-
PDA

عرض كامل الموضوع : حوارات


صفحات : [1] 2 3 4 5 6 7 8

verocchio
14/12/2007, 01:49
حوارات ..
حوار مع الشاعر المصري أحمد فؤاد نجم
حوار مع الشاعر الفلسطيني سميح القاسم
حوار مع الشاعر المصري عبد الرحمن الأبنودي
حوار مع الشاعر البحريني قاسم حداد
حوار بين محمود درويش وناجي العلي
حوار مع الشاعر المصري محمد عفيفي مطر
حوار مع الشاعر الفلسطيني موسى حوامدة
حوار مع الشاعر المصري فاروق شوشة
حوار مع الروائي التركي أورهان باموك
حوار مع الروائي المصري يوسف القعيد
حوار مع الكاتب البرازيلي باولو كويلهو
حوار مع الفيلسوف الألماني مارتن هايدجر
حوار مع المفكر الجزائري محمد أركون
حوار مع الفيلسوف الفرنسي ميشيل فوكو
حوار مع الكاتبة نوال السعداوي
حوار مع الشاعر المصري أحمد بخيت
حوار مع الروائي المغربي محمد شكري
حوار مع الروائي الجزائري واسيني الأعرج
حوار مع الروائي المصري علاء الأسواني
حوار مع الروائي السعودي عبدو الخال
حوار مع الروائي المغربي محمد شكري
حوار مع الروائي الجزائري الطاهر وطار
حوار مع الروائي الليبي ابراهيم الكوني
حوار مع الروائي المصري صنع الله ابراهيم
حوار مع المفكر السعودي عبد الله القصيمي
حوار مع الكاتب السعودي عبد الرحمن منيف
حوار مع الكاتب المغربي الطاهر بن جلون
حوار مع الكاتب السوري محمد الماغوط
حوار مع الكاتب اللبناني بول شاؤول
حوار مع الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة
حوار مع الشاعر إريك بانكي
حوار مع الشاعر الفلسطيني محمود درويش
حوار مع الشاعر المصري محمد ابراهيم ابو سنة
حوار مع الكاتب التونسي يوسف رزوقة
حوار مع الشاعر العراقي سركون بولص
حوار مع الشاعر الأميركي سام هميل
حوار مع الروائي المصري جمال الغيطاني
حوار مع الروائي المصري ابراهيم اصلان
حوار مع الناقد الأدبي السوري عبد الله ابو هيف
حوار مع الروائي الفرنسي جيل لوروا
حوار مع الروائي التشيكي ميلان كونديرا
حوار مع الشاعر المصري أحمد رامي
حوار مع الروائي المصري نجيب محفوظ
حوار مع الروائي السوري حنا مينا
حوار مع الأديب اليمني عبد العزيز المقالح
حوار مع الشاعر الفرنسي إيف بونفوا
حوار مع الفيلسوف الفرنسي جاك دريدا
حوار مع الأديبة السورية غادة السمان
حوار مع الأديبة السورية ليلى مقدسي
حوار مع الأديب الفلسطيني عدنان كنفاني
حوار مع القاص المصري محمود البدوي
حوار مع القاص المصري محمود البدوي
حوار مع الروائية المغربية مليكة مستظرف
حوار مع الروائي المغربي محمد شكري
حوار مع يوجين يونيسكو
حوار مع الشيخ أحمد ياسين
حوار مع بهاء طاهر
حوار مع الأديبة الجزائرية أحلام مستغانمي
حوار مع الشاعرة إباء اسماعيل
حوار مع المترجم البريطاني أنطوني جوزيف كالدربانك
حوار مع د . جميل حمداوي
حوار مع الكاتب والمفكر الفلسطيني إدوارد سعيد
حوار صوتي مع الشاعر صلاح عبد الصبور
حوار مع الشاعر السوري نزار قباني
حوار مع عبد الوهاب ميسري
حوار مع الشاعر الفلسطيني محمود درويش
أحمد فؤاد نجم وتميم برغوثي في حوار مفتوح
حوار مع تميم البرغوثي
حوار مع الشاعر العراقي عدنان الصائغ

verocchio
14/12/2007, 01:49
المتعة مضمونة في الحوار مع الشاعر الشعبي العربي المصري الشهير أحمد فؤاد نجم ولا يعرف محاوره من أية نقطة يبدأ. لأن أجوبته دائما تحمل حرارة الحياة وطعم الشعر والتحدي. يحكي نجم ويجيبك عن أي سؤال تطرحه أنت، وتتحمل جريدتك مسؤولية نشره. فلم يعترض، كما يفعل بعضهم، على سؤال متحجّجا أو متحرّجا، بل كان يجيب بتلقائية ساحرة عن أسئلة تنطلق من مواضيعه الشعرية الأثيرة والتي عرف بها، ورحلته الفنية الحميمة مع الشيخ إمام عيسى، وعن علاقاته بأهل الفن والسياسة، وعن شعره الذي سجنه وحرّره في الوقت ذاته، وعن " عزة " التي صارت رمزا للمرأة التي لم ينجح معها إلا شعريا، عن كل هذا تحدث نجم مشيدا بأبي الطيب المتنبي كأعظم شاعر أنجبته امرأة في هذه الدنيا...

verocchio
14/12/2007, 01:50
* هل يستطيع المثقف العربي اليوم النجاة من السؤال السياسي؟
- من المستحيل أن ينجو المثقف العربي من السؤال السياسي، ولا أي كان ممن يعمل في المجال الفنّي والأدبي عموما، بحيث لا يوجد عمل إبداعي أو فنّي خال من السياسة. فأنت تخرج من البيت وتذهب إلى العمل وتذهب إلى المحلات لتشتري بضاعة... هذا عمل سياسي، وتعاطي لمفهوم السياسة، فالإنسان حيوان سياسي مثلما أشار عدة فلاسفة من العصر القديم أو الحديث، أي لا وجود لمثقف معزول عن السياسة، فالإنسان سياسي بطبعه وبشرط وجوده. فيما يخصني أنا لم أنج من السؤال السياسي، وأرجو أن لا أنجو منه، بل كان هو هاجس الإبداع والشعر بالنسبة لي، بل قدر الشاعر والمبدع العربي عموما أن يكون مسكونا بالسؤال السياسي، خاصة في ظل المراحل التي مرّت بها الأمّة العربية في تاريخها الحديث.
* والسياسة هل يمكن أن تتخلّى عن المثقف، في ظرف ما؟
- إذا كان للمثقف حسابات، وإذا كان المثقف غير ملتزم بقضايا أمّته، وعصره، ويحصر واقعه وسعيه وراء إنجازات ذاتية، شخصية، فسرعان ما يتخلى عنه كل من يحيط به، ويجد نفسه على الهامش معزولا عن الحياة والناس، بمعنى المثقف الذي تتخلى عنه السياسة هو الذي تخلى عنها في بداية وعيه كمثقف، فإن لم يصدّق نفسه كمثقف فسوف تحسم فيه السياسة.
* بأي معنى يظل كل شاعر عربي حفيد شهرزاد اللسانية، وهل يمكن للكتابة أن تتحول إلى مرادف الدفاع عن الحياة؟
- لغاية أن يرث الله الأرض ومن عليها، ما دمنا أحياء ومتواجدين بين أمّة فأنت نبتة أمة وثقافة، ستظلّ ملتزما بهذا، أن ترى الواقع وتتأمّل فيما حولك: هل هناك عدل؟ هل هناك ظلام؟ هل هناك نور؟... ستظلّ ملزما بإبداء رأيك ومرغما على قول الحقّ، أو تجد نفسك خارج الحياة، أو بالأحرى خارج حياتك.
* هل الكتابة قدر يختارنا أم نختاره؟
- الحقيقة وحسب رأيي الشخصي: هي قدر يختارنا، لكن نوع الكتابة ومضمونها نحن الذين نختاره، فأنا اكتشفت أنني موهوب كشاعر دون اختياري، لكني اخترت.شاعر بماذا؟ شاعر مع من؟ وضدّ من؟ اخترت أن أكون بين الناس، اخترت كيف أمشي متوازنا بما لم أختر؟ بمعنى آخر الكتابة قدر يختارنا لنُبْتلى باختياره طوال حياتنا.

verocchio
14/12/2007, 01:50
* قصائد أحمد فؤاد نجم صارت لها سلطة، ولها حراس مؤسسة بامتياز، ألا تخاف أن تتحوّل أنت نفسك إلى مؤسسة؟
- لا... لن أتحوّل إلى مؤسسة لأني بلا احتياجات، ليس لي حبّ امتلاك أي شيء، ومثلما تراني هكذا في "جلابيّة" و"شبشب" أذهب إلى أوروبا وأسافر في الوطن العربي هكذا، أنا لا أجوع مثل الناس، أنا كلّما تذكرت الأكل أشرع بالأكل، أي ليست هناك حاجة تستعبدني فأضطر إلى أن أكون مؤسسة حتى ألبّيها، فليست هناك حاجة ملحّة في حياتي ترغمني على التعامل مع المؤسسة، فما بالك بأن أتحوّل أنا إلى مؤسسة.
* الكثير من الشعراء العرب تحولوا إلى مؤسسة بموجب ودونه، هل هي نهاية الشعر أم الإنسان؟
- عندما يتحوّل الشاعر إلى مؤسسة فإنه آليّا ينتهي كشاعر، فإمّا أن يكون شاعرا أو يكون مؤسسة، لأنه من المستحيل أن يوفّق بينهما، فكثيرا من الشعراء العرب فعلا تحولوا إلى مؤسسة، لكنهم انتهوا كشعراء، بل هناك من انتهى كإنسان.
* هل حقّا أن الكتابة منازلة للمكبوت الفردي والجماعي؟ إن كان الأمر كذلك فأي مكبوت تفصح عنه في كتاباتك؟
- أفصح عن الظلم الذي يعاني منه شعبي وأمّتي، أفصح عن الطموح واستشراف المستقبل الأفضل، فعندما يسألونني: هل مازال لديك أمل؟ أقول: نعم، لي أمل. فعندما أطلب من مصر أن تلد مولودا جديدا فهذا ليس بجديد، فهي فعلت أكثر من مرّة في التاريخ، الكلّ يعرف أن الرجل الإغريقي والمؤرخ هيرودوت هو من نقلوا عنه العبارة الخائبة "إن مصر هبة النيل"، النيل موجود في السودان، وفي إثيوبيا أيضا، فمصر ليست "هبة النيل" مثلما قال هذا الإغريقي، إنها هبة المصريين، نعم مصر هبة المصريين، هبة الفلاح المصري. هو دور مصر الحضاري، إنّها شمعة مستقرة في قاع النهر كلّما أظلم العالم تطفو على السطح، هو دور حضاري قامت به من قبل وعبر تاريخها العريق القديم، قامت به أيضا بعد الإسلام وأثناء الإسلام، فأنا لا أطلب منها المستحيل، عندما أطلب منها أن تستيقظ وتلعب دورها الحضاري. فأنا لم أتفاءل من قبل أكثر من تفاؤلي اليوم، عندما تنتهي الأنظمة العربية وينتهي بها الأمر إلى التآكل وإلى الخنوع، إعدام صدام حسين مثلا فضيحة لهم كلّهم، وصدّام ليس صلى الله عليه وسلم، هو حاكم مستبد لكن فقط لأنه أبدى شجاعة أربع دقائق أصبح بطلا، وهو يذكرنا بعبد الناصر الذي كان له ضحايا كثر لكنّه كان شجاعا فسار في جنازته خمسة ملايين من البشر، أما السادات فقد هربوا بجنازته وأخرجوها بطريقة شبه سريّة لما سجّله من خنوع وغياب الشجاعة.
* ألا يكون الفرق الوحيد بين جنازة جمال عبد الناصر وجنازة صدام حسين هو عدد المشيعين؟
- صدّام حسين استحوذ على قلوب الناس، قلوب كل العرب، وذلك الإحساس الرهيب كون أ الإعدام حصل يوم عيد الأضحى، كان بصقة في وجوههم، وهذه البصقة كانت منذ اغتصاب فلسطين وضياع لبنان ثم العراق. فليس بجديد علينا الإهانة ومحاربة مشاعرنا وتحطيم معنوياتنا، لقد تعودنا على الإهانات.
* جيلكم الأدبي اكتوى بنار الشعارات والهتافات، وتآلف مع الخيبات والبطولات الوهمية، في حين أن الجيل الجديد ليس له ما يخسر على الأقل حتى الآن؟
- أنا أراهن على الشباب.. قد تسألني لماذا؟ لأن الشباب العربي من المحيط إلى الخليج ولأول مرّة في التاريخ الحديث يصل إلى التكافؤ، وفرصته خاصة في مجال الانترنت والكومبيوتر.. فأنا قلت مرة لصحيفة "النيويورك تايمز": "بعد عشرة أو عشرين سنة سيبقى أعظم عشرة عباقرة في هذا المجال، وسيبقى منهم ثلاثة عرب على الأقل". فالشباب العربي اليوم بصدد أخذ فرصته في عدة مجالات نحن حرمنا منها.
* هل يمكن للشاعر أن يتخلى عن إنسانيته من منطلق الدفاع عن المصير الإنساني؟
- ليس للناس إحساس واحد بالوجود، فمثلا مكسيم غوركي يقول: "جئت إلى هذا العالم لكي أختلف معه". نحن موجودون ولا بدّ أن يكون لنا ملاحظات على هذا الوجود عبر الأحلام والأمنيات في اتجاه الأفضل. فأنا مثلا أرى أن الإنسان سيّد هذا الوجود، وأيّ قضية يعانيها أو تمسّ من سيادته إنّما هي قضيتي. الإنسان أينما كان هو قضيتي، فمثلا لا أستطيع أن أرى طفلا يتعذب وأنسى ذلك وأتجاوز، تلك هي قضيتي، وعذابه هو عذابي بل مسؤولية مشاعري وإرادتها رغما عني في التفاعل والتماهي مع هذا الطفل المعذّب.

verocchio
14/12/2007, 01:51
أدب أحمد فؤاد نجم اندمج في الجو السياسي الذي غمر مصر إبّان الثورة، الجو الذي قامت فيه الثورات والبطولات والرّجال. هل يمكن اعتباره العمل الوحيد الذي خرج من صلب التحرّك الجماهيري واندمج فيه بصورة نهائية؟ - لا.. ليس بالعمل الوحيد. هناك الكثير خرجوا من صلب الجماهير ولم يندمجوا في السياسة أو بالأحرى في السلطة. أنا انتظرت، انتظرت مع الناس، انتظرت مع الكوم الكبير إن صحّ التعبير، فاختيار الناس هو الأضمن في الانتظار معهم. هم الأبقى وهم الأشرف.
- كيف ترجمت وفاءك لهذا " الكوم " البشري الذي لا نشك في أنه قد ألهمك كثيرا؟
* طبعا. فمن أين أجيء بالشعر؟ أو من أين جاء صلاح جاهين بالشعر؟ أليس من الآباء والأمهات؟ فهم الذين علّمونا، فاختلافي إلى اللهجة العامية في الوطن العربي لأنها مليئة حكما وبلاغة شبيهة بحكم وبلاغة المتنبّي. عندما أستمع إلى موّال شعبي كأنه المتنبي يغنّي ويتكلّم، مثلا هناك أغنية فلاّحية تقول كلماتها: "يا حلواني بيع الحلاوة اللّي عندك، يا حلواني عضّيتو عضّة وبانت مطرح أسناني، خرّ العسل يا جميل وشربتو بأجفاني"، صورة قد لا يستطيع المتنبي تصويرها. فأنا ابن هذه الصورة وأحيانا هي ابنتي، ابن هذه الثقافة ولي الشرف أن أكون ابن هذه الثقافة. لذا لن أخونها أبدا.. ولو خنتها فإنّي أخون نفسي.. ومزابل التاريخ مستعدّة لاستقبال من يخون ثقافته وأمّته ومن يخون نفسه.
* هل أنت متفائل بمستقبل هذا الجيل، وهل تراهن عليه؟
- نعم.. جيل الانترنت أوفر حظا، وأقلّ حرمانا من جيلنا، وأنا كما ذكرت أراهن عليه كثيرا في تحمّل مسؤولية وجود أقل إهانة، وهزائم وانكسارات من وجود جيلنا، وأخذ زمام الأمور في العناية بالإنسان العربي المهموم. أنا لن أموت إلا إذا رأيت هذا الجيل يحاول إصلاح الوطن ويفرض احترام العالم لنا، حينها سأقول: سلام عليكم، إنني ذاهب.
* هل راودتك ولو مرّة فكرة اغتيال نفسك؟
- لن أفكر في هذا مطلقا. فأنا إنسان أحب الحياة حبّا كبيرا. أنا أحبّ أحمد فؤاد نجم كثيرا.. ولو أستطيع فإني أريد أن أبدأ الحياة من جديد، فإني سأختار أن أكون هكذا، أختار أن أكون أحمد فؤاد نجم اليتيم، الفقير، الذي رفض الخروج من مصر ومن أحلامه ومن معانيها... الذي رفض الخروج من نفسه، ومن حبّه لمصر، وللعرب، وللإنسان، رغم ما عاناه من ظلم. كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "ما تمنيت أن أرى رجلا في الجاهلية مثل عنترة بن شداد" وكان يقول للناس: "علّموا أولادكم حديث وشعر هذا الفارس". ثم أريد أن أخبركم شيئا وهو أن أشعر شعراء العرب هم أفرس فرسانهم إن صحّ التعبير، وهي ليست صدفة فالشاعر الذي لا يفهم الفروسية ولا يمارسها ولا يكون رجل القبيلة وحاميها لن يكون شاعرا كبيرا عند قومه. والشاعر الذي لا يكون فارسا بأي طريقة وفي أي مجال فأحرى به أن ينصرف إلى شغل آخر، ينصرف إلى الزراعة أو أي شيء آخر، فالفروسية ولو في الأفكار والمعاني هي شرط الشاعرية.
* هل نحن أمام عمل أدبي يرتهن بمهمّة واحدة هي مخاطبة الجماهير وإعدادها سياسيّا، وكون هذا العمل الأدبي سياسيا صرفا، هل يفقره فنيّا؟
- الحمد لله أنا لا أعاني من الفقر الفنّي في كتاباتي السياسية كما صنّفتها، بالعكس أنا يمكن أن أكون النموذج الفني بالنسبة للذي يريد العمل في السياسة والنضال، إذ لابد أن يكون هناك بعد جمالي. فقد حصل استفتاء حول شعري: هل فيه فنيات أم لا؟ لكن عندما أذهب إلى أي بلد عربي أجد الناس يحفظون شعري، والذي يسعدني ويطربني ويهبني الأمل هو أن الشباب الجديد هو الذي يحفظ شعري، فهم المستقبل وبالتالي يمكن القول إن نفاذ قصائدي عائد إلى اشتغالي عليه فنيا وأدبيا، فالقصيدةبالنسبة لي ليست خطابا سياسيا فقط بل يجب أن تتوفر على الشرط الأدبي والفني الذي يكسبها مكانة في العقول وفي القلوب أيضا، وعندما تقول "هذه قصيدة" يعني آليا فيها فن وإلاّ ما كانت لتعدّ قصيدة.
* هل كتبت في وقت من الأوقات بدافع تحريض الجماهير؟
- طبعا.. مثل قصيدة "شرفت يا نكسن بابا".. كانت طلقة وصرخة لابدّ أن تخرجها في زمنها، لكن الآن عندما تعيد سماعها فإنّك تستمتع بها لأن فيها خيطا يربطك بالدم المصري. فابن البلد بذكائه ليس مغفلا كي يكتب أدبا في خضم واقع سياسي يكون خاليا من الفن، لن يستطيع أن يعيش المرحلة ولا أن يسمعه الناس إذا خرج عن الإطار الفنّي. إنه شرط تصديق الآخرين له، فالناس تميل إلى تكذيب الكلام السياسي الصّرف.
* لكنك اشتهرت بأنك اقتصرت في كتابتك على المسألة الوطنية السياسية؟
- لا.. أنا لم أحصر أعمالي وكتاباتي في الوطنيات والسياسة، بل كتبت في جلّ المواضيع وكتبت بلا شرط ولا إطار. فالكتابة قبل كل شيء حريّة، فلي قصائد في العشق بل مطنبة في الغزل إلى درجة البذاءة، حتى أن أحدهم كان متعاطفا معي قال لي: أشعارك فيها بذاءة. فقلت له: بذاءة أكثر من بذاءة الواقع؟ فردّ: لا.

verocchio
14/12/2007, 01:51
المرأة هل هي نجمة في سماء نجم؟ - طبعا هي في مكان عال وفي العشق خصوصا. وأنّي أحبّ المرأة جدا، فالمرأة بالنسبة لي في الحياة مثل الهواء الذي أتنفسه والسماء التي أراها، يعني لابدّ أن أتنفسها شعرا، عندما نخاطب المرأة على اعتبارها نصفنا الآخر، لابدّ أن تخاطبها برقّة وقول خال من معاني العنف والشدّة التي توجد أحيانا في الشعر الوطني.
* عزّة.. لعلّها الحكاية الوحيدة التي لن تنتهي؟
- طبعا كل نسائي عزّات. فعزّة صورة كبيرة تحتوي جميع الصور، جميع النساء، هناك امرأة اسمها "جاذبيّة صدقي" وهي رسامة. وكانت هناك كاتبة قصص مصريّة.. كلهنّ عيّوش... كلهنّ جاذبية.. كلهنّ حواء.
* تعني " عزّة بلبع "؟
- عندي قصائد كثيرة فيها عزات متعددة. عزّة ليست واحدة بعينها.
* تعني ليست شخصا؟
- قلت لك أشخاص.. نساء متميزات، وعزّة هي النموذج أو هي المقياس وشبيهاتها كثيرات عندي.
* هل يمكن القول إن الشيخ إمام رحمه الله، احتكرك فلم نعد نسمع أغاني من كلماتك بعد الشيخ؟ وهل صار الملحّنون يخافون منك بعده؟
- لا والله. فالحقيقة التي قد تغيب عن البعض هي العكس تماما. فأنا من احتكر الشيخ إمام، فهو فنان عظيم وفعل ما يعجز عنه الآخرون. الشيخ إمام كان صديق ورفيق محنة وأزمات، فقير مثلي ومظلوم مثلي و" فاهم " مثلي. إنه مظلوم مثل المتنبي بقوله "ذو العقل يشقى في النعيم بعقله/ وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم".
* أنا سألتك عن الشيخ إمام ولم تطل الحديث حوله؟
- الشيخ إمام أعماله تتحدث عنه ومواقفه أيضا..
* بعد الشيخ إمام لم تتعامل مع فنان آخر؟
- لا، أنت تعرف شغل المسلسلات والاستوديوهات، عمار الشريعي، ياسر عبد الرحمن، لكن العلاقة ليست حميمة كما هو الحال مع الشيخ إمام.
* ماذا تعلمت من السجون، وهل تذكر سبب دخولك لأول مرة للسجن؟
- العالم سجن كبير في غياب العدل والحرية، السجن علمني أن الوطن كله سجن، السجن فيه قوانين وقيم، فيه الخطأ والصواب. في المجتمع الخارجي تموت القيم وتندلع التناقضات، في السجن أناس رافضين للواقع، متمردين، وكل واحد بأسلوبه الخاص، المثقف بأسلوبه، المدمن بأسلوبه، السارق بأسلوبه والمهرب بأسلوبه، السجن مجتمع له أصوله التي تُحترم. وبخصوص دخولي السجن لأول مرة فكانت بتهمة تزوير أوراق رسمية، كنت زمنها أشتغل في النقل الميكانيكي في العباسية وصادف أن أحببت بنت اسمها نوال وكنت أفكر في الزواج بها، وقتها لم أكن أملك شيئا، كان لي زميل في الشغل اقترح علي وضع ختم على استمارات صرف ملابس من محلات القطاع العام وزورنا هذه الأوراق. كانت المحصلة ثلاثين جنيه وكل عشرة جنيه كلفتنتي سنة، سجنت ثلاثة سنوات وكانت المرة الأولى التي سجنت بها، والمرة الأولى أيضا التي ألتقي فيها بالشيوعيين أمثال عبد الحكيم قاسم وسامي خشب وحسين شعلان.
* كانت أياما سهلة وقاسية بدأت بدار الأيتام، التقيت فيها بعبد الحليم حافظ، هل انقطعت علاقتكما بعدها، خاصة أنه لم تجمعكما أعمالا فنية؟
- الفترة التي قضيتها في دار الأيتام كانت قاسية ومؤلمة، كان عبد الحليم حافظ كذلك معي، عشرة سنوات قضيناها جنبا لجنب، كنت أنام على سرير رقم 95 وهو على سرير رقم 94 كان عبد الحليم طفل منكسر وكان يعاني من مشكل في ساقيه، كانت ساقه غير مستوية، وقع له حادث منذ كان عمره ستة سنوات، وقع عليه باب فأحدث له كسر في ظهره وساقه، وحتى مغادرته للملجأ كانت بسبب حادثة أيضا وقع من فوق سطح ومن المستشفى إلى القاهرة وإلى معهد الموسيقى. في دار الأيتام كنا نغني دائما، عبد الحليم كان يغني "حياتي إنت" وأنا أغني "ما دام بتحب بتنكر ليه"، لكن عندما خرجت كان عبد الحليم بدأ يشتهر وأنا كنت بدأت أكتب، عندما ذهبت إليه تصرف وكأنه لا يعرفني أبدا، رغم أن فترة غيابنا لم تتجاوز شهر.

verocchio
14/12/2007, 01:52
سنة 1967 بدأت مسيرتك السياسية والنضالية مع رفيق الدرب الشيخ إمام، وكان العمل الفني الأول المشترك بينكما عبارة عن رسالة؟ - نعم رسالة كتبتها يوم 9 يونيو 1967 وكنا نعتقد أن الجبهة المصرية لا تزال سليمة وواقفة وأن الرجال تقاتل على قناة السويس فكتبت هذه الرسالة:
واه يا عبد الودود..
يا رابض على الحدود ومحافظ على النظام..
كيفك يا واد صحيح؟ عسى الله تكون مليح وراقب للأمام..
أمك هتدعي ليك وهتسلم عليك وتقول بعد السلام خليك جدع لأبوك..
ليقولوا منين جابوك ويمسَّخوا الكلام..
واه يا عبد الودود..
أقول لك وأنت خابر كل القضية عاد..
ولسه دم خيَّك ما شرباش التراب..
حِسَّك عينك تزحزح يدَّك عن الزناد..
خليك يا عبده راصد لساعة الحساب..
آن الأوان يا ولدي ما عاد إلا المعاد..
تِنفَض الشركة واصل ويمزحوا الكلاب..
إن كنت وِلد أبوك تجيب لي ثأر أخوك..
والأهل يبلغوك جميعا السلام.
* كانت هزيمة عام 1967 قاسمة وقاسية وغير متوقعة خيبت كل الآمال والتوقعات، فاجعة أصابت الأمة العربية جمعاء، هزيمة عبد الناصر بكتها كل الشعوب، بكاء أحمد فؤاد نجم وسخطه صاغه شعرا؟
- الحمد لله خبَّطنا تحت بطاطنا
يا محلا راجعة ضباطنا من خط النار
يا أهل مصر المحمية بالحرامية
الفول كثير والطعمية والبر عمار
والعيشة معدن وأهي ماشية آخر آشية
ما دام جنابه والحاشية بكروش وكثار
هتقول لي سينا وما سيناش متدوشناش
ما ستمائة أوتوبيس ماشي شاحنين أنفار
إيه يعني لما يموت مليون
أو كل الكون
العمر أصلا مش مضمون والناس أعمار
إيه يعني في العقبة جِرينا ولاَّ في سينا
هي الهزيمة تنسِّينا إننا أحرار؟
إيه يعني شعب في ليل ظلم وضايع كله
ده كفاية بس لما تقوله إحنا الثوار
وكفاية أسيادنا البُعَدا عايشين سُعَدا
بفضل ناس تملى المعدة وتقول أشعار
أشعار تِمجِّد وِطمَاين حتى الخاين
وإن شاء الله يخربها مداين عبد الجبار.

verocchio
14/12/2007, 01:52
* قصيدة " بقرة حاحا " كانت سببا لبداية نقمة السلطة عليك في عهد عبد الناصر وسببت لكما المتاعب، أنت والشيخ إمام، لكنك إلى الآن تكن الاحترام لعبد الناصر رغم أنك كنت شيوعيا وعبد الناصر سجن الكثير من الشيوعيين، كيف توفق بين حبك لعبد الناصر وبين انتمائك للشيوعيين؟
- أحببت عبد الناصر مثلما أحب عنترة، وعشقته كعشقي للمتنبي، كانت أمي تبكيه بحزن شديد، قلت لها تبكي على من اعتقل ابنك، قالت لي يا تافه "عمود الخيمة وقع يا حمار". بخصوص الشيوعية أنا لم أكن منظما يعني لم أنخرط في التنظيمات الشيوعية، كنت ممتلئ بالأفكار الشيوعية، ثم من وقف إلى جانب عبد الناصر بعد الهزيمة أليس الاتحاد السوفييتي. عبد الناصر هو بلال الذي أذِّن والدنيا ظلام وقال: حيّ على العروبة.. بعد موته بكثير كتبت له قصيدة كنت وقتها في سوريا:
السكة مفروشة تيجان الفل والنرجس
والقبة صهوة فرس عليها الخضر بيبرجس
والمشربية عرايس بتبكي والبُكا مشروع
مين ده اللي نايم وساكت والسُكات مسموع
سيدنا الحسين ولاَّ صلاح الدين ولاَّ النبي ولاَّ الإمام
دستور يا حراس المقام ولاَّ الكلام بالشكل ده ممنوع
أنا بأقول أنا مش ضليع في علوم الانضباط
أبويا كان مسلم صحيح وكان غبي
وكان يصلي على النبي عند الغضب والانبساط
أبويا كان فلاح تعيس في ليلة ظلمة خلِّفوه وفي خرقة سوده لفلفوه
وفي عيشة غبرة طلعوه ولصَّموه وطلسموه ودجِّنوه
وجهِّزوه وجوزوه على عماه
فكان مُحيَّر في هواه ما بين أمي وما بين الجاموسة
وكان يخاف يقتل ناموسة وكان خجول خجول
خجول لكنه كان دائما يقول أستغفر الله العظيم من باب الاحتياط
أبويا طلعتوه حمار فكان طبيعي يجيبني جحش
لا أعرف نبي من أجنبي ولا مين ما جاش ولا مين ما راحش
موسى نبي عيسى نبي محمد نبي وكل وقت وله آذان
وكل عصر وله نبي وإحنا نبينا كده من ضلعنا نابت
لا من سَماهم وقع ولا من نارها شابت ولا انخسف له القمر
ولا النجوم غابت أبوه صعيدي وفهم قام طلعه ضابط
ضبط على قدِّنا وعلى المزاج ضابط
فاجومي من جنسنا ما لوش مرا سابت
فلاح قليل الحيا إذا الكلاب عابت
ولا يطاطيش للعِدا مهما السهام صابت
عمل حاجات معجزة وحاجات كثير خابت
وعاش ومات وسطنا على طبعنا ثابت
وإن كان جرح قلبنا كل الجراح طابت
ولا يطلوه العِدا مهما الأمور جابت.
* سُجنت في عهد عبد الناصر وأيضا في عهد أنور السادات الذي كان رجل العبور قبل أن يقتله عبوره نحو الكنيست الإسرائيلي؟
- السادات كان صاحب مشاكل كثيرة، ويتكلم كثيرا، ويكذب أكثر. عندما كتبت القصيدة لم أذكر اسمه فيها لكني سجنت بسببها سنة كاملة:
هنا شقلبان محطة إذاعة حلاوة زمان من القاهرة
ومن كردفان وسائر بلاد العرب واليابان ومن فنزويلا
وكان من إيران ومن أي دار أو بلد مستباحة للسياحة مع الأمريكان
هنا شقلبان محطة إذاعة حلاوة زمان
نقدم إليكم بكل اللغات مسارح وسيما وجميع الفنون
صحافة ومنابر وتلفزيونات وخطباء في جوامع وجبنة وزتون
ودائما نلعلع في كل الحالات ولا حد سامع ولا يحزنون
وتسمع ما تسمع ده ما يهمناش لأن إحنا أصلا بناكل بلاش
فخليك في نفسك وما تخليناش نسلط عليك القلم واللسان
هنا شقلبان محطة إذاعة حلاوة زمان
يَسُر الإذاعة وما يُسركوش بهذه المناسبة وما بندعيكوش
نقدم إليكم ولا تقرفوش شحاته المعسل بدون رتوش
شبندر سماسرة بلاد العمار
معمر جراسن للعب القمار وخارب مزارع وتاجر خضار
وعقبال أملتك أمير الجيوش ما تقدرش تنكر تقول ما أعرفوش
ما تقدرش أيضا تقول ما أسمعوش
شحاته المعسل حبيب القلوب يزيل البقع أو الهموم والكروب
يأنفد يبلبع حبوب ويفضل يهلفط ولا تفهموش.
* رجاء النقاش، يقول أنا أحب شعر أحمد فؤاد نجم ولكني لم أعد أحب شخصه لأنه يعض كل من وقف إلى جانبه؟
- لا.. أراد تسليمنا للسلطات.. أراد تسليمنا.. فأنا لن أنسى مشهد الشاعر العظيم الراحل محمود حسن إسماعيل عندما ذهبنا إلى مكتبه، عند خروجنا مسك رجاء النقاش من يده وقال له: يا أستاذ رجاء ناشدتك الله هذا شاعر.. ناشدتك الله هذا شاعر.. ناشدتك الله هذا شاعر، قالها ثلاث مرات، أنا لم أفهمها حينها، لأن رجاء النقاش كان في التنظيم الطليعي. بعدها مباشرة قبضوا علينا، عدلي رزق الله يقول له: قبضوا على الشيخ إمام وأحمد فؤاد نجم، قال له: لا هذه قضية أخلاقية.

verocchio
14/12/2007, 01:53
هل كتبت ممنوع من السفر لأنهم فعلا منعوك منه، أم هي حكاية أخرى؟ - نعم.. منعنا من السفر وصلتنا دعوة من وزير الثقافة الفرنسي جاك لونغ أنا وإمام، في المطار قالوا لنا أنتم ممنوعين من السفر، قلت له من الذي منعنا؟ قال لي المدعي العام الاشتراكي. أذكر جواب إمام لما قال لهم: "غريبة إحنا المفروض اللي يمنعنا المدعي العام الرأسمالي "؟. فكتبت:
ممنوع من السفر ممنوع من الغناء ممنوع من الكلام ممنوع من الاستياء ممنوع من الابتسام..
وكل يوم في حبِّك تزيد الممنوعات وكل يوم بأحبك أكثر من اللي فات..
حبيبتي يا مدينة..
حبيبتي يا سفينة متشوقة وحزينة.. متشوقة وسجينة..
مخبر في كل عقدة..عسكر في كل ميناء
يمنعني لو أغيب عليك أو أطير إليكِ
وأستجير بحضنكِ أو أنام في حجرك الوسيع
وقلبكِ الرضيع أعود كما الرضيع بحرقة الفطام..
حبيبتي يا مدينة متزوقة وحزينة في كل حارة حسرة وفي كل قصر زينة..
ممنوع من إني أصبح بعشقكِ أو أبات..
ممنوع من المناقشة ممنوع من السكات..
وكل يوم في حبك تزيد الممنوعات وكل يوم بأحبك أكثر من اللي فات..
* يقال أن خلافا حدث بينك وبين الشيخ إمام، في فترة من الفترات، هل هذا صحيح؟
- نعم.. نعم صحيح.. حين كنا في باريس بدا يتصرف على أساس إنه عبد الوهاب، قلت له لا أنت جزمتك بعبد الوهاب، لكن وأنت هكذا، لكن عندما ترجع عند عبد الوهاب في حيه، لن تكون شيئا، بعدها قال لي: هل هو جواز نصارى؟ قلت له لا أبدا، قال لي لا أنا أريد أن أستريح، قلت له حقك يا حبيبي، لكن إياك يا إمام تسعى لمهاجمة تجربتنا، وفي باريس عمل على شتمي وإهانتي بطريقة سيئة، قال عني أنه لا يعرف شخصا بهذا الاسم، عرضوا علي الكثير من الشعراء قصائدهم وقد يكون هو من ضمنهم، أنا لا أعرف شخصا اسمه أحمد فؤاد نجم، انظر إلى أين أوصلوه، هو كان رجل طيب.
* من كان السبب؟
- اتصل بي ياسر عرفات في باريس من تونس، وقال لي: لماذا لا تستجموا عندي قليلا؟ قلت له: لا.. لم نسافر للاستجمام يا أبو عمار هذه فرصنا لنشتغل، فقال لي: وأنا أليس لي حق فيكم، قلت له: لك حق لكن يا أبو عمار من خمسة وعشرين سنة وأنت تزور مصر في ضيافة وزير الداخلية، الذي كان معتقلنا، لما لم تسأله عن هذا الحق؟ وفي الأخير خاطبني كرئيس وقال: أفهم من هذا أنك ترفض دعوتي؟ قلت له: افهمها كما تريد بالسلامة. بعدها كنا في الفندق وعندما أفقت لم أجد الشيخ إمام، قالوا لي سافر إلى تونس، وأنت أيضا انتهت إقامتك.. أنقذني الكاتب الطاهر وطار وطالب وزير الإعلام الجزائري أن يساعدني، وغادرت إلى الشام. ما حدث حدث.. وجعي من إمام لأني أحبه، ليس فقط أحبه بل هو جزء مني وأنا جزء منه،كان قاسي جدا، تجربتنا ستعيش وهي موجودة بين أيدي الناس.
* بعض الكتاب العرب اختاروا منافيهم، لكنّك اخترت أن تظلّ – إن صح التعبير - في منفاك الأم؟
- من موقعي أستمدّ بقائي وأهميتي وقوّتي، فما فرطت في مكاني لأسباب أعتبرها واهية، فرسالة الشعر تملي على الشاعر أن يحافظ أوّلا على مكانه، في وطنه وفاء له ولنفسه. ومنفى الوطن مهما كان أجمل من المنافي الأخرى.
* لم تُتم لي رحلتك من احتكارك الموسيقي للشيخ إمام إلى زياد الرحباني الذي لحن لك مؤخرا؟
- زياد الرحباني.. أتمنّى أن أكون فعلا كذلك، فهو "حبيبي" أو ابني رغم المسافة التي بيننا وأتمنى أن يأتي إلى مصر ويبقى معي سنة "حنكسّر الدنيا".
* زياد الرحباني قال:أحمد فؤاد نجم أبي؟
- نعم هو قال هكذا، لكن أبوتي مؤلمة بعض الشيء، خاصة في زمن كهذا. والمرأة التي ولدته هي السيدة فيروز وهي ستّ الكلّ، يحبّها كل الرجال.
* أحمد فؤاد نجم.. هل يؤمن بشاعرية جيله؟
- طبيعي جدّا، فلست أنا الوحيد، فحتى ذلك الذي يبيع شعره ويبيع موهبته أو يؤجرها لا يعني أنه ليس بشاعر. هل تستطيع أن تقول مثلا إن عبد الرحمن الأبنودي ليس شاعرا، إنه شاعر كبير، لكنه سلك طريقا أخرى اختارها أو فرضت عليه.
* من مثلا من هذه الأسماء؟
- ذكرت لك عبد الرحمن الأبنودي. ولا أريد ذكر المزيد، تفاديا للمشاكل وغضب البعض، خاصة الأحياء منهم. المهم أقول للأجيال الجديدة والموهوبين منهم: موهبتكم أمانة عندكم وليس من حقكم بيعها فهي ملك الناس وليست ملكا لكم، فالشاعر الحقيقي لا يملك نفسه مائة بالمائة.
* هل حدث أن تعثرت أو تلعثمت في سيرك العاطفي؟
- لا فأنا كثير الحديث ومحبّ للكلام وحاذق له، فكيف أتعثر أو أتلعثم. وفرضا أني تعثرت فلا أشعر بالخوف فليس لي ما أخاف عليه.
* يعني ليس لك ذكرى عاطفية فاشلة؟
- قد تستغرب عندما أخبرك أن كل تجاربي العاطفية فاشلة. وهذا قدر الشعراء، فأغلبهم تجاربهم العاطفية فاشلة لأنهم فقط شعراء. أي لهم فائض من العواطف يساوي فائض المواقف.
* المرأة هل تستهلكها أم تستلهمها؟
- أستلهمها طبعا، فالمرأة من النعم الجميلة والمقدسة. الأم مثلا هل تستهلكها؟ وهي أكبر نعمة في هذا الوجود، سواء عند البشر أو عند القطط أو عند الكلاب.
* اعترفت بأن كل تجاربك العاطفية فاشلة، أي تجربة تتصور أنك خسرتها في يوم من الأيام؟
- كل التجارب خسرتها، خسرت كل النساء.
* هل تفرح بخسارة النساء وربح الشعر؟
- لا يفرح الإنسان بالخسارة، لكن ما باليد حيلة. وذلك هو الجزء الأهم من عذاب الشاعر في الأرض. فهو مجبول بالخسارة، بل أحيانا تشكل الخسارة نمط حياته، حتى أنه يتعود على ذلك فيصاب بالصدمة إذا ما حقق ربحا من كثرة ما لا يعرفه.

verocchio
14/12/2007, 01:53
هل ثمة أوطان قادرة على تغيير حياة الكاتب للأبد؟ - الأوطان لا تغير حياة الكتّاب، فالكاتب وحده المسؤول عن تغيير حياته أو حتى تغيير حياة الآخرين. وطني لا يجعلني أغير حياتي بل أنا وحدي من أقرّر تغيير حياتي، والشاعر الحقيقي هو الذي يملك قرار مصيره ومسيره.
* الثقة بالذات هل هي ضرورية لهذا الحد؟
- نعم لا بد للكاتب أن يثق بذاته حين يشتغل على أدبه. إن ما يقدمه للناس من إبداع هو الذي يمكن أن يغير حياته. فالكاتب الذي لا يملك ثقته بنفسه هو عديم الموهبة من الأصل، والكاتب الذي لا يستطيع أن يملك قرار تغيير حياته كيف يملك قرار تغيير حياة الناس بأدبه.
* هل ثمة كتب قادرة على تغيير حياة الكاتب؟ أي كتاب قرأته غيّر حياتك أو جزء منها؟
- نعم هناك كتب وأدباء وفنون تغيّر حياة الكاتب. فأنا عندما قرأت رواية "الأم" لمكسيم غوركي أحسست أنني "بني آدم"، ثم كذلك عندما قرأت بيرم التونسي وعندما تطلعت إلى رسوم حجازي. العظماء في الفن والأدب والعلم أحيانا هم من يغيّروا الكاتب.
* ما هي أكثر محطّة أثارتك في حياتك واستفزّتك بشكل مباشر؟
- هزيمة يونيو1967 تلك الهزيمة المهينة. إنها هزيمة مرّة. فقد كنّا محلّقين في السماء ملتفين حول قائدنا ولكن فجعنا بالهزيمة وأثرت فيّ كثيرا مثلما أثّرت في جميع المصريين وعموم العرب... في لحظات ضاع كل شيء ومنينا بهزيمة نكراء.
* هل يحتاج الكاتب إلى تبادل الأدوار - في وقت من الأوقات - إلى تبادل الأدوار مع الحرية، المفترضة في أوطاننا لإنشاء الكون الشعري؟
- مرة صرّحت في التلفزة الفرنسية: أنتم عندكم كثير من الحرية فأعطونا قليلا، فنحن لا نعرفها وليس لنا منها ولو ذرّة، فيظهر نجيب محفوظ ويظهر محمود درويش ويظهر عندنا شعراء وكتاب عظام، فلماذا لا تعيرونا قليلا من الحرية؟
* هل يمكن أن نراهن على بطل عربي من جنس الأدب؟
- هذا هو الذي يجب أن يكون في الواقع لا أن نستشرفه عبر الأحلام الوردية والأمنيات السريالية. يمكن أن تتعثّر ولادته لكن الجيل القادم سيخلق ويبدع هذا النص البطل، فالمراهنة الآن على الشباب مستقبل هذه الأمة والظروف سانحة له ليتحمّل هذه المسؤولية.
* هل تعتقد في وجود قطيعة بين الجيل السابق والجيل اللاحق؟
- هكذا دائما، وأنا أحمّل الجيل السابق المسؤولية. فعندما يصرح الجيل الجديد بأن الجيل الذي سبقه لا يعجبه، فهو محقّ لأن الجيل السابق لم يحتضنه كما يجب ولم يحنُ عليه. نحن في قطيعة أو نعيش قطيعة الأجيال، فالمبدعون العرب لم يتواصلوا زمنيا ومرحليا كما يجب، فالأجيال تعاني من التباعد فيما بينها.
* في بدايتك من أخذ بيدك؟
- بالنسبة لي أخذت بيد نفسي. فقط تأثير ما قرأت وتأثير اهتماماتي وشواغلي هو الذي صنعني.
* أليس ثمة شاعر احتضنك شخصيا؟
-لم يحتضني أحد فرائحتي كانت كريهة تمنع أيا كان من الاقتراب مني وتحيتي من بعيد بحذر، وذلك نتيجة اختياراتي وميولاتي التي لا تروق لهم، " رحتي وحشه ".
* تجربتك التلفزية الأخيرة كيف كان أثرها على الناس؟ وكيف تعاملت معها؟
- تقصد البرنامج الذي أقدمه في قناة "دريم"، فهو الشغل الموازي للتلفزة. نحن نمتلك أداة لنتكلم على سيد درويش وطلعت حرب بكل بساطة حيث لا يحسّ الناس بأن هناك جدارا بينك وبينهم لأنّك بكلّ بساطة أنت معه

verocchio
14/12/2007, 01:54
أحمد فؤاد نجم كيف تفسر عشقك للمتنبي رغم اختلافك التام معه؟ - وأنا في التلفزة الفرنسية خلال حوار صوّروه في 55 دقيقة، وهذا كثير على أي ضيف، سألني المذيع السؤال البدائي: ما رأيك في باريس؟ فقلت: بشعة. فقال بعد هذا الردّ: نسيت أن أقدّم لكم أحمد فؤاد نجم، إنّه هجّاء العرب المعاصر. فقلت له: شكرا، لأنّك رفعتني إلى الأعلى فأنا مثل جرير أو المتنبي، طبعا لا. فقال لي: أنت تهجو فقط. فقلت له: أنا وصفتها فقط مثلما سألتني فقلت لك بشعة، وأنتم جعلتم من باريس سعادة للآخرين فهيا احمل معي الكاميرا وننزل إلى الشارع، فلن نجد باريسيا واحدا سعيدا، وإذا وجدت فعلا فإنك تكسب الرهان. وقلت له أيضا: إنّا لنا من الهجاء لكم ما يملأ البحار. فقال لي: من نحن؟ قلت له: أنتم لصوص الحضارة، لصوص التاريخ، لصوص الثروات الطبيعية. ثم رددت عليه أيضا بهذين البيتين: رماني الدّهر بالأرزاء حتى/ فؤادي في غشاء من نبال/ فصرت إذا أصابتني سهام/ تكسّرت النّصال على النصال. فقال: الله هذا شعرك؟ فقلت له: أنت قدمتني وقلت إن الذي يقدم هذا الرجل يجب أن يكون على قدر كبير من الثقافة الرسمية والشعبيّة. ثم قلت له: هذا المتنبي. ما وضعه عندكم؟ فقال: كل لغة فيها ثلث لغة المتنبي. فهو ربّ الشعر عندنا.
* هل تعتقد أن المتنبي أفضل شاعر في التاريخ؟
- نعم. هو أشعر بني البشر على الإطلاق. أنا قرأت كل شعراء اللغات الأخرى: بابلو نيرودا، ناظم حكمت، لويس أراغون... الخ وقرأت القديم والحديث، طبعا لم أقرأ كل شيء لكن لم أجد من يضاهي المتنبي.
* بعد أن سقطت كل الأقنعة لماذا تظل لغتك ممنوعة في بعض الدول العربية؟
- إحدى المذيعات سألتني: ما رأيك أنه في موسوعة "عظماء مصر" أنت لست موجودا؟ فقلت لها بوضوح: يعني أن الموسوعة ناقصة لأن أحمد فؤاد نجم ليست مهمته الشتم ثم يمضي، ومشروعي الشعري الذي أنجزته ووهبته عمري سيظل مفخرة لمن بعدي. وقد لمست هذا في أرض الواقع عند جلّ الشباب العربي أينما ذهبت، فالموسوعة إذن ناقصة ومن أعدّها ناقص. أنا بصراحة أقول إن الشعر كلّه ممنوع في الوطن العربي. الفن الحقيقي ممنوع. فنحن في زمن روبي ونانسي وشعبان عبد الرحيم، أليس هذا زمننا وواقعنا؟ أليس هؤلاء هم الرموز الآن؟ فكيف ستتكلم عن الشعر في أمة هؤلاء رموزها؟
* ما هي حجة بعض الأنظمة التي تمنعك من الدخول وقراءة الشعر؟
- يعتبرون لساني سليط وأجيد الشتم بلا سبب.. رغم أن الأسباب جلية حتى للإنسان العادي فما بالك للشاعر.
* بعد ترشحك للرئاسة في مصر، وانقطاعك عن الكتابة لفترة طويلة، أعتقد أنك كتبت قصيدة بمناسبة خطبة ابن الرئيس؟
- مبروك يا عريسنا يا أبو شنة ورنة..
يا وآخذنا وراثة أطلب وأتمنى..
وأخرج من جنة أدخل على جنة..
مش فارقة معانا ولا هرية بَدَنَّا ولا واجعة قلوبنا..
يا عريس الدولة أفرح وإتهنى..
ما أحناش كرهينك لكن هرشينك..
هتكمل دينك وطلع دينَّا.
* في خصوص علاقتك مع دور النشر، ألا ترى أن دور النشر تستغل نجومية أحمد فؤاد نجم؟
- هم يطبعون شعري ويوزعون كتبي، هكذا بكل بساطة وأنا مرتاح. هذا الشعر أليس هو الذي بسببه دخلت السجون، وكان أي واحد يضبطونه ومعه قصيدتي كانوا يسجنونه. فمن ينشر شعري أشكره ولو أملك مالا لأعطيته.
* يعني لا تخالف في حقوقك مع دور نشر؟
- أية حقوق، يكفي أن أفطر وأتغدّى وأتعشّى، أنا لا أحتاج إلى شيء آخر، ولا ينقصني شيء.
* ابن جنّي كان يشرح قصائد المتنبي رغم أنه يكتب الشعر، لكنه لم يقرأه أمام المتنبي طيلة عشرين سنة؟؟
- كيف سيقرأ شعره في حضرة المتنبي، حينما يذكر شعره مثلا، فلا يجرأ على ذلك: كيف يقول بعده وهو القائل: " أنا من نظر الأعمى إلى أدبي / وأسمعت كلماتي من به صمم" وهو القائل أيضا: "وما الدّهر إلا من رواة قصائدي / إذا قلت شعرا أصبح الدهر منشدا "، وهو القائل أيضا: " أغاية الدين أن تحفوا شواربكم / يا أمة ضحكت من جهلها الأمم".
* أستاذ أحمد قصيدتك حول حسن نصر الله ألا تعتقد أنها محاولة لحطّ الرحال في أول انتصار عربي انتظرته طويلا؟
- أنا كتبت غنوة صغيرة، بس لسّه قصيدة نصر الله جوّايا ولازم تطلع. نعم شفت حسن نصر الله؟ ليه الوطن كلّوا معاديه؟ اللي عاوزين يقتلوه العرب موش اليهود.
* ما رأيك في من صرّح بأنها بطولة وهمية؟
- جاسوس أو مـ.... أو حاجه كده.
* جميلة بوحيرد مرة قالت لك " أنا أؤمن بالقنبلة وأنت تؤمن بالكلمة، لذلك لن نتقابل؟؟
- قلت لها أعمل معك حوارا.، قالت لي مستحيل أننا نقعد مع بعضنا، سألتها: لماذا؟ قالت لي أنت تؤمن بالقلم والورقة، وأنا أؤمن بالقنبلة، أجبتها: أنت مجنونة يا جميلة. قالت لي: وأنت مجنون، أليس كذلك؟ قلت لها: آ، كذلك. فقالت: المجد للمجانين في هذا العالم البليد.

verocchio
14/12/2007, 01:55
حوار مع الشاعر الفلسطيني
سميح القاسم
وليد الزريبي

verocchio
14/12/2007, 01:55
- الآن، كيف ينظر سميح القاسم إلى تجربته الشعرية، إلى مسيرته الطويلة، هل ندمت على بعض الكتابات؟ هل ثمة كتب لو قُدر لك إعادة كتابتها كنت تلغيها؟
* لا أريد أن أبدو مغرورا ولا أحب الغرور.. وتعرفون أنني بعيد جدا عن سمة الغرور. لكن هناك مسألة أصرّ عليها أعتبرها من حقي الشرعي. أعتقد أني أنقذت الشعر العربي الحديث من عوامل السقوط والتقدِّم والهجانة. أعتقد أنني أجسّد الحداثة الشعرية العربية. إذا كان المقصود الشكل فهذا أمر طبيعي أنا لم أتخلّ عن العمود الكلاسيكي في أي وقت من الأوقات. كتبت قصيدة النثر وقصيدة التفعيلة والكلاسيكية، الشكل لم يربكني في أي وقت من الأوقات أحب العمودي في الشعر العربي بولع أعشق الأوزان العربية وهي أجنحة حرية وليست قيود كما يدّعي بعض الجهلة الذين لا يتقنون ولا يتمكنون من العروض لا يعرفون سر العروض إذا تحولت الأوزان إلى جزء من نصك الشخصي فهي تصبح أجنحة حرية ليست قيودا على الإطلاق ولذلك أنا مع الحرية المطلقة في العملية الإبداعية ولا أسميها أصولية.

2- هل يستطيع الشاعر الفلسطيني التنصّل من السؤال السياسي؟
* لا يستطيع الشاعر الحقيقي النجاة من جميع الأسئلة، بما فيها السؤال السياسي والاقتصادي والاجتماعي. الشعراء المستنسخون من طراز النعجة "دولي" يستطيعون الاختباء وراء جينات التهجين والهرب من الحياة نارًا ونورًا، عذابًا وحُلمًا. أنا لستُ من هؤلاء كما تعلم ولن أكون منهم وأستذكر دائما قول ماركي أو أنجلس لا أذكر: " ليس لي قَفَا ثور لأديره لهموم الجماهير ". الدعوة لإخراج الشعر من السياسة وإبعاد السياسة عن الشعر، هي في صلبها دعوة سياسية رجعية قبيحة تُريد تجريد الإنسان من أحد أسلحته القوية في الدفاع عن إنسانيته ولن تجد خارج الهم الإنساني شعرا جميلا وإنسانيا. ولتهوين المسألة وتوضيحها أنا أحب النقيضين بيكاسو ودالي. لكني أحترم بيكاسو أكثر ممّا أحترم دالي. وأفضل العمل الفني العظيم بمضمون إنساني عظيم. لا أعترض على نظرية الفن للفن لكني لا أُدخل نباحها إلي بيتي. مع حرية الإبداع لكني أدافع عن الالتزام وأستحضر دائما ما كتبه نيرودا في تقديم منتخبات من أشعار صديقي الراحل الكبير رافائييل ألبرتي، في ذلك التقديم عبارة بسيطة لكنها تعني كل شيء " يخرج الشعر من السلام، كما يخرج الخبز من الطحين ". فالنضال من أجل السلام والحرية هو في عمقه نضال من أجل الشعر. وأستهجن أن يطالبني أحد بتجنب العوامل السياسية وأنا ابن أمة مذبوحة وشعب مغتصب ووطن ضائع، وأعني الوطن الصغير فلسطين، والوطن الكبير من محيطه إلى خليجه. من واجبي تدريب العبيد على الحرية.

verocchio
14/12/2007, 01:57
ألا تعتقد أن جيلكم الشعري أقل حظا من جيل ما بعد " السلام "؟
* السؤال المطروح عادة يقول أن جيلنا أوفر حظا من الأجيال اللاحقة وهذا الكلام مرفوض.كل جيل يفرز شعراءه وكل جيل يشكل صوته وصورته.
أن لا أقرّ نظرية صراع الأجيال لا في الشعر ولا في أي شيء آخر. أنا أقرّ بتواتر الأجيال، وتكامل الأجيال. الصراع يجري في كل جيل. داخل الجيل الواحد يجري صراع شرس حول الذائقة الفنية والمعنى الإبداعي.
هناك معارك لم تحسم على مرور الأجيال. فكرة السّقف غير القابل للاختراق هي فكرة باطلة في رأيي. البعض يزعمون أن جيلنا شكّل سقفا غير قابل للاختراق وهذا غير صحيح. لدي قناعة أن هناك أصوات عديدة في الوطن العربي تستطيع إثبات وجودها بتقاطيعها الخاصة وملامحها الخاصة. أنا متفائل بهذا المعنى لكن أرفض محاولة تجريد أي جيل من انجازاته الخاصة والمتميزة. وأرفض الروح العدائية التي توجّه من الأجيال الجديدة للأجيال السابقة. حتى في تونس هناك من يحاول تجريد الشابي من مكانه ولا خطيئة للشابي، لم يرتكب جريمة، كان شاعرا فحسب. لم يغتصب مكان أحد، ولم يلغ مكانة أحد. وأنا لم ألغ شاعرا فلسطينيا ولم أمحُ موهبة شاعر، لا فلسطيني ولا تونسي ولا ليبي ولا مصري. فلا مبرّر للعدائية.

4- كيف يتفرّد الشاعر بصوته؟ هل للعوامل التاريخية دور؟ وكيف يصبح مختلفا؟
* أنا قادم فقط بالصدق، الصدق بالمعنى الفني والمعنى الأخلاقي بكل معنى الكلمة والصدق الفني أن يبني قصيدته على مادة تجربته ألا يستعير من الآخرين. وفي الشعر العربي ظاهرة، ظاهرة السرقات، السّطو. حدث ولا حرج. الترجمة والافتعال كلها أمور في نهاية المطاف تلغي شخصية الشاعر. الصدق بالمعنى الفني والأخلاقي واختزال التجربة، لا يوجد شاعر بدون تجربة عميقة وعريضة وطويلة، لا يمكن.. تجربة الحياة بكل ما تعنيه الحياة من خير وشر وحزن وفرح وانجاز وإحباط وحب وكراهية وغضب بدون الإيغال في الحياة بكل صورها وأشكالها لن تنتج تجربة شعرية جديرة بالبقاء ومتميزة.

verocchio
14/12/2007, 01:57
5- في مستقبل الشعر العربي ربما بعد خمسين سنة هل تتوقع أن يتم العودة القوية أو الحنين القوي إلى القصيدة التي تعتمد نظام الشطرين أو القصيدة العمودية؟
* هي لم تمت حتى نعود إليها موجودة أنت تعرف أنها وُجدت بقوة عند الجواهري وتعرف أنها موجودة عندي أيضا بقوة وبعنفوان. أنا أرفض الادعاء بأن الرواية ستحتل مكانة الشعر وقصيدة النثر ستحتل مكان القصيدة العمودية هذه كلها افتراضات غير دقيقة وغير علمية وغير محسوبة، تستطيع قصيدة النثر أن تتعايش مع القصيدة العمودية إذا كانت هذه القصيدة حقيقية وتلك قصيدة حقيقية لا تناقض بين الأشكال، هذا التناقض مفتعل هو مستورد وهو اختراع الآن في أوروبا يعودون إلى الأشكال الكلاسيكية القديمة في بريطانيا وفرنسا وفي ألمانيا هناك عودة.
كنت قبل حين دعيت إلى جامعة روما أصدروا لي مجموعة باللغة الإيطالية وأقاموا حفلا وأمسية وقرأت واخترت أن أقرأ بعض القصائد العمودية وفوجئت بشعراء إيطاليين يقولون إنهم يعودون إلى الكلاسيك الإيطالي ليس لإخلاء الحديث الإيطالي بل لرغبة التنوع والتعدد والتجدد المستمر وإذا التغى العمود الشعري بالمناسبة هذا يعني زوال التراث الشعري العربي من شعراء الجاهلية إلى المتنبي إلى الجواهري.

6- أقصد دعوة منظمة على غرار ما هو سياسي؟
* لن تنجح، لن تنجح أية دعوة منظمة لن تنجح. جامعة الدول العربية اذا اتخذت قرارا فستفشل وأية دولة ستفشل. في الثقافة وفي الإبداع لا وجود للقرار هناك قرار غربي أمريكي مع بعض التافهين الرجعيين العرب لإلغاء أمور ثقافية كثيرة لكنها لن تنجح.

7- زرت الكثير من المهرجانات الشعرية الدولية، وبطبيعة الحال أنت عربي وزرت الكثير من البلدان العربية، كيف ترى الشعر أو منزلة الشعر وجمهور الشعر العربي بالمقارنة مع الجمهور الغربي. هل تراجع هذا الفن في بلداننا خاصة ونحن أمة يقال أن الشعر هو فنها الأول؟
* قرأت لجماهير أوروبية ليس لعرب في أوروبا، بل دُعيت لأمسيات لجماهير أوروبية ولا أنسى في ستوكهولم حين سلم علي شاعر سويدي وقال " ليتني أملك في السويد جمهورا كجمهورك من السويديين ". في الوطن العربي الشعر مازال سيد الإبداع، وأعتقد أنه سيظل سيد الإبداع إلى قرون. المشكلة في العلاقة: الفضائيات، الانترنت، الفيديو.. كل هذه الأمور قلصت جمهور الشعر بدون شك. لكن هناك مشكلة أيضا في المؤسسة الثقافية ينظمون مهرجانا في عاصمة عربية ولا يضعون ميزانية للإعلان وللإعلام. الشاعر لا يحصل على الاعلان لأمسيته وهذه حالة عربية في أقطار سايس بيكو في حظائر سايس بيكو هناك ظاهرة مرضية التخلي عن الكرامة القومية والسياسية والثقافية. هناك سقوط ثقافي وأنا قلتها في تونس وفي مصر وفي كل مكان أقولها الثقافة خندقنا الأخير كعرب إذا سقط هذا الخندق " كفّك على الضيعة " كما يقال في لبنان. سنتحول إلى ما يشبه أمريكا اللاتينية تلتغي الأمة العربية لنتحول إلى توانسة وليبيين وفلسطينيين ومصريين وعراقيين إلى آخره من بذاءات سايس بيكو، وحراس سايس بيكو معنيون بهذه التجزئة، معنيون بالقضاء على الخندق الثقافي. السؤال هو هل نسمح لهم بذلك أم لا. أنا لا أسمح بذلك، لا أسمح للجامعة العربية مجتمعة بخلخلة الروح القومية العربية الحضارية الراقية في الوطن العربي. مادمت على قيد الحياة أحارب من أجل الدفاع عن كرامتي وعن ثقافتي وعن قصيدتي وعن قصيدتك وعن قصيدته، دفاعا عن وجودنا. لكن القول بزوال الشعر وانتهاء زمن الشعر كلام فارغ يجوز هذا القول في أمريكا اللاتينية. الرواية في أمريكا اللاتينية تفوقت. أصبحت ديوان شعوب أمريكا اللاتينية. لأنهم قدموا نماذج روائية رائعة ومذهلة، قدموا كبار الروائيين في العالم.
ما هي رواياتنا؟ الرواية العربية ما زالت محاولة خجولة لأن تكون رواية بالمعنى التقني للرواية.رواياتنا محاولة تجريب، بحث عن شكل روائي. ادعائنا وغرورنا شيء غير معقول كأن عندنا روائيين بحجم روائيي أمريكا اللاتينية وأوروبا. اليابان عندها روائيين أهم من الروائيين العرب والصين واليونان. من هم الروائيون العرب العظام الذين يلغون الشعر، لا يوجد.

verocchio
14/12/2007, 01:57
- وماذا ينقص شعرنا ليصبح عالميا؟
* هو عالمي. شعرنا عالمي.

9- ومؤثر؟؟
* ومؤثر أيضا. ماذا يعني مؤثر هل بمعنى نغير قرارات الأمم المتحدة.. هو عالمي ومؤثر.

10- ارتبط حضوركم الشعري في قلوب الجماهير العربية بحضور القضية الفلسطينية، الآن بدأت القضية تنطفئ نوعا ما داخل صدور هذه الجماهير. فمثلا ألا تخاف من زوال مملكتكم الشعرية؟
* ( يضحك ) أخي حضورنا نتشرف ( اسمح لي أتكلم باسمي الشخصي ) أنا أتشرف بأنني قدمت المعادل الشعري للقضية الفلسطينية أتشرف وأعتز بذلك. لكن أرفض الادعاء بأن حضوري الشعري هو لكوني فلسطينيا فقط بسبب القضية. هذا ادعاء باطل أنا موجود في سوريا بقصيدتي، وموجود في تونس بقصيدتي. لو قرأت لكم قصائدي من دون فلسطين وانفض الجمهور من حولي ستكون نظريتك على حق. في تونس يحبون قصيدتي ولا يحبون فلسطين بسببي، ولا يحبونني بسبب فلسطين، يحبون قصيدتي. أنا قرأت في تونس في مسائل ذاتية ومسائل شخصية أكثر مما قرأت عن فلسطين.

11- في فلسطين انطلق صوتكم منذ كتاب الراحل غسان كنفاني، ومنذ اختراق القصيدة، قصيدة سميح ومحمود وسالم جبران ومعين بسيسو وتوفيق زياد خارج الأسر الإسرائيلي، وبعد ذلك نمى جيل شعري فلسطيني بعدكم تحديدا، وهذا الجيل يحسّ بالغبن فكأنّ هذه الأصوات التي سبقته تعترض تقدّمه وتعيق وصوله وتشل خطاه فكيف ترى ذلك؟
* هذا ظلم غير مبرر. كتب في القضية الفلسطينية ربما عشرين ألف شاعر عربي وخمسين ألف شاعر أجنبي. حضور أو بروز أو بقاء بضعة أسماء لا يضير هذه الأسماء. يبدو أن هذه الأسماء أضافت للقصيدة شيئا ليس فقط الموضوع، ليس فقط فلسطين. هناك شعر كثير عن فلسطين مضمونه حق، موقفه صحيح لكنه ليس شعرا، ليس كل ما يكتب في فلسطين وفي الانتفاضة وفي الحرية وفي هذه المواضيع هو شعر جيد. يجب أن نكون منصفين.

12- بتعبير آخر، أدرك أنك ساعدت بعض الشعراء الشباب؟
* أنا ساعدت الجميع من كان قبلي ومن معي ومن بعدي.

13- وكيف كان ردّ فعلهم؟
* أنا لا أنتظر ردود الأفعال، أنا قدمت دراسة مثلا مطالع من أنطولوجيا الشعر الفلسطيني في ألف عام. اشتغلت على هذا الكتاب أكثر من سنة، وقدمت هذا الكتاب وطبع. من ألف سنة من كشاجم الرملي حتى راشد حسين. أرهقت نفسي كثيرا، هو ليس مجانيا لكنني أرهقت نفسي وأصدرت هذا الكتاب. أيضا أصدرت كتابا آخر باسم "الراحلون" لعدد من الشعراء السابقين الذين سبقوا جيلي وقدمت في مهرجانات في دول عربية وفي مهرجانات في العالم عشرات الشعراء والمبدعين والفنانين والرسامين والراقصات والمغنين قدمتهم للعالم من خلال الدعوات الشخصية الموجهة إلي. لم أقصر في هذا المجال وأرفض الظلم كأننا خلقنا سقفا غير قابل للاختراق، لا سقوف في الشعر، لا يوجد سقف غير قابل للاختراق في الشعر. تريدونني أن أتخلى عن تواضعي أنا اخترقت سقف المتنبي وأبو العلاء المعري بقصيدتي. غير صحيح أن هناك سقوف غير قابلة للاختراق.. المعري والمتنبي مع كل احترامي تجاوزناهم في أمور كثيرة، هذا لا يلغي مجدهم وعظمتهم لكنه لا ينبغي أن يلغي انجازنا ودورنا. لا سقوف في الشعر، لا مستحيلات، لا عوائق. أنا ضد العداء، ضد التجني، ضدّ العدائية بين الأجيال أنا مع التكامل كل تجربة تضيف إلى أختها، إلى ما سبقها وإلى ما يليها أيضا.

verocchio
14/12/2007, 01:58
14- أنت معروف أو زاد الجمهور معرفة بك بعد أن غنى لك مارسيل خليفة؟
* لا أبدا. مارسيل خليفة أصبح أكبر شهرة وأعز مكانا بعد أن غنى لي. وأشهر ما غنى "منتصب القامة أمشي" هو ارتفع بها دون شك. فأنا لست بحاجة إلى مغنين لقد غنوا لي منذ 1968 و 1967 عندي أكثر من أربعين قصيدة مغناة ولا أتوكأ لا على مارسيل خليفة ولا على فيروز ولا على فريد الأطرش وأم كلثوم. القصيدة تصل، مارسيل ساعدها وساعدته، المغني يأخذ من الشعر والشعر يأخذ من المغني، هذا تعاون وليس استفادة.

15- هل تسمع الأغاني الجديدة الآن؟
* قليل جدا وأنا أحترم ذائقة كل جيل. يبدو أنني أصبحت "موضة" قديمة، يبدو أنني أصبحت "موضة قديمة" في مجال الغناء.

16- بعض الشعراء الفلسطينيين هربوا من وطنهم بتعلّة الشعر، لكني أعتقد أنكم عدتم إلى الوطن كفكرة في قصائدكم؟
* لم أهرب إلى الوطن ولم يهرب زملائي من الوطن. هي أحداث عفوية تحدث، تجري. وبقائي في الوطن ليس من أجل القصيدة لدي بيت جميل على سفح جميل في بلدة جميلة، لدي زيتونات وكروم ومقبرة أجداد ومدرسة طفولة، لدي تاريخ وذكريات وهو وطني. لا أخرج منه إلا جثة هامدة. فقط إذا قتلت أخرج من الوطن. هناك من يريد أن يبعدني عن هذا الوطن هل أقدم له مكافأة أبدا هذا وطن.

17- ثمة من الشعراء الفلسطينيين من هاموا بفكرة السفر والتنقل والإقامة في بلدان أجنبية...( يقطع حديثنا مضيفا):
* يا أخي أنا سافرت وتنقلت وأقمت وغامرت وأحببت وأعرف العالم أكثر من أي كائن على وجه الأرض. أنا أعرف أوروبا أكثر من الأوروبيين، أعرفها من الداخل، من المعرفة " الجوانية ". السفر ضرورة للشعر وللفن لكن لا يتعمد أحد ذلك، أنا لا أتعمد لا أقول سأزور جنوب فرنسا أو سأزور شمال إيطاليا لا أتعمد هذا يحدث، يحدث فحسب كما تحب امرأة، يحدث فحسب هل تضع برنامجا.. في السنة سأحب ثلاث نساء.. لا يوجد برنامج لا في الشعر ولا في الحب ولا في الحياة.. لا توجد برامج، أنا لا أبرمج لشيء وليس لدي مشروع شعري. بعد أن أموت يمكن أن يتحدثوا عن مشروع شعري، مادمت على قيد الحياة ليس لدي مشروع شعري. أنا ضد مقولة المشاريع، بعد أن يموت الشاعر إما أن يكون قد حقق مشروعا أولا.

18- المنفى.. في وقت مَا أصبح "موضة" شعرية يتغنى بها الشاعر...( يقطع حديثنا مضيفا):
* هذا اعتداء على الألم.. هذا الكلام إهانة للألم.. المنفى ليس موضة، المنفى حالة قصرية مؤلمة وموجعة. وإذا كان المقصود محمود درويش فهو متألم وموجع.. لا يتمتع بالمنفى، والمنفى عنده ليس موضة شعرية. في المقابل أريد أن أردّ على من يزعم أن خروج الشاعر من وطنه، أي شاعر وأي وطن يساعده على تفتيح طاقاته الفنية.. هذا كلام سخيف وتافه. لست بحاجة إلى أن أصبح مشردا حتى أبدع في شعر التشرد. الإبداع حالة ذاتية وفردية وتقوم على تجارب وعلى طاقات وعلى تراكم ثقافي ومعرفي ولست بحاجة إلى أن أشارك في الحرب الفيتنامية حتى أكتب عن فيتنام وكتبت عن فيتنام قصائد شهد لها شعراء فيتناميون. المسألة ليست بهذه البساطة.. أنا سأغادر الوطن حتى أكتب عن المنفى، ليست بهذه البساطة.

verocchio
14/12/2007, 01:58
19- في الجيل الذي عشت فيه، الشاعر يصعد من منابر معينة هناك كجريدة، هناك حادث، هناك منبر أدبي يصعد منه يتابعه الجمهور.كانت هناك مجلة الآداب، وقبلها الرسالة، أبولو.. مجلة شعر.. منابر كثيرة يمكن أن يندلع منها الشعراء أو ينبعون، الآن كيف تتصور الوضع مع وجود الكثير من المجلات والكثير من المنابر ومع ذلك تكاد المواهب والأسماء تكون قليلة. كيف تشخص هذه الوضعية؟
* السؤال هو حول التواصل بين الشاعر والجمهور. في أيام الجاهلية كان التواصل شفاهيا، الناس يحفظون القصيدة ويرددونها، تنتقل بالرواية، التواصل بالشفاهي، في مراحل سابقة كان النقش على الحجر تنقش قصيدة على حجر أو على الفخار كما في بلاد ما بين النهرين يُكتب الشعر على الفخار ويحفظ ويُنقل ويُنسخ، فيما بعد اكتشفوا الطباعة، حديثة. الكتابة على ورق البرد، إذن أساليب التواصل تختلف. الطباعة ليست الوسيلة الأخيرة للتواصل بين الشعر والجمهور، بين الشاعر والجمهور. أعتقد أن الانترنت سيحتل موقع الكتاب، أعتقد ذلك.. لا أحب ذلك.. لا أحب ذلك، أنا أفضل رائحة الورق والحبر وأكتب حتى الآن بالحبر الزائل، أحب حفيف ريشة القلم على الورق، لكن هذا لا يحكم العملية الإبداعية إلى الأبد. أعتقد أن الانترنت سيتحول إلى المنبر الأساسي للشعر وللفن وللغناء ولكل شيء. هكذا أرى التطور.

20- نحن نقدر فيكم هذه الذاكرة الحبرية، لكن الانترنت الآن يسمح لكاتب أن يوزع آلاف النسخ، وملايين القراء حول العالم، ثمة من يبشر بموت الكتاب الورقي وصعود الكتاب الرقمي. إذا كان الكاتب نفسه يستفيد من الانترنت لماذا ندافع عن كتاب ورقي تثبت الرّقمنة، يوميا، ألا مجال له؟
* الكتاب الورقي سيبقى للنخبة، نخبة من القراء، من المهتمين يريدون الاحتفاظ في المنزل بكتاب يعودون إليه من وقت لآخر. في هذا الشهر الفضيل أرجو ألا يساء فهمي: القرآن لا يمكن أن يتحول إلى "ديسكات" على الانترنت فقط، لا بد من كتاب في المنزل، في مكتبة البيت وأعتقد أن الحاجة إلى الكتاب المطبوع ستظل، ستستمر إلى عصور بعيدة لكن شكل التواصل الأساسي لن يكون المنبر ولن يكون الكتاب سيكون الانترنت وهذا طبعا يخلق شيئا من الفوضى فيما مضى كانت المجلة، كان المحرّر ينتقي، الآن على الانترنت لا مجال للانتقاء،كل ما شئت تستطيع أن تعمّمه، ويستطيع أن يراه الملايين ويقرأه الملايين. لست خائفا لأن الملايين ليست من الغباء بحيث تقبل كل شيء أيضا الملايين لديها ثقافتها، لديها درايتها، لديها تلقمها المعرفي وستميز بين الغث والسمين، بين الجيد والرديء، فليصل كل ما يكتبه الناس، دون رقابة، إلى ملايين البشر لكنهم سيختارون في نهاية المطاف على الانترنت أو على الكتاب المطبوع أو على الفخار أو على الحجر، سيختارون ما يستحق البقاء.

21- لكن بإمكان "جاحظ" اليوم ألا يموت تحت حزمة كتبه، بإمكانه أن يضع مكتبته الكاملة في جيبه، على CD؟
* أنا أفضل الموت تحت الكتب، على الموت ذبحا بالـCD .

22- هل صادف أن بحث سميح قاسم عن شيء ما، فعثر عن شيء آخر، تبين أنه هو ذاته الذي يبحث عنه؟
* طبعا.. هذا يحدث لي دائما. دائما.. دائما. مفاجآت الكشف، حتى أثناء كتابة القصيدة تأتيني صور ومعان تفاجئني، تفاجئني تماما. وأخرج منها بجلدي في اللحظة الأخيرة، مثلا في قصيدة " عجائب قانا الجديدة " هنا في تونس أحد الشبان قال أنا سأتشيع حماسة بحسن نصر الله وحزب الله وفي المساء وأنا أكتب هذه القصيدة استكملتها هذه القصيدة في قرطاج وأثبت ذلك في نهايتها (الرامة – قرطاج تموز2006 ) أكملتها هنا وإذا بي أضيف للقصيدة وأعلن أني تشيعت، تشيعت للسنة الظافرة، على دين حرية الصاعدين إلى مذهب الأمم الثائرة.. أخرجت نفسي من هذا المأزق التشيع والتسنن في آخر المطاف الإنسان يتشيع للحرية وللثورة. ليست قضية مذهب. أحيانا أجلس لكتابة رسالة فإذا بي أبدأ بقصيدة أو أجلس لأكتب قصيدة فإذا بي أبدأ مقالة، المفاجأة مستمرة دائما.

23- هل ثمة كتب قادرة على تغيير حياة الكاتب إلى الأبد؟
* لا.. لا كتاب ولا امرأة ولا رجل ولا شيء قادر على تغيير حياتي إلى الأبد.

24- هل ثمة أوطان قادرة على تغيير حياة الكاتب إلى الأبد؟
* أبدا.. أبدا.. لا أنا صحيح أحب الاثنين لكن أحب الوطن العربي وأحب الكرة الأرضية بالنهاية كلها، ليس عندي تعصب لإقليم ضد إقليم، الكرة الأرضية كلها وطني.

25- يقول بعضهم أن سميح القاسم استفاد شعريا من علاقته بدرويش، في حين محمود درويش لم يستفد من هذه العلاقة؟
* هذا كلام أرصفة.. وكلام سخيف. محمود أخي الأصغر وأعتقد أنه يعتز أنه استفاد مني شعرا ونثرا وسياسة وفكرا ولا أرى غضاضة في أن يستفيد الإخوة أحدهم من الآخر لكن أعتقد أن نتاج الموضوع بين أيديكم يلغي هذا الكلام الذي قالوه نقاد المائة دولار، أنا أسميهم نقاد المائة دولار، تعطيه مائة دولار يجعلك شكسبير وأهم منه. نقاد الكافتريات. ليست لديهم أية قيمة. تجربتي سابقة لتجربة أخي محمود، سابقة في الزمن وسابقة في الحضور. هو لا ينكر أنه استفاد مني بدون شك وإذا كنتم تصرون على أنني أيضا استفدت منه فلا بأس. ولا أعرف أين تترجمون في قصيدتي هذا الادعاء. إذا كنتم تريدون ذلك فليكن. وأستفيد من أي شاعر مبتدئ ومن أي شجرة، أنا أستفيد من الكون كله. قصيدتي تحمل الكون كله.

26- قصائد صارت لها سلطة وحراس مؤسسة بامتياز، ألا تخاف أن تتحول أنت نفسك إلى مؤسسة؟
* أنا قلتها أنا لست مؤسسة، أنا دولة عظمى لكنني لست عضوا في الأمم المتحدة.

27- رأيكم في قصيدة النثر؟
* القصيدة الجيدة هي قصيدة جيدة وأحبها وأحترمها. سواء كانت قصيدة نثر أو تفعيلة أو قصيدة عمودية. جئني بالشعر وسأعانقه. القصيدة التافهة بأي شكل من الأشكال لا تعنيني. تبقى تافهة. الشكل لا يقرر، الخلطة بين الشكل والمضمون والقدرة الإبداعية إما تكون قصيدة أو تكون طُرحا شعريا، غير جدير بالبقاء.

28- هل صادف أن كتبت هذا الشكل – قصيدة النثر -؟
* طبعا.. طبعا كتبت أهم قصائد النثر في الشعر العربي الحديث.

29- كيف تعاطى سميح القاسم مع ما حدث في جنوب لبنان؟
* كما لم يتعاطى أي كائن، والدليل هذا الكتاب " عجائب قانا الجديدة ".

اسبيرانزا
16/12/2007, 16:01
كعادة نجم بساطة لباقة وفلسفة
وجهات نظر مختلفة وجريئة ...باريس مدينة بشعة لانها بنت السعادة للاخرين بينما لا يوجد باريسيا واحدا سعيد
وثقة بالنفس وعلو مقام ..... موسوعة العظماء المصريين ناقصة لاننى لست فيها
وحكمة تكتب عباراتها بالدهب
مصر هبة المصريين، هبة الفلاح المصري
الفروسية ولو في الأفكار والمعاني هي شرط الشاعرية.
الشاعر الحقيقي لا يملك نفسه مائة بالمائة.
الشاعر الحقيقي هو الذي يملك قرار مصيره ومسيره.
تأثير ما قرأت وتأثير اهتماماتي وشواغلي هو الذي صنعني

نجم مثال يضاف بفخر لعظماء مصر الانجال اشكرك على الطرح verocchio (////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////)

** ملحوظة:: محاورات سميح القاسم ونجم توجع العين نرجو تكبيرها

verocchio
24/12/2007, 15:18
حوار مع الشاعر عبد الرحمان الابنودي

verocchio
24/12/2007, 15:18
في بيته بحي الزمالك الراقي بالقاهرة، ومع كوب من الشاي بالنعناع أعده بنفسه لي، فتح الشاعر عبد الرحمن الأبنودي خزانة أسراره، تحدث بحماس واستفاضة عن طفولته ومسيرته الشعرية، وبأسى وشجن تحدث عن ثقافة مصر، وما أصابها من ترد وخواء، في زمن وصفه بـ«زمن الباعة». كما تحدث الأبنودي عن الأغنية وموقفه مما يحدث على ساحتها الآن، ورؤيته لفترة اعتقاله في عهد عبد الناصر، والتي وصفها بأنها كانت فترة جميلة، أدرك من خلالها القيمة الحقيقية للحرية. وتطرق الحديث إلى عدد من قضايا الفن والثقافة. وهنا نص المقابلة:

verocchio
24/12/2007, 15:19
كيف ترى الآن بدايتك كشاعر، وما هي المحطات الأساسية التي أثرت في رحلتك مع الشعر؟
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -/////////////// كان لا بد أن أتخرج من قريتي «أبنود» شاعراً، حيث كل إنسان في هذه القرية يغني. فهم يغنون أثناء العمل، وفي أوقات الراحة وأحيانا يستبدلون الغناء بالشعر. وتجدهم أثناء دورانهم حول السواقي يغنون، وفي أوقات دهس القمح يغنون. والنساء بدورهن حين ينفردن في الدور يغنين تلك البكائيات الرائعة التي أعتبرها من أدبيات الشعر العربي. وفي قريتي حين تقام الأفراح يغنون لأنفسهم ولا يجعلون أحدا من خارج قريتهم يغني بدلاً منهم. كل هذا يعطيك دلالة على أن الغناء هو البطل في هذه القرية. وعندما كنت صغيرا لم أتجاوز الثمانية أعوام، كنت أذهب إلى الغيط لجمع القطن، وإلى الحطابين لجمع السنابل من بقايا الزرع. هذه أعمال كنت أقوم بها وأنا أغني. كنت راعي غنم وجامع قطن وأذهب إلى النهر لأصطاد سمكتي لكي أعيش. كنت فقيراً وكان الغناء دائماً يحاصرني. وحين دخلت المدرسة الابتدائية تفتح أفقي وبدأت أسأل نفسي وأفكر، لماذا لا يدرّسون الأغاني والأشعار في المدرسة؟ وصرت استغرب حين أستمع إلى الراديو وما به من أغانٍ بلا قيمة، في حين ان قريتي كانت تعج بمئات القصائد والأغاني الرائعة.
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -/////////////// لكن طموحك كشاعر فاجأك حينما ذهبت إلى القاهرة، وهو ما جعلك تفكر في الكتابة الشعرية الغنائية؟
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -/////////////// لم أكن أتخيل أبداً أنني سأذهب إلى القاهرة وأكتب الشعر والأغاني. لكن بعد انتقالي إلى العاصمة، بدأت بعض الصحف والمجلات تنشر قصائدي، والناس في الشوارع يرددون أبياتا من أغنياتي. لم أذهب إلى مطربين لكي يغنوا أشعاري، ولم أفكر في الكتابة بشكل جاد، إلى ان طلبوني في الإذاعة المصرية، واختاروا إحدى أغنياتي المنشورة وأشهرها «تحت الشجر يا وهيبة» التي صنعت نجماً غنائياً كبيرا هو المرحوم محمد رشدي. هنا بدأت علاقتي بالرجل واستمرت حتى آخر يوم في حياته

verocchio
24/12/2007, 15:19
هل نستطيع أن نقول إن الطبيعة لعبت الدور الأهم في صقل وتنمية موهبتك؟
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -/////////////// الطبيعة هي أم لموهبتي وتجربتي. عندما أشعر بالفراغ الفكري، أذهب إلى قريتي أبنود لاستعادة الذاكرة والتشبع. أنا على صلة دائمة بقريتي وأزورها في المناسبات السعيدة وغير السعيدة. هناك ثلاث تجارب في حياتي مهمة، جعلتني مختلفاً عن سائر الشعراء. الأولى هي تجربتي في أبنود. وعندما أتحدث عن تجربة القرية، فأنا لا أتحدث عن تجربة شاهدتها عن بعد، وإنما عايشتها لأنني أحد هؤلاء الفلاحين الذين عرفوا الشقاء ولم يشاهدوه من خلف نافذة زجاجية.
التجربة الثانية: هي السجن، حيث تم اعتقالي في فترة (1966– 1967) مع خيرة المفكرين والأدباء في الوطن العربي، في فترة حكم الرئيس جمال عبد الناصر حيث كانت أشواقنا ارتفعت من رؤوسنا، وكان هذا يزعج السلطات. وبرغم أن عبد الناصر كان رئيسا عظيما، كان أسلوب حكمه بوليسيا، وكنا مراقبين في بيوتنا، وفي كل مكان. في المعتقل كان معي الروائي جمال الغيطاني، وصلاح عيسي، والكاتب الأردني غالب هلسا الذي له فضل كبير على جيل الستينيات ولم يأخذ حقه الأدبي. وكان معنا الكاتب أحمد فتحي، والشاعر سيد حجاب، والصحافي محمد العزبي. كنا مجموعة جميلة من خيرة أدباء مصر.
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -/////////////// هل كان انعكاس تجربة السجن سلبياً أم ايجابياً على شعرك؟
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -/////////////// جدار السجن هو اخر جدار في العالم تستند إليه، لتعرف بالضبط قيمة ما يحتويه البدن من فكر ومواقف. إما أن تحس بالورطة وتفكر في كيفية الخروج منها، أو أن تحس ان هذا هو مكانك الطبيعي الذي تستحقه وهو بمثابة العودة إلى الرحم. تجربة الاعتقال جعلتني أتعرف أكثر على غالب هلسا الذي عرفته كل سجون الوطن العربي. علمتني هذه التجربة ان المبدع الحقيقي سيظل دائما في حالة صدام مع السلطة، لأن المبدع له طموح لا تقف أمامه عوائق. المبدع أفقه أوسع من السياسي ويرغب في الحوار والنقاش، ولكن لا وقت للسلطات البوليسية والعسكرية للحوار، والأفضل عندها أن تحبسه مع لسانه في زنزانة لتتخلص منه. دائما أسأل نفسي من واقع تلك التجربة: كيف بالله يمكنك أن تكتب عن الحرية إن لم تعش تجربة السجن. كنا في الماضي نرسم صورة لقفص حديدي، تخرج منه حمامة، ونقول هذه هي الحرية، لكن الحرية شيء آخر.

verocchio
24/12/2007, 15:19
لكن ماذا عن التجربة الثالثة؟
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -/////////////// هي تجربة الحرب، كيف تكتب عن النضال والصراع والمحاربين وأنت لا تعرف الحرب، هذا لا يصح. هيمنغواي، عاش تجربة الحرب الثانية، وكتب رائعته «وداعا للسلاح». وكثير من الكتاب عندما أرادوا أن يكتبوا عن الحرب ذهبوا إلى مناطق اشتعالها لكي يتعايشوا مع التجربة، ويكتبوا بصدق. وهناك من يكتب عن افريقيا وهو لم يسافر إلى أدغالها، هذا غير مقنع. ولذلك من يكتبون عن الحرب ويصفون وجه الشهيد بأنه مبتسم مخرفون، لأنني رأيت وجوه الشهداء فزعة. ولا يستطيع واحدهم أن يفكر في غير ما هو أمامه. حاولت أثناء وجودي بالحرب أن أستجمع صورة والدتي، ولم أستطع. أثناء وجودي على الجبهة بحرب الاستنزاف لمدة ثلاث سنوات ونصف، استطعت أن أكتب أهم أغنياتي «موال النهار» و«المسيح»، و«بيوت السويس»، وملحمتي «بيوت على الشط». فمصر لا تستشعر روحها في المدن المزدحمة، ولا في القرى الساكنة وإنما في بعض البؤر الخاصة. هذه الروح كانت موجودة أيام عبد الناصر، لكن نفتقدها الآن.
فمثلاً أثناء بناء السد العالي ذهبت إلى هناك وسط العمال والفلاحين، وكتبت أهم دواويني «جوابات حراجي القطن». حين أذهب لأي مكان، لا أدون مذكرات كما يفعل البعض، إنما أعيش التجربة وأنساها، وعندما تنضج الفكرة بداخلي يخرج هؤلاء الناس في صورة قصائد. هذه التجارب الثلاث وهبتني محبة الحرية والحياة، والذي أحب أن أقوله هو أنني هذا الإنسان الذي جاء من قرية بجنوب مصر وفي جيبه ثلاثة جنيهات، وأصبح عنده هذا المنزل، وابنتان، وعاش تجربة الزواج والإنجاب على كبر. إنها تجربة صعبة عندما يكون بينك وبين ابنتك الأولى 45 عاما والثانية 50 عاما. الأولى في الجامعة والثانية في المرحلة الثانوية. أعطيتهما الحرية كاملة، ولم أمارس عليهما الضغوط التي مارسها علي الشيخ الأبنودي حينما قام بتمزيق أول ديوان شعر لي دون أن يسألني، لأنه مكتوب باللغة العامية

verocchio
24/12/2007, 15:20
لماذا تكتب إذن؟
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -/////////////// الكتابة هي المبرر الوحيد لوجودي، فهي تسهل لي أن أفضح المسافة الكبيرة بين الفقراء والأغنياء. حين أتأمل العمال الذين يبنون ويرصفون الطرق والفلاحين الذين يزرعون ولا يجدون قوت يومهم، حين أتأمل الأطفال المشردين في الشوارع، تصبح الكتابة حينئذ مهمة نبيلة للدفاع عنهم.
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -/////////////// هل أنت دائماً مهموم بقضايا الفقراء البسطاء؟
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -/////////////// مهموم بكل قضايا الإنسان. لا أدعي معرفتي بكل هموم العالم، ولكن يكفي أن أقوم بقياس الهموم على بسطاء وفقراء قريتي أبنود، وما يحدث الآن في المجتمع المصري من انهيار وفساد، واندماج النظام بالسلطة إلى حد مفزع، وعدم الإحساس بالظلم، وبيع مقدرات الشعب بالمجان، كل هذا يمنحني إيمانا راسخا بعدالة ما أكتب.
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -/////////////// هل ترى أنك حققت رؤيتك، ولم تمارس معها نوعا من «التساهل المذنب»؟
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -/////////////// لم أخن رؤيتي وحققت أجزاء منها. عشت كثيراً، وفترة الإبداع عندي طويلة فمنذ عام 1956 حتى الآن وأنا أكتب، أي على مدار نصف قرن تقريبا ما زال عطائي مستمرا، ولم يتوقف عند إصداري ثمانية عشر ديواناً، وإنما استطعت أن أجمع «سيرة بني هلال» التي التهمت من عمري ما يقارب الثلاثين سنة، ظللت أبحث عنها في الجبال والنجوع والقرى، وأسافر في البلاد لجمعها. ولولا أن وفقني الله في جمعها في هذا التوقيت ما جُمعت وضاعت. والعجيب أن جابر أبو حسين، هذا الرجل العظيم الذي سجلت معه السيرة الهلالية، مات بعد تفسير السيرة مباشرة. وسيد الضوّ، التلميذ الكبير لجابر أبو حسين، يقوم كل عام في العشرة أيام الأولى من شهر رمضان بإلقاء السيرة في التجمعات الشعبية. الذي يرضيني أن سيرة «بني هلال» أصبحت تدرس في الجامعات الأمريكية والأوروبية في فرنسا وأسبانيا وعدة دول أخرى، وهناك آلاف من رسائل الدكتوراة حولها.

verocchio
24/12/2007, 15:20
لكنك استفدت مادياً من «سيرة بني هلال»
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -/////////////// بالعكس، حين كنت في الستينات فقيراً مثل سائر مثقفي مصر في عهد عبد الناصر، كان عندي جهاز تسجيل ثقيل أحضره لي المرحوم عبد الحليم حافظ. عندما كنت أعلم أن هناك إنسـاناً عنده أشياء مهمة من سيرة بني هلال، أسافر له بالسيارات أو القطار، وبعد ذلك أركب الحمار، لكي أسجل لهذا الشخص. وعندما كنت أجد أحد أبناء هؤلاء الفقراء مريضاً كنت أقوم بالانفاق عليه. وهذا ما جعل الكثير من إخواننا الأكاديميين يهاجمونني، ويقولون أنت الذي جعلت الشعراء يطالبون.
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////ما حقيقة موقفك من اتحاد الكتاب المصري، وتهديدك بالاستقالة من عضويته؟ هل لهذا الاتحاد من دور في الثقافة المصرية؟
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -/////////////// للأسف اتحاد كتاب مصر كان من المفترض أن يؤدي دوراً أفضل مما يؤديه. والحقيقة أن القائمين عليه لا نعرف لهم إبداعا حقيقياً. وكان لي موقف واضح منه منذ إنشائه في السبعينات، ورفضت أن أكون عضوا به، لكن رئيس الاتحاد الكاتب الكبير سعد الدين وهبة رحمة الله عليه، هو الذي تشاجر معي عقب إحدى الأمسيات الشعرية وقال: «هل من المعقول أن أكون رئيساً لاتحاد الكتاب وعبد الرحمن الأبنودي ليس عضواً به، لازم أنا مش عاجبك». على الفور قبلت وشاركت، ولكن سعد الدين وهبة خانني ومات، وترك لي هذه العضوية. فبقيت ثلاث سنوات بعده حتى هانت عليّ روحي ووجدت الحكاية غير مرضية، فكتبت استقالتي وأرسلتها تلغرافياً. وهم يقولون إنني لم أستقل وأرسلت الاستقالة، ولم أذهب إلى هناك وأسحب طلبا وأكتب الاستقالة، ولكن أنا لن أذهب إليهم

verocchio
24/12/2007, 15:20
تعايشت مع عبد الناصر والسادات ومبارك، أي من الثلاثة بحق، أقرب الى هموم وأوجاع المصريين؟ ////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -/////////////// لا نستطيع أن ننكر دور الزعيم عبد الناصر. أما عن المآخذ عليه، فأنا أتخيل نفسي رئيس دولة ومن حولي خمسة آلاف من الشخصيات الأمناء الذين أثق فيهم ويقدمون لي التقارير، هل أنزل بنفسي للتحقق من صحة هذه التقارير. عندما يصبح هؤلاء الأمناء ليسوا أمناء، فهم خائنون. نحن لم نخرج من السجن إلا أثناء زيارة وفد برئاسة المفكرة الفرنسية سيمون دي بفوار. فقد رفض الوفد زيارة بلد به أدباء محبوسون، فوعدهم عبد الناصر بأن يفرج عن كل الأدباء، يوم وصولهم إلى مصر، وبالفعل خرجنا. عند اعتقالنا لم توجه لنا تهمة، وفترة الاعتقال كانت جميلة، ولو كنا نعلم بحلاوتها لطلبنا الاعتقال بأنفسنا. ولا ننسى أن عبد الناصر هو الذي قال «ارفع رأسك يا أخي انتهى عهد الاستعباد». كان الفقراء وقت عبد الناصر يأكلون ويشربون وينامون ويحلمون، حتى ان الناس حين كان يموت أبناؤهم في الحروب يخفف الرئيس من حزنهم. عبد الناصر قام ببناء السد العالي، ولولا السد لحدثت كوارث مثلما حدث في السودان. عبد الناصر هو الذي بنى المصانع والقطاع العام، لكن كل ما بناه باعوه الآن. يا من تهاجمون عبد الناصر قولوا لنا: ماذا فعلتم؟ لولا عبد الناصر ما استطاع الفقراء من أمثالي أن يتعلموا. في هذا الزمان الذي يتفاخرون بأنه لم يقصف فيه قلم، هناك خمسة رؤساء تحرير للصحف حُكم عليهم بالسجن، فقط لأنهم نقلوا تساؤلات المصريين عن صحة الرئيس. كانوا يشاهدونه في التلفزيون والجرائد وفجأة اختفى لمدة عشرة أيام. من الطبيعي أن يكتب الصحافيون هواجس الشارع ولا يتم حبسهم. عندما مات عبد الناصر، كان في خزينته 350 جنيها ولو وجدوا عنده مبالغ كبيرة لكانوا قطّعوه. الآن بيعت كل الأشياء التي صنعها عبد الناصر، ولم نعرف قيمة هذا الرجل إلا بعد وفاته، وتولي الأنظمة الأخرى.
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -/////////////// هل أنصفك النقاد في مصر؟
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -/////////////// لا توجد حركة نقدية حقيقة في مصر. لكن يحتضنني الناس حين يلتقونني في الشارع ويقولون إن الكلام الذي كتبته في مجلة كذا أو جريدة كذا، جيد أو رديء فأستمع إليهم، لأن حبهم هدية وهبة من الله، وهذا لا يأتي من فراغ، وإنما من متابعتهم لإبداعاتي

verocchio
24/12/2007, 15:21
فيما يستمر إبداعك الشعري بروحه الخاصة، لماذا توقف إبداعك الغنائي واختفت أغنياتك التي طالما هزت المشاعر والوجدان؟
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -/////////////// بخصوص الشعر، هناك تجربة فريدة وهي تسجيل دواويني على شرائط كاسيت، أصبحت تُهدى في المناسبات. أما بخصوص الأغنية، نحن جئنا في فترة مهيأة تماماً لكي نصدح، ولم نصدح بكل ما أردنا. الآن لأن الأغنية تحولت إلى سلعة تباع وتشترى، طردني ذلك أوتوماتيكياً من دائرة الأغنية التي أصبحت مثل زجاجة المياه الغازية تشربها وترميها في سلة المهملات أو في عرض الطريق. الأغنية لم يعد لها دور أو هدف أو معنى. إنه زمن الباعة، وليس من حقنا أن نبدي رأينا فيما يباع.
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -/////////////// هل أنت راض عن مشوار حياتك؟
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -/////////////// الحمد لله، راض عن حياتي وما قدمت من إبداع. لا بد أن تنظر دائماً إلى ما هو قادم ولا تنظر إلى الماضي. قد أكون أحسنت في أشياء وأخطأت في غيرها، ولكن لو انشغلت بتقييمي لماض لشغلت عن ما هو قادم، وهمي دائماً أن أقدم الجديد.
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -/////////////// كنت صديقا لنجيب محفوظ كيف تراه الآن؟
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -/////////////// كنا نلتقي معاً كل يوم ثلاثاء، في إحدى العوامات، وكنت دائماً أقول له الحمد لله إنك لم تكن شاعراً. كان يضحك ويقول لماذا؟ فأجيبه: ما تكتبه هو أشبه بالشعر ولكن الناس يسمونه رواية، ولو كنت شاعراً لأخذنا حقائبنا وعدنا إلى بلادنا. لقد ترك محفوظ فراغا إنسانيا وأدبيا يصعب تعويض

اسبيرانزا
27/12/2007, 01:41
حوار مع الشاعر البحرينى قاسم حداد:D

اسبيرانزا
27/12/2007, 01:53
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////


دلمــون القصيــدة بمعطــف القـرن الحـادي والعشريـن حاوره من مدينة أور: نعيم عبد مهلهل
قاسم حداد في ليستر سكواير في لندن

تستيقظ دلمون في كل صباح ليقابلها ضوء زمنين تتداخل فيهما رؤى مشتركة لألهة صنعتها الرغبات وأحلام قصائد العشاق. ضوء أور السومرية وضوء البحرين دانة الشاطئ الخليجي وبين البقعتين تخطط الأساطير مشاريع الوصول الى ظل التأريخ بأقل عذاب ممكن، وتلك المهمة لايتحمل مشقتها سوى الشعراء وربما يكون الشاعر قاسم حداد من أولئك بفضل تراث شعري مكنه ليكون في مقدمة نساجي معطف دلمون الذي أرتداه في القرن العشرين وسط تداخلات البدء للعولمة والحروب والاحتلالات وقفزت معه الى القرن الحادي والعشرين . وهو شاعر الجملة الواعية التي كانت ثوريتها مميزة بحدة الصوت وكثافة الصورة ، وهو أيضاً من الذين افترضوا في الشعر كينونتهم الوطنية وجعلوه شكلاً من أشكال المقاومة الحضارية والثقافية ، والذي يقرأ قاسم حداد يكتشف مراحل لاتحصى من نضوج الحلم الدلموني وتحولاته الفكرية التي ولدت من مخاضات لاتحصى في معركة أثبات الوجود ، وهو شاعر يضج بمعجميات الأمكنة وتأريخها فيما تمثل دراما وعي القصيدة عنده رائية لاكتشاف أكثر من هاجس ويصعب جداً أن ترى في شعر قاسم حداد تلاقيات هشه أو مديح لمن لايستحق المديح حتى لو كان نسراً على جبل .
هذا شاعر تتوضح خطاه في قيمة ماينتج ، وتراثه عبارة عن أهرامات من قصائد أزمنته هو بكل ماملكت من قساوة وعسر ومرح ولقد شكل مع مجايله وعياً جديداً وحداثوياً للحركة الشعرية في مملكة البحرين بل وجعلوا هذا الحركة علامة فارقة في تطور الجملة الشعرية وقوتها في زمن كانت شواطئ الخليج تبحث عن ذاكرة الوجود وسط جنون تدفق ناقلات النفط وهموم البحث عن السيادة والتخلص من هيمنة الشركات الكبرى .
في المنامة حيث ركن قاسم حداد مع روحة الرائية لظلال الأشياء اللامعة حتى ببعد سنوات
ضوئية ، هدأت الرجل وركنت الى صوفية حاذقة وتبشرية ذهنية تداف بشئ من حداثة الفلسفة الأثينية المعمولة بخلطة رمل سواحل جزر بلاده المتناثرة في ذاكرته كحبات اللؤلؤ الذي شد به قاسم وجع قصائده الأولى وصنع منها إشراقات واقعية البدء وجدية تعاملها مع الموجود الذي كانت تهيمن عليه عادات الشرق وتقاليده التي لاتحصى والخاضعة أصلاً الى موروث الاستلاب وثورات الحلم منذ مقتل الحسين ومروراً بالقرامطة والزنج وعصيانات القرن الثامن والتاسع عشر وانتهاءاً بعصر التمدن .
ويبدو أن خيار هذه الصوفية قد خلقت كونية واعية لنمط الحداثة الشعرية لقاسم حداد لهذا واستباقاً لكل هذا المجد الشعري الواعي وما أقل الواعين من صاحبي موهبة الشعر كان الحوار معه أشبه بمن يغامر ويصنع في ذاكرته حلم سندباد لسفينة لم تصنع بعد . ولأني صنعت أسئلتي من خلال جهد قراءة مركز لتراث قاسم حداد عبر معرفة ثقافية تعود الى سبعينيات القرن الماضي حملت أسئلتي على أكتاف ذاكرتي وبسطتها أمامه كمن يبسط بضاعة الريش في نهار لا تهدأ الريح فيه .
الشاعر قاسم حداد أنت وكما أراك حساً عائماً في قدرية الامتلاك. وكأن هذا وصف سريالي .ولكنك حتماً ستجد جواباً لمشفرتي.أي أريد منك أن تضع حدود الفهم لقصيدة تولد في رأسك، وأفضل أن تكون من البدايات ؟
الشاعر لا يستطيع الزعم باقتراح حدود (لفهم) قصيدته. ليس لأنه لا يريد أن يفسد حرية قصيدته، ولكن الأهم أنه ليس من الحكمة المجازفة في (إفساد) القارئ. فالعطب سرعان ما ينال من حرية مخيلة القارئ، ليس إزاء قصيدة بعينها، ولكن العلاقة الحرة مع الشعر سوف تتعرض للتنكيل.
فالشعر هو حرية بالدرجة الأولى. وعندما أكتب نصاً ما ليس في برنامجي معنى (مسبقاً) ناجزاً يمكن أن أقترحه (لئلا أقول أفرضه) على القارئ، مطلق قارئ.
بقي أن تدرب (مشفرتك) على تفادي توجيه مثل هذا السؤال للشاعر، فربما ساعدك القارئ على ما تريد أكثر مما تتوقع من الشاعر. وبالمناسبة فنحن عندما نكتب القصيدة أو الشعر فإنما نكتبه للقارئ العاري والمتحرر من (المشافر) وليس للناقد المدجج بها.
الشعرهو ما يذهب بنا الى آخر لا نعرف ملامحه بالضبط سوى أنه قارئ . كيف نصنع ثقافة مميزة لقصيدتنا ؟ هل نرمي الطعم لذاكرة الآخر ونشيد له وعياً لا يمتلكه هو أصلاً ؟ هل نحتفي معه بسعادة نصنعها من أجله ؟ أم أننا نبدع القصيدة ونترك الحبل على الغارب؟
كيف تجرؤ ؟ أنا شخصياً لا أجرؤ القول عن القارئ أنه (لا يمتلك الوعي أصلاً). هذا قول غليظ .. يا نعيم.
ليس من الحكمة الزعم بهذا كما لو أن القارئ هو جاهل مسبقاً. علينا أن نتميز بوعي يمنحنا الثقة في وعي القارئ. أكثر من هذا، فإنني من الذين لا يثقون في ثقافة ومعرفة القارئ فحسب، ولكنني أشعر دائماً في أن ثمة قارئ يتميز بالوعي والمعرفة أكثر من الشاعر. هذه طبيعة أشياء الحياة. فكوني الشاعر قادر (بموهبته) أن يكتب القصيدة فان هذا لا يعني على الإطلاق أنه يمتلك المعرفة والثقافة أكثر من سواه، وربما أكثر من القارئ خصوصاً. ولا ينبغي الصدور أبدا عن هذا الوهم لئلا نسهم في تكريس الفجوة بين النص الآخرين.
في سؤالك ثمة تعال لا يليق بمن يضع أدواته النقدية الجديدة في موضع الصقل والتجربة الجديدة. مما يستدعي الصدق و المسؤولية التنبيه برصانة حميمة الى أننا غير مهيئين الى خذلان إضافي ونحن نأمل في الأصوات النقدية الشابة وهي تقترح علينا حوارها المختلف.
لقد عانت تجاربنا من بعض الأوهام القاتلة من بين أخطرها تلك النظرة الدونية للقارئ، الى حد أن ثمة من تلقى فكرة (موت) القارئ لكي يؤثث موقفه الفض تجاه الآخر، مبالغاً في الوهم بأن الشاعر هو نبي المعرفة و الوعي لا يستطيع أحد فهمه وليس بين القراء من يمتلك ثقافته. أية روح يمكن أن تقود الشاعر و المثقف الى هذه النظرة ؟
شخصياً، اشعر بالقلق الكبير تجاه أجيال الشباب وهي تستورد مثل هذه المنظورات من أسلافهم المعاصرين، وتواصل المزاعم نفسها مكرسة القطيعة (المتوهمة) ذاتها. لابد لكم أن تكترثوا جيدا وعميقاً بما يصادفكم في التراث المعاصر أكثر من اكتراثكم بتركة التراث القديم.
غاستون بلاشار يقول : المكان هو من يصنع مادة الذهن . ماذا يفعل الزمان للذهن إذن ؟ ولكي أقربك من وعي العبارة سنأخذ قصيدتك { ماتيسر من سورة الخليج والدماء } وهي كتبت عام 1970 . أنا درست رائية الثورة في هذه القصيدة وكان صوتها يتحدث عن مكان هو البلاد وبعض شخوص لكن الزمن ينفلت الى أكثر من مكان . ماذا تقول ؟
تلك القصيدة ليست نص مكان فقط ، ولكنه خصوصاً نص زمان. وربما هذا السبب هو ما جعلها أقل قدرة على الاستمرار (النوعي) في تجربتي الفنية. ها أنت تتشبث بالنص بوصفه (ذاكرة)، في حين ينبغي لك، (كقارئ خاص أولاً وكنزوع نقدي ثانياً) أن تتصل بالنص بوصفه (مخيلة) بالدرجة الأولى. في الشعر، تظل الذاكرة هي العنصر الأكثر قدرة على العبور العميق
للزمان والمكان وهي بالمناسبة من النصوص التي لم يتضمنها أي كتاب شعري لي لأسباب فنية، هي بالضبط من النصوص التي (تقول) وليس من النصوص التي (تحلم). وها أنت تقول أنك درست فيها رائية الثورة.
إنني مدين لتلك القصيدة ومرحلتها بالكثير من دروس الثورة على غير صعيد.
أعمالك الأولى { البشارة ، خروج رأس الحسين ، قلب الحب.. } تميزت بمرحلة الانفلات الذي لا يخشى. أنا قرأت خروج رأس الحسين وكنت طالباً في المتوسطة. خلتك تدعو الى ثورة جديدة وتشهر استلاب الذات العربية بجرأة قد تحسد عليها . هل بقيت تلك الجذوة موجودة كما في كتب السبعينيات ؟
عليك أن تسال النص دائماً، لأن الشخص مشحون بالمزاعم التي ليست فوق مستوى الشك.
الشعر يمنح الإنسان مشاعر تتراوح بين الأحلام والأوهام بصورة غاية في الخطورة. وأخشى أنه كلما كثرت المزاعم ندرت الأشعار. بالطبع لا اخفي أنني تواق للمغامرة لا أزال، دون أن يكون هذا التوق ناجحاً على الدوام، لأن احتمالات الفشل تكون أكثر كلما تقدم الكائن في السن والتجربة. لكن من المؤكد أنني سوف أتذكر كلما قالتها ليلى صاحبة قيس عندما سألوها في عمر متقدم، ما ذا كانت جذوة الحب لا تزال ، فأجابتهم: إن الشهوة موجودة ولكن الآلة تقصر عن ذلك . علينا أن نسال النصوص دائما عن تلك الشهوة الأسطورية.

اسبيرانزا
27/12/2007, 01:56
يقول المتصوفة. ذهن المتعبد محراب متهدم . لماذا قالوا هكذا ؟ هل لأنهم كانوا يستشعرون في القصيدة هدماً ما لكياناتهم؟ أنت وصلت الى مرحلة من نضوج مثل هذا الوعي. أنا أراه في قصائدك المتأخرة. تبحث في دالية المعنى بحداثة كونية وفضاءات غير تلك التي كانت تتعلق في دلمون فقط ؟ السر ؟
ثمة تأويل للمعنى الجوهري للتصوف ، أحب أن أراه أنا أيضا، يذهب إلى أن الصوفية هي، في العمق، ضربٌ من النقض الحصري لفكرة العبودية بمعناها الديني المتداول، أي أنها بشكل ما، هدم للدلالة والمدلول.
وتحرير الدال من دوال العامة وإطلاقه في أفق الدلالات اللامتناهية من المعرفة والرؤى.
من هذه الشرفة، سيكون ذهن المتعبد عرضة للانهدام (النوعي) دائماً، كلما استسلم للإصغاء العميق والتحديق في جواهر الأشياء وعدم التوقف عند حدود أصدافها الفجة.
في الشعر، لن يختف الأمر إلا في النوع فقط ، أما درجة النقض المستمر في جمود المواد وثوابت الحياة، أو ما يسعى لتثبيتها وهي التي لا تثبت لكونها (حياة)، أي أنها نقيض الموت، حيث أن الجثث هي فقط ما يتفق عليها، أما الحياة ، الكائن الحي، فهو المتغير الدائم. درجة النقض هي ذاتها التي يصدر منها ويذهب إليها الشاعر، ربما لأنه كائن لا يقنع ولا يستقر ولا يرى في الأجوبة إلا شرفة على سرب أسئلة وشيكة الاشتعال. الشاعر هو الذي يتعلم في كل ساعة .
عملت مشروع كتاب أنت والفنان العراقي المغترب ضياء العزاوي . والعزاوي من الذين يبحثون في اللون حكاية ما . ما الذي فعله الواحد للآخر ؟ هل اشتركتما في صناعة مروية ما من الرسم والشعر ؟ تحدث بمساحة واسعة عن تجربة مثل تلك ؟
كنا نسعى لانجاز نص يشرح الرسم ولا رسم يزين النص.
كل منا جاء من تجربة ذاتية (ثقافياً وابداعياً) لديها ما يكفي من التعبير عن كينونتها الانسانية من خلال المعنى الجوهري للحب. ولم تكن قصة المجنون حبا سوى ذريعة لأن نعبر عن ذاتين تقدران على الانبثاق في حوار إبداعي بأدوات وآليات مختلفة من حيث التقنية، غير أننا كنا متقاطعين بصورة لم تكن تحتاج للمزيد من الحوار و النقاش. من معرفتي في تجارب فنية مشتركة، كلما كنا في غنى عن النقاش والتخطيط الذهني للعمل، صارت التجربة أكثر جمالاً ومغامرة ومكتشفات. فالحوار ينبغي أن يتجسد في العمل، ليس قبله ولا بعده، وعندما تشعر أنك بحاجة للمزيد للاتفاق والشرح والتوضيح والتخطيط، عليك أن تنصرف عن التجربة.
مع ضياء العزاوي كانت التجربة مشوقة بصورة تستعصي على الوصف. جاء البحرين عام 1995، وكنا نلتقي للمرة الأولى فقط . كان كل منا يعرف الآخر منذ قرون، يعرف شعري وأعشق ألوانه ومغامراته، صعقني بالفكرة وسافر، بعد سبعة شهور تقريباً بدأت في الكتابة، كان هو قد بدأ في العمل، بعثت له النص، فقال لي أن حريقه زاد في الاشتعال. لم نكن نحتاج أكثر من هذا. كتبت عن الحب بوصفي قاسم حداد ولم تكن تعنيني تفاصيل حكاية قيس وليلى في التراث، كانا الى الأسطورة أقرب من الحقيقة، هذا فتح لتجربتي الأفق رحباُ، فكتبت أسطورتي الجديدة عن : الجنون و الحب والشعر. هذه هي الاقانيم الثلاثة التي أعدت صياغتها على طريقتي. في ما كتبت ستصادف حباً يتجاوز الطهرانية (الدينية) الفجة التي كرستها أخلاقيات التقليد الذي سيرى الحب دائما بوصفه سلوكاً مشوباً بالخطأ والخطيئة. هذه الخطيئة هي ذاتها التي سوف تتصل بمفهوم (الخروج) الاجتماعي والسياسي والاقتصادي وبالتالي الأخلاقي في قانون القبيلة. ضياء العزاوي خرج على طريقته بالإبداع التشكيلي. أصل الفكرة أن ضياء اجتاز تجربة وعي ضرورة الحب في حياتنا العربية، وهو الفنان الذي لم يفلت من الحروب العربية المعاصرة جميعها، وقد خاضها بفنونه كلها مناضلا بشروطه، حتى توقف أمام حقيقة ما يفتقده الإنسان العربي في فنونه: أنه الحب، فبدأ سلسلة تجارب عن الحب، وكان ما أبدعه في تجربة (أخبار مجنون ليلي). وهي بالمناسبة قد طبعت في مطبوعات وكتب وأعملا فنية مختلفة. ولعي بالطاقة البصرية هو ما يجعلني ضعيفاً أما أي مشروع إبداعي مشترك من الفنانين من الأصدقاء، ففي مثل هذه التجارب أتعلم الأشياء التي فاتني إدراكها، واصقل ذائقتي الشعرية بها.
في المستحيل الازرق تحولت الى رائية العدسة. أي أنك بدأت تكثر من التجريب وبدأت تميل الى نمط ذهني وحضاري يمتد الى تمدن خارج أقليمية القصيدة رغم أن الأمكنة هي ذاتها تلك التي صنعت أخيلة الإبداعات الأولى . كيف ترى هكذا حس .أن تتشارك مع عدسة في تحليل كشوفات الضوء في الصورة والقصيدة ؟
هو ذاته الولع بالصورة، في تقديري أن الذائقة البصرية في الثقافة العربية عضو مهمل حتى أوشك على الضمور والعجز. ولعل هذا ما يفسر لنا تخلف الفنون البصرية عندنا. أكثر من هذا، فإن انقطاع الشاعر والأديب العربي عن الفنون البصرية ( ثقافة ومعرفة وممارسة) هو ما أدى إلى ضعف نمو (الصورة) الفنية في الأدب العربي بشكل عام، إلا ما ندر، وخصوصا في الكتابة الشعرية، لأن المخيلة الفنية لدينا فقيرة وذات ثروة وسليقة محدودة النشاط والحريات. هذا بالضبط ما أشعر به طوال الوقت، وربما لهذا أشعر بميل دائم لأن أخوض التجارب المختلفة التي تمنحني نعمة المتعة البصرية، فهي نعمة لا يجوز أن نحرم أنفسنا منها.
في كتاب (المستحيل ألأزرق) مع صديق الفنان صالح العزاز رحمه الله‘ هي من بين التجارب المختلفة عن غيرها. وقد أضافت لي نوعا جديدا من المتعة التي لا تزال حاضرة في كياني.
متى يولد حلم صناعة نص عند قاسم حداد ؟ وهل تخيلت نصاً ليصير رواية مثلاً ؟
لاأعرف شيئاً عما يحدث غداً، فكيف لي أن أتوقع النصوص القادمة؟ ناهيك عن التخطيط لأشكال تلك النصوص. الكتابة تأتي في وقتها وبالشكل الذي تحب هي. أكثر من هذا، فإنني لم أعد أتوقف عند حدود النوع في الكتابة.
عبر هذا العمر الطويل من صناعة القصيدة وأكتشافات إشراقتها. هل أنت مع مقولة النفري كلما اتسعت الرؤيا ضاقت العبارة ؟
أظن أنه نعم .
نعيم عبد مهلهل:D

اسبيرانزا
27/12/2007, 01:58
حوار بين محمود درويش وناجى العلى :D

اسبيرانزا
27/12/2007, 02:01
حوار بين الشاعر محمود درويش والفنان ناجي العلي
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////

حوار بين الشاعر محمود درويش والفنان ناجي العلي
درويش: شو بشوفك مستلمنا هاليومين يا ناجي… حاط دبساتك على طحيناتنا.. شو في؟
العلي: يا عمي ما تزعل مني.. هاي الشغلة مش ضدك شخصيًا.. أنا ما في بيني وبينك إلا كل خير ومحبة.. وانت عارف؟
درويش : لا .. أنا زعلان بجد.. ليش كل اللي رسمته وكتبته ما بخليني أزعل؟
العلي: يا محمود إنت إلك حق تزعل.. لو أني ما تعرضت إلك وأهملتك.. مثل ما بهمل دائمًا الساقطين.. أنا انتقدتك لأنك مهم لشعبك، وأنت لازم تفرح.. مش تزعل؟
درويش: مش أنت اللي بصنفني مهم ولا لأ.
وبعد حوار تأرجح بين الغضب والنقد.
العلي: يا عمي انتو بتقولوا بمد الجسور مع اليسار الإسرائيلي.. مدو زي ما بدكوا… بركي الجسور بتقيدكم مستقبلاً.. أما أنا وجماعتي فلا.. إحنا يا عمي إلنا جسورنا..جسورنا إحنا مع الناس المشردة.. ممدودة بخط واحد ما في غيره.. من باب المخيم لباب الحرم.. مع أهلنا في الداخل.. هاي جسورنا وما بنعرف غيرها.. وإحنا بننتقد كل واحد بيحكي هالحكي..
درويش: آه.. بس انت مش قدي يا ناجي.
العلي: شو يعني .. مش فاهم.. الشغلة صارت شغلة قدود.. قدك وقد غيرك.. والله أنا لما برسم ما بحسب قد لحدا.. وأنت عارف يا محمود؟
درويش: هلا مش وقت المزح.. بدي ياك تفهم يا ناجي منيح اليوم.. إني أنا محمود درويش.. إللي قادر يخرجك من لندن في أية لحظة.
العلي: أووف… والله هاي جديدة يا زلمة.. بالله عليك بتعملها يا محمود؟ وشو هالسطات اللي صارت عندك.. والله أبو رسول (الاسم الحركي لمدير المخابرات الأردنية الأسبق محمد رسول الكيلاني) بزمانه ما قال هالحكي.. ولا صلاح نصر قبله (..) على كل حال انتو يا عمي السلطة.. انتو الدولة والشيلة (..) هاي مش أول مرة بتصير ولا آخر مرة.. مش عملتوها قبل سنتين في الكويت وخرجتوني؟ وقبلها قال الختيار (الاسم الذي يطلق على ياسر عرفات من قبل أنصاره) قائدك وصديقك في ثانوية عبد الله السالم في الكويت في الـ 75 أنو راح يحط أصابعي في الأسيد إن ما سكت.. بعدين هالشغلة صارت مش فارقة معي هالخد صار معود عاللطم.



هذه المقتطفات من حوار تليفوني جرى بين "ناجي العلي" رسام الكاريكاتير الفلسطيني المعروف أثناء وجوده في العاصمة البريطانية، و"محمود درويش" الشاعر الفلسطيني الأشهر المقيم آنذاك في باريس، وقد روى العلي ملخص الحوار مع درويش في حوار نشرته مجلة الأزمنة العربية (عدد 170 /1986/
ص14) وجاء هذا الحوار عقب رسم كاريكاتيري للعلي انتقد فيه درويش الذي دعا إلى مد الجسور مع اليسار الإسرائيلي، وأعاد الناقد والكاتب العربي شاكر النابلسي اقتباسه في كتابه الجديد "أكله الذئب … السيرة الفنية للرسام ناجي العلي".

اسبيرانزا
27/12/2007, 02:07
حوار مع الشاعر المصرى ( المتميز ) محمد عفيفى مطر


محمد عفيفي مطر : يهاجم النفاق ولا تعنيه المؤسسة
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////


ولدالشاعر محمد عفيفي مطر في شهر مايو 1935 بإحدى قرى المنوفية، التي تبعد عنالقاهرة العاصمة ساعة زمنية واحدة.. وعمل مدرساً للفلسفة لمدة عشرينعاماً، وميز نفسه بقصيدة تحمل صوته هو، حتى امتلك تجربة ثرية امتدت لنحوستين عاماً، حمل خلالها ثقافة موسوعية، نتج عنها ما يربو على 13 ديواناًشعرياً. هو إذن (حصان الحرية الجموح) كما تصفه زوجته. وتزيدبأن (الدنيا أضيق من خطاه) على الرغم من الشيب الذي أشعل رأسه بياضاً، إلاأنه ما زال جامحاً كجواد بري يركض في المشهد الشعري، ويواصل إشعال الحرائقوطرح الأسئلة، ما اعتبره الجميع ظاهرة شعرية قائمة بذاتها في مسار الشعرالعربي، بوصفه واحداً من أهم الشعراء المجددين في العالم العربي، وعليالرغم من انتمائه لجيل الستينات إلا أنه ما زال وقاداً قادراً على العطاء،في ظل محاولات قصدت تهميشه من قبل المؤسسة الحكومية، التي أدمنت حجبالجوائز عنه، وغالت كثيراً في منعه من النشر داخل مصر، لكن حسبه أن حصلعلى تقدير الشارع الثقافي. نلتقي الشاعر المصري الكبير محمد عفيفي مطر في حوار حول بدايات القراءة والكتابة ووجهات نظره في قضايا كثيرة تتعلق بالمشهد الثقافي:

* ما هو أهم كتاب تأثرت؟
ـهو كتاب (نيتشه) للدكتور عبد الرحمن بدوي، عثرت على الكتاب وهو قديممهلهل، فزلزلني زلزلة شديدة، فقد كانت حياة نيتشه وتجربته الروحيةوالفكرية بكل آلامها واحترقاتها، تلك الحياة التي قال هو عنها: (إحراقواحتراق) تلك كانت حياتي لقد عصفت بي كلمات القوة، وأخلاق السادة والعبيد،والتبشير بالإنسان الأعلي- عصفاً شديداً. انبهار.
* هل قادك هذا الكتاب إلى الفلسفة؟
ـكانت كتب المناهج الدراسية في الفلسفة والمنطق وعلم النفس هي البداية فيهذا النزوع نحو الفلسفة، وكان الطبيعيون الأوائل قد شكلوا رعيل الشعراءالفلاسفة منذ طاليس وحتى سقراط الذي أطلع الشمس الإغريقية. فوقفت مبهوراًأمام هيراقليطس وناره الكونية، ونهره الذي يتغير أبداً، والذي لا يكون هوأبداً بين لحظتين، ولا ينزله المرء مرتين.. بعد ذلك انتقلت إلى الصوفيةوالفكر الرياضي والموسيقي، فانفتحت أمامي كل الأبواب المضيئة.
* ما هو أهم كتاب قرأته في تلك المرحلة؟
ـهو كتاب (دروس في تاريخ الفلسفة) الذي كان مصدراً رائعاً ومهماً للمعارفوالمذاهب الفلسفية الإغريقية وعصر النهضة وحتى بزوغ شمس الفلسفة الحديثةعلى يدي ديكارت وبيكون.
* وماذا عن كتب التراث العربي والإسلامي العامرة بها مكتبتك؟
ـكان تاريخ الفلسفة الإسلامية ودور المتكلمين من معتزلة وأشاعرة ومتصوفة ،ودور المشائين والفلاسفة من الفارابي وابن سينا وإخوان الصفا، كانتموضوعات هذه الكتب تمثل وطناً آخر يدخل في نسيج الوطن الشعري للشاعرالناشئ.
* ماذا عن الوطن الشعري.. لقد أجلنا الحديث عنه كثيراً؟
ـكنت أنسخ بخطي دواوين وقصائد لشعراء بلا حصر، وكم شهدتني الحقول وأنا أجأروأغني مشتعلاً، لكنني أبدأ لا أنسي شعر (محمود حسن إسماعيل) وخاصة ديوانه، (لا مفر) قرأت هذا الديوان ومع أول بيت في أول قصيدة شب في كياني حريقأطاح بكل ما قرأت وحفظت من أشعار الرومانتيكيين الآخرين، فحفظت الديوانكله من الغلاف إلى الغلاف ونسخته كله بيدي، فقد قرأته مسحوراً وعصفت بيموسيقاه، وزلزلتني سطوة أنظمة القوافي بالتكرار الرياضي المحسوب، والصورالنابعة من تراسل الحواس، وقلب العلاقات بين المجرد والمحسوس في الوصفوالتشبيه والمجاز والاستعارة. مرارة التجربة
* تشي أقوالك بمرارة لعدم نيلك ما تعتقد أنك تستحقه، هل هذا صحيح؟
ـالمرارة ترجع للسخط وليس لإحساسي بأني لم أنل حقي، فقد نلت حقي لكن ليس منالمؤسسة التي لا تعنيني، فأنا الشاعر الفقير، الذي لا يضر ولا ينفع، والذيلا سلطة له ولا شهرة متواجد في أشعار كل الأجيال التالية لجيلي أكثر من أيشاعر آخر.. تابع ما ينشر من شعر في مصر الآن، من أسوان إلى الإسكندرية،وفي الدول العربية تجد كلامي مؤثراً في كل الأجيال الجديدة فقد شكلت أشعاري في قصيدتهم وحتى في رؤيتهم للعالم، وهذا هو الجزاء الأوفى الذي لاأطمع في أكثر منه.
* هل هذا يعني أنهم خرجوا من عباءتك؟ـ بل خرجوا من أشعاري، من كلماتي ومن دواويني، وهذا يشعرني أنني أخذت حقي كاملاً، ليس ذلك فقط بل يسعدني ويمتعني.
* قلت: رغم ذلك يتهمك البعض بالغموض؟
ـهذا الاتهام لا أساس له من الصحة، فالتراكيب اللغوية التي يراها البعضصعبة وغامضة هي إحدى الأساليب الشعرية الموجودة في التراث الشعري العربي،كما أن قارئ الشعر يجب أن يكون عارفاً بلغته وبأساليب هذه اللغة، وملماًبطرائق التعبير فيها، أما حكاية الغموض المدعاة هذه فلا داعي لها، فنحن لانكتب (ألغازا) ، فقط منهجي في الكتابة وفي القراءة هو عدم الاستهسال. زيارات الدهشة.
* بعد 13 ديواناً شعيراً جاء كتابك الرابع عشر (أوائل زيارات الدهشة) ليقدمأسلوباً جديداً في كتابة السيرة الذاتية.. فما دافعك لكتابة سيرتكالذاتية؟ـ
هذا الدافع قديم جداً فقد ولد عام 1970 ، بالتحديد حينما زرت بيروت للمرةالأولى للمشاركة في مهرجان الثقافة العربية الأول، يومها طلب من كل شاعرأن يقدم لقراءته الشعرية بحديث عن تجربته يوضح فيه ملامح رؤيته للشعريومها أمسك الخوف بخناقي، خاصة وإنني وجدت من سبقوني يقولون كلاماً غارقاًفي الكذب والتلفيق وجاءت قصائدهم مقطوعة الصلة بما قالوا، لذا تحدثت عنمغالطات وغموض المصطلحات وعن الفجوة بين أقوال الشعراء وبين كلامهمالنظري. وحينماطلب مني أن أكتب سيرتي الذاتية تعجبت فأنا لم آت بمعجزة لكن بعد إلحاح قلتلنفسي: (جئت من هوامش الخلق والخليقة، فاكتب هوامش تكوينك مواطنا وإنساناسكنته وأقامت في حياته لحظات الدهشة العايرة) وهكذا جاء الكتاب مضموناولغة، وكل قيمته عندي إنني ابتهجت بكتابته بلهجة نادرة وعزيزة المنال فيزماننا. قصيدة النثر .
* أغلب شعراء جيلك قبلوا بقصيدة النثر لكنك لم تقبل ، لماذا؟
ـقال : هم يقولون ليس بالموسيقي وحدها يحيا الشعر، أجل، وليس بغيابالموسيقي يحيا النثر، وحين نتحدث عن الفن، أي عن الجماليات التي تفرق بينشعر وشعر، وبين نثر ونثر،
أسأل بدوري مستفهما. * هل يكون الكون كوناً بغير الموسيقي؟
ـوأحيل إلى نثر الكبار: (النفري والجاحظ والتوحيدي، وحتى الرافعي ومحمودشاعر) ففي نثرهم لا يخفى الحس الموسيقي المبثوث في أنماط التقسيموالتقابلات والتوازنات والصور.. الخ. وهي جوهر الأسلوبيات التي ترسخت بهاالإيقاعات الداخلية العميقة في النماذج العليا للنثر العظيم، فكيف لهمبالظن أنهم ناثرون؟وليسالنثر عندي أقل مكانة وإبداعية من الشعر، لكن شريطة أن يسمو في مراقيالإبداع إلى حدود النشوة الروحية والامتلاء بالحياة، إن الإيقاعاتالداخلية في النثر العظيم تنتمي للغة وحركة الأفكار ولكنها لا تنتميللموسيقي بمعناها الرياضي الصارم، والخلط بين الإيقاع النثري في النماذجالعظمي منه وبين الموسيقي يماثل الخلط بين شاعرية العبارة وبين نسقالقصيدة. باختصار إن الأفق الشعري للنثر ممكن، ومتحقق بالفعل عند عدد منالمبدعين الجادين، ولا يستوي نثر هؤلاء الغوغائيين أرباع المثقفين ونثرالتجارب الروحية والفنية الكبيرة عند القلة من المبدعين.
* ما رأيك في التحولات التي اعترت بنية النص الشعري العربي المعاصر.. والتطور الذي جرف أشكاله وأنماطه؟ـ
أعتقد أن القصيدة العمودية قد وصلت بمنهجها القديم، ووصل الشاعر الكلاسيكيبطريقته القديمة في رؤية العالم، وفي وظيفة القصيدة، ووظيفة اللغة فيالقصيدة إلى نوع من الجدب، والجفاف، والتكرار، والاعتماد على الذاكرةواستنزاف هذه الذاكرة، وكأن الشاعر قد أصبح مجرد وسيط ناقل للقدم. لقداختلفت مفاهيم الشعر والشاعر، إذ إن مفاهيم الحياة نفسها اختلفت، أنظر معيإلى ما اعترى خريطة العالم في الستين عاماً الماضية، لقد ضاعت فلسطين، أوضيعت، الثورات المقموعة، الاستعمار، الذي خيم على كل بلاد العربآنذاك..ولذلك كان لابد من وجود روح جديدة، تبني وطناً آخر بغير تلك الصورةالقميئة وحساً آخر للعالم، وفعلاً آخر للقيم، وكان لابد من وجود شكل جديد،توضع فيه القيم، والرؤى الجديدة. وكانأول هذه التصورات، هو تحرير الشعر من قوانين العروض الصارمة، ومن القاموسالقديم المتجمد، فبدأ الشعر يضج بما تمور به الحياة في السياسة، وفيالمجتمع ، وفي الأسواق. لقد أسس جيل الرواد، ورسخ لهذا الخروج على نفسالعروض القديم، ولفكرة الاعتماد على الذاكرة والمحسوس من اللغة، وتركيبالعبارة، وأصبح الشاعر يشعر باستقلاليته وتفرده، وأنه لم يعد تابعاً لقيمقديمة يبشر بها، وليس واعظاَ - بل لقد أصبح خلاقاً للتصور، وللضمير، وفيهتتجول روح الأمة.
* وما الذي حدث بعد ذلك؟
ـلقد ابتدعت بعد ذلك أشكالا جديدة، كقصيدة القناع، القصيدة الدرامية،القصيدة العنقودية، وتجارب جديدة في استلهام التاريخ، وتحويله إلى قناعللحديث من ورائه عن العصر،وعن العالم، وتعددت الحيل الفنية، واغتنت بتنوعالشعراء، وتجاربهم، حتى وصلنا إلى ما يشبه الجمود العروضي في قصيدةالتفعلية، وما يشبه المسكوكات والصيغ الناقدة، وبدأ التمرد على قصيدةالتفعيلة، وبدأ التفكير في قصيدة جديدة، فبدأت كل جماعة أو تيار تبشر بماخلقت لنفسها من مبررات، وكأنه هي الفرقة الناجية، ومن فرق أمة الشعر.. ولكنالأمر لم يكن كذلك أبدا، فأصبحنا الآن في حالة صراع، ويتجلى ذلك في كتابةالقصيدة النثرية على سبيل المثال، ومحاولة ما يسمى بالصراع ضد التابو،والخروج على ما هو متعارف عليه من أخلاق أو عقائد، إن هذا يمثل ما يمور بهقلب الأمة حالياً من الحيرة والإحساس بالعجز والمهانة، وتعيش الأمة حالياًمرحلة عصيبة جديدة تشبه الحالة التي بدأت شعر التفعيلة، وهكذا انتهتالموجة المتصاعدة من الحلم والأمل والصراع، ووصلنا إلى القاع، فالشعراءيتفارقون في الإحساس بما هو عام وأعتقد أن جيلاً كاملاً يتقلص إحساسهبالعالم إلى حد الانحباس في مصيدة صغيرة من همومه الشخصية. على جثتي.
* برغم أن الدولة قد منحتك قبل سنوات جائزتها التشجيعية في الشعر إلا أنك لا تحظى برضا مؤسسات النشر في مصر.. لماذا؟
ـمنذ بداية الستينات، وأنا مضطرب العلاقة مع المؤسسات الثقافية وأذكر أنصلاح عبد الصبور رحمه الله عندما كان مسؤولاً عن مؤسسة النشر الرسميةللدولة أقسم أنه لن ينشر لي كتاب ولو على جثته!! ولذلككنت ألجأ إلى نشر دواويني في بيروت وبعض العواصم العربية ولندن، وأحياناًفي دور نشر خاصة في القاهرة، وهذا سبب لي بعض الارتباك في ترتيب نشرالدواوين، وفي وصولها للقراء المصريين من ناحية أخرى، وقد حاولت تعديل هذاالوضع من خلال نشر جميع دواويني من خلال هيئة الكتاب، واتفقت على ذلك معد. سمير سرحان رئيس هيئة الكتاب، ولكن ولأسباب شخصية وبيروقراطية كانتالدواوين تسحب من المطبعة قبل صدورها، والحمد لله أن منّ علي بما هو أفضلمن خلال نشرها في دار الشروق.
القاهرة ـ وكالة الصحافة العربية

اسبيرانزا
27/12/2007, 02:09
حوار مع الشاعر موسى حوامدة :D

اسبيرانزا
27/12/2007, 02:10
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
أتمنى ألا يتوقف البعض عند بطولتي في المحاكم، وألا ينسى أن قصيدتي عارية حاوره : الكنتاوي لبكم

مهمة القصيدة في الدرجة الاولى، التعبير عن رؤية الشاعر للوجود، هكذا يرى الشاعر الفلسطيني موسى حوامدة دور الشعر، وبعد ست مجموعات شعرية تخللها جدل كبير وصل بعضها إلى المحاكم القضائية والشرعية، يقر أنه لا بدائل عن الإشتغال في جمر الحروف بعيدا عن حملات دعائية فارغة أوترويج حزبي أو حكومي أو وطني، وفيما يلي الحوار:
هل يختلف احساسك الان اتجاه قصائدك بعد نشرها في كتب؟
- بالتأكيد يختلف، لم أكن أعرف كيف، أو أفكر بذلك، لكن سؤالك قادني للتفكير، وقد قفزت إلى ذهني التداعيات والصور التالية؛ صورة الطفلة أو الإبنة حين تكون واحدة من الأسرة، وصورتها وقد ارتبطت بشاب تحبه، أو تزوجت وخرجت من البيت، أو هي أشبه بعلاقتك مع المرأة، التي تعيش معها حالة حب، وحين تتزوج منها، تصبح كأنها قصيدة منشورة. دعني أُقرِّب الصورة أكثر، وأقول؛ تظل القصائد غير المنشورة في كتاب، كأنها فتيان صغار متحمسون لدخول المدرسة، وحين يدخلون يصبحون طلابا، يخضعون للنظام، ولليقظة المبكرة وعناء الدوام، والوقوف في طابور المدرسة، والمساءلة. تنقطع العلاقة بينك وبين القصيدة، بعد نشرها في كتاب، تصبح بعيدة عن سطوة صاحبها وشاعرها، تأخذ حكما ذاتيا، او استقلالا ليس تاما، مثل استقلال الدول العربية، تظل تبعيتها مرتبطة بدول الاستعمار، لكنها لم تعد خاضعة للإنتداب او لحكم التاج الملكي مباشرة. لماذا نبتعد كثيرا عن الشعر، ونذهب للسياسة والعواطف، والقضية أبسط من ذلك؛ يمكن أن يطمئن الشاعر إلى مخزونه من القصائد التي لم تنشر، ولكن حال نشرها في كتاب يحس بالعري، أو يشعر بالفراغ العاطفي أو الخسارة والفقد، إلا إذا كان قد ادخر بعض القصائد ولم ينشرها. أما احساسي تجاه القصائد المنشورة، فهو بالتأكيد الإشفاق عليها، بعد أن صارت مكشوفة الوجه لمواجهة الجلادين، وفيالق المرتزقة، وقطاع الطرق، واللامبالين، أشعر بنوع من تأنيب الضمير أحيانا؛ لماذا أفعل ذلك بجزء أو قطعة من روحي، لماذا أعرض جوهري وذاتي للمشاة والحفاة والنظَّارة؟ لكن لا بد من تحول الفصول، وتبديل الشمس مشرقها، ولا بد أن يتأخر القمر كل ليلة، ليصغر ثم يختفي نهائيا، وهذه ضرورة طبيعية، بل قل؛ قدر حتمي، ستواجهه كل قصيدة تغدر بصاحبها قبيل الشيخوخة، وتفارق سنوات الرضاعة، وتلج عمر الفطام. وهو مصير درامي واجَّهه الكثير من أبطال التراجيديا، عبر كل الحضارات والازمان والأساطير، وحتى الحكايات الخرافية. لا بد من العري والتعري، وكشف الذات لتقشر الأفعى جلدها كما يقول نيتشه، على لسان زرداشت.
*هل يمكننا ان نجد رابطا بين الشعر والصحافة؟
- لدى الشعر مقدرة على إيجاد رابط مع جرائم القتل، ومجرمي الحروب والسفاحين، وليس مع الصحافة فقط،، لكن لا علاقة ودية بين الصحافة والشعر، من باب الحرفية، فالشعر سيد حر لا يقبل التثنية، ولا يحب أن يشاركه أحدٌ سرير اللذة، وكل شاعر يعمل في مهنة كتابية مغايرة للشعر، يقوم بخيانة مكشوفة لقصيدته، يدفع ثمنها آجلا أو عاجلا، ويعرض نفسه لانتقام القصيدة.
*متى يمكننا الفصل في التعاطي مع النص الشعري بخلفيات تفسر بماهو ديني؟
-في الأفق المنظور عربيا وإسلاميا؛ من الصعب الفصل بين كل ما هو ديني وكل شئ من حولنا، بل على العكس، كأن عقارب الساعة تعود للوراء، وتتم السيطرة أكثر دينيا، على جميع مناحي الحياة وليس على الشعر فقط، وكأن هناك (ردة) جديدة نحو التدين وليس الدين، ولكن بشكل غوغائي، ولكن لأي شئ يعودون؟ هذه هي المعضلة، لأن الناس ونتيجة اليأس يعودون للقشور والمظاهر والسلبيات والسطحيات، ولكن في العمق هناك إنزياح خطير وبعيد عن جوهر الدين الذي لا يتدخل لا في الشعر ولا في الادب ولا في الفن عموما، كما كان يفعل أجدادنا القدماء، وهم يتحدثون بحرية عن كل شئ في الحياة،في الفكر والجنس والفلسفة والشعر، وما إلى ذلك. ولكن ماذا نفعل؟ هل نتوقف عن الكتابة؟ هل نحسب حسابات تجارية؟ أم هل نضيف خوفنا إلى حساب السلطات والقوى الضاغطة في المجتمع؟ أم نتماهى مع جهامة الواقع وخرافة الجهل، أم نحترق في مواجهة الجهل والسفاهة؟ ليس من وصفة ناجعة لكل ذلك، وعلى كل مبدع أن يشق طريقه بمفرده، فلا أكثرية للغرابة والتمرد والخروج على طوابير الجهل، وقطيع الرضا.

اسبيرانزا
27/12/2007, 02:11
كيف ترد على من يقولون بتراجع الشعر لصالح الرواية؟
والعالم يذهب للتسطيح والتبسيط أكثر، فبدهي أن يتجه الناس للحكي والسرد أكثر من العمق، الشعراء جميعا يتشبثون بعدة مقولات نافلة تؤكد أهمية الشعر وشرف الميزة الأدبية، والبعض يتحدث عن أزمة الشعر، وانحسار جمهور الشعر، وكل ذلك صحيح، لكنني شخصيا لست معنيا بالكثير بتوزيع الكتب، ومقاييس سوق الكتب، سأظل أكتب كأني اكتب لكل الناس، وكأني لا أكتب لأحد، وحين أطبع كتابا من كتبي، لا أطمح ان ينافس أي كتاب آخر، وأستغرب لو قال لي أحدهم أنه اشترى كتابا لي، او تكبد عناء البحث عنه وشرائه.
اعرف كل ذلك، وأعرف أن سوق الرواية اليوم أفضل، لكني ومن باب العناد، سأظل أدرك في داخلي، أن ما أفعله هو الصواب، يمكن لي أن أنخرط في لعبة الكتابة، وشروط السوق، ولكني ما زلت أعيش حالة جمود عقلي، تتمسك وتبرهن لي أن الشعر وحده السيد، ولا مجال لمقارنته مع أي نمط كتابي آخر. هذه قناعاتي وأنا مدرك أنها غير عملية وليست مقبولة. لكن لا بأس من الخسارة والهزيمة، إن كان الامر يتعلق بكتابة القصيدة، التي أحبها وأجد نفسي مهووسا بها. ولا آبه بتراجع دور الشعر، وأزمته وانكفاء الناس عن قراءته، وانكفاء النقاد عنه، لكن ليس لدي حاليا خيارات بديلة.
*في تجربتك الشعرية الكثير من التكثيف هل هناك من مبررات لهذا الاختيار؟
-العالم مكثف، صحيح أننا نشعر بطول الزمن والكثير من الوقت الزائد والفراغ الهائل، لكن اللحظات المؤثرة والخطيرة في الحياة، دائما تكون لمحات سريعة، من هنا أميل للتكثيف لأنه يختزل الكون والحياة في ومضات، ولأن أرواحنا صارت قلقة وسريعة الإشتعال، فإن ومضة سريعة تكفي لتحطيم أو بناء أو تدمير عالم بكامله، الحروب التقليدية والسفر التقليدي، وطرق التعابير القديمة انتهت، ونحن مقبلون على زمن أسرع مما نحن فيه، ولا يجوز أن تظل خطاباتنا السياسية والأدبية والحزبية والفكرية مطولات لا تنتهي، كأننا ما زلنا نقيم في العصور الحجرية، ولم ندخل عصرا جديدا. هذا جانب ام الجانب الآخر، فهو سبب ذاتي وشخصي، فانا دائما على عجلة من امري في الكتابة، لذا ألخص الأشياء بسرعة كي لا امل من مواصلة الكتابة، لا أنفع للكتابة المسهبة والمطولة، وأجد روحي تهرب مني بسرعة، وتريد تفريغ كل ما لديها بشكل سريع أيضا.
هل تعتقد أنه مازال هناك قارئ وفي للكتاب في زمن الانترنت؟
* - نعم القارئ موجود والكتاب سيظل سيداً، مهما تراجع مستوى القراءة ودور الورق، وحتى لو تحول الناس كلهم إلى شاشات الكمبيوتر، سيظل للكتاب سحر خاص، وسيبقى هناك من يحمل هذا السحر، وسوف ينتقل الناس قريباً إلى الكتاب من جديد، بعد أن يثبت الانترنت فشله في التثقيف، ويثبت أن متعة القراءة الورقية لا تضاهيها متعة. ولعل الجامعات اليوم منخرطة، في هذه اللعبة لعبة الانترنت لكن الناس سيعودون مستقبلا للكتاب، لأن الحياة والثقافة، لا يمكن أن تختصر في شاشة صغيرة، فهناك فضاء للكتب وللمكتبات، لم تعوض عنها كل هذه المعلومات السطحية الضخمة المتاحة عبر التكنولوجيا الحديثة.
ما جدوى الكتابة ؟
* - ليس لها جدوى إلا احتراق صاحبها، ولا يسلم أي مشتغل حقيقي في الكتابة من المس،الذي يشبه الجنون، لكن لا جدوى مباشرة من الكتابة، وسط هذا المحيط الهائل من الأمية. لكن لا يملك المبدع الحقيقي بدائل عن الاشتعال في جمر الحروف.
*ماذا عن التجارب الشعرية الجديدة؟
- جميلة جدا، وأحبها وأحب دائما العناصر الطازجة فيها، فهي متسرعة أكثر منا، وتنظر للعالم بمنظار جديد نحتاجه لا شك، كما ان التجديد في الشعر، وفي أي فن من الفنون يتم دائما بالعناصر والمواهب الإبداعية الجديدة. لكن للأسف ومع زحمة النشر، تختلط الامور على البعض، ويظن كل من يكتب أنه يقدم شيئا جديدا، لكن يمكن تمييز بعض التجارب الجيدة، وفي الكثير من التجمعات العربية بلا تحديد، بل لم تعد القصيدة والشعر، مربوطين بعاصمة معينة أو مجلة محددة، صار العالم أرحب من أن يحشر في نمط محدد، ومكان معين، وتجربة واحدة.
متى تتملكك اللحظة الشعرية؟
لا توجد وصفة للحالة الشعرية ولا يمكن وضع برنامج لكتابة القصيدة كما هو الحال في كتابة الرواية او القصة القصيرة او الدراسة، لكنني ضد ضرورة الكتابة اليومية كي لا يفقد الشاعر قدرته على الكتابة كما يقول البعض، ولا أملك بحرا أغرف منه يوميا، لأن اللحظة الشعرية مرتبطة بمزيج من التوترات والقلق والدوافع التي ربما تجتاحني في معينة أحبها، أكثر من بقية الحالات، وبعد شعوري بالذروة الجنسية، دائما أجد في نفسي رغبة بالكتابة، لكنها لا تتبلور ولا تظهر إلا حينما تشاء هي وبطريقتها، تظل مهمتي حينها إفساح المجال لها للظهور والتعبير.
*هل تتحمل القصيدة أدوارا في الحياة؟
كما تتحمل الشمس دورها، والأغنية دورها، والصبايا الذاهبات إلى موعد العشق الاول دورهن، كذلك تتحمل القصيدة حكمة الخروج دائما على نمط البيت العمودي والقصيدة المتفعلة وحتى تقليدية قصيدة النثر، وهي تركض دائما باتجاه تثوير اللغة، وإحيائها من جديد، ورغم القداسة التي تتمتع بها لغتنا لكنك ترى معي كيف استطاعت القصيدة إنزال اللغة من السماء إلى المقاهي ودفاتر الطالبات وشفاه المغنين. مهمة القصيدة في الدرجة الأولى، التعبير عن رؤية الشاعر للوجود، فلسفته السرية لصياغة الحياة، وفق نمط شعري غير تقليدي، وهي في هذه السيرورة ترسل شراراتها للأرض الرطبة، والباردة لكي تسخن وتدفأ، وتتحرك البذور في باطن التربة، وبالمقابل تساهم في تخضير نبات المعنى وخضرة اللغة، وتحاول إعادة صياغة الطين من جديد.
ما الذي يمنح قصيدة ما خلودا في وجدان القارئ ونحن في زمن متسارع؟
* ليس بالضرورة أن تخلد أجمل القصائد، ربما يساهم الوجدان الشعبي في لحظة ما بتخليد قصيدة ركيكة او بيت شعر سطحي، في العمق لا يُحتفظ بالقصائد العميقة إلا في الكتب، وفي الثقافة الشفاهية يردد الناس ما يصلح للحكم البسيطة أكثر مما يصلح لتثوير الوعي، ويتناقل المتناقلون ما يساهم في تثبيت اليقين اكثر وما يقلل من شقاء الحياة وشر الوجود، أما الشعر الحقيقي فهو يشبه النار المقدسة، والشعر الوجودي ثقيل على العامة لهذا تحتفظ الأساطير ببعض الديمومة فيما يساهم الدين في تكريس بعض المفاهيم الشعرية، لكن الغيوم العابرة لا تتوقف بثقلها في السماء بل تترك ماءً يحيي الأرض وهذا هو الشعر.
كيف ترى موسى حوامدة في عيون القصيدة القادمة؟
*ربما تحررني القصائد الجديدة دائما من عقدة الطمأنينة، والركون إلى منصة الثقة، دائما تذهب رياحي باتجاه آخر، عما توصلت إليه، ولذا لا أعرف كيف سأرى نفسي بعد لحظة او عمر معين، ولا أملك تصورا لما سيتبلور من قصائد، تحملني إلى أفق جديد، أو مناخات جديدة، أو منزلقات أبعد، لكنني لا أفضل الاستقرار، وأرفض التنميط ، وأفرُّ دائما إلى جهة أبعد.
ألا تخشى قصيدتك الزمن؟
* بالتأكيد كل أدب مهدد بالزوال، كما كل الثقافات والبشر، ولكل أثر في الوجود عمر افتراضي سيعيشه، ولا أفكر كثيرا في أهمية الزمن، ولست من الذين يعولون على الاجيال القادمة، فلها حين تجيء، آفاقها وأمزجتها ونظرتها لكل شئ، وربما تتخلى عن كثير من هذا الإرث الثقيل عليها، وتجد لنفسها لغة متطورة، أكثر منا، وآفاقا شعرية أعلى مما وصلنا، هذا شيء بديهي وطبيعي، وربما تنساق وراء موضات وعصرنة وتكنولوجيا تبعدها عن الجوهر الحقيقي لثقافتها، لا شيء مضمونا غدا، والأرجح ان العودة لنا قد تكون كنموذج لدراسة التراث الغابر، وشكل الإنجازات الأدبية والثقافية في عصر العولمة المدمر هذا.
تركت مجموعاتك الشعرية صدى طيبا ، هل أنت منحاز اليها الان بنفس الرضى؟
- على الإطلاق، لدي دائما هاجس التغيير وعدم الرضا، ودائما أفكر بالتخلي عما كتبت والهروب إلى لغة جديدة وعوالم أحدث، وتجتاحني رغبة أحيانا بحرق الكثير من القصائد، لكني أتردد لحظات حينما أجد أن البعض أحب حتى تلك القصائد الاولى، فأقول ربما ساهمت في بلِّ شفاه البعض، أو في منحه بعض الشعور باللذة، كما أنه لا يجوز لي بعد الخلاص من الكتابة والنشر، أن أنقلب على مؤلف غيري، لان ذاك الذي كتبها لم يعد “أنا” لأني لا أحس اليوم بمثل ما كان يحس “هو” من قبل، ولا أرى العالم كما كان يراه، ولا أفكر بطريقته، وربما كان يرى أفضل مني، ويفكر بحكمة أكثر مني، أو بجنون أقرب شعريا مني، لكني اليوم لست “هو”، فلا أترك الحكم على ما اقترف لمن لا يجد وصلا به، ربما تقطعت بيني وبينه السبل، ولا بد من احترام تجارب الآخرين

اسبيرانزا
27/12/2007, 02:12
*هل تتفق مع تعاطف الساحة الثقافية مع الكثير من المبدعات رغم ضعف مايقدمنه من انتاج ابداعي؟
-هذه ظاهرة تشي بتخلف العرب عن غيرهم، وتشي بأن عقدة الذكورة وتمييز المرأة عن الرجل، حتى لدى المثقفين والمبدعين موجودة، كما هي لدى الناس العاديين، لأن الاهتمام المبالغ فيه بالأسماء النسوية، لمجرد أنها “نسوية” وتريد التعبير عن مكنوناتها، والوقوف صفا مع الرجل، تعني تخلفا مزدوجا تمارسه المرأة التي تتوهم هذه العقدة، ويمارسه الرجل أيضا الذي يساهم في تكريس بعض الأسماء المفتعلة. اما في العمق فقضية الحرية والتحرر واحدة، والكتابة لها جنس واحد، والأدب لا يعرف التفرقة، لذا تم إغراق الثقافة العربية حديثا بقائمة طويلة من المسميات، والأسماء مما ساهم في تخريب الذائقة أولا، كما ساهم بعض النقاد في ذلك، وبعض دور النشر، ووسائل الإعلام، بترويج بعض الظواهر والأسماء النسائية، على حساب القيمة الأدبية . لو كنا أحرارا في العمق، ولا نؤمن بالتفرقة، لما ارتجفنا حين نرى تلك الصورة الجميلة، لهذه الروائية، أو تلك الشاعرة، ولتعاملنا مع النتاج الإبداعي، وليس مع الوجه والجسد الأنثوي.
* لمن يقرأ موسى حوامدة؟
- لا تهمني الأسماء الشائعة كثيراً، أتوقف كما قلت لك عند الكتب والنصوص بلا انطباعات مسبقة، حتى لو رُوِّج للبعض، بل أحيانا، أهرب مما يروج له كثيرا، وأخشى أن الترويج يكون لتغطية ضعف معين.
*ما الذي أضافته الترجمة الى مشوارك الابداعي؟
-شعور لذيذ انك مقروء ومفهوم من قبل بشر جدد وثقافات جديدة يقرأون قصائدك بلا مواقف قطرية أو رجعية مسبقة وبلا انطباعات متأصلة من قبل، وهذا وهم الانطباع الاول، قبل القراءة فانت حين تدخل إلى اسم مكرس ومشهور ومروج له لن تجرؤ على التشكك فيما تقرأ، ولا التمتع بالنفور أو الإعجاب مما تقرأ، كما تقرأ لاٍسماء طازجة وغير معروفة. الترجمة هي نوع من الشعور بهذا الطعم الذي لا تجده إلا نادرا في العالم العربي فهم يقرأونك بخلفية معينة وبنمط واحد ومحدد وبانطباعات منقولة نقلا ومرسخة من جهات مختلفة، لكن القارئ غير العربي قد يقبل عليك بطريقة مختلفة.
كلمة أخيرة؟
- قلت كلاما كثيرا ماذا سأقول بعد؟
*قل ما تشاء عن الشعر والقراءة وعنك؟
*أتمنى ان أقرأ عربيا بشكل دقيق لا أريد حملات دعائية فارغة ولا ترويج حكومي ولا حزبي او وطني فقط أريد ان يتعامل معي القارئ بشكل محايد وان يدخل كتابي بلا خبرة سابقة وبلا نوايا مسبقة وبلا قسوة كما أتمنى ان لا يجفل من دهشة الشعر وان يترك روحه تعبر عما تراه وتشعر به، وأن يبتعد عن المقارنات والاحكام الجاهزة. كما اتمنى ألا يتوقف البعض عند بطولتي في المحاكم وألا ينسى ان قصيدتي عارية، لا تريد تهليلا أو تقليلا ليدخلها بلا أفكار جاهزة وبلا نظريات معدة سلفا، وليتحرر القارئ من عقده عسى يحررني من عقدي أيضا.

اسبيرانزا
29/12/2007, 15:20
حوار مع فاروق شوشة:D

اسبيرانزا
29/12/2007, 15:24
فاروق شوشه

////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////

اهملنا شعر التفعيلة فضاع كبرياء القصيدة


فاروق شوشة, هو فاروق محمد البغدادى شوشة , ولد فى يناير 1936 بقرية ( الشعراء ) بمحافظة دمياط , درس حتى نهاية المرحلة الثانوية بدمياط , ثم التحق بكلية دار العلوم بالقاهرة وتخرج فيها 1956 ثم نال الدبلوم من كلية التربية بجامعة عين شمس 1957 وفى 1958 التحق بالاذاعة المصرية وارتقى بها حتى اصبح رئيسا بها حتى اصبح رئيسا لها 1994
وفى مسيرته :
رئيس اتحاد كتاب مصر
رئيس جمعية المؤلفين والملحنين
عضو مجمع اللغة العربية
اصبح الان الامين العام للمجمع
برنامجه اليومى ( لغتنا الجميلة ) باذاعة البرنامج العام يدخل عامه الاربعين بعد اشهروبرنامجه التليفزيون الاسبوعى ( امسية ثقافية ) دخل عامه الثلاثين منذ اول هذا العام
يعمل ايضا استاذا للادب العربى بالجامعة الامريكية بالقاهرة


حوار مع شوشة اجراه معه :: بشير عيّاد
هل ترى اننا اليوم نمر بمرحلة ((مخاض شعرى )) , وان عمليات التجريب المستمرة سوف تتمخض عن شئ ما او شعر ما ؟؟!

-من المؤكد ان الساحة الشعرية الان فى مخاض وهو الذى نتصور دائما انه سيحمل مولودا بحكم التجارب السابقة
-فقد جاءت حركة الشعر الجديد وهزت القصيدة العمودية بعنف _ ايا ما كانت التسمية _ ثم فتحت التفعيلة بابا لقصيدة النثر , لولا شعر التفعيلة ما كانت قصيدة النثر , وانا اتصور فى داخلى ان قصيدة هى رد فعل لعدم احكام كثير من نماذج الشعر الحر , قصيدة الشعر الحر عندما ترهلت ولم يعد لها احكام القصيدة العمودية , واصبحنا نرى الكثير من مطولات الشعر الحر التى تنافس فيها عدد من كبار الشعراء قد فقدت معالمها, ولم تعد لها بداية ونهاية , تخلت عن فكرة الاحكام الفنى الذى يضبط كل شئ بميزان شديد الدقة , فوجدت قصيدة النثر فرصتها للتمرد , وللتعبير عن اننا محتاجون الى شئ فيه حرارة من نوع اخر ... الخ
-صحيح هناك ارهاصات قديمة بقصيدة النثر , لكن انا اتكلم عن الواقع , قصيدة النثر هى مولود طبيعى
عن شعر التفعيلة , ولابد ان يرى الشعراء الامر فى هذا الاطار , ولكنه مولود تخلى عن الموسيقية , ففقد شرعية الشعر الخيط الاساسى فى داخل اى بناء شعرى خيط موسيقى هو لا يضاف .. ولكن به يولد الكلام , فهو جزء من التكوين الشعرى وهو فى رحم الشاعر , الكلام لا يتزل عاديا ثم تزنه على الورق , الكلام يتوالد موزونا وموسيقيا , اذاًً , الموسيقى فى جينات القصيدة وليست عنصرا مضافا لنبقيه او نبعده ونفصله . الى اخر ما يتصور البعض , وبدون هذه الجينات الموسيقية فى العمل الشعرى لا نرى انه شعر , صحيح ان من يبدعون قصيدة النثر خصوصا فى الجيل الرائد الاول امثال محمد الماغوط وانسى الحاج واودونيس , كتبوا لنا كلاما جميلا نستمتع به على انه ابداع جميل باللغة فى صورتها النثرية عندما يصبح النثر عملا فنيا جميلا , هو يفوق الكثير من الابداعات الشعرية المتعارف على انها شعر... هذا ليس بدعة , وليس شيئا غير مألوف ولكن لكى نميز الاشياء لابد ان نقول : يا من آثرتم كتابة قصيدة النثر , انتم تخليتم عن عنصر جمالى اساسى فى التكوين الشعرى ... ماذا اكتسبتم بديلا منه؟! .. هذا هو السؤال . لا اعتراض لى على ان يكتبوا , ولا على من يمارس حريته , ولا اتوقف لاسال نفسى مثل هذه الاسئلة على الاطلاق , قد يصادفنى فى قصيدة ما مقطع يجئ نثريا , لا بأس , ليس لانى اريد كتابة قصيدة نثر , ولكن لانى اخضع للكلام الجميل عندما يواتينى فى سياق شعرى لا اعتراض لى على نفسى فكيف ارفضه من الاخرين هذا هو السؤال

اسبيرانزا
29/12/2007, 15:50
الا ترى ان الشعر فى شكليه الموسيقيين العمودى والتفعيلى _ ما يزال مليئا بالغبار والاتربة ؟؟؟
الشعر الحر_ بكل اسف _ بعد مرور اكثر من نصف قرن الان لم نهتم بان نقيم مؤتمرا واحدا نقيم فيه حصاد هذا الشعر ... ماذا صنعت ايها الشعر الحر فى القصيدة العربية ؟؟ ماذا قدم شعراؤك عبر نصف قرن من انجاز شعرى؟؟ انا هنا لا اتكلم عن شاعر , ولا عن قصائد ... انا اتكلم عن حركة شعرية بسطت جناحيها على الافق العربى كله , ما هو الانجاز الحقيقى لهذه الحركة ؟ هل هو المسرح عندما كتب عبد الرحمن الشرقاوى وصلاح عبد الصبور مسرحيات بالشعر الحر؟؟ هل الانجاز مسرحى بالدرجة الاولى خصوصا ان هناك من يرى ان صلاح عبد الصبور قمه فى مسرحه تختلف عنه فى شعره , والكلام نفسه قيل عن شوقى وقيل عن الشرقاوى هل جاء الشعر الحر ليحل معادلة الدراما المسرحية والشعر الحر وكفى ؟؟ هل الشعر الحر فى اطار القصيدة _ والقصيدة الذات_ ما زال يعطى الزخم الذى قدمه فى موجاته الاولى عندما كان السياب انشودة المطر وصلاح عبد الصبور يكتب "اغنية حب) واحمد عبد المعطى حجازى يكتب ( كان لى قلب ) هل هذا كله مستمر حتى الان ام ان هناك شيئا اخر؟ كل هذا كان لابد ان يخضع للدراسة والتقييم , انا فى كثير من الاحيان احس ان هناك جيشانا فى داخلى يطمح الى كبرياء القصيدة العمودية , واسميه ( كبرياء ) لان القصيدة العمودية فى وجدانى كانت تعنى الشموخ والهيبة والكبرياء والسلطة الشعرية والاحكام ... كل هذه المفردات .
انا اتامل الان ما يكتب من نماذج فى الشعر الحر .. اجد التدفق الموسيقى , اجد انسياب اللغة , اجد الطواعية اجد الاقتراب احيانا من اللغة الواقعية لكن لا اجد هذه الاشياء التى تكلمت عنها والتى كانت تجعلنى استشعر الزهو... هذا هو شعر امتى , هذا هو ابداع لغتى , ليس هذه الكتابات المهمشة التى يوحى الىّ الكثير منها انها مترجمة , وانها خلت من الوتر او خيط الامومة الشعرى الذى لا يرى , والذى يربط الشعر الراهن بابيه وجده , والذى يقول لى هذا شعر جده عند المتنبى او عند ابى تمام , الابن غير الاب وغير الجد ولابد ان يكون هكذا لكن الخيط المشدود الذى قد لا يرى بالعين لكنه يحس عند القراءة لا نراه الان
الذين يتكلمون عن ( قطيعة شعرية ) واهمون لان ( قطعة ) مع ماذا ؟ ماذا صنعت ليكون ذلك قطيعة معه ؟
انت تتمرد عليها .؟؟ ...انت تريد ان تفجر وتهشم .. ما الذى بين يديك؟ ما هو الموروث الشعرى الذى تعرفت على جمالياته؟؟
لا يمكن لاى بناء بناء ان يمسك ب ( المسطرين ) ليبنى الا اذا كان قد خبر كيف يبنى البيت , ويبنى القصر وتبنى الفيلا ويبنى القش ويبنى الكوخ , ويعرف معمار كل نموذج من هذه النماذج ... انت ماذا بنيت قبل ان تمسك بمسطرين الشعر لتبنى مدماكا واحدا فى البناء الشعرى؟؟؟!!!

verocchio
30/12/2007, 01:27
يار يت تكون الحوارات كاملة

verocchio
30/12/2007, 01:28
حوار مع الروائي التركي أورهان باموك (////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -/////////////// %D9%84%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A_%D8%A3%D9%88%D8%B1% D9%87%D8%A7%D9%86_%D8%A8%D8%A7%D9%85%D9%88%D9%83)

verocchio
30/12/2007, 01:28
أجرت المجلة الفرنسية “ليكسبريس” (عدد 03 /05/2007) مع الكاتب التركي أورهان باموك، الحائز على جائزة نوبل للأدب سنة 2006، حواراً مهما عقب صدور مؤلفه الأخير “إسطنبول- ذكريات مدينة-”. و هو بمثابة سيرة مزدوجة للكاتب و مدينته التي نشأ و ترعرع فيها.
و في هذا الحوار يتحدث الكاتب عن وجهة نظره في العمل الأدبي و عن مدينته وكذلك عن التهديدات التي وجهت إليه داخل تركيا بالقتل.
للتذكير فأورهان باموك من مواليد إسطنبول بتركيا سنة 1953، وله عدة أعمال روائية أهمها : الكتاب الأسود، القلعة البيضاء، إسمي أحمر، ثلج و اسطنبول. وقد نال عن جل أعماله عدة جوائز أدبية من وطنه تركيا و من فرنسا و ألمانيا كانت آخرها جائزة نوبل السويدية.

verocchio
30/12/2007, 01:29
- كيف هي أحوالك؟
- على أحسن وجه، لقد استقررت منذ أسابيع بنيويورك في إطار تلبيتي لدعوة وجهت لي من طرف جامعة كولومبيا. إنها المرة الأولى التي ألقي فيها دروساً، كما أنها المرة الأولى التي أزاول فيها مهنة معينة، فطوال عمري لم أفعل شيئا غير الكتابة. كما أنه بالنسبة إلي إنه رجوع إلى الأصل لأنني هنا داخل غرفة طلاب صغيرة كتبت روايتي الأولى : الكتاب الأسود. حينها لم أكن أملك مالا و لم أكن تقريبا أجد ما أقتات به و كنت أقرأ الكتب داخل أروقة المكتبات.
- تعود اليوم بعدما حصلت على جائزة نوبل للأدب، فما الذي تغير الآن؟
- لندع لغة الخشب جانبا. إن أول شيء يتغير بعد حصولك على جائزة نوبل هو رصيدك البنكي. بطبيعة الحال هذه الجائزة هي بمثابة تشريف لي خصوصا أنني أول تركي يحرز هذا التتويج. و إنني جد سعيد بذلك. و لكن من جهة أخرى فالجائزة تفرض علي أن أتحول إلى دبلوماسي ضدا على طبعي الذي لا يتلاءم مع كثرة الترحال و الاستجوابات بل ينحً تجاه العزلة و الإبداع. إنني أًستدعى في أنحاء المعمور لأعطي رأيي فيما يجري سياسيا، وهذا أمر يزعجني لأنني كاتب و لست معلقا سياسيا. من جهة أخرى حصولي على الجائزة مبكرا يوفر عني الإجابة عن أسئلة الصحافيين الدائرة حول إمكانية حصولي يوما عليها.
- أليست المسؤولية هي أكبر على عاتق من تسلم الجائزة؟
- إنه سوء فهم، فلا أعتقد أنه بحصولي على الجائزة أصبحت فجأة إنسانا مختلفا، أي مخولا لي الحديث في السياسة. أنا لا أحبذ فعل ذلك. إننا لا نصبح أكثر تأدبا لأننا حصلنا على جائزة نوبل. مسؤوليتي لا تنحصر في ادعاء إنقاذ العالم أو تغييره بخطابات سياسية، ولكن مهمتي هي الاستمرار في كتابة الروايات، ولهذا حصلت على الجائزة و ليس لأسباب سياسية.
- لكن هذا ما يروج له بعض خصومك داخل تركيا.
- هذا صحيح، و لكن ما يحرك هذه الهجمات هي الغيرة أو عدم اهتمام الوسط الأدبي بأصحابها. و في جميع الأحوال هذه الجائزة لا تغير من رؤيتي لحياتي في شيء، فأنا لا أنوي توجيه الضمائر بل سأستمر في الاستيقاظ كل صباح لأكتب القصص.

verocchio
30/12/2007, 01:29
- ولكن ألا تظن أنه بطريقة معينة يمكن للأدب أن يغير العالم؟
- ليس لي مثل هذا الادعاء. فأنا لا أكتب لأغير العالم. إنني أكتب لأنه يجب علي أن أكتب. هذا كل ما في الأمر. إنني أشبه بطفل يلعب الكرة عن حب و تأتي أنت لتسأله هل له نية في تغيير العالم بضربة كرة.لا، إنه يلعب لأن هذه اللعبة هي الوسيلة الوحيدة المتوفرة له للوجود. و إذا أصبح يوما بطلا و ساهم ذلك في تغيير بعض الأشياء في العالم فهذا شيء آخر. فلنكن جديين، إن غاية الأدب ليست هي خدمة الإنسانية. على الكاتب أن يرصد أعماق وجدانه و مخيلته. التغيير يقع عندما يذهب بعيدا إلى حدود هذه المغامرة، و بنفاذه إلى عمق الروح الإنسانية قد يكتب روايات يمكنها، بطريقة ما، أن تكون مفيدة للبشرية. و لكن لا يجب أن تصير هذه النقطة هاجساً، فخدمة الإنسانية هي نتيجة و ليست هدفاً.
- تلقيت تهديدات بالقتل من طرف قوميين متعصبين فهاجرت من اسطنبول، فهل ستعود إليها؟
- نعم، لأنني لا أهول الأمور. و قد تلقيت دائما تهديدات و لكن لم يكن ذلك بسبب رواياتي، فالذين يهددونني لا يقرؤون كتبي. إن تصريحاتي خلال الاستجوابات الصحافية هي ما يجر علي هذه الاعتداءات و ليس عملي ككاتب، فتصريحاتي غالبا ما تُحور و تؤول بشكل سيء من طرف أشخاص أظن أنهم غيورون أو أناس هم في حالة غضب.
- هل تخشى الموت؟
- بطبيعة الحال. و لكننا سنموت يوماً. أليس كذلك؟ أظن أن إحدى السمات الرئيسية للطبيعة البشرية هي قدرتنا على نسيان المستقبل، و هذا ما يسمح لنا بأن نكون متفائلين. شخصيا هذا ما يجعلني أحافظ على ابتسامتي وفي البقاء على قيد الحياة. إنني باقٍ.
- تتموقع اسطنبول في قلب كل أعمالك و تكتب بأنها مدينة بين “عالمين”، كيف يمكن العيش هكذا مفرقاْ؟
- إن تركيا و اسطنبول تغري بالكثير من الكليشهات، بعضها يتضح أحيانا وكأنه واقع. و لكن في ما يخص اسطنبول يجب أن نفهم بأن هذه الحاضرة هي ثقافيا من أوربا الشرقية المنغرسة في المشرق. طبيعتها أن تكون بين الشرق و الغرب. و لكن، عندما نعيش هناك حياة يومية لا نشعر بالأمر. يجب أن يغادر المرء المدينة ليحس بذلك أو أن يكون أجنبيا و يقوم بجولة سياحية فيها. إن لنا ثقافتان، و روحان أيضا.
- هل تشكل هذه الطبيعة المزدوجة امتيازا أم مشكلا؟
- بالنسبة لي إنها امتياز. في اسطنبول كُثُر نحن الذين نريد الاستفادة من جميع ما تمنحه كل ثقافة على حدة. لكن بالنسبة لآخرين –وهم قلة- هذه الازدواجية غير متحملة و يًنظر إليها على أساس أنها “شيزوفرينيا”. مشاكل الهوية التي يتعرض لها بعض سكان المدينة هي مرتبطة جذريا بذلك. إنهم محاصرون بين وجهين متناقضين جداً في ما بينهما. بالنسبة للبعض هذه الازدواجية هي أيضا تعارض بين أمل في الديمقراطية و رفض لها. بينما أظن أن غنى و عمق الثقافة التركية مرتبط بهذا المزيج من حضارتين و وجدانين تتولد عنها مخاضات، لكن في خضم هذه المخاضات تنبثق الثقافة الحقيقية.
- كثيرا ما يقال عن نيويورك بأنها ليست الولايات المتحدة الأمريكية. فهل يمكنك أن تقول نفس الشيء عن اسطنبول، أي بأنها ليست تركيا؟
- في الواقع إن اسطنبول لهي مختبر خصوصا في مجال السياسة و الديمقراطية. وعلى العكس من ذلك إنني أتجاهل ذاك التكبر الفكري القائم على القول بأن المدينة التي نقيم فيها (نيويورك بالنسبة للأمريكيين أو اسطنبول بالنسبة للأتراك) هي مختلفة عن باقي البلاد، أي أنها أعلى منها مرتبة. إذا أكدت بأن اسطنبول لا تشبه المدن التركية الأخرى فهذا مرده قبل كل شيء لكوني كاتبا اسطنبوليا، فقد ولدت وترعرعت في اسطنبول و أكتب عنها منذ أن حملت القلم. والاختلافات التي أشدد عليها هي مميزات خاصة بهذه الحاضرة أكثر من أن تكون مجرد أشياء لا نراها بباقي المدن، وهذا بكل صراحة لأن اسطنبول مدينة تركية. لننسَ الخطاب السياحي الذي يدعي بأن الأمر يتعلق بطرف أوربا الموجود في آسيا. لا، فاسطنبول هي بحق حاضرة مخضرمة، غربية و شرقية، و لكنها تركية، تركية بعمق. إنها مدينة تسكنها عشرة ملايين نسمة أي أكثر من سكان نيويورك. بينما لا يزور السياح سوى جانب واحد، ذاك الذي يقطنه مليون واحد فقط من البشر، هذا المليون لا يمكنه أن يخفي التسعة الباقين و الذين يشبهون ملايين الأتراك في باقي البلاد. اسطنبول تشمل كل مشاكل تركيا. لا تنسوا بأن بعض سكانها هم من أشد الفقراء في كل البلاد. إن المدينة السياحية لا يجب أن تخفي الواقع. كل المشاكل التي تواجه تركيا هي متواجدة في اسطنبول: الهجرة، الدين، القومية…
- ستكون هناك إذن محاولة لتقديس اسطنبول على حساب باقي تركيا.
- إنها محاولات الغربيين خصوصا، أليس كذلك؟ صحيح أن الأحياء السياحية هي أكثر تقدما و أحسن تحديثا و تفتحا، و سياسيا هي أكثر وعيا من الأحياء الأخرى و لكنها ليست أكثر أهمية منها. إن اسطنبول حيث ترعرعت لا يزورها سياح، إنها نفس البيئة التي لقرية بوسط أناطوليا، يجب الإقرار بذلك. إن هناك جانبا أسود قديماً في هذه المدينة و الذي يجعل التعايش بين هذين العالمين مهما وخطيراَ في نفس الوقت.

verocchio
30/12/2007, 01:30
- في أية بيئة ترعرعت؟
- هذا الكتاب هو سيرة ذاتية، لكنه أيضا تأريخ للخمسين سنة الأخيرة من حياة اسطنبول. إنني أروي القصة الثقافية لمدينتي دون أن تستحوذ فيها سيرتي على الباقي. المشكل هو أن السيرة الذاتية هي فن الاجتزاء و عدم الإفصاح، أن نشتغل بواسطة الأجزاء و نترك بعض اللقطات للمونتاج كما يقال في السينما. كان بإمكاني أن أكتب عشرة أجزاء عن حياتي و عشرة أخرى عن مدينتي، و لكن بالاحتفاظ على نقط الاشتراك بين الاثنين لم يبق سوى كتاب واحد: هو هذا. لم أحتفظ سوى بالحلقات التي طبعت لحظات الانفتاح الفكري على الفن والسياسة، فكلها عرفت ميلادها في مكان ما من المدينة وفي وقت محدد، و بطريقة جعلتني لا أدعي رصد تاريخ اسطنبول بل أن أبين بأنه كان لها تأثير واضح في حياة شاب كان على الدوام يحلم بأن يصبح كاتباَ.
- أنت تروي بأنك كنت تتمنى أن تصبح رساماَ.
- نعم هذا صحيح بالفعل. بين 7 سنوات و 22 سنة أردت أن أصبح رساماَ. لقد رويت بأية طريقة دفعتني اسطنبول أن أصبح ذاك الرسام الذي لسته. وأنا يافع كنت أتنزه في أزقة المدينة أصور المناظر و الناس و عندما أعود إلى البيت كنت أظنني بمتابة بيسارو أو أوتريو. بعدئذ تساءلت عن البعد الجمالي لهذه المدينة، وبتأملي في هذه الفكرة اكتشفت نصوص الكتاب الفرنسيين للقرن التاسع عشر وعلى الخصوص بودلير. بالنسبة له فالمناظر تؤثر مباشرة على الحواس وعلى وجدان من يتأملها. و بالتنقيب في هذه الفكرة و بمحاولة معرفة لماذا كانت اسطنبول مثيرة جدا صادفت أيضا كبار الأدباء الفرنسيين الآخرين أمثال فلوبير ونيرفال و غوتيي الذين كانوا يأتون إلى اسطنبول ويكتبون حولها الكثير مؤثرين في الكتاب الأتراك و مانحين إياهم القوة أيضا للكتابة. وهكذا بقراءتي لهؤلاء الكتاب فهمت أن الكتابة كانت بصيغة أخرى تتساوى مع الرسم. و لأجل ذلك نجد الرسم والرسامين حاضرين دوما في رواياتي. إن الكاتب هو رسام يستخدم الكلمات بدل الألوان و القلم عوض الريشة.
- لماذا قايضت بالريشة القلم؟
- من بين أمنياتي في أن أصبح رساما هناك الرغبة في قضاء الساعات كل يوم وحيدا داخل المكتب. إنها أيضا ميزة الكاتب، إنني أحب هذه العزلة، كما أحب الحلم كذلك.
- ما هو مفتاح فهم اسطنبول؟
- التعقيد. إننا نعيش في مجتمعات تريد أجوبة آنية و سهلة لكل شيء. إن اسطنبول مدينة تذكرنا بأن هذه الرغبة هي مجرد وهم، فوحده التعقيد يجيب عن الأسئلة التي تطاردنا. واسطنبول هي وجه التعقيد بعينه، إنها المزيج بين مدينة إسلامية تقليدية و مدينة أوربية ليبرالية. مفتاح هذه الحاضرة هو في هذه النصيحة: احترموا هذه الظلال و الرموز، فكلما أفلتت منك المدينة يمكنك أن تفهمها، إنها مفارقة مطلقة، أفهم ذلك. ففي اسطنبول نأتي للتفرج على المدينة و ليس لاستكشاف أسرارها، لأننا في هذه الحال لن نخرج سالمين.
- هل هذا يعني أن اسطنبول قابلة للاندماج في أوربا؟
- بالنسبة إلي فاسطنبول تشكل جزءا من أوربا بما أن فريق غلط سراي لكرة القدم يلعب من أجل كأس أوربا. إذا طلبتم مني معرفة هل اسطنبول توجد في أوربا سأجيبكم بأن تنظروا إلى الخارطة لتعاينوا الأمر. لكن بكل جدية لسنا لحدود اليوم في المستوى المطلوب. من هذا المنطلق يتوجب على تركيا أن تكون ثقافيا قادرة على اللحاق بالديمقراطيات الأوربية في الاتحاد لكن دون القطع مع جوهرها الحقيقي. فرغبة تركيا في دخول الاتحاد الأوربي تطرح المشكل التالي: ماهي الثقافة الأوربية؟ هل هو الدين؟ هل هو التاريخ؟ هل هي الجغرافيا؟ أم هو شيء آخر؟ إن اسطنبول تنتمي تاريخيا و جغرافيا إلى أوربا، لكن السؤال الذي يجب علينا جميعا (الأتراك و باقي دول الاتحاد) الإجابة عليه هو : كيف نرى مستقبل أوربا؟

verocchio
30/12/2007, 01:31
حوار مع الروائي المصري يوسف القعيد (////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -/////////////// %D8%B1%D9%88%D8%A7%D8%A6%D9%8A_%D8%A7%D9%84%D9%85% D8%B5%D8%B1%D9%8A_%D9%8A%D9%88%D8%B3%D9%81_%D8%A7% D9%84%D9%82%D8%B9%D9%8A%D8%AF)

verocchio
30/12/2007, 01:31
* هل يستطيع المثقف العربي النجاة من السؤال السياسي؟
- لا.. إطلاقا سواء باعتباره إنسانا عربيا، أو باعتباره مثقفا عربيا، لا ينجو أبدا من الغرق في تفاصيل السياسية. وأنا أصاب بانزعاج شديد لأن معظم الكتاب الجدد في مصر يفتخرون بأنهم لا علاقة لهم بالسياسة إطلاقا، ويعلنون أن هذا شأن السياسيين وليس شأن المثقفين، وبالتالي لا علاقة لهم ولا اهتمام لهم بالسياسة، مع أنه – في تصوري – أن تعريف المثقف هو الإنسان الذي يتعدى إدراكه مشاكله الشخصية، يعني يكون مرشحا ليشعر بمشاكل الآخرين ويحس بهمومهم وبآلامهم ويعبر عنها وينفعل بها ويعتبرها همومه حتى لو لم يكن يعاني منها، هذا هو التعريف البسيط لكلمة مثقف، ومن لا يفعل هذا يفقد شرط من شروط أن يكون مثقفا.
* لو حدث أن تورط المثقف، هل يمكن للنص أن ينجو؟
- أنا أيضا معترض عن كلمة "التورط" والنص لا بد أن ينجو إذا كان صاحبه يريد له أن يبقى، لأن الكتابة الآنية لا يبقى منها شيء، وربما يُغتفر للشاعر أن يتابع حدث آني بقصيدة شعرية، ليس لمذبحة دمشق التي كتب عنها أحمد شوقي، ولا الحرب اليابانية التي كتب عنها حافظ إبراهيم، لكن في كتابة النص الروائي لا بد أن يستند إلى شيء باق، شيء يبقى مع الزمن، حتى عندما يقرأ هذا النص شخص لم يعاصر هذا الواقع يستطيع أن يصل إلى النص بسهولة، أو شخص بعيد عن المكان الذي تمت فيه كتابة هذا النص. الكتابة شرطها الجوهري يتأتى من تحقق شكلها الفني، وليس لأنها تحتوي على هذا الهم أو ذاك.

verocchio
30/12/2007, 01:31
* عندما حصل ماركيز على نوبل سنة 1984 صرح بأنه أخذ منجزات القص من ألف ليلة وليلة وأنه لولا قراءته لها، ما كان قد أنجز ما أنجز. بعدها مباشرة تفطن جيلكم الذي كان مفتونا بالسطح إلى عمق هذا التراث، لكن للأسف عن طريق وساطة، فهل يحتاج كل جيل أدبي إلى كاتب مثل ماركيز ليهديه شهرزاده؟
- أنا أريد أن أحكي لك شيئا قبل أن نتحدث عن شهرزاد، عندما كتبت رواياتي الأولى في منتصف الستينات من القرن الماضي، كنا جميعا نفخر بأننا قرأنا البحث عن الزمن الضائع لمارسيل بروست ويولي لجوليس، ونعتبر أن قراءة هذين العملين هي جواز المرور إلى الكتابة الروائية، لكن بعد نكسة يوليو 1967، النكسة المدوية التي حدثت، حدث نوع من العودة إلى التراث كنوع من البحث عن أركان الذات وعن أشياء نستند إليها في معركتنا مع العدو الصهيوني، وفي هذه الأثناء أعدنا اكتشاف تراثنا، وأنا شخصيا اكتشفت في تراثنا سرد وحكي متقدم على الغرب نفسه يغني، فلو قرأت القرآن بعين الفنان ستكتشف أن في سورة يوسف وفي سورة مريم كل منجزات القص الحديثة التي جاءت من الغرب، المونولوج الداخلي، الجملة الاعتراضية، ضمير الغائب، ضمير المتكلم، ضمير المخاطب، ففي سورة يوسف تتجلى كل هذه الأشكال الفنية التي جاءت لنا من الغرب وسعدنا بها جدا، وأريد أن أقول أيضا أنه في سنة 1984 عندما حصل ماركيز على جائزة نوبل وصرح علنا أنه أخذ منجزات القص من ألف ليلة وليلة وأنه لولا قراءته لها مترجمة إلى لغته التي يقرأ بها، ما كان قد أنجز ما أنجز وأن الواقعية السحرية التي قدمها نابعة من ألف ليلة وليلة، هذا الكلام دفع أجيالا جاءت بعدنا لقراءة ألف ليلة وليلة، وأنا آسف لأننا عرفنا هذا التراث عن طريق الغرب، ويجب أن نعترف أيضا بحادثة أخرى مؤلمة، وهي أن ألف ليلة وليلة نشرت بالفرنسية قبل أن تنشر بالعربية، وأن نشرها العربي جاء بعد اكتشاف النص وترجمته إلى اللغة الفرنسية، لكننا جميعا أحفاد شهرزاد، والارتباط بتراثنا مهم جدا في أن نجد لغة قص عربية ونكهة عربية في القص والحكي وكتابة الرواية.
* تعتبر أن هذا الجيل الجديد أكثر حظا منكم؟
- لا.. أنا مختلف معك، هو أتعس حظا منا، أنا عندي ابن اسمه أحمد يدرس دراسات عليا في كندا، أنا أنظر إليه بإشفاق، الكتاب الذين جاؤوا بعدنا لن يكونوا أسعد حظا منا، نحن مررنا بخيبات وويلات لكن ما ينتظرهم مجهول، لا أدري إلى أين يمكن أن يقود الأشياء، يعني المدونات على الإنترنت خطر يهدد الكتاب، وضع الكتب على الإنترنت خطر يهدد الكتاب المقروء، هذا الإعلام الرهيب وهذه الفضائيات الرهيبة التي تملأ السماء العربية لا تخدم الثقافة، لكنها تشكل خطرا حقيقيا عليها، أنا لا أعرف شكل المستقبل الآتي، لكني أعتقد أن الوجدان، الكتابة والمعاني المجردة التي جرينا وراءها وحلمنا بها معرضة للخصخصة، وبالتالي أنا أعتقد أنه ينتظرهم مستقبل قد يكون ما عشناه نحن بويلاته وآلامه أفضل بكثير من الآتي.