-
PDA

عرض كامل الموضوع : نداء الدم (حيدر حيدر)...


سرسورة
26/09/2007, 20:59
نداء الدم قصة قصيرة من مجموعة اغواء للكاتب السوري حيدر حيدر....



في فجر شبابه كان شابا يافعا مليئا بالحماسة, شعوره بفساد العالم المحيط والوطن المتخلف عن ركب الحضارة والتقدم دفعه للانخراط في العمل السياسي و فرح الاندفاع لتغيير العالم و الزمان الراكد.
انذاك كان العالم يتموج بتحولات تقرع أجراس السعادة الانسانية والمستقبل المشرق للبشرية.
هجس في جلسة سرية: الحاضر مظلم والبشر هنا في ضنك و جوع و استبداد .قالت حماسته الوطنية...

عليك ان تهب حياتك للمستقبل المضيء من أجل الاخرين.هجس. وككل المثقفين التقدميين هنا و في بلدان العالم راح صالح العبد الله يخوض معارك ضارية و جدالات ممضة حول المسائل الحساسة: التنوير ,الحرية, الاستبداد, الاشتراكية, و مستقبل الشعوب المضطدة. في الاسرة بدأ الامر نشازا , والده الشيخ وامام البلدة هدده بالتبرئة والطرد من العائلة.
-في اخر الزمن يولد من السلالة الشريفة هذا الملحد الملعون...
و اذا واجه الأب الغاضب بلغة الجيل الجديد و أفكاره المغايرة صرخ في وجهه: أنت و شيوعيتك الملحدة الى جهنم. لست من دمي.غادر هذا البيت و التحق بكلابك الضالة....

كان في السنة الاخيرة من تخرجه الجامعي و حين شرح الحالة لرفاقه في الحزب تضامنو معه, و ازروه ماديا, و بعد احتيازه للشهادة أمنو له بعثة تخصص الى موسكو.

بعد عودته من وطن التقدم و الاشتراكية . بدا اندفاعه وطاقاته في الأوج. وككادر مميز كان مؤهلا لمراتبيه تليق بقائد في سلم المسؤولية..

بدت أحلامه وتصوراته ملونة و مديدة.

بناء الانسان الجديد و الوطن المضئ المحرر من الخرافة و الجهل و الدين تحت مصابيح العقل و العلم و الديمقراطية...

كانت أطروحاته النظرية تدوم في فضاءات جميلة و سريالية , أفقها المستقبلي و أمثولتها قمر الاشتراكية الساطع من هناك. أن نغير بلادنا كما فعل الرفاق في البلدان الاشتراكية .هذا هو الانجاز الحضاري و التاريخي..

-والميراث التاريخي المتأصل؟ كان الناس يسألونه.
-علينا أن نتطهر من ذلك الميراث القديم لنولد من جديد..

- لكنه يستوطن الدم من الاف الأعوام!!
- الوعي التاريخي يجدد الخلايا بدم جديد.

بعد عام من غروب شمس الاشتراكية من سماء موسكو, حدث اضطراب هائل يشبه الزلزال في أعماق الكون و البشر.

الرجل المسمى صالح العبد الله وقع فريسة تطير و اكتئاب و حيرة أودت به في مابعد الى المصح.

لزوجته سيروي في أعقاب خروجه من المشفى سلسلة أحلام وكوابيس غريبة عن رجال غامضين معممين ومجللين بالأبيض و الأخضر.

رجال مهيبون كانوا يرفعونه على محفات وردية و يصعدون به الى السماء, و من تلك السماوات السامقة يتركونه ليسقط داخل هوات سحيقة موقدة بالنيران....

وحين يدخل بوابات النوم كان يقع فريسة نوبات رعب, و أشباح غامضة, وهذيانات....

في أعماق الليل كانت امرأته تسمع شظايا من هلوساته, محورها الموت وخلايا الدم و الجراثيم السماوية وجحيم الغروب الأحمر.
في صباح يوم خريفي , كثيف الضباب , استيقظ مبلللا بالعرق و الفزع.

قال لزوجته و هو يرتجف: الحالة ما عادت تحتمل ,لابد من النذر أو زيارة أحد أولياء الله و النوم في رحابه.
-النذر..الزيارة!!!! سألت المرأة مهلوعة..
_أجل . نذر باسم سيدنا الخضر أبو العباس...

زوجة صالح العبد الله بهتت . و الى حلقها صعدت صرخة و ماتت هناك.
قال صالح العبد الله بهدوء غريب: قبل ذلك انزعي عن الجدار صورة هذا الرفيق القديم البائس .ليرحمه الله وليرحم زمانه الذي مضى و ضعي مكانها اية من سورة الرحمن...
هكذا بين مد البحر وجزره , بدأ تجديد الخلايا بالعودة الى التطهر بالدم القديم.
داهم الأب فرح غامر بعودة الابن الضال الى الطريق القويم.
وفي قبورها استراحت عظام الأسلاف الى أبد الابدين....

سفينة البر
27/09/2007, 03:53
شكرا سرسورة على الموضوع وأنا بهنيك على القصة وإلى الأمام:p

معروف بن جمر
29/09/2007, 16:12
ياعمووووووووووووووووووووو ووووووووووو
يسلم ايديكي هو الواحد بحس انه عايش مع كلماتك الحلوة بهل قصة القصيرة
على فكرة شو عرفك بالموجه تبع مدرستنا الثانوية لتاخدي اسمه

سوريانا
07/10/2007, 16:57
اللسان يعجز عن التعبير
مشكورةةةةةةةةةةةةةةةةةةةة ةةةةةةةةةةةةةة




تحيا سوريا