![]() |
A refaire (ملحق)
A refaire (ملحق) أعرِفُ أنَّ ما اقترحته البارحة صَعبٌ على القارئ، والقارئ هو المواطن عموماً. عامٌ كعام 2005، كُله للإعادة شيء ليس بثقيل فقط، بل مؤلم، وجداً. وأعرف إنه يؤلم، يؤلمان، يؤلمون، يؤلِمْنَ. إنه يؤلِمُهُنَّ ويؤلمنا اليوم كما آلمنا وآلمكم، كما آلَمَهُ وآلَمَها، طبعاً، فقد آلَمَهُم جميعهم وآلَمَهُنَّ. هذا مؤسفٌ، لكنه واقعٌ قبل أن يكون مؤسفاً. أنا آسف لذلك الواقع، وهما مثلي آسفان، حتى مخايل آسفٌ أيضاً. أمّا هم، فآسفون وآسفات، يؤسفها كما يؤسفهم ويؤسِفهُنَّ هذا الأسف كله. لقد مضى حتى صباح هذا اليوم ستمائة وتسعة وستون يوماً على اغتيال الرئيس الحريري وكل ما حَصَلَ بعده حتى البارحة مساءً. هل كان يَشك أحدكم يوماً من هذه الأيام التي وَلَّت، أن نكون اليوم ننتظر نتائج التحقيق؟ لقد صَدَرَ البارحة التقرير الثاني للسيد براميرتس. ما رأيكم؟ كل شيء يؤكد وذلك نتيجة «تبصير» أنَّ هذا الانسان لا يزال لديه مُتَسَعٌ لا بأس به من الوقت للوصول إلى الحقيقة. فمتى إذن سَتَصدر نتائج التحقيق لحادثة مرجعيون؟! للبحث صلة، وكما وعدناكم البارحة: «يتبع غداً»، فهو: سيتبع غداً. عدد الخميس ١٤ كانون الأول |
«A refaire» ـ 2
«A refaire» ـ 2 وهل كانَ من الممكن أن يكون إغتيال الرئيس رفيق الحريري صائباً؟ كلا على الإطلاق. إنَّه أكبر حماقة بعد الألفية، كائناً من كان القاتل، لذا فهذا هو الخطأ الرئيسي. و“الإعادة” للتصحيح يجب أن تبدأ به، أي أنَّ شهر شباط سَيَحلُّ هذه المرّة ويَمُر دون الإغتيال. هذا صعب لكنه الأفضل، فالإغتيال كان خطأً مُريعاً أدّى إلى تَسَلسُلٍ مُبَرمَجٍ مُستوحىً من مجرى الأمور والوقائع حينها في بلادنا. وقد اتى مناسباً لمخططيه، ليسَ للبنان. الإغتيال-إتهام سوريا بالإغتيال-إستقالة حكومة كرامي-وصول بعثة فيتزجرالد لِتَقَصّي الحقائق والتي لم نلاحظ وقتها أنّها لا تعمل إذا كان المطلوب حقيقة واحدة فقط. فيتزجرالد باحثٌ شغوف عن حقائق الكون كلها دون استثناء، سبحان الخالق الذي وحده، سبحانه، خَلَقه ليحيط بها. بدليل أنَّ فيتزجرالد هذا، غادر وتركنا نبحث عن حقيقة واحدة بالكاد نعرف أين تبدأ، أمّا الحقائق المتبقية فأخذها معه وسلَّمَها للرفيق “زورو”، ديتليف ميليس سابقاً. ثم بدأ الإنسحاب السوري وقد تَمَّ بأسرع ممّا حَدَّدَهُ المجتمع الدولي المتحد فجأةً. وهنا أيضاً، خطآن، الأول: إتحاد هذا المجتمع السَلِس المريب والجديد. الثاني: الخروج السوري المُسَرَّع عدا نوعيته التي أُجمِعَ على أنها مُهينة. لذا وَجَبَ عند “الإعادة”، تصحيحٌ الأحقاد، أو موازنتها على الأقل، فالحقد بين الجيران دوماً خاطئ. لأنّه لو نامَ فإنَّه بالفعلِ يَبيت. الجنرال عون يعود في 7 آيار ، ويتَنَبَّه وهو يفرغ حقائبه إلى القافية بين آذار وأيار، يلي وصوله تشكيل حكومة الميقاتي المؤقتة التي رَست عليها مناقصة تنفيذ الانتخابات. فالميقاتيُّ، رجل الأعمال الناجحة والصامتة. إنتخابات إستعجلها-وهذا للتاريخ-الأميركيون والفرنسيون أكثر مِنّا، ودافعوا من حيث لا يشاؤون عن قانون غازي كنعان حتى الموت! فَكِّر وأربح. لماذا؟ هنا أيضاً خطأ جسيم ومريب ويجب تداركه في الإنتخابات القادمة قريباً. “زورو” وعصابته يَطأون أرض المطار وينتشرون، يُطوّقون رجال الأمن العام والجمارك ويُفَتِّشون حقائبهم بأنفسهم، فهم المُدَرَّبون على الحقيقة. خاصةً أنَّ فيتزجرالد حَصَرَها وراحَ المدعو ميليس يوقف العابرين بالجملة وكلّما خَفَّت حركة المرور نتيجة كثرة التوقيفات، يقصدهم هو، بل يَدهَمهم في مَحالِ إقامتهم ويعتقلهم. ذروةٌ في الحِرَفية والحزم. وقد عانى في فترة معينة من نقصٍ في الشهود اللبنانيين لكثرة ما إعتقل منهم. لكنه ثابرَ حتى توفَّقَ، ورغم الإنسحاب السوري الشامل وترحيل آلاف العمّال ونزوحهم، إلى توقيف شهود سوريين. فأخذوا عنه كمّاً لا بأس به من الأخطاء والتناقضات، فَتاهَ “زورو”، واعترف مرّة ومرتين بالخطأ وأصَرَّ أن يؤكد لنا النظرية القائلة: الوحيد الذي لا يخطئ هو الذي لا يعمل. فطلبنا إليه عبر حكومتنا وبشكل سرّي ولائق أن يخترع حجّة، فَصَرَّحَ يوماً بأنَّه مرتبطٌ بعملٍ “رهيب” في ألمانيا، وهكذا استطعنا إيقافه عن العمل والخطأ. وعلى فكرة فقد أصبح في آخر أيامنا، يخطئ دون أن يعمل حتى. وكان قد إنتهى في حينه عُمر حكومة الميقاتي، وطَلَعَ البدر علينا... إستقال الميقاتي وكانت ليلة القدر، تَضَرَّعَ المؤمنون امّا المحسنون منهم فناموا باكراً لشدَّة إحسانهم في البحر. وكان صوت عاصي الحلاني يَشدو من الماضي: “بيروت عم تبكي...”، فيجيبه أحمد قعبور من المستقبل: “قولوا، قولوا الله...”. واستجابَ ليلتها العلّي القدير لصلوات عبّاده الطيّبة العَطرة. يتبع يوم الإثنين |
«A refaire» ـ 3
«A refaire» ـ 3 طَلَعَ البدر علينا إذن، يُهَلِّله فؤاد السنيورة. طَلِعَ بشكل حكومةٍ قديرةٍ بمجلس نيابي وراءها، قوية بجماهير 14 آذار المائجة «حقيقةً»، حكومة دون منازع ولا رقيب ولا حسود. حكومة واعدةٍ رغم وجود ملك جمال القوات الوزير سركيس ووصيفته الأولى نائلة الملكة رمز الإثارة النيابية وعصير البرتقال، حكومة فتحت في الثاني من آذار أجمل ما في الكلمة من «حوار». فتنفست المعمورة، وخاصة أنَّ بيانها الوزاري عاد وجمع بين السياحة والتحرير إكمالاً لمسيرة الشهيد الحريري ومزارع شبعا وعصير البرتقال. ميليس يشحن حصان «زورو» بحراً ويغادر جواً، وسط جو من التوعّد بالأفصَح والأفضَح. يصل سيرج براميرتس، خليفته، من الأبجد والهوّز بإذن الله. فحجَجُ «زورو» ومطالعاته كما مصادره ومجموع الإفادات توصلت إلى ما فحواه أنَّ: استشهاد الرئيس الحريري جاء نتيجةَ محاولة اغتيال ناجحة، لذا فهو استُشهد. ثانياً: من المؤكد أن العملية تَمَّت على الطريق البحري بين فندقي الفينيسيا ومار جاورجيوس. ثالثاً: من المُرَجَّح أن يكون هذا التفجير نتيجةَ شحنة متفجرة هائلة موضوعة إمّا فوق الأرض وإمّا تحتها على أبعد تقدير. أمّا الشهود فكلهم ملوك، كما لا توجد شهادة واحدة للتلف. وللتأكد من ذلك يمكن مراجعة الوثائق كلها أو، «ماكسيموم»، إعادة التحقيقات من الأول. الحوار الوطني يستمر مُذَلِّّلاً العقد الوطنية الكبرى، ببطء لكن بتأنٍّ، حتى وصول البحث إلى نقطة «الاستراتيجية الدفاعية للبنان»، ذلك عند أوائل شهر حزيران حيث برز تباين رئيسي بين فريقي آذار. يرفع الرئيس السنيورة الحوار إلى أواخر الصيف، إفساحاً في المجال للحصان الاقتصادي كي يتَبختر ويختال بعَراقة ودلال، ورحمةً بطوابير السيَّاح الوافدين إلى جنة الله الواسعة، إلى لبنان الأسطورة كالكذب، فعلاً، حتى قال في 12 تموز، الكريم: خذوا... (الجمهورية تَكفَهرّ، الصيفُ يَتَكَوَّر، الحوارُ يَتَعَوَّر، الدرَّاقُ والإجاصُ يتأخَّر، العِبادُ تُهَجَّر، والكثير الكثير يهاجرُ يَتَبَعثَر، لم يكن أحدٌ يتصوَّر...) عدنا إلى السفن والزوارق عِوَضاً عن الطائرات، عدنا إلى المازوت بدل الفيول، عدنا إلى الأمام وإلى الوراء. كان «الكريم» فعلاً على حق. قال خذوا وأخذنا. كل شيء مشتعل ومحاصر، والحكومة صامدة مصرّةٌ على تقرير سياسة لبنان الدفاعية، دون حوار، والآن، وتحت آلاف الآلاف من الصواريخ الأميركية. لكن لبنان بدأ فجأةً، في 13 تموز، كتابة تاريخٍ، نوعه نادر عليه وعلى محيطه، لا أثر لطائفة فيه. فحتى التراب اليابس، الداكن اللون في الجنوب، يواجه العدو، يتطاير نحو المقاتلات الإسرائيليات. وهذي صيدا وصور، كما دوماً، ظهْرُ المقاومة المنيع الضليع، العاسي التاريخي. هذي حديقة الصنائع في بيروت، لمنامة الجنوبيين. الشيعة، كما دائماً، في صدارة المواجهة. الطوائف الأخرى يصدمها هول الحقد الصهيوني الذي حَلَّقَ فوقها كلها، ذكَّرها ورَوَّعها، فلا تعرف ما تفعل. تتضامن حياءً، تذوق عيباً، تحدّث في الانسانية! وهنا الحدث. إبداعٌ فينيقي آخر دامَ ثلاثة وثلاثين يوماً. في اليوم الرابع والثلاثين، استيقظ هذا الوفاق على منامٍ بشع. إنه المنام المُفَصَّل أعلاه حيث تعايش مُكرهاً تحت ضغط المشاعر الإنسانية المقرفة. فعند إعلان وقف إطلاق النار اعتقد الفرقاء، «يَه» ما أحلاهم، أن هذا الوقف يسري أيضاً على الحوار، على التعايش، فأوقفوا معه التعايش والحوار. وأعلن فتح المطار، فاعتقد الفرقاء، «يَه» ما أبهاهم، أنَّ هذا الفتح يسري على الحسابات، ففتحوا الحسابات المتبادلة كلها من أصل الميثاق إلى الدستور إلى الشرعية وساروا من اتفاق الطائف نزولاً، عكس التاريخ، إلى وثيقة الاستقلال. وهذه عادة سيئة تلازم الفرقاء، تحديداً منذ وثيقة الاستقلال. إنَّ كلمة تعايش، كلمة خاطئة حتى لغوياً في لبنان، إنَّه: إما عيشٌ مشترك أو لا عيش، أمّا التعايش فلا مَندُوحَةَ منه ولا معه. * يستحسن ألّا يقرأ أيٌّ من رؤساء الحكومات اللبنانية هذا المقطع المؤثر بين قوسين. يتبع يوم الأربعاء عدد الاثنين ١٨ كانون الأول |
«A refaire» ـ 4
«A refaire» ـ 4 ... وإن أضفنا إلى الخطأ الفاضح المزمن المُسمّى: «التعايش»، عبارة أخرى هي قنبلة المواسم على الدوام، وها قد عادت بعد حرب تموز وتطويق السرايا الحكومية على لسان ماقِتِها الأول وليد بك جنبلاط: «لا غالب ولا مغلوب» (طبعاً، فالبك لم يعرف سوى الغلبة، وهي في هذه اللحظة مَطوِيّة، مَكِويّة، داخل أحد جوارير الرئيس السنيورة، الملك)، نَكُون كالمُمعنين في اللّا حَلّ! إنَّ الكراهية المتبادلة العليا، كالتعايش التي حَلَّت أخيراً، في الغالب والمغلوب، كراهيةٌ تُجَمِّرُ الإسمنت والنحاس. إنها مخيفة في عصرنا، فهي ليست حتى للراشدين. إنَّ عبارة لا غالب ولا مغلوب، ملفوفٌ عليها التعايش، وبهذا الإصرار هي مقدمة الدمار اللبناني الشامل. إنّ الأجيال الناشئة الحديثة، الغائبة عن الإدراك بعد أن ختمت الوعي، تُحَدِّقُ إلى مستقبلها التائه في غَطيطَة التلوث العالي الجاثم، وعلى علوّ منخفض، فوق صدر الوطن، لذا، فإنَّ إعادة العام 2005 حتى آخر يوم في الـ2006، أي: الإعادة بحسب الواجب، أي: «a refaire»، هي واجبٌ وطني، لا بل دراسيّ. ويُفضَّل قبل البدء بالإعادة، الأخذ ببعض المقترحات والأفكار حتى لا يتكرر لا الخطأ ولا التاريخ. هي غير ملزمة بالنهاية، خاصةً وأن مُقتَرِحَها من جريدة «الأخبار»، لكنها صَدِّقوني، واقعية نتيجة رصد يومي ومواكبة مؤلمة لحربٍ بدأت في قرنٍ سابق، العام 75، وهي مستمرة وبكل ثقة ونوعية حتى اللحظة. في المقدمة: بعد أن وصل لبناننا العزيز إلى شفير الهاوية وطار في هوائها، واقترب من نقطة الانفجار وداسَ عليها وأنفجر وطاول تطايره دول الجوار، وبَلَغَ حافة الانهيار فقفز والأتربة من ورائه، وشارفَ على نقطة اللاعودة، عَبَرَها ولم يعد: تمَّ التأكد من أن الإمعان في تعاطي التعايش المُنَضَّب بمحلول «لا غالب ولا مغلوب»، وذلك في الأماكن العامة والصحف ودور النشر والإعلام المرئي ودور العبادة وعلى الهاتف المحمول والرسائل القصيرة، هو أمرٌ ممنوع منعاً باتاً، من قبل قيادة الجيش الحكيم القادم، وذلك تحت طائلة المسؤولية المعدومة حالياً، وقد أمهلها وأمهل مواطنيها حتى نهاية العام الحالي، كي يُرَتِّبوا أوضاعهم القانونية الأخلاقية وحدودها الواضحة، أي: المسؤولية. لقد مَرَّت جميع إنذارات هذا الجيش العتيد السابقة، دون محاسبة صارمة كما وأهدرت فرصٌ كثيرة للتَعَقُّلِ والتَبَصُّر، وكان حكيماً فتغاضى عنها. إنَّ الجيش الحكيم، المُرَ قَّط الصَرف، غير العابئ بأصول الشخصيات ومناشئها السياسية، يُحَذِّر الجمهور العريض المتماهي المتظاهر بكل أنواع التعبير المنسوخة وأساليب الاعتراضات المترجمة والثورات البرتقالية الكذّابة والأكثريات الورقية الطائرة الموبئة للديمقراطية والجمهورية، وخاصة للحريّة، يُحَذِّر من مَغَبَّة الاسترسال في الغرائز الملتهبة والعنفوان المنتهية مدته، ومن اليمين الأبرص واليسار الخلاسي، أي الأممي الديمقراطي. كما يُحَذِّر، وللمرة الأخيرة من استعمال «العلم اللبناني حصراً» كلمّا دقَّ الكوز بالجرّة، ويُنذِر العائلات السبع والعائلات التسع والعائلات الأربع من كل المِلَل، وعموم الأهالي والعائلات المتفَرِّجة المهبولة، والطواويس والديوك والـ«بيوك» وهذا السلوك، يُحَذِّرها من النفخ المتواصل في الدواجن وشحنها بالمقويّات الاصطناعية وهرمون التآخي الفاسد، وشحذها بالهِمم المتحلّلة والكبرياء «الأحوَل». إن قيادة الجيش الحكيم، الشامل، تمهل عموم المواطنين، مقيمين ومهاجرين، حتى الساعة الثانية عشرة من ليل الأحد الواقع فيه 31 كانون الأول، حتى يعودوا إلى رشدهم. ويحتكموا مرّة واحدة إلى ندائه المدني الفعلي الأخير. كما تطلب من عمومهم فوراً: توخّي الحذر المتعدّد ومتابعة البيانات الصادرة عن مديرية التوجيه والإعلام التابعة لها. إنَّ الهذيان الوطني العام بلغ حدّه هذا العام، أمّا السَيْلُ فقد بَلَغَ الزُبى. لذا فقد حُلَّت جميع مبادئ «التمويه» المعتمدة، وحان وقت النظام الوطني المرصوص. إنَّ الآتي أبقى وأعظم! نهار الأربعاء 20-12-2006 (ميلادية) غداً حلقة خامسة وأخيرة عدد الأربعاء ٢٠ كانون الأول |
«A refaire» ـ 4.5
«A refaire» ـ 4.5 من المقدمة في «الأخبار» * الأربعاء 20 كانون الأول 2006 العدد 110 الى التفاصيل: بناءً على مجموع المخاوف الجديّة الثابتة لدى كلّ طائفة لبنانية على حدة، وبناءً على رداءة مزاجها العام خلال العامين المنصرمين (ميلادي وهجري)، ونتيجة مجموع القرارات المصيرية التي أخذتها هذه الملل منذ استشهاد الحريري، كمثل الموقف السنّي السعودي ــ اللبناني بما فيه عبد الحليم خدّام، من الوجود السوري، أو الموقف الشيعي المختلف، كالعادة. الشيعة مخالفون يا أخي بحسب الأزهر ومكّة المكرّمة. وبناءً على الأحلاف العجيبة التي قامت قبل آخر انتخابات نيابية مستقلّة وحرّة من أي تأثير أميركي أو فرنسي وطبعاً سوري، ونظراً لاستحالة التمييز بين إجحاف طائفة وقنوطها وطائفة أخرى لوفرة الإجحاف وتفشّيه في الحقبة الأخيرة من تاريخنا، فالكلّ مظلومٌ بحسب إفادته. الإحباطُ المسيحي على ثباته رغم ثورة الأرز ولوحات الجلاء السوري المنتشرة في المتن الأعلى، تحت ضربات تحالف ثوّار آذار الموارنة والدروز بقيادة الرفيقين حمادة ــ شهيّب الأسطورية، وبالرغم من إمساك المسيحيين بمراكز نيابية وحكومية جديدة فاعلة، استُثني منها التيار الوطني الحرّ لكونه خائناً متنكّراً من ريف دمشق، وقد زكّى هذا الإحباط تغييب مسيحي ــ ماروني مقصود لمقام الرئاسة الحالية الأولى. (مسيحي ــ ماروني تعني مسيحي ــ مسيحي أو ماروني ــ ماروني) فالمسيحيون الباقون، من الخوارج. هم شيعة تقريباً، أو «إسلام» بشكل علميّ، وذلك بحسب الموارنة طبعاً، وروما الكاثوليكية التي لم تعترف بهم إلا حديثاً، بل حكمت على قدّيسيهم بسنين عجاف إضافية من التنسّك والجوخ الخام والمسامير حتى منتصف سبعينيات القرن السالف، قبل تطويبهم، في الوقت الذي لم يستطع فيه كاثوليكيٌّ لبناني واحد مثلاً، وحاضرة الفاتيكان تسنده، أن يفتعل حادثةً فردية محدودة، دفاعاً عن النفس، في نزلة السريان أو في محيط مستشفى الروم مثلاً، وذلك في أحلك أيام فلتان الحرب الأهلية! ما جعل هذه الأقليّة التي تحكم أوروبا، تشعر بعنفوان نادر مكبوت. فهي أُرغمت على تبعية أحفاد مار مارون الحلبيين «في عقر الأشرفية» لردهة لا بأس ولا جدوى منها ومن الزمن. أما السريان والآشوريون فـ absent (غائب عن الصفّ) بداعي «المرض منهم». وإذا أضفنا تركيز محافظي أميركا الجدد على محور الغول الفارسي وهلاله الجغرافي، في مواجهة أهل السُنّة، انصرف تيار المستقبل إلى تحفيظ أبيات العتابا وأبو الزلف الغريبة عن تراثه الديني الثقافي، لينعى حاله لبنانياً، وإلى تدريب عوائل بيروت وصيدا وطرابلس والبقاع الغربي الكبرى على كلمات وألحان نشيد فليفل الوطني وعلى الوَلَه والتيم بلبنان: وطناً نهائياً لا تحدّه، لا سوريا شرقاً ولا اسرائيل جنوباً إلا على الخريطة الساذجة غير النهائية أصلاً. فالحلف الرباعي الانتخابي الجديد فيه الأخ الدرزي والأخ الماروني والشيعي (لعنة الله) لذا فيه تراث الأرياف الوطنية، وأبسط قواعد التحالف تقضي بأن توحّد الجماهير لغتها الدارجة نفسها، لغة الساحات ومواكب الاستفزاز الجوّالة، ولسوء الحظ فهي لغة طليع حمدان والزغلول وشحرور الوادي لا لغة قُرَيش. نتيجة ذلك، عاد بدوره الشعور الشيعي التاريخي المعتّق بالغبن والعزلة، والذي غاب فترةً ما بعد اتفاق الطائف نتيجة إنجازات حزب الله على أرض الجنوب. عاد والعَود أحمدُ وعليٌّ والحُسين ثالثهما. صلّى الله عليهِمُ جميعاً وسلّم. وهذا ما ينفّر فرنسيي الجمهورية والبطركية والقرنة والـ«سانتر ــ فيل» عليكِ يا مريم! وبالتالي يُشعرهم بعزلة مؤكّدة، عزلة بلدية بشَهدِها. وبناءً على أنّ الدروز في هذه المعمعة، لم يقف وغدٌ واحدٌ من المذكورين على خاطرهم، والعدد دوماً، ظالمٌ تاريخياً. فهو يتبجّح ويجتاح. لذا تتمسّك الأقليّة بمبادئَ كالديموقراطية أو الاشتراكية الديموقراطية كي تعيشَ ولا تنقرضَ، وهنا بحرف الـ(طاء). إن الاشتراكية في هذه الحال تؤمّن المعاملة بالمِثل بمعزل عن العدد. لذا نستطيع أن نفهم القلقَ الجنبلاطيّ المزمن، وما يمكن أن ينتّج من عدائيّة عموميّة ضامرة حتى النصر. إن الصورة عند هذا الحدّ من التوصيف، غير مشرقة، إطلاقاً. لكنّ الأمل بالوطن المفترض ونحن لمّا نَزَل على الخارطة حتى الآن، لا بدّ منه. وهو المدخل الرئيسي لمجموعة الاقتراحات الآتية التي يمكن على أساسها، وبرأينا، حلُّ كلّ هذه المخاوف المتبادلة وذلك مباشرةً بعد الأعياد المقبلة. علّ «المؤسسة الصبيانية للإرسال» تجد، وبعد حلول العام 2007، ما تصوّره غير عاشوراء الكراسي والمقاهي الفارغة يومياً على طول شارع المعرض وحمامه المستوحش الذي تفرّغ للأمكنة وراح يخرى حزيناً على كلّ شيء، كلّ شيء. غداً الحلقة الأخيرة فعلاً. إنّها المأساة. عدد الخميس ٢١ كانون الأول |
:o
شكرا..شكرا..اخ مادماكس من مدة وانا اود التعرف على فكر زياد الرحباني، لكن للاسف سااجل بقية القراءة للعطلة :D |
«A refaire» ـ 5
«A refaire» ـ 5 في المقترحات التفصيلية: حيث أنَّ ميثاق الـ1943 أضاعَ بكرة أبيه لشدّة الفشل المتكرر والمتراكم، بدليل أنَّ عمر الجمهورية من الاستقلال حتى اندلاع الحرب في الـ1975، أي 32 عاماً، وعمر الحرب الأهلية جداً (وتوجد حدائق للأولاد) من الـ1975 حتى بداية الـ2007تساوي 32 عاماً أيضا، بالتمام والكمال. أي أنَّ عمر الجمهورية المستقلّة يساوي عمرها مقسّمة. أي أنَّ لا السلم كان سلماً، بل فسحة لحربٍ أهليةٍ حميمة جديدة، ولا الحرب انتهت، إنها تعاود كل يوم. والأرجح أنها ستصبح في صباح الثاني من كانون الثاني 2007، ومع كل انبلاج فجرٍ جديد، أطولَ من السلم والاستقلال وعصير البرتقال!! ما يعني أعزّائي، أن تكون الحرب أطول من السلم في بلد معين؟ (انتبهوا جداً إلى السؤال، خاصةً في بلدٍ أنعمُ ما يقال فيه، إنه فريد، فَذّ، نموذج حضاري متعدد، أعجوبة معلّقة! على فكرة، إنَّ كلاً من هذه الصفات يحمل معنيين نقيضين، فلا تُسرُّوا كثيراً. كلا أعزائي، لقد أثبتت الحرب اللبنانية أنها أثبت وأَدْوَم من السلم، وهي لا تباع في الصيدليات. إنَّ كل الحروب في التاريخ هي الفترات السوداء بين سلمٍ وآخر، تتمنى الشعوب نسيانها إلى الأبد حتى وهي عابرة دوماً، نسيانها لصالح الاستقرار أو الاستقلال. (وما دخل الاستقلال دوماً في جميع مواضيعنا، لست أدري. إنه كالعقدة النفسية أو العادة العصبية السيئة، تعود كالهجس مرفقة بهلوسةٍ متواترة وبتعليق للأعلام على الشرفات وبالإنشاد عالياً) ملاحظة: إنَّ المؤرخين المدققين يعتبرون أنَّ حربنا بدأت في الـ1973 لا الـ1975. ولو وافقناهم، يكون، يا أخواني، خلافٌ على الجمهورية، 34 سنة وهو الأخ الأكبر من اتفاقنا عليها الذي لا يتعدّى الـ30! أدامها الله لأهلها. بالاستنتاج، لا «ميثاق الـ43» حرفياً بعد اليوم، ولا «وثيقة دستورية»، فقد سقطت قبل الثمانينات، ولا «اتفاق ثلاثي» فقد سقط في الثمانين. أمَّا «اتفاق الطائف»، صاحب النجاح المنقطع النظير، فكل الاتجاهات السياسية، يا مخايل، ألمحت صراحةً بأن عدوان تموز الماضي، ومن قبله، مداخل وكراسي وطاولات: كل مفروشات الحوار تخطّته. لهذه الأسباب ولعوامل كثيرة أخرى ربما سقطت سهواً، نضع في متناولكم، المقترح الجديد قبل أن تبدأوا أية إعادة. انتهى ملاحظة: الاثنين يمكنكم الحصول على المقترح العجيب. أحجزوا نسختكم منذ الآن. عدد الجمعة ٢٢ كانون الأول |
اقتباس:
بتقدري تتعرفي عليه كمان من خلال اعمالو المسرحية و الموسيقية و بتلاقيهن بقسم الموسيقى :D |
الجمهورية ب ـ صفر
الجمهورية ب ـ صفر مع صدور عدد اليوم من جريدة «الأخبار» وتسلّم المواطن اللبناني إيّاه، تعتبر جميع القيادات والفعاليات، سياسية، عسكرية، مسؤولة: «شخصيات معنوية مؤقتة»، وذلك، حتى يكمل الجيش الحكيم القادر، حارس الحدود، حامي الحمى، عملية تحييد الأراضي اللبنانية المعترف بها دولياً وبصعوبة، عن آثار جميع الأحداث والمجريات التي توالت وتزامنت منذ بداية العام 2005 مع مفعول رجعي يمتد إلى نهاية الشهر السادس من العام 2004، والقرار 1559، هذه الحقبة التاريخية التي أسهمت، وبكل فخر وعناية ولا وعي في نهاية ما يسمّى الجمهورية الثانية أو الثالثة وجعلها الأخيرة دون منازع. 1ـــ في السنّة: يسلّم الجيش الحكيم ـــ بقيادة قائده العماد ميشال سليمان وضمن احتفال رسمي يتضمن استعراضاً عسكرياً للقوة لا الضعف، يمنع فيه الخطباء والبكاء والأعلام اللبنانية حصراً ـــ إلاّ من قبل عناصر الجيش وحدهم ـــ يُسلِّم رئاسة الجمهورية عدد صفر ـــ باء ـــ للسيد نجيب ميقاتي ورئاسة الحكومة للسيد الدكتور سليم الحص. فالرجلان، بالإضافة إلى الشفافية والنزاهة والعمل الدؤوب والروح الصابرة، فارعا الطول، وقد تم التوافق على أن يكون أحدهما، رمزياً وهندسياً، رئيس الجمهورية. والميقاتي أطول. أمّا الحص، فلرئاسة الحكومة، رمزاً لعودة الأيام الغابرة «الطيبة» وجموع «الأوادم». وفي ما سَبَقَ، حل تاريخي لعقدة تضارب الصلاحيات، وإن حصل تضارب فسيكون داخل «أهل بيت قريش الواحد»، طائفة سنيّة عربية واحدة ذات رسالة خالدة. أمّا عبد الحليم خدّام فيبقى حالياً رئيس حكومة المنفى للقطر اللبناني الشقيق بقيادة ممثل الجماهيرية اللبنانية السيد سعد الحريري على رأس تيار المستقبل، ويُشهر نائب الزعيم، غطاّس خوري، إسلامَه في حديقة عائشة بكاّر، لتتوحد المشارب والانتماءات والجهود، وشعار الجمهورية B ـــ صفر: «وَحِّدوه!». يحتفظ أهل السنّة، وبالتوازي، بكل ما طالته يدهم حتى الآن في مديرية قوى الأمن الداخلي، ويُشَلّشون تباعاً وعلى مراحل حتى يتم، وبعد انقضاء الأشهر الستة الأولى، القضاء على كل طموح مُزاحم لأي طائفة بالانتماء إلى هذا السلك، يشمل السلك ـــ إلى قوى الأمن الداخلي: الفهود، فرع المعلومات والاستقصاء، خفر الأملاك البحرية المخالفة «المعتدلة»، الشرطة العسكرية، شرطة المباحث والأخلاق، أمن المطار، الجمارك، سيّار الدرك، تيار المستقبل، وسريّة بيروت، الأمن الشخصي لكل الشخصيات في جميع المحافظات والمكعبات والمربعات والمعجنات وبربر وتاج الملوك والكاميرات والكبابجي وعموم الدويلات، وذلك تبسيطاً للخريطة الجينية الأمنية وعدم إدخالها في السذاجة الطائفية التاريخية للتوازنات. أمّا مجلس الأمن المركزي في بيروت فيخترقه ماروني مدني واحد، رمزي، يمثّل مؤسسة الجيش لا أكثر، بغرض التنسيق إذا اقتضى الأمر، وهو لن يقتضي. 2 ـــ في الروم الأرثوذكس والأرمن: في المقابل، يتنازل بنو قريش ـــ قريطم المساهمون في الأخضر واليابس من بيئة بيروت وهوائها وموكيت العشب اللمّيع والنخل المغذّى على مداخل سوليدير ومفاصلها بسهميها A وb، عن مجلس الإنماء والإعمار وشركة «مبروك ما أوجيه» 83 و«أوجيرو» لاحقاً للاتصالات المتفرعّة من مشروع سوليدير الكبرى، وذلك لمصلحة غساسنة بيزنطيا الأم وسائر المشرق ومهاجري الأرمن، والأولويّة لحلب وكَسَبْ واللاذقية وكيليكيا الاحتلال العثماني، بتسهيل أسعار الأسهم وتأكيد أحقيّة تملّك المذكورين لها... بغية حصر: A: إدارتها التنفيذية العامة لمشاريع كهذه مفتوحة على جروح المواطنين المتبقين ومصاريعهم، فللغساسنة والأرمن عراقة اقتصادية، رأسمالية نقّالة، واستهلاكية جوّالة وثابتة، بحسب التاريخ. كما أن لديهم حرفة مهنية عالية وفرادة في التخصص نادرة في مجتمع لبناني زراعي بدائي لولاهم. B ـــ تأكيد تملّك سوليدير النهائي والمفضّل لمجلس التعاون الخليجي بعد تمدّد حدودها حتى ولاية فارس (عصام) صعوداً في جرود عكار، بكل المخالفات الأميرية الساحلية التي ستُشَرْعَن دفعة واحدة بقرار من وزارة التخطيط والإنماء والدفاعين المدني والعسكري. أمنياً، يمثّل الروم الأرثوذكس عمومَ الأرمن في وزارة الدفاع استثنائياً، وبالتالي لا مناصب عسكرية لهم بعد اليوم. 3 ـــ في الموارنة: يستولي في المقابل بنو مارون حصريّاً على كل مراكز القيادة والقرار والتراتبية والهرميّة العسكرية وفروعها المدنية في مؤسسة الجيش بما فيه: قضاؤه، سجونه، أجهزته للاستخبار والاستشعار المبكر، فضلاً عن التخابر والتحالف المريبين. يشمل ذلك: قيادة الأركان، الألوية، الكتائب، السرايا، وحدات المغاوير الخاصة، الشرطة العسكرية، الأمن التأديبي الجديد، أمن الدولة المسيحية المحبطة منذ قديم الزمن المعاصر، حتى يتم إحباط مجمل الطوائف الأخرى بالتوازي وبحسب شعاري: «متساوون في المواطنية» و«كل مواطن خطير». ملاحظة: هذا ما سيمكّن الطائفة «المسيحية» حاكمة الظل عسكريّاً من الانقلاب ساعة تشاء على الحكومة الشرعية المنتخبة لاحقاً كلّما رأت أن العروبة السنيّة اللبنانية، الإسلامية عموماً، زادت عن المحمول. (في الطوائف المتبقية، يتبع نهار الأربعاء 27\12\2006) عدد الاثنين ٢٥ كانون الأول |
لمن يهمه الأمر
لمن يهمه الأمر وكان الله يحبّ المحسنين، وكان يحبّ القرّاء منهم والمؤمنين. أما الصالحون الصيداويون «المتَعَمّتون»، فلا حول ولا قوّة. (المتعمّتون: المتزمّتون والمتعنتون في آن واحد وفي السرايا). (السرايا: السرايا الحكومية). أعزّائي القرّاء، مؤمنين وضالّين، نشرنا في عيد الميلاد الجزء الأول من مقترح الجمهورية B ـــ صفر، وكان يفترض أن ننشر المتبقي منه، نهار الأربعاء المنصرم في 27، لكنّ الأحداث تتوالى وتتزاحم، منها ما يسبق ومنها ما يطغى، لذا عذراً منكم. اليوم يوم وقفة العيد. غداً، عيد الأضحى، ومعه تقرأون المتبقي من المقترح المذكور. ويَخْلقُ اللّه ما لا تعلمونْ وقُرَيْطِمَا لا تفهمونْ. ملاحظة: غطّاسُ، مروانُ و«القحباءُ» تعرفني والشوفُ والبيكُ والمُخْتَارَةْ و الخَدَمُ! عدد الجمعة ٢٩ كانون الأول |
ملك المَهُول
ملك المَهُول إنَّ الذي أحرَقَ مكتبة بغداد، هو ونهائياً، هولاكو، ملك «المَغُول». أعزائي القرّاء، أيا أيها المؤمنون الصابرون، عفواً منكم إذا كنا اليوم أيضاً اضطررنا لاستمهالكم مرةً ثانيةً قبل نشر المتبقي من أُسُس المقترح للجمهورية -صفر B. فبعد الحديث المَهُول لـ «ملك المَهُول»، الزعيم الوطني الكبير، رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، والنائب، الوزير السابق، الاستاذ وليد بك جنبلاط الذي ظَهَرَ جَلِيّاً مساء الخميس على اللبنانيين والعرب دون الحاجة إلى شاشاتهم، ليسبق المعارضة الحالية اللبنانية ويُعايِدهم بأعيادهم المثلثة هذا العام وقد اختار التوقيت، بالساعة والدقيقة هذه المرة، لِيُمَركز ألفاظه على مسافة شبه واحدة من الأعياد الثلاث، حتى إذا ما انفجرت، تضرَرّت كلها بمن في بِكرَةِ أبيها وعهدته، بنسبة متساوية قدر الإمكان، وكافية لِسَدِّ جوعه الشديد منذ نحو الشهر على انسداد الشهية المعهودة والصيام القسري عن الوطن والثورة! بعد الذي سمعناه أعزائي، رأينا من المناسب مراجعة المتبقي من الدراسة-المقترَح، خاصة أنه يتناول الطائفتين (ويا للمصادفة) الشيعية والدرزية. فقد إرتأى السيد الوليد أن يعترف، مساء الخميس، لمناسبة الأعياد المجيدة منها والمباركة، بالحقيقة الكـــــــــــــــاملة! ودفعة واحدة. وهي كيفما فُهِمَت أو وقعت، تضع هاتين الطائفتين بشكل مباغت على ارتفاعٍ من التوتر المُبدع الخَلاّق والمجهول، طبعاً. إنَّ مجموع الصفات الثلاث الآنفة الذكر يُكَنَّى بالـ: مَهُول. ولماذا فَعَل؟ الله العليم. يَصعُب عادةً على وليد بك، أن يُنَكِّدَ الأعياد أو المناسبات الأساسية، أحدٌ غيره. كمثل قوى 8 آذار، أو الجنرال عون، أو حتى الرئيس السنيورة أو النائب فريد مكاري، استغفر الله! من هم هؤلاء؟ سليمان بك يُهَدِّد بتسكير الطريق إلى المطار، ربما، فَيَرد عليه السنيورة بتسكير طريق الناعمة بكل تأكيد. يحصل كل ذلك ووليد بك يَتَفَرَّج؟ هذه من النتائج الحزينة للانقلاب السوري الإيراني الحاصل اليوم (أو أنَّه حصل، لست أدري ما الفرق، مع أنَّ الانقلاب عادةً غني عن التعريف ولا مكان معه للمقابلات التلفزيونية). إنها نتائج بائسة، شديدة البؤس، عودة إلى الوراء. جنبلاط يريد أن يعيش، ويريد للشعب أن يعيش من ورائه أيضاً، وقد طلب منه أن يلصق ذلك على كل شيء أو مكان، إنه لا يتعاطى مع ثقافة الموت لأنها مُحَنَّطة، عسكرية، خشبية، توتاليتارية، يا بهية! لكن الحق يُقال، بل يجب أن يُقال، لذا ظَهَرَ الوليد مساء الخميس وقامَ بالواجب. لقد وَفَّرَ عن الشهود والمشبوهين والمحققين وأهالي الضحايا والمواطنين والمحكمة الدولية الوقت الثمين الذي أُضيعَ حتى الآن لإقرارها: إنَّ «حزب الله» ضالع أيضاً في الاغتيالات التي هَزَّت الوطن. نعم. أمّا هولاكو فهو قد أحرق مكتبة بغداد فقط ولا علاقة له لا بالميتسوبيتشي ولا بالضباط الأربعة. أعزائي، ولهذه الوقائع الحديثة جداً، لا ضَرَرَ من مراجعة مشروع الجمهورية وإجراء بعض التعديل. إلى اللقاء يوم الأربعاء 3/1/2007 *** - بما أنَّ الطريقة الوحيدة والأضمن لـ: ألاّ تموت، هي، حصراً، ألاّ تُخلَق، حاولْ وبهدوء، أن تتفهم ما يعني أن تكون: عَلِقتَ. خذ وقتك وأنت تحاول، تجد نفسك شارفتَ على النهاية. - نهاية ماذا؟ - نهاية الولادة أو الوفاة، لا فرق. عدد السبت ٣٠ كانون الأول |
الجمهورية B ـ صفر
الجمهورية B ـ صفر في الدروز: سيكون للدروز أخيراً، في الجمهورية المقبلة، موقعٌ لا يقاسمهم أو يشاركهم فيه أحد. والحمد لله. سيكون لهم ولاية في المكان والزمان أيضاً. ولله الحمد. ولاية في الحياة الأولى ما بعدها في التقمّص. لن يضطر الدروز بعد اليوم، للتعاطي أو الاختلاط بأيّ ملّة أخرى، حتى ولو محمّديّة. فقد عاشوا الجمهوريات السابقة وشافوا، سيكونون في موقعٍ يحسدون عليه، موقعٍ واضحٍ نضرٍ نقيّ لأنه عالٍ عن سطح البحر، هذا البحر الأبيض المتوسط الملوّث الغارق في نفسه أولاً، أما بعد ففي جشع وعهر الطوائف اللبنانية اللادرزية. هذا البحر المتوسط الملوّث بالمال الحرام، هذا البحر الأبيض الذي لا بياض فيه إلاّ في المصارف. سيتفرّج الدروز من جبلهم على تيك الطوائف وهي تدور بعضها حول بعض تتناتش ليلاً بقايا المشترك بينها في بيروت، هناك، في مربع سوليدير الكبرى، الهرمة والشمطاء العاهرة والقحباء، سيتأملون في بيروت فاسقةٍ كآخر أيام بابل، بحسب التوراة، برجٍ لبابلَ في الألفيّة الثالثة، يدور فيه «الدولار» اللبنانيّ اليائس، ممزوجاً بالتينر والفيول. وذلك حول مجمّعاتٍ للدعارة الخلاسية الجماعية. سيشهدون من عنفوانهم والعلياء، على أبراج «بابل الكبرى الإدارية» وهي تكاد تنهار بلوطييها العلمانيين ومن تلبّد السحاق واللحاق والغلمان والهيرويين. بابل يصعب فيها التمييز بين المواطنين والمجنّسين، بين السياح المثاليين والمتملّكين. فالكل هناك، من بني قريش وأهل الجزيرة العربية إلى الغساسنة والحمامصة والحلبيين الموارنة والعلويين اللبنانيين. من البلقان الأرمن إلى السريان واللاتين، من الفرس وبني مَتْوَلْ، إلى الإماراتيين والعُرْب، إلى الكلدان والآشوريين، من بني يهودا وفلسطين إلى مهاجري الفراعنة حتى بني الحبشة وصولاً إلى الفلبينْ، الكل هناك إلاّ هُمُ، والعقلُ والدينْ. سيحتضن بنو معروف في جبلهم الشامخ، إلى جانب العقل والدين، الحكمة، التي بها سيحكمون أنفسهم. ستكون مشيخة العقل، لبَّ المجتمع الروحيّ الدنيويّ، المؤمن بالطبيعة والإنسان. وسينشأ إلى جانب المشيخة، ديوانٌ للحكماءِ والعقلاءْ، يحكمُ بالزّهدِ، بالتأمّل وبطول الروحْ. ينسّق أمور الولاية عند الضرورة مع مجلس النواب الساحليّ اللبنانيّ في الأحداث المصيرية والكوارث الطبيعية. كمثلِ مؤامرة التوطين إن استجدّت، أو كالصراع المسلّح المحتمل بين قوات اليونيفيل الدولية من الليطاني إلى العاصي، هذا إذا توسّع، أو كالأعاصير أو الزلازل، ما عدا ذلك لن يكون للمواطن الدرزيّ أيّ حاجة لمغادرة الجبل نزولاً سوى نزواته الشخصية، والدنيويّ السيّئ منها بالتحديد. كما أنه لن يكون للغير مكانٌ في الجبل الدرزيّ، وهذا ما سيميّزه ويريحه. سيكون نظام الجبل هذا: حكمُ «الإقطاع الشرعي»، لكن الوطني، ذو وجه اشتراكي، ربما دولي. نظامٌ ترْبى في عزّه، فئتان أساسيتان: إقطاعيو الاشتراكية والارسلانية من جهة، وعامّة الشعب والمشايخ، هكذا وبكل خفر وبساطة. بذلك سيكون الدروز الأكثر هناءً ورخاءً، سيكونون الأعلى صفاءً وعداءً. فهم لن يرضوا بعد اليوم أن يعكّر صوتَ صنوبرةٍ مشركٌ باسم «اللُّحمة» أو «الألفة»، لن يسمحوا بعد الذي عانوه من تحالفات مؤسفة، أن يطأ ترابَهم تائهٌ باسم التحالف الرباعي ولا حتى الثنائيّ، كما سيُحرَّم لفظ كلمة «بريستول». سيتشدّد الدروز في احتمال الاختلاط المجاني تحت شعاراتٍ واهيةٍ كالعدو الصهيوني المشترك، فمن أهم ميّزات ولايتهم، أن إسرائيل لن تفكّر في ضربها أو حصارها يوماً، فهي تاريخياً لم تفعل، وإن فعلت، جزئياً، فبسبب لبنانيين آخرين، غير دروز، غرّروا بأهل الحكمة في الجبل وجرّوهم إلى معارك طواحين وهمية وانتصاراتٍ، كالمسمّاة: إلهية. هم بالتالي سيفكرّون ملياً في جدوى بناء جيش نظاميّ، والأرجح ألاّ يفعلوا، فالكثير من إقطاعييهم البارزين يكرهون العسكر ونظامه والأجهزة واستعادة قصر بيت الدين من قبل الدولة البوليسية والتجنيد الإجباري. لكنهم سيكونون بالمقابل، وبالمرصاد لمحيطهم، خاصةً لبني مارونا، وقد سيطروا على مؤسسة الجيش اللبناني، (كما ورد سابقاً)، واختلوا بقراراته لأنفسهم. وقد أثبت الدروز في التاريخ الماضي، أنهم لا يحبون المزح مع الموارنة، والشعور متبادل. فمنذ العام 1860 مروراً بمعارك بحمدون مع الميليشيات المسيحية أوائل الثمانينيات حتى تحالفات الغدر والقهر أوائل الألفية الثالثة، تحت شعارات: حريري!، حريّة سيادة استقلال!، كل ذلك غصباً، مع قوات سمير وبشير ومريم وجميع القدّيسين، في ساحة للحريّة وثورةٍ للأرز في آذار الغدّار. لقد غُدِرَ الدروزُ حقاً، ومن أقرب الأقربين، وسيكون لشهر آذار في الجبل طقوسٌ صوفيّة خاصّة لا مكان فيها لا للثمانية ولا للأربعطعش، ذكرى للتحرّر من الذات الجماعية اللبنانية ومن جمهورية الـ43 البائدة، سيواجهون حلفاء الماضي الماكرين بالصبر والتأمّل، سيواجهون لغة الضاد بلغة القاف وسينتحون عن الوطن ـــ الحلم إلى الجبل ـــ الأم ويستبدلون الأرزة الذابلة بالصنوبر الأخضر! ستكون ولايةً نباتيّة بامتياز، طبيعية، ولايةً مدنيةً زراعية، إذ لا عسكر فيها، لا قمع فيها إلاّ قمع الذات للذات. ولايةٌ غنيةٌ بالنحل والطيور فلا تلوّث فيها ولا فنادق، لا حاجة فيها لمشتقات النفط، فهي تعيش على الطاقة الشمسية ومشاتل أكرم شهيّب، ولايةٌ يُمنع فيها العسل المغشوش والزيت المغشوش والتفاح المرشوشْ، وطنٌ صغيرٌ يُسلقُ فيه كلّ شيء إلاّ القرارات، حتى يتطهّرْ... أعزائي، إن هذا المستقبل الزاهر، الواعد، لن يتمّ، لسوء الحظ، إلاّ بعد الإقدام على خطوة تاريخية كبيرة بكبر الآمال المعلّقة على هذه الولاية، ألا وهي: 1 ـــ إخلاء المتن الجنوبي من غير الدروز، مدنيين وعسكريين، بالقوّة أو بالتوافق. 2 ـــ إعادة تهجير المهجرين العائدين من حيث أتوا، بالمحبة والإيمان، ولمرة واحدة ونهائية، لا تهجير بعدها. 3 ـــ بناءً عليه، إقفال مكتب الصندوق المركزي للمهجرين في الصنائع وفي الظريف، ذلك بعد إلغاء الحقيبة الوزارية ــ العبء، المختصة. (يتبع يوم الجمعة 5\1\2007: في الشيعة) عدد الاربعاء ٣ كانون الثاني ٢٠٠٧ |
الجمهورية B ـ صفر
الجمهورية B ـ صفر في الشيعة (1): سيصبح استمرار الشيعة في الجمهورية العتيدة، على خِصالها المَطلبية الكربلائية الحُسينية، ستُصبحُ انتفاضاتهم الدَوريّة للإنصافِ لا الإجحاف، للتحرر والعدل أو ما يُعادِلها، سَتَغدو أعراضهم المستفحلة في الغبن المزمن والحرمان المتأَصِّل المُعَتَّق، عَقَبَةً أساسيةً جسيمةً في التعاطي مع الطوائف الأخرى. سيكون الوجود الشيعي بنموّه المخيف، شرعاً لا يجوز. وسَيَنْبَري أئِّمَتهم للدعوة المُلِحَة الاستثنائية إلى التسليم بالحسنى. سيكون على الشيعة أن يقرروا إن هم سيتزايدون أم سَيفطَمونَ النَسل! فالوطن الصغير المُخضَرّ، هلعاً، لم يَعُد يحتمل. أي لم يَعُد يحتمل الشيعة، عفواً. فكيف بالمزيد منهم، على حسناتهم وعلى جهادهم المقدس المشكور المرفوض. سيكون على الشيعة أن يُوَحِّدوا الله. أمَّا بنعمة ربهم فَيُحَدثون. سوف يُضطرون لإعلان ولائهم اليومي لـ«لبنان أولاً» أمَّا سوريا فثانياً. وسيوافقون على التهميش والقهر وخاصة الاستضعاف، سيعترفون بالاستعباد كأحد المظاهر الطبيعية للمجتمعات المتعددة حيث تخاف الأقليات. وأن تعدادهم يُحَتِّم عليهم، العوز والفقر المُدقع فهذه «سُنَّة الحياة»، كما هي سُنَّة رئاستي الجمهورية عليهم والحكومة. سَيُطلبُ إليهم أن يُشهروا إسلامهم مرةً ثانية أمام المجلس الدستوري ويَتَشَكّوا لديه إن شاؤوا. سيكونون حكماً وأصلاً، السواد الأعظم، الأكثرية دوماً، لكن مُستغَلَّةً بحسب أصول الصراع البديهي في المجتمعات المنتجة. سيدركون بوعيهم المتنامي الطليعي، أنَّه لا مَفَرَّ على المدى البعيد، من إبادتهم إن أرادت الطوائف الأخرى أن تستكين. لكن العقد الاجتماعي بينها جمعاء ومسوّدة التعايش الجديد، تحظر التفرقة العنصرية و«معاداة السامية الحسينية»، والتسليم بوجودهم مبدئياً لا إبادتهم. سيشكلون القاعدة في كل مكان، فهم أربابها. القاعدة في الجيش، وفي المجتمع، فهم العسكريون والرتباء، الأنفار والجنود، بالتالي سينفذون ثم يعترضون وهم لن يعترضوا، فقرارات القيادة المارونية، على كل المستويات في الجيش، ستكون وطنية ضد السُنِّة في الحكم، وهذا ما يُثلِج عموماً قلوب الشيعة الطيبين، ويُخَفِّف، حتى ولو على التلفزيون، من حقوقهم المهدورة. سيستوعبون أنَّ الإمام علي (رضي الله عنه) لم يَعنِ بهِدايَتِهِ والحديث، اللبنانيين منهم بالتخصيص، وبالتالي فَلَن يُوَلَّى عليهم كما يَكونون. أو أنه سيولّى عليهم «مهما» يكونون، و«مِش تَحتَ» أمرِهم لله، وإنهم إليه لراجعون. سيجمع الشيعة في أنينهم، الأبرياء والنساء والطفالى، العجزة والمعوزين، سيكونون الدفاع المدني و«الأهالي». سيكونون «مؤسسة عامل» والكورس والحضور، الشهداء والمُشَيِّعين، سيكونون النعش الذي يُدَقُّ فيه الإسفين، سنكون نحن الرغيف وهم الطحين. دستورياً، ستترك للشيعة رئاسة المجلس النيابي المُعَيَّن لا المُنتَخَب. وذلك، بشخص قائدها الأسطوري الأستاذ نبيه بري، فلا رئيس إلّا هو. فهو الضمانة المقدسة الوحيدة لغيرهم من المسلمين وإخوانهم المسيحيين. سيحتفظون بجبل عامل كأساس ويكون لهم نفوذ محدود على ساحة النبطية وسُوقها لِلّحوم والخضار ، كما على الجزء الجنوبي من شاطئ صور المواجه دوماً لإسرائيل. أمَّا صيدا والإقليم فبِرَبِّكَ لا تُحَدِّث. ملاحظة: عزيزي القارئ، حتى للمقالة هذه عن الشيعة، تابعٌ. فهذا تأكيدٌ آخر على أنَّ تعدادهم أصبح مشكلة تمثيلية جذرية. فما العمل؟ عدد الجمعة كانون الثاني ٢٠٠٧ |
الجمهورية B ـ صفر
الجمهورية B ـ صفر في الشيعة (2): خارج رئاسة المجلس النيابي، ستكون للشيعة دوماً، وزارة للمغتربين يضاف إليها الأغراب. يترأس وزيرها لجنةً مستحدثةً اسمها: لجنة الهجرة والتوازن النيابية. يتقاسم اللجنة هذه الشيعة وأعداؤهم الموارنة جنباً إلى جنب. تنظّم اللجنة إلى جانب هجرة المواطنين من الطائفتين، العلاقة الساخنة الدقيقة بينهم داخل مؤسسة الجيش الحكيم. فالموارنة هُمُ الضبّاط من رأس الهرم إلى قاعدته، أما الشيعة فهُمُ العناصر، مع انعدام تدريجي شبه كامل للموارنة الجنود. فهم أولاً، لا يحبّذون دوراً كهذا (كما في سوكلين وسوق الخضار، كالحرف اليدوية والوظائف الدنيا، والزراعة على عمومها). ثانياً، فهم إما ضباط، أرباب عمل، مهن حرة، لوتو، مصارف، تيكوتاك، «فكّر، تشاطر واربح»، وإما محبطون فمهاجرون وإلى الأبد هذه المرة. لا عودة، لا على عيد الميلاد ولا أيام مهرجانات الصيف السياحية. فالشيعة بالتالي، سيجتاحون الجيش، وفي ذلك خطورة دائمة مستجدّة تتمثّل بإمكانية انقلاب الشيعة داخل مؤسسة الجيش على القيادة، كحالة انقلابية موازية معرقلة لانقلاب الجيش الدوري كمؤسسة على السلطة المدنية السنّية المتمثلة برئاستي الجمهورية والحكومة. (راجع الجمهورية B ـــ صفر في السنّة والموارنة). يبرز هنا دور لجنة الهجرة والتوازن النيابية المركزي، التي ستقرر دورياً نسبة المواطنين الشيعة المطلوب منهم «مهاجرة الوطن» لضبط التوازن الطائفي ديموغرافياً وحضارياً، فلبنان سيبقى قائماً على التعدّد. سترسل الدولةُ الشيعةَ معزّزين مكرّمين إلى مراجعهم الدينية في المحيط العربي والفارسي القريب، منها ضاحية «ريف دمشق» الجنوبية ومقام «ستّنا زينب» في سوريا، مدينة بندر عباس، مدينة الشيخ بهاء الدين العاملي، أو إلى شيراز الخضراء في إيران، أو في أسوأ الأحوال إلى ضاحية المنامة الجنوبية في البحرين الشقيقة. أما الراغبون من الشيعة في البقاء، ولو في أحلك الظروف، فسيكونون ملزمين بتعبئة استمارة «الظرف الحالك» والتوقيع عليها. وتشمل: الاستضعاف والاستلشاق والاستغلال والاستقلال عنهم، والاستعباد والاستبعاد التي بموجبها يُنقلون إلى مخيّماتهم اللبنانية المستحدثة والتابعة لقراهم المحبّبة: مخيم ـــ بنت جبيل\ مخيم الخيام البطولي\ مخيم صور اللبناني\ مخيم صيدا القديمة للشيعة\ مخيم الإمام ـــ الشياح\ مخيم القلعة ـــ بعلبك\ مخيم السيد حسن ـــ القماطية، إلخ... وترعى أمورهم بالتالي وكالة غوث اللاجئين إلى الأبد بالإضافة إلى مساعدات الشيعة الميسورين المقيمين في قراهم لصندوق «المهدي المنتظر» الذي ترعاه «مؤسسة الغوث الجعفري الممتاز». أما أمن مخيماتهم، وحمايتهم من غدر إسرائيل، فبعهدة الأمن الوقائي الفلسطيني العميل، تسانده وحدات من «الصاعقة والرفض» سورياً. أما لبنانياً، فسرايا الأقصى التابعة للجيش اللبناني الحكيم. ملاحظة ـــ 1: يستثنى أمن مخيم العاقورة الصيفي، فهو من اختصاص وحدات فرسان مالطا الجدد. ملاحظة ــ 2: يدير حزب الله مزارع شبعا، تلال العرقوب، القرى السبع، وباقي المستعمرات الإسرائيلية الشمالية المحررة في حينه. (الحلقة الأخيرة ـــ أقليات وملاحظات نهار الأربعاء) عدد الاثنين ٨ كانون الثاني |
الجمهورية B ـ صفر
الجمهورية B ـ صفر في الأقليات (1): كانت الأقليّات أينما ظهرت في الجغرافيا، وعلى مرّ التاريخ، عَثَرةً في وجهه. خلقها الله عزّ وجلّ بلا شكّ كما خلق الأكثريات فهو ربّ العالمين. لكنّه، تقدّس اسمُه، ربما خلقها في لحظة شائكة من تشكّل الكون، عصيبةٍ في أبسط تقدير، استغفر الله. فرغم الكفّة الراجحة طبيعياً و انتروبو - اجتماعياً للأكثرية، تجد الأقليّات دوماً، سبحان الله، سبيلاً لتُطلّ على المجتمع الشامل وتتحشم عليه بمجموعة من الخصوصيات والمخاوف والمعتقدات طبعاً، ولا تكتفي بل تُمعن في التذكير بالمطالب والضمانات وبحقّ التميّز بأعراف وتقاليد لها هي دون سواها، لم يسألها أساساً أحدٌ عنها. كما لا يكون، ولا مرّة، في حياة البشرية الوقت مناسباً. لها تقاليد وأنماط عيش إن عددتها تفوق الأقلية نفسها عددا في غالب الأحيان، فما العمل؟ خاصة في بلد يهاجر وينقص جميع ابنائه على عدد الدقائق، والأقليّة أول الناقصين وتقاليدهم باقية! لماذا تحشر أقليّة نفسها داخل أكثرية جليلة متجانسة دينياً وقد مرّت وتمرّ في شدائد طائفية مع أكثرية ثانية جليلة، وها قد اتفقتا بالكاد، على صيغةٍ ركيكةٍ للتعايش بعد دهور ؟ ماذا تفعل أقليّة بين أكثريتَين باركهما الله وقد زادت عليهما ثالثة ورابعة لا سمح الله؟ إنها، أي الأقليّات، (فكلّها مجموعةً تظلّ أقليّة للأسف، والجمع حتى لا يُغنيها)، إنها خُلقت هنا لتنكيد المسار التلقائي للأكثرية الهادئة بتجانسها. هادئة كانت ام هائجة، يضبط الأكثرية تجانسها. فهي «مونو - دينية» أي احادية المعتقد، وهذا من فضل ربّي. هكذا هم، يؤمنون باله واحد آمن ضابط الكلّ وقد ألغى رخص السلاح جميعها فهم منصرفون يومياً على قدم وساق بلا كلل ولا ملل ليوحّدوه! إن تقاطر «أعراقٍ» كالسريان والكلدان والأشوريين والكاثوليك والبروتستانت واللاتين والأقباط (ما أكثرهم) والعلويين، على مرّ التاريخ على «الأصقاع اللبنانية المتحدة»، كان غلطة جسيمة وتاريخية. تاريخياً وجغرافياً. ماذا أتوا يفعلون هنا يا ربّي؟ ماذا جلب لهم لبنان وماذا جنوا؟ انظر يا مخايل: لا شيئ سوى القهر والغبن، إنه التهميش والشحار. إنهم يذكّرونني بالشيعة أجل والله! فمنذ الاستقلال لم يحصّلوا حقّاً الّا فرعون وشركاه، علماً أنه بنى نفسه بنفسه. حتى مؤتمر الطائف بعد حوالي 46 عاماً لم يُنصفهم مع أنه حاول بخجل أن يميّز الكاثوليك مثلاً، لكن بما لا يُذكر. فرئاسة جهاز أمن الدولة وبالعرف، لا تُغني ولا تُسمن من جوع، ولا رئاسة المجلس الاقتصادي الاجتماعي، الذي لا يعرف مواطن واحد ما هو ولا أين أو لمن أو لماذا. إن الحركة الاجتماعية للمطران غريغوار حدّاد الكاثوليكي، غير المرضي عنه كاثوليكيا، معروفة ومنتشرة أكثر من المنصبَين المذكورَين. ربما شعرت الطوائف البلدية اللبنانية بالخلفية الحضارية العالمية للكاثوليك، فحاولت التعبير لهم عن احترام ما، ولو لم يترجم بمناصب حساسة. تقدير روحيّ بالاجمال، وجداني، فالكاثوليك في النهاية الطائفة المسيحية الأولى الأكبر والأوسع انتشارا في العالم، وبنجاح منقطع النظير لذا نجد أنّ لها حاضرة في الفاتيكان، وهي ليست داراً للمطرانية، انها دولة قائمة بذاتها، واسمها شرعاً دولة الفاتيكان. إن الكاثوليك يا مخايل، هم أبناء سيّدنا المسيح (س/ص) بحسب انجيل العهد الجديد في العالم كلّه. وصحيح أنّ بنديكتوس السادس ليس مارونياً، لكنه تلميذ من تلامذة المسيح وغير مسلم على الاطلاق. كاثوليكي صحيح لكنه مسيحي، حتى لو لم يلتق الموارنة والأرثوذكس يوما على شيئ الا المضض من ذلك. لذا كان الالتفات نحو الكاثوليك في لبنان (وليس كلّهم) فيه من السياسة والاستعمار والمصالح أكثر ما فيه من الدين عموماً أما التعايش فالعياذ بالله. لكن للالتفات كما للصبر حدود. والجمهورية B -صفر القادمة، واضحة المعالم، قاطعة عقائدياً. فقد نضجت نتيجة صراعات طائفية لامتناهية، فالموارنة عن المسيحيين كما السنّة عن المحمّديين، لن يتساهلوا لا مع أكثرية ولا مع بطّيخ! فكيف بأقليّة، مع حفظ المعتقدات والألقاب. يتبع غداً فلم ينته كما وعدناكم. عدد الخميس ١١ كانون الثاني |
الجمهورية B ـ صفر
الجمهورية B ـ صفر في الأقليات (2): إن مصير الأقليّات، والكاثوليك على رأسهم (ديمقراطياً ودون توافق) اسود مئة في المئة. إنّه من لون الفحم أو الزفت بشكل أضمن. لن يكون لهم مقعد حتى في حكومة موسّعة الى المئة وزير! وما درجت عليه العهود والوعود تاريخياً حتى اليوم، ساقط الى غير رجعة، وقد حصل على الجنسية الكندية. فعندما يتخلّى الموارنة عن رئاسة الجمهورية لمصلحة السُنّة، كيف، يتساهلون بعدها بالحقائب الوزارية؟ هل ترك الموارنة مؤسسة الأمن الداخلي برمّتها للمحمّديين ليعودوا ويتفرّجوا على نوّابٍ او لا سمح الله وزراء «لاتين» او بروتستانت يحتفظون بحقائب؟ وذلك تحت حجج واهية ك «أقليّات» او «توازن» او بطّيخ؟ معاذ الله والله واحد فليتدبّروا ويبلّغوا الكلدان والسريان والعلويين إن كان لهم «محكى» معهم. لن يرى الكاثوليك وزيرا للدولة بعد اليوم، على عمومية مهمّاته وغموضها. فالتخطيط للمستقبل الكاثوليكي ضرورة داهمة فلا هم سيرضون بالانتماء الى الجيش طبعاً، قيادة كاملة للموارنة وقاعدة مبكّلة للشيعة، هذا وحده كافٍ فهو كابوس وليس حقيقة. هذا سيذوّب هويتهم المتآكلة نهائياً في هذا البلد الأغرّ الغادر. هنا يبرز دور الحضانة الكبير لدولة الفاتيكان. وهي، على فكرة، لها مرجعية رسمية في الدولة اللبنانية عبر سفيرها البابويّ. نعم، فسيشرف مكتب حديث لروما الأمّ على الهجرة الحضارية للكاثوليك. مكتب مرتبط بالAlitalia وطيران الشرق الأوسط، ينظّم الرحلات شهرياً كرحلات الحج الموسمية إنما بشكل أكثر استقراراً لهم وذلك خارج الوطن. ستعدّ لهم إدارة الفاتيكان للأمور الدنيوية الرعوية، عددا كبيرا من «الصوامع المفروشة» لشخصين وما فوق، صوامع مدفّأة للعائلات الكاثوليكية المغادرة، مع واحات رخامية رحبة بين تيك الصومعات للتأمل والاتحاد بالله بعد الطعام وفي ساعات الصباح المقدّس الباكر. سيكون لبنيديكتوس السادس كلمة مواساة وترحيب حيّة، ثلاث مرّات اسبوعياً، من على مدرج مطار روما للوافدين من لبنان الى ديارهم الروحية الأولى. ستسهّل حاضرة الفاتيكان شؤون توظيفهم او إيوائهم ك «لاجئي حضارات» في جميع دول أوروبا الغربية. تُستثنى منها طبعاً، دولها الشرقية سابقاً فمعظمها للروم الأرثوذكس غير المتعاونين لحقدهم الدفين عليهم وعلى الذي خلّفهم فهم لا يعترفون لا ببابا ولا بماما فكيف بكاثوليك لبنانيين؟! سيتبنّاهم الفاتيكان كونهم أوّل من دفع ثمن «صراع الحضارات» الذي يبشّر به البابا كي نتلافاه كما فعل قداسته على سبيل المثال وما زال يفسّر وينقّب عن انواع الاعتذار الناتج منه. سيحمل قضيّتهم، فهم مثال صارخ على «غدر» أمّة محمّد (ص) «محمّد السفّاح»، «قاطع الطرق»* استغفر الله. الذي لن ينجح الاعتذار بإذنه تعالى. انهم ضحايا تواطؤ المحمّديين اللبنانيين مع بني مارون وديك الجنّ الحمصي* تحت عناوين مشبوهة كالتعايش واللحمة الجديدَين، تواطؤ للاستئثار بالسلطات جمعاء ولنبذ جميع الآخرين خاصة الأقليّات. حتى الدروز، حلفاء الأمس، لم ينجوا من مخططاتهم الجهنميّة فلا قِدَم المعشر ولا الخبز والملح شفعت بهم. لا حرب الجبل القديمة والمصالحات الطيبة وذكريات الصندوق المركزي للمهجّرين البشعة اللذيذة تفيد. ما العمل؟ هذه حال الأوطان الفريدة، أوطان الصيَغ النموذجية، وعليه سيطلب يوماً وليد بك جنبلاط من الكاثوليك، تأكيداً على الوفاء التاريخي الدرزي - الماروني أي المسيحي، لسوء حظّ الكاثوليك ورغم سوء حظّهم، تسليمه «دير المخلّص» كذكرى طيّبة لحسن الجوار والتآخي. فالدير تاريخي ويقع، كما خلقه الله، في أحضان الطبيعة الشوفية. إنّ وليد بك جنبلاط خير من حافظ عليه وله تاريخ في ذلك. فهو يحبّ مآثر الكاثوليك وآثارهم وآثار الجميع بدون تمييز. يتبع مع : ملاحظات. *راجع محاضرة البابا التي أثارت لغطاً *من الشعراء الصعاليك عدد الجمعة ١٢ كانون الثاني |
الجمهورية B ـ صفر
الجمهورية B ـ صفر في الأقليات (3): لقد تَمَّ، في المقال السابق بعنوان الأقليات (2)، التركيز على الكاثوليك من بين الأقليات الأخرى في لبنان، لكونها الأقلية الأكبر، خاصة إذا أضفنا "اللاتين" عليها. وقد أشرنا إلى ذلك في حينه، فليس فيه أبداً إمعانٌ في الإجحاف أو التجاهل الإضافي بحق هذه الأقليات. بالعكس، فإن مستوى التأزم الشديد الذي وصلت إليه البلاد، وتوقفت شبه كلياً عنده، لا ناقة للأقليات فيه ولا جَمَل، فقد اصطادتها الطوائف العظمى الجارفة في أول رحلة صيدٍ مشتركة لها، وجعلت الأقليات دوماً، أول المعانين وآخر الشافين. في إمكان البروتستانت مثلاً أو الانجيليين ألاّ يُعَوِّلوا كثيراً على مناصب حالية ولا مستقبلية، وأن يتفاخروا في المقابل بأنِّهم يديرون العالم بأسره في هذا العقد من الزمن ضمن حالةٍ مستعصيةٍ من الدفاع عن النفس الأنجلوساكسونية. وهم أبرياء من دماء كل هذه "العربان" وبني عبس وأهل الجزيرة والصِدِّيقين. لا بل أن القوى الأمنية في لبنان وعلى مر سِني الحرب والسلم الأعور كانت دوماً ترعى أمنهم رعايةً خاصةً. إنَّ مؤسساتهم متعددة العناوين ومراكزهم "الروحانية-التنظيمية" لا بل التبشيرية، كانت على الدوام مُطَوَقةً من قبل القوات السورية قبل غيرها لتعيش بأمان وهدوء. فلا يَتَصَرَفَنَّ إمرؤٌ، صَدق أنهم "قوى الشر المطلق" على هذا الأساس. إنَّ معظمهم يعيش في "ولاية متحدة"، جغرافياً في رأس بيروت، إدارياً في شمال الأطلسي. هم هادئون وديمقراطيون مع أن معظمهم جمهوري، وقد صَوَّتوا لبوش من هنا! أمّا السريان فمُهمَلون، لا بل مجهولون وقد دَرَجوا على الإندماج بأحياء وأوكار الموارنة كونهم نافذين ولو محبطين. فلبنان لهم ونصف قداسهم اليومي بالسريانية. إن لغة السر المقدس بين المؤمنين وربهم، سريانية. حتى أطفال الموارنة لا يفهمونها قبل أن يبلغوا فينضجوا لاستقبال الرب الواحد. إنَّ من يشعر بالغربة الفعلية، هم الكلدان والأشوريون، فغالبية اللبنانيين لا يعلمون أنهم معهم في الوطن، إنهم غرباء متروكون مجهولو التقاليد، واللبناني الفَطِن عدو ما يجهله طبعاً. وقد تعاطى الكلدان والأشوريون مع مؤتمر الطائف على أنه مهرجان صيفي لبناني احتفالاً بانتهاء التقاتل المسيحي-المسيحي، لا "تومبولا" ولا جوائز للأقليات. سَيُخَيَّرُ هؤلاء بين أن يكونوا "روّاد الرافدين" في الشرق الأوسط الجديد، او أن يُعيدوا الإنتماء إلى حزب البعث العربي الاشتراكي المحظور والمغامرة بالانتهاء أمّا في "أبو غريب" وأمَّا في "غوانتانامو"، لعنة الله على حظهم. أمّا الأقباط، فَمَهما ساعدوا على ترحيل العمال المصريين والمنتهية إقاماتهم أو المقيمين لا شرعياً في لبنان ومهما ابتلوا بمعاصٍ واستتروا فمصر أُمُهم وأم الدنيا "وكدا كُلِّ الفلِّ وعالِ العال". العلويون بدورهم الذي سيفقدونه تماماً، سيعودون إلى بلاد الشام بحثاً عن الأمان وعن مكانهم الطبيعي، فالجو القادم مع الجمهورية B- صفر لن يكون طبيعياً أبداً. فَسيُجاهرُ بالانتماء الديني ويُسأل عنه على الحواجز العسكرية وبالتالي فإن كل بطاقات الهوية المُمَغنطة المُمَوهة للأشخاص سوف تُلغى وتُعاد. سَيُنكل بكل وافد على منطقة ما مهما تأصَّلَ فيها وتَجَذَّر. سيكون العداء لأديان الأخرين من البديهيات، من حقوقهم المدنية!! وستتجلى حينها حرية المعتقد والتعبير بأبهى ما فيها. وكُلُّ على دينه الله سيعينه. غدا: ملاحظات عدد الاثنين ١٥ كانون الثاني |
الجمهورية B ـ صفر
الجمهورية B ـ صفر ملاحظات: في الملاحظات المتبقية على الجمهورية B - صفر، وللتذكير: 1- وَرَدَ في الجزء الأول من المقترح تحت عنوان «في الأرثوذكس والأرمن»، انه رغم سيطرة الموارنة الكاملة على مؤسسة الجيش، يَحُلُّ صورياً ارثوذكسي في وزارة الدفاع ويُمَثل الأرمن دفعة واحدة. لمزيد من التوضيح، سيكون هذا الوزير: الاستاذ الياس ميشال المر. لماذا؟ هذا مقترح ونحن هكذا ارتأينا بعد تمحيص. ومن قال أصلاً أن باقي نقاط المقترح مقبولة من الجميع، كل شيء قابل للنقاش لكن ضمن مهلةٍ تحددها قيادة الجيش الحكيم الحالي قبل أن تسلم منصباً واحداً لأحد. 2- وَرَدَ تحت عنوان «في السنّة» أنَّ نائب زعيم «تيار المستقبل» الأستاذ غطاس خوري سَيُشهر إسلامه في حديقة عائشة بكار. السبب الحقيقي لهذا الإشهار هو إمكانية الترشح لرئاسة الجمهورية (فهي ستصبح للسنّة كما وَرد) بعد إنتهاء العهد الأول لرئيس الجمهورية المقبل السيد نجيب عزمي ميقاتي. إنَّ السيد غطاس خوري ورغم كل هذه التطورات الدرماتيكية، لن يَراها! 3- تحدث المُقترح «الجمهورية B- صفر» عن تبديل كبير في اعراف وترتيبات وعن تغييرات جوهرية في الكثير من المواقع والمسؤوليات وعن تخطيط شبه شامل لقطاعات ومؤسسات الدولة بطوائفها جمعاء. لكنه لم يأت إطلاقاً على ذكر القضاء اللبناني، هذا إن كان يعود إلى شيء، إنما يعود إلى ثقتنا وتسليمنا الكاملين بأن وزير العدل الحالي، الدكتور شارل رزق، هو «المرجعية» في العدل، في قصره وفي القسطاس أيضاً وسيتولّى شخصياً وبمفرده هذا الملف بكامل تشعباته. إن الدكتور شارل رزق هو عين العدالة الساهرة. 4- سَتظل عين الله على هذه الجمهورية الموعودة وسَيُعين جميع مؤمنيه بالتساوي حتى يُفني أكثرهم إيماناً الآخر. فتسود الطمأنينة عندها والعيش السليم. في مجموعة من كتاباته عن القوميات، سُئِلَ كارل ماركس عن أحداث العام 1860 بين الموارنة والدروز في بقعة من العالم إسمها جبل لبنان، تصنيفه لها وتوقعاته، فأجاب بما معناه: «إنها مذابح لا تؤثر في التاريخ، إنها صراعٌ محلي بين قبيلتين وسينتهي طبعا بإفناء أحدها للأخرى». مرة أخرى يخطئ كارل ماركس، فها إنّ القبيلتين تتمتعان بكامل العافية. لا بل إنَّ لهما طموحات مستقبلية وتصورات. ولم ولا ولن تفني إحداهُما الأخرى، بإذنه تعالى. لقد اعتمدتا الديمقراطية التوافقية والتقاتل المتبادل المتواصل دون لا غالب ولا مغلوب. فتباً للمادية التاريخية الشيوعية. إنّ مناخ لبنان المميز المعتدل أهم مناخ عَرِفَه التاريخ من أيام ماركس وأمثاله حتى اليوم. أهتف مع الشَعبِ «جَبَلنا»! إنتهى عدد الثلاثاء ١٦ كانون الثاني |
ما العمل ؟
ما العمل ؟ أخبار المجتمع: بما أن متعة الأكل تتوقف مع توقيفه، قرّر المدعو متري نحاس أن يظل يأكل. ذلك بقصد المتعة لا الأكل على الإطلاق. وبوسعي أن أقول حتى، إن الأكل لا يعني الكثير للسيد متري. لكنه يعالج المشكلة. مشكلة توقف المتعة فور توقف الأكل. وعلاجها شائك والنتيجة ليست قريبة. فللأكل علاقة بالغريزة. إن السيد متري نحاس ليس أكولاً لا عن قصد ولا بطبيعته. هل تُصدَّق هذه القصة؟ لا أظن... إني أشكّ. أنا مثلاً أعرف السيد متري، وقد رواها لي مراراً، رواها وهو يأكل. إني أحاول تصديقه لكني حتى اللحظة لم أتمكن. إني لا ولن أصدّق لا ما أسمع ولا ما أرى ولا للتوطين!!! عدد الجمعة ١٩ كانون الثاني |
ما العمل ؟
ما العمل ؟ وجدانيات: كيف يمكن امرأً أن يطالب بالحقيقة أو أن يعرفها وهو من قوى 14 آذار؟؟؟ إنها فعلاً معضلة يُدخل نفسه فيها، أي المرء. المرء والحقيقة. إنهم حتى لو سلّمتهم الحقيقة «بذاتها»، بكاملها، قادرون على تضييعها. لقد حاول دتليف ميليس بعدما أضاعوها أن يكون موضوعياً فضيّعوه هو الآخر. حتى إنه لم يعد ينوجد في الفترة الأخيرة. فقد قفل عائداً إلى ألمانيا، الموحّدة على الأقل. إن قوى 14 آذار معروفةٌ، ومنذ نشأتها، فهي غير معتادة لا الحق ولا الحقيقة، لا هذه ولا غيرها، ولا فرق! هكذا هم، هل رأيتهم؟ هذه طبيعتهم. سبحان الله. هذه مثلاً حقيقة أخرى، لا ضرورة للتحقيق فيها. عدد الجمعة ١٩ كانون الثاني |
الرأس المعطَّل
الرأس المعطَّل إلى متى سنظلّ ننتظر قمعاً ما فوق الطبيعة لنعود إلى رشدنا؟ نحن اللبنانيين يا شعب لبنان العظيم والفهيم. إلى متى سنظلّ نتسلّى بالترحّم على أيام الاحتلال التركي مرة والانتداب الفرنسي مرتين؟ وماذا سنفعل إن علمنا أن الدولتين المذكورتين لن تعيدا التجربة حتى لو مُلّكتا مال الدنيا؟ وقتها ما العمل؟ أسأل وأنا شبه متيقّنٍ ويا «للأسف المدنيّ»، أننا لن نعود إلى رشدنا إلاّ عسكرياً. سنعيد ترتيب الرشّدِ في ظلّ حالةِ طوارئ محمومة مطبقة، عنوانُها منع التجوّل. ناهيك بالأحكام العرفية «آ» والله. متى سنتخلّى عن «عين الصواب الخاطئ» التي نتشبّث بها، وكلٌّ على حدة؟ أعزائي وُجد المصعد الكهربائي لينقل الإنسان عمودياً وبسرعة أكبر وتعب أقلَّ إلى الطابق الذي يريد. فهو يوفّر عليه وعلينا، وحتى عن اللبنانيين، عناء السلالم الكثيرة دائرياً وصعوداً، كما يوفّر علينا الإرهاق الجسدي الكبير والشعور بالدوران. وقد اعتُمدَ في جميع أنحاء العالم الرأسمالي والاشتراكي حيث كان ذلك ممكناً. لا بل إنه أصبح حقاً بدائيّاً بسيطاً لجميع الناس من كل الأصناف والأعمار. حق مرافقٌ لسكناهم وعملهم، فما المشكلة؟ إن المصعد، عادة، يحلّ المشكلة. ما المشكلة؟ إن المشكلة ليست في المصعد. يدخل اللبناني من الشارع إلى الطابق الأرضي ويتّجه كباقي البشر نحو المصعد. يَشْتُم انتظاره ووصوله، سيّان. يصل المصعد فيدخله ويضغط على الزر وينتظر. المصعد لا يعمل! هل هو حظه، حظنا؟ كلا. يضغط مجدّداً ويعيد ويكثّف الضغط إلى درجةٍ تقارب مشروعاً للتكسير. شيء واحدٌ يشفع في هذه الأثناء بالمصعد وهو وجود مرآة داخله، فهو يستطيع أن ينظر من خلالها إلى نفسه بانتظار الانتظار، فهو سيطول ولا مجال فالمصعد معطّل. المصعد فاشل، وكل مصعدٍ في الأرض فاشل، حتى الاختراع مشكوكٌ في أمره. وهل كان جدودنا مخطئين وقد عاشوا وماتوا دونه؟ أعزائي، رحم الله الجدود وأطال في عمر أحفادهم والمصعد غير معطّل. إن الضغط على زر الطابق الأرضي، يُستعمل عندما يكون المرء، وحتى اللبناني، في الطوابق الأخرى. ولا يعني بشيء للمصعد أن تضغط على زر الطابق الذي أنت فيه. إنه لا يقدّم ولا يؤخّر وفي حالته لا يُنزّل ولا يُطلّع. إن إصراركم على الضغط على زر الطابق الأرضي وأنتم فيه لن يؤتى ثماره ولا الخضار ولا عصير البرتقال. إن هذا العناد وهذه العنجهية، إن هذا الجهل السحيق المرفق بعزّة نفس نادرة وقد سُحبت من التداول، إن هذه المرآة التي في المصعد والتي تزيد الإباء إباءً لن تأخذ بنا إلى مكان، لا بل إن هذا كلّه سيمكّن أيّ زائرٍ للمبنى من أن يطلب المصعد من أيّ طابقٍ يريد فيأتيه واللبناني فيه، وهو لا يزال رافضاً لأبسط القواعد والبديهيات ولا يركع! وهو لن يصعد أبداً إلى أيّ طابق لأنه موجود في الطابق الأرضيّ ويصرّ على طلبه. إنه يطلب نفسه، والمرآة هنا ليرى لا شيء سواها. قد يكون ذلك مأموناً في بناية مهجورة إلاّ من هذا اللبنانيّ، لكننا لسنا وحيدين في المبنى لسوء الحظ، وسنُطلَبُ أو نُسحَب إلى الطوابق التي يطلبها الآخرون. قد نكون محظوظين إذا كان الطابق الأرضي هو الطابق الأدنى ولا طوابق تحته. وإلاّ لكنّا سنُطلَبُ أيضاً من تحت الأرض في وقتٍ ربما نفكر فيه في الصعود إلى الطابق الأخير ونسينا. قد يطلبنا أحدهم من الطابق الثاني تحت الأرض ويغيّر فكره ويغادر لطول انتظاره، فنحن في المصعد ونضغط على الزر نفسه. فينزل بنا المصعد طابقين ونبقى هناك. عندها وعندها فقط، قد يفيد إصرارنا على كبس الطابق الأرضي، فهو في أحسن الأحوال سيعيدنا، إن شاء الله، إلى الطابق الأرضي، سيعيدنا «أرض ـــ أرض» حيث كنّا. هكذا تتميّز الشعوب وتبرز، هكذا ترتقي الأوطان ويشعّ المستقبل والرأس المعطّل. عدد الاثنين ٢٢ كانون الثاني |
القرار الأول
زياد الرحباني أعزائي القراء والجزء الأكبر منكم مواطنون لبنانيون: توجهنا إليكم على مدى أسبوعين وأكثر بمجموعة من المقالات المترابطة تحت عنوان: “الجمهورية B صفر”. يرعى الانتقال إليها “الجيش الحكيم”. وختمت في السادس عشر من كانون الثاني 2007. أعزائي، ربما كان الكثيرون ممن تابعها يعتقدون أنها أتت على سبيل الدعابة أو المزاح الصحافي العبثي، مع أنه لا مزاح في الصحافة ولا في غيرها بحسب دستورنا اللبناني والرقابة المشتقة منه. لا في موضوع الطوائف ولا في رئاسة الجمهورية ولا القضاء وطبعاً ليس في الجيش. إذاً، فكل ما كتب فيها كان اقتراحاً عجيباً، صحيح، لكنه جدي بدليل أنه نُشر. أيها المواطنون الكرام، أرجوكم تابعونا بقدر أكبر من الجدية، ان سمحتم، فجريدة “الأخبار” لم تصدر لا للمساهمة في الترفيه والتسلية العمومية الضاربين في الوطن، ولا للتنجيم والتبصير المستشريين ايضاً، ولا للنطق بإحدى الطوائف المنسية أو المقهورة. ابقوا معنا، نحن معنيون مثلكم وجديون جداً. ربما هي الجمهورية B ــ صفر، وها هو القرار الأول: منع لتجول الطوائف جمعاء والحمد لله. عشتم وعاش لبنان. |
الاحتياط واجب
الاحتياط واجب الاحتياط واجب. إنَّ الاحتياط واجب. إنَّ استدعاء الاحتياط واجب. إنَّ الجيش رُبَما يُنهَكْ وحده في استمرار الفصل بين «التعايش والايمان»، لذا فان استدعاء الاحتياط واجب. إنَّ مشاريع تدريب وتحرير ميليشيات مارونية وسنيَّة قيد الانجاز، والجيش رُبَما يُنهَكْ وحده في استمرار الفصل بين «التعايش والايمان»، لذا فان استدعاء الاحتياط واجب. إنَّ خدمة العلم من أهَّم المشاريع التي أنجزتها الدولة اللبنانية بعد مؤتمر الطائف، ...... ملاحظة: إملئ هذا الفراغ حتى جملة: ...الاحتياط واجب. واربح نفسك أولاً ومن ثمَّ ما تبقى من الوطن والمجتمع. *** أيها المواطنون، إنَّ منع التجول تاريخياً، هو تدبير طابعه الظاهري الأول، عسكري بلا شك. لكن الأيام وخبرة العديد من الحكام خاصة الحكماء منهم، وشعوبهم الحَيَّة الطامحة لغدٍ أفضل، أثبتت أن منع التجول هو نتيجة طبيعية لتفلُّت الطفل في عمر معيَّن من جميع ضوابطه ورغبته الجامحة بأن يَطْوَل ويُعَبِّرَ عن مكنونات نفسه ومشاعرها تجاه المحيط بُغيَةَ أن يُلجَمْ دونَ أن يُفطَمْ! وأن يَفهَمْ أنَّ كل هذا اللعب، على سبيل المثال، يجب أن ينتهي عند الساعة الثامنة والنصف حتى ولو كان يتضمن تعابيرَ حادّة عن حبه لأولاد الآخرين. إنَّ الساعة الثامنة والنصف مساءً هي بداية للراحة والتأمل ومن ثم الخلود إلى النوم حتى الساعة السادسة من صباح اليوم التالي. هذا في المرحلة الأولى، أمّا المراحل اللاحقة فتأتي لاحقاً. لذا تابعوا بيانات قيادة الجيش عبر وسائل الاعلام المتاحة، أنتم وأولادكم، وذلك تباعاً. إنَّ قيادة الجيش ستحرص على أن تؤمن وبفعالية البيانات والارشادات المذكورة على كل الوسائل المرئية والمسموعة والمقروءة بالتساوي والانتظام والنظام «المختصر-المرصوص». كما هي، قد تستحدث موجة خاصة لمتابعة أخبار «الهدوء الكامل» الجديد. وستكون برامجها القادمة دون أي رقيب أو رادع. لجميع الأعمار وunisex. عدد الاثنين ٢٩ كانون الثاني |
على التلفزيون
على التلفزيون (عيسى ومخايل يشاهدان مساءً أخبار المؤسسة الصبيانية للارسال. «الحكيم» يصرّح، فجأة عيسى يخفض صوت التلفاز). عيسى: آه! الآن فهمت لماذا امتدّ سجن الدكتور جعجع أحد عشر عاماً. مخايل: لماذا؟ عيسى: لأنه يعيد نهاية كل جواب من أجوبته 3 مرات. فهمت؟ مخايل: ما هذا التحليل؟ عيسى: طبعاً! هل سمعته الآن؟ لقد قال: نحن لهم بالمرصاد، نحن لهم بالمرصاد، نحن لهم بالمرصاد! مخايل: إن هذا يُقال على سبيل الصّلابة في المواقف عيسى: أدري. ها أنت قلت لي: الصّلابة في المواقف أليس كذلك؟ مخايل: نعم! عيسى: طيّب، وانا فهمت، لكني لو كنت أكلّم الحكيم لجاوبني: الصلابة في المواقف، الصلابة في المواقف، الصلابة في المواقف. مخايل: هذه طريقته يا أخي. عيسى: حسناً، وطريقته هذه ضربت فترة سجنه بثلاثة. كان محكوما بأربع سنوات ربما فصارت أربع سنوات، أربع سنوات وأربع سنوات. ولولا العفو الخاص لكان ما زال يكمل الحكم. مخايل: أها. عيسى: لا بل ان العفو قطع التحقيقات المقررة معه في منتصفها أظن. ¶ ¶ ¶ عيسى: لماذا تسمي عائلة ابنها: كريم، وهي من بيت: كريم؟ الا تفكر في ان اسمه اصبح كريم كريم؟ مخايل: بلى، هذا ما يريدون. عيسى: يريدون كريم كريم؟ لماذا؟ مخايل: لان كريم عادة لا يجيب بسهولة. لا يجيب على احد. عدد الجمعة ٢ شباط ٢٠٠٧ |
إله واحد
إله واحد لم يكن ممكناً أن يكون نصرنا كلبنانيين إلّا على قدرٍ كبيرٍ من «الإلهيّة». فكلّ استلهامات الرئيس بوش، قراراته وانتصاراته الأميركية الشخصية: إلهيّة. إلهيّة بإصراره وبدون نقاش ولا مراجعة. إلهيّة عن كل منطق تفهمه المؤسسات الحاكمة في أميركا، ومنها الجيش ثم الشعب (إذا أراد يوماً الحياة). إلهيّة ولشخصه بكل بساطة، وكأن الميزان العسكري، المريع لصالحه، لا يكفي. إن كل الاجتياحات الأميركية الحديثة المدمّرة كالخيال العلمي، لمناطق عدّة في العالم تحت عنوان «رؤى إلهيّة»، اصطَفَت بوش الإبن لإنقاذ العالم المتحضّر، كيف يُردّ عليها؟ بالصّبر والسلوان السعوديين، أو بصالونات الحوار الديمقراطي عن شرعية سلاح المقاومة، تحت القصف الإسرائيلي على مجمل جسورنا؟ او بالكاتيوشا و «وعد» حصراً؟ لقد أثبتت التجربة المكتملة للمقاومة، أن عاملاً إضافياً مركزياً يكمن في مكان آخر. عندما تصرخ قيادة الامبريالية الحالية بنا: «اللّه معنا» تجاوبها شعوب منطقتنا: «نعم لكن، اللّه أكبر». هل هذا ما تريده الولايات المتحدة؟ ربما كان «نعم» في البدايات، منذ ما يقارب الـ15 الى 20 عاماً خلت. لقد بدا وقتها على الورق والخرائط، هذا الجهاد، محدود الضّرر. أما وقد تفشّى وتبنّته شعوب لم تجتمع يوماً لا في غرف سريّة ولا خلسةً في فنادق خليجية ولا تعرف شيئاً عن مقرّات السي. آي. إي في أوروبا فقد أصبح خطراً دينياً مجنوناً، مجهول القياس. إن الولايات المتحدة تقف أمامه اليوم، تريده، تشتهيه، فهو أبهى من شافيز و كاسترو وبوتين وكوريا الشمالية والصين حتى ألمانيا، لكنه خرج عن أطواره، لذا تريد أن تتخلّص منه. تريده ولا تريده إطلاقا. كيف ينجح ذلك؟ لن ينجح. إن إحدى حسنات التاريخ أنه لا يفهم إلا بغالب ومغلوب، فهو ينتظر انتهاء الصراع ليسجّل. ¶ ¶ ¶ لدى الشيخ سعد الحريري، العديد من المواصفات الجميلة. لكن أجملها على الاطلاق: العمّة بهيّة. هذا ما يجعل إمكان الحوار معه مفتوحاً في المستقبل. في المستقبل متى أفرج عنه لبعض الوقت في سبيل هذا الحوار بالذات. إن عائلة الحريري عائلة صيداوية في النهاية. لقد أنسونا ذلك، أعلامه، أحلامه، أزلامه، وكثرة الكلام الممركز حول بيروت وزعامة بيروت و «بيروت لنا» الخ... إن بيت الحريري، من الجنوب والجنوب أطيب من بيروت. كذلك الشمال. وأما البقاع فأطيبهم. إن الشيطان الرجيم مقيم في بيروت. ونادراً ما يغادرها. لا تهمّه المربّعات الأمنية ويتجوّل دون مرافقين. فما العمل؟ أعوذ بالله منه. عدد ٥ شباط ٢٠٠٧ |
عامٌ مِسْخ
عامٌ مِسْخ كان أحد الأمثال اللبنانية العفوية الممتازة يقول: ما بيصحّ إلاّ الصحيح (لا أدري إن كان لبنانياً بالتحديد). فأبت قوى التغيير والأرز والديموقراطية، وهي تصنع تاريخنا المعاصر، إلاّ أن تعدّل في جوانبَ عدّة من الموروث والمتداول الشائع خطأً، في رأيها، ومنه التعايش بين الملل، التوازن بين السلطات، المشاركة في السلطات، العلاقة مع الجوار، العداوة لإسرائيل، إلى آخره، الذي هو أمثالنا الشعبية، فأصبح المثل المذكور الجديد: ما بيصحّ إلاّ الشهيد. طبعاً، فكل ما تقوم به «قوى 14» الجذرية ليس آنيّاً. كيف وهي جذرية. إن العام المنصرم، والحمد لله أنّه انصرم يا إخوتي، عامُ الضوء، عام العجائب المشّعة، التي تعدّت الـ7 طبعاً والـ14. فقد شوهد، على سبيل المثال، ورغم فصل تموز ـــ آب الهستيري الخيالي، سلباً وإيجاباً، شيخٌ درزيٌ في ساحة الشهداء السابقة والسابقين، شيخٌ من الأجاويد، بعدما فلقته الاشتراكية العلميّة الأمميّة، بتحالفاتها المحليّة، فصار مضطراً لمغادرة الجبل مراراً إلى هذه الساحة المشؤومة ولحفظ بعض التراتيل المارونية للتضامنات المفتوحة المتوقعة مع بعض «القوات اللبنانية للإرسال»، شوهد وقد توقف عندما أصبح القدّاس للحظة باللغة السريانية، التي يجهلها 75% من المسيحيين على الأقل، وذلك تضامناً مع شباب المستقبل للسنّة الذين يقرأون الفاتحة في الوقت نفسه على ضريح الرئيس الحريري. أوليس هذا تعايشاً جديداً مذهلاً! أهذا معقول! أليس هذا فتحاً أخوياً لبنانياً مشعّاً لا يجرؤ على الاقتراب منه علماء الذرّة إلاّ بلباسهم الخاص الكامل!؟ إنها يا إخوتي محاولة أخرى متعبة اجتماعياً، سياسياً، دينياً وحتى لاهوتياً، لإشهار التعايش أمام شبكة الـcnn التي تعبد الحريّة فوراً وعندنا دون سوانا. إن هذا واحدٌ من المشاهد التي لا يصدقها «أبو العبد»، لا والله، ولا العيتاني، ولا شاتيلا، ولا شبارو، ولا الداعوق، ولا إله إلاّ هو. إنه عامٌ مضى، ملعونٌ. إنه عامٌ مريبٌ لشدّة الشدّ بعكس التاريخ وتراث الناس «والمَرْبى»، مريبٌ لشدّة ما هو عجيب. سُنّةٌ بيروتيون من تلامذة عبد الناصر يردّدون النشيد اللبنانيّ بصعوبة ويشدّون على مخارج الحروف، يحاولون اختراع القصص عن «الحكيم» و«القوات»، نحن مَنْ ربينا في المتن الشمالي لا نعرفها بل نعرفهم. قصصٌ لن يفهمها أطفالهم الذين تربّوا على أخبار الهويّة والخطف السيئين. دروزٌ مهاجرون من الجبل يتجوّلون في سوليدير الحريّة لا يجرؤون على الابتعاد كثيراً عن باصات التحالف التي أقلّتهم حتى لا تغادر وتتركهم في بيروت. وفي الوقت نفسه شيعةٌ مضطرّون لتسميع النشيد الوطني اللبناني للحزب التقدمي الاشتراكي الذي لم يكمل بعد حفظه ليأخذوا علامةً من عشرة على لبنانيتهم بعدما نجحوا في الفارسيّة بحسب مروان حمادة، أنطوان زهرا، منصور البون والأحدب! فهذه مثلاً لجنةٌ فاحصةٌ من لجان الأكثرية «البائظة» في آخر هذا الزمان للعام 2006 اللئيم. كأنه المشهد شبه الأخير ما قبل «سدوم وعامورة» ابحثوا عنها في كتاب «التوراة»، والبحث في هذه الأثناء جارٍ عن «لوط» في المونتيفردي وعن النبي زكريا واحتمال صلات روحية له بـ«جند الشام» ـــ فرع القاعدة ـــ الرافدين وطيران الشرق الأوسط الجديد. فآخر التقارير يرجّح أن يكون لأحد أعضاء التنظيم المذكور علاقة بتعديل هيكل شاحنة الميتسوبيشي في أحد مرائب «المنشيّة» السرّي، ويبدو، رغم اعتذار براميرتس، أن في ذلك أحد أهم خيوط الجريمة ـــ الزلزال. ناهيك بأنه الخرقُ الخطير الأكبر لمربّعات حزب الله الأمنية. نجّنّا يا ربُّ وهَبْ لنَا، وخفّف عنّا «التيسنة» و«الهَبْلَنَة» وطفِّ كلّْ ما هبّْ لنَا. عدد الاربعاء ٧ شباط |
المكيّف
المكيّف إذا تعرّض يوماً ما أمير سعودي خطأً للكثير من التكييف، ظناً منه أن المكيّف أرقى وأدق من أن يصيب المرء بالزكام أو الأنفلونزا، وانتقل من حالة التكييف إلى حالة اليأس المفاجئ والقنوط، فقد يصير طريح الفراش ويُمنع عنه التكييف كلياً. ولن يعود مكيّفاً بأي شيء على الإطلاق.. فهو شديد السخونة والبرودة في آن. طبعاً، لأن حرارته قد ارتفعت إلى 39 درجة ونصف درجة. هل فكّرنا أو أحسسنا مرة معه؟ كم يصبح مجموع حرارة هذا الإنسان إذا اعتبرنا أن الحرارة في الرياض تقارب خمسين درجة مئوية؟ إن حرارة هذا الأمير تصبح بحدود 89 درجة ونصف درجة. فأنّى له أن يفكّر بشكل سليم، وكيف يُترك وحده في محيط من الآبار النفطية والمصافي. هل يجوز أن يقترب أي شيء، وليس الإنسان فقط، حرارته 89 درجة ونصف درجة من النفط؟ هذا ممنوع، والجماجم مرسومة في كل مكان. قد نفهم يا إخوتي لماذا ترك الأمراء السعوديون أمور تلك الآبار وما فيها لبلاد وشركات أبرد، فهي تتعامل مع النفط بشكل أكثر أماناً، تكرّره وتصنّعه وتصنّفه وتبيعنا ما يناسبنا منه، وما يلائم حرارة عقولنا وأجسادنا. شكله صحي عموماً، استعماري بعض الشيء، لكنه لا ينفجر عند أول هفوة حرارية! عدد الجمعة ٩ شباط |
يا قديس ڤالنتين صلِّ لأجلِنا
يا قديس ڤالنتين صلِّ لأجلِنا (المقالة اليوم مكتوبة باللغة المحكية، لضرورات فعلية، واقعية، فيها صالحكم وصالحنا. المعذرة من القرّاء الذين يجدون صعوبة في ذلك). ملاحظة: إنتِ = إنتَ، اي للمذكر ايضاً، بحسب دوائر بيروت الكبرى الثلاث. *** - أنا ملاحظك ما عدت عم تحضر تلفزيون «المستقبل» بالمرّة، ما تكون دايرها عا جماعة 8 آذار صرت؟ - لَه استغفر الله، بيروتي أنا، و 8 آذار؟ إشبَك؟ وحِّد الله! - اي شو القصة لَكَن؟ - خيي، مصفّى هالتلفزيون كتير هيك أخبارو كأنو عائلية اذا بدّك، إنّو كلّو قريطم وقريطم، هنّي ذاتهن، ساعة شباب التيار ساعة كتلة نوّاب المستقبل، ومين كان بعد الضهر بقريطم ومين اتصل المسا بقريطم، والسـنيورة راجـع من الســعودية قريطم وسعد ترك قريطم وطار عالسعودية، هيك يعني شوية سعودية والباقي بيت الحريري وقريطم، مجدليون يعني أنجق يجيبو سيرتها. - اي شو المشكل؟ ما هاي عايلة قضِّت. - خيي عا راسي ما عم بقلّك، بس أنا ما بحبّ اتدخّل بخصوصيات العالم، شو بدي فيهن لاحضرهن، أشيا بيناتهن هيدي، مالي ومال غيري. - شو هالحكي؟ تلفزيون هيدا، عم بيغطّيلك أخبار. - أيّا؟ ما بيغطّو شي كلّو مصوَّر، إنّو نازك استقبلت مدري مين وعم بيصوّرو! وفلان عايز الشيخ سعد بقصّة وقاصدو وداير التصوير. ما عم بيغطّو شي، كلّو عالشاشة، الله وكيلَك! ما العالم قاعدة ببيوتها وعم تتأرّج، بيكون الواحد، ما تواخذني بهالكلمة، قاعد هوّي وعيلتو وفي ولاد يعني! انا ولادي مثلا، ما بريد دخّلهن بقصص العالم وال «غِر غِر غِر». انا مربّيهن عالسترة خيي لا قشعِت ولا سمِعِت، عرفِت؟ بعدين عيب، تلفزيون هيدا! وإضرُب وإطرَح. *** - مخايل: ما في، انا بدفعلك، ما عندي مشكلة. - عيسى: ممتاز ، اذا ما عندك مشكلة إدفعلي، لأنو بتحلّ مشكلة. - مخايل: آه إنتِ عندك مشكلة؟ ما قلتلّي. - عيسى: طبعاً، هيّاني واذا ما رح تدفعلي، منصير إنتِ ما عندك مشكلة وانا عندي مشكلتين! بترضى هالشي إنتِ؟ انا ما بعرفك بترضى بهيك شي. ليك، إنسى إنّو عندي مشكلة ودفعلي عادي، خاصة إنّو ما عندك مشكلة، منصير تنَيناتنا هيك عايشين بلا مشاكل، شو في مجال؟ *** - شو عامِل عا عيد سان فالنتين بكرا؟ - ناطر الانفجار. - ليه بدّو يصير انفجار برأيك؟ - انشا الله لأ . - ولشو ناطرو، الأخبار كلّها مش بهالجوّ - خيي، كل واحد بيلزقك خبريّة شِكِل، شو بخسر؟ خلّيني ناطرو لإتأكّد إنّو ما رح يصير. كلّهن كم ساعة، وهيك هيك عطلة، عَيّدو انتو وحِبّو بعض. بلا مخّ! عدد الأربعاء ١٤ شباط |
حول آخر فالنتين [1]
حول آخر فالنتين [1] أسرار «الأخبار»: لوحظ عدم وجود الرئيس السنيورة في يوم القيامة الأخير من 14 شباط إلى جانب قياداته المتراصّة على «زودٍ ومضض»، وقد علّق أحد المقرّبين عندما سئل عن السبب: إن الرئيس السنيورة أذكى من ذلك بكثير. أولاً: هو ليس طرفاً، وهذا بات معروفاً حتى لدى الأطفال. ثانياً: معظم الإحصاءات الحديثة ترجّحه لرئاسة الحكومة بفوارق كبيرة عن باقي القيادات السنّية، فلمَ يخطب بجماهير 14 شباط حتى الـ14 من آذار، وكل مَن خطب فيهم صفّقوا له أولاً ثم خسر. فاستمرار الخطاب باختراع الحجج كالمحكمة الدولية ومصيريّتها وخطورة عدم انعقادها، وسوريا سوريا و«اطلعي برّا» وهِيَ برّا، أصبح في الحقيقة: «خسارة بخسارة». والسنيورة اقتصاديٌ قبل أن يكون سياسياً، والخسارة من آخر هواياته. إن جماهير سان فالنتين عزيزة لكن، إن شاء الله، في شباط المقبل، بعد تحرير السرايا من رياض الصلح وأخواته ومن القوة الدولية التركية المتوقعة، إذا أمكنه ذلك. أخبار سوبر ستار: إن مقال الزميل خالد صاغيّة البارحة في 15\2\2007 بعنوان: «رجولة»، تعليقاً على الكلمة التي ألقاها القائد العام الوليد بك بن جنبلاط، على جماهير الساحة الحمراء، إي والله، وهي طبعاً ليست بعيدة عن الرفيق وليد واشتراكيته الدولية، إن هذا المقال وفّر عليّ الكثير من الجهد المؤلم المرافق لكبت الردّ وأثلج قلوب العديد من القرّاء الذين يكتشفون فيقدّرون «الزعيم الوطني» أكثر فأكثر يوماً بعد يوم. شكراً يا خالد على الدقّة في التشريح، أي ما بعد الشرح، وعلى ضبط النفس البشريّة عند هذا الحد. هذا أصعب من الصوم المسيحي، إنها قدرة عالية جداً على التروّي أمام خطابٍ فيه كلّ ما يُبهج ويستفزّ ويستنفر «الرجولة» و«الأنوثة» و«الأمومة» و«الكفّار» و«المراهقين» و«الألوية الحمراء» عند الشعوب اللبنانية. إن كان هذا هو المطلوب فقد وصل. أما الآتي فأعظم، الاحتياط واجب وكل مواطن خفير. عُيُون وعمى: استفسرت بعض الأوساط المتابعة عن سبب غياب الوزير العريضي عن كل ما سبق ورافق التحضير لـ14 شباط، وخاصة يوم الذكرى نفسها. فسرّبت بعض المصادر المتابعة، رداً على ذلك، أنها: ليست المرّة الأولى، فكل مرّة يستعدّ فيها قائد الأكثرية المطلقة وليد بك جنبلاط للخطاب، أو لاختراق الشاشة أو الصحافيين، يكون العريضي في طريقه إلى دمشق كي يعدّ المسؤولين السوريين لتوقّع الأسوأ وتحمّله، وذلك بسبب الأوضاع الراهنة حول الرفيق وليد، وليفهمهم أن وليد بك لا يقصد كل كلمة يقولها، إنما، كما يقال بالعامية: مِعْناة الحكي. أما الأساس فموجود والعمق ما زال عربياً سورياً والاتجاه الوحدوي الاشتراكي على نموّ! والغيمة هذه، صيفاً شتاءً، لا علاقة لوليد بك بها، كما أنه لا يعرف من أين أتت ولا مَنْ دسّها في سمائنا المشتركة، وهو مزعوج منها ومستغربٌ لها جداً أكثر منكم في سوريا، بل أكثر من شعبكم السوري أولاً وليس النظام! وهذا ليس مقصوداً طبعاً، ولا أنتم المقصودون، لكن هذا ما تمليه الاشتراكية بما يخصّ علاقة الجماهير بالسلطة التي منها: كل الحقيقة للجماهير. تضارب أم تنسيق؟ إنها حزّورة الأسبوع وجوابها. السؤال: لماذا حاول الشيخ سعد الحريري في خطاب 14 شباط أن «يُظبّط»، أما وليد بك فأن «يُلبّط»؟ الجواب: لأن وليد بك ابن جبل يعرف الطبيعة اللبنانية ويعلم جيداً أن شباط «لبّاط»، بينما قضى الشيخ سعد جزءاً كبيراً من حياته على «التبريد» صيفاً شتاءً، لوجوده شبه المستمر في مناخ خليجي صحراويّ. والإنسان عموماً «يتكيّف»، أما في السعودية فالتكيُّف وحده لا يكفي، إن التكييف هو الأساس ولا حياة خارج المكيّفات ولا آذار غدّار و«لا أيلول طرفو بالشتي مبلول». الجواب الحقيقي: كلا، كان الجواب أعلاه، تركيبة لنكتة فاشلة. أما الحقيقة فهي أنه: لا يمكن فرط تحالف البريستول الرئيسي كله دفعةً واحدة، والآن. لقد أجّلها الضغط السنّي البيروتي على الشيخ سعد إلى أواسط الربيع على أبعد تقدير وبإذنه تعالى، علّه خيراً. غداً: أين كرة السلة اللبنانية؟ وما موقفها من المحكمة الدولية؟ [يتبع] عدد الجمعة ١٦ شباط |
حول آخر فالنتين [2]
حول آخر فالنتين [2] مثلّث الصمود والخصخصة: مهما توالت الأحداث وتسارعت، مهما كان حجم المستجدّ على البلاد، مهما كانت التطورات دراماتيكية، مهما تبدّلت أمزجة الناس وانتماءاتهم، مهما كان موقف سوريا أو موقف إسرائيل اليوميان الرسميان، مهما ازدادت التدخلات الخارجية في وطننا العزيز، مهما جرى في فلسطين المحتلة أو في العراق المنكوب، في إيران ـ المحور الحالي، أو في السعودية ـ المحور الدائم، لا يسعنا إلاّ أن نتوقّف بإجلال وتقدير عند ثبات المواقف لدى بعض قياداتنا التاريخية اللبنانية. فمن أين تبدأ أصلاً، مواصفات أيّ قائدٍ على مرّ الزمن، إن لم يكن بالثبات؟ إن الثبات أكثر جذريةً من الصمود، الصمود واجبٌ في لحظات الشدائد، في مراحل الذروة، أما الثبات ففي حينه ومن قبله ومن بعده، فيه شيء من الأبدية. إنه يعطي جماهير القائد، شعوراً بالطمأنينة إلى الحاضر والمستقبل. الثبات يعني: لن نغيّر شيئاً، لا تخافوا. أما التجلّي الكامل فيحلّ عندما تضاف إلى هذا الثبات، الرؤيا السياسية الثاقبة، التي هي، سبحان الله، نعمةٌ من نِعَمِهِ. و عليه، علينا يا إخوتي أن ننحني لثبات «المثلّث السياسي للصمود»: الحريري ـــ جنبلاط ـــ جعجع. لقد ثبتوا وسيتابعون، وخاصة أنهم توزّعوا المهام. هنا أيضاً ننحني مرّة أخرى للحنكة والدهاء. لقد قسّموا المأزق ثلاثة مفاصل، لذا «هان» عليهم فنجحوا. الحريري متخصّص بالمحكمة الدولية، وجنبلاط متخصّص ببشار الأسد، أما جعجع فقال لهم في زمانه: اتركوا لي الرئيس لحود! عند هذه النقطة تمّت السيطرة على كل جوانب الأزمة وانتهى الموضوع، بدليل: انظر إلى البلاد وهي في أحسن حالاتها! يبدو أن من الأفضل أن «يَتَحَطَّط» مارونيٌ على مارونيّ ودرزيٌ على علويّ، أمّا السنّي فعلى الأوادم والحقيقة. إنها التخصصّية بالشعوب، وهي أرقى مراحل الخصخصة. إن أموراً كالهاتف والاتصالات، كمؤسسة كهرباء لبنان أو ضمانه الاجتماعي، ما هي سوى تفاصيل جانبية «ساذجة» بالمقارنة بصناعة التاريخ. وهم يستطيعون، متى خفّ الضغط عليهم، مثلّثين، أن يتسلّوا بها ويحسموا أمرها فوراً. طبعاً أنّى لنا، إذاً، استقرار البلد الحاليّ غير المسبوق والممتدّ بإذنه تعالى؟ الحكمة ـــ الرياضي ـــ والتقدّمي الاشتراكي: نلاحظ جميعاً، أو يهيّأ لنا، أن كرة السلّة اللبنانية، منذ فترة من الزمن طالت، لم تعد في الواجهة ولا في التلفزيون، والحيّز الذي شغلته لسنين، منذ التسعينات، تراجع كثيراً حتى إنه غاب تقريباً. والسبب الواضح غير موجود لدى الكثيرين. إن الحقيقة مختلفة، فالأسباب موجودة وخطيرة، لا بل ألعن ممّا تتصوّرون، والعفو منكم. في لغتنا العامية، كلمةٌ تتردّد جداً لشدّة اختصارها في التعبير، كلمةٌ لا نجد غيرها أحياناً، وخاصةً عندما نصل إلى شيء ما ونقف أمامه مذهولين، لا نفهمه، حتى بعد استنفاد كل أنواع المنطق المعروفة وأساليب الفهم أو الاستيعاب المعهودين، وهي: «شو دينو؟»، أي: ما هو دينه؟ والكلمة لم تأتِ بالصدفة طبعاً، يا مخايل، فنحن، وأنت تعلم، نعيش في علمانيةٍ أسوجية شاملة!!! إذاً، عندما تتمكّن من فهم التحالف القيصري بالأنابيب والأعاجيب بين تيار المستقبل والتقدمي الأيوبي الاشتراكي وقوات الصليب المشطوف، وقتها فقط، تستطيع أن تفهم الغياب الحالي لـ«لباسكيت بول». [يتبع الاثنين] عدد السبت ١٧ شباط |
حول آخر فالنتين [3]
حول آخر فالنتين [3] ...... وقتها فقط، تستطيع أن تفهم الغياب الحالي (تابع) صدّقني، هكذا أستر، فالوقت ليس مناسباً لمشجّعي الحكمة ولا الرياضي، فمشجّعو تحالف حزب الله ـــــ عون موجودون على الأرض وفي الخيام و«بوحشنة»، وهم بالإضافة إلى حشود 14 آذار «المشكّلة»، حشودٌ جديدةٌ على الوطن. إن أقطاب 14 آذار، هم أنفسهم شجّعوا على تجميد هذا النوع من النشاطات الجماعية الرياضية، خاصةً في مراحل تاريخية لإفشال المحاولات الانقلابية الحالية الشرسة. أولاً: لأنها، كما يبدو، ليست حالية على الإطلاق. ثانياً: لكونهم يفضّلون أن يتفرّغ الجيش اللبناني لتجريد حزب الله من سلاحه، على سبيل المثال، ومن خيمه ومشاريعه وجماهيره ومن الشوارع التي افترشها زوراً، إذا أمكن، هو وصاحبه «فخامة الرئيس ميشال عون»، بدل أن يهدر هذا الجيش وقته للانتشار في البيروتين تسهيلاً للابتهاج والابتهاج المضاد المرافقَين لنتائج «كرة الطائفتين للسلّة» ولضبط «الود المتبادل» الذي غالباً ما يعمّ العاصمة وكيفما دار سبحانه، ينتهي على خطوط التماس الكلاسيكية العظيمة مثل موسيقى بيتهوفن! هذا الود الذي يضرب مفاصل رئيسة كمستديرة الطيونة باتجاه الكلية العاملية ـــــ السوديكو نزولاً نحو التباريس منها إلى الخندق الغميق ـــــ بشارة الخوري رحمه الله. ثالثاً: لأن الجيش نفسه يفضّل أن يتعامل مع التجمعات البشرية الضخمة المتركّزة أخيراً في الساحتين الناجحتين: «الحرية» ورياض الصلح، الناجحتين أكثر من «عجرم وإليسا وعشتروت» وأبجدية جبيل، فقد حفظ الساحتين وصار يتفنّن بضبطهما أمنياً بشكل حضاري. يفضّلهما على مطاردة فلول مواكب المشجّعين الدرّاجة، خاصةً حين تتشتّت وتصبح «طيارة» داخل الأحياء الضيقة بمساحتها وأخلاقها عموماً. إن حدود الردع لدى قوى الجيش بعد كرة واحدة للسلّة، أضيق بكثير ممّا هي الآن، لمشاريع من العصيان المدنيّ المزعوم أو انقلابٍ سوريٍ إيرانيٍ شريرٍ على الأرز والاستقلال. قد يستعمل مدافع الدبابات هنا ويفهمه شعب لبنان العظيم. أما مباراة لكرة السلّة، كيفما كانت نتائجها وارتداداتها والفتية الدوّارين في الليالي و«الوَزَاوِز القاصرين» و«حَبّ الشباب» وعصارة المشاعر وكوكتيل الألفة والعزّة المحلّى المركّز على «بربر وساسين»، فقد تتطوّر في جميع الاتجاهات وهي، أمنياً، مبعثرة. يفضّل الجيش عليها، أن يبني جدراناً إسمنتيةً دائمة إذا لزم الأمر، حول ضريح الشهيد الحريري، المعروف أين يقع، ولذكراه المعروفة متى وأين. يفضّل التدشيم المسلّح في محيط السرايا الصامدة حتى الموت للشيعة! على تطويق الشياح وعين الرمانة ليلاً بسبب ملاسنةٍ انتهت بـ«مدافشة» مصوّرة بين اللاعبين حسين توبة وإيلي مشنتف وصليبه الذي على الجبين وعلى التلفزيون أيضاً. فحدود القوة النارية اللازمة هنا لاستتباب المشاعر والعودة إلى الوحدة الوطنية، ضيّقة. هل يمكن استعمال الرشاشات المضادة ومدافع الـ106 مباشر على حشدٍ لمناصري «الحكمة» يهيّص ويدبك على أنغام فارس كرم وطوني كيوان في ساحة ساسين؟ حتى لو رفع العديد منهم صور «الحكيم» وأعلام الفاتيكان، و«القوات اللبنانية للإرسال» تحاول جاهدةً تلافيها أثناء بثها المباشر تأكيداً على التعايش، لكن دون طائل. هل يمكنه زرع الألغام للمواكب الدرّاجة المعادية التي تطوف وتحوم حول الأشرفية، ومن ثم أسر الناجين منهم؟ شرعاً لا يجوز، خاصةً أن الدرّاجين هؤلاء، مختلطون سنّة وشيعة للأسف، ولا فتنةَ بينهم ممكنة ضد النبي عيسى، أما ضد «الحكمة» فصفاً واحداً. هذا معقّد على «أمر اليوم»، فبالملخّص فيه خطر على الوحدة. إن في شخص صولانج بشير الجميل الآن، إشارةً من أبلغ الإشارات. فمتى عاد النشاط إلى كرة السلّة فستستقيل حكماً. وذلك اعتراضاً على السنّة الذين لم يصوّتوا لها، بل وضعوا أوراقاً في الصناديق مكتوباً عليها اسمها، الذي لم يكن سهلاً قصّه، فاسم سعد الحريري إلى جانبه، وقد ملأ صناديقهم عنوةً عنهم، وهم أهل البيت ولم يروها فيه منذ وقت طويل، لا تأتي إلى قريطم ولا يرونها على «تلفزيونهم» ولا حتى في «الباستيل الحكومي» إلى جانب المناضل السنيورة. ما همّ فابنها نديم، بالمقابل، يرعى فريق «الحكمة» ويفضّله على وليد عيدو والجلول ورفعت الحلاب، فمناصروه صانعوه، وولاؤهم «وطني» لبناني صرف. أما محمد الحجار وجمال الجراح فهل كانا يوماً من مشجّعي فريق «الحكمة» ضد الإحباط المسيحي؟ منذ متى؟ أستغفر الله. إن فريق عملهم «الأبيض المتوسط» حصر جهوده بحمل فريق «الرياضي» عالياً فاختصروا وحدهم وجه لبنان الحضاري، لبنان رفيق الحريري، لبنان ـــــ بيروت، مدينة عريقة لمَن؟ للمستقبل. هذا ما يزعج بكركي. إن أموراً عديدةً غير سليمان بك و«الجنرال» أزعجت بكركي وأقلقت تاريخياً المطران بشارة الراعي وما فتئت تؤرّق بطرس حرب و«القرنة» السابقة حتى الآن. إن بكركي فوق الجميع، أكيد، لكنها مع «الحكمة» و«التروّي»، إن التروّي هو فريق التقدمي الاشتراكي لكرة السلّة ومصالحات الجبل، بمعنى أن التروّي واجب قبل البدء بالتهجير القادم. (يتبع) عدد الاثنين ١٩ شباط |
شكرا على مجهوداتك الجبارة موضوع قمة في الروعة لان استاذنا زياد مدرسة الله يعطيه القوة والثبات وينصرو على من يعاديه شكرا ماد :D |
موضوع رائع بس للاسف مش عارفة اتابعه
بس تخلص الامتحانات حتى استمتع بيه |
الإعلان
الإعلان أطلقت مجموعة إعلاميّة - سياسية تسبح في فضاء قوى 14 آذار ، مجموعة من أظرف الظرفاء في لبنان وأخفّهم دمّاً، لا ضرورة لتعداد أسمائهم هنا، كي لا ننسى أحدهم، فهم جنود مجهولون، شغوفون بالوطن وبشعاراته البسيطة والعميقة، «مجرمون» في كل سهل ممتنع، أطلقوا شعاراً يقول: أحبّ الحياة. نقطة على السطر، ألنقطة فوق ونحن على السطر المذكور. وقد فُهم أن الشعار هذا، وُجد لمواجهة ما يسميه الرفيق الأعلى وليد بك جنبلاط « ثقافة الموت» التي لخّص هو بها حزب الله و جمهوره. و راح يكرِّرها هنا وهنالك كي يحفظها الحلفاء لكثرتهم وتشعّب أولوياتهم الوطنيّة وتصريحاتهم الذاتيّة. وقد نجحوا فعلاً في حفظه، كونه إعجازاً في البساطة (حتى نائلة وكارلوس حفظاه فورا، حفظهما الله)، شعار وطني لن يضاهى. أحبّ الحياة. على فكرة، انه يرنّ أفضل بالانكليزية، والأرجح أن يكون قد تسقّطه «ملكهم» بالانكليزية ومن ثم تمّت ترجمته الى العربية. أحبّ الحياة... آه... أودّ هنا ان اؤكد اني، أنا الموقّع أدناه في رأس المقال، أحب الحياة ايضا ولست مع ثوار 14 آذار ولا بأي شكل. وأنا بالمناسبة، أحب الحياة أكثر منهم بكثير ولم أكن أعلم ذلك الى أن تجمّعوا. فأنا: أحب الحياة حتى الموت. ملاحظة: 1- اذا اردتم معرفة اي نوع من الموت هو، استطيع ان افصّله لكم لاحقاً. ولكن لا داعي على ما أظن. 2- غداً: حول آخر فالنتين (4) وينتهي. عدد الأربعاء ٢١ شباط |
اقتباس:
تبقي بيضي وجهنا بالامتحانات :D |
حول آخر فالنتين [4]
حول آخر فالنتين [4] ... إن التروّي هو فريق التقدمي الاشتراكي لكرة السلّة ومصالحات الجبل، بمعنى أن التروّي واجب قبل البدء بالتهجير القادم (يتبع). إن التحالف الرباعي الذي صنع الأكثرية النيابية العجيبة، يجب ألّا يُمسّ، أعني بعدما صار ثلاثياً (راجع «مثلّث الصمود والخصخصة» ـ فالنتين 1). ألاّ يُمسّ سياسياً أولاً، لذا يجب أن يُمسك التقدمي الأيوبي الاشتراكي نفسه عن أي تهجير جديد للمسيحيين مهما فعلوا أو انفعلوا فأحبوا، مثلاً، سمير جعجع كثيراً وراحوا يعلّقون صوره إلى جانب صور وليد بك بأحجام متساوية أو عادوا يختالون بصلبان ضخمة مخيفة. يجب أن يعمل الاشتراكي بكدّ ومواظبة لتذكيرهم، يومياً بمن هو جورج عدوان لا على حقيقته طبعاً، بل كما اتُّفق عليه في المختارة، حيث دِينُ عدوان ومعبوده، الدروز، الذين بدورهم سيحبونه حتى لو لم يحتج إلى أصواتهم وقتها، ونجح بصوت وليد بك فقط. هكذا تكون الانتخابات والنزاهات وبالتالي الأكثريات. المهمّ، هكذا يُبنى المستقبل! ثانياً، ألّا تُمسّ الأكثرية المثلّثة البلدية، إعلامياً، وهنا تكمن خطورة نقل كرة السلّة تلفزيونياً. إن بث تلفزيونَيْ «المستقبل» و«ال.بي.سي»، شبه موحّد الآن، من المحكمة الدولية إلى الشهداء أحياءً وأمواتاً، إلى «حب الحياة»، إلى كراسي «سوليدير» الفارغة أمام مضارب الإيرانيين الجنوبيين وخيمهم وشلل حلفائهم، الموارنة صحيح، إنما مع «جنرال حارة حريك»، أي الضاحية، يا إلهي، بطريق الصدفة والقدر، إلى موارنة المردة السوريي الهوى، إلى آخر الغيث من قوميين سوريين وشيوعيين، الذين وُجدوا عموماً لتلبيك الحياة وتعقيدها، هذه الحياة التي تعبدها الأكثرية. فهم أُناس غير واضحي المعالم ولا حتى المناطق، ولا أسماؤهم تدل عليهم، «ما دينهم، يا أخي؟»... يهدرون وقت الأكثرية وأعصابها ليس إلاّ. إن التلفزيونين المذكورين، الماروني ــــــ المسيحي و السنّي ــــــ المسلم، يتبادلان، اليوم، البث خلال تغطية أخبار الأكثرية وهما على أحسن حال. فلمَ العودة إلى فترة «يا خرابي الإعلامية»؟ حيث كانت نشرة أخبار كلٍّ منهما تبدأ بتهنئة فريقه لكرة الطائفة والسلّة، إن هو ربح طبعاً، أو بتفنيد انحياز الحَكَم إن هو خسر، ومن النشرة إلى الشوارع مباشرة. انحيازٌ إعلاميّ لم تكن تهزّه أو تقطعه، حتى عملية ناجحة للمقاومة في جنوب لبنان. ولمَ لا؟ فقناتاهما تحبان الحياة، خيام الهنا ونهر الفنون، و«تفكّران ثم تربحان أو تغنيان». أمام كل ذلك، لا تزال البلاد مقسومة، والمحاولات جارية للتوافق على كل نقطة خلاف بمفردها، بنيّة تسهيل الحلحلة. وتبقى عقدة المحكمة الدولية، لجهة تحديد مهماتها، نقطة الخلاف الأبرز. على الأقل بالنسبة للحكومة الحالية، إذ لا صفة أخرى لها حالياً، غير الحالية. وعلى فكرة، فهذه ميزتها الوحيدة المتفق عليها، فما العمل؟ إن اللاعب المخضرم فادي الخطيب، مثلاً، يرى أن المحكمة الدولية ضرورة وطنية، شرط ألاّ تتدخّل في تفاصيلنا الداخلية وألاّ تفتح الحسابات القديمة. فلجنة للتحكيم، مشتركةٌ من فريقي الحكمة والرياضي، هي وحدها المخوّلة بتّ موضوع تعاقده المزدوج مع الفريقين. وهو ربما يغادرهما نهائياً وينتقل إلى فريق بلوستارز، بعيداً عن تدابير الجيش في ساحتي النجمة، عفواً، الصلح والشهداء. وربما انتقل، إن طالت الأمور وتأزّمت، لا سمح الله، إلى فريق الجيش السوري، وهو يدرس عرضاً من بين عروض عديدة، جديّاً قُدّم له، كان سيوافق في وقتها عليه، لولا العيب والحياء والوطن والشهداء والمستقبل والماضي وحب الحياة. إنهم يحبّون الحياة، هكذا. أما الخطيب، فيفضّل عليها كرة السلّة. لكن فريق الأكثرية، الذي خسر في التصفيات نصف النهائية، فلا يمكنه أن يتأهّل للنهائيات ولا يحق له أن يتعادل مع أحد. بل يجب أن يستعيد نشاطه المعهود ويأخذ زمام المبادرة قبل المباراة الأخيرة. هذا ما يعوق الناس ويشلّ البلاد ويُقعد المعتصمين أياماً إضافية في الخيم وقد يؤدي إلى عصيان مدني، نتمنى أن تنتهي المباراة من دونه. هل سمعتم بمباراة واحدة لكرة السلّة أو القدم، في الكون، تنتهي بلا غالب ولا مغلوب؟ مستحيل! يُمدّد الوقت ثم يمدّد مجدداً، تعاد المباراة في أسوأ الأحوال، أما التعادل فساقط من قانون اللعبة. كيف، إذاً، بمباريات مستمرّة، لا غالب فيها ولا مغلوب، تؤجَّل ثم تعاوَد وتنتهي بالتعادل المتواصل؟ مَن سيأتي إليها؟ مَن يحضرها؟ مَن يهتم، مَن يشجّع، مَن يتابع؟ جمهورٌ من اليونيفيل، ربما، على رأسهم، فخرياً، كوفي أنان. عدد الخميس ٢٢ شباط |
باسمِ الحُفنَة...
باسمِ الحُفنَة... إن الله يحبّ جوزف سماحة. فلقد قرّر سبحانه أن ينجّيه البارحة، من أعراض وأحقاد العديد من العديدين. خطفه كالبرق من بين كل المتربّصين به. إن الله يحبّه، فهو يعرفه جيداً، وللرفيق جوزف مكانةٌ عنده. يعرفه ويخاف من أعدائه عليه. يعرف أنه لا يحتاط، وأنه ضد التدابير الأمنية الشخصية والمرافقين، يعرف جيداً كم هو مستهترٌ أحياناً بحقّ نفسه، فأخفاه عن السمع والأنظار. أعدّ له ميتَةً شهمة، مختزلة خاطفة، خصّه بميتَةٍ بليغةٍ ولائقة، بعيدة عن وحُولِنَا العارمة، طالعةٍ من وسخنا المتراكم اليومي، النهاري الليلي اللامتناهي لا بحولِهِ فكيف بدونه؟ مات ميتَةً يسمّونها منذ قديم الزمان الأفضل الأرحم: ميتَةَ ربّه... بكل نظافة، بكل تجرّد. ميتَةً ليست حلوة بالتأكيد لكنها، سيّدةٌ، حرّة، مستقلّة! لا مجهولَ من زمرهم ليُدّعى عليه فيها، ولا مشبوه. لا يدَ لجانٍ عميل، لمتطرّفٍ درزيٍ، مارونيٍ أو سُنّي، لا يقرأ وإن قرأ لا يفهم. لا إصبعَ «لِنِسٍّ» من أكثريتهم حاقدٍ عليه... لم ولن يَبْلُغَهُ، فقد رحل. غدره الرفيق جوزف خلال ليلة البارحة، فنكّد عليه المتبقي من حقده على مدى الحياة، وأفشل بالمختصر كل محاولات التخلّص منه. أساساً، فربّهُ سبق الجميع، ورحل به من على الطريق العسكري في جنح الظلام. ربّهُ يحبّه، قلتها لكم وأكرّر، ربّه يحبّه ولو أنه كفَرَ مرّةً، لو أنه كفَرَ مرّات. فالربّ يا إخواني قادرٌ على أن يحبّ الكفار كما المؤمنين. بل إنه يفضّل الكافر الطيّب النظيف المعطاء على المؤمن الآخذ الآثم الشرّير... و ها قد أفلت الرفيق جوزف سماحة منهم ولكن منّا أيضاً في فجر 25 شباط. فما العمل الآن؟ ما العمل «الآن هنا»؟ كما كان الرفيق يُعَنْوِنُ افتتاحيته في «السفير». لا توجد ميتةٌ حلوة بالتحديد، كما أنه في المقابل لا حياة حلوة بهذه السهولة. وستشحّ حلاوتها كثيراً دون شيوعيٍ أصيلٍ عنيد. أنا لستُ حزيناً في هذه اللحظات، «الآن هنا»، أنا غضبان، وخائف بعض الشيء. أمّا الحزن فلا... سأحزن لاحقاً مع بعض أصحابه الحزينين. إن أعداءنا، يا حفنة المتبقين، يا حفنة الشيوعيين النضرين النادرين، يا بعض الباقي من أصابع اليدين، وهذا ما يخيف، إن موت الرفيق سماحة يستنفرني فَلْيَستنفرْكُم!... إن أعداءنا يدورون حولنا كلّما استطاعوا. إنهم مصمّمون باقون، إنهم يحاولون يحتشدون، ولم يبقَ لديهم ما يهوّلون به منّا على أعراضهم ويخيفون الأطفال، سوى أننا: سوريّون، أفغان، طالبان، وفرس. سوى أننا كارهو لبنان، حاقدون على الحياة فيه، مجرمون واستشهاديون، آكلو متحضّرين، سيستولون بعد تطيير المحكمة الدولية، على السلطة ويحكمونهم. وعلينا أن نواجه هؤلاء دون الرفيق سماحة. نحن أضعف في هذه اللحظة لأننا خسرناه، فنحن سنواجههم بدونه. الحزن والانهيار الآن، قاتلان. لا! نَفَسُ جوزف طويل وقد تنفّسنا عمراً معاً، وحَّدْنا الأنفاسَ قبل الأهداف، وهذا وقت التنفّس المثالي العميق والطويل. في نهاية هذا الأحد الماطر الشاهق، أؤكّد لك يا رفيق، أنك زدتَني تأكيداً، أنَّ ما نحن مؤمنون به، هو مستقبل الإنسان اللازم وهو الصحيح ولا يصحّ غيره. في هذه اللحظات لا أعرف ما هو الرابط بين موتك وبين ارتفاع مستوى تمسّكي بالتزامي، لكنني سأعرف لاحقاً. فلهذا علاقة بالعقل والعقل الهادئ، والقناعة دوماً أقوى من العقل. فكيف “الآن هنا”؟ كنّا نفضّل، كنّا وما زلنا نعشق أن تكون معنا يا جوزف في طريقنا المتبقّي، لكنّكَ ذهبْتَ، لكنّكَ... ذَهَبَ. ماذا نفعل؟ إن الأعمار بيد الله، لكن النصر بأيدينا. فَنَمْ عميقاً ولا تَخَفْ! عدد الاثنين ٢٦ شباط |
ما العمل؟ مجرّد عنوان
ما العمل؟ مجرّد عنوان إلى أصدقاء جوزف سماحة، رفاقه، زملائه في العمل، إلى الأحبّاء والأقارب، وإلى قرّائه أيضاً، أرجوكم: لا بكاء، لا رثاء، لا ذكريات، لا مقارنات، لا نوستالجيا، لا قصائد... أرجوكم فكّروا جيداً معنا كيف يُملأ هذا الفراغ الكبير... ... ولتكن مناسبة، وهي على الأرجح الأخيرة، لتلاقي كل الشيوعيين أولاً، و«ما يعادلهم»، أو يتلاقى معهم اليوم، فليكن من اليوم فصاعداً فدوماً، في مواجهة عدوٍّ عنيدٍ داخليٍّ غير إسرائيل. أرجوكم لا تدعوا هذا العدو يستقوي لحظةً بغياب «الرفيق سماحة»، فبعض قادته سعيدٌ، صدّقوني، لغيابه، وبلغتهم: لاختفائه. إذ هذا يعني اختفاء الإزعاج المشاغب اليومي لمشاريعهم، زوال عقبة ذكيّة كاشفة أمام ألغاز أطباعهم وخفايا نيّاتهم، اختفاءُ نَفَسٍ طويل معتَّقٍ دؤوبٍ على شرحهم وتشريحهم، توقُّف آلةٍ لتبسيط كذبهم المحنّك ونشره علناً بكل هدوء، انزياحُ عدوٍّ جديٍّ لـ«الرأس»: الإدارة الأميركية. هل البكاء، هنا، مقبول؟ لا بكاءَ أرجوكم، فهذه الإدارة تحبّ البكاء أيضاً، وكثيراً ما تشجّعه وتحرص على مشاركة العالم الثالث فيه بكلّ رُقيٍّ ووقار، بكاءُ سفارات! فأرجوكم لا بكاء، وخاصةً لا رثاء. فالرثاء فعلٌ يُفعَل لشخصٍ مات، أولاً، وثانياً: «ما العمل» إذاً؟ العمل كثير. العمل كثيرٌ جدّاً، فـ«إلى العمل». و اعتبروا منذ اليوم أنَّ عبارة «ما العمل؟» أصبحت مجرّد عنوانٍ لهذه الزاوية من الصحيفة. عدد الاربعاء ٢٨ شباط |
أريد القلم نفسه
أريد القلم نفسه اخترع البشر على مرّ العصور الكثير من الجُمَل والأقوال لم يكن لهم خيار غيرها، مقوّية، تساعد في مواجهة وقع الموت، إذ لا حول أمامه ولا قوة إلاّ... ويأتي الباقي حتى... وإنّا إليه لراجعون. وليس لدينا بالفعل أبسط وأبلغ من هذه العبارات حتى الآن. فماذا تريد إذاً منّي بعد يا مخايل؟ الخسارة؟ لقد اعترفتُ لك بالخسارة وبحجمها، اعترفتُ وبصوت عالٍ وفي صحيفة وعلى إذاعة وإلا فلمَ كل هذا الحديث الآن؟ إنّه جزء من الأقوال الآنف ذكرها التي تقوّي في مواجهة الخسارة. لكن الخسارة حتى، شيء موجود يا عزيزي. الخسارة، مثل كلّ شيء على هذا الكوكب، وبحسب ماركس، يأتي ويحمل في طيّاته نقيضه، نقيضه الذي سيقضي عليه، فالخسارة هنا تحمل بذور الانتصار القادم بل هي الدافع المحرّك له، الانتصار الذي يحمل حكماً نقيضه معه، وخاصة إن أتى مجرّداً من العمل، والعمل فقط، مجرّداً من المحافظة كل لحظة عليه، بالنقل اليومي لتعليمات استمراره، من البشر الى الورق ومن الورق الى بشرٍ آخرين، من ذاكرة هذا الرأس الذي فوق الكتفين الى وسائل إعادة البث أو الإذاعة لما سبق، للماضي، للغائب وللراحل. لن يصمد انتصار إن جاء هبةً او حلّ فجأةً. إنّ الانتصار جزء من الخسارة التي هي جزء من الانتصار. لم يعرف التاريخ انتصاراً واحداً مقطوعاً من شجرة إلاّ شجرة «ثورة الأرز»، ثورة الـ24 ساعة، الصاعقة «الكذّابية»، كصنفٍ من أصناف اللوبياء، كنوعٍ من الذبحات القلبية، الكذّابية أيضاً التي لا وظيفة لها سوى ترويع الأهل والأقارب والجيران حتى يثبت أن المصاب بها واهم وهي كذّابية. على كلٍّ، دعنا من الحديث عن ثورات كهذه، عن فورات كهذه، فكلّ الناس صار فيهم خيرٌ وبركة في يومٍ كهذا، يوم جنازة الرفيق سماحة أمس. هل تعرف؟ لقد لاحظت في صورته التي اعتُمدت منذ توفّي، رأس قلمٍ يطلّ من جيب قميصه الأبيض، أزرق هو أم أسود؟ لم أستطع أن أحسم الأمر، قلمٌ كان يجب أن نسحبه منه في جميع الأحوال. لا أدري إن كان أخذه معه الى العاصمة البريطانية، ربما ما زال في مكتبه في الجريدة، أو هو في البيت. على كلٍّ، أصبحت صورته هذه هي وحدها ما سيدلّنا على هذا القلم. إنّه جميلٌ، هادئٌ في الصورة، تماماً كصاحبه، لكنّه هو هو القلم المرّ الحارق والكاوي. ليس هذا القلم نادراً وهو موجود في معظم المكتبات وربما في الـ Monoprix حتى وبكميّات، لكنّه ليس القلم الذي مرمر وحرق وكوى. أريد القلم نفسه. عدد الاثنين ٥ آذار |
هذه التدابير...
هذه التدابير... إن حجم التدابير الأمنيّة حول مواقع سكن قادة 14 آذار، على توسّع. كنّا نلاحظ في البداية، وهذه للمراقبين أو من هم بهذه الصفة دون علم وخبر بالضرورة، لا للداخلية ولا لمجلس الأمن المركزي أو أمن الدولة ـ أن تلك التدابير تُعَزّز إجمالاً على أثر تصريح حاد، عقب موقف متقدم، كما يسمّى بينهم، مبتهجين. أما اليوم، فقد لاحظ المراقبون أن تيك التدابير راحت تتنوّع وتتوسّع على مساحات أكبر، فتغمر عدداً أكبر من المواطنين المجاورين لهم، بلطفها وبالحرص على رؤوسهم رغم الأنوف، (إنهم يجزّئون الوجوه أيضاً) وذلك حتّى بدون تسجيل أي تصريح أو موقف سابق. إن قرار رفع مستوى الأسلاك والمكعّبات والدشم أصبح نذيراً بتصريح آتٍ ربما، لرؤيا موعودة بين بزمار والأرز لاحقاً. أصبح بعضهم، وهو أبلغهُمْ، أشدقهُمْ، أشلبهُمْ و«أضربهُمْ»، يزنّر ويسكِّر، يُسيّج ويُعرّج، يُفكّك ويُسمّك، لمجرد فكرة راودته ولم يصرّح بها بعد ولا حتى فكّر! لقد اعتمدوا الاستباقية الأميركية الجديدة منذ ما بعد 11 أيلول و14 آذار. وهل بوش وفريقه أعزّ منهم؟ في المحصّلة، إنهم يعانون بلا شك، بل ويتألمون. فبعضهم يضطرّ، في معظم الأحيان وبعد كل هذه التدابير الأمنية، لأن يترك منزله بكل تحصيناته ويسافر لفترة، وجمعها فترات. أليست تلك سخرية القدر، وتحديداً القدر الوطنيّ الأبيّ الحرّ؟ أعجب أحياناً لقادة مثلهم، متبصّرين، متنوّرين، وقّادي الذكاء، ثاقبي الرؤية، كيف لا يفكّرون بالحل السهل جداً وهم يعرفونه. الحل الذي يكمن في وقف هذه التصريحات والامتناع عن هذه المواقف، ولنتيجة أكثر فعالية وديمومة: اعتزال السياسة. هذا ما كان يقول به دوماً الرفيق الأعلى وليد بك جنبلاط. فمنذ سنين وهو يهدّد بذلك، فماذا ينتظر؟ لست أدري. *** ـ مضى وقت طويل على آخر لقاء بيننا، طمّنّي ما آخر أخبارك؟ ـ واللَّهِ، لا بأس. ـ وماذا تفعل؟ ـ إنّي أشجّع المواطنين على الاكتئاب في سندات الخزينة! ـ وهل تجاوبوا؟ ـ كلا! ـ لماذا برأيك؟ ـ لأنهم مكتئبون. عدد الاثنين ١٢ آذار |
الساعة بإيدك هلق يا سيدي 21:47 (بحسب عمك غرينتش الكبير +3) |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
ما بخفيك.. في قسم لا بأس به من الحقوق محفوظة، بس كمان من شان الحق والباطل في جزء مالنا علاقة فيه ولا محفوظ ولا من يحزنون