أخوية - الاسد يوجه بشراء حقوق بث اكثر من 27 عملا دراميا محليا دعما للدراما السورية

بدا واضحاً أن ثمة حالة من التضييق تشهدها الدراما السوريّة منذ سنتين، «البعض ربط تاريخ التضييق ببدء الحصار السياسي الأخير لسوريا»، أدت إلى كساد في سوق تسويقها، وسببت تراجعاً ملحوظاً في عدد مسلسلاتها المنتجة هذا العام وفي مساحة حضورها في ساعات البث الفضائي، بلغ ذروته مع إعلان عدد من الفضائيات قائمة مسلسلاتها رمضان وقد خلت من الأعمال السورية، بل وقيل إن «عدداً من المحطات الخليجية أخذت قراراً منذ شهر آذار الماضي بعدم عرض أي مسلسل سوري».

ترجيح أسبابٍ سياسيةٍ، على نحو مباشر أو غير مباشر، تقف خلف حالة التضييق على الدراما السورية، بدت الأقرب إلى ما يحدث على الأرض، إلا أن القول بأن الأسباب السياسية هي كل الحقيقة مجافاة للحقيقة ذاتها، إذ يجب ألا نسقط من حساباتنا حالات الارتجال التي عاشتها الدراما السورية خلال سنوات مضت، وصعود إنتاج الدراما الخليجية على نحو كبير هذا العام، فضلاً عن إنتاج «رد الفعل المصري» الذي لم يكتف بحشد نجومه فيها وإنما استقطب نجوم الدراما السورية أيضاً.

إلا أن الأسباب السابقة تراجعت جميعها لمصلحة السبب السياسي مع تجاهل المحطات العربية للمسلسلات السورية المنتجة برؤوس أموال سورية، «باستثناء عملين اثنين هما «على حافة الهاوية» و«كوم الحجر»، في حين وجدت المسلسلات السورية المنتجة برؤوس أموال عربيّة طريقها إلى العرض بسهولة.

وبغض النظر عن الأسباب الموجبة لتراجع سوق الدراما السورية، حملت الأخبار الواردة من الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون السوري، كما أوردتها «السفير»، بصيص أمل بتجاوز حالة التضييق التي تشهدها الدراما السورية، حيث أشارت مديرة التلفزيون السوري ديانا جبور إنه «تم بتوافق إرادات القيادة السياسية والإعلامية السورية والهيئة العامة للتلفزيون والمنتجين ومؤسسة الإعلان.. إقرار تسعيرات جديدة للأعمال الدرامية السورية تغطي ما بين ثلث إلى نصف التكلفة، ما يعني حماية للمُنتَج الدرامي الوطني والمُنتِج الوطني، كون هذه الأسعار ستضمن للمنتج الربح ما أن يبيع عمله لمحطة أو محطتين أخريين». وبذلك لن يكون الإنتاج الدرامي السوري «مرتهناً»، لما وصفتها جبور «إرادات ذات اعتبارات خاصة بها».

كما أكدت على أن «المستفيد الأساسي من هذا القرار هي الأعمال السورية التي ستأخذ تقييماً متميزاً على صعيد الرقابة، وعليها ستعود الفائدة الكبيرة منه... أما بالنسبة للأعمال المتوسطة والضعيفة، فنحن لسنا معنيين بحماية منتج لا يراعي معايير الجودة، سنقوم بعرضه وتبنيه، ولكننا لن نحيطه بكل الدعم، فما نريده هو سلعة تقدم سورية بشكل لائق كموضوع وكشكل..».

قرار التسعيرات الجديدة على هذا النحو حمل إشارات واضحة إلى أن الجانب الرسمي المعني بحماية الدراما السورية لن يستمر بالوقوف مكتوف الأيدي تجاه ما تعانيه الدراما السورية من أسواق بيعها، وهو ما عبرت عنه جبور بقولها: «الدراما السورية بضاعة رفيعة المستوى.. مرغوبة ببلدها وسنعرضها وسنتبناها».

وفيما بدا رسالة غير مباشرة للمحطات العربية التي تجاهلت الدراما السورية ولمن يقف خلفها، شددت على قناعتها بأن «من لم يعرض أعمالنا الدرامية السورية قد فاته الكثير، سواء لجهة الموضوعات المطروحة، وهي على الأغلب مواضيع حارة وإشكالية، أو لجهة الإطار الفني واللغة البصرية المعتمدة في هذه المسلسلات». وإذا ما كان ثمة قرار سياسي بمقاطعة الدراما السورية، قالت الزميلة جبور: «أنا لا أستبعد أن في الأمر موقفاً سياسياً»، لافتة إلى أن «الفن على علاقة بالسياسة حتى لو لم تكن هويته المباشرة سياسية، وكما إنه يخدم فكرة سياسية معينة فعلى السياسة أن تحمي الفن وتساهم في تقدمه».

مفاعيل القرار الجديد بدأت تظهر على الأرض حيث تقدم المنتجون بثمانية وعشرين مسلسلاً للهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون السوري كي «يتاح مراقبتها بشكل منصف، والفصل بشأن عرضها وشرائها بعد مراقبتها وتحديد سويتها الفنية المطلوبة».

ولم تستبعد مديرة التلفزيون تبني الأعمال الثمانية والعشرين جميعها، ولكن هذا الأمر، كما شرحت: «محكوم بالجودة أولاً، لأن الدعم يفقد معناه ما لم تكن السلعة المدعومة سلعة ذات أهمية وسوية مميزة تبرر حمايتها». وفيما لو حدث هذا التبني فأن «قراراً قد يتخذ بتمديد ساعات البث على القناتين الأولى والثانية للتلفزيون السوري».

بالمجمل القرار حمل بصيص أمل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الدراما السورية، لكنه لا يعني أنه جاء بضوء في نهاية النفق المظلم الذي دخلته منذ سنوات عديدة، فما زلنا حتى الساعة بعيدين كل البعد عن ذلك.. إنها مجرد شموع فقط تتقــد في ظلامه وقد تبشر بالضوء في نهايته.

السفير