أخوية

أخوية (http://www.akhawia.net/forum.php)
-   قرأت لك (http://www.akhawia.net/forumdisplay.php?f=19)
-   -   مقالات أحلام مستغانمي (http://www.akhawia.net/showthread.php?t=59129)

ري مي 09/12/2006 01:10

جنرالي.. أُحبّك"


بمناسبة حمّى معارض الكتاب التي تجتاح العواصم العربية، بالتناوب، في مثل هذا الموسم، وما يرافقها من جدل حول أسباب أزمة الكتاب، تذكّرت قول ميخائيل نعيمة: "لكي يستطيع الكاتب أن يكتب والناشر أن ينشر، فلابد من أمة تقرأ ولكي تكون لنا أمة تقرأ لابد من حكام يقرأون".

فبينما تقتصر علاقة حكّامنا وسياسيينا بالكتاب، بتشريفه برعايتهم مَعارضه، وفي أحسن الحالات حضور افتتاح هذه المعارض، وأخذ صور تذكارية مع الكتب، لتوثيق عدم أميتهم، لا يفوّت السياسيون الغربيون فرصة لإثبات غزارة مطالعاتهم والتباهي بقراءاتهم.


وأذكر أنني قرأت أن كلينتون حمل معه 12 كتاباً للقراءة، أثناء آخر إجازة رئاسية له ولأن الإجازة الصيفية لا تتجاوز الخمسة عشر يوماً، فقد وجدتُ وقتها في الأمر دعاية له، أو للكتب المنتقاة، أو ربما حيلة زوجية تعفيه من الاختلاء طويلاً بهيلاري والانشغال عنها بذريعة "بريئة".

الجميل في الأمر اعتبار القراءة من طرف الحكام الغربيين، جزءاً من الصورة التي يريدون تسويقها عن أنفسهم، لعلمهم أن شعوبهم ترفض أن يحكمها أُناس لا يتثقفون، بذريعة انشغالهم بشؤون الدولة.. عن الكتاب.

وتاريخ فرنسا حافل بحكام كانوا عبر التاريخ شغوفين بالكتب، مولعين بمجالسة المبدعين، وبإنقاذ الإرث الثقافي الفرنسي، بصيانة المتاحف وتأسيس المكتبات أحد هؤلاء جورج بومبيدو، الذي لم يمهله المرض، ليقيم علاقة متميزة مع كتّاب فرنسا، ولكن ذلك الوقت القصير، الذي قضاه في السلطة، لم يوظفه لإثراء نفسه ولا لإثراء حاشيته وأقاربه، وإنما لإثراء باريس بأكبر مركز ثقافي عرفته فرنسا وأوروبا، وترك خلفه صرحاً حضارياً، سيظل يحمل اسمه ويشهد على مكانة الكتاب في قلب هذا الرجل.

أما فرنسوا ميتران، فقد كان وفاؤه لأصدقائه الكُتَّاب وفاءً خرافياً، لعلمه أن الصداقات الحقيقية، لا يمكن أن يبنيها الحاكم، إلا خارج السياسة، حيث لا خصوم ولا حلفاء ولا أعداء ولا دسائس.


ولذا، فأول من وقع تحت سطوة تلك الوسامة الداخلية، التي صنعت أسطورته، كانوا الكتاب والمفكرين، الذين أُعجبوا بكبريائه السياسية، التي لم تمنعه من أن يكون رغم ذلك في متناولهم، ويدعوهم بالتناوب إلى تناول فطور الصباح معه، أو لقضاء نهاية الأسبوع خارج باريس في صحبته، للتناقش في شؤون الأدب والفلسفة.

وكان ميتران مولعاً بالكتب، ما توافر لديه قليل من الوقت، إلا قضاه في المكتبات التي كان يزداد تردده عليها، كلما شعر بقرب رحيله، ما جعل الكتب في آخر أيامه توجد حوله موزَّعة مع أدويته، وكأنه كان يتزود بها، ما استطاع، لسفره الأخير، حتى إنه طلب أن يُدفن مع الكتب الثلاثة المفضلة لديه، كما كان الفراعنة يطلبون أن يدفنوا مع ذهبهم وكنوزهم.

أما شارل ديغول، فقد اشتهر بخوفه على كُتَّاب فرنسا ومفكريها، بقدر خوفه على فرنسا ذاتها، حتى إنه رفض أن يرد على عنف سارتر واستفزازه له باعتقاله، واجداً في عدوٍّ في قامة سارتر، عظمة له ولفرنسا، معلّقاً بجملة أصبحت شهيرة "نحن لا نسجن فولتير" ولا نعجب بعد هذا أن تجمعه بأندريه مالرو، وزير ثقافته، علاقة تاريخية تليق بقامتيهما، ولا أن يُجمِع معظم الكتّاب الذين عاصروه على محبته والولاء له، حتى إن جان كوكتو، وهو أحد ألمع الأسماء الأدبية، اختار ديغول ليكتب إليه آخر سطرين في حياته، قبل أن يرحل، وكانا بهذا الإيجاز والاحترام، الموجعين في صدقهما "جنرالي.. أُحبك.. إنني مقبل على الموت".




احلام مستغانمي

ري مي 27/03/2007 18:18

الانتفاضة .. ليست مهنة

أذكر أن شارون، عند استقباله أول مرة كوندوليزة رايس، مستشارة بوش، صرح محاولا تجميل صورته وإثبات جانب "الجنتلمان" فيه : "لابد لي أن أعترف، لقد كان من الصعب علي أن أركز في التفكير أثناء كلامي معها، فقد كانت لديها ساقان في غاية الجمال" ما جعل صحافيا أمريكا يعلق "إذا كان جورج بوش يريد النجاح في عملية السلام، فعليه أن يرسل إلى إسرائيل كوندوليزة، مع قائمة طولية من الطلبات .. وتنورة قصيرة".
ربما كان البعض يعتقد مازحا آنذاك، أن ساقي كوندوليزة (التي ليست من "الموناليزا" في شيء) ستنجحان، حيث أخفقت في الماضي، الساقان الممتلئتان للسيدة أولبرايت.
أما اليوم فكل ما نخشاه، أن يتمكن "تايور" الحداد الأسود للسيدة كوندوليزة من إقناع عرفات بالتضحية
بالقائمة الطويلة لشهداء الانتفاضة، والجلوس للتفاوض، بعد كل هذه المآسي، على طاولة التنازلات والتنـزيلات الجديدة. وبرغم وعينا التام أن فرصة كهذه لا ينبغي لعرفات أن يفوتها، حتى يضع حدا لمبررات شارون لالتهام أبناء فلسطين، في كل وجبة غذاء، بذريعة أنه بذلك يخلص العالم من بذور الإرهاب، فإن شيئا شبيها بغصة البكاء يكمن في حلوقنا، لتصادف كل هذا بالذكرى الأولى لانطلاقة الانتفاضة "الثانية" في فلسطين.
وبرغم هذا، ليس من حقنا أبدا، أن نطالب شعبا يرزح وحدة تحت الاحتلال، ويرد بالصدور العارية، لأبنائه وبدموع ثكالاه وأيتامه، حرب إبادة وتطهير، أن يواصل الموت والقبول بكل أنواع الإذلال والتعذيب، ليمنحنا زهو الشعور بعروبتنا وقدرتنا على الصمود في وجه الأعداء، خاصة أن الانتفاضة لم تنفجر، حسب أحد المحللين، الا بعدما أصيب الفلسطينيون بالضجر من شدة تهذيب القرارات العربية، وبعدما تأكد لهم أن الدبلوماسية ليست أكثر من لجوء عربي للتمييز بين العار والشجاعة.
وعتاب فلسطيني الداخل لنا. وجهرهم بمرارة خيبتهم بنا، نسمعهما بعبارات واضحة كلما قصدتهم الكاميرا، أمام دمار بيوتهم، فتصيح النساء الثكالى باكيات "أين العرب ؟ أين هم ليرونا؟".
وحدهم هؤلاء الثكالى واليتامى والمشردون والتائهون بين القرى، المهانون أمام الحواجز الإسرائيلية كل يوم، من حقهم، أن يقرروا وقف الانتفاضة أو الاستمرار فيها.
أما نحن، "حزب المتفرجين العرب"، الذين نتابع مآسيهم كل مساء، في نشرات الأنباء فعلينا ألا نبدأ منذ الآن في سباق المزايدات والاستعدادات لعقد المهرجانات بمناسبة إتمام العام الأول للانتفاضة. فليس هذا ما ينتظره منا من يشاهدوننا في فلسطين، بعيون القلب، بينما نشاهدهم بعيون الكاميرا.
وقرأت أن الروائي الراحل إميل حبيبي، لاحظ الميل العربي إلى الاحتفال السنوي بالإنتفاضة الأولى، (التي انطلقت سنة 1987) فتساءل قائلا : "إن الانتفاضة هي فعل مقارعة للاحتلال، فهل تريدون عمرا طويلا للاحتلال نحتفل به كل سنة باستمرار الانتفاضة ؟".
ذلك أن الانتفاضة أصبحت وكأنها مبتغى في حد ذاتها، "والاحتفال بها" مساهمة فيها، بينما هي وسيلة نضال يراد منها الوصول إلى مكاسب وطنية. وهو ما يختصره قول محمود درويش في الماضي، " الانتفاضة ليست مهنة".
ولذا، على الذين يفكرون في امتهان "الانتفاضة" لبضعة أيام في السنة، أن يوفروا جهدهم وأموالهم، لمعالجةالمئات من جرحاها، والتكفل بإعالة الآلاف من ضحاياها. فبهذا وحده نختبر صدقهم، وبالإحسان لعائلات الشهداء. وليس بالكلام عن ضحاياهم ينالون ثوبا وأجرا عند الله.

ري مي 27/03/2007 18:19

أحلام مستغانمي-فـي تأبين تلك الأحلام الكبيرة


استوقفني قول للكاتبة كارولين أهيم: "الحصول على دماغ يستطيع الكتابة، معناه الحصول على دماغ يعذّبك" ولو أنها خبرت لعنة امتلاك دماغ عربيّ، لأدركت نعمة عذابها، ولَقَاسَت بمقياس "ريختر" للألم فاجعة أن تكون كاتبة عربية في زمن كهذا.
ذلك أنّ الكاتب العربي يشهد اليوم تأبين أحلامه.
شيء ما يموت فينا، ويُشعرنا بخواء النهايات· ثمّة عالم جميل ينتهي ونحن نستشعر ذلك، وننتظر مذهولين حلول الكارثة.
زمن انتهى بأحلامه ومثالياته ونضالاته، وقضاياه المفلسة.
نشعر بخفّة الألم، لا خفّة مَن أزاح عن كاهله مشكلات حملها عُمراً بكامله، بعدما عثر لها أخيراً على حلول، وإنما خفّة من تخلّص أخيراً من أوهامه.
سعادتنا تكمن في فاجعة اكتشافنا أنه لم يعد في إمكان أحد أن يبيعنا بعد الآن قضيّة جديدة، مقابل أن يسرق من عمر أبنائنا جيلاً أو جيلين آخرين. فالشعارات المعلَّبَة، الجاهزة للاستهلاك، التي عشنا عليها، انتهت مدّة صلاحيتها، وأصبحنا نعرف من أي "سوبرماركت" استوردها من روّجها، وكم تقاضى بعضهم ولايزال، مقابل تسميمنا ومنع نموّنا الطبيعي، واختراع حروب وكوارث، لإبقائنا أذلاء، فقراء.. ومرعوبين.
رحم اللّه محمد الماغوط· نيابة عن كلّ المبدعين العرب، اختصر في جملة واحدة سيرة حياتنا: "وُلدتُ مذعوراً.. وسأموت مذعوراً". فالمبدع العربيّ، لايزال لا يشعر بالأمان في بلد عربي. وإذا كان بعض الأنظمة يتردّد اليوم قبل سجن كاتب أو اغتياله، فليس هذا كرماً أو نبلاً منه، وإنما لأن العالم تغيّر وأصبحت الجرائم في حق المبدعين لا تمرُّ بسرية، بل تدخل ضمن الحسابات التي على الطاغية أن يراجعها، إذا أراد أن يقبل من جانب الغرب.
كيف في إمكان الكاتب العربي أن يكون ضمير الأمة، ولسان حقّها، وهو منذور لمزاجية بعض الحكام، ومزاج الرقيب وأهواء القارئ، الذي أصبح بدوره رقيباً يعمل لحسابه الشخصيّ، وقد يتكفل بإصدار فتوى تكفرك أو تخوّنك، محرّضاً الشارع عليك، فتخرج مظاهرات تطالب بسفك دمك وكسر قلمك، وتُدخلك القرن الحادي والعشرين من بوابة المحاكم والسجون.
كثيراً ما أضحكنا برنارد شو بتعليقاته الساخرة. لكنه حين قال "الوطن ليس هو فقط المكان الذي يعيش فيه الإنسان، بل هو المكان الذي تُكفَلُ فيه كرامته وتُصان حقوقه" كاد يُبكينا نحن العرب، عند اكتشافنا ما نعانيه من يُتم أوطان لسنا مواطنين فيها. فكيف نكون فيها كتّاباً، ونحنُ نقيم في ضواحي الأدب وضواحي الحرية، خارجين لتوّنا مذعورين من زمن ثقافة الشارب العريض، والقصائد التي تلمّع حذاء الحاكم، وتُبيِّض جرائم قطّاع طرق التاريخ، لنقع في فخّ العولمة.. فريسة للثقافات المهيمنة ولطُغَاة من نوع جديد، لا يأتونك على ظهر دبّابة، إنّما يهدونك مع رغيف البنك الدولي·· مسدساً ذهبياً لإطلاق النار على ماضيك!
الذين يروّجون لثقافة النسيان، ما سمعوا بقول أبو الطالب الدمستاني "إنّ أطلقت نيران مسدسك على الماضي، أطلَق المستقبل نيران مدافعه عليك". ولا أدري كيف في إمكاننا إنقاذ المستقبل، من دون أن نعي الواجب التأمُّلي للمبدع ودوره في حماية الهوية العربية، ذلك أن معركة الألفية الثالثة ستكون ثقافية في الدرجة الأولى، وعلينا ألاّ نكون مغفّلين ولا مستغفلين أمام هيمنة ثقافية لا يمكن أن تكون بريئة.
إنّ المبدع والمثقف العربي، هو آخر صرح بقي واقفاً في وجه بعض الحكام، الذين لا ينتظرون إلاّ غفوة أو غفلة منه ليسلّمونا شعوباً وقبائل إلى الغرب، على طبق العولمة أو التطبيع.
هذا المبدع الذي حدّد نفسه منذ أجيال "مبدع الضد"، أتعبته القضايا المفلسة، والمشي في جنازة أحلامه. وقد يأتي يوم لا يجد فيه قضية عربية تستحق منه مشقّة النضال. ويومها ليس وحده مَن سيبلغ عمق الكارثة.. بل الأُمّـة كلّها!

ري مي 04/04/2007 23:10

أحلام مستغانمي-أخذ معه كلّ ذلك الضوء


كلّ نيسان لا أستطيع إلاّ أن أذكره. مذ رحل ونحن نحاول إنقاذ النار، التي أشعلها فينا نزار قباني ومضى. ذلك الطفل الزوبعة، ذلك الشاعر الذي حيث يمرُّ تشتعل بمروره فتيلة الشعر.
نقف دَهِشين أمام رمادنا بعده· لماذا خالفنا نصائحه ورحنا نؤمّن على حياتنا ضدّ الحرائق الجميلة؟ وما نفع ما ننقذه؟ وماذا لو كان الشيء الوحيد الذي أنقذناه حقاً، هو كلّ ما سرقناه من العمر، وسلَّمناه وليمة للنار.. نـــار الحياة؟
ليس عَجَبَاً، أن يكون نزار قد أنهى حياته بطلب كوب من الماء، بكلمة "شكــراً". فنزار قبّاني حالة ناريّـة، قبل أن يكون حالة شعرية. إنه يُذكّرني بـ"بودلير" الذي كان يقول، ليُثبت غرابته، إنّ أول كلمة لفظها عندما بدأ النطق. كانت Allumette أي "كبريت". ولا أذكر أن "نيرون" نفسه قد طالب أبويه، حال وصوله العالم، بالنار، هو الذي أحرق روما في نـزوة لهـب.
لا أدري مِن أين جَـاءَت نزار هذه النزعة النيرونية لإضرام النار في تلابيب النساء، اللائي أحببنه وأحبّهنّ في أثواب نومهنّ، وفساتين سهراتهنّ، ومناديل بكائهنّ، وكلِّ ما لبسنه لموعدهنّ الأول معه، أو ما نسينه في غرفته بعد موعد حُـبّ، ولِمَ كلُّ مدينة أحبَّها أو مرَّ بها، شَـبَّ فيها الحريق، ولم يستطع رجال الإطفائيّة، العاملون على حفظ التقاليد وضبط السلوك، من أجلها شيئاً؟
أكان يتسلّى بألسنة اللهب، ثم يركب قطار الشعر المفخخ كبريتاً، ليُجرِّب فينا سياسة الأرض المحروقة، تاركاً الناس خلفه مفزوعين مهرولين محمّلين، كلٌّ بدلو من الماء.
نزار لم يكتب يوماً بأصابعه، بل بأصابع "الديناميت"، التي كان يُعدّها لنا بنوايا إجراميّة، وبكلِّ عناية شعرية، كما تلفُّ النساء في كوبــا على حجورهنّ السيجار الفاخر.
الآن، نكتشف ذلك، وقد توقّفت تلك الانفجارات التي كان يُحدثها بين الحين والآخر، فيهزّنا بها، بلداً بعد آخر، وفرداً بعد آخر· ولذا، بعد رحيله، ساد العالم صمت شعري رهيب، لا لأنّ شاعراً كبيراً مات، ولكن، لأنّ وهمنا بالشعر انطفأ، ولم يعد في إمكان أحد أن يجعل من تفاصيل حياتنا العادية حالة شعرية.
عند رحيله، استبشر بعض الشعراء خيراً، وتوقّعوا أنهم بموته سيكبرون، وبغيابه سيتقدّمون صفّـاً. ولكنهم أخطأوا في حساباتهم· فالشعر فضّاح لِمَن دونه، وقد يجعل شاعراً يزداد حضوراً بغيابه، وآخر يصغر، على الرغم من ضوضائه· ولذا، فإنّ الشعراء الذين كانوا في حياته كباراً، مازالوا كذلك، وأولئك الذين كانوا أقزاماً سيبقون كذلك، ولا جدوى من وقوفهم في طوابير الشعر. الشاعر كائن لا ينتظر· الشعر هو الذي ينتظره عصوراً.
نزار لم يقف يوماً في الصف، لقد كان منذ نصف قرن، وحتى بعد موته، صفّاً في حدّ ذاته، يمتد من أوّل إلى آخر الخريطة العربيّة، وعَلَمَاً شعرياً تصطف خلفه أمة بأكملها. كان صوت عصرنا الشرعيّ، وابن القبيلة والمتمرّد عليها، الذي أصبح بانقلاب شعريّ مَلِكَها.
لقد كان نزار يقول: "إنّ المبدعين خُلِقُوا ليزرعوا القنابل تحت هذا القطار العثمانيّ العجوز، الذي ينقلنا من محطّة الجاهلية الأولى إلى محطة الجاهلية الثانية". وأثناء زرعه تلك الألغام، نسف نزار خلال نصف قرن كلَّ الشعراء، الذين ركبوا قطار الشعر من دون تذاكر، ومن دون أن يدفعوا شيئاً مقابل هذا اللقب. وحاولوا السفر معلّقين بأبواب القطارات والمهرجانات الضوضائيّة.
لقد قضى عمره في ركلهم و"دفشهم" ومحاولة الإلقاء بهم من النافذة، دائم السخرية منهم والاستخفاف، وما سمعوه ولا صدّقوه. والآن، وقد نزل وتركهم يسافرون نحو حتفهم في ذلك القطار المجنون، نعي أنه رحل وهو يحاول إنقاذ آخر قصيدة من أيدي مرتكبي الجرائم الشعريّة. ورحل وهو يحاول إنقاذ آخر أنثى قبل وصول التتار.
ذهب وهو يحاول إصلاح العطل الأبديّ في مولّدات الفرح العربيّ، ولذا مات بصعقة كهربائية، مُعلَّقاً إلى قنديل الشعر، أثناء محاولته إدخال الكهرباء في شارع الحزن العربيّ.
رحل آخذاً معه كلّ ذلك الضوء.

ري مي 09/04/2007 00:37

أحلام مستغانمي-نريده وسيماً وذكياً ومثقفاً ولطيفاً وثرياً.. ووفياً!

ولو سئلنا، نحن النساء، لحظة اختيارنا رجل حياتنا، أيّ صفة من هذه الصفات يمكننا أن نضحي بها، لقبلنا التنازل عن كلّ شيء.. إلاّ عن وفائه لنا.
ذلك أن إخلاص رجل نحبّه، هو طمأنينتنا، وزهونا وسرّ تشاوفنا على الأخريات، وعقد أماسيٌّ نلبسه في سرّنا، ويجعلنا نبدو أجمل من دون أن نكون قد وضعنا شيئاً حول جيدنا.
لكن، تاريخ الرجال طاعن في الخيانة.. والرجل الوفيّ "حيوان ذكوري نادر" نتمنّى استنساخه لو استطعنا. غير أنّ العلماء، بَـدَل أن ينشغلوا باستنساخ بعض الذئــاب وتوزيعها على نساء الأرض، راحــوا يستنسخون لنا النعجة "دوللي".
أما لماذا الذئــاب، فلأن الذئب هو أكثر ذكور الحيوانات وفاء، أو هكذا شُبّه للعلماء، مقارنة ببقيّة الحيوانات التي تحترف الخيانة.. المتبادلة. فحتى الكلب، هو وفيّ لسيِّده وخائن لأُنثاه، والقطة، حاشاكُم، لا تختلف عنه في نزواتها الشّبَاطيَّة" نسبة إلى شهر شباط/فبراير، الشهر الذي تتسوّق فيه ليلاً، وتمنع عباد اللّه من النوم لفرط موائها، حتى يأتي لنجدتها ما هبَّ ودبّ من قطط الأحياء المجاورة· يشهد على ذلك التشكيلة العجيبة لصغارها.
أما الفئران والأسُود والطيور والزواحف والأسماك والفيَلَة، فبالاختصار، حسب أغنية فيــروز "مش فارقة معاها". فهل الوفاء "حماقة إنسانية" أم ميزة أخرى يتميّز بها الإنسان عن الحيوان، كتميّزه عنه بالعقل والإيمان والنطق؟ ربما لأنه نطق، وجد آدم نفسه مجبراً على أن يقول لحواء "أحبّك"، وكان يعني "أشتهيك"، وعندما بدأت حواء تطالبه بالزواج، والإخلاص، وتلاحقه بالتحرّيات والأسئلة· وهكذا وصلت الإنسانية إلى ما هي عليه من نفاق!
المشكلة، أننا نحتاج أحياناً إلى تصديق بعض الأكاذيب والأوهام الجميلة، حتى لا نكتشف بشاعة حقيقة نظنّ أننا غير معنيين بها، وأنها لسبب أو لآخر، لا تحدث إلاّ للأخريات.
شخصياً، آخذ حكمتي من العجائز ويحضرني قول أمي: "الرجال والزمان.. ما فيهم أمَان". ولو كان لي من نصيحة أقدّمها للنساء لكانت تلك التي كانت تُسديها إليَّ حماتي كلّما جئت بشغّالَة جديدة، وتركت لها تلقائياً كل خزائني مفتوحة، مطمئنة إلى ما يبدو عليها من صدق وأمانة. وكانت حماتي تقول: "تعوّدي أن تُعاملي كلَّ من تتعرّفين إليه، على أنه قد يكون كاذباً أو ماكراً.. أو لصاً، حتى يثبت لك العكس، بدل أن تمنحيه ثقتكِ فوراً، ثم تُصدَمي به".
طبعاً، ما استفدت من هذه النصيحة. ذلك أنه يصعب على المرء أن يتوقّع من الآخرين الغدر أو الخيانة إن لم يكن قادراً على الإتيان بمثلها.
كذلك الرجال، قد تستيقظ إحدانا يوماً لتجد زوجها العاقل "البيتوتي" قد أفرغ حسابه، وفتح به بيتاً آخر، وأهداه أثناء نومها الهنيء إلى أخرى، وأحياناً أثناء انشغالها الغبيّ بالتحرِّي في قضيّة وهميّة أخرى، اخترعتها لفرط هوسها. ذلك أنّ المرأة، كما يقول ساشا غيتري، تعرف كل شيء بحدسها، ولا تخطئ إلاّ عندما تبدأ في التفكير!
الواقع، أن الزوج الخائن يرسل رموزاً وإشارات منبّهة، على المرأة التقاطها بـ"راداراتها" النسائية المتطورة، ومواجهتها بحكمة، أو بكيد نسائي، لكن من دون أن تعميها الغيرة، ويُخرجها سوء الظن من طورها، فتقطع بسكين المطبخ أحد أعضاء زوجها أثناء نومه، كما فعلت مؤخراً أخت لنا في الجنون من تركيا، بمنطق شمشون، يوم هَــدّ المعبَد عليه وعلى أعدائه.
في المقابل، أوافق تلك الجزائرية التي قرأت أنها قضمت جزءاً من لسان خطيبها أثناء تقبيله لها، بعدما اكتشفت أنه لن يتزوجها، وأنه يُخفي عليها زواجه بامرأتين له منهما أولاد.
بي فضول أن أعرف، ماذا سيقول هذا الزوج الخائن لزوجتيه عندما يعود إليهما، من دون لسان!

ري مي 09/04/2007 00:39

اقتباس:

أحلام مستغانمي-نريده وسيماً وذكياً ومثقفاً ولطيفاً وثرياً.. ووفياً!
:lol:
صدقا هالمقالة من أجمل ما كتبت احلام من مقالات:ss:

butterfly 09/04/2007 16:29

اقتباس:

كاتب النص الأصلي : ري مي (مشاركة 596715)
:lol:
صدقا هالمقالة من أجمل ما كتبت احلام من مقالات:ss:

:lol::lol::lol: فعلا ً مهضومة
اقتباس:

أحلام مستغانمي-نريده وسيماً وذكياً ومثقفاً ولطيفاً وثرياً.. ووفياً!
أما انا بستغني عن لطيفا ً .. لأني بحب النفسيات :o

ري مي 09/04/2007 23:47

اقتباس:

أما انا بستغني عن لطيفا ً .. لأني بحب النفسيات
:lol:
:? حقا

butterfly 10/04/2007 00:57

اقتباس:

كاتب النص الأصلي : ري مي (مشاركة 596749)
:lol:
:? حقا

:lol::lol::lol::lol:
رح نحول الموضوع للتشات .. :onetv:
بس أي حقاً ,.,, :cry:
في سمايلي عالماسنجر عندي مسميتو مأنف ( الرجل اللي بيلفت نظري غالباً بتكون عليه هالسحنة .. )

ري مي 11/04/2007 00:02

الحب أعمى.. لاتحذر الاصطدام به

كلّما رُحـــت أُوضّب حقيبتي لأيِّ وجهة كانت، تذكّرت نصيحة أندريه جيد: “لا تُهيئ أفراحك”، وخفت إن أنا وضعت في حقيبتي أجمل ثيابي، توقُّعاً لمواعيد جميلة، وأوقات عذبــة، قد تهديني إياها الحياة، أن يتسلّى القَدر بمعاكستي، وأشقى برؤية ثيابي مُعلَّقة أمامي في الخزانة، فيتضاعف حزني وأنا أجمعها من جديد في الحقيبة إيّاها من دون أن تكون قد كُوفِئَت على انتظارها في خزائن الصبر النسائي، بشهقة فرحة اللقاء•• و”الرقص على قدميـ(ـه)”، حسب قول نــزار قباني•
مع الوقت، تعلّمت أن أفكَّ شفرة الأقدار العشقية، فأُسافر بحقيبة شبه فارغة، وبأحلام ورديّة مدسوسة في جيوبها السرّية، حتى لا يراها جمركيّ القدر فيحجزها في إحدى نقاط تفتيش العشّاق على الخرائط العربية•
بتلك الثياب العادية التي لا تشي بأي نوايا انقلابية، اعتدت أن أُراوغ الحياة بما أُتقنه من أدوار تهويميّة تستدعي من الحبّ بعض الرأفـــة، فيهديني وأنا في دور “سندريللا” أكثر هداياه سخاءً•
ذلك أنّ الحـبَّ يحبُّ المعجزات• ولأنّ فيه الكثير من صفات الطُّغاة•• فهو مثل صدّام (حسب شهادة طبيبه) “يُبالغ إذا وهب، ويُبالغ إذا غضب، ويُبالغ إذا عاقب”• وكالطُّغاة الذين نكسر خوفنا منهم، بإطلاق النكات عليهم، نحاول تصديق نكتة أنّ الحب ليس هاجسنا، مُنكرين، ونحنُ نحجز مقعداً في رحلة، أن يكون ضمن أولويات سفرنا، أو أن يكون له وجود بين الحاجات التي ينبغي التصريح بها•
يقول جــان جـاك روسو: “المرأة التي تدَّعي أنها تهزأ بالحبّ، شأنها شأن
الطفل الذي يُغني ليلاً كي يطرد الخوف عنه”•
من دون أن أذهب حدّ الاستخفاف بالحبّ، أدَّعي أنني لا آخذه مأخذ الجدّ•
في الواقع، أبرمت ما يشبه مُعاهدة مُباغتة بيني وبين الحبّ، وأن يكون مفاجأة أو “مفاجعة”• فهو كالحرب خدعة• لــذا، أزعــم أنني لا أنتظر من الحب شيئاً، ولا أحتاط من ترسانته، ولا ممّا أراه منهمكاً في إعداده لي، حسب ما يصلني منه من إشارات “واعـــدة”، واثقة تماماً بأنّ أقصر طريق إلى الحب، لا تقودك إليه نظراتك المفتوحة تماماً باتِّساع صحون “الدِّش” لالتقاط كلّ الذبذبات من حولك، بل في إغماض عينيك وترك قلبك يسير بك•• حافياً نحو قدرك العشقيّ• أنتَ لن تبلغ الحب إلاّ لحظة اصطدامك به، كأعمى لا عصا له•
وربما من هذا العَمَـى العاطفي الذي يحجب الرؤيــــة على العشّاق، جــاء ذلك القول الساخــر “أعمــى يقــود عميـــاء إلى حفـرة الزواج”• ذلك أنّه في بعض الحالات، لا جدوى من تنبيه العشّاق إلى تفادي تلك المطبّات التي يصعب النهوض منها•

ثــمَّ، ماذا في إمكان عاشق أن يفعل إذا كان “الحب أعمى”، بشهادة العلماء الذين، بعد بحث جاد، قام به فريق من الباحثين، توصَّلوا إلى ما يؤكِّد عَمَى الْمُحب• فالمناطق الدماغيّة المسؤولة عن التقويمات السلبية والتفكير النقدي، تتوقف عن العمل عند التطلُّع إلى صورة مَن نحبّ• ومن هذه النظرة تُولدُ الكارثة التي يتفنن في عواقبها الشعراء•
وبسبب “الأخطــــار” التي تترتَّب عليها، أقامت محطة “بي•بي•سي”، بمناسبة عيد العشّاق، مهرجاناً سمَّته “مهرجان أخطار الحب”، استعرضت فيه كلَّ “البــــلاوي” والنكبـــات، التي تترتَّــب على ذلك الإحساس الجــارف، من إفلاس وانتحار وفضيحة وجنون

ري مي 11/04/2007 00:15

تشي بكَ شفاهُ الأشياء

قلت لك مرة: "أحلم بأن أفتح باب بيتك معك". أجبت "وأحلم بأن أفتح بيتي فألقاكِ".
من يومها، وأنا أفكر في طريقة أرشو بها بوّابك كي ينساني مرة عندك.. أن أنتحل صفة تجيز لي في غيبتك دخول مغارتك الرجالية. فأنا أحب أن أحتل بيتك بشرعية الشغّالات.. أن أنفض سجاد غرفة نومك من غبار نسائك.. أن أبحث خلف عنكبوت الذكريات عن أسرارك القديمة المخبأة في الزوايا.. أن أتفقد حالة أريكتك، في شبهة جلستها المريحة.. أن أمسح الغبار عن تحفك التذكارية، عسى على رف المصادفة تفضحك شفاه الأشياء.
* * *
أريد أن أكون ليوم شغّالتك، لأقوم بتعقيم أدوات جرائمك العشقية بالمطهرات، وأذيب برّادك من دموعي المجلدة، مكعبات لثلج سهرتك.. أن أجمع نسخ كتبي الكثيرة، من رفوف مكتبتك، منعا لانفضاحي بك.. ومنعا لإغرائك أخريات بي.. أن أستجوب أحذيتك الفاخرة المحفوظة في أكياسها القطنية، عمّا علق بنعالها من خطى خطاياك.. أن أخفيها عنك، كي أمنعك من السفر.. (هل حاولت امرأة قبلي اعتقال رجولتك.. بحذاء؟).

* * *

أحب في غيبتك، أن أختلي بعالمك الرجالي، أن أتفرج على بدلات خلافاتنا المعلقة في خزانة، وقمصان مواعيدنا المطوية بأيدي شغّالة فلبينية، لا تدري كم يحزنني أن تسلّم رائحتك للصابون.
أحب.. التجسس على جواريرك.. على جواربك.. وأحزمتك الجلدية.. وربطات عنقك.. على مناشفك وأدوات حلاقتك وأشيائك الفائقة الترتيب.. كأكاذيب نسائية.

* * *
تروق لي وشاية أشيائك.. جرائدك المثنية حسب اهتمامك.. مطالعاتك الفلسفية، وكتب في تاريخ المعتقلات العربية، وأخرى في القانون. فقبلك كنت أجهل أن نيرون يحترف العدالة.. وكنت أتجسس على مغطس حمامك.. وعلى الماركات الكثيرة لعطورك، وأتساءل: أعاجز أنت حتى عن الوفاء لعطر؟.

* * *
كم يسعدني استغفال أشيائك.. ارتداء عباءتك.. انتعال خفيك.. الجلوس على مقعدك الشاغر منك.. آه لو استطعت مدّ فوطاي.. وفرد أوراقي على مكتبك.. وكتابة مقالي القادم في انتظار أن تفتح الباب.
أن أتناول فطور الصباح في فناجين قهوتك.. على موسيقاك.. وأن أسهر برفقة برنامجك السياسي.. ذلك الذي تتناتف فيه الديكة.. ثم أغفو منهكة، على شراشف نومك..
دع لي بيتك وامض.. لا حاجة لي إليك.
إني أتطابق معك بحواس الغياب.

butterfly 11/04/2007 00:18

1 ملف مرفق .
اقتباس:

كاتب النص الأصلي : ري مي (مشاركة 596801)
نحاول تصديق نكتة أنّ الحب ليس هاجسنا، مُنكرين، ونحنُ نحجز مقعداً في رحلة، أن يكون ضمن أولويات سفرنا، أو أن يكون له وجود بين الحاجات التي ينبغي التصريح بها•
يقول جــان جـاك روسو: “المرأة التي تدَّعي أنها تهزأ بالحبّ، شأنها شأن
الطفل الذي يُغني ليلاً كي يطرد الخوف عنه”•

:?:?:?:?
أنو هالجملة ... كتير استوقفتني ..
حلوة كتير هالمقالة .. وحبيتا أكتر من مقالة الشب اللي عضتلو حبيبتو لسانو :lol:
يمكن لأنا لمست شي فيي .. متل اللي عم يضحك عحالو ولقطوه :oops::cry:
وهي صورة معبرة عن المقالة
يسلمون ري مي ...
بس كأنو منزلتيا قبل ما ؟؟ ولا أنا هيك حسيت

ري مي 11/04/2007 00:19

أنو ......................................أي
:hart: :oops: :sosweet:

ري مي 11/04/2007 00:21

اقتباس:

كاتب النص الأصلي : butterfly (مشاركة 596803)
:?:?:?:?
أنو هالجملة ... كتير استوقفتني ..
حلوة كتير هالمقالة .. وحبيتا أكتر من مقالة الشب اللي عضتلو حبيبتو لسانو :lol:
يمكن لأنا لمست شي فيي .. متل اللي عم يضحك عحالو ولقطوه :oops::cry:
وهي صورة معبرة عن المقالة
يسلمون ري مي ...

;-) أنتي تعابيرك رهيبة...

هلاااااااااااااااا:D

butterfly 11/04/2007 00:25

اقتباس:

كاتب النص الأصلي : ري مي (مشاركة 596804)
أنو ......................................أي
:hart: :oops: :sosweet:

لاااااااااااااااااااااااا ااااااااااااااااااااااااا اااااا :shock::?
وضعك خطير المقالة التانية رهيبة جدا ً .. بس شو قصتك مع المشاعر :cry::cry:
انو أنا بأكتر فترة قحط .. وما طايقة سيرة الحب .. والزلم :lol: او بالأحرى من زمان كتييييييييييييييييير ما لمحتلي شي زلمي :p

لأ وعم يخونا الملعون :o... حبيتو لزلمتا لأحلام ..
لأنو كمان بحبو نفسية وأزعر :lol::lol:

ري مي 11/04/2007 00:30

خواطر عشقية … عجلى


في إمكان أيّ حَشَـرَة صغيــرة أن تهزم مُبدعــاً تخلّى عنه الحــبّ•
هذا المبدع نفسه الذي لم يهزمه الطُّغاة ولا الجلاّدون ولا أجهزة المخابرات ولا دوائر الخوف العربيّ•• يوم كان عاشقاً•
***
لم أسمع بزهرة صداقة نبتت على ضريح حبّ كبير• عادة، أضرحة الفقدان تبقى عاريــة• ففي تلك المقابر، لا تنبت سوى أزهار الكراهية• ذلك أنّ الكراهية، لا الصداقــــة، هي ابنة الحب•
***
لابد لأحدهم أن يفطمك من ماضيك، ويشفيك من إدمانك لذكريات تنخـر في جسمك وتُصيبك بترقُّق الأحلام• النسيان هو الكالسيوم الوحيد الذي يُقاوم خطر هشاشة الأمل•
***
إنْ لم يكن الحبّ جنوناً وتطرّفاً وشراسة وافتراساً عشقياً للآخــر•• فهو إحساس لا يُعـــوّل عليه•
***
ليس في إمكان شجرة حبّ صغيرة نبتت للتوّ، أن تُواسيك بخضارها، عن غابة مُتفحِّمة لم تنطفئ نيرانها تماماً داخلك•• وتدري أنّ جذورها ممتدة فيك•
***
إنّ حبّاً كبيراً وهو يموت، أجمل من حبّ صغير يُولد• أشفق على الذين يستعجلون خلع حدادهم العاطفي•
***
أنتَ لا تعثر على الحبّ•• هو الذي يعثر عليك•
لا أعرف طريقة أكثر خبثاً في التحرُّش بـه•• من تجاهلك له•
***
أتــوق إلى نصـر عشقيّ مبنيّ على هزيمة•
لطالما فاخرت بأنني ما انتصرت مرّة على الحبّ•• بل له•
***
بعد فراق عشقي، ثمَّة طريقتان للعذاب:
الأُولى أن تشقى بوحدتك، والثانية أن تشقى بمعاشرة شخص آخــر•
***
أيتها الحمقاء•• أنتِ لن تكسبي رجلاً إلاّ إذا قررتِ أن تحبي نفسكِ قبل أن تُحبّيه، وتُدلّليها أكثر ممّا تُدلِّليلنه• إنْ فرّطتِ في نفسكِ عن سخاء عاطفي فستخسرينه•
انظــري حولـكِ•• كـم المـرأة الأنانيــة مُشتهــــاة•

ري مي 11/04/2007 00:36

اقتباس:

كاتب النص الأصلي : butterfly (مشاركة 596806)
لاااااااااااااااااااااااا ااااااااااااااااااااااااا اااااا :shock::?
وضعك خطير المقالة التانية رهيبة جدا ً .. بس شو قصتك مع المشاعر :cry::cry:
انو أنا بأكتر فترة قحط .. وما طايقة سيرة الحب .. والزلم :lol: او بالأحرى من زمان كتييييييييييييييييير ما لمحتلي شي زلمي :p

لأ وعم يخونا الملعون :o... حبيتو لزلمتا لأحلام ..
لأنو كمان بحبو نفسية وأزعر :lol::lol:
:lol: هيك تمام معك انا:o

:lol: :lol:
قحط وبس يا مخلوقة :frown::p هالحركات بس مشان ما صدّي وأتآكل بفعل الزمن:sick:
مشان ضل متذكرة انو فيه جنس الرجال مازالو على قيد الحياة:o

butterfly 11/04/2007 00:50



اقتباس:

أنتَ لا تعثر على الحبّ•• هو الذي يعثر عليك•
لا أعرف طريقة أكثر خبثاً في التحرُّش بـه•• من تجاهلك له•
:cry::cry:

اقتباس:

أيتها الحمقاء•• أنتِ لن تكسبي رجلاً إلاّ إذا قررتِ أن تحبي نفسكِ قبل أن تُحبّيه، وتُدلّليها أكثر ممّا تُدلِّليلنه• إنْ فرّطتِ في نفسكِ عن سخاء عاطفي فستخسرينه•
انظــري حولـكِ•• كـم المـرأة الأنانيــة مُشتهــــاة•
:ss:
هون الطامة الكبرى :lol::lol: انو ما عم لاقي حدا حبو قد نفسي او يعجبني قد نفسي ... :oops:
اقتباس:

:lol: :lol:
قحط وبس يا مخلوقة :frown::p هالحركات بس مشان ما صدّي وأتآكل بفعل الزمن:sick:
مشان ضل متذكرة انو فيه جنس الرجال مازالو على قيد الحياة
منضحك موديلنا متل العوانس :lol::lol:
ريا وسكينة ... :clap::p

أما من حيث انن مازالو عقيد الحياة .... :o:o أي مازالو .. بس عم يعانو من طفرات .. خطيرة
:lol:

أنو زكرتيني بالنظرية تبعي .. الشهيرة .. ( أي بعد دراستي على سلالة الزللم زللم :lol:)
أنو ياستي طلع معي أنن
زلم فهمانين .. بدن بنت هبلة وما بتفهم وتضل عم تزقفلن :clap:
يقلا ... الأرض مدورة تقلو really ?? :shock::shock:
يقلا بتعرفي انو الاتحاد السوفيتي فرط والشباب الطيبة راحو كل مين عبيتو ؟؟
:oops::sosweet: تقلو .. حبيبي واو شو انت زكي شو انت خطير .. :o

زلم ما لن علاقة باللياقة .. كمان بدن بنت هبلة ... :lol:
ويحيا الهبل ...
( منيح ما في غيري وغيرك عم يقرا الموضوع هلق .. فضايح :lol:)

ري مي 13/04/2007 00:31

:p
اقتباس:

منضحك موديلنا متل العوانس
ريا وسكينة ...

:lol: :lol:
أما من حيث انن مازالو عقيد الحياة .... أي مازالو .. بس عم يعانو من طفرات .. خطيرة

:-(
أنو زكرتيني بالنظرية تبعي .. الشهيرة .. ( أي بعد دراستي على سلالة الزللم زللم )
أنو ياستي طلع معي أنن
زلم فهمانين .. بدن بنت هبلة وما بتفهم وتضل عم تزقفلن
يقلا ... الأرض مدورة تقلو really ??

يقلا بتعرفي انو الاتحاد السوفيتي فرط والشباب الطيبة راحو كل مين عبيتو ؟؟
تقلو .. حبيبي واو شو انت زكي شو انت خطير ..

:sad:
زلم ما لن علاقة باللياقة .. كمان بدن بنت هبلة ...
ويحيا الهبل ...
:-( :yaa3:
( منيح ما في غيري وغيرك عم يقرا الموضوع هلق .. فضايح )
ممممم بالاول وقبل ما رد ( الله يلعن محتكري الانترنت عنا)
واكيد ما فيي قلك الا انو كلامك صحيح:deal:
بس بالنهاية الا وما نتفركش بشي طفرة غير شكل تكون ما بتشبه النوعين اللي فوق:p

ري مي 15/04/2007 00:38

reemi
 
شفتان على شَفَا قُبلة


"هل عشت القبلة والقصيدة
فالموت إذن
لن يأخذ منك شيئاً"

الشاعر الإغريقي يانيس ريتسوس

**1**

اختبر الأدب بشفتيك
كيف يمكنك أن تصف متعة
ذروتها أن تفقد لغتك؟
كلّما تقدّم بنا الحبُّ نشوة
أعلن العشق موت التعبير

**2**

شفتان تُبقيانك على شَفَا قُبلة
لا شفاعة
لا شفاء لِمَن لثمتا
لا مهرب
لا وجهة عداهما أو قِبلة
مجرد شفتين أطبقتا على عمرك

**3**

ركوة قُبلتك الصباحيّة
قهوة لفمين
أغرق فيها كقطعة سكر
أرتشفها بهال الشكر
حمداً لك
يا مَن وضعت إعجازك في شفتين
وجعلتهما حكراً عليّ

**4**

ما كنت لأُحبّهما إلى هذا الحدّ
شفتاك اللتان نضجتا
بصبرحبّات مسبحة
تسلّقتا شغاف القلب
عناقيد تسابيح وحمد
ما كان لقُبَلِكَ أن تُزهر
على شفتيّ
لو أنّ فمك لم ينبت
بمحاذاة مسجد

**5**

في غفوته
في ذروة عزلته
يواصل قلبي إبطال مفعول قُبلة
فتيلُها أنت

**6**

يا للهفتك
يا لجوعي إليك بعد فراق
ساعة رملية
تتسرّب منها في قبلة واحدة
كل كثبان الاشتياق

**7**

كيف بقبلة تُوقِفُ الزمن؟
كيف بشفتين
تُلقيان القبض على جسد؟

**8**

يا رجلاً
مَن غيرك
سقط شهيداً
مُضرّجاً بالقُبَل؟

ري مي 15/04/2007 00:43

على مشجب انتظارك

حين تغضب
تعلق ضحكتك على المشجب
تترك للهاتف مكر صمتك..
وتنسحب
وتغتالني في غيبتك أسئلتي
أبحث في جيوب معطفك
عن مفاتيح لوعتي
أود أن أعرف.. أتفكر فيَ؟
أيحدث ولو لغفوة
أن تلامسني أحلامك قبل النوم؟
أن تبكيني ليلا وسادتك؟
***
حين.. أمام حماقاتي الصغيرة
تفقد كلماتك أناقتها
ويخلع وجهك ضحكته
لا أدري عن أي ذنب أعتذر

وكيف في جمل قصيرة
أرتب حقائب الكذب
أمام رجل لا يتعب
من شمشمة الكلمات
***
..على صحوة غيرتك تأتي
بثقة غجري اعتاد سرقة
الخيول
أراك تسرق فرحتي
تطفىء أعقاب سجائرك
على جسد الأمنيات
تحرق خلفك كل الحقول
وتمضي
تاركاً بيننا جثة الصمت
***
حين يستجوبني حبك
على كرسي الشكوك
عنوة يطالبني بالمثول
يأخذ مني اعترافاً بجرائم لم
أرتكبها
كمحقق لا يثق في ما أقول. .
يفتش في حقيبة قلبي عن رجل
يقلب دفاتر هواتفي. .
يتجسس على صمتي بين الجُمل
ماذا أفعل؟
أنا التي أعرف تاريخ إرهابك العاطفي
أأهرب؟
أم أنتظر؟
***
أنت الذي بمنتهى الإجرام..
منتهى الأدب
تغير أرقام قلبك
إثر انقطاع هاتفي
كما تغير الزواحف جلودها
كما تغير امرأة جواربها
عسى تجن امرأة بك.. أو تنتحر
***
منذ الأزل
تموت النساء عند باب قلبك
في ظروف غامضة
فبجثثهن تختبر فحولتك
وبها تسدد أحزانك الباهظة

Reemi 15/04/2007 01:01

اقتباس:

كاتب النص الأصلي : ري مي (مشاركة 597112)
على مشجب انتظارك

حين تغضب
تعلق ضحكتك على المشجب
تترك للهاتف مكر صمتك..
وتنسحب
وتغتالني في غيبتك أسئلتي
أبحث في جيوب معطفك
عن مفاتيح لوعتي
أود أن أعرف.. أتفكر فيَ؟
أيحدث ولو لغفوة
أن تلامسني أحلامك قبل النوم؟
أن تبكيني ليلا وسادتك؟

اقتباس:

كاتب النص الأصلي : ري مي (مشاركة 597111)
شفتان على شَفَا قُبلة


"**3**

ركوة قُبلتك الصباحيّة
قهوة لفمين
أغرق فيها كقطعة سكر
أرتشفها بهال الشكر
حمداً لك
يا مَن وضعت إعجازك في شفتين
وجعلتهما حكراً عليّ

**4**

ما كنت لأُحبّهما إلى هذا الحدّ
شفتاك اللتان نضجتا
بصبرحبّات مسبحة
تسلّقتا شغاف القلب
عناقيد تسابيح وحمد
ما كان لقُبَلِكَ أن تُزهر
على شفتيّ
لو أنّ فمك لم ينبت
بمحاذاة مسجد

**5**

في غفوته
في ذروة عزلته
يواصل قلبي إبطال مفعول قُبلة
فتيلُها أنت

**6**

يا للهفتك
يا لجوعي إليك بعد فراق
ساعة رملية
تتسرّب منها في قبلة واحدة
كل كثبان الاشتياق

**7**

كيف بقبلة تُوقِفُ الزمن؟
كيف بشفتين
تُلقيان القبض على جسد؟

**8**

يا رجلاً
مَن غيرك
سقط شهيداً
مُضرّجاً بالقُبَل؟

:clap: :clap: :clap: :clap: :clap:

يسلمووووووو:hart:

ري مي 15/04/2007 01:04

يا هلا يا هلا

butterfly 17/04/2007 22:03

قدر الفراشة وقوتها

كلّ صيفتُورّطني الفراشات الليليّة في أسئلة أكبر من أجنحتها. عَبَثَــاً أقول، إنني لستمعنيَّة بقدرها، بعد أن عجزت عن منعها من الاحتراق.
"
هل يمكن أن تحميأحداً منقدره؟" سؤال قلَّبته فلسفياً ودينياً وشعرياً وعشقياً، فزادتني تأمُّلاتي حزناً. الفراشة الليليّة تنام وتموت فَارِدَة جناحيها (عكس فراشة الحقول) الدقيقة في حياةفراشة تساوي 3650 دقيقة من حياتنا. أتكون جاءت فقط لتموت ليلاً مأخوذة بالنور؟ وقبلأن توجد الكهرباء، أين كانت تعثر الفراشات الليليّة على قاتلها؟ وهل كانت تموت أكثرحزناً لأنها ترحل من دون أن تُزفّ للنور؟ وهل الدقائق التي تقضيها على الأرض فيانتظار "محرقة الحبّ"، تبدو لها قصيرة، أم طويلة بما يعادل سنوات من الترقُّببالنسبة إلى امرأة عاشقة؟ أهــي مَن قالت "والثواني جمراتٌ في دمي"، أم نحنُالنساء؟
كأُنثى، أتعاطف مع الفراشات، وككاتبة، أُطالب بسمائها سقفاً لحريتي. فـ"حتى تحليق الفراشة البسيطة يحتاج إلى السماء كلّها"، حسب پول كلوديل (الذي علىالرغم من قوله هذا حين أحبّت أخته كامي كلوديل النحّات الشهير رودان، لم يتردّد فيالتواطؤ مع "رودان" الذي خلّدها في أشهر تماثيله، أن يمنع عنها الأوكسجين، ويبعثبها إلى مصحّ عقلي حيث أنهت حياتها). وحدها الفراشات لا يمكن سجنها. على الرغم منلوثة النونر التي تولد بها.
كلّ صيف أُراقبها، تتواطأ مع الحرّ ضدّي، عندماليلاً في "كان" أفتح نافذة شرفتي التي حوّلتها إلى مكتب زجاجيّ أقضي فيه جلّ ليلي،فتهجم على مصباح "الألوجين" ذي الإضاءة العالية.. والعارية، فتصطدم "بلمباته" المستطيلة فائقة الاشتعال. وفي دقائق تتساقط أرضا الواحدة تلو الأُخرى، أو تبقىعالقة بالمصباح، تاركة في الجوّ رائحة شـي جسدها الصغير.
مشكلتي، في كوني أحتاجإلى إضاءة قوية للكتابة، حتى أبقى مستيقظة. فأنا لا أكتب إلاّ ليلاً. ثمّ إنّ موجةالحرّ التي عرفتها فرنسا في الأعوام الأخيرة، ومات بسببها عشرات الأشخاص، تجعلكمرغماً على فتح النوافذ، بحثاً عن نسمة ليليّة.
وهكذا، كلَّ مساء أجدني أمامالخيارات الثلاثة إيّاها: أن أغلق النافذة و"أفطس" من الحرِّ، أو أفتحها فتحترقالفراشات، أو أُطفئ الإضاءة القوية فأستسلم فوراً للنوم، وأخسر ليلة كتابة.
أمامجثة أوّل فراشة، أحسم قراري، ليذهب إلى الجحيم هذا النصُّ الذي كنت سأكتبه، إن كانتكتابته تستدعي موت سرب من الفراشات. كيف لي أن أسعَد به وأن أدّعي بعده أنني "شاعرة"، بل ومؤمنة، إن كنت أدري في سرِّي أنني دوّنته على غبار أجنحة الفراشاتالمحروقة التي دخلت بيتي مبتهجة فسلمتها إلى حتفها؟
"
تاباكوف"، صاحب رواية "لوليتا" الشهيرة، كان لفرط شغفه بالفراشات، يهوى جمعها وتجفيفها، حتى إنه نجح فياكتشاف فراشة جديدة لم يكن عرفها أحد، فأطلق العلماء عليها اسمه. لا أريد أن يُطلَقاسمي على فراشة، أُفضِّل أن يُقال إنني كاتبة لم تؤذ فراشة بقلمها، لكنها ظلّت حتىآخر عمرها تحارب التماسيح والثعالب وأسماك القرش.
لأنني مؤمنة، ولأن الدينمعاملة، أُعامل كلَّ مخلوقات اللّه بما يليق بها من رحمة، وأعجب أن يقول جنديأميركيّ جاءنا في حملة تبشيريّة، ليهدينا إلى "معسكر الخير": "قتل الناس في العراقيُشبه "سحق نملة"، والجندي المؤمن الذي اغتصب الفتاة الصغيرة "عبير" وقَتَلَها معثلاثة من أهلها، صرَّح وهو يغسل يديه من "كاتشاب" دمها: "هناك تقتل شخصاً ثمَّتقول: حسناً، لنذهب لتناول (البيتزا)".
في "الفارويست" لا توجد فراشات، ولذامعذور هذا "الكاوبوي" إن لم يرَ في حياته فراشة، ولا حاول رسمها. أُفكِّر فيالمسرحيّ العظيم ريمون جبارة، حين كتب مرّة: "أنصح كلَّ الأهل بأن يُعلِّمواأطفالهم كيف يرسمون فراشة، لأن الذي يرسم فراشة لا يقتلها، وبالتالي لا يقتلالناس".
أقتــرح على بوش، المعنيّ مؤخراً بتحسين صورة أميركا في الخارج، دونجدوى، أن يُعلِّم جنوده، بين شريحتي "بيتزا" يلتهمونهما، كيف يرسمون فراشة.

ري مي 17/04/2007 23:53

أحلام مستغانمي-هل خبرتم عنفوان الخاسرين؟


ü مَدينةٌ أنا لأجمل ما حلّ بي، لتلك المرات التي لعبت فيها قدري على طاولة الحياة، باستخفاف المقامرين الأثرياء، فقلت "لا" حيث كان لابد أن أقول "نعم". و"بلى" حيث كان عليَّ أن أصمت، فازددت مع كلّ إفلاس ثراءً، وأصبحت لفرط خساراتي كاتبة.
بي افتتان بالخسارات الجميلة، تلك التي نفقد فيها ما اخترنا خسارته بتفوّق، على مرأى ممَّن سينحنون بعدنا للملمته. أمعن في جرائم الهدر، إكراماً للحظة زهو لا أُشهد عليها سوى ضحكتي.
لا شيء يستحق الانحناء، لا خسارة تستحق الندم. هل خبرتم عنفوان الخاسرين؟
أصدقائي المبدعين.. أصدقائي الجميلين الخاسرين.. هل أواسيكم إن قلت إنّ المبدع غنيّ باستغنائه، ثري بخساراته؟ لذا قال هنري ميشو ساخراً من فداحة ما أضاع: "ألقِ أوراقك.. أقل لك.. أنت لن تربح إلاّ في الخسارة!".

ü كتب غوستاف فلوبير إلى عشيقته يقول: "كم من الرذائل كنت سأملك لو لم أكتب".
مثله اعتقدت دوماً أنّ الكتابة تطهّرنا وتغسلنا. بينما يوجد الخُبث والقَذَارة في زوايا النفوس المريضة، حيث يكثر عنكبوت الصمت.. والكبت.
لذا، أشعر بأن المبدع في خطر مادام هو في حالة كسل. فعندما يُجرَّد الكاتب من أقلامه، يتحوّل إلى إنسان عاديّ ضجر. والضجر كأخيه الكسل.. أبو الموبقات!

ü أنا القادمة من الميراث التراجيدي للكتابة العربيّة، كلّ اهتمام أو تكريم يكاد يوجعني ويغتالني بأضوائه، في كلّ ضوء خيانة للكتابة، وخيانة لرفاق آخرين يزيد ضوؤك من عتمتهم، وتزيد عتمتهم من وهمك بأنّك الأهم. فالكاتب مهيّأ للغرور الأدبي. وقد ينتهي به الأمر إلى أن يأخذ نفسه مأخَذ الجد، بدل أن يأخذ الكتابة مأخذ الجدّ، وعندها تكون نهايته.. لذا، كان فولتير يقول: "إنّ الكاتب يموت مختنقاً تحت باقات الورود". ولذا مازلتُ مع محمود درويش أردّد: "وردٌ أقل.. أحبّتي ورد أقلّ"!

ü أفكّر في الصديقة فاطمة حقيق، إحدى سيّدات ليبيا المتفانيات في خدمة الثقافة، التقيتها في معرض فرانكفورت الدولي للكتاب، فهي تدير إحدى كبرى المكتبات ودُور النشر الليبيّة.. كانت تسعد برواج كُتبي، وتسعَد لكلّ قارئ يُغادر مكتبتها برفقة كتاب. تركت لي كلمة اعتذار مقروءة عندما تعذّر عليها حضور محاضرتي بسبب وضعها الصحّي.
امرأة نَذَرَت عمرها للكتب.. ونسيت أن تكون كتاباً.
إنها تذكّرني بقول الكاتب عاموس عوز، أحد مؤسسي حركة "السلام الآن"، الذي يحكي أنّه كان يردّد في شبابه: "عندما سأكبر أريد أن أصبح كتاباً، فذلك أقلّ خطورة من أن تكون إنساناً· فقد تنجو نسخة منك على الأقل". لو كانت تدري أنّ مَن راقب الكِتَاب مات همّاً.. لربما غيّرت مهنتها.
كلّما تعمّقت في قول عاموس عوز.. كبرت أسئلتي: هل الأجمل أن تكتُب.. أم أن تنكتب؟
ثمّ، في عالَم عربيٍّ يقع فيه الكتاب كلّ يوم قتيلاً في شوارع المتنبي، ومحروقاً في جامعات فلسطين، ويُقاد كالمجرمين إلى المحاكم في أكثر من عاصمة عربيَّة لا تمارس مرجلتها وفحولتها إلاّ على الكتب.. أليس ضرباً من الجنون أن يتمنّى المرء أن يكون كتاباً.

butterfly 18/04/2007 00:12

اقتباس:

كاتب النص الأصلي : ري مي (مشاركة 597582)

لا شيء يستحق الانحناء، لا خسارة تستحق الندم. هل خبرتم عنفوان الخاسرين؟

حلوة حلوة حلوة :clap::clap:

The morning 04/06/2007 11:01

حـــــان لــ هذا الـ قلب ان يـنسحب ...
 
حان لهذا القلب أن ينسحب


أخذنا موعداً
في حيّ نتعرّف عليه لأوّل مرّة
جلسنا حول طاولة مستطيلة
لأوّل مرّة
ألقينا نظرة على قائمة الأطباق
ونظرة على قائمة المشروبات
ودون أن نُلقي نظرة على بعضنا
طلبنا بدل الشاي شيئاً من النسيان
وكطبق أساسي كثيراً من الكذب.

وضعنا قليلاً من الثلج في كأس حُبنا
وضعنا قليلاً من التهذيب في كلماتنا
وضعنا جنوننا في جيوبنا
وشوقنا في حقيبة يدنا
لبسنا البدلة التي ليست لها ذكرى
وعلّقنا الماضي مع معطفنا على المشجب
فمرَّ الحبُّ بمحاذاتنا من دون أن يتعرّف علينا

تحدثنا في الأشياء التي لا تعنينا
تحدّثنا كثيراً في كل شيء وفي اللاّشيء
تناقشنا في السياسة والأدب
وفي الحرّية والدِّين.. وفي الأنظمة العربيّة
اختلفنا في أُمور لا تعنينا
ثمّ اتفقنا على أمور لا تعنينا
فهل كان مهماً أن نتفق على كلِّ شيء
نحنُ الذين لم نتناقش قبل اليوم في شيء
يوم كان الحبُّ مَذهَبَنَا الوحيد الْمُشترك؟

اختلفنا بتطرُّف
لنُثبت أننا لم نعد نسخة طبق الأصل
عن بعضنا
تناقشنا بصوتٍ عالٍ
حتى نُغطِّي على صمت قلبنا
الذي عوّدناه على الهَمْس
نظرنا إلى ساعتنا كثيراً
نسينا أنْ ننظر إلى بعضنا بعض الشيء
اعتذرنـــــا
لأننا أخذنا من وقت بعضنا الكثير
ثـمَّ عُدنــا وجاملنا بعضنا البعض
بوقت إضافيٍّ للكذب.

لم نعد واحداً.. صرنا اثنين
على طرف طاولة مستطيلة كنّا مُتقابلين
عندما استدار الجرح
أصبحنا نتجنّب الطاولات المستديرة.
"الحبُّ أن يتجاور اثنان لينظرا في الاتجاه نفسه
.. لا أن يتقابلا لينظرا إلى بعضها البعض"

تسرد عليّ همومك الواحد تلو الآخر
أفهم أنني ما عدتُ همّك الأوّل
أُحدّثك عن مشاريعي
تفهم أنّك غادرت مُفكّرتي
تقول إنك ذهبت إلى ذلك المطعم الذي..
لا أسألك مع مَن
أقول إنني سأُسافر قريباً
لا تسألني إلى أين

فليكـــن..
كان الحبّ غائباً عن عشائنا الأخير
نــــاب عنــه الكـــذب
تحوّل إلى نــادل يُلبِّي طلباتنا على عَجَل
كي نُغادر المكان بعطب أقل
في ذلك المساء
كانت وجبة الحبّ باردة مثل حسائنا
مالحة كمذاق دمعنا
والذكرى كانت مشروباً مُحرّماً
نرتشفه بين الحين والآخر.. خطأً

عندما تُرفع طاولة الحبّ
كم يبدو الجلوس أمامها أمراً سخيفاً
وكم يبدو العشّاق أغبياء
فلِمَ البقاء
كثير علينا كل هذا الكَذب
ارفع طاولتك أيّها الحبّ حان لهذا القلب أن ينسحب

fofo besset syria 04/06/2007 17:53

احلام.........مقالات...............:o:o
:clap::clap:

الموضوع ما بمشي هيك عالسريع بدو ئعدة مخمخة وتركيز وفضاوة....

بقى لي عودة على رواق بس حبيت سجل مرور وشكر علموضوع...

butterfly 08/06/2007 11:18

كلمات.. قطف سيفك بهجتها

رجل لم يدرِ كيف يردُّعلى قُبلة تركها أحمر شفاهيعلى مرآتـــه فكتب بشفرةالحلاقــةعلى قلبي:
أُحبُّـــك
***
حتماً•• رحيلك مراوغةعلىطاولات الكسل الصيفية أنتظرك بفرحت يكباقة لعبّاد الشمسفي مزهرية لكن•• فراشة الوقتعلى وشك أن تطير
***
لا تكن آخرالواصلين أحدهم سيجيء سيجيء ويذهب بي بعد أن يخلع بابانتظاري لك
***
خطاي لا بوصلة لها سواكتُكرِّر الحماقات إيّـاهــــا تنحرف بين صوبكعائدة إلى جادة الخطأ ما من عاشق تعلّم من أخطائه
***
كلمات مُدماة قطف سيفك بهجتها لن ترى حبرها الْمُراق
***
غافلة عنخنجرك ينبهني الحبر حيناً إلى طعنتك سأضع شفاه رجل غيرك ورقاً نشّافاً يمتص نزيفي بعدك
***
كما نحن تشظّى عشقنا الآسر وانكسرإبريق كنا تدفّقنا فيه منسكبين أحدنا في الآخر
***
لا تدع جثمانك بيني وبينهم كلُّ مَن صادفني وقف يُصلِّي عليك صلاة الغائبما ظننتني سأنفضح بموتك إلى هذا الحد

:mimo:



* ري مي اشتقنالك ..


Reemi 08/06/2007 15:35

اقتباس:

لا تدع جثمانك بيني وبينهم كلُّ مَن صادفني وقف يُصلِّي عليك صلاة الغائبما ظننتني سأنفضح بموتك إلى هذا الحد
:cry::cry:

اية الرحمان 08/06/2007 15:46

يعطيك العافية فراشة شي ممتاز
ياريت المرة الجية تنزليلنا كتابات لرشيد بوجدرة
وواسيني لعرج ادا في امكانية طبعا

butterfly 08/06/2007 16:22

اقتباس:

كاتب النص الأصلي : butterfly (مشاركة 619323)
خطاي لا بوصلة لها سواكتُكرِّر الحماقات إيّـاهــــا تنحرف بين صوبكعائدة إلى جادة الخطأ ما من عاشق تعلّم من أخطائه

أنا على هالجملة ...
اقتباس:

كاتب النص الأصلي : Reemi (مشاركة 619371)
:cry::cry:


butterfly 09/06/2007 13:18

برنامج خليك بالبيت – تلفزيون المستقبل
الثلاثاء 2 /12/2003
بعض ما قالت السيدة أحلام مستغانمي خلال اللقاء مع الإعلامي زاهي وهبي:

هذه إحدى معجزات الكتابة بإمكان كاتب أن يخترق كل هذه الحدود .. أنا أحلم أن أذهب إلى فلسطين و لكن كتبي تجاوزت ليس فقط الحدود بل دخلت الزنزانات.

أنا امرأة عزلاء لا أملك إلا ورقة و قلم و لكن كما يقول أدونيس :الريح عزلاء و لكنها تنتصر في كل الحروب.

النجاح اعتداء على الآخرين لأنه يفضح فشلهم.

أنا لا أريد مكاسب صغيرة أفضّل عنها الخسائر الكبيرة.

نحن لا نكتب كتب لنقضي حياتنا في الدفاع عنها بل لتدافع هي عنّا حتى بعد مواتنا.

مأساتي أنني لا أتوقع الشر من أحد.


المبدع يرد على كل فاجعة بكتاب لا يرد بمعارك .

يعتقد النقاد أنهم هم من يحاكمون العمل الإبداعي بينما العمل الإبداعي هو من يحاكمهم .

الشبهة مؤنثة و الخطيئة مؤنثة .

حرضني الماضي و حرضتني ذاكرتي .

تقول والدة الرئيس أحمد بن بللة : الطير الحر ما يتمسكش و عندما يتمسك ما يتخبطش .

الرواية هي آخر حقيبة لتهريب التاريخ .

كيف أتحايل على الرقابة العربية .. على نقاط التفتيش .. كيف أهرّب هذا التاريخ المتآمر عليه .

أفضّل الشعر على الشعراء كما يفضل الناس الحب على الحبيب .

أريد أن أوصل رسائل مشفرة إلى القارئ ..أن أحرضه … أحرضه على الثورة على الحياة على الحب على الأشياء الجميلة .



أحتاج إلى كبريائي ككاتبة و أحتاج إلى كبريائي لأواجه الورقة البيضاء و أحتاج كبريائي بالنسبة للناس الذين عندهم سلطة .

أنا لست كاتبة بنزعات إجرامية و لكن ثمة أبطال لا بد أن أقتلهم دفاعاً عن النفس .

سأكتب رواية عن الحب أريد أن اكتب حب أريد أن أرتاح أنا في الواقع الأحداث العربية أتعبتني .. أنا بلغت سن الفاجعة سآخذ إجازة نفسية أكتب فيها عمل عاطفي لكن الأعمال العاطفية لا تنجو من السياسة و لكن الحب يطغى … الحب بقى و اجمل .

:mimo:

The morning 24/06/2007 11:06

أحلام مستغانمي: الوردة تنادي على قاطفها
يا اللّه.. كم أتمنى لو استطعت يوماً، ولو قبل موتي بيوم، أن أوثّق للتاريخ كلّ الكمائن التي نُصِبَت لي ووقعتُ فيها، أحياناً بملء إرادتي، وبرغبة في التغابي.

التغابي ترف ليس في متناول الجميع.. يلزمه استعداد مسبق للخسارة مقابل ابتسامة تهكُّم لا يراها غيرك.

لا تحزنني فخاخ المال. أختي كانت تردّد: "أحب أن أدفع لأعرف حقيقة مَن أُعاشر". البعض جاهز ليخسرك من أجل القليل. قيمته تساوي بالضبط ما أعتقد أنه أخذ منك. لذا، حتى الخسارة الماديّة، هي في حقيقتها فاجعة أخلاقية.

تحزنني فخاخ المحبَّة. فكم عرفت منها ولم أتعلّم. نحنُ دائماً ضعاف أمام المحبة في سخائها وبراءتها الأُولى. الفخاخ تأتي لاحقاً.

احــــذروا المحبَّة العجلَى.. إنها غالباً ما تُغادر باكراً. لا وقت لها لانتظار الموسم المقبل. هي تفضّل القطف السريع.

كنت سأنصحكم بأن تحجبوا ورودكم عن عابري السبيل، لولا أن العطر سيشي بكم. الوردة تنادي على قاطفها ليسرقها.


الأَسرَّة الخاليّة للراحلين باكراً


الموت أُنثى. لو لم يكن كذلك، لَمَا اختار أكثر الرجال وسامة وفتوّة وبهاء، وخطفهم من زوجاتهم وحبيباتهم وأمهاتهم بذريعة أنه يُفضّلهم شهداء.


يبثُّ التلفزيون اللبناني هذه الأيام صوراً لأولئك الجميلين الذين ذهبوا، يغطّيهم علم لبنان، وتزفُّهم الأناشيد والورود إلى التراب: رفيـق الحريري جبران تويني، سمير قصير وبيار الجميّـل، ورفاق الخاتمة الواحدة، وكلّ الجنود الوسيمين الجميلين الْمُقبلِين على الحياة، والمستريحين الآن في مجد أبديّ ما كانوا مهيّئين له.

يعودون كما في شريط إعلاني بعد أن كبرت سوق الموت. يطلّون علينا بين البرامج ووسطها، قبل أغنية وبعدها، ليروّجوا لبضاعة غالية الثمن تُدعى "الحقيقة".

نحاول أن نعتذر لهم بأكاليل الورد والدموع. في كلِّ إطلالة نستحضر مآثر راحلين لا نعرفهم، ولا يعرفون أننا نبكيهم.


نحاول أن نفهم، كيف حدث ذلك؟ ولماذا؟


أكانوا وهم يتكلّمون، ويبتسمون، ويتوعّدون، ويَعِدون، ويقسمون، ويتحدّون، لا يتحدّون في الواقع أُنوثة الموت، ولا يتحرّشون إلاّ بها، كأنهم يستدرجونها وينبهونها بما أُوتوا من غرور الرجولة.. إنهم هنا؟

صديقتي التي مالت سابقاً إلى وسامة جبران رحمه اللّه، التي تنحاز اليوم إلى بسالة الجيش اللبناني، من دون أن تنسى وسامته.. مقارنة بجيوش أُخرى، هاتفتني وهي ترى شهداءه الذين يسقطون كل يوم ضحايا كمائن عصابات الموت في مخيم نهر البارد. قالت بغصّة البكاء الصامت: "هل رأيت جيشاً أجمل من جيشنا؟ بربّك قولي.. أرأيت مثل هذا العنفوان؟". وقبل أن أوافقها الرأي، واصلت: "الأُنثى التي كَادَتْ لهم، أخذتهم من إناث الأرض لتستحوذ عليهم هناك. قولي لي ماذا تفعل بهم حيث هم؟ (يا ضيعانهم!)".




أمّا وقد..


"أيتها الأرض!


إنّ جزيتك جدُّ ثقيلة


تفترسين الشبيبة


وتتركين الأَسرَّة خالية"



من أشعار نساء البشتون


في أفغانستان


ري مي 29/06/2007 01:22

اقتباس:

* ري مي اشتقنالك ..
وانا اشتقتلكن:D
شكرا ميمو و مورنينغ على المقالات:D

The morning 06/07/2007 17:31

اقتباس:

كاتب النص الأصلي : ري مي (مشاركة 635775)
وانا اشتقتلكن:D
شكرا ميمو و مورنينغ على المقالات:D

نـحنا اشـتقنـالك ويــن غــاطه:frown: ..
:D

maro18 13/07/2007 01:34

اوكلما اشتهيت اشتريت؟

عـــادالصيف، ومعه حمّى التبضُّع الصيفيّ، وموسم التنزيلات و"التشليحات"· وحدها الْمَحال الرجالية في لبنان تعاني كسادبضاعتها· التجار الذين جازفوا باستيراد ماركات أوروبية غالية، لا يدرون ماذا يفعلون بها، وقد قضت الأوضاع الأمنيّة لصيف آخر على تجارتهم، بينما يراهن باعة الثياب النسائية على هَـوَس النساءبالموضة، واستعدادهنّ للإنفاق بلا حساب، عندما يتعلّق الأمر بمظهرهن، أيّـاًكانت ظروفهن أو ظروف البلاد·

إحدى الفتيات صرّحت لصحيفة يوميّة: "إنّ المرأة اللبنانية حريصة على أن تكون أنيقة ومتميِّزة، وقد تجوع وتمتنع عن الأكل أسبوعاً كاملاًلتشتري فستاناً آخر الأسبوع"·

حسدتها،وتمنيت لو أنّ لي إمكانات أقل،وهَوَسَـاً أكبر بالموضة، حتى أعثر على مُبرِّر لتجويع نفسي، عساني أفقد بعض وزني بذريعة اقتناء فستان أحلامي· لكن، لأن الحياة غير عادلة، فأنا أفتقد شهيّة الشراء··وهنّ يفتقدن الإمكانات· وعبثاً حاولَت بعض صديقاتي، عن محبَّة وغيرة على وجاهتي،إقناعي بأنّ "واجهتي" تستحق أناقة متميِّزة، وسخاءً أكثر·

صديقتي الجميلة تيريز،فائقة الأناقة والرشاقة، بحُكم مهنتها، والأدرى بجنوني، لأنني أهديتها دائماً كلَّ ما تمنيتُ أن أرتديه، قالت لي يوماً بحزن نسائي، وبذكاء جعل منهاصديقتي المفضّلة: "أنــتِ تُهدينني ما هو غالٍ·· لأنكِ تملكين ما هو أغلى"· فحزنتُ لحدودِ سخائي العاطفيّ، وأدركتُ أنّ ما هو أغلى في الحياة لا نملك إمكانية اقتسامه··ولا حقّ إهدائه، وحمدتُ اللّه في سرِّي لأنه وهبني ما لا يُشترى· ذلك "الشيء" الذي لا أحتاج إلى سواه لأحيا·· وأكتب!

بالنسبةإلى التبضُّع،القضيّةبالنسبة إليَّ، هي أولاً قضية وقت· الوقت هو أغلى ما أملك، ومَاعُدتُ جاهزة لأنفقه،تائهة صباح مساء مع قطعان النساء في المحال، بحثاً عن قطعة "لقطة"· اللقطة بالنسبة إليَّ الآن، هي صفحة جميلة قد أكتبها أثناء ذلك، صفحة قد تخلد في كتاب،بينما،حتى الثوب الأغلى محكوم عليه بالفناء·

أعترف،تنتابني أحياناً حمّى الشراء،غالباً لأسباب نفسيّة أو عاطفيّة· لكنني قلّما أفقد عقلي أمام بضاعة غالية الثمن·

قد أبدو حمقاء، وربما كنتُ كذلك، لكنني أستحي مِن شراء شيء أدري أنني أملك أحياناً أجمل منه، وقد لا أرتديه إلاّ نادراً، بينما في إمكان ثمنه أن يردّالغبن عن شخص، وربما يُغيِّر حياته·

دون قصد أو قرار، أُثابر على رياضة نفسيّةتُقوّي مناعتي الخُلقية، وتحُول دون انهزامي أمام ما هو في متناول جيبي وليس في متناول ضميري· حتى غدت سعادتي في عودتي إلى البيت، ولم أشترِ شيئاً ممّااشتهيته·

سابقاً،كنتُ أحبُّ قولاً لكاتب فرنسي: "أحتقرُ مَن يشتهي شيئاً·أعذرُمَن يشتهي أحداً"، حتى قرأت قولاً لعمر بن الخطاب (رضي اللّه عنه)، فترك في قلبي أكبر أثر ببلاغته وحكمته، ومازلتُ منذ أسبوع أتأمّل في معانيه· وكان عمر بن الخطاب (رضي اللّه عنه) قد صادف رجلاً عائداً إلى بيته وفي يده لحم اشتراه، فقال له (رضي اللّه عنه) بعتاب المؤمن: "أوَ كُلّما اشتهيتَ اشتريت؟"·

في هذا العالم العربي الذي تُنفَق فيه مبالغ على الكماليات، تشهق لها الأرقام التي تتناقلها الشركات العالمية للمجوهرات، والعطور والساعات·· والنظارات الشمسية مثلاً، كم جميلٌ أن يذكر المرء، أياً كانت إمكاناته، هذا القول، حتى يُربِّي نفسه على القناعة،ويُعيد اكتشاف قيمة الأشياء· وعندها فقط تفوق سعادته بمقاومته الأشياء·· سعادته بامتلاكها·

اسبيرانزا 01/08/2007 18:57

شكراا جدااااااااا بصوت يصل لابعد المسافات انتى هكذا فلاى تتحفينا بالروائع . مقالات مستغانمى لا تقل روعة ابدا عن رواياتها ,, فكلاهما يجعلانا طيلة الوقت مفنجلين:o

eng.munther 07/08/2007 13:08

مقالات وحروف رائعة بكل المقاييس شكراً لكل من ساهم بكتابة الموضوع :D

shooOsh 07/09/2007 20:38

يعطيكم الف عاافية يارب
روووعة :D


الساعة بإيدك هلق يا سيدي 07:41 (بحسب عمك غرينتش الكبير +3)

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
ما بخفيك.. في قسم لا بأس به من الحقوق محفوظة، بس كمان من شان الحق والباطل في جزء مالنا علاقة فيه ولا محفوظ ولا من يحزنون

Page generated in 0.09242 seconds with 10 queries