-
PDA

عرض كامل الموضوع : مقتطفات من شعر


behnam
29/07/2005, 13:18
مقتطفات من شعر

عبدالوهاب البياتي



أم الدنيا بغداد،

بناها المنصور لتصبح عاصمة الألم الخلاق

وفد الشعراء أليها من بعد المنصور

فباسوا تربتها

سكبوا فوق ظفائرها خمراً

حتى صارت بستاناً ومزاراً لطيور البحر

وبدو الصحراء

من كان يحج أليها ينسى مجنوناً بالعشق حبيبته الأولى،

ينسى مفتاح الدار، ويموت شهيداً فيها سكران،

خلبت لب معري النعمان، وظل يردد بغداد

كانت أحلى امرأة، وستبقى أحلى الحلوات ..

_______________________________


لون عينيك وميض البرق في أسوار بابل

ومرايا ومشاعل،وشعوب وقبائل

غزت العالم لما كشفت بابل أسرار النجوم

لون عينيك سهوب حطمت فيها جيوش الفقراء

عالم السطوة والإرهاب باسم الكلمة

وغزت أرض الأساطير وشطآن العصور المظلمة

طفلة أنتي وأنثى واعدة

ولدت من زبد البحر ومن نار الشموس الخالدة

كلما ماتت بعصر، بعثت قامت من الموت

وعادت للظهور

أنت عنقاء الحضارات وأنثى سارق النيران

في كل العصور..


__________________________________


الليل، والباب المضاء، وأصدقائي الميتون

بلا وجوه، يحلمون

بالفجر، والحمى وصناع الظلام

يتاجرون بما تبقى من سموم:

"كل الدروب- هنا - إلى روما تؤدي

والذئاب

تسطو على من لا كلاب له " وسفاكو الدماء

يقامرون بما تبقى من رصيد:

"لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى

حتى تراق على جوانبه الدماء"

والشارع المهجور والقتلى واقنية المياه

والريح والدم والمداخن والهوام

من سطوة الإرهاب تزحف في الوحول

محمومة، عمياء، تزحف في الوحول

والأصدقاء الميتون من المصانع والحقول

كمياه نهر هائج يتدفقون

ويهتفون:

بموت سفاكي الدماء

وسقوط صنّاع الظلام ..


_____________________________________


شبح يطارد في الظلام مؤلف " الرجل الصغير "

يتشمم الكتب القديمة في رفوف المكتبات

في ساحة السعدون

أو سوق السراي

ويعود مخذولا إلى المقهى

فلا يجد الآلي

بالأمس طاردهم

فقد طاروا كأسراب الطيور

إلى المنافي

لم يعد صيد وفير، فالسجون أو القبور

تكتظ بالباقين

هاهو كرنفال الموت بعد رحيلهم

في أوجه

بغداد صارت ذئبة عمياء

يخشاها الجميع

من بعد أن سقطت على أيدي الغزاة

القادمين من الكهوف

ومن بيوت العنكبوت

بصقوا بدجلة

دنسوا أمواجه العذراء

واحتلوا الضفاف

بغداد في مرآتها الأخرى وتحت حصارهم

أم عجوز ترتدي الأسمال

تبكي في الخفاء

وتنام جائعة، لتحلم:

انه الكابوس

داهمها

فصاحت من هناك:

لاشيء غير الريح تعبث في القمامة

أو خطا شبح يطارد في الظلام

مؤلف الرجل الصغير…


______________________________________


هذه القصيدة اهداها الى الشاعر بلند الحيدري :

ننجو من الموت إلى الموت

ويسدل الستار في صمت

حديقة الشتاء في عريها

" قديسة " قلت لها: "أنت "

صمدت في وجه رياح البكى

وخانك النهر وما خنت

كان شتاء موحشا قاسيا

من بعده الربيع لم يأت

البشر الفانون كانوا هنا

وأنت في منفاهم كنت

صرخت من بئر شقائي، دمي

في ذلك اليباب أهدرت

الحارس المتعب في كوخه

أشعل مصباح الدجى الزيتي

في موته عاصر أسلافنا

وقال للأحفاد ما قلت

دجلة والفرات فاضا دما

من ألف ألف حيثما شئت

" سومر "قلبي تحت أنقاضها

قيثارة دفنتها أنت

تناهب الطغاة تأريخها

وتوجوا بالدم والمقت

كل المراثي في سماواتها

تناثرت في مدن الموت

في الوطن المنفى نزفنا دما

فما الذي في الغيب خبأت؟

قلت لها بالرغم ما بيننا

أنت التي أحبها أنت ...


في قصيدته" العباس بن الأحنف - الحب المستحيل " يقول:

نورت حانات بغداد

فمن يفتح لي الباب

فعباس وحيد ومريض

خائفا اغمض عينيه:

رأى جارية ترقص في الكأس

فناداها:

أأنت الوردة الحمراء في نهر الجنون؟

أي نخاس ترى باعك للشيطان

في سوق الرقيق؟

أنت لي وحدي، هنا، الآن

أعريك من الإرث السماوي

ومن ميراث خانات المغول

فأرقصي سيدة لليل في الكأس

وعودي لبخارى وسمرقند

وصحراء متاهات الوجود

طفلة تلعب في بستانها

تقطف أزهار النجوم

وأنا أنهض من موتي

ومن حانات بغداد

ومن مستنقع العيش الذليل

حاملا حزن المغنين السكارى

ووصايا الفقراء المعدمين

خائفا أغمض عينيه

رأى البرق اليماني يضيء الكأس

في أعقابه

قرع طبول

أنها بغداد تستيقظ من موت إلى موت ومن حاناتها

يخرج حفارو القبور

والصعاليك وأشباح اللصوص

شاحبا عباس في أعقابهم

يشعل قنديل الحنين

باحثا في الكأس عن جارية أخرى

أما من رقصة في ذلك الليل الطويل..؟

أظلمت حانات بغداد

فلا جدوى

فعباس من الحب يموت ..


قصيدة مهداة الى الشاعر محمد مهدي الجواهري بمناسبة عيد ميلاده وهي بعنوان " ماذا أسميك "

في سنوات الضوء والبؤس

وجدت في مرآته نفسي

خرجت من معطفه يافعا

لأحمل الشمس إلى الشمس

قلت له: يا أبت هاهنا

يعتنق السهمان في القوس

شعرك كان الزاد والماء في

عراقنا الطاعن في الحبس

تعاقب الطغاة في نفيه

بين الغد المجهول والأمس

تساقطوا وافترسوا بعضهم

بعضا، وكانوا شارة النحس

هل غادر العراق عشاقه

واستوحشت مرابع الأنس

دجلة ما زال على عهده

محصنا بمدن البؤس

ماذا اسميك وأنت المدى

وطائر العاصفة القدسي ..


اتمنى ان نال رضاكم اخوتي واخواتي الاعزاء