً ،ولكن هناك أيضاً التعبير الثقافي الذي كان يشتغل عليه الكتاب العالميون - والعرب من بينهم - وتحدثوا عن أن العالم قرية صغيرة ،وسؤالنا المركزي ضمن حوار الحضارات هو‏
كيف نكون فاعلين داخل هذه القرية الصغيرة ؟ و السؤال يبقى : هل نملك الوسائل و الوسائط الفعلية و الثقافية و الحضارية التي تسمح لنا بأن نحتل مكاننا لا بأس به ضمن هذا الفضاء ، و ضمن هذه النقاشات ؟ الامر ليس سهلاً ، ثم ان هذا الامر يأتي في افق مرتبك ، في افق صراعي و أنا لا أؤمن بفكرة صراع الحضارات ، الحضارات مجبرة ان تدخل في الحوار ، وليس الصراع ،لان الصراع مدمر ، ما نشهده اليوم حتى ليس صراعاً بين الحضارات كما يريد ( بوش ) و بعض اتباعه ان يروجوا لذلك ،لان ( بوش) واقع تحت ثقافة ( هنتنغتون ) ، و أنا ارى هذا البعد الثقافي الحواري يحتاج الى حوارية حقيقية يحتاج ان نسمع لحوارات لبعضنا البعض ، و ان لا نظل منغلقين ، انا كعربي ادخل حلبة الحوار ، و لكن الافق الذي انتظره ، هو ان لا تحول رغبتي في الحوار على أساس انها حالة ضعف ، يجب ان تؤخذ في سياقها و في مقامها .‏

اسبيرانزا 31/12/2007 20:23

ابتدعت في عدد من رواياتك السرد ما بعد الحداثي استغراقاً في التخييل لابراز اشكاليات الوجود القومي تعميقاً للرؤى الفكرية المنشودة .. الى أي حد - بتقديرك - يثمر التحديث رؤى الاصالة الادبية في الوقت نفسه ؟‏

يمكن نحن ان نكون مرتبطين بسياقين ، الكاتب هو انسان يعيش في عصر ، و في هذا العصر هناك صراعات ، و هناك اختراقات ، الى آخره ، لكن ما هو موقعه ، هو يطلعنا الى ان سؤاله المركزي وهو : كيف يعبر عن حالة من الشجن ؟ و عن اشغال عميق في لحظة تاريخية هو موجود فيها ؟ هل يعبر عنها بالهروب مثلاً ؟ هل يعبر عنها بالدخول في غمارها و ؛كتابة نصوص تعبر عن هذا الهاجس القومي و الحضاري ، و الفكري ، و الانساني ؟ أم ماذا ؟ أنا شخصياً عندما اسأل هذا السؤال ، أقول : أنا ابن عصري ، انا حامل لكل هذه الاعتبارات و هذه المشكلات التي تتداخل ، و يجب ان اواجهها ، طبعاً لا اواجهها بالكلاشنكوف ، و لا بالمسدس ، لان هذا ليس من اختصاصي ، و لكن اواجهها بالقلم ، و بإدخال فعل التساؤل الموضوعي و الخروج بنتيجة ، هذه النتيجة قد تكون رواية ، او قد تكون قصة قصيرة ، و في وضعي الحالي نقول ان تكون رواية ، و في وضع كتاب آخرين قد تكون قصة ، و قد تكون دراسة و لكن يجب ان لا نظل صامتين منهارين نتأمل في حركية العالم و هي تختفي ، لان العالم يتحرك و نحن نتأمله ، و التأمل يعني بكل بساطة ، هو الموت الحتمي لانه انت لا يمكن ان تضيف قطرة ماء للمجهود العالمي و الانساني اذا لم تكن تملك القدرة على صياغة اسئلتك الحقيقية ، ما هو سؤالنا نحن كعرب ؟ سؤالنا كعرب او كمبدعين عرب - اذا اردت ان اخفف - هو ان نكون موجودين في زمن يريد ان ينفينا و ان يخرجنا من العصر ، و من التاريخ ، هذا المجهود يجعلنا احياناً نطير ، و أحيناً نبقى على الهامش ، أو على الحافة ، لكن نبذل المجهود كي نبقى في هذا العالم ، و اعتقد ان معاناة الانسان العربي ، أو الكاتب العربي هو أن العالم وضع في سياج ، و بعدها يمنع من الدخول ، و يقولون : لازم تدخل ، و على العربي ان يبذل مجهوداً مضاعفاً ، اكثر من غيره ، و يقطع كل الاسلاك الوهمية التي توضع بينه و بين الحضارة ، و يخترقها و يدخل ، و انا اقول ان الحالة ليست إلا لحظات تاريخية من الصعوبة بمكان و هذا الكاتب العربي يستطع اختراق تلك الاسلاك .‏

اسبيرانزا 31/12/2007 20:25

تعتبر انت من أهم الروائيين العرب في الجزائر .. ما رأيك بالرواية العربية في الجزائر ؟

اهم خاصية في الجزائر وجود جنس أدبي استقر بشكل كاف ، و خلق مسارات طبيعية ، فعندك الجيل التأسيسي ، و هو الجيل الاول ، ثم الجيل الوسيط ، ثم يأتي جيل الشباب ، و ان في هذا السياق لا توجد قطيعة تكفر خطيئة الرواية ، بالعكس ان القطيعات الموجودة لم تكثر الخطر ، فهي ساهمت في تعميقها في تنفيذها ، انا اقول ان جيلي - وهو ما يطلق عليه جيل السبعينات - و هو جيل عاش كذلك التجربة القومية و الاشتراكية الى آخره ، عاشها أولاً كوجود - انه وجد نفسه فيها - و لكنه عاشها كذلك كصراع داخلي ، بأن أمر مثل هذا لايمكن ان يحقق إلا من خلال المعطى النقدي ، و عاشها كذلك خيبة لان كل الفعل الحداثي الذي حمله على عاتقه للأسف سقط في الماء ، الآن لا يمكن ان اقول ان كل ما انجز كان خائباً ، و بالعكس تماماً لانه في تاريخ الشعوب دائماً هناك قفزات ، و زيادات ، ثم صعود ، ( الطاهر و طار ) يكتب عن الخيبة ، و عن الانهيار ،و احياناً يرى ان حل الحداثة هو في العودة الى الاصول الاولى الحركة الاسلاموية وهذا ما عرضه للنقاش مع الكثيرين من الكتاب « ابن هدوقة » رحمه الله ينظر الى ضرورة احداث قطيعة مع كل الاشكال الميتة أما بعض الكتاب الجزائريين الشباب فينظرون الى ضرورة رفض كل الممارسات السابقة للجيل السبعيني والجيل التأسيسي وانشاء تقاليد ثقافية اخرى جديدة ولكن هذا كله يدخل في طبيعة الصراع من اجل ايجاد مسلك حقيقي ليس فقط في الرواية لكن للخيارات المستقبلية الثقافية والسياسية والحضارية والفكرية .‏

< اضافة الى انك روائي ومبدع انت استاذ جامعي وناقد وتمارس النقد منهجياً ومعرفياً .. كيف توفق بين النقد الروائي والرواية ؟‏

توفقت عن النقد منذ سنوات وكل ما اقوم به حالياً هو مجرد اسهامات في هكذا ندوات أو مؤتمرات لا اعتبرها نقداً بقدر ماهو دخول في معارض التساؤلات العربية من الناحية النقدية لكن انا ادرس في الجامعة المناهج النقدية وهذا ما يجعلني في مجابهة يومية مع النقد وهذا يأخذ مني وقتاً كبيراً ليس فقط في التحضير ولكن حتى في الانشغال احاول ان استفيد من هذه الاسئلة وادرجها ضمن الكتابة الروائية التي تخصصت فيها في السنوات الاخيرة ولكن مع ذلك فأنا بفعل الوظيفة على ان ابقى على تماس مع هذه الاسئلة النقدية الزمن المعطى للانسان هو زمن قصير وانا اقول انه من العبث ان نضيع جزءاً من هذا الزمن في مسائل يمكن ان يكون هناك اناس يمكن ان يقوموا بها احسن منا ففي المجال النقدي انا ارى ان هناك نقاداً عرب متخصصين ومنهم جزائريون هم يقومون بهذه الوظيفة وليسوا بحاجة الي وافضل ان اظل في عالمي الخاص وعالمي الذاتي هو عالم الكتابة الروائية وهذا الخيار ذاتي وخيار استراتيجي وخيار نهائي كذلك رغم انه يحدث في نوع من البطر لان علي ان اتخلص من جزء من ثقافتي التي كونتها عبر اربعين سنة ومع ذلك لا خيار في ذلك اذا اردت ان اتفرغ لكتابة نص روائي يفترض ان اقدم شيئاً جيداً على مستوى الوضع العربي .‏

اسبيرانزا 31/12/2007 20:25

< شاركت في مهرجان العجيلي الثاني للرواية العربية الذي تقيمه مديرية ثقافة الرقة .. كيف تنظر الى تجربة الدكتور عبد السلام العجيلي رحمه الله ككاتب وروائي ؟‏

العجيلي تجربة استثنائية وهذه الاستثناء متأت من العديد من العناصر وهذا جميل ولكنه في الوقت نفسه يضعه امام مسؤوليات كبيرة اولاً انه شخص عمر طويلاً /1918 - 2006 / هذا ليس معطى لكل الناس فهو حظه الطبيعي ان يشغل كل هذا الزمن ومقدر للانسان العيش في كل هذا الزمن منحه ان يكون ممثلاً لتجربة جيل بكامله تبدأ مع بداية القرن وتنتهي بنهايته واذا حكمنا على العجيلي فنحن نحكم على مسار قرن بكامله ثم ان مسار هذا القرن انجز فيه الكاتب نصوصاً وهذه النصوص متعددة ومتنوعة وتحيلنا الى الاسئلة الكبرى بخيباتنا بأفراحنا الى آخره فكيف نتعامل مع هذا الرجل ؟ كيف نتعامل مع هذا القرن ؟ ان التعامل مع العجيلي هو تعامل مع قرن مضى وانتهى للأسف انتهى خائباً هذا القرن وانتهى بدون نتائج تذكر لكن انتهى بهزائم كبيرة انتهى بأسئلة تتعلق بمشكلة الحداثة لم تحل انتهى بأسئلة تتعلق بالمشكلة الديمقراطية لم تحل انتهى بوظيفة الكتابة لم تحل انتهى بالصراع الذهني القائم حول دور المثقف في الوطن الذي يعيش فيه هل هو مجرد بوق ؟ مجرد صوت ؟ ام انه فاعل وهذا الفعل ربما قد يضعه بين قوسين ثم ماهي وظيفة السياسي والاديب الذي يكون فيه هاتين الصفتين ؟ هو سياسي وهو اديب بالوقت نفسه اذا هو العجيلي يضعنا امام هذه الاسئلة انا في مداخلتي اتحدث فيها حول فكرة الهاوي هل هذا الرجل الذي قطع قرناً بكامله كتابة وابداعاً قصة ورواية ومسرحاً وشعراً ونقداً وتأملات وسفريات ومقامات الى آخره هل هو هذا الشخص الهاوي ؟ هو يقول عن نفسه انه هاوي وهذا لغة ولكنه في العمق لم يكن هاوياً مطلقاً وكان رجلاً مسؤولاً عما يقوله ولهذا هو وجد ضالته في نوع من الانفصال والانزواء ثم وجده في الرقة هذه نقطة العزلة التي تمنحه فرصة الكتابة وفرصة التأمل وفرصة القول ان هذا فعلاً يدهشني واقول : خسارة ان العجيلي رحل ولم نستفد منه كثيراً مثلاً لم ار حواراً مفصلاً وهو الذي شارك في جيش الانقاذ وانا اشتغل على هذه الحقبة وعندي رواية ستصدر قريباً واسميتها « خيبات الشرق » تتناول فعلاً هذا القرن الميت أو الذي ذهب وقرأت له كتابه الاخير « جيش الانقاذ » لكن هذه التجربة العميقة ، كان مع القاوقجي ، كيف لم نستطيع أن نتقرب منه ؟ أنا مثلاً قلبي يأكلني ، لو كان حياً لقمت بسفرة من أجله ، ولسألته هذا السؤال : لماذا .. لماذا الجيش العربي انهزم ؟ كيف كانت الثورة ؟ من كان يعطي القرارات ؟ كيف سلمت .. ؟ كيف دخل الجيش العربي إلى القدس ؟ كيف لم يستطع أن يحمي فلسطين ؟ كيف حدثت الخيانات العربية ؟ مثلاً في تلك الفترات ، كلها أسئلة أنا تشغلني ، وتشغلني كعربي أولاً ، وتشغلني كمثقف جزائري وإنساني ثانياً ، وأقول للاسف هؤلاء الكبار ذهبوا بدون أن نستطيع أن نصل إليهم ، لأن دوامة الحياة لم تمنحنا هذه الفرص ، لكن بدون كلام العجيلي هو شخص استثنائي .‏

اسبيرانزا 31/12/2007 20:27

حوار مع الروائى المصرى (" المثير للجدل ) علاء الاسوانى :D

اسبيرانزا 31/12/2007 20:31


  • هل لرواية عمار يعقوبيان الفضل فى طردك لفكرة الهجرة خارج رأسك ؟
  • طبعا فلقد نشرت مجموعتين قصصيتين لم تلقيا النجاح المنتظر مما جعل اليأس يتسرب إلى قلبى ،فلقد شعرت انى وهبت قلمى معظم طاقتى ووقتى ، ولكنى لم أنال إلا القلق الدائم ،لذا فقرت فى الهجرة ،فجاءت يعقوبيان بالنجاح فما لبثت فكرة الهجرة ان تطايرت
  • هل تؤمن بوجود ما يسمى بالأدب الثورى ؟
  • فى اعتقادى ان الأدب لا يكون ادبا حقيقيا إلا اذا كان ادبا ثوريا وأخلاقيا بالضرورة ،فالأدب يجعللك كان انسانى افضل ،ويهبك قيم انسانية أوسع ،فلا تميل للاحكام المطلقة ،وتتفهم النفس الأنسانية وتحترم فيها ضعفها ،وكل ذلك يصب فى مصلحة التغيير ،على ان مصطلح الأدب الثورى اسىء فهمه ، فأصبح الأدب المعبأبطريقة عشوائية يسمى ادب ثورى ،وانا اختلف مع هذه الرؤية ،ولا اعتقد انه يوجد معنى اكثر دلالة على اليسار والتغيير اكثر من ذلك .
  • فى ظل القطب الأمريكي الأوحد هل ترى الرؤى اليسارية مازالت قادرة على الدفع للأمام أم جودباى سوشيالزم؟
  • - اليسار يحوى من المعان الكثير، وعن غفلة نحصره في التجارب الماركسية في العالم الغربي فاليسار يعنى التغير والإنسانية ،ويعنى أن تطبق قيماّ إنسانية بعيدة كل البعد عن السوق والمنفعة الشخصية فاليسار اصطلاح رحب لا يمكننا حصره بتجارب فشلت في الغرب لظروف تاريخية معينة ،فاليسار قادر دائما على التغير ،وأنا أجزم أنه لا يوجد أديب حقيقي إلا ويكون يساريا بذلك المعنى ولا أقصد أن يكون ماركسيا فأنا لست ماركسي فهناك في الإسلام من أعلن إيمانه العميق بتلك الرؤى اليسارية قبل أن يكتب كارل ماركس كلمة واحدة عن اليسار ،فاليسار يعنى الإنسانية ،واليمين يعنى المصلحة الذاتية .

اسبيرانزا 31/12/2007 20:33

  • أطلق البعض على رواية أنها رواية لحركة التغير الجماهيرية فإلى أي مدى تعولون آمالكم على الحركة الجماهيرية؟
  • أنا متفائل للغاية ولى في التاريخ خير دليل فموقع مصر كان وبالا عليها فمنذ لإسكندر الأكبر حتى جورج بوش لا يمكنك أن تسيطر على العالم إلا إذا سيطرت على مصر، فأصبح المصري مهيأ ليتعايش مع الاحتلال والاستبداد فنشأت لدينا نوع من المرونة والازدواجية جعلت المصري لا يمكنك أن تعرف آرائه إلا من عينيه، فهو لا يتكلم إلا عندما يرى أن ما سيقوله سيحدث تغيراّ في المجتمع، نتج عن ذلك أنك لا تستطيع أن تتوقع الفترة التي ستهب فيها رياح الثورة، فثورة 1919 أكبر دليل على ذلك فعندما تم نفى سعد زغلول كانت كل تقارير السفارة البريطانية تؤكد أن قيام الثورة من المحال فالجميع منهمك في حياته والبارات والقهاوي يغشاها الناس كعادتهم وعندما اتجه مجموعة من الطلاب إلى رفاق سعد في بيت الأمة حتى يعتصموا اعتصاما سلميا قوبل عرضهم بالرفض وبمجرد خروج الطلبة من بيت الأمة، التهبت الثورة، ويمكننا أن نقول ذلك على ثورة يوليو 1952، فالثورة غير متوقعة كل ما نستشعره أن مصر تنتقل من حالة إلى حالة فالقديم لم يعد مناسبا والجديد لم يتضح بعد وأعتقد أننا نحيا في هذه الحالة .
  • رواية عمارة يعقوبيان أظهرت ضباط عهد الثورة على أنهم حلوا محل أثرياء العهد الملكى ،فما هى رؤيتكم لثورة يوليو ؟
  • ثورة يوليو ثورة عظيمه ،كما اننى اريد ان أوضح لك ان ارأئى لن تجدها فى رواياتى لأن الروائى الذى يتخذ من المذهب الواقعى سبيله فى السرد الروائى كفنان العرائس المتحركة الذي يتخفى وراء الحائط الخشبي وظهوره امام الجمهور يعنى الذهاب بمتعة العرض ، الروائي فعندما تقرأ في رواية عمارة يعقوبيان عن شخصية ذكى الدسوقيكإنسان دمرته الثورة مما يدفعه لأن يهاجمها بآرائه فهو يرى أن الثورة سحقته ، لذا فاراءه تخصه كشخصيه روائية أما عن ارائى فيمكن لمن يريد معرفتها ان يقرأ مقالاتى .
  • ما هى رؤيتكم للحركة الطلابية ؟
  • - أنا أرى أن الحركة الطلابية تقريباّ من أكثر الحركات تشكيلالتاريخ مصر الحديث فمن الأسباب التي دفعت السادات للتعجيل بحرب أكتوبر كانت الحركةالطلابية التي ازدهرت ما بين عامي 1968و 1972 ، ومن المواقف التي مازالت تحكى عنهذه الحركة مواجهة أحد الطلبة للسادات عندما كان رئيسا لمجلس الأمة صارخا في وجهة " أنت بتشرب سجاير كنت والناس مش لاقيه تأكل " فأطفأها السادات سريعا فصرخ الطالب " وكمان بتطفيها من غير متشربها " فالحركة الطلابية مرعبة للمستبدين ولا ننسى حركة 1946 التي أستشهد فيها العديد من الطلاب كعبد الحكم الجارحي
  • تو قيعك على البيان الذى يناهض اعتقال قيادات الأخوان يجعلنا نسألك عن رؤيتك لتيار الأسلام السياسى ؟
  • من حق أي إنسان مهما كان انتمائه السياسي أن يمارس حقوقه السياسيةفلا توجد ديمقراطية بتحفظات ، فيجب أن تحترم حرية الآخرين في ممارسة حقوق المواطنةوإن اختلفوا معك في الرؤى السياسية

اسبيرانزا 31/12/2007 20:34

  • ما تحليلكم للأضرابات والأعتصامات التى شهدتها الحركة العمالية ؟
ü الأضرابات والأعتصامات التى شهدتها الحركة العمالية تؤكد على ما سبق أن ذكرته لك وهو أن الشعب المصرى لا يمكن توقع هبته الثورية فى أى وقت ،مما يثبت كذب من يدعى أن الشعب المصرى لن يسعى للتغيير.

تم تقديم نقد الى طريقتكم فى الكتابة الروائية حيث المباشرة؟ أ

ولا أنا أتقبل النقد بصدر رحب فماركيز صرح العام الماضى بأنه تعلم الجديد فى الكتابة الروائية ,فحتى الكتب المنزلة من عند الله لا يوجد عليها اجماع لذا فمن المفترض ان ينفتح قلبك للقراء والنقاد على السواء،ولكن للأسف يوجد أنواع من النقد تسعى إلى تحطيمك والتقليل من شأنك وكل ذلك نتيجة لحالة الأحباط المستقر التى أنتجتها الدكتاتورية.والمباشرة التى تتتحدث عنها ناتجة عن سوء فهم للكتابة الواقعية،وكل شخصياتى الروائية التى تم ربطها بشخصيات معينة أؤكد أنى لم أقصدها{وبأبتسامة} عدا شخصية واحدة لن أذكرها .

· تم تقديم نقد إلى عمارة يعقوبيان فى أنها أستدرت عطف قارئيها على الشاذ جنسيا والمتطرف الأسلامى ،فما هو ردكم؟

ü أعتقد أن من قدم هذا النقد قد منح الرواية شهادة تقدير فمن وظيفة الأدب ،فمن وظيفة الأدب أن يثير تعاطفك مع الشخصيات المنحرفة والتى ضلت الطريق.

· نجاح فيلم عمارة يعقوبيان الساحق يجعلنا نتسأل عن رؤيتكم لعلاقة الأدب بالسينما حالياّ؟
ü

معظم الأفلام التى أختيرت كأفضل 100فيلم مأخوذة عن كتابات أدبية ،فكاتب السيناريو ينطلق من صراع واضح مما يجعل أبداعه أفضل ويجعل الفيلم أكثر عمقا،على أن جمهور السينما يختلف عن جمهور الأدب عدا الجمهور الفرنسى الذى كنت أوقع له الرواية فى قاعة السينما .


  • · كارول الفتاة الزنجية المضهدة تطرح تساؤل هل تحلل النظام الرأسمالى ألى نظام أكثر عدالة أجتماعية ستمحى النظرة العنصرية تجاه السود؟

    ü النظرة العنصرية لها بذور تاريخية عندالبيض وقد أتضح ذلك فى الرواية عندما هزأالأستاذ الأمريكى المتعصب من علاقة جرهام بكارول،كما أوضحت الرواية أن النظام الرأسمالى يسلع المرأة.

    · شخصية ويندى التى أرتبط بها المبعوث اليسارى ناجى عبد الصمد كفتاة يهودية تجعلنا نريد أن نستوضح رؤيتكم لقضية التطبيع مع أسرائيل؟
  • ü هناك فرق بين اليهودى والصهيونى ،فاليهودية ديانة سماوية وليس من العقل أن نمنح أسرائيل ككيان أستيطانى توسعى مبررات عنصريتهم ،واليهود عاشوا فى ظل سماحة الأسلام فى الأندلس كما أوضح ناجى لويندى.
  • · يوجد فى الرواية ثلاثة شخصيات يسارية ألى أيهم تميل؟
  • ü الثلاثة شخصيات روائية مستقلة عنى ،ولكننى أعتقد أنى أشارك ناجى عبد الصمد فى العديد من ارائه.
  • · يرى البعض أن النهايات كانت مأساوية لكل الشخصيات ،فما تعليقكم؟
  • ü أنا لا أتحكم فى النهايات ،فأنا أرسم للشخصية عالمها الخاص ثم تنطلق الشخصية دون قيد منى عليها،فعند كتابتى لمشهد إلقاء الدكتور صلاح الخطاب أمام الرئيس لم أكن أعرف ماذا سيفعل حتى اننى فوجئت بعدم ألقائه الخطاب.

اسبيرانزا 31/12/2007 20:39

حوار مع الروائى السعودى عبده خال :D

اسبيرانزا 31/12/2007 20:42


حاورته أميرة القحطاني:

الذي يقرأ مؤلفات الكاتب السعودي الكبير عبده خال لا يتوقعه بهذا اللطف وهذا التواضع وقد كنت أتخيل الحديث معه صعب جدا أو مستحيل.. فمجاراة كاتب كبير خصوصا على قارئه ومتابعه عاديه ليس سهلاً ولكن بمجرد الالتقاء معه تصبح الأمور مختلفة.. تصبح أنت الكاتب الكبير وهو المحاور الصغير.. عبده خال ليس فقط كاتب مختلف ولكنه أيضا إنسان مختلف

]
*من هو عبد الرحيم محمد خال أو عبده خال؟ [I

- هو كائن انساني تم استئصاله في محطات عديدة، واول المحطات كانت قريته، تلك القرية التي تقرض الناس كفأر شره، وكان عبدالرحيم على مائدتها، قدره أنه جاء معكوسا على تلك المأدبة، فقرضت جزاء من اسمه، فأخذت (الرحيم)، وفي ليل دامس تم تهريبه للمدينة يحمل اسما مبتورا وحكايات كالأرغفة الطازجة كلما جاع قضم ما يشتهي من أرغفته المحمولة، وفي المدينة وجد نفسه مقسما بين ماض وحاضر يوقفه امام الناس باسم عبده خال ويتم تجزئته واستقطاءه بقرض من قوارض لا يعرف من أين تقرضه.

*
يبدأ باولو كويليو روايتة "الزهيّر " بـ (أنا رجل حر) ! هل يستطيع الإنسان العربي أن يكون حرا؟

- الحرية نسبية، وهي ممنوحة لكل كائن، على المستوى التخيلي، وتتناسب حينما تتحول الى شيء مشاع، فحين أكون في حالة تخيلية أمارس الحرية المطلقة.. وحين تتحدث أما سلطة (أي كانت هذه السلطة) تتناقص تلك الحرية وتدخل في نفق أو أيقونة تصفي حريتك وفق سمك الايقونة التي تخرج من خلالها كلماتك تصبح حرية مرتهنة لمشيئة المجموع وليس وفق مشيئتك الذاتية. ويمكن القول أن كل وجود يحتم الحرية ومتى ما كان ذلك الوجود مؤطر فإننا نمارس حرياتنا في الخفاء.. وكلما ضاق المكان بمحرماته اتسعت حرية الخيال، فالمخيلة هي (المستر كي) لأي غرفة مغلقة إن المخيلة تمتلك حرية لا تحدها قضبان أو مقولات وهذه عظمة الإنسان.

* فسوق الرواية التي صدرت مؤخرا للكاتب عبده خال هي أشبه بحجر كبير وثقيل تم إلقاؤه في ماء (هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) الماء الراكد والمحرم. ويدخل (أيمن ناس) في حوار مع موظفي الهيئة يكشف الخطأ الفادح الذي تقع فيه الهيئه باسم الاسلام والحفاظ على القيم الاسلاميه وهو فضح الناس في مجتمع لايتقبل المخطئ مما ينتج عنه خطأ آخر يطول جميع افراد العائله والمحيط. اهنئك اولا على شجاعتك و على طرح موضوع الهيئه بهذه الصوره الواضحه والهادئه والعقلانيه. والحقيقه شغلني سؤال وهو


كيف استطعت أن تعطي وجهك للعاصفة وما هو السبب الذي دفعك لهذه المواجهة؟ لحل مشكله يعاني منها المجتمع ام هو ثأر؟

- الجثة عندما تتحلل لا يمكن أن تمنع انتشار رائحتها.. هل نستطيع أن ندلس ونقول أنها رائحة زكية.. ورواية فسوق هي جثث متعددة الروائح هب عليها الهواء فنشر روائحها لجهات مختلفة، ولم أكن سوى مستنشق لها.. والعاصفة التي تتحدثين عنها هي من عرت تلك القبور الصامتة، فمكنت كل جثة من إظهار ندوبها وترحيل صوتها عبر الكتابة..
فالموتى لا يحملون فضائحهم معهم لكن تلك الفضائح تبقى عالقة على ألسنتنا..

اسبيرانزا 31/12/2007 20:47

* (حين تخلق سجنا كبيرا، على الناس أن يتدبروا كيفية الهرب) واضح انك تلمس الانسان من الداخل وتعطي العذر لكل انسان حوله المجتمع الى مجرم او ساقط او سارق او مدمن او منبوذ كما نرى في حالة (شفيق الميت). ومن الاشياء التي تميز اعمالك بشكل عام انك تدخل الى عمق الشخصيه البشعه وتقوم باخراج الروح الجميله التي تكون حبيسة ذلك الجسد الذي حوله المجتمع الى جسد مليئ بالقبح. من اين تاتي بهذه القدره؟ وهل درست علم النفس؟

- شكرا على إطراءك لتلك المقدرة التي وصفتيها.. وقبل ذلك فالنفس البشرية هي كوكب نسكنه، وندعي أننا أحطنا بتفاصيله بينما حقيقة الأمر نحن نجلس في زاوية ضيقة من ذلك الكوكب ونحاول أن نخط حدوده بقيم وأخلاقيات وسلوكيات نتشارك جميعا في تمجيد الحميد منها وذم المشين. ولو تأمل كل منا في هذه النفس التي يحملها سيجد أنه لا يعرف خبايا وزوايا معتمة كثيرة، هو فقط يهندم سلوكه وفق أمزجة وقواعد الآخرين حتى إذ اكتشف سلوكا غريبا أو شاذا أثناء تأمله سرعان ما يحاول أن يمحوه أو يسدل عليه الحجب.. ولو تعرينا للحظات عما يجب ولا يجب سيكتشف أنه يقتعد كوكبا يموج ببحار مالحة وأنهار عذبة ونفايات وشخصيات كل منها يناقض الأخرى، شخصيات حقيقة تسكن وما علم النفس إلا أداة قاصرة عن فهم ذلك التجريف المهول الذي يحدث في أنفسنا، كما أن علم النفس ولد من الروايات حين طبق أحد الأطباء حالات واقعية على شخوص الروائي الفذ دوستوفسكي.. والكاتب كلما منح نفسه فرصة التحرر من ملابسه الثقيلة وغاص في بحور النفس البشرية اكتشف مواقع لم تصل إليها أساليب التهذيب والتعليم.. فالتعليم يكبل الحرية، التعليم هو الآفة الحقيقية للعقل البشري، ولو لاه لما أنتجنا كل هذه البشاعة التي نتبادلها كهدايا ونحن نبتسم.
هناك كهوف لا تزال مظلمة عنا ومهمة الكاتب أن يضيء جزء منها لنعرف أننا لا زلنا نقف على بقعة صغيرة من كوكب مهول ومسكون بشخصيات لا نعرفها في واقعنا.. (وفي أنفسكم أفلا تبصرون).. البشرية لازالت تقف في رقعة صغيرة من قارة ضخمة أسمها النفس.

* كتبت رواية فسوق بأسلوب بوليسي شيق يجعل القارئ ينشغل بأمور البحث والتقصي والرغبة في الوصول إلى النهاية لمعرفة حل القضية. الا تعتقد بانك تشغل القارئ بهذه الطريقة وتبعده عن تأمل جمال الرواية والتوقف عند الأفكار والجمل الابداعيه الكثيرة التي تحملها فسوق؟

- كتابة الرواية كالإعداد لمهرجان متنوع.. والحاضرون لمشاهدة هذا المهرجان شخصيات مختلفة المذاقات والثقافات والاهتمامات.. فبعض الحضور يرغب في معرفة مفردات المهرجان والبعض يبحث عن النشوة والبعض يبحث عن البهرجة والبعض جاء للالتقاء بالأصدقاء والبعض جاء لتخريب الفقرات والبعض جاء مشاركا في الحفل وأشخاص جاؤوا لأن مهمتهم تنسيق الفقرات وإخراجها وفق مخططها والبعض جاء لتلبية الدعوة.. هذا الخليط المختلف ممن حضروا لكل واحد منهم غاية من الحضور.. والرواية عليها أن تلبي أو تمنح تلك الرغبات جزء من ميولها لكن سير المهرجان يتوقف على المخططين له.. وربما استهدفت أن تكون رواية فسوق مهرجان لجنائز ذهبت لمقابرها في كامل زينتها عل القارئ يشم كل تلك الروائح المنتنة التي نخبئها في دواخلنا ونحن نرتدي أجمل الحلل.. أو لعلني كنت أخرق لأني تعمدت أن أزيل الأتربة عن كل تلك الجثث مدعيا أني أحتفي بها. !!

اسبيرانزا 31/12/2007 20:49

هدفك من الكتابة بشكل عام.

- الكتابة هي خروج عما يجب أن تكون عليه، هي الحرية المطلقة لأن تعيد تفاصيل الحياة كما تشتهي ربما تقع أسير الواقع أثناء السرد لكنك تترك جزء منك يحلق خارج السرب، وفي هذا تهريب بذور أمانيك في جهة لا تصلها دويبات الأرض أو الحشرات المتطفلة. والكتابة ليست عملا روتينيا بحيث تدعي أنها تحقق لك المردود المالي والاجتماعي هي عشق ومطارحة هوى، فهل رأيت إنسانا يمل من مطارحة عشيقته لوعاجه كلما صدأ في الأزقة الملتوية والتي تلتهمه كجزور علق على خطاف جزار يعرف كيف يفصل اللحم عن العظم.

*بالرغم من انك دللت كثيرا إلا إن (القرية، الطفولة الصعبة، المرض، الألم) قواعد قويه ساهمت في صناعة الكاتب عبده خال. ما مدى تأثير الظروف والبيئة التي نشأت بها في كتاباتك وهل صحيح بأنك تستمد أحداث قصصك من ماضيك؟

- نحن نرتحل عبر الأزمنة وكأننا نرتحل عبر مدن، نحبها ونعشقها إلا أن رحلتنا بها ما هي إلا رحلة (ترانزيت) علينا أن نستنشق ونرى كل ما تسمح به اللحظة، ورحيلنا عبر هذه المدن ربما يجعلنا أكثر تقلبا في الأمزجة وفي الاعتقادات وفي القناعات. والماضي كالطفولة نحن له ولا نعرف كيف تعلمنا المشي وغادرناه لكنه يبقى كالرحلات التي تعكرت في بعض موانئها وكلما أوشكت الرحلة على الانتهاء اشتقنا لكل اللحظات التي عبرتنا.
ليس هناك ألم في الماضي.
تصدق هذه الجملة كلما ابتعدنا عنه كثيرا، فكل اللحظات تعجن في ذاكرتك وتفوح برائحة الحنين.. نحن نحن للجرح القديم، ألا تجدين من ينتشي أمامك وهو يريك جرحا غائرا في جسده، نشوته تأتي من لحظة التذكر لتلك الحادثة، يتذكرها بفرح غامر كطفل يرغب في إعادة تلعثم الكلمات على لسانه.. ألا نتغنى جميعا بلثغة الأطفال.. هل أقول لك أني لم أكتب الماضي بعد، فمخزن هذا الماضي لا يزال مليء بالشخصيات التي أحلم بأن أخرجها لكي ترقص في واقعنا..

* متى تكتب وهل هناك طقوس معينه تتبعها قبل أو أثناء الكتابة؟

- كتابة الرواية تحديدا تبدأ من مغازلة عذرية، ثمة شخصية تطوف في مخيلتي وتغيب.. تغيب كفتاة عاشقة وخجولة، أشعر بها تخترق دمي، وظل انتظرها حتى تغرق في داخلي تماما، ساعتها نتطارح العشق في أي وقت تشاء أو أشاء.

*تتشح رواياتك بالسواد وأحيانا أكثر من ذلك.. المرض.. التخلف.. الإيمان المطلق بالخرافات وخصوصا في " الموت يمر من هنا " وقد كانت مفاجأة حقيقية بالنسبة لي أن اعرف بان هذه الأمور تحدث فعلا في الواقع وفي زمن قريب جداً وربما لازالت تحدث حتى ألان خصوصا فيما يتعلق بالوثنية أو ما يشبه الوثنية. وأود معرفة شيء سمعته لو سمحت لي وهو انك عشت تجربه مريرة من تجارب الموت يمر من هنا.

- العقل البشري ينهض بمنجزاته في جزء من الأرض ويتباطأ في جزء أخر، هذا التباطؤ هو نوع من الحافظة التي يسرب إليها العقل تجاربه الأولى، هناك نقاط تظل معتمة، والعقل في حاجة لإبقائها في الجزء المعتم.. كي ينمو الغموض والوحشية والجمال الذي يهتكه العلم بضوئه الباهر، والبشرية إذ استسلمت للإضاءة الباهرة تحرق، لذلك أنا أؤمن أننا بقايا أساطير، تظهر جيناتنا الأولى من سلوك أو لفظة، أو أزياء، أو فكرة..
وأمراض العقل الأولى تظهر حينما نترك الذاكرة الحافظة تمنحنا قليلا من لزوجته لنفرك بهما عجينا له نكهة الحكاية الأولى التي كانت تفسر كل عواصف الطبيعة حينما كان العقل أعزل من أي نظرية تمكنه من خلق التفسيرات الفيزيائية لحدوث ظواهر الطبيعة.
وعندما تكون الكتابة الروائية تدور في فلك المكان الأول عليها أن تستعير أدوات العقل الأول، وهذا ليس احتقار لبدائية العقل البشري بل أرى أن تلك البدايات كانت أكثر حرية في صياغة الكون بما يتلاءم مع المساحات الشاسعة من الحرية المطلقة.. ومن هنا تأتي صياغة الرواية متفلتة مما يجب.. هي الحجر الذي يفلق أكبر الأنهار..

* لست مع تفسير الكاتب لكتاباته ولكنني مضطرة لطرح هذا السؤال ماذا تريد أن تقول في (الطين)؟

- لو كنت راغبا في شرح ماذا كنت أريد من تلك الرواية لكنت كتبت مقالة في ليلة واحدة ووفرت على نفسي تعب أربع سنوات متواصلة في كتابتها.. أنا كتبتها كجنون بشري ربما اعترى مخيلتي البدائية وتفسيرها للكون وفق ذاكرة تنطلق من عجينة الماضي والحاضر بكل منجزاته العلمية من نظريات مثبتة وغير مثبتة، أرادت تلك الذاكرة تمزيق كل الكون وإعادة التفكير فيه مرة أخرى وفق جنوح العقل نحو الثورة على عقل ساد بتعليمنا بنظريات غدت كأوتاد الجبال لتسمر مخيلتنا وفق نظريات تراكمات في تفسيرها لما يحيط بها.. وكانت الطين معول سعيت به لهد الكون كاملا.. هو نوع من الجنون.. ألم تسمعي أن مجنونا هم بتحطيم اهرامات الجيزة، أظن أنهم لو تركوه لفعلها.. وفي كتابتي للطين لم يتبعني أحد، فهددت ذلك الكون القائم في مخيلتكم بفعل النظريات المتراكمة.

اسبيرانزا 31/12/2007 20:54

حوار اخر مع محمد شكرى :D

اسبيرانزا 31/12/2007 20:56

يزعجني التَعَامَل معي كظاهرة أدبية تعلمت في سن متأخرة دون التركيز
على قيمة اعمالي



حاوره: يحيي بن الوليد و الزبير بن بوشتي

يحيي بن الوليد: كثيرا ما نحاور الكتاب والشعراء والمبدعين، خصوصا ممن لهم صيت واسع، لكن نادرا ما نتوقف عند الحوار ذاته. وربما خالف بعض المفكرين هذا التقليد وهم يسطرون المواضيع التي يخوضون فيها وعيا منهم بخطورة الحوار والنتائج المرجوة منه. ولذلك نريد أن نفتتح هذا الحوار الطويل بمحور حول الحوار ذاته، لنسألك بداية: كيف تري الحوار مع كاتب مثل محمد شكري؟

محمد شكري: أنا تعلمت بطريقة عشوائية، وهذا معناه أنني لم أتعلم بطريقة أكاديمية، ومستواي التعليمي لا يتعدي أربع سنوات وبضعة أشهر. وطبعا التعلم العصامي لا يعتمد علي توجيه من الذين تعلمت علي يديهم. هذا التعلم والتعليم، في الخمسينات والستينات، كان عشوائيا ومحنة للجميع في مرحلة التعبئة الاستقلالية. ومن خلال هذا التعلم غير الموجه قرأت الكثير من الكتب غير المفيدة، لأنني لم أكن موجها من طرف معلمي أو من طرف قراء جادين يعرفون ما يقرأون. ومع مرور التجربة القرائية بدأت أميز بين الجيد والغث في اختيار ما أقرأ، سواء بذكائي الخاص أو بمساعدة بعض أذكياء القراءة، كتابا كانوا أو غير كتاب. ليس ضروريا أن يكون كل قارئ جاد كاتبا، بل هناك قراء جادون أفضل من بعض الكتاب الذين لا يعرفون ما يختارونه في قراءاتهم.


يحيي بن الوليد: من فضلك، محمد شكري، نعود الي السؤال السابق لتحدثنا عن كيف تنظر الي الحوار مع كاتب مثلك؟

محمد شكري: في الحوار معي ستكون الاجوبة بنفس الطريقة التي تعلمت بها. رغم هذا فهناك نظام في تصور الاشياء إذا أعيد ترتيبها من خلال الكتابة. ليس هناك تسلسل كرونولوجي. هناك سابق كان ينبغي أن يكون لاحقا، ولاحق كان ينبغي أن يكون سابقا. الانسان لا يفكر بطريقة آلية.

يحيي بن الوليد: يقال ان الكاتب هو نصوصه التي كتبها ليتركها لمختلف المجموعات القرائية وللباحثين والنقاد والمؤولين، هو ما لا يسمح للكاتب بأن يتحدث عن نصوصه، هل أنت من الذين لهم نفس التصور؟

محمد شكري: لا أعتقد أن الكاتب منفصل تماما عن نصوصه، فهو مبثوث في نصوصه، ليس هناك تجرد مطلقا في حياة الكاتب مع نصوصه، ليس هناك حياد مطلقا. وأنا أعتقد أن المبدع مبثوث كناقد في إبداعاته طبعا هذا لا يعني ما يسمي بـ الرقابة الذاتية بمفهومها السطحي.

يحيي بن الوليد: صحيح أن بعض المبدعين أمثال توفيق الحكيم ونجيب محفوظ وغيرهما نجد في حواراتهما آراء نابعة بخصوص الادب، ولكن هناك من يري أن المبدع ناقد فاشل.

محمد شكري: هناك كتاب فاشلون ليسوا مبدعين حقيقيين ولا هم نقاد حقيقيون. من حقنا أن نقول: لابد من خلق نقاد مبدعين في نقدهم يبتدعون الاشياء المُبدَعة. الابداع درجات، وعندما تكون هناك خلخلة أو عدم توازن فلابد أن يكون موازيا له نقد إبداعي. هناك نقاد مبدعون. رولان بارت مبدع في النقد. وهناك من يجمع بين منتهي الابداع ومنتهي النقد مثل ت. س. إليوت، عزرا باوند وكامو.

يحيي بن الوليد: وسارتر.

محمد شكري: نعم. كذلك سارتر، ميشيل بوتور وروب آلان غرييه. هناك من تجمعت فيه هذه الموسوعة.

اسبيرانزا 31/12/2007 20:58

الزبير بن بوشتي: هل تقبل بأن يحاورك من غير العارفين والمطلعين علي أدبك؟

محمد شكري: أقبل، لكن بشرط أن يكون الشخص الذي يريد أن يحاورني مطلعا جيدا علي آداب أخري.

الزبير بن بوشتي: كيف تري علاقة الكاتب باللغة؟

محمد شكري: إن الكاتب ينبغي لـه أن يتعامل مع اللغة وكأنه يخلقها لأول مرة وليس أن يتعامل معها فقط كإيصال. عليه أن يبدع فيها. وهذا يبقينا معجبين بأبي تمام وأبي نواس وإن لم يذهب في بعض شعره أبعد من الترميم والانتقاء. إن اللغة أيضا هي تخييل مثلما هو الابداع. وفي المقابل نجد بودلير، مالارميه، بول فاليري، لوتريامون، هويتمان، ماياكوفسي وياسنين. هؤلاء أيضا نحتوا لغتهم.

يحيي بن الوليد: وفي النثر أليس هناك نحت لغوي؟

محمد شكري: أعتقد أن أول شاعر في شفافية النثر العربي الحديث يبدأ مع جبران خليل جبران، وميخائيل نعيمة والي حد ما أمين الريحاني. ثم جاء بعدهم جبرا إبراهيم جبرا ويوسف إدريس.

يحيي بن الوليد: وأحمد بوزفور.

محمد شكري: إنه رائد القصة القصيرة الشاعرية ومحمد زفزاف يتقارب معه في بعض قصصه.

الزبير بن بوشتي: لقد أجريت العديد من الحوارات مع قنوات عربية أجنبية، فما هي طبيعة الاسئلة التي عادة ما تطرح من طرف المحاور العربي والأخري التي يطرحها محاورك الاجنبي؟

محمد شكري: يصعب أن أنحاز الي أي منهما من حيث إلقاء الاسئلة. هناك أسئلة جادة وأخري باهتة من الطرفين. الامر يتعلق بعمق الاطلاع وذكاء الاسئلة التي قد تثير أجوبة في مستواها. وإذا كان هناك فارق فإن الاجانب ترتكز أسئلتهم علي مدينة طنجة وتحولاتها بعد الاستقلال. ربما بسبب ما تركه أجدادهم وآباؤهم هنا من حنين.

اسبيرانزا 31/12/2007 20:59

يحيي بن الوليد: سنكرس لمدينة طنجة محورا خاصا، ولذلك نطلب منك أن تواصل حديثك عن طبيعة أسئلة الاجانب.

محمد شكري: أحيانا يزعجني أن يُتَعَامَل معي فقط كظاهرة أدبية تعلمت في سن متأخرة دون التركيز علي القيمة الادبية في كتاباتي المختلفة. أنا ضد هذه الماركينتيغية أو السكوبات (السبق الصحفي). إن الانبهار بالسبق الصحافي لا يتهافت عليه إلا الفقراء في ذهنيتهم. إنهم لا يبحثون عن الامتاع الذهني فيما يقرأون. لا علاقة لي بهؤلاء وإن كانوا يقرأون كتبي.

الزبير بن بوشتي: ولكنك أنت أكبر المساهمين في تكريس هذا التصور عن نفسك.

محمد شكري: لماذا لا تقول العكس بحيث هناك من يخدم شهرته من خلال شهرتي بدءا من الناشرين، والصحافة المكتوبة، والفضائيات والاذاعات. لا أكرس نفسي وحدي لشهرتي.

الزبير بن بوشتي: بل كرست عن نفسك صورة الصعلوك التي ترفضها الآن... فأنت في العديد من اللقاءات لا تتحدث إلا عن حاناتك وعن دخولك الدار سكرانا وغيرها من الصور التي تروجها عن نفسك في حوارات ولقاءات، فكيف تقول بوقوف الآخرين وراء ترويجها؟

محمد شكري: الصعلكة هي نوع من الحياة، وهي بمفهومها القديم كانت أحيانا تسلية، وأحيانا التزاما نبيلا اجتماعيا لنصرة الفقراء، لكنها استغلت وأصبح الصعلوك لا يعني إلا الاخلاق السيئة؛ فأنا عندما أسكر أفعل ذلك بسمو السكر وتجليه. أحافظ علي أن لا تصدر عني أفعال وأقوال تزعج أو تؤذي الآخرين. أحيانا أكون أخلاقيا أكثر من الاخلاقيين أنفسهم. لا وجود لي إلا بمقدار ما أعطيه للآخر من الاحترام الذي يستحقه لكسب احترامه لي. هناك مسامرة الندّ للندّ، وهناك ناس محدودون في سلوكهم، والمطلوب في مجالستهم ومسامرتهم هو نوع من اللياقة في الكلام معهم. قبل ايام كنت أمارس نوعا من هذه الصعلكة مع نفسي دون أن يشاركني فيها أحد. إنها نوع من التدمير الذاتي أمارسه مع نفسي لتسكين قلقي المجهول. هذه الحالة تغزوني بين فترة وأخري. عندي كل ما أحتاجه، لكن ينقصني شيء ما مبهم. ثم جاء يونس الخرَّاز (رسام مغربي من أصيلة) وشاركني جزءا من هذه الصعلكة فسمّي حالتي تسكين (القهر الداخلي). أعجبت بتعبيره.

يحيي بن الوليد: قبل قليل اشرت الي الاسئلة الجادة التي طرحت عليك، نريد أن نعرف هذه النوعية من الاسئلة.

محمد شكري: كتب عني أكثر مما كتبت. الظاهرة هم الذين خلقوها. كيف أكبحهم؟ لست ملكا لنفسي كلية. جزء مني ملك للآخرين. أتذكر ذلك اليوم في كلية الآداب في مراكش أثناء لقاء نظمه لي عبد الصمد بلكبير مع الطلبة؛ فاجأني أحد المعجبين الذي لم يكن يملك أحدا من كتبي طالبا مني أن أوقع له اسمي علي ورقة. قلت له أنا لست مغنيا أو لاعب كرة قدم لكي أوقع لك علي ورقة. قال بأن الكاتب أهم.

يحيي بن الوليد: وماذا عن أسئلة الاجانب؟

محمد شكري: في معظمها لها علاقة بالمدينة التي أعيش فيها علي الدوام كما قلت من قبل. ونحن نعرف أن طنجة هي من المدن العالمية المُؤَسْطَرَة مثل المدن المينائية: الاسكندرية، أثينا، قاديش. مدن الغزو والقراصنة. إنها أسئلة لا صلة لها بمسيرة الادب العالمي ككل. أسئلة فيها فلكلور وعجائبية. أسئلة عن طنجة الكوسموبوليتية. هل ما كتبته في الخبز الحافي ، السوق الداخلي ، القصص الاخري عشته بالفعل. أسئلة من هذا النوع تلقي عليّ من طرف الاجانب والعرب.

يحيي بن الوليد: ألا تري أن هذا النوع من الاسئلة فيه استفزاز بالنسبة لك؟

محمد شكري: لماذا لا نقول بأنه استقصاء وفضول المعرفة... ! هل ما كتبته في الماضي مازال مستمرا؟ هل مازال البؤس مستمرا ومعيشا كما من قبل؟ هل مازلت الدعارة مستمرة وتمارس كما تحدثت عنها في بعض قصصك؟ والشذوذ الجنسي أحاله هي كما كان في الماضي في طنجة؟ مثل هذه الاسئلة غالبا ما يطرحها الاجانب. والجواب عنها يكون حسب طبيعة موضوع السائل في مجموع أسئلته في عمقها وسطحيتها. لا جواب ذكي بدون سؤال ذكي.

يحيي بن الوليد: وحتي نبقي دائما في الاطار ذاته، فما هي الاسئلة التي تكره أن تطرح عليك؟

محمد شكري: هل حقا مسموح بالكتابة عن الخلاعة والشذوذ؟ هل تعتبر نفسك صاحب الكتاب الواحد؟ هل تكتب عن الدعارة لأنها كتابة رائجة؟ مثل هذه الاسئلة وغيرها أعتبرها سطحية.

الزبير بن بوشتي: هل تعتبر نفسك عدو المرأة؟

محمد شكري: إن كتاباتي عنها لا تكشف عن ذلك بل أدافع عنها. ليس كل من يكتب عن المرأة الداعرة هو عدوها. الجنس الداعر أوظفه توظيفا اجتماعيا للكشف عن أسبابه الاستغلالية في أبشع صوره. هناك كثير من المباءات الاجتماعية يساهم الجنس العاهر في الكشف عنها. لكن اصحاب العقـــلية المتشددة في انتقاد الجنس المحرم قد تجدهم مهتمين بقراءاته في الخفاء بتلذذ. لا أبالغ إذا قلت إن الذين ينتقدون الجنس المحرم هم أكثر الناس شراء للكتب الجنسية.

الزبير بن بوشتي: والآن ما هي الاسئلة التي لم تطرح عليك وكنت ترغب في أن تطرح عليك؟

محمد شكري: الاسئلة التي لم تطرح علي هي الاسئلة التي لم يفكر فيها الغير ولم أفكر أنا في الاجابة عنها.

اسبيرانزا 31/12/2007 21:00

يحيي بن الوليد: ألا تعتقد أن الحوارات تخدمك؟

محمد شكري: بل تخدمهم هم. فكل صحافي يأتي إليك ليحاورك يريد أن يمتصك مثل إسفنجة في الماء. وأكثر الحوارات تجارية وأقلها جادة. ثم قد يقول لك المحاور في مقاله عنك ما لم تقله ليزكي مقاله بالاثارة التي قد تسيء إليك.

يحيي بن الوليد: أنت قلت في اللقاء الذي نظمه فرع اتحاد كتاب المغرب بطنجة حول تجربتك بأنك لا تجري الحوارات مع وسائل الاعلام إلا بمقابل مادي. ألا تري أن هذا يدخل بدوره في إطار الماركيتينغ؟

محمد شكري: يا عزيزي يحيي، ربما إلحاحي وتشبثي بأن كل حوار ـ سواء كان أجنبيا أو عربيا ـ يجب أن أتقاضي عنه مقابلا ماديا هو إعادة اعتبار لما أخذ أو سرق مني؛ فأنا قد استغللت استغلالا كبيرا من طرف مؤسسات النشر الاجنبية والعربية: الاسبانية، الفرنسية، الايطالية، البرازيلية وغيرها. أمام العربية فسهيل إدريس نشر مجموعتي القصصية مجنون الورد (1979) ولم أستلم منه سوي تسبيق عن طريق محمد برادة، فحتي الآن لم يجر معي أية حسابات عن عدد الطبعات والمبيعات. ونفس المجموعة نشرتها مؤسسة الهيئة العامة لقصور الثقافة في القاهرة (1997ـ الطبعة الثانية) دون استشارتي. كيف يعقل أن مؤسسة رسمية تنتمي الي بلد عريق في الحضارة تقوم بمثل هذا العمل غير الاخلاقي والقرصني (نسبة الي القرصنة).

يحيي بن الوليد: لحسن الحظ أنها لم تحدث زوبعة كما حصل لـ وليمة لاعشاب البحر لحيدر حيدر.

محمد شكري: (يصمت شكري للحظة ثم يواصل) إن اية مقابلة صحافية معي ينبغي أن تؤدي عنها مستحقات حتي أسترد ما سرق مني.

الزبير بن بوشتي: ووسائل الاعلام المغربية، ما حكايتك معها؟

محمد شكري: أصبحت أطلب المبلغ الذي أستحقه سواء من القناة الاولي أو الثانية. أريد أن أستفيد من شهرتي أجنبية كانت أو عربية أو مغربية. نعم، أطالبها بدفع المستحقات إن كانت تمولها أجهزة تجارية. أما إذا كان الصحافي مبتدئا وينتمي لجريدة أو مجلة لها انتشار محدود فقد أدعوه الي مائدة الطعام.

يحيي بن الوليد: وكيف تنظر للحوار في علاقته بما يسمي التسويق الذاتي ؟ ألا تلاحظ أنك تروج لنصوصك في حواراتك؟

محمد شكري: إبراز الذات غريزة بشرية خوفا من الفناء.

الزبير بن بوشتي: هل معني هذا أنك تطمح للخلود؟

محمد شكري: ألم يثبت الفراعنة أنفسهم في الاهرام وبعدهم شعب الإنكا. نزعة الخلود لا أراها شاذة. إنها حافز كبير للتطور وتبئير للانتاج الفكري.

الزبير بن بوشتي: ما رايك في الجمال؟

محمد شكري: الجمال محفز للاعجاب والتعارف.

الزبير بن بوشتي: ورأيك في ظاهرة السراويل النسائية؟

محمد شكري: ليست كل مؤخرة نسوية يلائمها السروال اللصيق جدا بها. إن بعض المؤخرات مضحكة ومنفرة. فهي تبدو مثل سنام جمل. وإذا خلعت المرأة سروالها المشدود جدا عليها فإن رائحة العفونة ستنبعث منها؛ لأن التهوية منعدمة في السروال المشدود جدا.

يحيي بن الوليد: وما الذي تسعي إليه من خلال حوار القدس العربي معك؟

محمد شكري: توضيح لما لم يلق علي سابقا من أسئلة. أسئلة ظلت مبهمة وأسعي من خلال هذا الحوار استجلاءها وإبراز أشياء جديدة لم تطرح علي من قبل
.


اسبيرانزا 31/12/2007 21:07

حوار مع الروائى الطاهر وطار :D

اسبيرانزا 31/12/2007 21:08

المتنبي كان حاضرا في روايتك الجديدة "قصيد في التذلل"، مثلما حدث في روايتك السابقة "عرس بغل"، كيف كان حاضرا هذه المرة؟

اعتمدت على أبي الطيّب المتنبي كشاعر أراد السلطة، وأرى أن طلبه للسلطة ذاك كان يهدف منه أن يكون محط أنظار جميع الناس، كما لو أن الشعر لم يكفه وتلك حالة فنية وهي أن يطمح الفنان لأن يكون الواحد الأوحد في كل ميدان، لكن السلطة عندما تدرك خطر الذي يتقدم لطلب نصيب منها إذا كان شاعرا حقيقيا يصير خطرا عليها لأنه عندما يحصل على الملك يصبح "الملك الشاعر" بكل المقاييس، ولهذا الأمر تم حرمان المتنبي في مشارق الأرض ومغاربها، وكيف لا وهو الذي لا يسمح أبدا بأن يتنازل عن قيمته ويقول بأنه خير من في المجلس حتى في حضرة الأمراء.

"قصيد في التذلل"، ظاهريا هو احتفاء بالشعر وباطنيا هو "نقض" له؟


"قصيد في التذلل"، هو متابعة لهاجسي المركزي وهو علاقة المثقف بالسلطة، ففي الروايات السابقة تحدثت عن المثقف بصفة عامة، عن المتعلم وعن رجل المسرح مثلا في "تجربة في العشق" مثلا، لكن في هذه المرة تحتم عليّ أن أفصّل في هذه الظاهرة فذهبت إلى المبدعين كشريحة التي هي منفصلة تماما عن ظاهرة المثقف التي عالجتها سابقا، فهي تتميّز بكيانها وخصوصياتها وتاريخها الطويل، وطبعا عندما نقول "المبدع" يبرز أمامنا الشاعر وهو الأكثر حضورا في تاريخ الأدب العربي، وهو حسب معرفتي الأكثر حساسية من بين المبدعين الذين نعرف في الرواية والمسرح، وربما لا يتساوى في هذا الأمر إلا مع الموسيقار، وقد أردت القول، كيف يمكن أن تكون علاقة بين مبدع يفترض أن يتجاوز الواقع كل لحظة، وبين سلطة هي رمز للاستقرار والثبات لـ"غض الطرف عن الصغائر"، كيف يكون هذا التزاوج خاصة مع ما لوحظ في الجزائر مثلا منذ سنوات بعد خفوت صراع المثقفين الإسلاميين بكل وسائلهم وبين السلطة وما نجم عن ذلك بارتماء الكثير من المبدعين وخاصة الشعراء منهم في أحضان السلطة بكل استسلام، وبدون تساؤل وبالتذاذ عجيب، فتم تعيين الكثير من الشعراء على رأس مديريات الثقافة بالولايات وكذلك في مناصب حساسة في قطاع الإعلام، وبحكم اهتمامي بالموضوع رحت أبحث عن الإشكاليات فيما يمكن أن يجمع بين المبدع ومسؤوليه، وما يمكن أن يفرقهما، وهل يقبل المبدع الفساد المتفشي، وإن رفض فهل يعبّر عن ذلك أم يكون بطريقة سرية.


فعندما يكون الفساد متفشيا في الارض ويسكن عن ذلك الشعراء فهذا دليل على غيابهم.

عودتنا على استلهام شخصياتك الروائية من أشخاص واقعيين، فعلى من اعتمدت هذه المرة؟


في هذه الرواية شيء من سيرتي الذاتية، فعندما عدت إلى فترة الستينيات من القرن العشرين وفترة التسعينيات منه دخل على الخط شيء من سيرتي الذاتية، فلا تنس أني مررت بسلطة عندما كنت مديرا عاما للإذاعة الجزائرية لمدة ثمانية عشر شهرا، وحينها واجهت تجربة واكتسبت خبرة في هذا الشأن، ولم استلهم تجارب أشخاص آخرين.. كنت بيني وبين نفسي، رجل شيوعي مناضل حاول أن يختطف الرائد شابو أمين وزارة الدفاع الوطني حينها، فهذا أنا.

اسبيرانزا 31/12/2007 21:10



ألم يكن بشير حاج على الشاعر المناضل الشيوعي حاضرا وسط الأحداث؟

الرواية كما تعلم في جزء منها تناولت حادثة انقلاب العقيد هواري بومدين على الرئيس احمد بن بلة يوم 19 جوان1965، والشاعر بشير حاج علي ساعتها كان في السجن وقد ذكرته بالاسم مثلما ذكرت المؤرخ محمد حربي، والصحفي اليساري عبد الحميد بن الزين والمناضل الحقوقي حسين زهوان وكلهم كانوا في السجن ساعتها.

ألا تتداخل بعض التفاصيل هنا، مع مذكراتك الشخصية؟


نعم بعض الأحداث فيها شيء من السيرة الذاتية كما لم أتطرق بالتفصيل إلى ذلك في المذكرات فبين الحين والآخر تطفو الذكريات الشخصية بتفاصيلها وسط الأحداث.

كثيرا ما يحضر الشعراء في مختلف روايتك ما السر في هذا خاصة مع شبه غياب للروائيين وأنت واحد منهم؟


الشعراء كثيرون، والشاعر صوت قبل أن يكون كلمة مكتوبة، ثم أن ثقافة العرب هي شعرية بالأساس، فعندما تنطق كلمة شاعر يكون لتلك الكلمة صدى ورنين مميز وهذا لا نجده مثلا عند الكلام عن الروائيين.

لكن الرواية هي "ديوان العصر" والروائيون حاليا هم أشهر من الشعراء، وأكثرهم مقروئية؟


الشعراء أكثر انتشارا ونفوذا.. الشاعر يصل كصوت في المهرجانات، ومع التكنولوجيا أصبح صوته ينتقل بين الناس عن طريق أشرطة الكاسي والسي دي وغيرها من الوسائل، وهذا لا يتوفر للروائيين الذين يعتمدون على الكلمة المكتوبة.

وكيف تجاوزت اللغة الصوفية التي كتبت بها رواياتك الأخيرة لتعود إلى "لغة واقعية" في هذه الرواية؟


أنا من المستسلمين بشكل نهائي للموضوع، أترك له العنان ليختار شكله من حيث اللغة والانشاء والتركيب والبناء الهيكلي لهذا يصعب عليّ القول بالاختيار الواعي للشكل، فأنا أرى أن هناك علاقة جدلية بين الشكل والمضمون، فهذا يشكّل هذا والعكس صحيح، وما احرص عليه هو الوفاء للشخصيات في أبعادها، فعندما تكون هناك شخصية ولي زاهد متعبد خارج من وجدان الناس فأنت مجبر على استعمال لغة صوفية فيها الكثير من "الأكاذيب" كأن تجعله يحلق في الفضاء مثلا وهي حالة غير طبيعية، وعندما تتحدث عن مناضل فأنت مجبر على استعمال تعابير أيديولوجية، فالشخصيات تفرض شكل الرواية والأسلوب والحوار، وأنا عندما عدت في هذا العمل إلى المتنبي، عدت إليه بشيء من الفنتازيا لأن شخصية أبي الطيب لا يمكن أن توصف بهذه الواقعية.، فهذا مناضل كبير ولو مازال حيا لاختطف معي الرائد شابو (يضحك).

على ذكر المتنبي، هذا الشاعر كان حاضرا في رواية "عرس بغل"، والرواية نفسها للمح لانقلاب بومدين على بن بلة، فهل يمكن اعتبار "قصيد في التذلل" بمثابة جزء ثاني لـ"عرس بغل"؟


ما لم أتحدث عنه في "عرس بغل" هو دور المعارضين للانقلاب الذين دخلوا السجون ودور الذين تم نفيهم والذين هربوا من البلاد، كل هذا كان غائبا في تلك الرواية وفي كل الأعمال الأدبية الجزائرية التي أتت بعد ذلك، فالشاعر في هذه الرواية الجديدة فيه شيء كثير مني ومن رفاقي.

وفيه شيء من الشاعر المغتال يوسف سبتي مثلا؟


لا.. هذا الشاعر على عكس يوسف سبتي عقلاني النزع


الساعة بإيدك هلق يا سيدي 22:44 (بحسب عمك غرينتش الكبير +3)

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
ما بخفيك.. في قسم لا بأس به من الحقوق محفوظة، بس كمان من شان الحق والباطل في جزء مالنا علاقة فيه ولا محفوظ ولا من يحزنون

Page generated in 0.14827 seconds with 10 queries