![]() |
المحبة
1 ملف مرفق .
المحبة
لجبران خليل جبران حينئذٍ قالت له المطرة: هاتِ لنا خطبة في المحبة فرفع رأسه ونظر إلى الشعب نظرة محبة وحنان، فصمتوا جميعهم خاشعين. فقال لهم بصوتٍ عظيم: إذا أشارت المحبة إليكم فاتبعوها، وإن كانت مسالكها صعبة متحدِّرة. وإذا ضمّتكم بجناحيها فأطيعوها، وإن جرَّحكم سيفها المستور بين ريشها . وإذا خاطبتكم المحبة فصدقوها، وإن عطَّل صوتها أحلامكم وبددها كما تجعل الريح الشمالية البستان قاعاً صفصفاً . لأنه كما أن المحبة تُكلِّلكم، فهي أيضاً تصلبكم. وكما تعمل على نموِّكم، هكذا تعلمكم، وتستأصل الفاسد منكم. وكما ترتفع إلى أعلى شجرة حياتكم فتعانق أغصانها اللطيفة المرتعشة أمام وجه الشمس، هكذا تنحدر إلى جذورها الملتصقة بالتراب وتهزها في سكون الليل. المحبة تضمُّكم إلى قلبها كأغمار حنطة. وتدرسكم على بيادرها لكي تُظهر عُريكم . وتغربلكم لكي تحرركم من قشوركم. وتطحنكم لكي تجعلكم أنقياء كالثلج. وتعجنكم بدموعها حتى تلينوا. ثم تعدّكم لنارها المقدّسة، لكي تصيروا خبزاً مقدّساً يقرّب إلى مائدة الرب المقدّسة. كل هذا تصنعه المحبة بكم لكي تدركوا أسرار قلوبكم، فتصبحوا بهذا الإدراك جزءاً من قلب الحياة. غير أنكم إذا خفتم، وقصرتم سعيكم على الطمأنينة واللذة في المحبة فالأجدر بكم أن تستروا عريكم وتخرجوا من بيدر المحبة إلى العالم البعيد حيثما تضحكون، ولكن ليس كل ضحككم، وتبكون ولكن ليس كل ما في مآقيكم من الدموع . المحبة لا تعطي إلا ذاتها، المحبة لا تأخذ إلا من ذاتها. لا تملك المحبة شيئاً ، ولا تريد أن أحداً يملكها ، لأن المحبة مكتفية بالمحبة . أما أنت إذا أحببت فلا تقل: "إن الله في قلبي" ، بل قل بالأحرى : "أنا في قلب الله". ولا يخطر لك البتة أنك تستطيع أن تتسلّط على مسالك المحبة . لأن المحبة إن رأت فيك استحقاقاً لنعمتها تتسلّط هي على مسالكك المحبة لا رغبة لها إلا في أن تكمِّل نفسها . ولكن، إذا أحببت، وكان لابدَّ من أن تكون لك رغبات خاصة بك، فلتكن هذه رغباتك: أن تذوب.. وتكون كجدولٍ متدفّق يُشنِّف آذان الليل بأنغامه الشجية. أن يجرحك إدراكك الحقيقي للمحبة في حبة قلبك. وأن تنزف دمك وأنت راضٍ مغتبط. أن تنهض عند الفجر بقلب مجنّح خفوق، فتؤدي واجب الشكر ملتمساً يوم محبة آخر. أن تستريح عند الظهيرة، وتناجي نفسك بوَجد المحبة. أن تعود إلى منزلك عند المساء شاكراً . فتنام حينئذٍ والصلاة لأجل من أحببت تتردد في قلبك أنشودة الحمد والثناء مرتسمة على شفتيك.. ولدتما معاً وتظلان معاً إلى الأبد.. وستكونون معاً حتى عندما تبدد أيامكما أجنحة الموت البيضاء أجل، ستكونان معاً حتى في سكون تذكارات الله. كونا فرحين .. غنِّ يا فرحين إنما اتركا بينكما بعض فسحات لترقص فيها رياح السموات . أولادكم ليسوا لكم.. أولادكم أبناء الحياة والحياة لا تقيم في منازل الأمس . أحبوا بعضكم بعضاً، ولكن لا تقيّدوا المحبة بالقيود، بل لتكن المحبة بحراً متموّجاً بين شواطئ نفوسكم.... جبران خليل جبران عن كتاب ( النبي ) |
اقتباس:
اقتباس:
اقتباس:
اقتباس:
شكراً لك و ل جبران :D :D :D |
شكراً يا بيهنام الرائع
:D :D :D :D |
رائع انا بحب كتير جبران
|
وانا بحبو كمان
شكراً بيهنام :D :D :D |
أنا عندي اقتراح : يا ريت كل واحد بيحب جبران يكتب مقتطفات من أعمال جبران حتى نتعرف ونستفاد
راح أبدا انا اليوم : من كتاب النبي ; عن الصديق والصداقة : إذا صمت صديقك ولم يتكلم فلا ينقطع قلبك عن الإصغاء إلى صوت قلبه ... .. ما قيمة صديقك الذي لا تطلبه إلا لتقضي معه ما تريد ان تقتله من وقتك ؟فاسعَ بالأحرى إلى الصديق الذي يحيي أيامك ولياليك .لأن له وحده قد أعطي أن يكمل حاجاتك , لا لفراغك ويبوستك . وليكن ملاك الأفراح واللذات المتبادلة مرفرفاً فوق حلاوة الصداقة .. |
اغنية الجمال
انا دليل الحب ، انا خمرة النفس ، انا مأكل القلب ، انا وردة افتح قلبي عند فتوة النهار فتأخذني الصبية وتقبلني وتضعني على صدرها . انا بيت السعادة ، انا مصدر الفرح ، انا مبدأ الراحة ، انا ابتسامة لطيفة على شفتي غادة ، يراني الشاب فينسى اتعابه وتصير حياته مسرح احلام لذيذة . انا نظرة في عين طفل تراها الام الحنون فتسجد وتصلي وتمجد الله . تجليت لآدم بجسم حواء فاستعبدته ، وظهرت لسليمان في قد حبيبته فصيرته حكيما وشاعرا . انا كالدهر ابني اليوم واهدم غدا ، انا الله احيي واميت انا ارق من تنهدة زهرة البنفسج ، انا اشد من العاصفة انا حقيقة ايها الناس ، انا حقيقة وهذا خير ما تعلمونه .. عن كتابه دمعة وابتسامة |
قليلون جدا من لم يسمعوا بـ "جبران" حول العالم، والأقل منهم من لم يسمعوا بكتاب "النبي". وهذا الكتاب يختصر بالفعل فلسفة جبران ونظرته إلى الكون والحياة. وقد ترجم إلى لغات العالم الحية كلها، وكانت آخرها اللغة الصينية ( هذا العام)، وقد حققت مبيعاته أرقاما قياسية بالنسبة إلى سواه من الكتب المترجمة إلى تلك اللغة.
صحيح ان معظم كتب جبران وضعت بالإنكليزية، وهذا ما ساعد كثيرا على انتشارها، ولكن جبران كتب ورسم و "فلسف" الأمور بروح مشرقية أصيلة لا غبار عليها، سوى غبار المزج بين ثقافات متعددة وعجنها ثم رقها وخبزها على نار الطموح إلى مجتمع أفضل وحياة أرقى وعلاقات بين البشر تسودها السعادة المطلقة التي لم يتمتع بها جبران نفسه. وكأن قدر كل عظماء العالم من فلاسفة ومفكرين ان يعانوا الآلام النفسية والجسدية في سبيل بلوغ الغاية القصوى واكتشاف أسرار الحياة والمعرفة. ولد هذا الفيلسوف والأديب والشاعر والرسام من أسرة صغيرة فقيرة في بلدة بشري في 6 كانون الثاني 1883. كان والده خليل جبران الزوج الثالث لوالدته كميلة رحمة التي كان لها ابن اسمه بطرس من زواج سابق ثم أنجبت جبران وشقيقتيه مريانا وسلطانة . كان والد جبران راعيا للماشية، ولكنه صرف معظم وقته في السكر ولم يهتم بأسرته التي كان على زوجته كميلة، وهي من عائلة محترمة وذات خلفية دينية، ان تعتني بها ماديا ومعنويا وعاطفيا. ولذلك لم يرسل جبران إلى المدرسة، بل كان يذهب من حين إلى آخر إلى كاهن البلدة الذي سرعان ما أدرك جديته وذكاءه فانفق الساعات في تعليمه الأبجدية والقراءة والكتابة مما فتح أمامه مجال المطالعة والتعرف إلى التاريخ والعلوم والآداب. وفي العاشرة من عمره وقع جبران عن إحدى صخور وادي قاديشا وأصيب بكسر في كتفه اليسرى ، عانى منه طوال حياته. لم يكف العائلة ما كانت تعانيه من فقر وعدم مبالاة من الوالد، حتى جاء الجنود العثمانيون يوم (1890) والقوا اقبض عليه أودعوه السجن، وباعوا منزلهم الوحيد، فاضطرت العائلة إلى النزول عند بعض الأقرباء. ولكن الوالدة قررت ان الحل الوحيد لمشاكل العائلة هو الهجرة إلى الولايات المتحدة سعيا وراء حياة أفضل. عام 1894 خرج خليل جبران من السجن، وكان محتارا في شأن الهجرة، ولكن الوالدة كانت قد حزمت أمرها، فسافرت العائلة تاركة الوالد وراءها. ووصلوا إلى نيويورك في 25 حزيران 1895 ومنها انتقلوا إلى مدينة بوسطن حيث كانت تسكن اكبر جالية لبنانية في الولايات المتحدة. وبذلك لم تشعر الوالدة بالغربة، بل كانت تتكلم اللغة العربية مع جيرانها، وتقاسمهم عاداتهم اللبنانية التي احتفظوا بها. اهتمت الجمعيات الخيرية بإدخال جبران إلى المدرسة، في حين قضت التقاليد بأن تبقى شقيقتاه في المنزل، في حين بدأت الوالدة تعمل كبائعة متجولة في شوارع بوسطن على غرار الكثيرين من أبناء الجالية. وقد حصل خطأ في تسجيل اسم جبران في المدرسة وأعطي اسم والده، وبذلك عرف في الولايات المتحدة باسم "خليل جبران". وقد حاول جبران عدة مرات تصحيح هذا الخطأ فيما بعد إلا انه فشل. بدأت أحوال العائلة تتحسن ماديا، وعندما جمعت الأم مبلغا كافيا من المال أعطته لابنها بطرس الذي يكبر جبران بست سنوات وفتحت العائلة محلا تجاريا. وكان معلمو جبران في ذلك الوقت يكتشفون مواهبه الأصيلة في الرسم ويعجبون بها إلى حد ان مدير المدرسة استدعى الرسام الشهير هولاند داي لإعطاء دروس خاصة لجبران مما فتح أمامه أبواب المعرفة الفنية وزيارة المعارض والاختلاط مع بيئة اجتماعية مختلفة تماما عما عرفه في السابق. كان لداي فضل اطلاع جبران على الميثولوجيا اليونانية، الأدب العالمي وفنون الكتابة المعاصرة والتصوير الفوتوغرافي، ولكنه شدد دائما على ان جبران يجب ان يختبر كل تلك الفنون لكي يخلص إلى نهج وأسلوب خاصين به. وقد ساعده على بيع بعض إنتاجه من إحدى دور النشر كغلافات للكتب التي كانت تطبعها. وقد بدا واضحا انه قد اختط لنفسه أسلوبا وتقنية خاصين به، وبدأ يحظى بالشهرة في أوساط بوسطن الأدبية والفنية. ولكن العائلة قررت ان الشهرة المبكرة ستعود عليه بالضرر، وانه لا بد ان يعود إلى لبنان لمتابعة دراسته وخصوصا من أجل إتقان اللغة العربية. وصل جبران إلى بيروت عام 1898 وهو يتكلم لغة إنكليزية ضعيفة، ويكاد ينسى العربية أيضا. والتحق بمدرسة الحكمة التي كانت تعطي دروسا خاصة في اللغة العربية. ولكن المنهج الذي كانت تتبعه لم يعجب جبران فطلب من إدارة المدرسة ان تعدله ليتناسب مع حاجاته. وقد لفت ذلك نظر المسؤولين عن المدرسة، لما فيه من حجة وبعد نظر وجرأة لم يشهدوها لدى أي تلميذ آخر سابقا. وكان لجبران ما أراد، ولم يخيب أمل أساتذته إذ اعجبوا بسرعة تلقيه وثقته بنفسه وروحه المتمردة على كل قديم وضعيف وبال. تعرف جبران على يوسف الحويك واصدرا معا مجلة "المنارة" وكانا يحررانها سوية فيما وضع جبران رسومها وحده. وبقيا يعملان معا بها حتى أنهى جبران دروسه بتفوق واضح في العربية والفرنسية والشعر (1902). وقد وصلته أخبار عن مرض أفراد عائلته، فيما كانت علاقته مع والده تنتقل من سيء إلى أسوأ فغادر لبنان عائدا إلى بوسطن، ولكنه لسوء حظه وصل بعد وفاة شقيقته سلطانة. وخلال بضعة اشهر كانت أمه تدخل المستشفى لإجراء عملية جراحية لاستئصال بعض الخلايا السرطانية. فيما قرر شقيقه بطرس ترك المحل التجاري والسفر إلى كوبا. وهكذا كان على جبران ان يهتم بشؤون العائلة المادية والصحية. ولكن المآسي تتابعت بأسرع مما يمكن احتماله. فما لبث بطرس ان عاد من كوبا مصابا بمرض قاتل وقضى نحبه بعد أيام قليلة (12 آذار 1903) فيما فشلت العملية الجراحية التي أجرتها الوالدة في استئصال المرض وقضت نحبها في 28 حزيران من السنة نفسها. إضافة إلى كل ذلك كان جبران يعيش أزمة من نوع آخر، فهو كان راغبا في إتقان الكتابة باللغة الإنكليزية، لأنها تفتح أمامه مجالا ارحب كثيرا من مجرد الكتابة في جريدة تصدر بالعربية في أميركا ( كالمهاجر9 ولا يقرأها سوى عدد قليل من الناس. ولكن انكليزيته كانت ضعيفة جدا. ولم يعرف ماذا يفعل، فكان يترك البيت ويهيم على وجهه هربا من صورة الموت والعذاب. وزاد من عذابه ان الفتاة الجميلة التي كانت تربطه بها صلة عاطفية، وكانا على وشك الزواج في ذلك الحين (جوزيفين بيبادي)، عجزت عن مساعدته عمليا، فقد كانت تكتفي بنقد كتاباته الإنكليزية ثم تتركه ليحاول إيجاد حل لوحده. في حين ان صديقه الآخر الرسام هولاند داي لم يكن قادرا على مساعدته في المجال الأدبي كما ساعده في المجال الفني. وأخيرا قدمته جوزفين إلى امرأة من معارفها اسمها ماري هاسكل (1904)، فخطّت بذلك صفحات مرحلة جديدة من حياة جبران. كانت ماري هاسكل امرأة مستقلة في حياتها الشخصية وتكبر جبران بعشر سنوات، وقد لعبت دورا هاما في حياته منذ ان التقيا. فقد لاحظت ان جبران لا يحاول الكتابة بالإنكليزية، بل يكتب بالعربية أولا ثم يترجم ذلك. فنصحته وشجعته كثيرا على الكتابة بالإنكليزية مباشرة. وهكذا راح جبران ينشر كتاباته العربية في الصحف أولا ثم يجمعها ويصدرها بشكل كتب ، ويتدرب في الوقت نفسه على الكتابة مباشرة بالإنكليزية. عام 1908 غادر جبران إلى باريس لدراسة الفنون وهناك التقى مجددا بزميله في الدراسة في بيروت يوسف الحويك. ومكث في باريس ما يقارب السنتين ثم عاد إلى أميركا بعد زيارة قصيرة للندن برفقة الكاتب أمين الريحاني. وصل جبران إلى بوسطن في كانون الأول عام 1910، حيث اقترح على ماري هاسكل الزواج والانتقال إلى نيويورك هربا من محيط الجالية اللبنانية هناك والتماسا لمجال فكري وأدبي وفني أرحب. ولكن ماري رفضت الزواج منه بسبب فارق السن، وان كانت قد وعدت بالحفاظ على الصداقة بينهما ورعاية شقيقته مريانا العزباء وغير المثقفة. وهكذا انتقل جبران إلى نيويورك ولم يغادرها حتى وفاته . وهناك عرف نوعا من الاستقرار مكنه من الانصراف إلى أعماله الأدبية والفنية فقام برسم العديد من اللوحات لكبار المشاهير مثل رودان وساره برنار وغوستاف يانغ وسواهم. سنة 1923 نشر كتاب جبران باللغة الإنكليزية، وطبع ست مرات قبل نهاية ذلك العام ثم ترجم فورا إلى عدد من اللغات الأجنبية، ويحظى إلى اليوم بشهرة قل نظيرها بين الكتب. بقي جبران على علاقة وطيدة مع ماري هاسكال، فيما كان يراسل أيضا الأديبة مي زيادة التي أرسلت له عام 1912 رسالة معربة عن إعجابها بكتابه " الأجنحة المتكسرة". وقد دامت مراسلتهما حتى وفاته رغم انهما لم يلتقيا أبدا. توفي جبران في 10 نيسان 1931 في إحدى مستشفيات نيويورك وهو في الثامنة والأربعين بعد أصابته بمرض السرطان. وقد نقلت شقيقته مريانا وماري هاسكل جثمانه إلى بلدته بشري في شهر تموز من العام نفسه حيث استقبله الأهالي. ثم عملت المرأتان على مفاوضة الراهبات الكرمليات واشترتا منهما دير مار سركيس الذي نقل إليه جثمان جبران، وما يزال إلى الآن متحفا ومقصدا للزائرين. مؤلفات حبران خليل جبران هذه لائحة بأشهر كتب جبران وتاريخ نشر كل منها للمرة الأولى: بالعربية: الأرواح المتمردة 1908 الأجنحة المتكسرة 1912 دمعة وابتسامة 1914 المواكب 1918 بالإنكليزية: المجنون 1918 السابق 1920 النبي 1923 رمل وزبد 1926 يسوع ابن الإنسان 1928 آلهة الأرض 1931 التائه 1932 حديقة النبي 1933 منقول : لمحة عن حياته |
المحبة من كتاب النبي :
حينئذ قالت المطرة حدثنا عن المحبة فقال أذا المحبة اومئت لكم فاتبعوها وان كانت مسالكها صعبة متحدرة ااذا ضمتكون بجناحيها فاطيعوها وان جرحكم السيف المستور بين ريشها اذا المحبة خاطبتكم فصدقوها وان عطل صوتها احلامكم وبددها كما تجعل الريح الشمالية البستان قاعا صفصفا |
اقتباس:
ليش في حدا ما بحب جبران:ok: ومشكوين الجميع للمرور |
ملابس .. ( من كتاب التائه the wanderer)
تلاقى الجمال والقبح ذات يوم على شاطئ البحر .. فقال كل منهما للآخر : هل لك أن تسبح ؟ ثم خلعا ملابسهما وخاضا العباب .. وبعد برهة عاد القبح إلى الشاطئ وارتدى ثياب الجمال ومضى في سبيله .. وجاء الجمال أيضا من البحر ولم يجد لباسه .. وخجل كل الخجل ان يكون عاريا .. ولذلك لبس رداء القبح ومضى في سبيله .. ومنذ ذالك اليوم .. و الرجال والنساء يخظئون كلما تلاقوا في معرفة بعضهم البعض غير انا هنالك نفرا ممن يتفرسون في وجه الجمال ويعرفونه رغم ثيابه .. وثمة نفر يعرفون وجه القبح والثوب الذي يلبسه لا يخفيه عن أعينهم .. ! |
الدهــر
جبران خليل جبران تنبثق الأرض من الأرض كرها وقسرا ثم تسير الأرض فوق الأرض تيها وكبرا وتقيم الأرض من الأرض القصور والبروج والهياكل وتنشئ الأرض في الأرض الأساطير والتعاليم والشرائع ثم تمل الأرض أعمال الأرض فتحوك من هالات الأشباح والأوهام والأحلام ثم يراود نعاس الأرض أجفان الأرض فتنام نوما هادئا عميقا أبديا ثم تنادي الأرض قائلة للأرض أنا رحم وأنا القبر وسأبقى رحما وقبرا حتى تضمحل الكواكب وتتحول الشمس إلى رماد ليس الوصال بالالتصاق ولا البعد بالانفصال لم أجد غبيا في الناس إلا وجدت عروقه متشبثة في نفسي غريب الدار يستأنس بصنوة أما غريب الفكرة فلا يجد من يستأنس به :D :D :D :D :D :D :D :D :D :D :D :D :D |
سكوتي إنشــاد جبران خليل جبران سكوتي إنشاد وجوعي تخمة وفي عطشي ماء وفي صحوتي سكر وفي لوعتي عرس وفي غربتي لقاء وفي باطني كشف وفي مظهري ستر وكم أشتكي هما وقلبي مفاخر بهمي وكم أبكي وثغري يفتر وكم أرتجي خلا وخلي بجانبي وكم أبتغي أمرا وفي حوزتي الأمر وقد ينثر الليل البهيم منازعي على بسط أحلامي فيجمعها الفجر نظرت إلى جسمي بمرآة خاطري فألتقيته روحا يقلصه الفكر فبي من براني والذي مد فسحتي وبي الموت والمثوى وبي البعث والنشر فلو لم أكن حيا لما كنت مائتا ولولا النفس ما الدهر فاعل بحشد أمانينا أجابت أنا الدهر |
من أجمل ما كتب >> جبران خليل جبران <<--------------------------------------------------------------------------------
بين ليل و صباح (1) اسكت يا قلبي فالفضاء لا يسمعك. اسكت فالأثير المثقل بالنواح والعويل لن يحمل أغانيك وأناشيدك. اسكت فأشباح الليل لا تحفل بهمس أسرارك ومواكب الظلام لا تقف أمام أحلامك. اسكت يا قلبي، اسكت حتى الصباح، فمن يترقب الصباح صابرًا يلاقي الصباح قويًا. ومن يهوى النور فالنور يهواه. اسكت يا قلبي واسمعني متكلمًا. في الحلم رأيت شحرورًا يغرد فوق فوهة بركان ثائر. ورأيتُ زنبقة ترفع رأسها فوق الثلوج. ورأيت حورية عارية ترقص بين القبور. ورأيت طفلاً يلعب بين الجماجم وهو يضحك. رأيت جميع هذهِ الصور في الحلم، ولما استيقظت نظرت حولي رأيت البركان هائجًا ولكنني لم أسمع الشحرور مغردًا ولا رأيتهُ مرفرفًا. ورأيتُ الفضاء ينثر الثلوج على الحقول والأودية ساتراً بأكفانه البيضاء أجسام الزنابق الهامدة. ورأيتُ القبور صفوفاً منتصبة أمام سكينة الدهور وليس بينها من يتمايل راقصاً ولا من يجثو مصليّاً. ورأيتُ رابية من الجماجم وليس هناك من ضاحكٍ سوى الريح. في اليقظة رأيت الحزن والأسى فأين ذهبت أفراح الحلم ومسرّاته ؟ أنـّى توارت بهجة المنام وكيف اضمحلّت رسومه ؟ وكيف تتجلد النفس حتى يعيد النوم أشباح أمانيها وآمالها ؟ :kiss: :kiss: :kiss: |
لكم لغتكم ولي لغتي
لكم من اللغة العربيّة ما شئتم ، ولي منها ما يُوافق أفكاري وعواطفي .
لكم منها الألفاط وترتيبها ، ولي منها ما تُومئ إليه الألفاظ ، ولا تلمسه ، ويصبو إليه الترتيب ، ولا يبلغه . لكم منها جُثث محنَّطة باردة جامدة ، تحسبونها الكلّ بالكلّ ، ولي منها أجساد لا قيمة لها بذاتها ، بل كل قيمتها بالروح التي تحلُّ فيها . لكم منها محجَّة مقرَّرة مقصودة ، ولي منها واسطة متقلِّبة لا أستكفي بها إلا إذا أوصلت ما يختبئ في قلبي إلى القلوب ، وما يجول في ضميري إلى الضمائر . لكم منها قواعدها الحاتمة ، وقوانينها اليابسة المحدودة ، ولي منها نغمة أحوِّل رنّاتها ونبراتها وقراراتها إلى ما تثبته رنَّةٌ في الفكر ، ونبرةٌ في الميل ، وقرارٌ في الحاسة . لكم منها القواميس ، والمعجمات ، والمطوَّلات ، ولي منها ما غربلته الأذن ، وحفظته الذاكرة من كلام مألوف مأنوس ، تتداوله ألسنة الناس في افراحهم وأحزانهم |
رسائل ميٌ زيادة وجبران خليل جبران . المفكرة ..
من الناس من يعيش للمال , ومنهم من يعيش للمجد , أو لخدمة الوطن أو للعلم ، ولخدمة نفسه والسعي وراء مسرته . ومنهم من يعيش لقلبه نائحاً على حب مضى منتظراً حباً مقبلاً . ومنهم من يعيش يومه ليومه وساعته لساعته ومنهم من يعيش لأسرته أو لبعض أفرادها ولو على حساب الأفراد الآخرين . غايات لا عداد لها تتنوع باختلاف الناس وباختلاف استعداداتهم ومداركهم . فلأي شيء كان يعيش جبران خليل جبران ؟ إن الذين تتبعوا كتاباته قد كانوا يظنون أنه يعيش لفنه الثلاثي : من أدب باللغة العربية , وأدب باللغة الانجليزية وتصوير يدوي ورسم . ولكنه في الواقع لم يكن يعيش لشيء من هذا . ها هو ذا يصف نفسه – وبأية بلاغة نادرة فريدة ! – في رسائل لم يفكر يوماً في أنها ستنشر عند وفاته ولا أنا تخيلت مرة أني سأنشر شيئاً منها وبخاصة في مثل هذا الظرف : " .. صحتي اليوم أردأ نوعاً مما كانت عليه في بدء الصيف . فالشهور الطويلة التي صرفتها بين البحر والغاب قد وسعت المجال بين روحي وجسدي . أما هذا الطائر الغريب ( يعني قلبه وقد كان مصاباً فيه ) الذي كان يختلج أكثر من مئة مرة في الدقيقة فقد أبطأ قليلاً بل كاد يعود إلى نظامه الاعتيادي . غير أنه لم يتماهل إلا بعد أن هد أركاني وقطع أوصالي . إن الراحة تنفعني من جهة وتضر بي من جهة أخرى . أما الأطباء والأدوية فمن علتي بمقام الزيت من السراج . لا , لست بحاجة إلى الأطباء والأدوية , ولست بحاجة إلى الراحة والسكون . أنا بحاجة موجعة إلى من يأخذ مني ويخفف عني , أنا بحاجة إلى فصادة معنوية , إلى يد تتناول مما ازدحم في نفسي , إلى ريح شديدة تسقط أثماري وأوراقي . أنا , يا مي , بركان صغير سدت فوهته فلو تمكنت اليوم من كتابة شيء كبير وجميل لشفيت تماما . لو كان بإمكاني أن أصرخ صوتاً عالياً لعادت إلي عافيتي , وقد تقولين " لماذا لا تكتب فتشفى لماذا لا تكتب فتتعافى ؟" وأنا أجيبك " لا أدري . لا أدري . لا أستطيع الصراخ وهذه هي علتي . هي علة في النفس ظهرت أعراضها في الجسد . " وتسألين الآن " إذن ما أنت فاعل ؟ وماذا عسى تكون النتيجة؟ وإلى متى تبقى هذه الحالة ؟" " أقول إنني سأشفى . أقول إني سأنشد أغنيتي فأستريح . أقول إنني سأصرخ من أعماق سكينتي صوتاً عالياً . بالله عليك لا تقولي لي " لقد أنشدت كثيراً وما أنشدته كان حسنا " لا تذكري أعمالي ومآثري الماضية لأن ذكرها يؤلمني , لأن تفاهتها تحول دمي إلى نار محرقة , لأن نشوتها تولد عطشي , لأن سخافتها تقيمني وتقعدني ألف مرة ومرة في كل يوم وفي كل ليلة . لماذا كتبت تلك المقالات وتلك الحكايات ؟ لماذا لم أصبر ؟ لماذا لم أضن بالقطرات فأدخرها وأجمعها ساقية ؟ وقد ولدت وعشت لأضع كتاباً – كتابا واحدا صغيرا – لا أكثر ولا أقل . قد ولدت وعشت وتألمت وأحببت لأقول كلمة واحدة حية مجنحة , لكني لم أصبر , لم أبق صامتا حتى تلفظ الحياة تلك الكلمة بشفتي . لم أفعل ذلك بل كنت ثرثارا فياللأسف وياللخجل ! وبقيت ثرثاراً حتى أنهكت الثرثرة قواي . وعندما صرت قادرا على لفظ أول حرف من كلمتي وجدتني ملقى على ظهري وفي فمي حجر صلد . " لا بأس .. إن كلمتي لم تزل في قلبي وهي كلمة حية مجنحة ولا بد من قولها . لا بد من قولها لتزيل بوقعها كل ما أوجدته ثرثرتي من الذنوب . لا بد من إخراج الشعلة " ذا ما يقوله ذاك الذي لم يكتب يوماً إلا الكلمة المجنحة الحية المحيية . هذا ما يقوله ذاك الذي لم تكن كل كلمة كتبها إلا شعلة منفصلة عن شعلة روحه أي عبقري لا يخجل بكتاباته السالفة , نظرا لسرعة التطور المكتسح كيانه ؟ إن العبقرية الحقة كثيرا ما تقاس بهذا الخجل الذي ينتاب صاحبها , ولو هو حاز بكتاباته إعجاب العالم . كتب رسالته تلك بعد إصدار كتابه " النبي" الذي تناولته بالترجمة إلى لغاتها عشرة شعوب مختلفة وكانت مجلات العالم وصحفه تتناقل كلمات جبران , ابن الشر ورسومه التي لا تضاهى . رسوم وكلمات لا يأتي بها إلا ذو المواهب الفذة , الذي جرده تهذيبه لفنه من كل زهو وكل دعوى , فسار شوطا بعيدا في جادة الوحدة الرهيبة التي لا يقوى على سلكها إلا الخلاق المبدع من بني الإنسان . إن جبرانا لم يكن ليسير وحده , بل كان شبح الموت يماشيه أنى ذهب . كان يعرف نفسه مقبلا على الرحيل بينما هو يصدر كتبه بالانجليزية " المجنون" و" السابق" و "النبي" و " رمل وزبد" و" يسوع ابن الإنسان" تحفة تلو الأخرى , فضلا عن كتبه العربية التي نعرفها جميعا وفضلا عن مجموعات رسومه التي كانت مفخرة العبقرية الشرقية بين أقوام تعرف معنى العبقرية ولا يفوتها من خصائصها شيء . وكان آخر كتبه الانجليزية كتاب " آلهة الأرض" الذي نعكف اليوم على مطالعته – وبأي حزن ! – وقد تلقيناه يوم إذاعة نعيه في مصر , وفيه اثنتا عشرة صورة من رسم يده . تلك كانت شيمة جبران في مؤلفاته الانجليزية وفي بعض رسائله الخاصة أيضاً إذ كان يلخص الجملة والمعنى رسما على هامش القرطاس في الغالب , أو هو يشرحه في صورة عجيبة تشغل الصفحة بحذافيرها . ليعود مرة بعد مرة إلى رسم شعاره التصويري الذي يمثل يدا تقدم كل حياتها وقوداً , وتظل اللهب خارجة من تلك اليد الكريمة وصاحبها يفكر في الحياة كما يفكر في الموت . فيقول في خطاب آخر كتبه بعد شهور طويلة . " أتعلمين , يا مي , أني ما فكرت في الانصراف ( الذي يسميه الناس موتاً ) إلا وجدت في التفكير لذة غريبة وشعرت بشوق هائل إلى الرحيل . ولكني أعود فأذكر أن في قلبي كلمة لا بد من قولها فأحار بين عجزي واضطراري وتغلق أمامي الأبواب . "لا " لم أقل كلمتي بعد , ولم يظهر من هذه الشعلة غير الدخان , وهذا ما يجعل الوقوف عن العمل مرا كالعلقم . أقول لك , يا مي , ولا أقول لسواك إني إذا انصرفت قبل تهجئة كلمتي ولفظها فإني سأعود ثانية لتحقيق أمنيتي . سأعود لأقول الكلمة التي تتمايل الآن كالضباب في سكينة روحي . " أتستغربين هذا الكلام ؟ إن أغرب الأشياء أقربها إلى الحقائق الثابتة . وفي الإرادة البشرية قوة واشتياق يحولان السديم فينا إلى شموس ..." إننا ننحني أمام ضريح جديد بعيد نام فيه ذاك القائل :" إن حنيني إلى الشرق يكاد يذيبني . فمتى , متى أعود إلى بلادي ؟". ننحني أمام القبر الذي ينام فيه رجل هو بروحه للإنسانية كلها ولكنه بجسده غريب بين الغرباء . أننحني لنقول كلمة الوداع ؟ لقد جزنا هذا التطور من الغفلة فصرنا نعلم أن الناس إلى الدار الأخرى متتابعون فهنيئا لك برحيلك , يا أخي , لقد أعطيت كثيرا , وإن أغاظتك هذه الكلمة , لقد أعطيت كثيرا وقال فيك الشرق للغرب " هاأنا ذا !" كما قال فيك الشرق الناهض لنفسه " هاأنا ذا ! ها أنا ذا !" حسنا فعلت بأن رحلت ! فإذا كان لديك كلمة أخرى فخير لك أن تصهرها وثقفها وتطهرها وتستوفيها في عالم ربما كان يفضل عالمنا هذا في أمور شتى ... حسنا فعلت بأن رحلت , يا أخي ! ففي ذمة الله وفي رحمته التي تسعنا جميعا أحياء كنا أو أمواتا ! يعتبر جبران خليل جبران من الأدباء الذين أثرَوْا فن المراسله عند العرب بما تركه من رسائل لفتت نظر الباحثين وأثارت فضولهم , فولجوا عبرها إلى عالم جبران المليء بالرموز والأسرار .. لقد فتح جبران فتحاً جديداً ورائعاً في دنيا الأدب العربي , عندما تحول عن التأليف بالعربيه ألى التأليف بالأنجليزيه.. حتى لمع أسمه في كثير من الدول الأجنبيه .. وفي هذا الموضوع أود أن أسلّط الضوء على الحب الذي نشأ بين جبران ومي زياده , , حب فريد لامثيل له في تاريخ الأدب , أو في سير العشاق ,مثال للحب النادر المتجرد عن كل ماهو مادي وسطحي . لقد دامت تلك العاطفه بينهما زهاء عشرين عاماً , دون أن يلتقيا الاّ في عالم الفكر والروح , والخيال الضبابي إذ كان جبران في مغارب الأرض مقيماً وكانت مي في مشارقها , كا ن في امريكا وكانت في القاهره. لم يكن حب جبران وليد نظره فابتسامه فسلام فكلام بل كان حباً نشأ ونما عبر مراسله أدبيه طريفه ومساجلات فكريه وروحيه ألفت بين قلبين وحيدين , وروحين مغتربين .ومع ذلك كانا أقرب قريبين وأشغف حبيبين .. كان طبيعياً جداً أن يتعارف بطلا هذا الحب عن طريق الفكر والنشر في اوائل هذا القرن , بعد ان أصاب كل منهما شهره كبيره .. كانت مي معجبه بمقالات جبران وافكاره فبدأت بمراسلته عقب أطلاعها على قصته ( الأجنحه المتكسره ) التي نشرها في المهجر عام 1912م, كتبت له تعرب عن أعجابها بفكره واسلوبه , وتناقش اراءه في الزواج وقيوده , والحب وأطواره حسب رؤيته في هذه القصه التي قرأتها له ... وتعرض عليه رأيها في وجهة نظره في حرية المرأه التي طالب بها والتي اتفقت معه في أمر وعارضته في جانب آخر , حيث قالت " لايصح لكل أمرأه لم تجد في الزواج السعاده التي حلمت بها أن تبحث عن صديق غير زوجها فلا بد أن تتقيد المرأه بواجبات الشراكه الزوجيه تقيداً تام حتى لو هي سلاسل ثقيله , فلو توصل الفكر الى كسر قيود الأصطلاحات والتقاليد فلن يتوصل الى كسر القيود الطبيعه لأن أحكام الطبيعيه فوق كل شيء, وهذه تعتبر خيانه ولوفي مظهرها طاهر وتخون الهيأه الأجتماعيه التي هي عضو عامل فيها " ومن هنا كانت البدايه ومن ثم تواصل بالرسائل التي كان كل منهما يبحث عن روح الآخر في يقظته وأحلامه , كان كل منهما يسعى لرؤية ذاته في روح صاحبه حتى لكأن تلك الروح هي المرآة التي ينعكس على صفحتها نور الأخر ... وكلما قرأنا هذه الرسائل النابضه بالحياة الناضحه بالصدق , كلما أزددنا يقيناً بأن الحب الذي شد جبران الى مي , وشغف مي بجبران , حب عظيم , بل عشق يكاد يكون صوفياً لأنه تخطى حدود الزمان والمكان والحواس الى عالم تتحد فيه قوة الوجود .. ويتضح لنا لدى التأمل في بعض الرسائل برغم ضياع بعضها أن الصله بين جبران ومي توثقت شيئاً فشيئاً لأن لهجته في مخاطبتها تدرّجت من التحفظ الى التودد , ومن الأعجاب الى صداقه حميمه , ومن ثمَ الى حب عام 1919م ما أن بلغ ذروته حتى عكرت صفوه سلسله من الخلافات بينهما التي عبّر عنها جبران مرةً " هي معاكسات التي تحوّل عسل القلب ألي مراره " وقال" ان الغريب حقاً في هذه الصله تأرجحها بين الحب الجامح والفتور , بين التفاهم التام الذي كان يضفي عليهما شفافيه روحيه تغمرهما بالسعاده ,وبين سوء التفاهم الذي كان يؤلمهما ويؤدي الى القطيعه احياناً ,,]ولكن شدة ولع كل منهما بالآخر كانت تدفعهما للتصالح مجدداً.. وبرغم كل هذا الحب كان كل منهما يخشى التصريح بعواطفه فيلجأ جبران للتلميح , ويرمز إليها ويضع عبارات وصور مبتكره وجميله .. فلم ينادِ مي قط بقوله حبيبتي" ولم يخاطبها باللغه المألوفه للعشاق , غير أنه عبّر عن حبه بما هو أبلغ عندما قال: أنت تحيين فيّ , وانا أحيا فيكِ " ووصف علاقته بها " بأنها أصلب وأبقى بما لايقاس من الروابط الدمويه والأخلاقيه "وبعد أن باح لها , رجاها ان تطعم النار رسالته اذا لم تجد لبوحه الصدى المرجو في نفسها .. كانت مي في حياة جبران الصديقه, والحبيبه الملهمه , وصلة الوصل بينه وبين وطنه , وأكثر ماحبه فيها عقلها النيّرالذى تجلى في مقالاتها وكتبها , وأحب فيها حبها له .., واعجابها بشخصيته وانتاجه الأدبي والفني الذي كانت تتناوله بالتقريظ والنقد في مقالاتها في مصر ... منقول |
التحية والشكر لكل من شارك بهذا الموضوع الكبير والعميق والمفيد
|
اقتباس:
|
مساء الخير . أنا احب الشاعر الروحاني جبران خليل جبران وبكل قوة . أحب طريقة حبه للاديبه مي زياده . يسعدني ان اكتب هذه الكلمات له من احدى ردوده على رسائل مي :D جبران احب مي على طريقته . وحمل لها في قلبه عاطفه روحيه قويه عميقه . ( انا ضباب يامي يغمر الاشياء ولا يتحد واياها .) ( انا ضباب وفي الضباب وحشتي وانفرادي . فيه جوعي وعطشي ومصيبتي ) ان هذا الضباب هو حقيقتي . يشوق الى لقاء ضباب اخر في الفضاء . يشوق الى استماع قائل يقول : " لست وحدك " نحن اثنان " انا اعرف من انت . انا اعلم ان الحياة بدون هذا الانجذاب النفسي ليست سوى قشور بغير لباب. واحقق ان كل ما نقوله ونفعله ونفكر فيه لا يساوي دقيقة واحده نصرفها في ضبابنا . ( احب صغيرتي ... غير اني لا ادري بعقلي لماذا احبها .ولا اريد ان ادري بعقلي . يكفي اني احبها بروحي وقلبي . يكفي ان اسند راسي الى كتفها كئيبا غريبا مستوحدا فرحا مدهوشا مجذوبا . يكفي ان اسير الى جانبها نحو قمة الجبل واقول لها بين الاونة والاخرى " انت رفيقتي " تفضلي بقبول تحيتي مشفوعة باحسن تمنياتي المخلص جبران |
جبران الانسان... جبران أحس بالألم ..بالتناقض..بالانكسار والحزن .. وفوق كل شيء بالحب الكبير وقد استطاع أن يعبر عن كل ذلك بلغة و لا أروع .
شكرا لكل من أتحفنا و ذكرنا بجبران خليل جبران |
رائع جبران ..
وأكثر من رائع .. من يحب جبران مشاركة جديدة مني ... طبعاً رح تكون مني إلك |
الصداقة
ان صديقك هوكفاية حاجتك
هو حقلك الذي تزرعه بالمحبة وتحصده بالشكر هو مائدتك وموقدك لانك تأتي اليه جائعا وتسعى وراءه مستدفئا ********* فاذا اوضح لك الصديق فكره فلا تخشى أن تصرح اليهبما في فكرك من النفي أو أن تحتفظ بمافيذهنك من الايجاب لأن الجبل يبدو للمتسلق له أكثر وضوحا وكبرا من السهل البعيد واذا صمت صديقك ولم يتكلم فلا ينقطع قلبك عن الاصغاء الى صوت قلبه لان الصداقة لاتحتاج الى الالفاظ و العبارات فيانماء جميع الافكار والتمنيات الرغبات التي يشترك الاصدقاءبفرح عظيم في قطف ثمارها اليانعات !!!!!!!!!!!!! وان فارقك صديقك فلاتحزن عى فراقه لان ماتتعشقه فيه ,أكثر من كل شئ سواه, ربما يكون في حين غيابه أوضح في عيني محبتك منه في حين حضوره!!!!! ولا يكن لكم في الصداقة من غاية ترجونها غير ان تزيدوا في عمق نفوسكم لان المحبة التي لا رجاء لها,سوى كشف الغطاء عن أسرارها,ليست محبة, بل هي شبكة تلقى في بحر الحياة ولا تمسك الا غير النافع ******* وليكن أفضل ماعندك لصديقك فان كان يجدر به انيعرف جزر حياتك فالأفضل لك أن تظهر له مدها لانه ماذا ترتجي من الصديق الذي تسعى اليه لتقضي معه ساعاتك المعدودة في هذا الوجود؟؟؟ فاسعى بالاحرى الى الصديق الذي يحيي أيامك ولياليك لان له وحده قد اعطي ان يكمل حاجاتك ,لا لفراغك ويبوستك وليكن ملاك الافراح واللذات المتبادلة مرفوعا فوق حلاوة الصداقة !!!!!!!!!!!!! *لان القلب يجد صباحه في الندى العالق بالصغيرات فينتعش ويستعيد قوته* جبران خليل جبران |
انا كتير بحب جبران وحابة كتير اقرى كتاب النبي دورت علي بكل المواقع بس ماكنت شوف غير مقاطع صغيرة ياريت اذا حدى بيعرف موقع مكتوب في يحطلي النك ومشكورين..:سوريا:
|
لك طلبك وسوف انشر هنا "النبي" على حلقات
وظل المصطفى، المختار الحبيب، الذي كان فجراً لذاته، يترقب عودة سفينته في مدينة اورفليس اثنتي عشر سنة ليركبها عائداً الى الجزيرة التي ولد فيها. وفي السنة الثانية عشرة، في اليوم السابع من أيلول شهر الحصاد، صعد الى قمة احدى التلال القائمة وراء جدران المدينة وألقى نظرة عميقة الى البحر، فرأى سفينته تمخر عباب البحر مغمورة بالضباب. فاختلج قلبه في اعماقه، وطارت روحه فوق البحر فرحاً، فاغمض عينيه، ثم صلّى في سكون نفسه. **** غير أنه هبط عن التلة حتى فاجأته كآبة صماء، فقال في قلبه: كيف انصرف من هذه المدينة بسلام، وأسير في البحر من غير كآبة؟ كلا! انني لن ابرح هذه الارض حتى تسيل الدماء من جراح روحي. فقد كانت أيام كآبتي طويلة ضمن جدرانها، وأطول منها كانت ليالي وحدتي وانفرادي، ومن ذا يستطيع ان ينفصل عن كآبته ووحدته من غير ان يتألم في قلبه؟ كثيرةٌ هي اجزاء روحي التي فرقتها في هذه الشوارع، وكثير هم ابناء حنيني الذين يمشون عراة بين التلال، فكيف أفارقهم من غير ان أثقل كاهلي وأضغط روحي! فليس ما أفارقه بالثوب الذي أنزعه عني اليوم ثم أرتديه غداً، بل هو بشرة أمزقها بيدي. كلا، وليس فكراً أخلفه ورائي، بل هو قلب جملته مجاعتي وجعله عطشي رقيقاً خفوقاً. *** بيد أنني لا استطيع ان ابطئ في سفري. فإن البحر الذي يدعو كل الاشياء اليه يستدعيني، فيجب عليّ ان اركب سفينتي وأسير في الحال الى قلبه. ولو أقمت الليلة ههنا، فإنني، مع ان ساعات الليل الملتهبة، أجمد وأتبلور وأتقيد بقيود الارض الثقيلة. وانني اود لو يتاح لي ان يصحبني جميع الذين ههنا، ولكن أنّى يكون لي ذلك؟ فإن الصوت لا يستطيع ان يحمل اللسان والشفتين اللواتي تسلحن بجناحيه، ولذلك فهو وحده يخترق حجب الفضاء. أجل، والنسر، يا صاح، لا يحمل عشه بل يطير وحده محلقاً في عنان السماء. وعندما بلغ المصطفى سفح التلة التفت ثانية الى البحر فرأى سفينته تدنو من المرفأ، وأبناء بلاده يروحون ويجيئون على مقدمتها. فهتف لهم من صميم فؤاده وقال: يا أبناء أمتي الاولى، أيها الراكبون متون الامواج المذللون مدّها وجزرها. كم من مرة ابحرتم في احلامي؟! وها قد اتيتم ورأيتكم في يقظتي التي هي اعمق احلامي. انني على أتم الأهبة للإبحار، وفي أعماقي شوق عظيم يترقب هبوب الريح على القلوع بفارغ الصبر. ولكنني اود اتنفس مرة واحدة في هذا الجو الهادئ وأن ابعث بنظرة عطف واحدة الى الوراء. وحينئذ أقف معكم، ملاّحاً بين الملاحين. اما انت ايها البحر العظيم، ايها الأم الهاجعة. انت ايها البحر العظيم الذي فيك وحدك يجد النهر والجدول سلامهما وحريتهما. فاعلم ان هذا الجدول لن يدور الى دورة واحدة بعد، ولن يسمع احد خريره على هذا المعبر بعد اليوم، وحينئذ آتي اليك، نقطة طليقة الى اوقيانوس طليق. **** وفيما هو ماشٍ رأى عن بعد رجالا ونساء يتركون حقولهم وكرومهم ويهرولون الى ابواب المدينة. وسمعهم يصرخون بعضهم ببعض من حقل الى حقل مرددين اسمه وكل منهم يحدّث رفيقه بقدوم سفينته. *** فقال في نفسه: ايكون يوم الفراق يوم الاجتماع؟ ام يجري على الافواه مسائي كان فجراً لي؟ وماذا يجدر بي ان اقدم للفلاح الذي ترك سكنه في نصف تلمه، وللكرّام الذي اوقف دولاب معصرته؟ ايتحول قلبي الى شجرة كثيرة الاثمار فأقطف منها وأعطيهم؟ ام تفيض رغباتي كالينبوع فأملأ كؤوسهم؟ هل انا قيثارة فتلامسني يد القدير، ام انا مزمار فتمر بي انفاسه؟ اجل ، انني هائم انشد السكينة، ولكن ما هو الكنز الذي وجدته في السكينة لكي اوزعه بطمأنينة؟ وان كان هذا اليوم يوم حصادي ففي اية حقول بذرت بذاري، وفي اي فصل من الفصول المجهولة كان ذلك؟ وان كان هذه هي الساعة التي يجدر بي ان ارفع فيها مصباحي واضعاً اياه على منارتي، فإن النور الذي يتصاعد منه ليس مني. لأنني سأرفع مصباحي فارغاً مظلماً. ولكن حارس الليل سيملأه زيتاً، وسينيره ايضاً. قال هذا معبراً عنه بالالفاظ ولكن كثيراً مثل هذا حفظه في قلبه من غير ان يعلنه، لأنه هو نفسه لم يقدر ان يوضح سره العميق. **** وعندما دخل المدينة استقبله الشعب بأسره، وكانوا يهتفون له مرحبين به بصوت واحد. فوقفه شيوخ المدينة وقالوا له: بربك لا تفارقنا هكذا سريعاً. فقد كنت ظهيرة في شفقنا، وقد اوحى شبابك الاحلام في نفوسنا، وأنت لست بالغريب بيننا، كلا، ولا انت بالضيف بل انت ولدنا وقسيم ارواحنا الحبيب. فلا تجعل عيوننا تشتاق الى رؤية وجهك. ثم قال له الكهان والكاهنات: لا تأذن لأمواج البحر ان تفصل بيننا، فتجعل الاعوام التي قضيتها بيننا نسياً منسيا. فقد كنت فينا روحاً محيية، وكان خيالك نوراً يشرق على وجوهنا. قد تعشقتك قلوبنا، وعلقتك ارواحنا. ولكن محبتنا تقنعت بحجب الصمت، فلم نستطع ان نعبر عنها. بيد انها تصرخ اليك الآن بأعلى صوتها، وتمزق حجبها بيديها لكي تظهر لك حقيقتها. فإن المحبة منذ البدء لا تعرف عمقها الى ساعة الفراق. *** ثم جاء اليه كثيرون متوسلين متضرعين، فلم يرد على احد جواباً، ولكنه كان يحني رأسه، وكان الواقفون حوله ينظرون عبراته تتساقط بغزارة على وجنتيه وصدره. وظل يمشي مع الشعب حتى وصلوا الى الساحة الكبرى امام الهيكل. يتبع...... |
بانتظار الباقي..وشكرا الك ع مجهودك:D
|
المطرة
تابع كتاب النبي
المطرة وحدث اذ ذاك ان امرأة عرّافة خرجت من المقدس، اسمها المٍطرة. فنظر اليها نظرة ملؤها الحب والحنان، لأنها كانت اول من سعى اليه وآمن به مع انه لم يكن له الا ليلة وضحاها في مدينتهم. فحيته باحترام وقالت له: يا نبي الله، طالما كنت تسعى وراء ضالتك المنشودة، مفتشاً عن سفينتك التي كانت بعيدة عنك. وها قد وصلت سفينتك، ولم يبق من بد لسفرك. عظيم هو حنينك الى ارض احلامك وتذكاراتك ومواطن الفائقات من رغباتك، ولذلك فإن محبتنا لا تقيدك، وحاجتنا اليك لا تُمسك بك. ولكننا واحدة نسألك قبل ان تفارقنا: ان تخطب فينا وتعطينا من الحق الذي عندك. ونحن نعطيه لأولادنا، وأولانا لأولادهم وحفدتهم، وهكذا يثبت كلامك فينا على ممر العصور. ففي وحدتك كنت ترقب ايامنا، وفي يقظتك كنت تصغي الى بكائنا وضحكنا في غفلتنا. لذلك نضرع اليك ان تكشف مكنوناتنا لذواتنا، وتخبرنا بكل ما اظهر لك من اسرار الحياة من المهد الى اللحد. فأجاب قائلا: يا أبناء اورفليس، بماذا احدثكم إن لم أظهر لكم ما يختلج في نفوسكم وتتحرك به ضمائركم حتى في هذه الساعة؟ |
المحبة
حينئذ قالت له المطر: هات لنا خطبة في المحبة.
فرفع رأسه ونظر الى الشعب نظرة محبة وحنان، فصمتوا جميعهم خاشعين فقال لهم بصوت عظيم : اذا اشارت المحبة اليكم فاتبعوها، وان كانت مسالكها صعبة متحدّرة. واذا ضمتكم بجناحيها فأطيعوها، وان جرحكم السيف المستور بين ريشها. واذا خاطبتكم المحبة فصّدقوها، وان عطل صوتها احلامكم وبددها كما تجعل الريح الشمالية البستان قاعاً صفصفاً. *** لأنه كما ان المحبة تكللكم، فهي ايضاً تصلبكم. وكما تعمل على نموّكم، هكذا تعلمكم وتستأصل الفاسد منكم. وكما ترتفع الى اعلى الشجرة حياتكم فتعانق اغصانها اللطيفة المرتعشة امام وجه الشمس. هكذا تنحدر الى جذورها الملتصقة بالتراب وتهزها في سكينة الليل. *** المحبة تضمكم الى قلبها كأغمار الحنطة. وتدرسكم على بيادرها لكي تظهر عريكم. وتغربلكم لكي تحرركم من قشوركم. وتطحنكم لكي تجعلكم انقياء كالثلج. وتعجنكم بدموعها حتى تلينوا، ثم تعدكم لنارها المقدسة، لكي تصيروا خبزاً مقدساً يقرّب على مائدة الرب المقدسة. *** كل هذا تصنعه المحبة بكم لكي تدركوا اسرار قلوبكم، فتصبحوا بهذا الادراك جزءاً من قلب الحياة. غير انكم اذا خفتم، وقصرتم سعيكم على الطمأنينة واللذة في المحبة: فالأجدر بكم ان تستروا عريكم وتخرجوا من بيدر المحبة الى العالم البعيد حيثما تضحكون، ولكن ليس كل ضحككم، وتبكون، ولكن ليس كل ما في مآقيكم من الدموع. المحبة لا تعطي الا نفسها، ولا تأخذ الأ من نفسها. المحبة لا تملك شيئاً، ولا تريد ان يملكها أحد: لأن المحبة مكتفية بالمحبة. ***** أما انت اذا احببت فلا تقل: ان الله في قلبي" ، بل قل بالأحرى: "انا في قلب الله". ولا يخطر لك البتّة انك تستطيع على مسالك المحبة، لأن المحبة ان رأت فيك استحقاقاً لنعمتها، تتسلط هي على مسالكك. والمحبة لا رغبة لها الا في ان تكمل نفسها. ولكن اذا احببت، وكان لا بد ان تكون لك رغبات خاصة بك، فلتكن هذه رغباتك: ان تذوب وتكون كجدول متدفق يشنف آذان الليل بأنغامه. ان تخبر الآلام التي في العطف المتناهي. ان يجرحك ادراكك الحقيقي للمحبة في حبة قلبك، وأن تنزف دماؤك وأنت راض مغتبط. ان تنهض عند الفجر بقلب مجنح خفوق، فتؤدي واجب الشكر ملتمساً يوم محبة آخر. ان تستريح عند الظهيرة وتناجي نفسك بوجد المحبة. ان تعود الى منزلك عند المساء شاكراً: فتنام حينئذ والصلاة لأجل من احببت تتردد في قلبك، وأنشودة الحمد والثناء مرتسمة على شفتيك. يتبع..... |
الزواج
ثم قالت له المطرة ثانية: وما رأيك في الزواج ايها المعلم؟
فأجاب قائلا: قد ولدتم معاً، وستظلون معاً الى الأبد. وستكونون معاً عندما أيامكم اجنحة الموت البيضاء. أجل، وستكونون معاً حتى في سكون تذكارات الله. ولكن فليكن بين وجودكم معاً فسحات تفصلكم بعضكم عن بعض، حتى ترقص ارياح السموات فيما بينكم. احبوا بعضكم بعضاً، ولكن لا تقيدوا المحبة بالقيود، بل لتكن المحبة بحراً متموجاً بين شواطئ نفوسكم. ليملأ كل واحد منكم كأس رفيقه، ولكن لا تشربوا من كأس واحدة. اعطوا من خبزكم كل واحد لرفيقه ولكن لا تأكلوا من الرغيف الواحد. غنوا وارقصوا معاً، وكونوا فرحين أبداً، ولكن فليكن كل منكم وحده، كما ان أوتار القيثارة يقوم كل واحد منها وحده ولكنها جميعاً تخرج نغماً واحداً. ***** ليعط كل منكم قلبه لرفيقه، ولكن حذار ان يكون هذا العطاء لأجل الحفظ، لأن يد الحياة وحدها تستطيع ان تحتفظ بقلوبكم. قفوا معاً ولكن لا يقرب احدكم من الآخر كثيراً: لأن عمودي الهيكل يقفان منفصلين، والسنديانة والسروة لا تنمو الواحدة منهما في ظل رفيقتها. |
الأبناء
ثم دنت منه امرأة تحمل طفلها على ذراعيها وقالت له: هات حدثنا عن الأولاد.
فقال: ان اولادكم ليسوا لكم. انهم ابناء وبنات الحياة المشتاقة الى نفسها، بكم يأتون الى العالم ولكن ليس منكم. مع انهم يعيشون معكم فهم ليسوا ملكاً لكم. انتم تستطيعون ان تمنحوهم محبتكم، ولكنكم لا تقدرون ان تغرسوا فيهم بذور افكاركم، لأن لهم افكاراً خاصة بهم. وفي طاقتكم ان تصنعوا المساكن لأجسادهم. ولكن نفوسهم لا تقطن في مساكنكم. فهي تقطن في مسكن الغد، الذيلا تستطيعون ان تزوروه ولا في احلامكم. وان لكم ان تجاهدوا لكي تصيروا مثلهم. ولكنكم عبثاً تحاولون ان تجعلوهم مثلكم. لأن الحياة لا ترجع الى الوراء، ولا تلّذ لها الإقامة في منزل الأمس. انتم الاقواس وأولادكم سهام حيّة قد رمت بها الحياة عن اقواسكم. فإن رامي السهام ينظر العلامة المنصوبة على طريق اللانهاية، فيلويكم بقدرته لكي تكون سهامه سريعة بعيدة المدى. لذلك فليكن التواؤكم بين يدي رامي السهام الحكيم لأجل المسرّة والغبطة. لأنه كما يحب السهم الذي يطير من قوسه، هكذا يحب القوس الذي تثبت بين يديه. يتبع... |
العطاء
ثم قال له رجل غني : هات حدثنا عن العطاء.
فأجاب قائلا: أنك اذا اعطيت فإنما تعطي القليل من ثروتك. ولكن لا قيمة لما تعطيه ما لم يكن جزءاً من ذاتك، لأنه اي شيء هي ثروتك؟ أليست مادة فانية تخزنها في خزانتك، وتحافظ عليها جهدك خوفاً من ان تحتاج اليها غداًَ؟؟ والغد، ماذا يستطيع الغد ان يقدم للكلب البالغ الفطنة الذي يطمر العظام في الرمال غير المطروقة وهو يتبع الحجاج الى المدينة المقدسة؟ أو ليس الخوف من الحاجة هو الحاجة بعينها؟ او ليس الظمأ الشديد للماء عندما تكون بئر الظامئ ملآنة هو العطش الذي لا تروى غلته. *** من الناس من يعطون قليلا من الكثير الذي عندهم وهم يعطونه لأجل الشهرة، ورغبتهم الخفية في الشهرة الباطلة تضيع الفائدة من عطاياهم. ومنهم من يملكون قليلا ويعطونه بأسره. ومنهم المؤمنون بالحياة وبسخاء الحياة، هؤلاء لا تفرغ صناديقهم وخزائنهم ممتلئة ابداً. ومن الناس من يعطون بفرح، وفرحهم مكافأة لهم. ومنهم من يعطون بألم، وألمهم معمودية لهم. وهنالك الذين يعطون ولا يعرفون معنى للألم في عطائهم، ولا يتطلبون فرحاً، ولا يرغبون في اذاعة فضائلهم، هؤلاء يعطون مما عندهم كما يعطي الريحان عبيره العطر في ذلك الوادي. بمثل ايدي هؤلاء يتكلم الله، ومن خلال عيونهم يبتسم على الارض. جميل ان تعطي من يسألك ما هو في حاجة اليه. ولكن اجمل من ذلك ان تعطي من لا يسألك وأنت تعرف حاجته، فإن من يفتح يديه وقلبه للعطاء يكون فرحه بسعيه الى من يتقبل عطاياه والاهتداء اليه اعظم منه بالعطاء نفسه. وهل في ثروتك شيء تقدر ان تستبقيه لنفسك؟ فإن كل ما تملكه سيتفرق ولا شك يوماً ما، لذلك أعط منه الآن، ليكون فصل العطاء من فصول حياتك أنت دون ورثتك. وقد طالما سمعتك تقول متبجحاً: "انني احب ان اعطي، ولكن المستحقين فقط" فهل نسيت، يا صاح، ان الاشجار في بستانك لا تقول ذلك، ومثلها القطعان في مراعيك؟ فهي تعطي لكي تحيا، لأنها اذا لم تعط عرّضت حياتها للتهلكة. الحق اقول لك: ان الرجل الذي استحق ان يتقبل عطية الحياة ويتمتع بأيامه ولياليه، هو مستحق لكل شيء منك. والذي استحق ان يشرب من اوقيانوس الحياة يستحق ان يملأ كأسه من جدولك الصغير. لأنه اي صحراء اعظم من الصحراء ذات الجرأة والجسارة على قبول العطية بما فيها من الفضل والمنّة؟ وأنت، من أنت، حتى ان الناس يجب ان يمزقوا صدورهم ويحسروا القناع عن شهامتهم وعزة نفوسهم لكي ترى جدارتهم لعطائك عارية وأنفتهم مجردة عن الحياء؟ فانظر اولا هل انت جدير بأن تكون معطاء، وآلة العطاء. لأن الحياة هي التي تعطي للحياة، في حين أنك، وأنت الفخور بأن قد صدر العطاء منك، لست بالحيقية سوى شاهد بسيط على عطائك. *** اما انتم الذين يتناولون العطاء والاحسان - وكلكم منهم - فلا تتظاهرون بثقل واجب معرفة الجميل،لئلا تضعوا بأيديكم نيراً ثقيل الحمل على رقابكم ورقاب الذين اعطوكم. بل فلتكن عطايا المعطي اجنحة ترتفعون بها معه: لأنكم اذا اكثرتم من الشعور بما انتم عليه من الدين، فإنكم بذلك تظهرون الشك والريبه في اريحية المحسن الذي أمه الارض السخية، وأبوه الرب الكريم. يتبع.... |
الغذاء
وبعد ذلك جاء اليه فندقي شيخ وقال له: هات حدثنا عن المأكل والمشرب.
فأجاب قائلا: أود لو انك تقدر ان تعيش على عبير الارض. تكتفي بالنور كنباتات الهواء. غير انك مضطر ان تقتل لتعيش، وأن تسرق المولود الصغير من حضن أمه مختطفاً حليبها لتبريد ظمإك. لذلك فليكن عملك مظهراً من مظاهر العبادة. ولتكن مائدتك مذبحاً تقرّب عليه التقادم النقية الطاهرة من الحقول والسهول ضحية لما هو أكثر منها نقاوة في أعماق الإنسان. *** واذا ذبحت حيواناً فقل له في قلبك: "أن القوة التي أمرت بذبحك، ستذبحني نظيرك. " وعندما تحين ساعتي سأحترق مثلك. "لأن الشريعة التي أسلمتك الى يدي ستسلمني الى يدي من هو اقوى مني. " وليس دمك ودمي سوى عصارة قد أعدت منذ الأزل غذاء لشجرة السماء". *** "وإذا نهشت تفاحةً بأسنانك فقل لها في قلبك: "ان بذورك ستعيش في جسدي، والبراعم التي ستخرج منها في الغد ستزهر في قلبي، وسيتصاعد عبيرك مع انفاسي، وسأفرح معك في جميع الفصول". ***** واذا قطفت العنب من كرومك في ايام الخريف، وحملته الى المعصرة، فقل له في قلبك: "انا كرمة مثلك، وستجمع اثماري وتحمل الى المعصرة، وسيضعوني كالخمر الجديد في زقاق جديدة". وعندما تستقي الخمرة من زقاقها في أيام الشتاء، أنشد في قلبك انشودة لكل كأس تشربها. وليكن لك من اناشيدك اجمل التذكارات لأيام الخريف وللكرمة والمعصرة. يتبع... |
العمل
ثم جاء اليه فلاح وقال له: هات حدثنا عن العمل.
فأجاب قائلا: انكم تشتغلون لكي تجاورا الارض ونفس الارض في سيرها. لأن الكسول غريب عن فصول الارض، وهائم لا يسير في موكب الحياة، السائرة بعظمة وجلال في فضاء اللانهاية الى غير المتناهي. فإذا اشتغلت فما انت سوى مزمار تختلج في قلبك مناجاة الأيام فتتحول الى موسيقى خالدة. ومن منكم يود ان يكون قصبة خرساء صماء، وجميع ما حولها يترنم معاً بأنغام متفقة؟ قد طالما اخبرتم ان العمل لعنة، والشغل نكبة ومصيبة. اما انا فأقول انكم بالعمل تحققون جزءاً من حلم الارض البعيد، جزءاً خصص لكم عند ميلاد ذلك الحلم. فإذا واظبتم على العمل النافع تفتحون قلوبكم بالحقيقة لمحبة الحياة. لأن من احب الحياة بالعمل النافع تفتح له الحياة اعماقها، وتدنيه من ابعد اسرارها. ولكن اذا كنتم وانتم في الآلام تدعون الولادة كآبة، ودعامة الجسد لعنة مكتوبة على جباهكم، فإنني الحق اقول لكم انه ما من شيء يستطيع ان يمحو هذه الكتابة ويغسل جباهكم من آثارها سوى سعيكم وجهادكم. وقد ورثتم عن جدودكم القول ان الحياة ظلمة، فرحتم في عهد مشقتكم ترددون ما قاله قبلكم جدودكم المزعجون. فالحق اقول لكم ان الحياة تكون بالحقيقة ظلمة حالكة اذا لم ترافقها الحركة. والحركة تكون عمياء لا بركة فيها ان لم ترافقها المعرفة. والمعرفة تكون عقيمة سقيمة ان لم يرافقها العمل. والعمل يكون باطلا وبلا ثمر ان لم يقترن بالمحبة، لأنكم اذا اشتغلتم بمحبة فإنما تربطون انفسكم وافرادكم بعضها ببعض، ويرتبط كل واحد منكم بربه. *** وما هو العمل المقرون بالمحبة؟ هو ان تحوك الرداء بخيوط مسحوبة من نسيج قلبك مفكراً ان حبيبك سيرتدي ذلك الرداء. هو ان تبني البيت بحجارة مقطوعة من مقلع حنانك واخلاصك مفكراً ان حبيبك سيقطن في ذلك البيت. هو تبذر البذور بدقة وعناية، وتجمع الحصاد بفرح ولذة كأنك تجمعه لكي يقدم على مائدة حبيبك. هو ان تضع في كل عمل من اعمالك نسمة من روحك، وتثق بأن جميع الاموات الاطهار محيطون بك يراقبون ويتأملون. وكثيرا ما كنت اسمعكم تناجون انفسكم، كأنكم في نوم عميق، قائلين: "ان الذي يشتغل بنحت الرخام فيوجد مثالا محسوساً لنفسه في الحجر الأصم هو اشرف من الفلاح الذي يحرث الأرض. والذي يستعير من قوس قزح الواناً يحول بها قطعة النسيج الحقيرة الى صورة انسان، هو افضل من الاسكاف الذي يصنع الاحذية لأقدامنا". ولكنني اقول لكم، لا في نوم الليل، بل في يقظة الظهيرة البالغة، ان الريح لا تخاطب السنديانة الجبارة بلهجة احلى من اللهجة التي تخاطب بها احقر اعشاب الارض. والعظيم العظيم ذلك الذي يحوّل هينمة الريح الى انشودة تزيدها محبته حلاوة وعذوبة. **** اجل، ان العمل هو الصورة الظاهرة للمحبة الكاملة. فإن لم تقدر ان تشتغل بمحبة وكنت متضجراً ملولاً، فالاجدر بك ان تترك عملك وتجلس على درجات الهيكل تلتمس صدقة من العملة المشتغلين بفرح وطمأنينة. لأنك اذا خبزت خبزاً وأنت لا تجد لك لذة في عملك، فإنما انت تخبز علقماً لا يشبع سوى نصف مجاعة الانسان. واذا تذمرت وانت تعصر عنبك، فإن تذمرك يدس لك سماً في الخمرة المستقطرة من ذلك العصير. وان انشدت اناشيد الملائكة، ولم تحب ان تكون منشداً، فإنما ان تصم آذان الناس بأنغامك عن الاصغاء الى اناشيد الليل واناشيد النهار. يتبع... |
الفرح والترح
ثم قالت له امرأة: هات لنا شيئا عن الفرح والترح
فأجاب قائلا: ان فرحكم هو ترحكم ساخراً والبئر الواحدة التي تستقون منها ماء ضحككم قد طالما ملئت بسخين دموعكم. وهل في الامكان ان يكون الحال على غير هذا المنوال؟ فكلما اعمل وحش الحزن انيابه في اجسادكم، تضاعف الفرح في اعماق قلوبكم. لأنه أليست الكأس التي تحفظ خمرتكم هي نفس الكأس التي أحرقت في أتون الخزّاف قبل ان بلغت اليكم؟ أم ليس القيثارة التي تزيد في طمأنينة اوراحكم هي نفس الخشب الذي قطع بالمدى والفؤوس؟ فإذا فرحتم فتأملوا ملياً في اعماق قلوبكم تجدوا ان ما احزنكم قبلاً يفرحكم الآن. واذا احاطت بكم جيوش الكآبة فارجعوا ببصائركم ثانية الى اعماق قلوبكم وتأملوا جيداً، تروا هنالك بالحقيقة انكم تبكون لما كنتم تعتقدون أنه غاية مسراتكم على الارض. ويخيل اليّ ان فريقاً منكم يقول: "ان الفرح أعظم من الترح"، فيعارضه فريق آخر قائلا: "كلا، بل الترح اعظم من الفرح". اما انا فالحق اقول لكم: انهما توأمان لا ينفصلان، يأتيان معاً ويذهبان معاً، فإذا جلس احدهما منفرداً الى مائدكم، فلا يغرب عن اذهانكم ان رفيقه يكون حينئذ مضطجعا على اسرتكم. **** أجل انكم بالحقيقة معلقون ككفتي الميزان بين ترحكم وفرحكم. وأنتم بينهما متحركون ابداً، ولا تقف حركتكم الا اذا كنتم فارغين في اعماقكم. فإذا جاء امين خزائن الحياة يرفعكم لك يزن ذهبه وفضته، فلا ترتفع كفة فرحكم ولا ترجح كفة ترحكم، بل تثبتان على حالة واحدة. يتبع.... |
المساكن
حينئذ دنا منه بنّاء وقال له: هات حدثنا عن البيوت.
فأجاب وقال: ابن من خيالك مظلة في الصحراء قبل ان تبني بيتاً في داخل اسوار المدينة. لأنه كما ان لك بيتا مقبلا في شفق حياتك، كذلك للغريب الهائم فيك بيت كبيتك. ان بيتك هو جسدك الاكبر. ينمو في حرارة الشمس وينام في سكينة الليل، وكثيرا ما ترافق نومه الاحلام. أفلا يحلم بيتك؟ وهل يترك الحلم المدينة ويسير الى الغابة ام الى رأس التلة؟ اواه لو استطيع ان اجمع بيوتكم بيدي، فأبددها في الاحراج والرياض كما يبذر الزراع زرعه في الحقول. أود لو كانت الاودية شوارع لكم، ومسالك التلال الخضراء ازقة تطرفها اقدامهم عوضا عن ازقتكم وشوارعكم القذرة، ويا ليتكم تنشدون بعضكم بعضاً بين الدوالي والكروم ثم تعودون حاملين عطر الارض في طيات اثوابكم. ولكن هذه جميعها تمنيات لم تحن ساعتها بعد. لأن اباءكم وجدودكم اذا خافوا عليكم الضياع والضلال جمعوكم معاً لكي تكونوا قريبين بعضكم من بعض. وسيبقى هذا الخوف مجمعاً لكم زمنا بعد وستظل اسوار المدينة فاصلة مواقدكم عن حقولكم ولكن الى حين. ***** بربكم اخبروني، يا ابناء اورفليس، ماذا تملكون في هذه البيوت؟ وأي شيء تحتفظون به في داخل هذه الابواب الموصدة؟ هل عندكم السلام، وهو القوة الصامتة التي تظهر ذاتكم الشديدة العزم المستترة في اعماقكم؟ هل عندكم التذكارات، وهي القناطر اللامعة التي تصل قنن الفكر الانساني بعضها ببعض؟ هل عندكم الجمال، الذي يرتفع بالقلب من مصنوعات الخشب والحجارة الى الجبل المقدس؟ بربكم اخبروني، هل عندكم كل هذا في بيوتكم؟ ام عندكم الرفاهية فقط، والتحرق للرفاهية الممزوج بالطمع، الرفاهية التي تدخل البيت ضيفاً، ثم لا تلبث ان تصير مضيفاً، فسيداً عاتياً عنيفا؟ ثم تتحول الى رائض جبار يتقلد السوط بيمينه والكلاب بيساره متخذا رغباتكم الفضلى العوبة يتلهى بها. ومع ان بنان هذه الرفاهية حريري الملمس فإن قلبها حديدي صلد. فهي تهدئ من حدتكم لكي تناموا، ثم تقف امام اسرتكم هازئة بكم وبجلال اجسادكم. تضحك من حواسكم المدركة، وتطرح بها الاشواك كأنها اوعية سهلة الانكسار. لأن التحرق للرفاهية ينحر اهواء النفس في كبدها فيرديها قتيلة، ثم يسير في جنازتها فاغراً شدقيه مرغياً مزبداً. **** أما انتم، يا أبناء الفضاء، العاشقين في الراحة والنعيم وغير المستريحين، فإنكم لن تؤخذوا بالأشراك ولن يقدر رائض على ترويضكم. لأن بيتكم لن يكون مرساة ولكنه سيكون سارية. كلا، ولن يكون غشاء برّاقاً تغطى به الجراح، بل جفناً تحفظ به العين. وأنتم لن تطووا اجنحتكم لكي تستطيعوا ان تدخلوا من الابواب، ولن تحنوا رؤوسكم لئلا تنطح السقف، كلا، ولن تخشوا ان تتنفسوا خوفاً من ان تقوض اساسات الجدران وتسقط على الارض. اجل، ولن تقطنوا في القبور التي بناها ابناء الموت لأبناء الحياة. ومع كل ما يزين منازلكم من الجلال والجمال فإنها لن تستطيع ان تحتفظ بسركم او ان تؤوي حنينكم. لأن غير المحدود فيكم يقطن في منزل السماء، الذي بوابته سحابة الصباح ونوافذه سكون الليل وأناشيده. |
الثياب
ثم قال له الحائك: هات حدثنا عن الثياب؟
فأجاب قائلا: ان ثيابكم تحجب الكثير من جمالكم، ولكنها لا تستر غير الجميل. ومع انكم تنشدون بثيابكم حرية التستر والانفراد، فإنها تقيدكم وتستعبدكم. ويا ليت في وسعكم ان تستقبلوا الشمس والريح بثياب بشرتكم عوضاً عن ثياب مصانعكم. لأن انفاس الحياة في اشعة الشمس، ويد الحياة تسير مع مجاري الرياح. ***** يقول بعضكم: "ان الريح الشمالية دون غيرها قد حاكت الثياب التي نلبسها". وأنا اقول لكم: "نعم، ان الريح الشمالية قد فعلت ذلك، ولكن العار كان نولاً لها، ولدونه العضلات كانت لها خيطاً. وعندما فرغت من عملها ضحكت منكم وهي تعصف في قلب الغاب. ولكن لا يغرب عن اذهانكم ان الحشمة هي ترسٌ منيع متين للوقاية من عيون المدنسين. فإذا زال المدنسون من الوجود، أفلا تصير الحشمة قيداً للفكر وتلويثاً له في حمأة العبودية؟ لذلك ضعوا نصب عيونكم ان الارض تبتهج بملامسة اقدامكم العارية، والرياح تتوق الى ملاعبة شعوركم المسترسلة. يتبع..... |
البيع والشراء
ثم دنا منه تاجر وقال له: هات حدثنا عن البيع والشراء.
فأجاب وقال: ان الارض تقدم لكم ثمارها، ولو عرفتم كيف تملأون ايديكم من خيراتها لما خبرتم طعم الحاجة في حياتكم. لأنكم بغير مبادلة عطايا الارض لن تجدوا وفراً من الرزق ولن يشبع جشعكم. فيجدر بكم ان تتموا هذه المقايضة بروح المحبة والعدالة، وإلا فإنها تؤدي بالبعض منكم الى الشراهة وبغيرهم الى الطمع والمجاعة. **** واذا ذهبتم الى ساحة المدينة ايها الدائبون في خدمة البحر والحقول والكروم، فاجتمعو بالحاكة والخزافين وجامعي الحنوط والطيوب. واضرعوا في تلك الساعة الى الروح المتسلطة على الارض، ان تحل عليكم وتبارك مقاييسكم وموازينكم التي تعينون بها مقدار ما تجري عليه مقايضاتكم. ولا تأذنوا لذوي الايدي العقيمة من ذوي البطالة ان يشتركوا في معاملاتكم، لأنه لا شيء لهم يتاجرون به سوى اقوالهم التي يبيعونها لكم بأعمالكم. بل قولوا لأمثال هؤلاء: "تعالوا معنا الى الحقل، او فاذهبوا مع اولادنا الى البحر وألقوا هنالك شباككم، لأن الارض والبحر يجودان عليكم، متى عملتم، كما يجودان علينا". *** وإن جاءكم المغنون والراقصون والعازفون، فاشتروا من عطاياهم ولا ترفضوهم، لأنهم يجمعون الاثمار والعطور نظيركم، ومع ان ما يقدمونه لكم مصنوع من مادة الاحلام، فإنه اجمل كساء وأفضل غذاء لنفوسكم. *** وقبل ان تبرحوا ساحة المدينة انظروا ألا ينصرف احد منها فارغ اليدين. لأن الروح السيدة في الارض لا تنام بطمأنينة وسلام على تموجات الرياح حتى تشاهد ان الصغير فيكم قد نال كالكبير بينكم كل ما هو في حاجة اليه. يتبع.... |
الجرائم والعقوبات
وحينئذ وقف قضاة المدينة وقال له: "هات لنا خطبة في الجرائم والعقوبات"
فأجاب وقال: عندما تسير اوراحكم هائمة فوق الرياح، وتسمون منفردين، ليس لكم من يقيكم طوارئ السوء، حينئذ تقترفون الإثم ضد غيركم وضد انفسكم. ولأجل ذلك الإثم الذي تقترفونه يجب ان تقرعوا برهةً وتنتظروا على بوابة القدوس. ***** فإن ذاتكم الإلهية بحر عظيم. كانت نقية منذ الازل وستظل نقية الى آخر الدهور. وهي كالأثير لا ترفع إلا ذوي الأجنحة. أجل، ان ذاتكم الإلهية كالشمس، لا تعرف طرق المناجذ ولا تعبأ بأوكار الأفاعي. غير انها لا تقطن وحيدة في كيانكم. لأن كثيرا منكم لا يزال بشراً، وكثيراً غيره لم يصر بشراً بعد، بل هو مسخ لا صورة له يسير غافلا في الضباب وهو ينشد عهد يقظته. فلا اود ان احدثكم الآن الا عن هذا الانسان فيكم. لأن هذا الانسان – دون ذاتكم الإلهية ودون المسخ الهائم في الضباب – وهو الذي يعرف الجرائم والعقوبات على الجرائم في كيانكم. **** قد طالما سمعتكم تتخاطبون فيما بينكم عمن يقترف إثماً كأنه ليس منكم بل غريب عنكم فيما بينكم. ولكنني الحق اقول لكم: كما ان القديس والبار لا يستطيعان ان يتساميا فوق الذات الرفيعة في كل منكم، هكذا الشرير والضعيف لا يستطيعان ان ينحدرا الى ادنى من الذات الدنيئة التي في كل واحد منكم. وكما ان ورقة الشجرة الصغيرة لا تستطيع ان تحول لونها من الخضرة الى الصفرة الا بإرادة الشجرة ومعرفتها الكامنة في اعماقها، هكذا لا يستطيع فاعل السوء بينكم ان يقترف إثماً بدون إرادتكم الخفية ومعرفتكم التي في قلوبكم. فإنكم تسيرون معاً في موكب واحد الى ذاتكم الالهية. انتم الطريق وأنتم المطرقون. فإذا عثر احد منكم فإنما تكون عثرته عبرة للقادمين وراءه فيجتنبون الحجر الذي عثر به. أجل، وتكون عثرته توبيخاً للذين يسيرون امامه بأقدام سريعة ثابتة لأنهم لم ينقلوا حجر العثار من طريقه. **** واليكم يا ابناء اورفليس هذه الكلمة التي، وإن حلّت ثقيلة على قلوبكم، فهي الحقيقة بعينها: ان القتيل ليس بريئاً من جريمة القتل، وليس المسروق بلا لوم في سرقته، لا يستطيع البار ان يبترأ من اعمال الشرير، ولا الطاهر النقي اليدين برئي الذمة من قذارة المدنسين. كثيراً ما يذهب المجرمضحية لمن وقع عليه جرمه، كما يغلب ان يحمل المحكوم عليه الأثقال التي كان يجب ان يحملها الابرياء وغير المحكومين. لذلك لا تستطيعون ان تضعوا حداً يفصل بين الاشرار والصالحين او الابرياء والمذنبين. لأنهم يقفون معاً امام وجه الشمس، كما ان الخيط الابيض والخيط الاسود ينسجان معاً في نول واحد. \ فإذا انقطع الخيط الاسود ينظر الحائك الى النسيج بأسره ثم يرجع الى نوله يفحصه وينظفه. **** لذلك اذا جاء أحدكم بالزوجة الخائنة الى المحاكمة، فليزن اولا قلب زوجها بالموازين، وليقس نفسه بالمقاييس. وكل من شاء ان يلطم المجرم بيمينه يجدر به اولا ان ينظر ببصيرة ذهنه الى روح من اوقع الجرم عليه. وان رغب احد منكم في ان يضع الفأس على اصل الشجرة الشريرة باسم العدالة فلينظر اولاً الى اعماق جذورها. وهو لا شك واجد ان جذور الشجرة الشريرة وجذور الصالحة، وغير المثمرة، كلها مشكتبة معاً في قلب الارض الصامت. اما انتم ايها القضاة الذين يريدون ان يكونوا ابراراً، أي نوع من الاحكام تصدرون على الرجل الامين بجسده السارق بروحه؟ أم أي عقاب تنزلون بذلك الذي يقتل الجسد مرة ولكن الناس يقتلون روحه الف مرة؟ وكيف تطاردون الرجل الذي مع انه خداع ظالم بأعماله، فهو موجع القلب، ذليل، مهان بروحه؟ **** أجل، كيف تستطيعون ان تعاقبوا الذين لهم من توبيخ ضمائرهم، وهو اعظم من جرائمهم، اكبر قصاص على الارض؟ أليس توبيخ الضمير هو نفسه العدالة التي تتوخاها الشريعة التي تتظاهرون بخدمتها؟ فأنتم لا تستطيعون ان تسكبوا بلسم توبيخ الضمير في قلوب الابرياء كما انكم لا تقدرون ان تنزعوه من قلوب الاشقياء. فهو يأتي لذاته في ساعة الليل ننظرها، داعياً الناس الى النهوض من غفلتهم، والتأمل بحياتهم وما فيها من التعديات والمخالفات. وأنتم، ايها الراغبون في سبر غور العدالة، كيف تقدرون ان تدركوا كنهها ان لم تنظروا الى جميع الاعمال بعين اليقظة في النور الكامل؟ في مثل هذا النورتعرفون ان الرجل المنتصب والرجل الساقط على الارض هما بالحقيقة رجل واحد واقف في الشفق بين ليل ذاته الممسوخة ونهار ذاته الإلهية. وان حجر الزواية في الهيكل ليس بأعظم من الحجر الذي في اسفل اساساته. |
الشرائع
ثم قال له مشترع: وماذا تعتقد بشرائعنا أيها المعلم؟
فأجاب قائلا: انكم تستلذون ان تضعوا شرائع لأنفسكم، بيد انكم تستلذون بالأكثر ان تكسروها وتتعدوا فرائضها لذلك انتم كالأولاد الذين يلعبون على الشاطئ يبنون ابراجاًعظيمة من الرمل بصبر وثبات، ثم لا يلبثون ان يهدموها ضاحكين صاخبين. فعندما تبنون ابراجكم الرملية يأتي البحر برمال جديدة الى الشاطئ. وعندما تهدمون ابراجكم يضحك البحر منكم في نفسه، لأن البحر يضحك من الأبرياء أبداً. **** ولكن ماذا اقول في من ليست الحياة بحراً في عقيدتهم بل ليست الشرائع التي تسنها حكمة الانسان البالغة ابراجاً من الرمال فحسب. اولئك الذين يحسبون ان الحياة صخرة صلدة، وأن الشريعة إزميل حاد يأخذونه بأيديهم لكي ينحتوا هذه الصخرة على صورتهم ومثالهم؟ وماذا اقول في المقعدين الذي يكرهون الراقصين؟ وفي الثور الذي يحب نيره ويتهم الوعل والإبل والظبي انها حيوانات متمردة ناشزة؟. وفي الافعى العتيقة الأيام التي لا تستطيع ان تخلع جلدها، ولذلك تنبري متهمة جميع الحيوانات بالعري وقلة الحياء؟ وفي ذلك الذي يسبق غيره الى وليمة العرس، وعندما يملأ جوفه من الاطعمة ويبلغ حده من النهم والشراهة يترك الوليمة ويذهب في طريقه قائلا ان جميع الولائم مخالفة للناموس وجميع الذين يجتمعون اليها متعدو الشريعة. **** ماذا اقول في امثال هؤلاء؟ انهم كجميع الناس يقفون في اشعة الشمس، ولكنهم يولون الشمس ظهورهم. فهم لذلك لا ينظرون سوى ظلالهم، وظلالهم هي عند التحقيق شرائعهم المقدسة. وهل الشمس في اعتقادهم سوى منشأ الظلال؟ وهل اعترافهم بالشريعة سوى انهم ينحنون ويطأطئون رؤوسهم لكي يستقصوا ظلالهم على الارض؟ اما انتم، الذين يمشون وهم يحدقون الى الشمس بأجفان غير مرتعشة، فهل في الارض من صورة تستطيع ان تستوقفكم هنيهة؟ وأنتم، المسافرين مع الريح، اية صفحة من الصفحات الدالة على مجاري الرياح تقدر ان تقودكم في مسالككم ؟ وما هي الشريعة البشرية التي تفيدكم اذا كنتم لم تحطموا نيركم على باب سجن من سجون الانسان؟ وأية شرائع ترهبون اذا كنتم ترقصون ولكنكم لا تعثرون بقيد من قيود العالم الحديدية؟ ومن هو الرجل الذي يستطيع ان يأتي بكم الى المحاكمة اذا مزقتم اثوابكم ولكنكم لم تضعوها في طريق احد من الناس؟ **** أجل يا ابناء اورفليس، انكم تستطيعون ان تخمدوا صوت الطبل، وتحلوا اوتار القيثارة، ولكن من من ابناء الانسان يستطيع ان ينمع قبرة السماء عن الغناء؟ |
الحرية
الحرية
ثم قال له خطيب: هات حدثنا عن الحرية. فأجاب قائلا: قد طالما رأيتكم ساجدين على ركبكم امام ابواب المدينة والى جوانب المواقد تعبدون حريتكم. وأنتم بذلك اشبه بالعبيد الذين يتذللون امام سيدهم العسوف الجبار يمدحونه وينشدون له وهو يعمل السيف في رقابهم. نعم، وفي غاية الهيكل، وظل القلعة، كثيرا ما رأيت اشدكم حرية يحمل حريته كنير ثقيل لعنقه وغل متين ليديه ورجليه. رأيت كل ذلك فذاب قلبي في اعماق صدري، ونزفت دماؤه، لأنكم لا تستطيعون ان تصيروا احراراً حتى تتحول رغبتكم في السعي وراء الحرية الى سلاح تتسلحون به، وتنقطعوا عن التحدث بالحرية كغايتكم ومحجتكم. **** إنكم تصيرون احراراً بالحقيقة اذا لم تكن ايامكم بلا عمل تعملونه ولياليمكم بلا حاجة تفكرون بها، او كآبة تتألمون لذكراها. بل تكونون احراراً عندما تمنطق هموم الحياة وأعمالها احقاءكم بمنطقة الجهاد والعمل، وتثقل كاهلكم بالمصاعب والمصائب، ولكنكم تنهضون من تحت اثقالها عراة طليقين. لأنكم كيف تستطيعون ان ترتفعوا الى ما فوق ايامكم ولياليكم اذا لم تحطموا السلاسل التي انتم انفسكم في فجر ادراككم قيدتم بها ساعة ظهيرتكم الحرة؟ الا ان ما تسمونه حرية انما هو بالحقيقة اشد هذه السلاسل قوة، وان كانت حلقاته تلمع في نور الشمس وتخطف ابصاركم. *** وماذا يجدر بكم طرحه عنكم لكي تصيروا احراراً سوى كسر صغيرة رثة في ذاتكم البالية؟ فإن كانت هذه الكسر شريعة جائرة وجب نسخها، لأنها شريعة سطرتها يمينكم وحفرتها على جبينكم. بيد انكم لا تستطيعون ان تمحوها عن جباهكم بإحراق كتب الشريعة التي في دواوينكم، كلا، ولا يتم ذلك بغسل جباه قضاتكم، ولو سكبتم عليها كل ما في البحار من المياه. وان كانت طاغية تودون خلعه عن عرشه فانظروا اولاً ان كان عرشه القائم في اعماقكم قد تهدم. لأنه كيف يستطيع طاغية ان يحكم الاحرار المفتخرين، ما لم يكن الطغيان اساساً لحريتكم والعار قاعدة لكبريائهم؟ وان كانت هماً ترغبون في التخلص منه فإن ذلك الهم انما انتم اخترتموه ولم يضعه احد عليكم. وان كانت خوفاً تريدون طرده عنكم فإن جرثومة هذا الخوف مغروسة في صميم قلوبكم وليست في يدي من تخافون. الحق اقول لكم، جميع الاشياء تتحرك في كيانكم متعانقة على الدوام عناقاً نصفيا: كل ما تشتهون وما تخافون، ما تتعشقون وما تستكرهون، ما تسعون وراءه وما تهربون منه. جميع هذه الرغبات تتحرك فيكم كالأنوار والظلال. فإذا اضمحل الظل ولم يبق له من اثر، امسى النور المتلألئ ظلاً لنور آخر سواه. وهكذا الحال في حريتكم، اذا حلت قيودها امست هي نفسها قيداً لحرية اعظم منها. |
العقل والعاطفة
العقل والعاطفة
ثم طلبت العرافة ثانية قائلة: "هات حدثنا عن العقل والهوى" فاجاب وقال: كثيرا ما تكون نفوسكم ميداناً تسير فيه عقولكم ومدارككم حرباً عواناً على اهوائكم وشهواتكم. وإنني اود ان اكون صانع سلام في نفوسكم. فأحول ما فيكم من تنافر وخصام الى وحدة وسلام. ولكن أنى يكون لي ذلك، اذا لم تصيروا انتم صانعي سلام لنفوسكم ومحبين جميع عناصركم على السواء؟ ان العقل والهوى هما سكان النفس وشراعها وهي سائرة في بحر العالم. فإذا انكسر السكن او تمزق الشراع فإن سفينة النفس لا تستطيع ان تتابع سيرها، بل ترغم على ملاطمة الأمواج يمنة ويسرة حتى تقذف بكم الى مكان أمين تحفظون به في وسط البحر. لأن العقل اذا استقل بالسلطان على الجسد قيد اهواءه، ولكن الاهواء اذا لم يرافقها العقل كانت لهيباً يتأجج ليفنى نفسه. فاجعل نفسك تسمو بعقلك الى مستوى اهوائك، وحينئذ ترى منها ما يطربك ويشرح لك صدرك. وليكن لك من عقلك دليل وقائد لأهوائك لكي تعيش اهواؤك في كل يوم بعد موتها وتنهض كالعنقاء متسامية فوق رمادها. وأرغب اليكم ان تعنوا بالعقل والهوى عنايتكم بطيفين عزيزين عليكم. فإنكم، ولا شك، لا تكرمون الواحد اكثر من الثاني، لأن الذي يعتني بالواحد ويهمل الآخر يخسر محبة الاثنين وثقتهما. واذا جلستم في ظلال الحوار الوارفة، بين التلال الجميلة، تشاطرون الحقول والمروج البعيدة سلامها وسكينتها وصفاءها، فقولوا حينئذ في قلوبكم: "ان الله يستريح في العقل". وعندما تعصف العاصفة، وتزعزع الرياح اصول الاشجار في الاحراج، وتعلن الرعود والبروق عظمة السماوات، فقولوا حينئذ في اعماق قلوبكم متهيبين خاشعين" ان الله يتحرك في الاهواء". وما دمتم نسمة من روح الله، وورقة في حرجه، فأنتم ايضا يجب ان تستريحوا في العقل وتتحركوا في الاهواء. |
الساعة بإيدك هلق يا سيدي 13:29 (بحسب عمك غرينتش الكبير +3) |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
ما بخفيك.. في قسم لا بأس به من الحقوق محفوظة، بس كمان من شان الحق والباطل في جزء مالنا علاقة فيه ولا محفوظ ولا من يحزنون