-
PDA

عرض كامل الموضوع : مقتطفات مـــن "أناشيد مالدورو" لوتريامـون


dot
24/09/2007, 16:46
غياب تعاون الإرادة الفعلي*

".. كان شاهداً على ثمة ظاهرة كان يبدو أنها تتجاوز و لقد كانت تتجاوز يقينيّاً المفاهيم المعروفة التي تمدّنا بها الملاحظة و التجربة، كأمطار الضفادع، مثلاً، التي قيّض لمشهدها السحري أن لايكون مفهوماً من جانب العلماء. وأن روحه، في هذا اليوم الآخر، كي نتكلّم في المقام الثاني و الأخير عن الأشياء الذاتية، عرضت على نظرة علم النفس المستقصية، لن اذهب الى حد القول اضطراباً في العقل (الذي، مع ذلك، لن تنقص طرافته لهذا السبب، انما، بالعكس، ستزداد) بل، على الأقل، كي لانتشدد أمام بعض الأشخاص الباردين، الذين لن يغفروا لي قط الهذيانات الفاضحة لمبالغتي، حالةً غير معهودة، خطرة جدّاً في الغالب الأعم، تشير الى أن الحد الذي يمنحه الفكرُ السليم للخيال، قد تمّ للأسف، رُغم المعاهدة الزائلة المُبرمة بين بين هاتين القدرتين، تجاوزه حيناً بفعل ضغط الإرادة القوي، لكن، في معظم الأحيان، أيضاً، بفعل غياب تعاون الإرادة الفعلي: فلنعطِ، دعماً لهذا الرأي، بعض الأمثلة، التي ليس من الصعب تقدير ملاءمتها: هذا، اللهم، اذا اتخذنا، بمثابة رفيق، اعتدالاً متنبهاً. إني أقدّم مثلين: احتداد الغضب و امراض الغرور. اني أنذر ذاك الذي يقرأني بأن يحاذر تكوين فكرة غامضة، و من باب أولى خاطئة، حول جمالات الأدب التي أنزع بتلاتها، أثناء تطوّر جُملي البالغ السرعة. .."
ـــــــــــــــــــــــــ
* مُقتطفات من المقطع السابع للنشيد الرابع - "أناشيد مالدورو" لوتريامون 1867م- ترجمة سمير الحاج شاهين - المؤسسة العربية للدراسات والنشر (بيروت) 1982م

dot
24/09/2007, 16:48
الضّميــر *

.. من الموافق ألاّ أدعَ الضمير يقطع الطريق عليّ . فلو أنّه كان قد مثُل أمامي بالتواضع و الحياء الملازمين طبقته لكنتُ أصغيتُ إليه . ما كنتُ لأحبّ كبرياءه . مددت يدي ، وتحتَ أصابعي سحقتُ الأظافر ؛ تناثرتُ هباءً تحت الضغط المُتزايد ، ضغطُ هذا الهاون الجديد الطراز . مددتُ اليدَ الأخرى و اقتلعتُ رأسه . ثم طردته من منزلي ، بضربات السوط ، و ما عدتُ رأيتُ لهُ وجهاً . إحتفظتُ برأسهِ كتذكار لانتصاري .. أمسكتُ رأساً بيدي ، كنتُ أقضمُ جُمجمته ، و انتصبتُ على رجلٍ واحدةٍ ، كمالك الحزين ، فوق شفير الهاوية المحفورة بلحف الجبل . و رآني بعضهم أهبطُ الوادي بينما كان جلد صدري جامداً ، هادئاً كغطاء قبر ! و بينا كنتُ أمسكُ بيدي رأساً أقضمُ جُمجمته ، سبحتُ في أشدّ اللجج خطراً ، و حاذيتُ الهاديات المميتة ، و غطستُ الى أن غاب عن بصري النافذ . و كان المغصّ السميج ، بمغناطيسهِ الذي يجرّ الشلل ، يطوّفُ حول أعضائي فيشقّ الأمواج بحركاتٍ قويّة دون أن يجرؤ على الدنو منّي . ورآني بعضهم أعود سليماً معافىً الى الشاطئ ، بينما كان جلد صدري جامداً ، هادئاً كغطاء قبر ! و بينا كنتُ أمسكي بيدي رأساً أقضمُ جُمجمته ، اجتزتُ الدرجات الصاعدة ، درجات برج رفيع . وصلتُ ، تعب الرِّجلين ، الى قمّته المدوّخه . نظرتُ الى الحقل و البحر؛ نظرتُ الى السماء و الجَلَد . وإذ دفعتُ برجلي الصوان الذي لم يتراجع ، تحدّيتُ الموت و الثأر بصراخ هازئٍ عظيم ، و انطرحتُ كالبلاطة بشدق الفضاء . سمَعَ النّاسُ دويّاً أليماً هو دويّ الأرض إذ التطم بها رأسُ الضمير الذي كنتُ قد أفلته بهبوطي . ثم رآني النّاسُ أنزل بطيئاً كالطائر ، تحملني سحابةٌ لا تُرى ، فالتقطتُ الرّأس لأجبره أن يكون شاهداً على جريمةٍ مثلّثة كان عليّ أن أقترفها في ذلك النهارُ بالذات ، بينما كان جلد صدري جامداً ، هادئاً كغطاء قبر ! و بينا كنتُ أمسكُ بيدي رأساً أقضمُ جُمجمته ، اتجهتُ شطر المكان الذي تنتصبُ فيه ركائز المقصلة . و صعتُ نعومةَ أعناق فتياتٍ ثلاثٍ تحت شفرة المقصلة . و كأنني منفّذ الأعمال العظيمة ، أرخيتُ الشريط كأنّما ورائي خبرة حياةٍ كاملة . فهوى الحديدُ المثلّث ، بانحرافٍ ، و بترَ الرؤوس الثلاثة التي كانت تنظرُ إليّ بحنان . بعدها وضعتُ رأسي تحت الشفرةِ الثقيلة ، و أعدَّ الجلاّدُ إتمام عمله . ثلاثُ مرّاتٍ تهاوت الشفرة القاطعة بعزمٍ يتجدّد على الدوام . و ثلاثُ مرّاتٍ كان هيكلي المادي ، و بخاصّةٍ عند منطلق العُنُق ، يهتزّ حتى أسسه ، كما عندما نتصوّرُ في الحلم أن منزلاً ينهارُ فيسحقنا . تملّكت الشعبُ الدهشة فتركني أعبرُ لأبتعدَ عن الساحةِ المأتميّة . رآني أشقُّ بمرفقيّ لججه المُتماوجة ، و اتحرّك ، وملءَ بردتيَّ الحياة ، فأتقدّمُ أمام وجهي مستقيمَ الرّأس ، بينما كان جلد صدري جامداً ، هادئاً كغطاء قبر ! كنتُ قلتُ إنّني أريدُ أن أدافعَ عن الإنسان ، هذه المرّة . و لكنّي أخافُ ألاّ يكونَ دفاعي هذا تعبيراً عن الحقيقة . و عليه ، فأؤثرُ الصّمت . سوف تُصفّقُ البشريةُ بامتنان لمثل هذا القرار !.
ـــــــــــــــــــــــــ ــــ
* مُقتطفات - " أناشيد مالدورو " لوتريامون 1867م - ترجمة رَوّاد طَربيْه 1994 م

dot
24/09/2007, 16:51
لُعـــاب مُقــزز*

" أتمنى من الرب أن يحول القارئ إلى وحش أثناء قراءة هذا الكتاب، وأن يهتدي إلى طريقه وسط المستنقعات والسبل الموحشة دون أن يضل سبيله.لأنه إذا لم يبادر إلى القراءة بتوتر روحي فالروائح التي تفوح من هذا الكتاب سوف تمتص روحه كما يمتص السكر الماء.أن قراءة كل من هب ودب لهذه الصفحات، سوف لن تكون فاتحة خير.القليل سوف يكون بإمكانهم تذوق هذه الثمرة المرة دون أن يتعرضوا للأذى.."

" عندما كنت أنتظر في فراشي الرجل بحرائقه، أشترط شرطاً لحسن ضيافتي:يجب أن لا يكون أكبر من الخامسة عشرة.ويجب أن لا يتصور انه في الثلاثين، ما الذي يحصل لو تصور ذلك ؟ العمر لا يقلل من عمق المشاعر ودفئها ، فبياض الشعر لا يعني السبب الذي تتصورونه .أنا لا أحب النساء ! ولا الرجال ! احتاج إلى كائنات تشبهني ، أولئك الذين يحملون على جباههم بحروف غليظة لا تمحى اصالتهم ! هل أنت واثق أن النساء الطويلات الشعر من نفس طينتي ؟ لا أعتقد ولن أغير قناعتي هذه . لا أعرف لماذا ينحدر لعاب من فمي بطعم ماء البحر.من يمتصه كي أتخلص منه ؟ يرتفع ..دائما يرتفع ! لا أعرف ما هو . في اليوم التالي لامتصاصي بنهم دماء الرجال الراقدين قربي ( يعتقد بدون وجه حق بأنني مصاص للدماء ، لأنه يطلق هذا الاسم على الموتى الذين يخرجون من قبورهم ، في حين إنني لا أزال حيا ) وهكذا يتوضح جزء من أسباب اللعاب المقزز من فمي . ما ذنبي إذا كانت بعض الأعضاء الضعيفة ترفض تغذية الأعضاء بسبب الشر ، ماذا بوسعي أن افعل ؟ "

" ما أروعه من شرف للإنسان ،أن يرى الرب البشر قادرين على تحمل هزائم لا تطاق"

" البعض يكتب مستغلا مخيلته الشعرية للحصول على الثناء والتقريض،أما أنا ،فأنا فاستغل عبقريتي من اجل التلذذ بتصوير لذة سفك الدماء !"

" لو لم نكن بشرا لكنّا الحقيقة ذاتها ."

" أملأ فراغ القلق بالشجاعة، والشك بالإيمان، والخيبة بالأمل، والتذمر بروح المسؤولية، والسفسطة بهدوء اللامبالاة ،والغرور بالتواضع "

" … الشعر لم يتقدم مليمتراً واحداً منذ عهد راسين بل تخلف. تخلف بفضل من ؟ بفضل زمرة من الأدعياء من أصحاب العقول المتخدرة: الاشتراكي المتصلب جان جاك روسو، والخنثى المختونة جورج صاند، ومملوك الأحلام السكرى ادغار الن بو، وتاجر البهارات الذي لا ينافس توفيل غوتيه، والمنتحر الباكي غوته ، والمنتحر المبتسم سانت بوف، واللقلق المتباكي لامارتين،والنمر الذي لم يثب ليرمنتوف ، والعصا الخضراء القبيحة فيكتور هيغو ،ومفتون العاهرات موسيه،وفرس بحر الجحيم والغابات اللورد بايرون "

ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــ
* مُقتطفات من نصوص - "أناشيد مالدورو " لوتريامون - 1868م

dot
24/09/2007, 16:54
لــم أعد أنتمي إلــى الإنسانية*

- 6 -
كنتُ قد نمت على الشاطئ الصخري, إنْ ذاك الذي طارد، خلال يوم، النعامة عبر الصحراء، دون أن يتمكن من بلوغها، لم يتسنَّ له الوقت كي يتناول غذاءً، ويغمض عينيه. إذا كان هو الذي يقرأني، فإنّه جدير بأن يحزر، عند الاقتضاء، أي رقاد يثقل عليّ. لكن عندما تكون العاصفة قد دفعت سفينة عامودياً، براحةِ يدها، حتّى أعماق البحر، فإنه إذا لم يبقَ من كلّ طاقم الملاحة على الطوف سوى رجل واحد، منهوك من التعب والحرمانات من كلّ نوع؛ إذا أرجحَه الموجُ، كحطام سفينة، خلال ساعات أطول من حياة إنسان؛ وإذا لمحت فرقاطة راحت تمخر فيما بعد هذه المناطق الكئيبة بغطاستها المصدوعة، الشقيَّ الذي يُجيل فوق الأقيانوس هيكله العظمي الناحل، وحملت إليه نجدةً كادت أن تكون متأخرة، فإني أعتقد أن هذا الغريقَ سيحزر أفضل أيضاً إلى أي درجة وصل خدرُ حواسي. إنّ المغنطسية والبنج، عندما يكلفان نفسهما عناء ذلك، يعرفان أحياناً أن يولدا مثل هذه التخشبات البليدة، التي ليس هناك أي شبه بينها وبين الموت: ستكون كذبة كبيرة أن نقول ذلك. لكن فلنصل رأساً إلى الحلم، كي لا يأخذ نافذو الصبر، الجائعون إلى هذه الأنواع من القراءات، يزمجرون غضباً، كسرب من حيتان العنبر الكبيرة الرأس التي تتقاتل فيما بينها من أجل أنثى حبلى. كنتُ أحلم أني قد دخلت في جسد خنزير، لم يكن سهلاً علي الخروج منه، وأني كنت أمرمغ وبري في أكره المستنقعات. هل كانت هذه مكافأة؟ لم أعد أنتمي إلى الإنسانية، وهذا موضوع رغباتي! فيما يختص بي، لقد فهمت التأويل هكذا، وشعرت من جراء ذلك بفرح أكثر من عميق. ومع ذلك، رحت أتقصّى بهمّة أي فعل فضيلة أنجزته كي أستحق، من جانب العناية الإلهية، هذه الخطوة العظيمة. الآنَ وقد استعرضتُ في ذاكرتي مختلف مراحل هذا التسطّح المريع فوق بطن الصوَّان، الذي مرّ خلاله المدُّ والجزر، من دون أن أدرك ذلك، مرتين، فوق مزيج يتعذّر إنقاصه من المادة الميتة واللحم الحي، فأنه قد لا يخلو من الفائدة أن أعلن أن هذا التدهور لم يكن على الأرجح سوى قصاص، أنزلته بي العدالة الإلهية. لكن مَن الذي يعرف حاجاته الحميمة أو سبب أفراحه المفسدة؟ إنّ الإنمساخ لم يظهر قط لعينيّ إلاّ كدويّ عالٍ وشهم لفرح كامل، كنتُ أنتظره منذ أمد بعيد. لقد جاء أخيراً اليوم الذي صرت فيه خنزيراً! جرّبت أضراسي على لحاء الأشجار؛ فنطيستي كنت أتأملها بلذة. لم يبقَ أدنى جزءٍ من ألوهة: عرفت أن أرفعَ روحي حتّى العلو الشاهق لهذه الشهوة الحسيّة الفائقة للوصف. اسمعوني إذنْ، ولا تحمروا، يا رسوم الجمال الساخرة التي لا تنفد، الذين تأخذون عن جد النهيق المضحك لروحكم، الجديرة بالاحتقار إلى أقصى حد، والذين لا يفهمون لماذا استمرأ العلي- القدير، في لحظة نادرة من التهريج الممتاز، الذي لا يتجاوز، طبعاً، قوانين الهزل العامة الكبرى، لماذا استمرأ المتعة العجيبة في أن يعمر كوكباً متحيّراً بكائنات غريبة ومجهرية، يسمونها بشرية، وتشبه مادة المرجان القرمزي. لاشك، إنكم على حق في أن تحمرّوا، وأنتم عظم وشحم، لكن اسمعوني. إنّي لا ابتهل إلى ذكائكم؛ ستجعلونه يبصق دماً بسبب الكره الذي يكنّه لكم: انسوه، وكونوا منطقيين مع أنفسكم... هنا، لا إكراه بعد. عندما كنت أريد أن أقتل، كنت أقتل؛ وهذا الأمر، حتّى، حصل لي مراراً، ولم يردعني أحد عنه. القوانين كانت تلاحقني بعد بانتقامها، مع أني لم أهاجم الجنس الذي هجرته بكل هذا الهدوء؛ لكن ضميري لم يكن يوجّه لي أي توبيخ. خلال النهار، كنت أتصارع مع أشباهي الجدد، والتربة كانت موشاة بعدة طبقات من الدم المتخثر. كنت الأقوى، وكنت أحرز جميع الانتصارات. جراح كاوية كانت تغطي جسدي؛ كنت أتظاهر بأني لا ألاحظها. الحيوانات الأرضية كانت تبتعد عني، وكنت أبقى وحيداً في عظمتي المتألقة. كم كانت دهشتي عظيمة، عندما حاولت، بعد أن كنت قد عبرت نهراً سباحةً، كي أبتعد عن البقاع التي أخلاها حنقي من سكانها، وأبلغُ أريافاً أخرى لأزرع فيها عاداتي في الاغتيالات والمجازر، عندما حاولت أن أمشي على هذه الضفة المزهرة. قدمامي كانتا مشلولتين؛ لم تكن أي حركة تأتي لتخون حقيقة هذا الجمود الاضطراري. وسط جهود فائقة للطبيعة، لأواصل طريقي، استيقظت، وشعرتُ أني أعود إنساناً. العناية الإلهية جعلتني أفهم هكذا، بطريقة ليست متعذرة على التفسير، إنها لا تريد، حتّى في الأحلام، أن تتحقق مشاريعي السامية. الرجوعُ إلى شكلي الأصلي كان بالنسبة إليّ ألماً كبيراً لدرجة أني لا أزال خلال الليالي أبكي منه. شراشفي تظل مبللة باستمرار، كما لو أنها غطست في الماء، وكلّ يوم أغيّرها. إذا كنتم لا تصدقوني، تعالوا لمشاهدتي؛ ستتحققون باختباركم الخاص، ليس فقط من احتمال، لكن، فوق ذلك، من حقيقة زعمي ذاتها. كم من مرّة، منذ تلك الليلة التي أمضيتها في العراء، فوق شاطئ صخري، امتزجتُ بقطعان خنازير، لأستردّ، كحقٍ، انمساخي المقوَّض! حان الوقت كي أهجر هذا الذكريات المجيدة، التي لا تترك، وراءها، سوى المجرّة الشاحبة للحسرات الأزلي.
ــــــــــــــــــــــ
" أناشيد مالدورو " لوتريامون 1867م - ترجمة سمير الحاج شاهين - المؤسسة العربية للدراسات والنشر 1982 م

dot
24/09/2007, 17:00
يلزمني كائنــات تشبهنـي*

أنا لا أحب النساء! ولا حتى الخنثاويين! يلزمني كائنات تشبهني، يكون النبل البشري مطبوعاً على جبهتها بحروف أكثر وضوحاً وثباتاً! هل أنتم متأكدون أن اولئك اللواتي يحملن شَعراً طويلاً، هن من نفس طبيعتي؟ أنا لا اعتقد ذلك، ولن اتخلى عن رأيي. إن رضاباً أجاجاً يسيل من فمي، لا أعرف لماذا. من يريد أن يمتصه لي، كيما اتخلص منه؟ انه يصعد... انه يصعد دائماًَ! اعرف ما هو. لقد لاحظت أني، عندما أشرب من الحلق دم الذين يضطعجون قربي (من الخطأ اعتباري هامّة، لأن هذا الاسم يطلقونه على الأموات الذين يخرجون من قبرهم؛ أما أنا فاني حي)، ألفظ في اليوم التالي قسماً من هذا الدم من فمي: هذا هو تفسير الرضاب المنتن، ماذا يريدوني أن أفعل، إذا كانت الأعضاء، وقد اضعفتها الرذيلة، ترفض انجاز مهمات هضم الغذاء؟ لكن لا تكشفوا عن اعترافاتي لأحد. إني لا أقول لكم ذلك لأجلي أنا، بل لأجلكم و لأجل الآخرين، بغية أن تحفظ هبية السر، ضمن حدود الواجب والفضيلة، اولئك، الذين قد تسوِّل لهم نفسهم الاقتداء بي، ممغنطين بكهرباء المجهول. تكرَّموا بتأمل فمي (لست أملك، الآن، الوقت لاستعمال عبارة مجاملة أطول)؛ انه يذهلكم لأول وهلة بمظهر تركبيه، دون أن يحملكم على تشبيهه بالأفعى؛ هذا لأني أقلّص نسيجه إلى آخر مدى لكي أقنع الناس بأني أتمتع بطبع بارد. انكم لا تجهلون أنه على النقيض من ذلك تماماً. ليتني استطيع أن انظر عبر هذه الصفحات الملائكية إلى وجه ذاك الذي يقرأني. إذا كان لم يتجاوز المراهقة فليقترب. شدني اليك، ولا تخش أن توجعني، فلنضيِّق تدريجياً روابط عضلاتنا أكثر. اشعر انه لا جدوى من الإلحاح؛ ان كثافة صفحة الورق هذه الافتة للنظر لأكثر من حجة، هي مانع أكبر ما يكون لعملية اتصالنا الكامل.
ــــــــــــــــــــــ
*مُقتطف من المقطع الخامس للنشيد الخامس (أناشيد مالدورو) لوتريامون 1867م ترجمة سمير الحاج شاهين/المؤسسة العربية للدراسات والنشر/بيروت1982

cranberry
25/03/2009, 01:55
ارجوك هل يمكنك أن ترفع لنا هذا الكتاب الرائع pdf

AIMANMARDINI
24/04/2009, 00:51
ارجوك هل يمكنك أن ترفع لنا هذا الكتاب الرائع pdf

اسبيرانزا
07/05/2009, 23:02
لُعـــاب مُقــزز*





كأنه أُفرز من فم نيتشه

cranberry
30/06/2009, 02:07
اريد هذا الكتابببببببببببببب
لا تبخلوا علينا به
...